فلسطين من انتفاضة الأقصى الى أقصى الإنتفاضة
شيئان يؤرقان الصّهاينة بعد السلاح النّوعى الذى اصبح تحت تصرّف مختلف فصائل المقاومة الفلسطينيّة :
1ــ الحضور الكبير فى صلوات الجمعة والاعياد فى المسجد الأقصى والعاكس لروح عقائديّة فعل الإحتلال الكثير لطمسها لكنّه فشل.
2ــ الحشد الكثيف المشيّع لأيّ شهيد يسقط ضحيّة رصاص الجنود والمستوطنين الصّهاينة والعاكس لروح نضاليّة عازمة عن التحرير تمهيدا للتحرّر.
ثلاثة أقطاب يقودون معركة التّحرير : الصّلاة فى الاقصى والإستشهاد على الميدان والسلاح النّوعى … ثلاثة عجز العدوّ عن إضعافهما ممّا أجبره على التحوّل من مرحلة التّوسّع الى مراحل الإنكماش.
تقاطع الصّراعات المتعدّدة على رقعة جغرافيّة صغيرة وفى مكان حسّاس بالعالم أعطى القضيّة زخما أمميّا تجاوز حدودها الى مختلف أصقاع العالم … صراع فلسطينيّ – “إسرائيلى” (الدّولة) … صراع عربي – صهيونى (الهويّة) … صراع إسلاميّ – “يهودى”(الدّين) … وصراع تحرّرى – إمبرياليّ (الإنسانية).
موجز لتاريخ الصّراعات فى مركز الرّحى العمليّاتى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1897 : المؤتمر الصهيونى التّأسيسي ــ 1916 : إتّفاقيّة سايسبيكو ــ 1917 : وعد بلفور ــ 1948 : قيام ” إسرائيل” بعد حرب إندلعت بين فلسطين والأردن ومصر والعراق وسوريا ولبنان والسّعودية من جهة والمليشيات الصّهيونيّة المسلّحة والمدعّمة من بريطانيا من جهة أخرى … بعد معركة باب الوادى ومعركة اللّطرون ومعركة القدس استطاع الجيش الأردنى منع الصّهاينة من احتلال القدس والضفّة الغربيّة. ــ 1956 : العدوان الثّلاثى الذى شنّته كلّ من “إسرائيل” وفرنسا وألمانيا على مصر عندما أمّمت قناة السّويس وقرّرت تشييد السدّ العالي وبتهديد روسي ودون رضوخ مصريّ أوقفت الحرب. ــ 1964 : تأسيس منظّمة التّحرير الفلسطينية كمنظّمة نقلت الفلسطينيين من الفوضى والشتات الى العمل المنظّم ــ 1967 : حرب الأيّام السّتة والتى انتهت بإحتلال “إسرائيل” للقدس والضفّة وسيناء والجولان. ــ 1967 : حرب الاستنزاف التى انطلقت فى 01 جويلية بقصف مدفعي وجوّي متبادل بين الجيشين المصرى و”الإسرائيلي”قرب قناة السويس أعقبتها فى السنوات التى تليها معارك محدودة فى الزمان والمكان كان من ابرز نتائجها اغراق المدمّرة ايلات وخسائر معركة رأس العش. ــ 1968: معركة الكرامة بالاردن والتى اشتبك فيها الجيش الاردنى والمقاومة الفلسطينية بجيش الاحتلال الذى أجبرعلى الانسحاب تاركا قتلاه على أرض المعركة ودون تحقيق هدف احتلال نهر الأردن. ــ 1973: حرب رمضان أكتوبر التى مكّنت الجيوش العربيّة المشاركة من تحقيق انتصار كبير مهّد لعودة قناة السّويس لمصر بعد تحطيم خطّ برليف وانسحاب العدوّ من كل جزيرة سيناء لاحقا.ــ 1978 : إتفاقيات كامب دافييد. ــ 1982: الإجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان وخروج الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة من بيروت. ــ 1987 : الإنتفاضة الفلسطينيّة الأولى فى غزّة والضفّة والتى توّجت باعلان “استقلال” القطاعين ــ 1993 :اتفاقيات أوسلو1 بين رابين وعرفات حول آليّة الحكم الذّاتى. ــ 1995 : إتّفاقيّة أوسلو2 : عقدت فى طابا وهي استكمالا لإتّفاقيات اوسلو1 فيما يخصّ ترتيبات الحكم الذّاتى . ــ 2000 : الإنتفاضة الفلسطينيّة الثّانية التى جمعت بين المواجهات المسلّحة والمظاهرات الشعبيّة والتى أعادت القضيّة الفلسطينيّة على رأس الاهتمامات الدوليّة رسميّا وشعبيّا. ــ 2006 : الحرب “الاسرائيليّة ” اللّبنانيّة والتى صمدت فيها المقاومة اللبنانيّة امام صهاينة فشلوا فى الإجتياح البرّى وأجبروا على تحرير أسرى فى عمليّة تبادل. ــ 2008 : بداية الحرب فى غزّة بين المقاومة بمختلف فصائلها وجيش الاحتلال وفيها فشلت القوات “الاسرائيلية” فى السنوات التى تليها فى إقتحام القطاع وتجريد المقاومة من سلاحها المتمثّل في الصواريخ البعيدة المدى والصواريخ المضادة للدروع وصولا الى صواريخ ستريم السوفياتية التى ظهرت أخيرا بالقطاع مرورا بالطائرات بدون طيّار والضّفادع البشريّة وتشكيلات المشاة الخاصّة السريعة المناورة.
المتأمّل فى جدولة الأحداث الهامّة على ارض فلسطين يلاحظ أنه بين كلّ سنتين الى أربعة تشهد الارض المحتلّة حدثا هامّا يحرّك كلّ سكون يسعى العدوّ لفرضه …
القضيّة دائمة التجدّد والظهور وفرض الذّات على الرأي العام العالمي والمحلّي.
حتميّة المواجهة وحتميّة الحلّ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زيادة عن رسائل الأقصى وصمود غزّة ورفض الضفة أقدم سبعة فلسطينيين بطريقة “الذئاب المنفردة” على تنفيذ خمسة عمليّات فدائيّة معزولة أدّت الى استشهادهم ومقتل 17 صهيونيّا … إحدى العمليّات حدثت بقلب “تل أبيب” القدس وفى شارع يتواجد فيه بإستمرار رئيس الوزراء السّابق بنيامين نتنياهو.
كلّما كان الإنسان واقعيّا كلّما زادت مساحة تأثيره فى الواقع إتّساعا …
والواقع يجبرنا على الإعتراف بأن صمود المقاومة الفلسطينيّة متأتّى فى الجزء المهم منه من الدّعم بالسلاح الذى تقدّمه دولا عربيّة وإيران والدعم بالأموال الذى تقدّمه دول الخليج وتركيا.
كما يحتاج الفلسطينى لأجل الصمود للسلاح فهو يحتاج أيضا للمال والغذاء والدواء والتعليم وعديد المرافق.
مزوّدوا السّلاح الرّئيسيين هم ليبيا والعراق وسوريا وايران والسودان التى كان يمرّ منها السلاح الى غزّة مرورا بسيناء تحت علم ورقابة مخابرات اللواء الشهيد عمر سليمان الذى توفّي فى ظروف غامضة كعقاب له مباشرة بعد الاطاحة بحسنى مبارك.
أموال كبيرة تضخّها دول الخليج والجزائر وليبيا وايران وتركيا الى مختلف المنظّمات الفلسطينية والتى يصل منها قسطا الى الشعب الفلسطينى فى حين يهرّب الباقى الى الخارج عبر قنوات لوبيات الفساد المعقّدة التى لا تخلو منها دولة.
دول عربيّة أخرى تقدّم الدّعم الديبلوماسي للقضيّة والذى يعتبر أيضا سلاحا دعائيّا مهمّا لقضيّة تحتاج الى وقوف الشعوب المحبّة للسّلام معها.
تقوم تركيا بالتّرفيه على “القيادات السياسيّة” للمقاومة فهي الملاذ الآمن لأموالهم المهرّبة مقابل تلميع صورتها اعلاميّا دون تنديد او تطرّق الى العلاقات الاقتصاديّة المتطوّرة بينها وبين العدوّ … يصل اسبوعيّا ميئات الأتراك الى القدس للأعمال والسياحة وهذه حقيقة يعرفها المرابطون في الأقصى ويعايشونها يوميّا.
لأجل فلسطين دمّرت العراق وليبيا وسوريا واليمن وكلّهم كانوا أعضاءا فى جبهة الصّمود والتصدّى التى تأسّست بعد إتّفاقيات كامب دافيد … كذلك فعلوا بالعضوة الخامسة الجزائر التى فشلوا في تدميرها لأسباب ومع ذلك مرّت عليها عشريّة سوداء ذهب ضحيّتها أكثر من 150 الف قتيل … هل هذا صدفة؟ … هل للإنحياز لفلسطين ضريبة؟
التدخّل الإيرانى التركي فى الوطن العربي وإحتلال أراض تفوق مساحتها مساحة فلسطين بأضعاف دفع بعدد من الدّول العربيّة الى التطبيع مع الكيان عندما شعرت بأخطار تهدّد سلمها الإجتماعى والتّرابي خاصّة …
التّطبيع عند دول عربيّة ليس قناعة بقدر ما هو ردّة فعل محليّة إنفعاليّة على محاط يهدّد بدلا من أن يتحالف ويتعامل.
في الأفق بوادر مصالحات وتنقية أجواء يقودها “المحور” الجديد بقيادة روسيا والصين والتى قد تؤدّى الى ظهور طوق استراتيجى يحاصر الكيان متكوّن من مصر والسّعوديّة والعراق وسوريا ولبنان وإيران وتركيا زيادة على تزويد مقاومي الدّاخل والخارج بأسلحة متطوّرة قد ينقل حربهما من الدّفاع الى الهجوم … الصّين نشطة جدّا فى المجال وهي تقود بديبلوماسيّة هادئة مساعى لإطفاء الحرائق فى المنطقة خاصّة فى اليمن والعراق وضمن برنامجها الرئيسي “طريق الحرير”.
فلسطين ستتحرّرعندما تحوّل وجهة التناقضات فى المنطقة الى بوصلة القدس وهذا من شأنه ان يؤدّى الى تبخّر أو ذوبان الصهيونيّة بهجرة عكسيّة قد تؤدّى الى ظهور “إسرائيل” فى أرض بلا شعب أو أرض بشعب بلا تاريخ وهويّة.
المواجهة الشّاملة القادمة ستفرض الحلّ وربّما تمهّد لظهور دولة جديدة تجمع بين فلسطين ولبنان يتعايش فيها المسلمون (سنّة وشيعة) والمسيحيون (بروتستانت وكاثوليك) واليهود العرب مهما كانت جنسياتهم الإقليميّة… والمجتمع الدّولى قد يدفع بهذا الإتّجاه بعد متغيّرات قادمة مؤثّرة جدا على خريطة مركز رحى العالم.
الحلّ حتميّ بحول اللّه