فيلا عويضة في حي البقعة المحتل في القدس: من صوت اسمهان الاطرش الى وادي الاشباح
تقع فيلا عائلة حسن عويضة في حي البقعة الفوقا في القدس، على بعد نحو كم واحد الى الجنوب من اسوار البلدة القديمة، تم بناءها في العشرينات من القرن الماضي، وسط حديقة جميلة مكسوة بالنباتات والازهار والاشجار العالية تملأ المكان باجواء ساحرة.
البيت مكون من طابق واحد واسع الاطراف، في اعلاه سقف قرميد ومن تحته قبو واسع. شبابيك البيت عالية والزجاج الجميل يزيد البيت فخامة واناقة.
يجمع بيت عائلة عويضة بين الاصالة والعصرية، ويتمتع بمدخل أنيق، يؤدي الى صالون واسع متناسق الالوان ومطبخ عصري تزينه خزائن الخشب الجميلة ، اما الاضاءة فتزيده نورا وبهاءا.
سجاد البيت العجمي الثمين يزيده فخامة، وكذلك المصابيح والمقاعد والتحف والاكسسوارات المعلقة، ومكتبة البيت والبيانو المستورد، لقد اهتمت العائلة بكل صغيرة وكبيرة.
في هذا البيت اقامت اسمهان الاطرش في بداية الاربعينات، لقد كانت صديقة العائلة، طلبت ان تقيم في فندق " موديرن" في حي مميلا الذي تمتلكه العائلة، لكنهم اصروا ان تقيم في بيتهم الجميل. وفي تلك الليالي، ليالي الاأنس، كان صوت اسمهان الاطرش يصدح ويملأ الحي موسيقى وطربا باغاني " يا حبيبي تعالا" و "دخلت مرة في جنينة".
وفي الصورة الاولى تظهر اسمهان عند زيارتها مبنى الاذاعة في شارع مأمن الله في القدس ويستقبلها فيه مدير الاذاعة عزمي النشاشيبي.
استمر البيت عامرا حتى شهر ايار ١٩٤٨، حينها هاجم الصهاينة اهل الحي. لم يأخذ ابناء عائلة عويضة شيئا من بيتهم سوى مفتاح البيت، لقد ابقوا كل شيء مكانه، واغلقوا الباب على امل ان يعودوا اليه بعد اسبوع.
لم تمر الا بضع ايام حتى بدأ الصهاينة عمليات السطو على البيت، كسروا قفل البيت وبدأوا بنهب محتوياته، كانوا يتنازعون فيما بينهم على محتويات البيت، في اليوم الاول نهبوا اثاث البيت جميعها، التحف والاكسسوارات والمقاعد والخزائن والاسرة والسجاد وادوات المطبخ والثلاجة والراديوهات والمصابيح ، لم يبقوا شيئا، كانوا يحملونها على العربات التي تجرها الخيل وعلى الشاحنات الصغيرة. اما الكتب فقد حضر الى مكان موظفين من الجامعة العبرية وأخذوها معهم.
في اليوم الثاني عادوا الى البيت وبدأوا بتفكيك الشبابيك والابواب والحنفيات واسلاك الكهرباء ونهبها، وبعد ذلك بدأوا بتفكيك البلاط والقرميد بحثا عن نقود وكنوز كانوا يظنون ان عائلة عويضة خبأوها هناك ، امتلأ البيت اوساخا ونفايات من مخلفات السطو والنهب حتى بدا خرابة.
حضر الشتاء وملأت امطاره البيت، وصلت اصوت الريح المرعبة الى كل زاوية من زوايا البيت حتى بدا انه بيت اشباح مخيف، فأطلقت عليه اسرائيل " وادي الاشباح ٤٥".