عدد المساهمات : 75881 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: جهاز المناعة عند الجنين الثلاثاء 11 يناير 2022, 9:27 am
جهاز المناعة عند الجنين
يتحدث الدكتور عبدالحميد القضاة رحمه الله في هذه الحلقة عن الجنين في رحم الأم، فيقول: هل تعلم أنك كنت في ظلمات ثلاث في رحم أمك لمدة تسعة أشهر متتاليات؟، هل تتذكر شيئا ولو يسيرا من ذلك؟، لماذا طمس الله على ذاكرتنا عن ما كان في تلك الفترة ؟، وهل تعلم ما هو اصلك ومما نشأت وكيف نشأت؟،الم تتذكر قول اللهأَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى؟،أنت،رغم فتوتك وشبابك ووجاهتك وهيبتك نتاج خلية من أمك وابيك!،بدأت تكبر وتكبر في رحم أمك، ثم السبيل يسره،وأذن لك بالخروج الى الدنيا، بعدما أستضافتك أمك مجانا في رحمها تسعة أشهر،وتعهدتك بالطعام والشراب وحُسن الضيافة،وفوق ذلك حملتك في قلبها،ولا تنساك لحظة من حياتها!.
هل تعلم أنه إذا دخل جسم غريب في داخل جلدك، فإن جسمك سيرفضه فورا من خلال عمليات تقوم بها قوات جهازك المناعي؟، وهل تعلم ان نصفك من ابيك؟،وأنه نصف غريب عن جسم امك؟ فلماذا تسكت عليه وتتقبله وتحافظ عليه بكل ما تستطيع؟وبرغبة جامحة،بل تحرك كل ما تستطيع من قواتها المناعية لا لطردك كجسم غريب، ولكن لحمايتك والحفاظ عليك، وهنا تظهر لنا مشيئة الله وقدرته، فقد اسكت كل قوى جهاز المناعة الرافضة عند أمك،وأمرها أن تحميك وتحافظ عليك، ولذلك وضعك في غرفة معقمة، في رحم أمك معززا مكرما،يأتيك رزقك رغدا بقوله:”ثم جعلناه نطفة في قرار مكين”،فغرفتك نظيفة معقمة محصنة ضد الجراثيم.
وتبدأ رحلة النمو بعد أن استقبلتك بطانة رحم إمك بكل التهليل والتكبير والشكر لله ، وأخذتك الى مكانك المخصص لك ، وهي تتحايل تارة وتتوارى اخرى عن أعين القوات المناعية الجوالة في جسم إمك، فغرستك به آمنة مطمئنة عليك، وبدأت عمليات التغذية والرعاية من خلال المشيمة التي تربطك بدم إمك،حيث تقتطع من قوتها وعناصر جسمها لتُرسل لك من خلالها طعاما جاهزا معقما لذيذا، ومتوفرا في أي ساعة من ليل أو نهار، ومعه ماءً زلالا وهواء نقيا،فأنظر الى هذه الرعاية الإلهية المتميزة التي احاطك بها دون أن تعلم. ومع كل هذا لا بد من مزيد من الرعاية والحماية، ولهذا لابد من بدء التحضير للإعتماد على النفس بإنشاء قوات مناعية ذاتية ، لتكون نواة لجهازك المناعي المستقبلي، فقد هيئت لك أمك الفرصة بعد أن تم عزلك عن ألياتها المناعية التي كان يمكن أن تضر بك و ربما تؤدي إلى طردك خارج الرحم، ليس هذا فحسب بل ترسل لك موادا بروتينية مناعية لتتحرك وتدور في دمك لتحميك،تماما كدورية الشرطة في الطرقات، ورغم أن عملية تعامي جهازالمناعة عند أمك عنك؛ لا زال لغزا لم يُفسر علميا، إلا أن العلماء يعتبرون إحباط الإستجابة المناعية المتخصِّصة للأم تجاه مواد الأب التي يحملها الجنين قد تكون سببا كافيا لبقاء الجنين سليما.
وأنت حينها كجنين لا بد أن تستغل الفرصة وتطور جهازك المناعي حتى تبدأ الإعتماد على نفسك أولا بأول، لأنك عُرضة للعدوى من خلال إنتقال الميكروبات أحيانا عبر المشيمة ، وللعلم فإن تطوُّر الخلايا المناعية عندك يكون بطيئاً، وهذا ربما يُعلل قابليتك للعدوى، وتبقى قُدراتك المناعية الخلوية منخفضة نسبياً عند الولادة، إلا أنها تزداد في مرحلة مبكرة من حياتك لتصل المستويات المقبولة خلال الشهرين الأوليين من الحياة، وبعد ولادتك الميمونة، فإن الرضاعة الطبيعية هي خير معين لك،لأن حليب الأم ؛خاصة في البداية يحتوي على مجموعة واسعة من العوامل المساعدة على إختزال معدل العدوى، وتعتبر الخلايا اللاقمة في حليب الأم ذات أهمية كبيرة في عملية حمايتك، وطبيعي جدا أن يُصبح جهازك المناعي قويا ، خاصة إذا تدرجت بأخذ كل المطاعيم المعتمدة عالميا في وقتها المقرر.
هذا الرحم الذي غرسك فيه كل هذه المدة بكل الفرح والسرور،وغذّاك من رحيق جسمه ،ثم إحتضنك ووضعك في سويداء قلبه باقي حياتك، حتى إذا اشتد ساعدك عققته ،هل مثل هذا الرحم يُقال له أف أو لا؟، أين عقول من يعقون والديهم؟،ويتطاولوا على أمهاتهم انصحهم أن يرجعوا فورا الى أحضانهم نادمين،وإياكم أن تأخذكم العزة بالأثم وتتولوا كبركم فالله تعالى يقول: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) “الإسراء23″، وتذكر الرجل الذي حَمَلَ أُمَّـهُ في صَحْنِ الكعبة، يطوفُ بها على أكتافه، وهو في الثلاثين من عُمُرِه فسأله ابن عمر: من هذه المرأة ؟ فيقول: إنَّها أُمِّـي، وإنَّها الحجَّة التاسعة، أَتراني