د. عدنان عويّدهل انتهت الأزمة والحرب في سورية؟. سؤال مشروع يطرح نفسه علينا اليوم بعد بدء
عملية (نبع السلام)، وما آلت إليه من نتائج أولية تشير بهذا الشكل أو ذاك إلى أن هناك اتفاقاً لحل الصراع الدائر في سورية منذ عام 2011 متعدد الأطراف بين سورية وروسيا وتركيا وإيران والفصائل السورية المسلحة التي تقاتل مع تركيا من جهة.. وبين تركيا وأميركا وروسيا من جهة ثانية، وبين روسيا وسورية والأكراد من جهة ثالثة.
دعونا نحلل الأمور بمنطق عقلاني يؤكد لنا التالي:
أولاً: إن الاتفاق الأول بين سورية وروسيا وتركية وإيران والفصائل السورية المسلحة يقوم على التالي:
لكي تتخلص تركيا من العبء الكردي في شمال سورية الذي قوي بسبب الدعم الأمريكي، لا بد لها من طرح مشروع الحزام الآمن شمال سورية، ولكون هذا يشكل اعتداءً سافراً على أراضي دولة ذات سيادة، كان لا بد لها أن تنسق مع روسيا وإيران حليفتي سورية، بحيث تقوم تركيا بهذه العملية ولو بحدودها الضيقة التي تشعر الأكراد بأن تواجدهم شمال سورية بالطريقة التي هم فيها لا يمكن أن تستمر، في الوقت الذي تقدم فيه وعوداً لسورية بضمان روسي وإيراني على أن تكون العملية محدودة ثم يسمح للقوات السورية بدخول المناطق التي خرج منها الأكراد لملء الفراغ من جهة، ومن جهة أخرى تشكيل ضغط على الأكراد كي يقبلوا بالحل الذي تريده روسيا وسورية وإيران وهو تحول القوى الكردية إلى قوى رديفة خاضعة للجيش السوري مقابل (الحكم الذاتي) إرضاءً لهم.
أما بالنسبة للجيش السوري (الحر) الذي اتحدت بعض فصائله قبل الهجوم وهما (الجبهة الوطنية والجيش الوطني) فقد جرى الاتفاق على ما يبدو معه بأن يقاتل مع تركيا ضد الأكراد مقابل أن يكون له دور في الحكومة السورية اللاحقة بعد إقرار الدستور الجديد الجاري الاعداد له اليوم برعاية الأمم المتحدة. وعلى أساس ذلك تمت الموافقة من قبل الجيش السوري المعارض بعد ضمان ر وسي وإيراني ودعم تركي .
ثانياً: الاتفاق بين أميركا وتركيا وروسيا:
إن تركيا دولة في حلف الناتو، وتركيا لها موقعها الجيو سياسي المهم جداً بسبب وقوها على البحرين الأسود والمتوسط وقربها من أوراسيا وأوربا الشرقية وغير ذلك من ميزات استراتيجية تمتلكها تركيا، وبالتالي لا يمكن لأمريكا أن ترضي الأكراد على حساب تركيا، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، إن أميركا عندما دخلت إلى شمال سورية دخلت أساساً لمحاربة داعش بعد أن استطالت في سورية والعراق وأصبحت تهدد أوربا وحتى أميركا وتضرب هنا وهناك من دول العالم، ولكي تحقق أميركا مشروعها في محاربة داعش لا بد من التعامل مع الكرد الطامحين أصلاً إلى الاستقلال وخاصة بعد أن وضعوا خارطة دولتهم المنشودة شمال سورية أو ما راح يعرف خطأً بشرق الفرات، وعل هذا الأساس قدمت للكرد المال والسلاح، وقد قاتلوا فعلاً وقدموا آلاف الضحايا. وبعد القضاء على داعش في الشمال السوري، انتهى الدور الأمريكي في المنطقة، وبالتالي هم (أي الأمريكان) غير مستعدين أن يبقوا في سورية وتجربة تواجدهم في العراق لم تزل طرية في عقول ساستهم ومخططي سياستهم الخارجة، ولكي يجدوا الذريعة للخروج من شمال سورية، كان الاتفاق مع تركيا للقيام بمعركة (نبع السلام)، وعلى أساسها كان تصريح ترامب بأنه غير مستعد أن يدخل قواته في حروب (سخيفة) كما سماها، فدوره قد أداه للأكراد بدعمه لهم مادياً وعسكرياً لمحاربة داعش، وعليهم أن يحاربوا تركيا لوحدهم، بعد أن أمرهم بالتراجع بحدود عشرين كيلوا متر إلى الجنوب حتى يتسنى لتركيا تأدية مهام حربها من أجل المنطقة الامنة. هذا في الوقت الذي اتفقت فيه روسيا مع أميركا بأن تضمن للأكراد الحكم الذاتي من باب رد الجميل للأكراد الذين قاتلوا معها ضد داعش. أما تصريحات ترامب ضد تركيا وتحطيم اقتصادها إذا ما تمادت بالحرب ضد الكرد وغير ذلك من تصريحات نارية، هي ليست أكثر من ذر الرماد في العيون.
ثالثاً: الاتفاق الروسي السوري الكردي:
بعد أن دخلت القوات السورية والتركية رأس العين. سافر وفد روسي عسكري إلى القامشلي كما تبين إعلامياً ليلتقي القادة الأكراد ويطرح عليهم مشروع الانضمام إلى الجيش السوري مقابل الحكم الذاتي بضمان روسي. وهذا ما تم فعلاً، لقد وافق الكرد على ذلك بعد وضعوا في الزاوية الضيقة مقابل أن يخرجوا بماء الوجه بحصولهم على الحكم الذتي أو شيء قريب من ذلك، وهو حكم لا نعرف حتى الآن حدوده وآلية عمله.
كاتب وباحث من سورية