القانون الدولي هو في الواقع قانون لحماية مجرمي الحرب الكبار… ما الذي يستفاد من التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا؟
مصطفى العمراني الخالدي
القوة هي الكلمة الوحيدة المعترف بها في العلاقات الدولية. ما عدا ذلك مجرد وعود وأدبيات. أما الحوار والتفاوض فهما يأتيان بعد القوة وليس قبلها. من آمن بالحوار وحده وله قضية فهو خاسر في موازين العلاقات الدولية. يستهلك الضعيف عبارات السلام والتعايش بينما يصنعهما القوي بيديه العاملتين. وصدق الله إذ يقول”وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم…”
دلت هذه الآية على وجوب إعداد القوة الحربية، اتقاء بأس العدو وهجومه، ولما عمل العرب بمقتضى هذه الآية أيام حضارة الإسلام، كان الإسلام عزيزا، عظيما، إذ نشر لواء سلطته على الأرض، فقبض على ناصية الأقطار والأمصار.
كلمة الإرهاب هنا لا تعني ما نفهمه اليوم؛ بل تعني توازن القوة. حتى القوتان العظميان في العقود الماضية؛ أمريكا والاتحاد السوفيتي؛ كانا يؤمنان بذلك؛ فاتفقا على مفهوم توازن الرعب.
ولم تقل الآية الخيل؛ بل قالت رباط الخيل. أي الخيل في رباطها. والخيل المربوطة المستعدة للحالات الطارئة هي الترسانة العسكرية الروسية في المخازن. وبسبب الخيول المربوطة تحظى روسيا بالاحترام بل تثير خوف الغرب؛ ليس لوجهها الكريم بل لرباط الخيل الذي أعدت.
هذا، ومن الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآية ما يأتى:
– وجوب إعداد القوة الحربية للدفاع عن الدين وعن الوطن وعن كل ما يجب الدفاع عنه، لأن أعداء الإسلام إذا ما علموا أن أتباعه أقوياء هابوهم، وخافوا بأسهم، ولم يجرؤوا على مهاجمتهم.
– إن القوة التي طلب الله من المؤمنين إعدادها لإرهاب الأعداء، تتناول كل ما من شأنه أن يجعل المؤمنين أقوياء. كإعداد الجيوش المدربة، والأسلحة المتنوعة التي تختلف بحسب الأزمنة والأمكنة. أما اليوم فقد ترك المسلمون العمل بهذه الآية الكريمة، ومالوا إلى النعيم والترف، فأهملوا فرضا من فروض الكفاية، فأصبحت جميع الأمة آثمة بترك هذا الفرض، ولذا تعانى اليوم ما تعانى. وكيف لا يطمع العدو في بلاد الإسلام، وهو لا يرى فيها معامل للأسلحة، وذخائر الحرب، بل كلها مما يشترى من بلاد العدو؟
ان المقصود من إعداد العدة في الإسلام إنما هو إرهاب الأعداء حتى لا يفكروا في الاعتداء على المسلمين، وحتى يعيش أتباع هذا الدين آمنين مطمئنين في ديارهم، وحتى يستطيعوا أن يبلغوا رسالة الله إلى خلقه من الناس دون أن يخشوا أحدا سواه- عز وجل. وليس المقصود بإعداد العدة إرهاب المسالمين، أو العدوان على الآمنين، أو القهر واستغلالهم فيما يغضب الله-تعالى…
القانون الدولي، ذلك النظام العقيم الذي بني عليه مجلس الامن بالاساس وتلك الحصانة لأعضائه الخمس الدائمين الذين باتوا فوق اي محاسبة بعدما نصبوا انفسهم سادة للعالم ، هو في الواقع قانون لحماية المجرمين والتسلط على الضعفاء. فالهجوم الروسي على اوكرانيا ومهما كانت وجاهة مبرراته من منظور روسي أمني، يبقى عدوانا يضرب عرض الحائط بالقانون الدولي، والغريب ان روسيا ترأس حاليا مجلس الامن الدولي الذي يفترض ان مهمته الاولى وغاية انشائه هي فرض الامن والسلام في العالم، ومع ذلك فانها اقدمت على فعلتها هذه في هذا التوقيت بالذات، وكانها تسخر من العالم اجمع…فأين القانون الدولي الذي هو في الواقع قانون لحماية كل مجرمي الحرب الكبار وما أكثرهم !
القوى العظمى في العالم لا تخدم الا مصالحها في حين تبقى المبادئ القانونية والأخلاقية مجرد ادعاءات للاستهلاك والترويج وليس للتطبيق…
التاريخ يصنعه الاقوياء-مند بدء الخليقة قانون القوة هو السائد…لا يوجد شئ اسمه قانون دولي انما قانون البلطجة الدولية، فالخمسة الكبار هم من يتحكمون بمصير العالم، وباقي الدول فانها تقع ضحية رفسات الكبار. يتم تفعيل فجاة وبدون مقدمات ما يسمى بالقانون الدولي عندما تقوم دولة صغيرة بعمل ما لا يعجب الأعضاء الخمسة الحيتان، لقد احتلت فلسطين وفيتنام والعراق وقتل الملايين من شعوبها بحجة القانون الدولي…انه الغرب المنافق .
العدو الصهيوني ووراءه امريكا بشكل خاص والغرب بشكل عام لم يراعي القوانين الدولية في اكثر من ستين قرارا لصالح القضية الفلسطينية…ولكن فات الادارة الامريكية ان واشنطن ومن مجلس الامن الدولي اسقطت الشرعية الدولية وداست على قوانينها و احكامها و بنودها عندما قادت حروبها في العراق و افغانستان و اليمن و سوريا و ليبيا و داست على ابسط حقوق الانسان الفلسطيني و منحت حليفها الاسرائيلي كل الذرائع والمبررات للقتل و التهويد ومصادرة الارض و العرض دون اشارة لمعنى القانون الدولي او حقوق الانسان .
إن تدخل روسيا في أوكرانيا يعيد اسطوانة الدعاية الغربية عن “سيادة الدول” وحماية “المدنين” واحترام “ميثاق الأمم المتحدة.” مقولات كهذه لم تعد تنطلي على أكثر الناس سذاجة.
حكومة كييف اخطات في حساباتها السياسية، والغرب اوضح انه لا يمكن ان يذهب ابعد من تسليط العقوبات الاقتصادية على روسيا فالرد الوحيد لاميركا وحلفائها كان التلويح بالعقوبات الاقتصادية، ولكن فرض عقوبات اقتصادية في مواجهة عدوان عسكري قائم رد غير فعال.. صحيح العقوبات لها تاثير، ولكنها لا تؤثر الا على المدى المتوسط والبعيد…ولكن روسيا ليست ايران ولا سوريا ولا العراق ولا السودان، والعقوبات لن تضعفها الى حد التخلي عن طموحاتها، لا سيما وانها تحظى بدعم جاراتها: الصين وايران والباكستان وبيلاروسيا…
اختارت الادارة الامريكية التخلي عن حكومة كييف والسماح لموسكو بفرض حكومة حليفة لها بالقوة، مع المضي قدما باضعاف روسيا اقتصاديا على المدى المتوسط والبعيد للحيلولة دون توسع شهيتها باتجاه احياء الاتحاد السوفياتي، وهو ما يعتقد بايدن ان بوتين ماض قدما باتجاهه.
الغرب يتخلى عن حلفائه كما فعلت امريكا سابقا بامبراطور ايران الذي رفضت امريكا استقباله و عملائهم في افغانستان حيث غادر الامريكان وتركوا عملائهم لمصيرهم و اخيرا الوضع الذي نحن نعيشه اليوم فامريكا ورطت عميلها رئيس اوكرانيا…عسى حكوماتنا ان تتعلم الدرس ولا انسى ما ذكره حسني مبارك “المتغطي بامريكا عريان”
الرئيس الأوكرانى زيلينسكى الوافد الجديد من عالم السينما الى عالم السياسة يجد نفسه في مواجهة حرب لا يفقه الكثير من اصولها. ردة فعل امريكا في الحرب الاوكرانية تظهر ان امريكا حليف غير وثيق. كل وعود الغرب لأوكرانيا ذهبت مهب الريح و هو ما أكده الرئيس الأوكراني الذي صرح بأن بلاده تحارب لوحدها،ومُواطنيها يُهاجرون إلى دول الجِوار.
بعد تخلّي رؤساء العالم عنه، قام الرئيس الأوكراني، بإلغاء جميع مُتابعاته لحسابات زعماء قيادات العالم من حسابه على موقع “تويتر”، واعتبر معلّقون أن خطوته تلك جاءت كنوع من أنواع الإحباط، وكخطوة تليق بمُمثّل كوميدي أكثر منها لزعيم سياسي.
الرئيس الأوكراني زيلينسكي الذي وقف مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، قاد بلاده إلى هاويةٍ سحيقة، ومُستقبل دموي، فلا أوكرانيا أصبحت عُضوًا في الاتّحاد الأوروبي، ولا عُضوًا في حِلف “النّاتو”، ووجدت نفسها وحيدةً تجلس على برميل بارود..
في القانون الدولي، لا تحرير ولاهم يحزنون. انها فقط صراعات وحروب بين الدول الامبريالية حول اقتسام العالم. بتبسيط آخر صراعات ثيران من اجل العشب…
الحقيقة التي بدأت تزداد وضوحاً يوماً بعد يوم أن امريكا الذي كانت تحكم أكثر من نصف العالم أصبحت اليوم عاجزة حتى عن حماية حلفائها وشركائها، وليست صورة ذلك الأنسحاب المخزي من أفغانستان وتركها أسلحتها ومعداتها الثقيلة أضافة إلى الفوضى والإرتباك الذي سببه الانسحاب إلا توصيف دقيق لنتائج هذا الفشل والتراجع …
أمريكا اليوم تعلن خضوعها وأستسلامها بل وهزيمتها كدولة عظمى ولم يجد الرئيس بايدن سوى كلمات الدعاء للشعب الأوكراني. لذلك بات من الأفضل لمن يعتمد على هذا الشرطي في حمايته وتوفير الملاذ الآمن له أن يبحث عن شرطي جديد صاحب قرار وليس إلى عجوز…
الخطيئة الكبرى التى وقعت فيها اوكرانيا هو عندما صدقت الغرب بوقوفه معها فى وجه الدب الروسى —تماما كما يفعل ابليس بأتباعه يوم القيامة …
محامي مغربي بانجلترا