بين حضارة الحجر… وحضارة البشر.. جدلية
د. عبد الجبار العبيدي
الحضارة ..هي ثمرة جهود الانسان البشر منذ الأزل .. فكل جهد مبذول هو حجر في بناء الحضارة، لذا أرتبط المفهوم
بالتاريخ لأنه الزمن .. فاضافة جهد الانسان الى الزمن هوتاريخ حضارة ذلك الزمن.
الحضارة البشرية بدأت بأكتشاف رغيف الخبز الذي وجد في مقابر الفراعنة ، والزقورات وشريعة آور نمو في عهد
السومرين..والحدائق المعلقة وقانون حمورابي في زمن البابليين..والثور المجنح في عهد الأشوريين وغيرها كثير.. وفي
عهد الاوربين معالم حضارة روما وأثينا ..ثم معرفة الأنسان للصناعة من ادوات الاحجار التي اصبحوا بها يأكلون ، ومنها
بدأت مسيرة الحياة الجديدة على البشر ..من هنا أيضاً تتجلى لنا الصلة بين التاريخ والحضارة في صناعة انسان
الزمن.هذه الصلة هي التي اكتشفنا منها علاقة التاريخ بالحضارة حين عرف الانسان الصناعة والحرف ثم طورها حتى
اصبحت اليوم قانون جفرسن ..والموبايل وكبسولة الفضاء التي أعتلاها الغرب بأسمه ..لكن بقينا نحن العرب نعبد التمثال
والصنم والحجر..
من هنا تدرج الانسان في مراتب الحياة في الصناعة والتجارة والحدادة حتى اصبحت غرائز له بمرور الزمن ..هنا تفتح
عقله على كل ما يحيط به من مخترعات آنية يومية حتى قال العلماء المحدثين :”ان العقل كان اول مخترعات الانسان
البشر..فلولاه لما فكر وأنتج ..ونعني بالعقل أصبحت لنا القدرة على ربط الظواهر التي كان يراها ولا يعرف لها من
سبب.فبقي العقل مقفلا حتى علمتنا الديانات طاعة البشر..ولكننا لم نستفد لا من الدين ولا من عقل البشر..
وبمرور الزمن استخدم العقل استخداماً منظما بعد زمن طويل فكانت ولادة حضارة الزمن في الانسان البشر..بعدها عدَ
العلماء ان اكتشاف العنصرين المهيمنين اللذين بهما تفتحت بها حضارة الزمن ..فكانت الاسارير وربط الظواهر وهي بداية
حياة الانسان الحضارية في الزمن ، فتولدت له معرفة التاريخ ليهتدي به الى العقل والتفكير في انسان جديد صنع من
نفسه حضارة زمن..لكننا بقينا نحن العرب والمسلمين جامدين لا نتحرك خشية ان نخترق العادة والتقليد والمآلوف في
الزمن ففقدنا القانون والحقوق فتجمدت حضارتنا الى الأبد..والا هل من المعقول ان معمماً او رادودا متخلفاً يسيطر على
عقول المثقفين والشباب بالعمد.
أما عند الآوربيين الذين استبدلوا الفكر الديني المقيد بنظرية العلم القائم على التجربة والبرهان عند البشر .فكان التقدم
وحضارة الزمن .
الانسان هوالانسان في حضارات سومر وأكد وبابل وأشور والفراعنة وانسان بلاد الشام وأثنا وروما وباريس ولكن بين
عقل وعقل جدلية ..حين ابتلى عندنا بنظرية الدين التي لا تتغير لصالحه..وبين نظرية الدين عند الاوربيين الذين طوروها
لصالح حضارة البشر. وكيف اوجدوا لانفسهم طريقا جديدا اهتدوا اليه بعقولهم ليصنعوا حضارة بشر..
هذا الانسان هو هو في َ آثنا وروما والصين والهند وفرنسا وانكلترا ومدن غربية اخرى كبثيرة..لكن الأهم ان الانسان في
كلا المنطقتين الشرقية والغربية من العالم وجدناه يتشابه في خصائصه البدنية العامة وخصائصة العقلية بدليل كانت
ادواته المكتشفة تتشابه في خصائصها ولا تختلف الا حسب البيئة والمناخ وما اضاف عليها الزمن…فاذا كان الانسان
جنس قائم بذاته فلماذا هذا الاختلاف بينه وبين الاخر بمجرد تواجده في مناطق مختلفة..من حياة البشر ؟؟
في المشرق ترك لنا حضارة الحجر التي لا زالت شاخصة لنتعلم منها جهود ما قدمه البشر ..من عصر الجاهلية ونحن
ندور سبع مرات حول كعبة الزمن ونلبس لباس الجاهلية العاري في طواف حج الزمن..ومن حولنا السقاية والرفادة
وأحتياجات الزمن..لكننا لم نستفد منها في جعلها اداة لتطوير عقل البشر ..علمونا كيف نقرأ وثيقة المدينة ، ونحفظ
القرآن،وتفسيره المتعدد الآثر ، ونقرأما قاله الطبري وابن الاثير والبخاري ومسلم وبحار الانوار وغيرها كثيرمن قصص
البشر..لكنلم يعلمونا لماذا جاء القرآن ووثيقة المدينة للانسان البشر..؟
حتى ظننا ان قراءة عبد الباسط للقرآن هو مقام عراقي اصيل منذ آمد، واليوم يتعلم الشباب من الرادود باسم كربلائي كل
غباء التاريخ لشباب العراقيين الغض وهو يلطم على من مات قبل 1400 سنة من أجل انسان البشر وحقه في الحياة
وتخليصه من ظلم الزمن..ولم نستفد من جهاده الا الفرقة والطائفية وأذى البشر حين يقول هذا الرادود الملياردير : “
كومن يانساء النبي شدن خيوط الخيم .وبخيوطها نصنع عبي” هذا هو العلم الذي تركوه لنا ، لهذا وصلنا الى ادنى مراحل
غباء الأمم.
بينما قرأنا حياة الاوربيين وما تركوا في مناهجهم العلمية حين قالوا لنا :” ان التطور العلمي يقوم على قاعدتين هما:الفكر
العلمي ثم استقرار فكرة التقدم في الأذهان” .. وما في متاحف باريس ولندن وستكهولم وهولندا لنتعلم منها حضارة
الحياة الجديدة التي تحولت الى دساتير الحقوق ومناهج التعليم لتقدم البشر فكان..منهجهم الدراسي أبتكار الراديو
والسيارة والطيارة والثلاجة والموبايل وأدوية حماية البشر، في وقت لم يتركوا لنا عرب الحضارات غير المفاخرة
والقصائد الشعرية للمعلقات وأولوا الامرمنكم ، ومنا أمير ومنكم أمير والحر والعبد واحتقار المرأة والزواج المتعدد
وتخريفات الزمن ..وغيرها من ترهات البشر..حتى اصبحنا اليوم في ذيول حضارات الأمم..حين فقدنا القانون والمساواة
في الحقوق وحضارة الزمن..لنسمع لصنم لا ينطق ولا حتى باشارة الزمن ..
وحيين أعتقد العلماء الاوربيين أن الجنس الاسود اقل ذكاءً وقدرة على التطور من الجنس الابيض تراجعوا اليوم بعد ان
ظهرت نظريات التخلص من التعصب..لكننا نحن لن نتراجع عن خطأ .حين ثبت لهم ان دولا سوداء شعوبها امتازت بخلق
متين ،وصدق في القول ، وصفاء في النيات، وبعد عن الخداع ، فزالت نظرية التفريق التي عادت بالويل والثبورعلى
البشر”جنوب أفريقيا مثالاُ” لتوفر عنصر الانسان الحر في الزمن.لكننا مع كل الحروب التي أبتلينا بها وظلم الحاكم البشر..
الحروب مع الاوربيين وغزو المغول وقادة الشعوب المتغطرسة كما في حروب الفرس والأتراك والسلاجقة وبعض الهنود
واخيرا تعاقدنا من الاجنبي لتدمير الوطن وسلخه من قوائم البشر ..ولا زلنا نقاوم ولم ننجح في تحدي الزمن رغم غدر
البشر..فاين ديننا الذي قال لنا :”أنتم خير أمة أخرجت للناس” في الزمن .
نحن نقر ان القدرات الأنسانية متشابهة بين كل البشر ..نعم متشابهة اثبتها العلم الحديث مثل : القدرة على الوقوف
والمشي دون أنحناء وتمكننا من القبض على اشيائنا دون عائق بتناسق أعضاء الجسم عند الجميع دون فرق بينهما..تلك
نظرية اصبحت حقيقة ..فلماذا لانقرحقيقة مثل البشر .أذن علام الاختلاف والبغضاء والتخلف بيننا..،وبينهم مودة الزمن..؟
ألم أقل لكم نحن بقينا مع حضارة الحجارة المقدسة وهم مع حضارة قانون الزمن ؟يا من تحكمون عرب البشر الانبياء
والكتب السماوية المقدسة تدعوكم للعدل بين البشر، ولا تدعوكم لمظهرية الدين دون البشر….
لا شك ان حضارة الانسان واحدة ..اذن لماذا حضارتنا ظلت حضارة حجر، ولم تبتكر غير السيف والرمح والمذهب المفرق
والحديث الوهمي وعداوات البشر ؟ وحتى أعلامنا اليوم تحمل سيف جلاد الزمن ؟ ..وحضارتهم انتقلت الى حضارة بشر
فكان معها الانسان في مشيه ومأكله وسكنه وسفره الى ما يطمح اليه بحرية ..انسانهم له دينه وللأخر مثله في اعتقاد
الزمن وأصبحنا نحن نهرول خلفهم نستجدي منهم حضارة البشر..ولكن لا زلنا نعتقد هم كفرة في النار ونحن في جنة
الخلد وما ملكت ايماننا من حوريات الزمن.بينما بقينا نحن العرب نقرأ النص في قرأننا ولا نعرف عنه غير العكس في
تطبيق الزمن. وحاكمهم منصف ومقيد بالقانون..والحاكم في بلادنا المؤدي للقسم يسرق وينهب ويقتل ويهرب اليهم عبر
الزمن ..ولن نحظى بواحدة منها ابداً..فهل نحن اللابشر ؟
يقول بعض العلماء ان الطفل في الحضارة الغربية استوعب منذ الطفولة اشياء لم تخطر على بال انسان من منهج الدراسة
فتفتحت قريحته على الصح في العمل.. فظلت مخزونه في فكره الذي تحولت بفعل نظرية التجربة والبرهان الى عملية
استيعاب الثروة الثقافية والحضارية في مجتمعها انذاك ..,هكذا بمرور الزمن تكامل البشر عندهم ..بينما ظل البشر عندنا
مربوطا بتراث الزمن ولا نغالي الى اليوم دون تغيير من أمل….مع أننا ولدنا مع نظريات الصيرورة الزمنية مثل البشر
..فلماذا تخلفنا ولم نكتسب معارف الزمن ً.ً.لأننا كبلنا بدين ٍ يخالف دين السماء ومحمد (ص)وأديان البشر ..دين فقهاء
تخريف الزمن..
دين الفقهاء والمرجعيات الذي كبلنا بقدسية الفقيه(قدس سره) فهل سنصحوا على الزمن…وكيف نصحوا وبيتنا المنقسم
على نفسه مهدد بالزوال عبر الزمن .فهل قال لنا الدين والمذهب تفرقوا عبر الزمن ..؟..ام ان جيناتنا لا تقبل تطور
الزمن..؟ هنا يجب ان يركز المنهج الدراسي لنتحول الى بشر..
اذا لم تحرر الشعوب فكرها من خرافات واوهام الزمن بأيديها فلا أمل..الم يحن وقت التخلي عن التعصب ،والاعتراف
بالحقيقة الدينية انها قابلة للتغيير والتطوير عبر الزمن ..وليست هي حقيقة مطلقة منقوشة فوق حجر ..فألى متى نبقى
منافقون امام أنفسنا والشعوب حتى اعتقدنا ان النفاق والكذب هو دين الزمن ..يبدو نحن لا ندرك خداعنا لأنفسنا ..لأننا
جميعا بما فينا مؤسسة الدين نكذب بصدق على أنفسنا ..امام التاريخ والبشر والزمن …أعدلوا أقرب للتقوى في الزمن..؟