هآرتس.. في رسالة حادة إلى بينيت.. لبيد: “أفيتار” تمس بعلاقاتنا مع أمريكا وتقوض استقرار الائتلاف
وزير الخارجية يئير لبيد
حذر وزير الخارجية يئير لبيد،أمس، من أن الدفع بإقامة مستوطنة في المكان الذي كانت فيه بؤرة “أفيتار” الاستيطانية سيمس بالعلاقات مع الولايات المتحدة واستدعاء ردود قاسية من المجتمع الدولي. هذا بعد أن نشر أمس بأن المستشار القانوني للحكومة السابق، افيخاي مندلبليت، سمح في أيامه الأخيرة في هذا المنصب بإقامة مستوطنة على أراضي البؤرة الاستيطانية.
في رسالة حادة أرسلها لرئيس الحكومة نفتالي بينيت، أعلن لبيد بأن شخصيات أمريكية رفيعة حذرت من تداعيات هذه الخطوة. لبيد، الذي يعارض الخطوة، أشار إلى أن تسويقها سيقوض استقرار الائتلاف.
لم يكن لبيد شريكاً في النقاشات التي أجراها مؤخراً وزير الدفاع بني غانتس ووزيرة الداخلية اييلت شكيد. يتبين من رسالته أنهما لم يتشاورا معه فيما يتعلق بالمغزى السياسي لتطبيق خطة إقامة مستوطنة في المكان. “كل خطوة لتطبيق الخطة المذكورة، التي لم تتم بالتشاور معي ومخالفة لرأيي، بما في ذلك الإعلان عن أراضي دولة أو إصدار أمر تخطيط خاص، قد تجر تداعيات سياسية خطيرة وتمس بالعلاقات الخارجية، في المقام الأول الولايات المتحدة”، حذر لبيد في الرسالة التي أرسلها لبينيت، والتي تم إرسال نسخة منها إلى مكتب المستشار القانوني للحكومة. حسب لبيد: “تم توضيحه هذا الأمر في السابق من قبل الإدارة الأمريكية على مستويات رفيعة”.
“خطوات من هذا النوع ستنقل رسالة للمجتمع الدولي بأن حكومة إسرائيل تنوي ليس فقط العمل على تسويق هذه الخطة، بل وتسريع هذه العملية بصورة استثنائية وعلى حساب معالجة مقبولة للاعتراضات على هذا الإعلان، بصورة -حسب تقديري- ستقتضي رداً دولياً لا يتساوق مع مصالح إسرائيل”، أضاف لبيد في الرسالة. “حسب تقديري، هذا أمر سيلحق أضراراً حقيقية في إطار المعركة القانونية – السياسية المحتدمة أمام المحافل الدولية، من خلال استغلالها للترويج لحملة لنزع الشرعية ضد إسرائيل وبصورة ستصعب علينا تجنيد أصدقاء إلى جانبنا في نضالنا ضد هذه الحملة. كل ذلك دون التطرق إلى أخطار التصعيد والحفاظ على الاستقرار في المنطقة التي تكتنف تطبيق الخطة، كما سبقت الإشارة إلى ذلك من قبل جهات أمنية للمحكمة العليا”.
“رأي الخبير” الذي قدمه مندلبليت ونشر هذا الأسبوع، ينص على أنه يمكن البدء في إجراء لإقامة مستوطنة، ويمكن للمستوى السياسي في نهايته المصادقة على بناء مستوطنة جديدة في المكان. بنيت البؤرة الاستيطانية في السنة الماضية خلافاً للقانون، وتم إخلاؤها خلال بضعة أسابيع في نهاية مفاوضات مع المستوطنين بعد أن تلقوا وعداً بفحص المكانة القانونية للأرض.
القرار حول هذا الشأن بيد وزير الدفاع غانتس، المسؤول عن مرحلة الإعلان عن الأرض كأراضي دولة، التي تسمح إسرائيل للمستوطنين بالبناء فيها. رفض مكتب غانتس ووزارة العدل الإجابة على سؤال “هآرتس” بهذا الشأن. بعد الإعلان، سيُعطى الجمهور 45 يوماً لتقديم الاعتراضات. وإذا تم رفض الاعتراضات فسيضطر بينيت ووزير الدفاع إلى اتخاذ قرار بهذا الشأن. وباركت وزيرة الداخلية شكيد رأي المستشار واعتبرته “مهماً لـ”أفيتار” ولكل الاستيطان”.
في النقاش الدائر حول هذا الأمر، الذي أجرته نائبة المستشار القانوني للحكومة، كرميت يوليس، تم الاتفاق على أن يعلن غانتس بأن الأراضي المخصصة للمستوطنة هي أراضي دولة. بعد ذلك سيكون بالإمكان الاعتراض على القرار. من إجمالي النقاش، يتبين أن النية هي السماح للمستوطنين بالعودة إلى المكان قبل مناقشة الاعتراضات. أوضحت يوليس بأن “جوهر الخطة سيكون مؤقتاً، بحيث إن البناء الذي ستتم المصادقة عليه سيكون له طابع مؤقت، هذا من أجل السماح بتغيير مكونات البناء، بما في ذلك إزالته، طبقاً للنتائج التي ستظهر من فحص الاعتراضات”.
في ختام النقاش، أوضحت يوليس بأن الأمر يتعلق بـ “حالة فريدة ونادرة”، بسبب موافقة المستوطنين على إخلاء البؤرة الاستيطانية، وأن القرار الذي تم اتخاذه بهذا الشأن لن يشكل سابقة أو “تغييراً في السياسة العامة”. في النقاش الذي شارك فيه مستشارو بينيت وغانتس لشؤون الاستيطان، عمير فيشر وآفي اليميلخ، قالت يوليس بأنه يناقش قضايا قانونية فقط، وأن على وزير الدفاع والحكومة أن يأخذوا في الحسبان أيضاً التداعيات السياسية لهذه العملية.
مصادر تحدثت مع “هآرتس” قالت إن المستشار القانوني قال إنه يمكن التقدم إلى مرحلة الإعلان عن الأرض التي أقيمت عليها البؤرة الاستيطانية كأراضي دولة بعد أن أظهر مسحاً أجرته الإدارة المدنية بأن نحو 60 دونماً في المنطقة يمكن اعتبارها كذلك. المسح هو إجراء يتم فيه فحص مكانة الأراضي التي تلفها شكوك بشأن أحقيتها. وتم فحص تواصل فلاحة الأرض، التي حسب القانون الساري في الضفة الغربية، يمكن أن يعطي الملكية عليها. كما صادق مندلبليت مبدئياً على استخدام أمر “تخطيط خاص” في المنطقة، الذي يمكن من تجاوز إجراءات التخطيط العادية ويسرعها.
سميت البؤرة الاستيطانية على اسم “أفيتار” بوروفسكي، وهو أحد سكان مستوطنة “يتسهار” الذي طُعن حتى الموت في عملية في 2013. بعد قتله، تمت ثلاث محاولات للبناء في المكان، في 2013 و2016 و2018. ولكن تم إخلاء المباني و”الكرفانات” بعد فترة قصيرة جداً من وضعها. في المرة الأخيرة أقيمت البؤرة في أيار من العام الماضي وتوسعت بسرعة، وخلال شهر أقيم فيها -خلافاً للقانون- 40 مبنى. تقع البؤرة في قلب منطقة قرى فلسطينية جنوبي نابلس، وبنيت على أراضي القرى الفلسطينية: بيتا وقبلان ويتما، بالقرب من حقول أشجار وسلاسل حجرية لهم، على تلة كان يقع عليها في الثمانينيات معسكر للجيش.
خلافاً لما حدث في السنوات السابقة، المرة الأخيرة التي أقيمت فيها البؤرة السلطات لم تقم بإخلاء المباني على الفور، بل أجرت مفاوضات مع المستوطنين حول شروط مغادرة المكان. ورئيس الحكومة في حينه، بنيامين نتنياهو، توجه لغانتس وطلب منه تجنب إخلاء البؤرة. هذا رغم أن قائد المنطقة الوسطى أصدر للبؤرة أمر تحديد حدود، الذي يعني أن كل المباني الموجودة في المنطقة غير قانونية، ويجب إخلاؤها. المكان جذب الكثير من المؤيدين، من بينهم أعضاء كنيست ميكي زوهر (الليكود) وعميحاي شكلي (يمينا) وحاخام صفد شموئيل الياهو وحاخام المجلس الإقليمي شومرون اليكيم ليبانون وحاخام مستوطنة “تفوح” شمعون روزنسفايغ وأعضاء حركة “بني عكيفا”.
في حزيران، اتفقت الحكومة مع مستوطني “أفيتار” على مغادرة المكان، لكن البيوت التي أقاموها في البؤرة تبقى في مكانها، وستقوم الدولة بفحص مكانة الأراضي التي بنيت عليها. وتم الاتفاق أيضاً على أنه يمكن للمستوطنين العودة إلى بيوتهم التي أقاموها إذا تبين أنه يمكن تسوية البؤرة. وحسب الاتفاق، سيكون هناك وجود عسكري في المكان إلى أن يستكمل إجراء فحص مكانة الأرض، وبعد ذلك تقام فيه مدرسة دينية من مدارس “الاتفاق”، ويبقى عدد من العائلات في البؤرة.
عندما نشر الاتفاق للمرة الأولى بين المستوطنين والحكومة، قدم الفلسطينيون ضده التماساً وأرفقوا معه صوراً جوية من الثمانينيات، يظهر فيها أن أراضي البؤرة زراعية ومفلوحة. وبعد ذلك، أقيمت قاعدة عسكرية في المكان، التي تم إصدار أمر وضع اليد من أجل إقامتها، وهو ما يمنع الفلسطينيين من الاستمرار في فلاحة الأرض. حسب ادعائهم، بعد تقليص الوجود العسكري في المكان في نهاية التسعينيات، بقيت فيه منشآت عسكرية وبنى تحتية واصلت خدمة الجيش، ومنع الجنود الفلسطينيين من دخولها بذريعة أن الأمر يتعلق بمنطقة عسكرية مغلقة. تم رفض الالتماس بذريعة أنه قدم قبل أن يتم استنفاد فحص ملكية الأراضي في المنطقة.
المسؤول عن الاستيطان في شمال الضفة من قبل السلطة الفلسطينية، غسان دغلس، قال رداً على ذلك: “إسرائيل تحاول وضع حقائق على الأرض، أما توقيت الإعلان بعد يوم على نشر تقرير “أمنستي” فلم يكن محض صدفة. وهذا لن يمر ولن نسلم بهذا الواقع، بالأساس في قرية بيتا التي دفعت دماء تسعة من أبنائها وأكثر من 500 مصاب بالرصاص الحي خلال ثمانية أشهر. لذلك، من الواضح أن النضال الشعبي سيزداد”. خلال ذلك، أعلن نشطاء في بيتا أن النضال الشعبي ضد البؤرة الاستيطانية سيشتد. أحد سكان القرية، الذي هو من منظمي الاحتجاج، قال للصحيفة بأن هذا الرأي الذي قدمه مندلبليت رأي استفزازي ويضر بالسكان. “بعد أشهر من النضال العنيف الذي دفعنا فيه دماءنا، ها هو الشخص الذي يجب أن يكون مسؤولاً عن القانون، يسوّغ إقامة بؤرة على أراضينا”، قال. “هذه الحكومة تعتبر نفسها حكومة تغيير. أي تغيير هذا؟ في بيتا جيل كامل من الشباب الذين وُعدوا بمستقبل أفضل، ويرى أمام ناظريه استفزازاً وعدوانية من إسرائيل، الأمر الذي سيزيد التوتر”.
من مكتب لبيد جاء الرد التالي: “خطة أفيتار الآن في نقاشات قانونية. دور وزير الخارجية هو التأكد من عدم المس بعلاقات إسرائيل الخارجية وقوتها السياسية وعلاقتها مع الولايات المتحدة. دوره كرئيس حكومة بديل هو الحفاظ على سلامة الائتلاف”.
بقلم: هاجر شيزاف ويونتان ليس وآخرين