منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 74194
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه   مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه Emptyالإثنين 23 سبتمبر 2013 - 21:27

مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه

فضيلة الدكتور سعد بن ناصر الشثري

مقدمة
الحمد لله رب العالمين، خلقنا لعبادته، وجعل التنافس في طاعته، وهيَّأَ الجنة لأهل الإيمان والتقوى، وحَذَّرَ أصحاب العقول من فعل الأفعال التي تؤدي بهم إلى جهنم وسوء العاقبة في الدنيا والآخرة، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه وأتباعه، وسلم تسليما كثيرًا، أما بعد:
فمن المعلوم أن الله -عز وجل- جعل التنافس في الدنيا في الأعمال الصالحة للحصول على رضا رب العالمين، ودخول الجنة، ورفعة الدرجة فيها، ومن أعظم ما يوصلنا لذلك الطاعات بأنواعها، سواء كانت بالدخول في دين الإسلام، الذي لا يقبل من العبد عملا إلا بتقديمه، أو كان بصنوف الطاعة التي يفعلها المسلم، فترفع درجته عند ربه، من صلاة وصدقة وصيام وغير ذلك.

الجهاد عبادة
إن مما وردت الشريعة بالترغيب فيه، وبيان عظم أجره عبادة الجهاد، فقد أمر الله بها في مواطن من كتابه، وأمر بها نبيه -صل الله عليه وسلم-، وقد رتب عليها الأجر العظيم، والثواب الجزيل، والنصوص متواترة في الترغيب في هذه العبادة.
لكن إذا أردنا أن نتقرب إلى الله بهذه العبادة فلا بد أن نعرف معنى هذه العبادة، فلو أراد إنسان مثلا أن يتقرب إلى الله بعبادة الحج ولا يعرف طريقة الحج، ولا يعرف المناسك التي تُؤَدَّى في الحج، لم يصح منه حج حتى يؤدي الحج على وفق المفهوم الشرعي للحج، وهكذا أيضا فيما يتعلق بالجهاد.
لا بد من مراعاة المعنى الشرعي للجهاد فيمن أراد أن يؤدي هذه العبادة، كذلك لا بد من مراعاة الشروط والضوابط الشرعية لهذه العبادة عبادة الجهاد.

يجب مراعاة الشروط والضوابط في العبادات
إن من تقرب إلى الله بعبادة من غير مراعاة لشروطها وضوابطها قد يؤدي من المفاسد أعظم مما يؤدي إليه فعله من المصالح، وأضرب لذلك أمثلة: فمن صلى لله -عز وجل- قد يكون آثما بهذه الصلاة إذا لم يراع الضوابط الشرعية في الصلاة، فلو أدى الصلاة بدون وضوء مع قدرته على الوضوء لم تصح صلاته، وكان آثما بهذه الصلاة لأنه: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ، حَتَّى يَتَوَضَّأَ»(1) ، كما أخبر النبي -صل الله عليه وسلم-، فلابد أن تكون هذه الصلاة على وفق الطريقة الشرعية.
فلو ابتدع إنسان صلاة على غير طريقة النبي -صل الله عليه وسلم- وهَدْيِهِ، كان عمله وصلاته مردودةً عليه غير مقبولة عند الله -عز وجل-، وهكذا أيضا في الجهاد لا بد من مراعاة شروطه وضوابطه الشرعية.
لذا كان تناول هذا الموضوع من الأهمية بمكان، وذلك أنه لا بد قبل كل عمل من معرفة معناه، وحدوده، وضوابطه، لنعبد الله على بصيرة، ولا يكون عملنا مردودًا غير مقبول عند الله -عز وجل- أو قد نستحق به الإثم والخسارة، وسوء العاقبة في الدنيا والآخرة.

انحراف الناس في فهم باب الجهاد
إن موضوع الجهاد من المواضيع التي وَلَجَها بعض الناس، فعصوا الله باسم طاعة الله فيها، وذلك أنهم أقدموا على أعمال يظنون أنها من شرع الله في الجهاد، وهي ليست كذلك، فأثمر ذلك سوءًا وضررًا وشرًّا عظيمًا، كما أن بعض الناس قصر في مفهوم الجهاد، ولم يراع المفهوم الشرعي فيه، فكان ذلك سببا في صرف الناس عن هذه العبادة، أو جعل بعض الناس يفسر عبادة الجهاد بغير مفهومها الشرعي، فكم من الدماء قد سفكت بسبب عدم مراعاة هذا المفهوم الشرعي، وعدم ملاحظة الضوابط الشرعية في الجهاد، ومن هنا لا بد من معرفة هذه الضوابط وهذه المعاني، من أجل أن تكون أعمالنا المتعلقة بهذا على وفق الشريعة، وما جاء في الكتاب والسنة.

نتائج الانحراف في باب الجهاد:
*إن من المعلوم أن الدم الحرام من أعظم المحرمات سفكه، كما قال -جل وعلا-:{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} [سورة النساء : الآية 93]، ويشمل ذلك الدم المحرم للمعاهدين والمستأمنين، الذين يدخلون في بلاد المسلمين بأمان وعهد صحيح، كما قال النبي -صل الله عليه وسلم-: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» كما رواه البخاري في صحيحه( 2).

*إن بعض الناس انحرف في فهم الجهاد الشرعي، فأنتج فعله تفرقة بين المسلمين،فكم اقتتل من طوائف من المسلمين بدعوى الجهاد، وليس الأمر كذلك، ومن المعلوم أن الشريعة قد نهت المسلمين عن التفرق وأمرتهم بالاجتماع، وبينت عواقب الاختلاف كما قال -سبحانه-: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ}[سورة آل عمران : الآية 105].

إن التفرق وعدم الاجتماع من أشنع الأعمال عاقبة في الدنيا والآخرة، ولذلك قال الله -جل وعلا-: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [سورة الأنفال : الآية 46] ويقول النبي -صل الله عليه وسلم-: «لَنْ يَسْتَحِلَّ الْبَيْتَ إِلَّا أَهْلُهُ، فَإِذَا اسْتَحَلُّوهُ فَلَا تَسْأَلْ عَنْ هَلَكَةِ الْعَرَبِ، ثُمَّ تَجِيءُ الْحَبَشَةُ فَيُخَرِّبُونَهُ خَرَابًا لَا يَعْمُرُ بَعْدَهُ أَبَدًا، هُمُ الَّذِينَ يَسْتَخْرِجُونَ كَنْزَهُ» كما روى ذلك الإمام أحمد في مسنده بسند جيد( 3) . فالخطورة علينا من أنفسنا أعظم من الخطورة علينا من أعدائنا.

ونتيجة لعدم مراعاة الضوابط الشرعية في باب الجهاد تسلط الأعداء على المسلمين، وذلك أن بعض المسلمين ولج هذا الباب بدون معرفة أحكام الجهاد الشرعية، وبدون مراعاة الضوابط، فأدى ذلك إلى اعتداء على الآخرين وإيذاء لهم، فسلط الله الأعداء على بعض المسلمين بسبب هذه الأفعال.

ومما يؤدي إليه عدم مراعاة الضوابط الشرعية في باب الاجتهاد: التعدي على الشرع، وتفسير للمصطلحات الشرعية بغير مراد الله منها، ولا شك أن هذا من القول على الله بلا علم، وهو من أشنع المحرمات وأعظم الذنوب قال تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ إِنَّمَا يَأمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [سورة البقرة : الآيتان 168- 169] وقال سبحانه: {وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى}[سورة طه : الآية 61].

التفسير الصحيح للجهاد 
لابد من معرفة مفهوم الجهاد الشرعي، ما هو مراد الشرع بكلمة الجهاد؟ وما هو التفسير الصحيح لكلمة الجهاد في النصوص الشرعية؟
الجهاد الشرعي يشمل كل نصرة لدين الإسلام، سواء أكان نصرة لدين الإسلام باليد، والسِّنَان، والقوة، ومقاتلة الأعداء الذين يعتدون على المسلمين، ولا يمكنونهم من اعتناق دينهم، والسير على تعاليم دين الإسلام، ويشمل ذلك أيضا الدعوة لدين الله، والذب عن محارم الله باللسان، كما ورد في المسند وسنن النسائي أن النبي -صل الله عليه وسلم- قال: «جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ»( 4)، فدل ذلك على مشروعية الجهاد باللسان، ولا يكون ذلك إلا بالدعوة لدين الله، وببيان محاسن هذا الدين، وعظم الفوائد التي يحصل عليها العباد في آخرتهم من اعتناقهم لدين الإسلام.

وهناك مجاهدة المنافقين كما قال -جل وعلا-: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} [سورة التوبة : الآية 73]، ومن المعلوم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد كان معه في المدينة عدد من المنافقين، وقد أخبره الوحي بأن هؤلاء من المنافقين، فماذا فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- معهم حتى نعرف مدلول هذه الكلمة؟ كان النبي -صل الله عليه وسلم- يُهَادِنُهُم، ويُجَادلهم، وكان يدعوهم، وكان -صل الله عليه وسلم- يبين لهم أحكام الشرع، ويجادلهم بالتي هي أحسن، ويدرأ أفعالهم السيئة ما استطاع، وهذا هو مفهوم جهاد المنافقين من فعل النبي -صل الله عليه وسلم-.

فالجهاد ليس منحصرًا في القتال، والجهاد الشرعي يشمل مجاهدة النفس على الإقدام على أنواع الطاعات، والبعد عن المعاصي، ويشمل مجاهدة الشيطان في وساوسه التي يقذفها في قلوب العبد، ويشمل جهاد المنافقين فيما يفعلونه بأهل الإسلام، من رغبة في تفريقهم وإبعادهم عن دينهم، ودلالتهم على الخير، وتحذير الناس من سوء ما يفعلونه، وباطن ما يضمرونه لأهل الإسلام، ويشمل أيضا جهاد الكفار المحاربين الذين يحاربون المسلمين، ويصدون عن دين الله، فهذا كله يدخل في أنواع الجهاد في دين الإسلام.

مفاهيم مغلوطة للجهاد
ومن هنا ننبه على بعض المفاهيم المغلوطة التي يُدْخِلُهَا بعض الناس في مفهوم الجهاد، وليست فيما يدخل في مفهوم هذه الكلمة في شرع الله -عز وجل- ودينه، فمن أمثلة ذلك: 

*بعض الناس يعتقد أن من مفهوم الجهاد إلزام الناس بالدخول في دين الإسلام، وإلزام الكفار باعتناق دين الإسلام، وهذا ليس من دين الإسلام في شيء، فإن الله -عز وجل- قال {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [سورة البقرة: الآية 256].

لقد عاش في دولة الإسلام من عهد النبوة إلى عصرنا الحاضر كثير من غير المسلمين من اليهود والنصارى والمجوس، ومع ذلك لم يُؤْثَرْ عن أهل الإسلام أنهم ألزموا هذه الطوائف بدخول الإسلام، ولم يُؤْثَرْ عن أحد أنه جعلهم يدخلون في الدين كراهية ، وقد عاش في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة عدد من اليهود الذين صالحهم، وكان يعاملهم بالبيع، والشراء، والاقتراض، ويُجِيب ولائمهم، ولم يكن ذلك منافيا لمفهوم الجهاد الذي كان يقرره النبي -صل الله عليه وسلم- انطلاقا من النصوص الشرعية، وقد مات النبي -صل الله عليه وسلم- حين مات ودرعه مرهونة عند يهودي في شعير أخذه لأهله، فدل على أنه -صل الله عليه وسلم- كان يعامل غير المسلمين بالبيع والشراء، ولا يلزمهم بالدخول في دين الإسلام، فمن ظن أن من مفهوم الجهاد إلزام غير المسلمين بالدخول في دين الإسلام، فإن ظنه خاطئ لا يوافق المفهوم الشرعي للجهاد.

*ومما أدخله بعض الناس في مفهوم الجهاد، وليس من الجهاد في شيء: الخروج على الولاة، وعدم السمع والطاعة لهم، فقد وجد في العصر الأول في عصر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بعض الطوائف الذين دعوا إلى الخروج عن ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، ابن عم النبي -صل الله عليه وسلم-، والخليفة الراشد باسم الجهاد، وظنوا أن ذلك من مفهوم الجهاد شرعا. 

ثم جاءت طوائف المعتزلة والخوارج تقرر أن دين الإسلام يُبْنَى على أصول، وعَدُّوا من هذه الأصول أصل الجهاد، وأدخلوا في هذا الأصل الخروج على الولاة، بينما النصوص الشرعية متواترة في النهي عن الخروج على الولاة، وبيان أن ذلك من المحرمات، ومن الأمور التي لا يرضاها رب العالمين، بل يَسْخَطُ العبادَ على فعلها، وقد قال النبي -صل الله عليه وسلم-: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ»( 5)، وقال -صل الله عليه وسلم-: «مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا، فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا، فَمَاتَ عَلَيْهِ، إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»( 6).

والنصوص في ذلك كثيرة متواترة، فعندما يأتي إنسان يدخل في مفهوم العبادة الشرعية وهو الجهاد معنى مخالفا لدين الإسلام، مما نهت الشريعة عنه لا نستجيب لما يذكره من دعوى مخالفة لدين الإسلام.

*ومما أدخله بعض الناس في مفهوم الجهاد: السفر المجرد، والانتقال من مكان إلى مكان، فجعلوا هذا هو في سبيل الله، وصرفوا النصوص عن مدلولها الشرعي، وهذا يخالف مقتضى النص الشرعي الذي جاء في تفسير الجهاد.

*ومما فسر به بعض الناس فريضة الجهاد معان مخالفة لدين الإسلام، فقصره بعضهم مثلا على جهاد النفس أو جهاد الشيطان، ولم يُدْخِلُوا جهاد الأعداء بالقوة والسلاح في مفهوم الجهاد، فقصروا الجهاد على بعض مدلوله، فهذا فهم خاطئ لهذه الكلمة الشرعية، يخالف مقتضى النصوص الشرعية التي جاءت بالأمر بالجهاد بالنفس والمال.

*ومما فسر به بعض الناس فريضة الجهاد: قصر بعض الناس مفهوم الجهاد الشرعي في بعض مدلولاته، فأخرجوا شيئا مما دلت النصوص الشرعية على أنه من أنواع الجهاد، ومن أمثلة ذلك: قتال قطاع الطريق الذي يقوم به رجال الأمن، هذا من أنواع الجهاد لأن فيه حماية لأموال المسلمين، ودمائهم، ولأنه يؤدي إلى استقرار أحوال المسلمين، وأمنهم، وطمأنينة قلوبهم، فهذا نوع من أنواع القتال الذي يحقق مقصدًا شرعيا.

ومن أمثلته: قتال البغاة الذين يخرجون عن طاعة الإمام، فإنه من أنواع الجهاد الشرعي الذي جاءت الشريعة به، وقد أمر النبي -صل الله عليه وسلم- به.

ومن أمثلته: قتال الخوارج الذين يكفرون المسلمين، ويستبيحون الخروج على الولاة، فإنه من أنواع الجهاد الشرعي، وقد قال النبي -صل الله عليه وسلم- في الخوارج:«لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ»( 7)، وقال -صل الله عليه وسلم-: «فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا، لِمَنْ قَتَلَهُمْ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»( Cool، فهذا حديثان صحيحان دلا على مقاتلة هؤلاء البغاة والخارجين عن ولاية الإمام، مما يدل على أن قتالهم نوع من أنواع الجهاد الشرعي. 

شروط وضوابط الجهاد الشرعي
لابد من معرفة الضوابط الشرعية للجهاد قبل العمل به، وهذا يدلنا على أهمية العلم بأي عبادة نريد أن نفعلها قبل أن ندخلها، حتى تكون وفق مراد الله -عز وجل- وعلى وفق مراد رسوله -صل الله عليه وسلم- بحيث لا نؤدي العبادة خالية من شروطها الشرعية، فتكون مردودة غير مقبولة عند الله -عز وجل-.

الشرط الأول: صلاح النية
من شروط الجهاد الشرعي: صلاح النية، بأن يقصد المرء بعمله وجه الله والدار الآخرة، لا يريد شيئا من الدنيا، ولا يكون جهاده من أجل حزب، ولا جماعة، ولا تنظيم، ولا دنيا يقصدها، وإنما يكون عمله لله -عز وجل-، يريد به وجه الله والدار الآخرة، كما جاء في حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-: «سُئِلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ»( 9)، قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وقد جاءت النصوص الشرعية بالترغيب في إصلاح النية في جميع الأعمال ومنها الجهاد، لتكون تلك الأعمال مقبولة عند الله -عز وجل- كما قال سبحانه: {مَن كَانَ يُرِيدُ العَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا} [سورة الإسراء : الآيتان 18-19] وكما قال -جل وعلا-: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سورة هود : الآيتان 15- 16]، ومن هنا فلا بد من تصحيح النية في جميع الأعمال لقول النبي -صل الله عليه وسلم-: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ»(10).

الشرط الثاني: مراعاة المصالح والمفاسد
من الضوابط الشرعية التي جاءت بها الشريعة في باب الجهاد: مراعاة تحقيق المصالح ودرء المفاسد، فإن الجهاد ما قُرِّرَ إلا من أجل رفع كلمة الله -عز وجل-، فإذا كانت مقاتلة الإنسان لغيره ستؤدي إلى تسلط الأعداء، وتؤدي إلى جعل الناس يبتعدون عن شريعة الله ودينه، وتؤدي إلى جعل كل من سمع بدين الإسلام ينفر منه ولا يقبله، فحينئذ لا بد من مراعاة المصلحة الشرعية في ذلك.

الشرط الثالث: القدرة على قتال العدو
من الضوابط الشرعية فيما يتعلق بباب الجهاد أن يكون هناك قدرة على مقاتلة العدو، فإن لم يكن بالمسلمين قدرة على مقاتلة العدو، فإنه حينئذ لا يجوز لهم الدخول في هذا الباب حتى يكون لديهم القوة والقدرة، فإن النبي -صل الله عليه وسلم- في أول الإسلام لم يشرع له الجهاد، بل قد نهي عن القتال لكون أهل الإسلام ليس لهم دولة ولا إمام، ولكون أهل الإسلام لم تكن قدرتهم مكافأة مع أعدائهم، فلو دخلوا مع أعدائهم في قتال لأدى ذلك إلى تسلط الكفار على المسلمين، وأدى ذلك إلى القضاء على أهل الإسلام، ويقطعون الخير الذي أنزله الله -عز وجل- على نبيه -صل الله عليه وسلم-.

والقدرة تكون في الأموال والسلاح والأبدان، ولهذا أمر الله -عز وجل- بإعداد القوة كما قال -سبحانه-: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } [سورة الأنفال : الآية 60]. 

الشرط الرابع: مراعاة العهود والمواثيق 
ومن الضوابط الشرعية في باب الجهاد: مراعاة العهود والمواثيق التي يعقدها أهل الإسلام، فإذا كان هناك عهد وميثاق، فإنه لا يجوز نقضه باسم الجهاد، وإذا خِيفَ من العدو أن يقاتل المسلمين في وقت العهد والميثاق فإنه حينئذ يُبَلَّغُونَ بانتهاء العهد والميثاق، كما قال -سبحانه-: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [سورة الأنفال : الآية 58] يعني: حتى تكونوا جميعا على حال متساوية من العلم بإمكان غزو الآخرين لكم.

إن الشريعة نصت على وجوب التزام العهود والمواثيق في كثير من النصوص الشرعية، منها: قول الله -جل وعلا-: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [سورة المائدة : الآية 1]، وقوله -سبحانه-: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [سورة الإسراء : الآية 34 ].

وجاءت الشريعة بالتحذير من الخيانة والترهيب منها، وبيان سوء عاقبتها في الدنيا والآخرة، يقول النبي -صل الله عليه وسلم-: «يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ»( 11)، وجاء في الحديث الصحيح أن من خصال المنافق أنه: «إِذَا عَاهَدَ غَدَرَ»( 12).

ومما يتعلق بمراعاة العهود والمواثيق: أن الإمام الأعظم إذا عاهد قومًا، أو أَمَّنَهُم لزم من تحت يده أن يلتزموا بما صدر من الإمام من عهد وميثاق، ويحرم عليهم أن ينقضوا ذلك العهد. قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله- : "وَيَصِحُّ أَمَانُ الْإِمَامِ لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ وَآحَادِهِمْ، لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَامَّةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ".( 13) ويدل على هذا المعنى ما وقع في صلح الحديبية، فإن النبي -صل الله عليه وسلم- لما صالح قريشًا على ترك القتال مدة، وكان فيه بعض البنود التي لم يرضها بعض صحابة رسول الله -صل الله عليه وسلم-،لم يستجز أحد من المسلمين أن يقول: إن ذلك الصلح إنما عقده الإمام فلا يلزمني، لأنني لم أعقده .

الشرط الخامس: الجهاد يجب أن يكون مع إمام
من الضوابط المتعلقة بالجهاد: أن الجهاد لا بد أن يكون مع إمام، إذ لو لم يكن الجهاد مع إمام لكان ذلك فوضى، ولكان سببا من أسباب تفرق المسلمين، وتسلط العدو عليهم، لأنه لا بد في الجهاد من ولاية يرجع الناس إليها، ويستأمرونها، ويستأذنونها، وتجتهد في أحكام الجهاد، وتنظر ما يُصْلح المسلمين، وما يلحق السيئات والعواقب الرديئة بهم، ويعرف مكامن العدو، ولو لم يكن هناك ولاية وإمامة فلا يكون هناك جهاد، ويدل على ذلك النصوص الشرعية الثابتة منها: قول النبي -صل الله عليه وسلم-: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَعَدَلَ، كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ، وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ»( 14) فدل ذلك على أن القتال لا بد فيه من إمام. 

ويدل عليه أيضا قول الله -عز وجل-: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ} [سورة التوبة : الآية 38] {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا } [سورة التوبة : الآية 38]، فدل ذلك على أن الذين يأمرون بالنَّفْر هم أهل الولاية، وهو الإمام الأعظم كما في الحديث: «إِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا»( 15).

ومن الأدلة: قوله -سبحانه- {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [سورة النور : الآية 62].

والولاية تكون في كل بلد مستقل عن البلد الآخر، متى استقل إمام كل بلد عن الأئمة الآخرين، فلا يصح لإنسان يكون مقيما في بلد أن يقول: إني سأطيع إمام البلد الآخر، لأن لكل إمام الولاية على البلد الذي هو فيه.

إن من لم تصح له ولاية، ولا بيعة، ولا إمامة، لا يدخل في هذا الباب، ولا يكون من أئمة المسلمين، ولا يطاع لا في باب الجهاد ولا في غيره، لأنه لم تنعقد له ولاية صحيحة، فكون الإنسان يكون في بلد محاصرة يقاتله أهل ذلك البلد، لا يثبت له ولاية على البلد الذي هو فيه، فضلا عن إثبات الولاية له في البلدان الأخرى، فمثل هذه البيعة، وهذه الولاية غير منعقدة، غير ملزمة شرعا، ويدل على ذلك قول النبي -صل الله عليه وسلم- الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: « مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ ، فَاقْتُلُوهُ» ( 17)، ويدل على ذلك قول النبي -صل الله عليه وسلم-: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ، فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا»( 16) كما في الصحيح.

فهذه نصوص شرعية واضحة في الباب، لا يصح للعبد أن يخالف مدلول هذه النصوص، فإن قال قائل: إن الإمام الأول قد وقع منه ذنب ومعصية، ووقعت منه مخالفة للشريعة، ووقع علينا منه كذا وكذا. فنقول: إن الشريعة قد جاءت بالأمر بطاعة الإمام ولو كان عنده شيء من المخالفة للشريعة، كما قال -سبحانه-: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} [سورة النساء : الآية 59]، وكما قال النبي -صل الله عليه وسلم-: « من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه ، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية»(18 )، وكما جاء في الصحيح أن النبي -صل الله عليه وسلم- قال: « تسمع وتطيع للأمير ، وإن ضرب ظهرك ، وأخذ مالك ، فاسمع وأطع»( 19). فمثل هذه الأفعال لا تجيز الخروج على الولاة.

الشرط السادس: استئذان ولي الأمر:
إذا تقرر هذا فلابد من استئذان الأئمة والولاة، فمن كان تابعًا لإمام وفي رعيته وجب عليه أن يستأذن إمامه في الجهاد قبل أن يقدم عليه، وهكذا كان حال الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- انطلاقا من النصوص السابقة، ولذلك جاء في الحديث عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ: «أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ».( 20)

الشرط السابع: استئذان الأبوين
من ضوابط الجهاد: أنه لا بد من استئذان الأبوين في الجهاد، الذي يكون من فروض الكفايات، ولا يجوز لإنسان أن يخرج للجهاد والقتال، وهو لم يستأذن من أبويه، أو لم يستأذن من إمامه.

الشرط الثامن: ألا يقاتل غير المقاتلين
*ومن ضوابط الشريعة فيما يتعلق بباب الجهاد: ألا يقاتل غير المقاتلين، فالنساء والصبيان والشيوخ الكبار ومن لا يقاتل، لا يشرع قتالهم، ولا يعد قتالهم من الجهاد الشرعي، وقد وجد النبي -صل الله عليه وسلم- في بعض مغازيه امرأة مقتولة، فقال -صل الله عليه وسلم-: «مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتِلُ فِيمَنْ يُقَاتِلُ»( 21).
وقد جاء في عدد من النصوص الواردة عن الأئمة: أبي بكر، وعمر، وعثمان -رضي الله عنهم- في إرسالهم للجيوش والسرايا أنهم يوصونهم: ألا يقتلوا وليدًا، ولا شيخًا فانيًا، ولا امرأة، ولا معتزلا في صومعة، وهم في هذا مقتدون بالنبي -صل الله عليه وسلم فإنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللهِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: «اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا»( 22).

*ومن ضوابط الجهاد فيما يتعلق بهذا الشرط أن يلاحظ أن مقاتلة العدو لبعض المسلمين لا يعني أنه بذلك قد نقض العهد بينه وبين بقية المسلمين، وهذه قاعدة قد يغفل عنها بعض الناس، وذلك أنه إذا وجد عهدًا وميثاقًا بين أهل الإسلام وبين غير المسلمين بعدم المقاتلة، ولم يحتو ذلك الصلح والعهد عدم مقاتلة العدو لمسلمين آخرين، فإنه حينئذ لا يعد ذلك نقضا للصلح، ولا يعد نقضا للعهد والميثاق، ويجب الوفاء بذلك العهد والميثاق.

دليل ذلك أن النبي -صل الله عليه وسلم- لما صالح قريشًا وقامت قريش بعد ذلك بإيذاء المسلمين الذين في مكة وتعذيبهم من أجل صدهم عن دينهم، لم ينقض النبي -صل الله عليه وسلم- العهد الذي بينه وبين أهل مكة، ويدل على هذا قوله -جل وعلا-: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ} [سورة الأنفال : الآية 72] فدل ذلك على أن المواثيق لا تنتقض بمقاتلة العدو لبعض المسلمين، إذا لم يكن من بنود الصلح والعهد أن الصلح ينتقض بمثل ذلك.

ومما يتعلق بهذا الشرط: أن بعض الناس يتوسع في هذا الباب ويزعم أن كل معاون للعدو فإنه يشرع قتاله وجهاده، ولو كانت معاونته بغير أمر متعلق بالقتال، وهذا الفهم فهم خاطئ وليس من مدلول الأحكام الشرعية، فعندما يأتي إنسان ويقول: من عامل غير المسلمين فإنني أستبيح قتاله، وأنقض العهد الذي بينه وبين غيره بسبب هذا الفعل الذي وقع منهم. فنقول: هذا خطأ ومخالف للشرع، وليس من أحكام الإسلام في شيء، وذلك أن الناس يتعاملون مع غير المسلمين بيعًا وشراء مما لا يتضمن إعانتهم في قتالهم على عدوهم المسلم، ولم يكن ذلك مبيحا لانتقاض العهد معهم.

الشرط التاسع: إعداد العدة والتخطيط له 
ومن شروط الجهاد: أن الجهاد لا بد أن يكون بإعداد وتخطيط وبتجهيز مسبق، فإن لم يكن الأمر كذلك فإن هذا ليس مما يوافق مقصد الإسلام مما يتعلق بالجهاد، قال ابن قدامة: قال الإمام أحمد: "لا يعجبني أن يخرج المسلم مع القائد إذا عُرِفَ بالهزيمة وتضييع المسلمين، وإنما يغزو مع من له شفقة وحيطة على المسلمين"(23 ).

الشرط العاشر: لا جهاد بغير علم 
المقصود أن باب الجهاد باب شرعي لا بد فيه من مراعاة الشروط والضوابط الشرعية، ومن أدَّاه على غير وجهه لا يكون بذلك موافقا للشرع، وقد يكون فعله مما ينتج ضررًا وسوءًا وخطيئة أعظم مما يحققه من مصالح ومن تحقيق لمقاصد دين الإسلام.

العلم قبل القول والعمل
إن مما يجب التنبيه عليه: أن حاجة أهل الإسلام إلى تعلم العلم، ونشر العلم في الناس أعظم من حاجتهم إلى الجهاد، وذلك أن الجهاد لا يصح إلا بمراعاة ضوابطه، وضوابطه لا تعرف إلا من خلال العلم الصحيح، ومن هنا فلا بد أن يُقَدَّمَ العلم على العمل ومنه الجهاد، وما زال الأئمة يقررون أن العلم يكون قبل العمل، ويدل هذا على فضيلة العلم، وأن العلماء أفضل من المقاتلين ومن المجاهدين، ويدل عليه قول النبي -صل الله عليه وسلم-: «فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ»( 24) وقوله -صل الله عليه وسلم-: «وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ»( 25)، ففضل العالم على بقية أهل العبادة -ومنهم أهل الجهاد-، ويدل على هذا أيضا قول الله -عز وجل-: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا} [سورة النساء : الآية 69]، فقدم الله -عز وجل- رتبة الأنبياء، ثم جعل بعدهم الصديقين، ويشمل هذا اللفظ أهل العلم واليقين والتصديق الجازم، فقدمهم على الشهداء، ومن المعلوم أن أعظم مراتب الجهاد مرتبة الشهادة، وهذا يدلك على فضيلة العلم، وعظم مكانته، ورفعة منزلة أهله، ويدلنا هذا على شدة الحاجة لتعلم العلوم، لأن الناس إذا ضبطوا أفعالهم بالضوابط الشرعية المأخوذة من العلم الصحيح اندحرت شرور كثيرة.

إن من دخل باب الجهاد من غير معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة به، أحدث شرًّا عظيمًا وفسادًا كبيرًا، من سفك الدماء، وتفريق المسلمين، وتسليط أعدائهم عليهم، إلى غير ذلك من المفاسد الشنيعة التي حصلت من فعل هؤلاء، وما سبب ذلك إلا أن عملهم لا يرتبط بعلم صحيح.

من هنا نعلم أن من أعظم ضوابط الجهاد الشرعي أن يكون مبنيا على علم صحيح مأخوذ من الكتاب والسنة، ولو علم الأعداء بما يحدثه العلم وما ينتجه من ضبط لتصرفات المسلمين لكان ذلك داعيا لجعلهم يحاولون نشر العلم الشرعي، ففي العديد من دول غير المسلمة تكون هناك جاليات مسلمة عديدة إذا لم يكن عندهم تأصيل شرعي وعلم صحيح وعندهم عاطفة نحو دينهم، قد يستغلهم بعض الناس في فعل بعض الأفعال باسم الإسلام، وباسم الجهاد، وباسم نصرة الدين، ونصرة النبي -صل الله عليه وسلم-، فيكون ذلك سببا في إحداث فوضى عندهم.

فلو علموا مقدار العلم ومدى أثره في ضبط تصرفات أهل الإسلام، وجعلهم لا يحدثون مخالفة للشرع، ولا ضررًا للناس لكانوا من أعظم الناس حرصا على نشر العلم الصحيح المأخوذ من الكتاب والسنة. 

حماية البلاد من تسلط الأعداء من الجهاد
إن عمل الذين يحمون المسلمين من الشرور والضرر والفساد، متى قصدوا به التقريب لله -عز وجل- كان مما يدخل في باب الجهاد، ومما يؤجر عليه العبد أجر المجاهدين والمرابطين، ومن أمثلة ذلك حماية حدود البلد من شر أعدائنا، ومن دخول ما يفسد العقول وينتج أمورًا مخالفة للشرع. 

ومما يدخل في الجهاد ما يؤديه أولئك الذين ينتظمون في سلك الجيوش، يتقربون بذلك إلى الله بحماية بلاد المسلمين من تسلط الأعداء عليها، فهؤلاء مما يدخل عمله في مفهوم الجهاد الشرعي. 

ومن ذلك أيضا ما يؤديه رجال الأمن الذين يحمون الأمة من شرور المجرمين، الذين يريدون سفك الدماء، أو أخذ الأموال، أو إحداث الاضطراب في الأمة، أو زعزعة ثقة الناس في ولاة أمورهم، كل هذا مما يدخل في مفهوم الجهاد الشرعي.

سؤال أهل العلم فيما يُشْكِلُ
إنَّ الشريعة نظمت هذا الباب، وأتت فيه بقواعد بينة واضحة جلية، وشروط ناصعة بَيِّنَة، ومن أشكل عليه شيء في هذا الباب وجب عليه مراجعة أهل العلم وسؤالهم فيه، لأن الله -عز وجل- قد أمر بالرجوع إليهم خصوصًا في هذا الباب، قال -سبحانه-: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلًا}[سورة النساء : الآية 83] ويقول -جل وعلا-: {وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [سورة التوبة : الآية 122]، فأوجب الله -عز وجل- الرجوع إلى أولئك الذين تفقهوا في الدين، وبَيَّنَ أن العاقل يحذر من مخالفة قول هؤلاء الفقهاء، فقال -سبحانه-: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [سورة النحل : الآية 43].

للاستزادة اقرأ هذا الموضع:
صفات العلماء ومنزلتهم وصفات الرؤوس الجهال

شبهات وردود
إن بعض الناس يقول: باب الجهاد باب مستقل، فإذا أردنا أن نسأل فيه فينبغي أن نسأل المجاهدين، الذين زاولوه وعرفوا أحكامه.

هذا الكلام خطأ، مخالف لأحكام الشريعة، وليس من الشرع في شيء، وذلك أن الله -عز وجل- لم يوجب الرجوع إلى الْعُبَّادِ في عباداتهم، فلو قال قائل: أنا عندي مسألة في الصلاة سأرجع إلى ذلك الشخص الذي يصلي طول ليله، ولم يكن لديه علم شرعي. فهذا الكلام خطأ غير مقبول، لأن هذا المرء تقرب إلى الله بعبادة الصلاة، لكنه ليس لديه علم يحيط به بأحكام الصلاة، وإنما يرجع فيه إلى العلماء، ولذلك قال -سبحانه وتعالى-: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [سورة النساء : الآية 83]، يعني لعلمه الذين يتمكنون من إخراج الأحكام من الأدلة.

فكون المرء غير عارف لدلالة الأدلة الشرعية، وليس لديه القدرة على فهم الأدلة، ولا يعرف طرق الفهم والاستنباط، ولا دلالات الألفاظ، فهذا لا يجيز له أن يفسر كلام الله، ولا أن يثبت حكما شرعيًا، ولا يجيز لنا نحن أن نرجع إليه وأن نسأله عن أحكامنا، فإن الله قال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [سورة النحل : الآية 43]، ولم يقل: أهل العمل الذي تعملونه.

فالمقصود أنه إذا أشكل على العبد في هذا الباب شيء، فإنه يرجع فيه إلى علماء الشريعة، أهل الاجتهاد، الذين لديهم قدرة على معرفة الأدلة، وفهمها، وتنزيلها على مراد الله ومراد رسوله -صل الله عليه وسلم-، ويعرفون مواطن الاتفاق والاختلاف، ويعرفون من دلالة اللغة ما يمكنهم من فهم مدلول هذه الأدلة.

يجب العلم بدقائق أحكام الجهاد
لا بد في الجهاد الشرعي من معرفة أحكامه الدقيقة، وذلك أن الجهاد يترتب عليه مسائل شرعية، من أمثلة ذلك: أنه عند الجهاد والقتال إذا قال العدو: لا إله إلا الله قَبْلَ قَتْلِهِ حَرُمَ على الإنسان أن يقدم على قتله، كما ورد في حديث أسامة -رضي الله عنه- فإنه قد صاول أحد المشركين في القتال، فلما تمكن منه أسامة وأراد قتله قال المشرك: لا إله إلا الله. فقتله أسامة -رضي الله عنه-، وأخبر النبي -صل الله عليه وسلم- بذلك، فقال النبي -صل الله عليه وسلم-: «يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا، قَالَ: فَقَالَ: «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟» قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. (26) 

فدل هذا الحديث على أنه لا بد من معرفة أحكام الشرع فيما يتعلق بالجهاد قبل الولوج إليه، ليعرف دقائق التفاصيل فيما يؤديه من الأعمال قبل أن يقدم عليه، وقد حكى الأئمة الاتفاق والإجماع على أنه لا يجوز للعبد أن يقدم على عمل قبل أن يعرف أحكام الله فيه، حتى لا يؤدي ذلك العمل على غير طريقة الشريعة وهديها. 

ومن هنا يتبين لنا أن المرء قبل أن يقدم على عمل لا بد أن يعرف حكم الله فيه، هل هو مما يحبه الله ويرضاه، أو مما يسخطه ويأباه، هل هذا العمل يحقق مقصد الشريعة، أو هو مما ينافي أحكام الشريعة، ولا يكون ذلك إلا بالرجوع إلى علماء الشريعة الذين يعرفون مقاصد الشرع، ويعرفون أدلة الشريعة.

فإن قال قائل: إنه قد يأتيني آتٍ بدليل من الكتاب والسنة فكيف أخالفه؟ وكيف أراجع فيه؟ وكيف أسأل غيره وقد جاءني بدليل واضح جَلِيٍّ؟ 

فنقول: إن أدلة الشريعة منها ناسخ ومنسوخ، ومنها ما هو عام، وما هو مفسر، وما هو مخصص، وهناك أعمال وردت في الشريعة جاءت نصوص أخرى ببيان المراد بها تعريف حقيقتها، وبيان شروطها وضوابطها، فلا بد من مراعاة الأدلة الشرعية، ومن نظر في دليل واحد فقط، ولم ينظر إلى بقية أدلة الشريعة فهو كالأعور الذي لا يلاحظ الأمر من جميع جوانبه، ومن هنا لا يصح لك أن تعمل بقول كان كذلك ولو أورد عليك دليله، لأنه لم يورد عليك إلا دليلًا واحدًا، وأضرب لذلك مثلا: لو جاءنا إنسان وقال: هذه المرأة مطلقة، والمطلقة يجب عليها أن تعتد بثلاث حيض لقول الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [سورة البقرة : الآية 228]، وكان الأمر أن تلك المطلقة طُلَّقَتْ قبل دخول الزوج بها، فنقول حينئذ: هناك دليل آخر في هذه المسألة بخصوصها وهو أن الله -عز وجل- قال: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِن عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [سورة الأحزاب : الآية 49].

ففي باب الجهاد، إذا جاءك من يقول إن الله تعالى يقول :{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الكُفَّارِ} [سورة التوبة : الآية 123] نقول: لا بد من معرفة الشروط والضوابط التي وردت في الأدلة الأخرى، لأن الشريعة بمثابة دليل واحد، لا بد من النظر إليها جميعا. ومن جاءنا واستدل بقوله -جل وعلا-: {جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}[سورة التوبة : الآية 73] وقال: نريد أن نقاتل أولئك المنافقين الذين يعيثون في دين الإسلام، وينشرون الفسق، والكلام الرديء المخالف للشريعة. قلنا: هذا فهم خاطئ، لأن النبي -صل الله عليه وسلم- أعرف منك بمدلول هذه الكلمة، وهو خير من فهم القرآن، وخير من طبق القرآن، وإذا أردنا أن نجاهد الكفار بحسب المنطوق الشرعي فعلنا مثل فعل النبي -صل الله عليه وسلم-.

فمن جاءنا بدليل قلنا: لا بد أن ننظر إلى بقية الأدلة، خصوصا إذا كان من جاء به لم يُعْرَفْ بعلم سابق، وليس ممن شهد له علماء الشريعة بالفهم والرسوخ في العلم، فمثل هذا لا يعتمد على قوله، ولا يلتفت إليه، ولا يكون قوله منطلقا لنا في أعمالنا، لأنه حينئذ يكون ممن عصى الله بهذه المقالة، لأنه نسب إلى شرع الله وإلى دينه ما ليس متأكدًا منه، وما لا يبنيه على فهم صحيح ولا اجتهاد مؤصل من كتاب وسنة.

من هنا نعلم أن دعوات بعض الناس للجهاد في مواطن شتى لا يستجاب لها مباشرة، ولا يبادر إلى السماع لها، والاستجابة حتى تتحقق الشروط الشرعية في هذا الفعل، فلا بد من أن يكون هناك استئذان من الإمام، ولا بد أن يكون هناك مصلحة شرعية، وقدرة، ومكافأة، ومراعاة للعهود والمواثيق.

ومما يتعلق بهذا أن من دخل بلاد غير المسلمين لعمل من الأعمال إما تجارة، أو سفارة أو لغير ذلك من الأعمال وجب عليه الالتزام بالنظم التي في ذلك البلد، وحرم عليه نقض العهد الذي بينه وبينهم، لأنه لم يدخل بلدهم إلا بتصريح وتأشيرة تتضمن موافقته على أنظمة ذلك البلد، وعدم إحداث شيء من الإفساد فيها.

ومن دخل بلدانهم وجب عليه أن يفي بمثل ذلك، وحرم عليه نقض العهد الذي بينه وبينهم، ولا يجوز له أن يحدث شيئًا من الخلل والفساد، ولو كان ذلك بادعاء أنه من الجهاد، هذا ليس من الجهاد في شيء، بل هو من مخالفة الشريعة، ومن مناقضة مقاصدها.

خاتمة
أحكام الجهاد كثيرة عديدة وشروطه لا يمكن أن نستوعبها، وإنما أوردنا أهم ما يتعلق بهذا الباب مما يحتاج إليه الناس في عصرنا.

نسأل الله -جل وعلا- أن يرزقنا علما نافعا، وعملا صالحا، وأن يجعلنا هداة مهتدين، وأن يهدي ضال المسلمين للهدى والحق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه وسلم. 

كلمة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

إن موضوع الجهاد أمر يغلط الكثير فيه، ما بين مفرط، وغالي، وجافي، وما بين متناسي للآيات والأحاديث في فضله، وما بين من حملها على غير مدلولها.

مفهوم الجهاد
هذا الموضوع العظيم موضوع مهم يحتاج إلى فهمه على وفق ما دل الكتاب والسنة عليه، إن الله -جل وعلا- جعل الجهاد باليد واللسان والقلب فقال: {وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [سورة الفرقان : الآية 52]، أي: بالقرآن، فالجهاد ليس مجرد المصافة والقتال، إنما الجهاد أعم من ذلك، فالداعي إلى الله مجاهد في سبيل الله، والخطيب إذا خطب، ونصح، ووجه، وبَيَّنَ هو من المجاهدين، المعلم إذا عَلَّمَ وأحسن فهو من المجاهدين، والْمُرَبِّي إذا رَبَّى وأحسن فهو من المجاهدين، والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، والآخذ على يد السفيه من المجاهدين، والحاكم بالعدل، والساعي في مصالح الأمة، والساهر على أمنها وطمأنينتها وراحتها من قياداتها هم من المجاهدين.

إن حقيقة الجهاد تحقيق عدل الله في الأرض، بأن تكون كلمة الله هي العليا، وبأن يكون الحكم لله، والتحاكم لدينه وشرعه، وقتال من يقف أمام هذه الأمة، فإن الجهاد لم يأتي بسفك الدماء، ونهب الأموال، واستباحة الذرية، بل جاء لإقامة عدل الله قال -تعالى-: {وَقَاتِلُوَهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [سورة الأنفال : الآية 39]، فمتى تحقق انتفاء الفتنة، وكون الدين كله لله كنا بذلك محققين.

ا


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الإثنين 23 سبتمبر 2013 - 21:35 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 74194
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه   مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه Emptyالإثنين 23 سبتمبر 2013 - 21:34

الجهاد ليس معناه الإكراه

إن الجهاد لم يأت لفرض الدين على الناس بالقوة، فهذا المفهوم ليس صحيحًا، لأن الله يقول: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ} [سورة البقرة : الآية 256]، وكان الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين- في جهادهم يزيلون العقبات التي تقف أمامهم حائلة بين بلوغ كلمة الله وشرعه إلى الجميع، فمتى أزالوا العقبات نشروا عدل الله، فدخل الناس في دين الله أفواجًا عن قناعة واختيار، لما رأوا أولئك القوم الذي صلحت سريرتهم، واستقام ظاهرهم، وكانوا خير الناس عدلًا، وإنصافًا، وإمامة، وقدوة، وتطبيقا، فاستقام الناس على الهدى ودخلوا في دين الله أفواجا. 

إن محمدًا -صل الله عليه وسلم- دعا بمكة بضع عشرة سنة يصارع الوثنية وأربابها، ويجادلهم بالحق، ويقيم الحجة عليهم ما أسلم إلا القليل، وهاجر إلى المدينة، وجرى بينه وبين قريش وقعة بدر، وأحد، والأحزاب، وجاء صلح الحديبية وما حصل فيه من خير، أمن الناس واتصل بعضهم ببعض، فدخل في دين الله من العرب أعظم مما دخل من قبل.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. 
الأسئلة

سماحة الشيخ يقول السائل من البحرين: ما هو الجهاد الصحيح في هذا الزمن، وهل يوجد جهاد الآن؟ وجزاكم الله خيرًا.

يا إخواني الآن نحن بأمس حاجة إلى أن نجاهد أنفسنا، أنفسنا اليوم فيها أمراض الذنوب والمعاصي، فَحَرِيٌّ بنا أن نجاهد أنفسنا اليوم، ونجاهد أولادنا، وأهلينا، ونجاهد شبابنا بالدعوة إلى الخير، وحملهم على الخير، ما أمكن، نحن والله بأمس الحاجة إلى أن نعود على أنفسنا وننظر عيوبها، وننظر ماذا وقعنا فيه من الخلل، لعل الله أن يَمُنَّ علينا بتوبة نصوح.

يقول السائل: سماحة الشيخ ما الفرق بين الجهاد الشرعي الذي له ضوابط، والجهاد المزيف؟ لأنه في هذه السنوات ما يحصل من تفجيرات بالحزام الناسف وغيره، وما وقع فيه الشباب يحتاج إلى توجيه، فنرجو التوجيه، وجزاكم الله خيرًا.

أصل هذه التفجيرات والفتن التي يسمونها جهادًا كذبا وافتراء، قتل الأبرياء بهذه الحزامات النارية، التي ربما هذا المنتحر -نسأل الله العافية- يقدم النار، وقد قتل مئات من الناس بلا ذنب، ولا جرم، لا شك أن هذه قضايا خطيرة، هذه التفجيرات -نسأل الله العافية- هذه ظلم وعدوان، وسفك للدماء بغير حق، هؤلاء ما جاءوا يدعون ولا يصلحون، إنما جاءوا لينشروا الرعب في المجتمعات، فما تسمعون من تفجير بهذه الأنواع من التفجيرات العظيمة التي صنعها أعداؤنا، وجعلوا بلادنا ميدان التجارب فيها، وبلادهم لا يقع فيها شيء من ذلك، نسأل الله العافية، هذه التفجيرات بلاء، نسأل الله العافية.

يقول السائل: سماحة الشيخ، يغتر كثير من المسلمين بالمدعو أسامة بن لادن، ويقولون: لم يرفع أحد راية الجهاد ضد الكفار إلا هو، فهل من كلمة أبوية لأبنائك الشباب خصوصا، وللمسلمين عموما.

هذه الدعاوى الباطلة، وهذه الأهداف الخاطئة -نسأل الله العافية-، ماذا قدم هؤلاء، هم ليسوا قدوتكم، إن قدوتكم محمد -صل الله عليه وسلم-، وصحابته -رضوان الله عليهم- ، والتابعون لهم بإحسان، والذين رفعوا لواء الحق والعدل والدعوة إلى الله، أما من يده مع يد الأعداء فكيف يكون مجاهدًا.

هذه كلها دعايات الإسلام بريء من سفك الدماء، والظلم والعدوان، الإسلام دين الرحمة ليس فيه ظلم وعدوان، هذه الأمور -نسأل الله العافية- ليست إسلامًا، فلا نغتر بهذه الرموز هؤلاء أفسدوا ولم يصلحوا، إنما هم شوكة في حلوق المسلمين، لم يحققوا هدفا، ولم يسعوا إلى خير، نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية. 

يقول السائل: سماحة الشيخ نرجو شرح حديث: «سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَالَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ»(27)، فما المقصود بالظلم؟ وما هي الراية الصحيحة في الجهاد؟

قول النبي -صل الله عليه وسلم-: «كلمة حق عند سلطان جائر»، ليس معناه أن أُعْلِنَ على الملإ، وأن أرفع صوتي، وأن أنشر العيوب، لا. كلمة الحق أن تنصح توجه بينك وبينه، بالطرق الشرعية التي تحقق الهدف، أما نشر المعائب أمام الناس، والتحدث أمام الملأ ، فهذه ليست نصيحة، هذه فضيحة، المسلم ليس له هدف في أن يفضح، ليس المسلم بالسَّبَّاب، ولا باللعان، ولا بالفاحش، ولا بالبذيء، لكنه يقول كلمة الحق بصراحة، لكن بطرقها الشرعية، وقنواتها الصحيحة، ويوصلها بهدف أسمى، يقصد بذلك المنفعة.

أما من يأتي ويتكلم في الولاة بلا برهان ولا حجة، ولكن شيء في نفسه ليحاول انتقاص هيبة الوالي، أو أن يوجد بلبلة بين الناس، هذا ليس سلوك الناصحين، هؤلاء ليس لهم هدف أسمى الذي هدفه النصيحة يعرف لها طرقها ومكانتها. 

يقول السائل: سماحة الشيخ حديث «وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إِلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِي الدَّجَّالَ»(28)، كيف نفسره؟ وهل هناك جهاد في هذ الزمن؟

هذا حق، لكن الله حكيم عليم، ما كل وقت يناسب الجهاد، الآن الأوضاع في العالم معقدة، وتصارع سياسي معقد، وأمور قد تسمع اليوم كلاما، وينتقض في اليوم الآخر، وسياسات لا تستطيع الحكم عليها، وأمور مختلفة.

الجهاد يحتاج إلى دعوة صادقة، وتربية جيدة، أما وقتنا الآن كما تشاهدون الصراع السياسي بين العالم والأفكار، وتصارع الأفكار والمطامع، إلى غير ذلك، العالم الآن في اضطراب لا تدري ولا تستطيع أن تسبر ما يقع في العالم، لأنها أمور وراءها من وراءها مما قد لا يكون ظاهرًا في الساحة، لكن الله حكيم عليم.

المسلم يعلم أن دين الله منصور، وأنه لا يزال في الأرض من يقيم حجة الله على العباد، وأن الله لن يخلي هذه الأمة على رأس قرن أن يهدي لها من يجدد لها أمر دينها ويعيدها إلى الصواب، نسأل الله أن يحفظ علينا إسلامنا.

يقول السائل: سماحة الشيخ هناك من يقول: إنه لا يشترط في الجهاد أن تكون هنالك قوة، ويستدل بأن عدد المسلمين في غزوة بدر، وأحد، وجميع المعارك الإسلامية كان قليلا، فما توجيه سماحتكم.

قال الله تعالى:{الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ} [سورة الأنفال : الآية 66]، بعد أن كان في أول الوحي عشرة، خفف الله ذلك عن الصحابة يوم أحد، فيوم بدر كانوا ثلاثمائة وعشرين وكذا، وقريش تسعمائة، ويوم أحد كان النبي -صل الله عليه وسلم- معه تسعمائة والمشركين ثلاثة آلاف، يعني هناك شيء من التعادل، لكن هذه الأمور تحتاج إلى تربية وإيمان قوي، متى وجد الإيمان والثقة بالله، وقوة العقيدة، وصلاح السريرة، والتدريب النافع، وتهيئة الظروف المناسبة، فليس كل ظرف مهيأ، النبي بقي بمكة ثلاثة عشر سنة، لم يكن فيها جهاد، أُذِنَ له بعد أن هاجر بقتال من قاتل، فالمسألة تحتاج إلى تأسيس، أيام التتر كان من أسباب خروجهم خطأ بعض أمراء تلك المناطق الذين هاجموهم ونهبوا تجارتهم، فتسلط التتر على المسلمين حتى أوقعوا فيهم ما أوقعوا.

إن الأمور إذا ما أحكمت، وسيست سياسة شرعية ربما تكون بعض التحركات سببا لضر المسلمين، فلا بد من تعقل الأمور. 

سماحة الشيخ يقول السائل: ما رأي سماحتكم فيمن يقول: إن الدين الإسلامي انتشر بالسيف، هل هذا صحيح أم خطأ؟ ونرجو الرد على دعوى الكفار أن محمدًا -صل الله عليه وسلم- نشر دينه بالقوة. 

هذا كله خطأ وتشويه، الإسلام انتشر بالدعوة الصادقة، وقتال من وقف أمام الدعوة.



وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. 

************************************************** ************************************

( 1) أخرجه البخاري (6/2551، رقم 6554)، ومسلم (1/204، رقم 225).

( 2) أخرجه البخاري (3/1155، رقم 2995).

( 3) أخرجه أحمد (2/291، رقم 7897).

( 4) أخرجه أحمد (3/124، رقم 12268) ، وأبو داود (3/10، رقم 2504) ، والنسائي (6/7، رقم 3096).

( 5) أخرجه البخاري (6/2612، رقم 6723).

( 6) أخرجه البخاري (9/47، رقم 7053)، ومسلم (3/1478 ، 1849) واللفظ له.

( 7) أخرجه البخاري (3/1219، رقم 3166) ، ومسلم (2/741، رقم 1064).

( Cool أخرجه البخاري (3/1321، رقم 3415) ، ومسلم (2/746، رقم 1066).

( 9) أخرجه البخاري (1/36، رقم 123) ، ومسلم (3/1513، رقم 1904).

( 10) أخرجه البخاري (1/3 ، رقم 1) ، ومسلم (3/1515 ، رقم 1907) .

( 11) أخرجه البخاري (5/2285، رقم 5823) ، ومسلم (3/1359، رقم 1735).

( 12) أخرجه البخاري (1/21، رقم 34) ، ومسلم (1/78، رقم 58).

( 13) المغني (9/242) .

( 14) أخرجه البخاري (3/1080، رقم 2797) ، ومسلم (3/1466، رقم 1835).

( 15)أخرجه البخاري (2/651، رقم 1737) ، ومسلم (2/986، رقم 1353).

( 16) أخرجه مسلم ( 6 / 23 ، رقم 4826 ) .

( 17) أخرجه مسلم (3/1480، رقم 1853) .

( 18) أخرجه البخاري (6/2588 ، رقم 6646) ، ومسلم (3/1477 ، رقم 1849) .

( 19) أخرجه مسلم (3/1476 ، رقم 1847) .

( 20) أخرجه البخاري (3/1094، رقم 2842) ، ومسلم (4/1975، رقم 2549).

( 21) أخرجه أحمد (3/488، رقم 16035) ، وأبو داود (3/53، رقم 2669)، وابن ماجه (2/948، بعد رقم 2842).

( 22) أخرجه مسلم (3/1357، رقم 1731) .

( 23) المغني (9/201).

( 24) أخرجه الترمذي (5/50، رقم 2685).

( 25) أخرجه أحمد (5/196، رقم 21763)، وأبو داود (3/317، رقم 3641)، والترمذي (5/48، رقم 2682)، وابن ماجه (1/81، رقم 223).

( 26) أخرجه البخاري (5/144، رقم 4269 ) ، ومسلم (1/97، رقم 96).

( 27) أخرجه الحاكم (3/215، رقم 4884) .

( 28) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9/262، رقم 18480) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 74194
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه   مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه Emptyالإثنين 23 سبتمبر 2013 - 21:38

الجهاد ضوابطه وشروطه



للشيخ د.صالح بن فوزان الفوزان





مقدمة:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على مَن بعثه الله رحمة للعالمين بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا مُنِيرًا، ثم أما بعد فإنكم في هذه الليلة تستمعون إلى محاضرة بعنوان: "الجهاد ضوابطه وأحكامه" يلقيها علينا الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء، وخطيب جامع الأمير متعب بمدينة الرياض فليتفضل مشكورًا مأجورًا.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدًا، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد، فإن موضوعنا الذي سنتكلم فيه هو الجهاد في سبيل الله وضوابطه وأحكامه؛ لأنه موضوع مهم، زَلَّت به أقدام، وضَلَّت فيه أفهام، فلا بد من البيان والإيضاح مهما أمكن، ذلك ليكون الناس على بصيرة وعلى بينة من أمرهم في هذا الموضوع الذي لُبِّس فيه على الناس كثيرًا، أو جَهِله مَن جهله، وجَحَده مَن جَحَده ونفى أن يكون الإسلام قد جاء بالجهاد، إلى غير ذلك من الشبهات والجهالات في هذا الموضوع.

إن الجهاد هو استفراغ الجهد والطاقة لنشر الإسلام والدعوة إليه؛ لأن الله بعث نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى العالمين بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وقد قام صل الله عليه وسلم بما أوجب الله عليه من دعوة البشرية إلى هذا الدين والجهاد في سبيل الله عز وجل لمن عاند وكابر، لأجل أن يأخذ هذا الدين طريقه إلى البشرية، فيهتدي من اهتدى بإذن الله، وتقوم الحجة على من ضل وعاند.

فضل الجهاد في سبيل الله:

إن الجهاد في سبيل الله عز وجل فضله عظيم، وذلك كما أخبر جل وعلا: ﴿لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى القَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [سورة النساء : الآية 95-96 ].

وقال النبي صل الله عليه وسلم: «إِنَّ فِى الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ»(1 ) إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على الأمر بالجهاد وبيان فضله من الكتاب والسنة.

والجهاد شريعة قديمة جاءت به الأنبياء قبل نبينا محمد صل الله عليه وسلم، فهذا كليم الله ورسوله موسى عليه الصلاة والسلام خرج ببني إسرائيل بعدما نجاهم الله من فرعون وجنوده، خرج بهم إلى بيت المقدس ليخلصهم من أيدي الجبابرة الكفار، قال تعالى حكاية على لسان موسى عليه السلام: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ العَالَمِينَ يا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾ [سورة المائدة : الآية 20-21].

لكن بني إسرائيل جبنوا عن قتال الكفار: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ البَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ [سورة المائدة : الآية 22-24]

قال موسى عليه الصلاة والسلام: ﴿رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ القَوْمِ الفَاسِقِينَ﴾ [سورة المائدة : الآية 25]، فقال الله جل وعلا: ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ﴾ [سورة المائدة : الآية 26] أي: ممنوعون من دخولها، ﴿أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى القَوْمِ الفَاسِقِينَ﴾ [سورة المائدة : الآية 26]، عاقبهم الله بالتيه أربعين سنة؛ لأنهم لم يستجيبوا لنبيهم ورسولهم في الجهاد في سبيل الله وتخليص بيت المقدس من أيدي الكفرة؛ لأن الجبن أقعدهم عن ذلك، ثم بعد ذلك قام خليفة موسى يوشع بن نون عليه السلام فقاد بني إسرائيل، قاد من تبقى منهم ومن تربى على الشجاعة في الصحراء فقادهم، ودخل بيت المقدس وفتحه الله على يديه، وخَلَّصه من أيدي الجبابرة، وكذلك الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى، كما في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى المَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلًا مِّنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بَالظَّالِمِينَ﴾ [سورة البقرة : الآية 246] إلى قوله تعالى: ﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ المُلْكَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [سورة البقرة : الآية 251] قتل داودُ - وكان في جندِ طالوتَ - قائدَ الجيش، قتَلَ مَلِكَ الكفرةِ، وانهزم الكُفَّار بسببِ الجهاد في سبيل الله ﴿وَآتَاهُ اللَّهُ المُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ﴾ [سورة البقرة : الآية 251].

انظروا إلى قولهم لنبيهم: ﴿ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [سورة البقرة : الآية 246]. دل على أن أمر الجهاد يرجع إلى ولي الأمر، ويُطْلَب منه أن يُنْفِذَ الجهاد، ويرتب الجهاد والجنود والجيوش ويوجهها، وليس الجهاد فوضى، كلٌّ يأخذ سلاحه ويقول: أنا أجاهد. بدون قيادة، بدون طاعة ولي أمر المسلمين، هذه فوضى وليست من الجهاد في شيء، وهذا يَجُرُّ على المسلمين شَرًّا كثيرًا، انظر إلى طلبهم من ولي أمرهم: ﴿ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [سورة البقرة : الآية 246].

والله جل وعلا قال: ﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا﴾ [سورة آل عمران : الآية 146].

قوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ﴾ [سورة آل عمران : الآية 146] يعني كثيرًا من الأنبياء، ﴿قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ﴾ [سورة آل عمران : الآية 146] أي: أتباع له من المؤمنين به ﴿فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ﴾ [سورة آل عمران : الآية 146- 147].

وكذلك سليمان عليه السلام لَمَّا بلغه أن بلقيس تملك قومها، وأنهم يسجدون للشمس من دون الله ويشركون بالله، راسلهم، فأهدوا إليه هدية ليستكشفوا شأنه، هل هو يريد طمعا دنيويا أو هو جادٌّ في القتال، أرسلوا إليه بهدية، فعند ذلك أظهر سليمان عليه السلام القوة والشجاعة ﴿قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهَُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [سورة النمل : الآية 36- 37].

فالجهاد في سبيل الله شريعة قديمة على ألسن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولَمَّا بعث الله نبيه محمدًا صل الله عليه وسلم أمره بالجهاد، وذلك بعدما صار في المسلمين قوة واستعداد، أمره الله جل وعلا بالجهاد في سبيله لإعلاء كلمة الله ونشر هذا الدين في الأرض، وتخليص مَن وقع عليهم الذل والقهر، ومنعوا من الدخول في الإسلام.

فالله أمر رسوله صل الله عليه وسلم بالجهاد، فما هو الغرض؟ هل الغرض هو الاستيلاء على الممالك والتوسع في الملك؟!

لا، هذا أمر تابع، وليس مقصودًا، وإنما المقصود هو إعلاء كلمة الله عز وجل، وإظهار دينه كما في قوله جل وعلا: ﴿وَقَاتِلُوَهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ [سورة الأنفال : الآية 39] وكما في قوله سبحانه: ﴿قَاتِلُوَهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا المُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً﴾ [سورة التوبة : الآية 14- 16].

فالجهاد أمر قائم إلى أن تقوم الساعة، ماضٍ مع كل إمام من أئمة المسلمين، سواءً كان بَرًّا أو فاجرًا، وهذا من عقيدة المسلمين، فإن في كتب العقائد يقولون: والجهاد ماضٍ مع كل إمامٍ بَرًّا كان أو فاجِرًا، وفي الحديث الشريف: «ثَلاَثَةٌ مِنْ أَصْلِ الإِيمَانِ: الْكَفُّ عَمَّنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ تُكَفِّرْهُ بِذَنْبٍ، وَلاَ تُخْرِجْهُ مِنَ الإِسْلاَمِ بِعَمَلٍ، وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِىَ اللَّهُ إِلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِى الدَّجَّالَ لاَ يُبْطِلُهُ جَوْرُ جَائِرٍ وَلاَ عَدْلُ عَادِلٍ وَالإِيمَانُ بِالأَقْدَارِ»(2 )

متطلبات الجهاد:

لا بد للجهاد من أمور:

أولاً: الدعوة إلى الله عز وجل.

لا بد أن يسبق الجهاد الدعوة إلى الله عز وجل، فلا يُبْدَأ في القتال قبل الدعوة، ولهذا كان النبي صل الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الإسلام، ويكاتب الملوك ملوك الأرض والرؤساء يدعوهم إلى الإسلام تمهيدًا للجهاد في سبيل الله، فلا بد من الدعوة أولا إلى الإسلام، تبيلغ الناس هذا الدين وهو الإسلام، فمن قَبِلَه ودخل فيه فالحمد لله، وهذا هو المطلوب، ومن أبى وعاند وكابر بعد الدعوة فليس له إلا الجهاد في سبيل الله.

ثانيًا: التنظيم. 

لا بد أن يكون هناك تنظيم للجهاد، وأن يكون بأمرٍ من ولي أمر المسلمين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الذي ينظم الجيوش ويقودها بنفسه، وأحيانًا يخلف عليها قادة من المسلمين، وينظم السرايا، فما كان المسلمون يقاتلون بدون أمر الرسول صل الله عليه وسلم، وكذلك الخلفاء من بعده، والولاة - ولاة أمور المسلمين - هم الذين ينظمون الجهاد في سبيل الله عز وجل، وليس لأحد أن يقاتل تحت راية ولي أمر المسلمين بدون طاعته، هذا هو هدي الإسلام للجهاد في سبيل الله.

ثالثًا: القدرة على القتال.

لا بد أن يكون في المسلمين قوة للقيام بالجهاد في سبيل الله، وأن يكون عندهم استعداد تام له، فإذا لم يكن عندهم قوة ولا استطاعة، فإنه يجب عليهم تأجيله إلى أن تتم القوة والاستطاعة، ولهذا كان النبي صل الله عليه وسلم وأصحابه في مكة قبل الهجرة يُؤْذَوْنَ ويَتَطَاوَلُ عليهم المشركون، والله يأمر نبيه بالعفو والصفح وانتظار أمره سبحانه وتعالى، ولم يأمرهم بالجهاد في هذه الحالة؛ وذلك لضعفهم وعدم استطاعتهم؛ لأن الجهاد يحتاج إلى قوة، قال تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾ [سورة الأنفال : الآية 60].

أما إذا كان المسلمون يجاهدون عدوهم وليس فيهم قوة، فإن هذا يجر عليهم الانتكاسة، فيتسلط عليهم العدو؛ لأنه لا بد أن يكون معهم عُدَّة واستعداد وقوة يجاهدون بها عدوهم من الكافرين الذين يَصُدون عن سبيل الله، ويمنعون الناس من الدخول في الإسلام، وينشرون الكفر في الأرض، ويقاتلون المسلمين، هؤلاء هم الذين يقاتلون من الكفار، أما الذين لا يقاتلون المسلمين ولا ينشرون عقيدتهم، وكفرهم قاصر عليهم، فهؤلاء لا يقاتلون، قال تعالى: ﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾ [سورة الممتحنة : الآية 8].

كذلك لا يقاتل من كان بينه وبين المسلمين عَهْدٌ، أي الْمُعَاهَد، فهذا لا يقاتل بموجب العهد الذي بينه وبين المسلمين، فالله جل وعلا يقول: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ [سورة النحل : الآية 91].

وقال النبي صل الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا»(3 ) وإذا قُتِل المعاهَدُ خَطَأً فقد أوجب الله فيه الكفارةَ والدِّيَة مثل المسلم، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ [سورة النساء : الآية 92] إلى قوله: ﴿وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [سورة النساء : الآية 92].

والله جل وعلا يقول: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ [سورة الأنعام : الآية 151] والنفس التي حرم الله هي نفس المسلم، وكذلك نفس المعاهَد، فقد حرم الله قتله بموجب العهد.

وكذلك لا يُقاتل المستأمَن الذي دخل بلاد المسلمين بإذنٍ من ولي الأمر، أو بإذنٍ من أحد المسلمين لمهمة، مثل معرفة الإسلام والدعوة إليه، أو سماع القرآن، أو أداء عمل يحتاجه المسلمون، أو زيارة، أو سِفَارة(4 ) أو غير ذلك، فهذا مستأمَن لا يجوز الاعتداء عليه لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ﴾ [سورة التوبة : الآية 6].

وكذلك لا يقتل الراهب الذي ترك أذية المسلمين وأقبل على عبادته في صومعته، فقد نهى النبي صل الله عليه وسلم عن قتله، وكذلك لا تقتل المرأة ولا الصبي من المشركين؛ لأن هؤلاء كفرهم قاصر على أنفسهم ولا يتعدى إلى غيرهم، فهؤلاء كلهم لا يجوز للمسلمين أن يقتلوهم أو يقاتلوهم؛ لأنه لا يَتعدى شرهم إلى المسلمين.

الغرض من الجهاد:

إن الغرض من الجهاد في سبيل الله هو إعلاء كلمة الله، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»(5 )، والله جل وعلا قال: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [سورة البقرة : الآية 190] أي: في طاعته ونشر دينه وإعلاء كلمته، فليس الغرض هو التسلط على الناس، أو أخذ أموالهم أو سفك دمائهم، إنما الغرض هو إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى ونشر هذا الدين؛ لأنه دين البشرية الذي ارتضاه الله لخلقه، فجهاد الكفار من صالحهم؛ لأنهم ينقادون لدين الله وبذلك يحقنون دماءهم ويخرجون من الكفر إلى الإيمان، ومن الظلمة إلى النور، ومن الضلالة إلى الهداية، ولهذا قال صل الله عليه وسلم: «عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِى السَّلاَسِلِ»( 6) قوله: يدخلون الجنة في السلاسل. بمعنى أنهم كانوا يقاتلون ثم يؤسرون، ثم يمن الله عليهم بالإسلام فيُسْلِمون فيدخلون الجنة، ولو تركوا على كفرهم لدخلوا النار. فالجهاد فيه مصلحة للكفار؛ لأنه قد يكون سببًا لإسلامهم ودخولهم الجنة، وفيه أيضًا مصلحة للمسلمين وذلك بنشرهم دينَ الله من خلاله، مما يكون سببًا لحصول الأجر والثواب بما ينالونه من التعب والعنت وفي قوله تعالى دلالة على ذلك حيث قال: ﴿وَلاَ تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ القَوْمِ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ﴾ [سورة النساء : الآية 104].

فالمسلمون يتحملون في الجهاد المتاعب والأخطار لإعلاء كلمة الله وإنقاذ البشرية من الضلال، فليس الغرض من الجهاد سفك الدماء كما يقول أعداء الدين المنفرون منه، وإنما المقصود منه هو مصلحة البشرية لتدخل في دين الله الذي به تسعد في الدنيا والآخرة، هذا هو الجهاد في سبيل الله عز وجل، وهذه بعض أحكامه وضوابطه، وهو من أعظم أصول الإسلام والعقيدة، فيجب أن يُفْهم هذا، لا أن يقال: لا جهاد في الإسلام، فالإسلام دين رحمة ودين تسامح مع الآخرين. نافين بذلك ما أمر الله به من تبليغ الدين من خلاله.

نعم الإسلام دين رحمة وتسامح، لكن لا بد من تبليغ دين الله، فإن حال حائل دون تبليغ رسالة الله فلا بد إذن من الجهاد ومقاتلة أعداء الله الذين يمنعون تبليغ دينه للخلق، فالتسامح والرحمة يجب أن يكونا في موضعهما، فإذا وضع الشيء في غير موضعه انقلب إلى ضده.

قال الشاعر:

وَوَضْعُ النَّدَى فِي مَوْضِعِ الْسَّيْفِ بِالْعُلا

مُضِرٌّكَوَضْعِ السَّيْفِ فِي مَوْضِعِ النَّدَى

فيجب أن يوضع كل شيء في موضعه، الإسلام دين رحمة ودين تسامح ودين خير، لكن ليس معنى ذلك أن يترك الجهاد، بل الجهاد نفسه رحمة للناس ليخصلهم من الكفر والشرك وجبروت الطواغيت، ويدخلهم في عبادة الله وحده لا شريك له، فكم أثمر جهاد المسلمين في عهد رسول الله وبعد وفاته صل الله عليه وسلم، لقد أثمر للبشرية من الخير، فقد أنقذ الله به أُمَمًا وأجيالا من الكفر ، ونشأت أجيال فصارت من أئمة الإسلام في العلم ، لقد كانوا من قبل كفارا أشرارا ثم صاروا بعد الجهاد في سبيل الله من خير الناس عِلْمًا وعملا ودينًا وتُقًى، فلو تركوا ولم يجاهدوا لظلوا على شرهم وكفرهم وانتهوا إلى نار جهنم، فهذا هو الجهاد في سبيل الله، وليس الجهاد قتل الأبرياء، أو الاعتداء على المعاهدين والمستأمنين، أو هو فوضى، كُلٌّ يحمل السلاح بدون ضوابط، وبدون طاعة ولي أمر أمر المسلمين، فهذا من الفوضى، وفي هذا سفك للدماء، ولا يترتب عليه فائدة، بل تترتب عليه أضرار عظيمة، وهذا يشوه صورة الإسلام.

إن الجهاد في سبيل الله طريق الدعوة إلى الإسلام، وإذا تم بصورة مخالفة للشرع وبقتل وسفكٍ للدماء واعتداء على الناس، فهذا مما لا شك فيه يشوه صورة الإسلام، ويجعل أعداء الإسلام من الكفار يتخذون من هذا الصنيع الذي يفعله الجهال ذريعة لتشويه صورة الإسلام ويقولون عنه: إن الإسلام دين إرهاب. وذلك لأن الذين حاربوا وقتلوا بهذه الصورةلم يلتزموا بضوابط الجهاد الصحيح، ولو التزموا بضوابط الجهاد الصحيح، لأدى ذلك إلى نشر الإسلام الذي يكون فيه خير للبشرية، والذي هو في الحقيقة رحمة للعالمين، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [سورة الأنبياء : الآية 107]. 

وكونه رحمة للعالمين لِمَا فيه من إنقاذ البشرية من الهلاك بعذاب الله، وذلك بإخراجها من الظلمات إلى النور، نور الإيمان ونور العلم، وهو سبب في دخول الجنة والنجاة من النار.

وأسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته أن يعلي كلمته وأن ينصر دينه وأن يرزقنا وإياكم وجميع المسلمين الفقه في دين الله، وأن يقينا وإياكم شر الفتن وأصحاب الفتن والشبهات والضلالات، اللهم أرنا الحق حَقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسًا علينا فنضل، اللهم أصلح ولاة أمورنا، واجعلهم هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، اللهم أصلح بطانتهم وجلساءهم ومستشاريهم ومَن حولهم، اللهم أبعد عنهم بطانة السوء والمفسدين، اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين في كل مكان، الله وَلِّ علينا خيارنا، واكفنا شر شرارنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا، اللهم علمنا ما جهلنا، وانفعنا بما علمتنا، واجعله حجة لنا لا علينا، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 74194
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه   مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه Emptyالإثنين 23 سبتمبر 2013 - 21:40

أسئلة:

سؤال:

إذا هاجم العدو أي بلد إسلامي هل يُشْتَرط لجهاد الدفع راية وإمام، أم كلٌّ يجاهد بنفسه دون نفسه وماله وعرضه؟ 

جواب

إذا دهم المسلمين عدوٌّ مُبَاغِتٌ يخافون مِن سطوته ولا يمكنهم مراجعة الإمام، فإنهم يجاهدونه؛ لأنهم في حكم المأذون لهم في هذه الحالة؛ لأن هذه حالة ضرورة، فيجاهدونه بما يكف شره، أما إذا كان يمكن مراجعة الإمام ومراسلة الإمام، فلا يجوز لهم أن يجاهدوا إلا بإذنه.

سؤال: 

من الناس مَن يقول: إن وجود السفارات لدول غير مسلمة في بلاد المسلمين يعتبر موالاةً ومظاهرةً لهم، ويحصل به الكفر، فما رأي سماحتكم في ذلك؟

جواب: 

هذا كلام باطل وكلام من جاهل، فالسفارات والمراسلات بين ولي الأمر وبين الدول كانت على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان المشركون ورسلهم يأتون إلى الرسول صل الله عليه وسلم ويتفاوضون معه حتى إنهم يدخلون عليه وهو في المسجد فيتفاوضون معه ويبلغونه ما أُرْسِلوا به، هذا كان موجودا في عصر الإسلام الأول، وليس هو من موالاة الكفار.

سؤال:

بلاد الغرب التي يوجد بها مراكز إسلامية ويسمحون للدعوة إلى الإسلام فيها، هل مثل هؤلاء يقاتلون؟

جواب: 

الذين لا يصدون عن الدين ولا يقاتلون المسلمين هؤلاء لا يقاتلون لقوله تعالى: ﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ﴾ [سورة الممتحنة : الآية 8].

إن الذين لا ينشرون الكفر ولا يقاتلون المسلمين لا يقاتلون، والغالب الآن أن أكثر الدول لها عهود مع المسلمين، فهم معاهدون ومهادنون، فلا يجوز الاعتداء عليهم ما دام العهد والهدنة باقية.

سؤال:

متى يكون الجهاد فرض عين على كل مسلم، وهل يخرج جميع المسلمين للجهاد، وهل يستأذن ولي الأمر في جهاد فرض العين؟ 

جواب:

أنواع الجهاد:

الجهاد على نوعين:

النوع الأول:

فرض كفاية، وهو جهاد الطلب وغزو الكفار ، إذا قام به مَن يكفي سقط الإثم عن الباقين، وأصبح في حق الباقين سُنَّةً، وهو من أفضل القرب إلى الله سبحانه وتعالى.

النوع الثاني:

فرض عين على كل مسلم يستطيع الجهاد. وله ثلاث حالات:

الحالة الأولى: إذا حضر القتال وهو يقدر على القتال، فلا بد أن يقاتل ولا ينهزم: قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ﴾ [سورة الأنفال : الآية 15 - 16].

والنبي صل الله عليه وسلم عَدَّ الفرار من الزحف من أكبر الكبائر.

الحالة الثانية: إذا حصر البلد عدو تعين الجهاد على كل من يستطيع الجهاد للدفاع عن البلد وعن حرمات المسلمين، والذي يقوم بهذا وينظمه هو ولي الأمر، فبدونه تكون الأمور فوضى، فما دام ولي الأمر موجودًا فهو الذي ينظم هذا، وهذا يسمى جهاد الدفع.

الحالة الثالثة: إذا أمره ولي الأمر بالجهاد وأمره أن يغزو مع الغزو كما في قوله صل الله عليه وسلم: «وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا»﴿7 ﴾، وقد عاب الله على مَن لم يُلَبِّ النداء إلى الجهاد فقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ﴾ [سورة التوبة : الآية 38]. فإذا استنفره الإمام وأمره بالغزو مع المسلمين وجب عليه ذلك في حال الاستطاعة. 

سؤال: 

هل ما يحصل في باكستان من تخفي بعض المسلمين وإلحاق الضرر بغير المسلمين، كما يفعل ذلك من يُسَمَّوْن بتنظيم القاعدة، هل يعد هذا من الجهاد، وهل هو قائم على راية؟

جواب:

لا يعد هذا قائمًا على راية، بل هذا من الفوضى وتحصل بسببه أضرار عظيمة وأخطار جسيمة.

سؤال:

ما حكم الذين قاتلوا المسلمين والمعاهدين في هذه البلاد وغيرهم من البلدان الإسلامية؟ وكيف يحكم على الذين فَجَّروا أنفسهم وقتلوا أنفسهم؟ وهل هذا يعد من قَبِيل الانتحار؟

جواب: 

نعم يعد هذا من الانتحار، وهذا قتل للنفس، ولا يجوز، وهو قتل للمسلمين، وقتل للمعاهدين والمستأمنين، فهو عدوان وظلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

سؤال:

ذَكَرْتُم حفظكم الله أن الراهب لا يقتل؛ لأن شره غير متعدٍّ، فكيف إذا كان هو داعية لدينه هل يقتل؟ 

جواب:

إذا كان كفره لا يقتصر عليه ويدعو إلى الكفر، فهذا يقتل، إنما الراهب الذي ينشغل بالعبادة ولا وينشر كفره على الناس.

سؤال: 

هل هنالك كتاب جامع في أحكام الجهاد سواء للمتقدمين أو المتأخرين تنصحون به طلبة العلم؟

جواب: 

هناك كتب كثيرة، وأعظم كتاب في ذلك كتاب الله عز وجل، وكذلك في سنة رسوله صل الله عليه وسلم، فالكلام عن الجهاد مستفيض في السنة، وهناك كتب مؤلفة جاء فيها ذكر الجهاد ككتب الفقه، فإن فيها بابًا يسمى باب الجهاد، ويكون هذا الباب فيها آخِرَ كتاب العبادات قبل كتاب البيع، وكذلك ذكر الجهاد موجود في كتب العقيدة.

سؤال:

هل صحيح أنه لا جهاد إلا بولي أمر؟

جواب: 

كلامنا الماضي كله يؤكد على هذه الجزئية وهي أنه لا جهاد إلا بولي أمر، فلا بد من إذن ولي أمر المسلمين.

سؤال:

إذا قاتل ولي الأمر فئة وقاتلوا معه هل يعتبر هذا جهادًا، كقتال الخوارج أو قطاع الطرق أو قتال أناس ليسوا بكافرين رأى ولي الأمر قتالهم؟

جواب:

قتال البغاة أمر الله به، قال الله جل وعلا: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ [سورة الحجرات : الآية 9].

وقد أمر النبي صل الله عليه وسلم بقتال الخوارج، وقاتلهم الصحابة، ويجب كذلك قتال قطاع الطرق؛ لأنهم يُخِلُّون بالأمن، وكذلك المفسدون في الأرض، كل هؤلاء قتالهم من الجهاد في سبيل الله؛ لأنه فيه دفعا للشر عن المسلمين.

سؤال:

ما حكم الجهاد في البلدان الإسلامية المنكوبة كالعراق وغيرها؟ وما ضابط ذلك؟ وهل عند حدوث أي غزو على بلاد المسلمين نجاهد؟

جواب:

سبق أن قلنا: إنه لا بد من تنظيم للجهاد، فلا بد من ولي أمر يقود الجهاد وينظمه، فمن يخرج عن هذا الضابط فليس من الجهاد في سبيل الله، وإنما هو من قبيل الفوضى، وهذا الأمر ينطبق على كل بلد، لا نحدد بلدًا مُعَيَّنًا، لكن هذا الضابط صالح لكل مكان وزمان.

سؤال:

يوجد في عقول بعض الشباب أفكار هدامة بالنسبة للجهاد وغير ذلك، فهل من نصيحة لهم وإرشاد؟ وإلى مَن يرجعون من العلماء؟

جواب: 

الواجب على هؤلاء الشباب أن يتعلموا التعليم النظامي، أو التعليم الذي يكون في المساجد على أيدي العلماء حتى يعرفوا الحق من الباطل، وتنجلي عنهم الشبهات التي يروجها الجهال أصحاب الأفكار الهدام ، فلابد من تعلم العلم، فهذه أمور خطيرة، وليست المسألة مسألة فوضى كل يدلي فيها بدلوه، لا بد من تعلم العلم النافع على أيدي العلماء إما في دراسات نظامية أو دراسات في المساجد على أيدي العلماء المعروفين بالعلم والتقى، لا أن يتعلموا على أنفسهم أو على مَن هو مثلهم من الجهال أو أهل الضلال، فالواجب عليهم أن يتعلموا.

سؤال:

هنالك شبهة حول الجهاد، وهي قول الله تعالى: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [سورة البقرة : الآية 256]، كيف يجمع بينها وبين الأمر بالجهاد، حيث إن الكفار يعتبرون الجهاد إكراهًا في الدين، ويعتبرونه مصادمًا لهذه الآية، فكيف يكون الرد على هذه الشبهة؟.

جواب: 

الجهاد في سبيل الله ليس لأجل إكراه أحد على الدخول في الدين، فليس لأحدٍ أن يكره أحدًا على الدخول في الدين؛ لأنه لا يدخل الإنسان في دينٍ إلا عن اقتناع، فلا يكره إنسان أبدًا على الإيمان والإسلام، لكن إذا آثر الكفر يُكْفَى شَرُّه عن المسلمين بالجهاد، إذا آثر الكفر ودعا إلى الكفر وقاتل المسلمين فإنه يقاتل لكفِّ شره، لا لإكراهه على الدين.

سؤال:

ما رأيكم فيمن يفرق بين القتال والجهاد وهل هذا صحيح؟

جواب:

القتال أعم من الجهاد، قد يكون قتالا بحق، وقد يكون قتالا بباطل وفتنة، أما الجهاد فلا يسمى جهادًا إلا إذا كان شرعيًّا منضبطا بالضوابط التي سقناها قبل قليل.

سؤال:

كيف نحرر فلسطين في هذا الزمان؟

جواب:

إذا كان عند المسلمين قوة واستعداد وكَوَّنوا جيشًا بقيادة واحدة مسلمة، فحينها يمكنهم أن يخلصوا فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين، وأيضا لا بد من الإسلام والإيمان للمجاهد، فإذا كان المرء لا يعرف من الإسلام إلا اسمه ويريد أن يجاهد وهو لا يصلي ولا يصوم ... إلخ ، وإنما يكتفي باسم الإسلام، فمثل هذا لا يكون مجاهدًا.

سؤال:

نفوسنا تتوق للجهاد في سبيل الله، وطال علينا الأمر، فما العمل الأمل بارك الله فيكم؟

جواب:

اسألوا الله جل وعلا أن ينصر الإسلام والمسلمين، وأن يقيم علم الجهاد، كان الخطباء إلى عهد قريب وحتى وقتنا الآن يدعون في الخطبة: وأقم علم الجهاد. يدعو الله أن يقيم علم الجهاد.

سؤال:

ما هو دفع الصائل وما حكمه؟

جواب:

دفع الصائل واجب، إذا صال على نفسك أو على مالك أو على حرمتك، فإنك تدافع، فإن قتلته فهو في النار، وإن قتلك فأنت في الجنة، لأنك شهيد، فهذه شهادة، إلا إذا كانت الصيالة في وقت فتنة بين المسلمين، فالكف عن دفع الصائل في وقت الفتنة أحسن لئلا تسفك الدماء.

سؤال:

ما رأيكم فيمن يقول: إنه ليس هنالك جهاد بالسيف، وإنما الدعوة فقط، وذلك للدخول في المعاهدات وفي مجمع الأمم المتحدة وغيرها؟

جواب:

لقد شرع الله الجهاد، ولا تلغيه الأمم المتحدة ولا غيرها، لكن لا بد من شروط وضوابط للجهاد، فإذا تمت شروطه وضوابطه، فلا أحد من البشر يلغيه مهما كان.

سؤال:

ما التوفيق بين قصة أبي جندل رضي الله تعالى عنه وبين اشتراط الأمير؟

جواب: 

أبو جندل كان في قبضة الكفار ويريد التخلص منهم، أما بالنسبة لاشتراط الأمير فيجب عليه أن يكون تحت ولايته، أي تحت ولاية أمير من أمراء المسلمين، فحينها لا بد من السمع والطاعة، ولا بد من أن ينضم تحت لوائه وتحت جهاده، أما إذا كان في يد الكفار وفي قبضة الكفار فيجب عليه أن يتخلص منهم بأي وسيلة.

سؤال:

هل ترك الجهاد من كبائر الذنوب؟ وهل إذا جحده أحد يَكْفُر؟

جواب:

ترك الجهاد مع القدرة عليه من كبائر الذنوب، وأما من ينكره فإن كان جاهلا أو متأولا فهو مخطئ وضال، لكنه لا يكفر، نظرًا لجهله أو عدم إدراكه لهذا الأمر، ويحكم عليه بأنه مخطئ وضال.

سؤال:

هل يجوز الجهاد دون استشارة الوالدين ولماذا؟

جواب: 

في حالة جهاد الدفع لا يشترط رضا الوالدين، وكذلك إذا كان الجهاد فرض عين، أما إذا كان الجهاد فرض كفاية، فلا بد من استئذان الوالدين؛ فقد جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صل الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَهُ فِى الْجِهَادِ، فَقَالَ: « أَحَىٌّ وَالِدَاكَ؟ » . قَالَ نَعَمْ . قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» (8 ).

سؤال:

هل الشيطان يجري من ابن آدم حتى في أمور الشبهات؟

جواب: 

نعم يجري مجرى الدم في كل أمور الشر من شبهات وغيرها، شبهات وشهوات وغير ذلك، كل هذا من مجاري الشيطان.

سؤال:

هل على الحكام إثم في ترك الجهاد في سبيل الله؟ وهل يلحق هذا الإثم الرعية؟

جواب:

إذا كانوا لا يقدرون على الجهاد في سبيل الله فليس عليهم إثم، بل يكون عليهم الإثم لو جاهدوا وهم لا يستطيعون، وأما إذا كانوا يستطيعون وتركوا الجهاد، فيكون عليهم إثم.

سؤال:

لماذا يخجل الناس اليوم من الجهاد، وهل يعتبر في هذا الزمان عَيْبًا أو مَن تكلم بالجهاد هل يعتبر آثِمًا؟

جواب: 

الناس لا يخجلون - ولله الحمد - مِن ذكر الجهاد، وتعليم الجهاد يُدَرِّسونه في المساجد والمدارس والكليات والمعاهد، لا يخجلون من ذكره وتعلمه وتعليمه.

سؤال:

هل يوجد جهاد شرعي في يومنا هذا؟

جواب: 

كما قلنا منذ سابق، إذا قام جهاد تحت راية ولي أمر المسلمين فإنه جهاد شرعي، أما إذا كان بدون إذن ولي الأمر وإنما هو حسب النزعات من الأفراد أو بعض الجماعات التي لا تدخل تحت ولي الأمر، فهذا أمر لا يجوز، وليس من الجهاد في شيء وإنما هو من قَبِيل الفوضى.

سؤال:

هنالك بعض الدعاة مثل بعض الجماعات يجعلون لهم أميرا ويبايعونه في ذلك ويخرجون معه للدعوة وغير ذلك، فهل هذا يعتبر نزعات لبيعة؟ 

جواب:

نعم ليس هناك بيعة إلا لولي الأمر، ليس هناك بيعة لرؤساء دون ولي الأمر، البيعة إنما هي لولي أمر المسلمين.

سؤال:

علمًا بأن الجهاد مقصور على أئمة المسلمين، فمتى تقوم الأئمة بالجهاد وحال المسلمين كما ترون؟

جواب: 

تقوم الأئمة بالجهاد إذا كان بالمسلمين قوة واستطاعة على الجهاد، وهذا ليس بعزيز على الله سبحانه وتعالى، إذا صَدَقت النية والقصد واستعد المسلمون للجهاد في سبيل الله.

سؤال:

يوجد بعض العلماء ينصحون الشباب بالذهاب للجهاد في العراق، ويقولون: إنه جهاد دفع، ويجوز لكم نصرة المسلمين هناك، فما رأيكم؟

جواب:

أنتم تحت ولاية ولي أمر مسلم في بلاد مسلمة، فلا تطيعوا من يقول لكم اذهبوا أو تعالوا، هذا من صلاحيات ولي الأمر، فلا تطيعون أحدًا في ذلك إلا ولي أمر المسلمين.

سؤال:

ما مراحل تطبيق الجهاد في الإسلام؟ 

لقد مر الجهاد بمراحل كما تعلمون، وكما ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد، فأولا كان مَنْهِيًّا عنه يوم أن كان المسلمون في مكة، فكان الله ينهاهم ويقول لهم: ﴿كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [سورة النساء : الآية 77] وكان يأمر رسوله بالعفو والصفح والإعراض.

ثم لما هاجر المسلمون إلى المدينة أُذِنَ لهم بالقتال من غير أمر كما في قوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [سورة الحج : الآية 39].

ثم أمروا به في حق من قاتلهم كما في قوله سبحانه: ﴿قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ﴾ [سورة البقرة : الآية 190].

ثم أمر به مطلقًا كما جاء في قوله جل من قائل: ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوَهُمْ وَخُذُوَهُمْ وَاحْصُرُوَهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ [سورة التوبة : الآية 5]. وهذا عندما قوي المسلمون وانتظم أمرهم واستطاعوا الجهاد.

سؤال:

ليس يخفى على كل مسلم ما يحل بالمسلمين في معظم بلدان المسلمين من احتلال وإبادة وقتل، فما واجب المسلمين أمام ما يجري وفقكم الله؟

جواب:

الواجب علاج الأمر ودفع الشر عن المسلمين ما أمكن حسب ما يستطيعون، وحسب ما يقدرون عليه، ولا يجوز الإخلال وترك العدو والشر يستشري في المسلمين، بل عليهم أن يدافعوه حسب استطاعتهم ومقدرتهم.

سؤال:

هل ما يحصل في فلسطين هذه الأيام يعتبر تخاذلا من المسلمين وأنهم آثمون على ذلك؟

جواب: 

ما يحصل الآن في فلسطين وغيرها من ذلة في المسلمين إنما هو بسبب تعطيل الجهاد في سبيل الله عز وجل، وهذا إذا كانوا يقدرون عليه، أما إذا كانوا لا يقدرون عليه فهم غير مآخذين ما داموا في حالة العجز عنه.

سؤال:

يقوم بعض المسلمين باختراق بعض المواقع الإلكترونية لأعداء الله من اليهود والنصارى وغيرهم من الفرق الضالة، ويقومون بتدميرها إلكترونيًّا وإتلاف محتوياتها الإلكترونية، وهذا يسبب خسائر مادية ومعنوية لأصحاب هذه المواقع، والبعض يطلق عليه جهادًا إلكترونيًّا فما رأيكم؟

جواب:

هذا لا يضرهم؛ لأن عندهم المقدرة، فهم يُوجِدون آليات واخترعات ويستدركون ما يحصل من الخلل، ثم يتوجهون للفتك بالمسلمين، فهذا أمر لا يجوز، ولا يجدي شيئًا على المسلمين.

سؤال:

هنالك من العلماء من يقول: كلنا آثمون في التخاذل عن الجهاد في فلسطين؟

جواب:

لو كنا نقدر وتركناه أصبحنا آثمين، أما إذا كنا لا نقدر فلسنا آثمين.

سؤال:

هل الجهاد يعتبر من أمور العقيدة؟

جواب: 

لقد عد بعضُ العلماء الجهادَ من أركان الإسلام، مما يدل على أهميته ومكانته في الدين.

سؤال:

قرأت كتاب عنوانه: "دحض افتراءات الزيغ والارتياب عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب". وهو رد على فرحان المالكي، ينقل عنكم أنكم تبرأتم من هذا الكتاب وتقديمه، فهل هذا صحيح؟

جواب:

ما رأيت ذلك الكتاب ولا أعرفه، ولا أعرف صاحبه، فكيف أتبرأ من شيء لم أره ولم أعرفه؟!!

سؤال:

هل لا بد من الاستئذان من الوالدين للجهاد حيث دار نقاش بيني وبين شخص، فقال: إن الرجُل الذي جاء إِلَى النَّبِىِّ - صل الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَهُ فِى الْجِهَادِ، فَقَالَ: « أَحَىٌّ وَالِدَاكَ؟ » . قَالَ نَعَمْ . قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» ( 9). لا يوجد لوالديه أبناء غيره، فهل هذا صحيح؟

جواب: 

من أدراك أنه لا يوجد لوالديه أبناء غيره؟! لا بد من استئذان الوالدين؛ لأن جهاد الغزو في حق الأفراد سنة، وطاعة الوالدين واجب وفرض عَيْنٍ، فلا تُقَدَّم سنة على فرض عين، لا بد من استئذان الوالدين.

سؤال:

في قول الله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم﴾ [سورة الأنفال : الآية 60] هل العدة تكون من جهة ولي الأمر، أم على كل شخص أن يعد نفسه؟

جواب: 

لا شك أن الخطاب لولاة الأمور؛ لأنهم هم الذين يملكون الإعداد وتنظيم الجنود وصلاحيات الجهاد، فهذا الأمر بيد ولاة الأمور، ولا يصح أن يعد كل واحد العدة للجهاد مع نفسه، فيصير هذا من قبيل الفوضى، فربما ينقلب هذا الأمر إلى فتنة.

سؤال:

يوجد جماعة في دولة الفلبين ويدعون إلى الإسلام، ويقومون بخطف الكفار، ويأخذون منهم المال، وإن امتنعوا عن دفع المال قاموا بذبحهم، هل ما يقومون به يعتبر جهادًا، أم يعتبر تشويهًا لسمعة الإسلام؟

جواب: 

هؤلاء لهم ظروفهم، ولا أدري شيئا عنهم، فلا أفتي بشيء لا أدري عنه شيئًا، ولا تأملت واقعه، هم لهم ظروفهم، فما أدري هل عندهم علماء وهل عندهم قادة؟

سؤال: 

هل جهاد صلاح الدين الأيوبي يعتبر جِهادًا يُحْتذَى به؟

جواب: 

إن جهاد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله جهاد بحق ومثال يحتذى به؛ لأن به خلص الله المسجد الأقصى من الصليبيين، فهو من أئمة المسلمين والمجاهدين في سبيل الله عز وجل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 74194
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه   مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه Emptyالإثنين 23 سبتمبر 2013 - 21:42


سؤال:

هل جهاد النفس أفضل من جهاد الكفار؟

جواب: 

لا يمكن لإنسان أن يجاهد الكفار إلا بعد أن يجاهد نفسه، فجهاد النفس هو الأولى، ثم جهاد الشيطان، ثم جهاد المنافقين، ثم جهاد العصاة من المسلمين، ثم جهاد الكفار، وليس كلُّ جهاد فيه حمل السلاح، فأنت لا تحمل السلاح على العصاة، وإنما تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر، ولا تحمل السلاح على المنافقين، وإنما تجادلهم بإبطال شبهاتهم وحججهم، وكذلك جهاد الشيطان لا تحمل فيه سلاحًا، وإنما تعصيه وتخالفه فيما يأمرك به وتطيع الله سبحانه وتعالى، وجهاد النفس أن تمنعها من هواها وشهواتها المحرمة، وتحملها على طاعة الله.

سؤال:

لي صديق يحضر عند بعض طلاب العلم ممن يتكلمون في الجهاد، وليس عنده علم كبار المشايخ، وإذا قلت له: احضر درس كبار العلماء. يقول لي: كبار العلماء يتكلمون في العقيدة، ونحن لا نحتاج إلى العقيدة، نحن نريد من مشايخنا أن يتكلموا في واقعنا الحالي. فما رأيكم في هذا الكلام؟

جواب:

العقيدة هي الأصل، كيف لا نحتاج إلى العقيدة والعقيدة هي الأصل؟! ومن العقيدة الجهاد، أي أن تعرف الجهاد، فالجهاد من أحكام العقيدة، فلا تهمل العقيدة وتجهل، وتقول: نحن نجاهد. كيف تجاهد وأنت لا تعرف شيئًا عن العقيدة، هذا خلل عظيم، النبي صل الله عليه وسلم مكث ثلاث عشرة سنة في مكة يعلم العقيدة قبل الجهاد في سبيل الله.

سؤال:

أريد أن أذهب إلى الجهاد، فهل تنصحونني بأسماء معينة من العلماء أستشيرهم، وأستفصل منهم وآخذ منهم الأحكام؟

جواب: 

لقد سمعتَ الكلام في أحكام الجهاد وما ينبغي فعله ولا حاجة إلى تكراره.

خاتمة:

جزى الله الشيخ صالح خيرًا عما قال وتحدث، فلقد تحدث عن هذا الواجب العظيم وسوء فهم بعض الناس له وقلة إداركهم لحقيقته، فجاءت هذه المحاضرة لتزيل اللبس وتزيل الغشاء عن الإنسان، ليعلم حقيقة الجهاد المشروع، ومتى يكون واجبًا ومتى يكون مستحبًّا، وشروط ذلك، وأن هذا أمر مرتبط بولي أمر الأمة، فهو الذي يأمر به، وهو الذي يرتب شأنه، فهذه المحاضرة وأمثالها مما تعطي الإنسان تصورًا عن هذه الأمور؛ لأن هذه المسائل الكبار إذا تحدث عنها ذوو العلم والفضل وذوو الروسخ في العلم أثَّروا وأفادوا، كما قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [سورة النساء : الآية 83].

فعلماء الأمة الذين على بصيرة هم الذين يفهمون عن الله مراده، ويُبَصِّرون العباد في دين الله ويرشدونهم إلى الهدى وطريق الحق، ولهذا قال الله تبارك وتعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا العِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [سورة آل عمران : الآية 18] فهذه المحاضرة التي سمعتم في هذه الليلة هي محاضرة قيمة بذاتها نافعة في موضوعها كاشفة أشياء من اللبس الذي ربما ثبت على الناس، ثم الإجابة على الأسئلة بما شفى وكفى، فجزى الله الشيخ عما قدم خيرًا وجعل ذلك في ميزان أعماله، وثبت الله خطانا وخطاكم على كل خير وصلى الله على محمد.


************************************************** *********************



( 1) أخرجه البخارى (3/1028 ، رقم 2637) .

( 2) أخرجه أبو داود (3/18 ، رقم 2532).

( 3) أخرجه البخاري (3/1155 ، رقم 2995) .

( 4) أي إصلاح بين قوم، سفر بين القوم : أصلح. انظر مختار الصحاح سفر.

( 5) أخرجه البخارى (6/2714 ، رقم 7020) ، ومسلم (3/1513 ، رقم 1904) .

( 6) أخرجه البخارى (3/1096 ، رقم 2848).

( 7) أخرجه البخارى (2/651 ، رقم 1737) ، ومسلم (2/986 ، رقم 1353) .

( Cool أخرجه البخارى (3/1094 ، رقم 2842) ، ومسلم (4/1975 ، رقم 2549) .

( 9) سبق تخريجه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 74194
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه   مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه Emptyالإثنين 23 سبتمبر 2013 - 21:47

من شروط الجهاد

لقد من الله علينا بعلماء أجلاء على الكتاب والسنة واتباع السلف الصالح حالهم, ولله الحمد على هذه النعمة
ولا يشك عاقل في وجوب رجوعنا إليهم في النوازل والمحن

قال أبو حاتم الرازي رحمه الله:
مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله صل الله عليه وسلم
وأصحابه والتابعين ومن بعدهم بإحسان.... ولزوم الكتاب والسنة والذب عن الأئمة المتبعة لأثار السلف واختيار ما اختاره أهل السنة من الأئمة في الأمصار مثل مالك بن أنس في المدينة والأوزاعي في الشام والليث بن سعد في مصر وسفيان الثوري وحماد بن زيد في العراق من الحوادث مما لا يوجد فيه رواية عن رسول الله صل الله عليه وسلم والصحابة والتابعين
وترك رأي الملبسين المموهين المزخرفين المخرفين الكذابين ) اللا لكائي شرح أصول الأعتقاد فبين أن ما ليس بواضح يرجع إلى هؤلاء فيه وفي الحديث الذي خرجه ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم(سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة، قيل : وما الرويبضة؟
قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة؟؟؟؟
علق الطرطوشي رحمه الله على هذا الحديث قائلا فتدبروا هذا الحديث فإنه يدل على أن لا يؤتى الناس قط من قبل علماؤهم وإنما يؤتون من قبل إذا مات علماؤهم أفتى من ليس بعالم فيؤتى الناس من قبله قال وقد صرف عمر رضي الله عنه هذا المعنى فقال( ما خان أمين قط ولكن أئتمن غير أمين فخان قال ونحن نقول ما ابتدع عالم قط ولكن استفتي من ليس بعالم فضل واضل
الباعث على إنكار الحوادث

ولاشك أن الجهاد من أعظم الأمور الدقيقة التي يرجع لأهل العلم فيها
قال ابن تيمية رحمه الله في معرض كلامه عن الجهاد(فالبحث في هذه الدقائق من وظيفة خواص أهل العلم) منهاج السنة

قال ابن القيم رحمه الله ( العالم بكتاب الله وسنة نبيه وأقوال الصحابة فهو المجتهد في النوازل فهذا النوع الذي يسوغ لهم الأستفتاء ويسوغ إستفتاءهم ...وهم الذين قال فيهم رسول الله صل الله عليه وسلم:إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها

قال ابن تيمية رحمه الل
ه في حديث قتلوه قتلهم الله( فإن هؤلاء أخطاؤا بغير اجتهاد إذلم يكونوا من أهل العلم ) مجموع الفتاوى..

ومما لا شك فيه أن العلماء اليوم ينكرون على مايفعله جماعة التكفير والذين يدعون الجهاد

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى(ولهذا فأنا لا أقول كما قلت آنفا لا أرى بالجهاد!!! بل احذر من الجهاد!!!!! لأن الوسائل النفسية والمادية لا تساعد المسلمين على القيام بأي جهاد في أي مكان)
وهذا رأي شيخ الأسلام رحمه الله:
قال ابن تيمية رحمه الله فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بأية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أتوا الكتاب والمشركين وأما أهل القوة فإنما يعملون بأية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين... الصارم المسلول
فهل عمل هؤلاء الحماسيون المندفعون بأية الصفح؟؟نظروا إلى جانب وتركوا الجانب الآخر

قال ابن خلدون رحمه الله ( ومن هذا الباب أحوال الثوار القائمين بتغيير المنكر من العامة والفقهاء فإن كثيرا من المنتحلين للعبادة وسلوك الدين يذهبون إلى القيام على أهل الجور من الأمراء داعين إلى تغيير المنكر والأمر بالمعروف رجاء في الثواب عليه من الله فيكثر أتباعهم والمتشبتون بهم من الغوغاء والدهماء ويعرضون أنفسهم في ذالك للمهالك وأكثرهم يهلكون في تلك السبيل مأزورين غير مأجورين لأن الله سبحانه لم يكتب ذالك عليهم) المقدمة..
وياليته وقف الأمر إلى هذا الحد بل يقتلون الأبرياء ويقولون هم شهداء عند الله!!!
ولعلي أذكرهم بحديث في باب الفتن
قال رسول الله صل الله عليه وسلم:ومن خرج من أمتي على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي بذي عهدا عهدها فليس مني ) رواه مسلم
ولا شك أننا لا ننكر الجهاد ولكن ليس ذالك الذي عنيتم فللجهاد شروط كما للصلاة والعبادات الأخرى..وعدم قدرتنا اليوم على جهاد الأعداء لضعفنا ليس دليلا على أننا لا نراه

قال ابن تيمية رحمه الله( عذر أهل العلم النجاشي حين لم يغير شريعة النصارى الكافرة لعجزه) منهاج السنة

وذكر الشيخ الرمضاني حفظه الله في كتابه مدارك النظر في السياسة: إذا قيل لكم اسألوا الشيخ العثيمين هل هذا العنف جهاد قلتم لا يعرف واقعنا وإذا قيل لكم : إذا وضحوا له واقعكم!!
قلتم الشيخ مداهن لأنظمة الطواغيت!!


سؤل الشيخ بن باز عليه رحمة الله تعالى:
اننى أحب الجهاد وقد امتزج حبه فى قلبى . ولا أستطيع أن أصبر عنه , وقد استاذنت والدتى فلم توافق , ولذا تاثرت كثيرا ولا أستطيع أن أبتعد عن الجهاد . سماحة الشيخ :إن أمنيتى فى الحياة هى الجهاد فى سبيل الله وأن أقتل فى سبيله وأمى لا توافق . دلنى جزاك الله خيرا على الطريق المناسب ؟
فأجاب الشيخ:
جهادك فى امك جهاد عظيم , الزم امك واحسن اليها , الا اذا امرك ولى الامر بالجهاد فبادر ,لقول النبى صل الله عليه وسلم : " واذا استنفرتم فانفروا " رواه البخارى
ومادام وليى الامر لم يأمرك فاحسن الى امك , وارحمها ,واعلم ان برها من الجهاد العظيم , قدمه النبى صلى الله عليه وسلم على الجهاد فى سبيل الله , كما جاء بذلك الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , فانه قيل : يارسول الله اى العمل افضل ؟ قال : الصلاة على ميقاتها . قلت : ثم اى ؟ قال : ثم بر الوالدين . قلت : ثم اى ؟ قال : الجهاد فى سبيل الله . فسكت عن رسول الله صل الله عليه وسلم ولو استزدته لزادانى " . متفق على صحته فقدم برهما على الجهاد , عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنه قال : جاء رجل الى النبى يستاذنه فى الجهاد .فقال : "احيى والدك ؟ " قال نعم . قال "ففهيما فجاهد " . متفق على صحته وفى رواية أخرى قال صل الله عليه وسلم :" ارجع اليهما فاستأذنهما فان أذنا لك فجاهد والا فبرهما " . رواه ابو داود , فهذه الوالدة : ارحمها , واحسن اليها حتى تسمح لك , وهذا كله فى جهاد الطلب , وفى ما اذا لم يأمرك ولي الامر بالنفير , واما اذا نزل البلاء بك فدافع عن نفسك وعن اخوانك فى الله ,ولا حول ولا قوة الا بالله , وهكذا اذا امرك ولى الامر بالنفير فانفر ولو بغير رضاها لقول الله تعالى : ( ياايها الذين ءامنوا مالكم اذا قيل لكم انفروا فى سبيل الله اثاقلتم الى الارض أرضيتم بالحياة الدنيا من الاخرة فما متاع الحياة الدنيا فى الاخرة الا قليل )

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله
عن شرط القوة فى الجهاد :


* لا بد فيه من شرط : وهو ان يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال ,فان لم يكن لديهم قدرة فان اقحام انفسهم فى القتال القاء بانفسهم الى التهلكة ,ولهذا لم يوجب الله سبحانه وتعالى على المسلمين القتال وهم فى مكة , لانهم عاجزون ضعفاء , فلما هاجروا الى المدينة وكونوا الدولة الاسلامية , وصار لهم شوكة امروا بالقتال , وعلى هذا فلا بد من هذا الشرط , والا سقط عنهم كسائر الواجبات , لان جميع الواجبات يشترط فيها القدرة لقوله تعالى مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه Frown(فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا واطيعوا )) ـ التغابن 16 ـ وقوله (( لا يكلف الله نفسا الا وسعها ))

وقال الشيخ الفوزان حفظه الله
سؤال : هل يجب الجهاد فى وقتنا هذا ؟ وما الرد على من استدل بقول النبى صل الله عليه وسلم : " اذا تبايعتم بالعينة , واخذتم بأذناب البقر , ورضيتم بالزرع , وتركتم الجهاد , سلط الله عليكم ذلا لا يرفعه حتى ترجعوا الى دينكم " ؟ 

ـ الجواب : اذا كان للمسلمين قوة ويقدرون على الجهاد وعلى الغزو فى سبيل الله فهذايجب على وليى الامر , هذا من صلاحيات وليى الامر انه يكون جيوشا للغزو ,ويقود الجيوش بنفسه او يؤمر عليها كما كان النبى صل الله عليه وسلم يفعل ذلك , اما اذا كان المسلمون لا يستطيعون قتال الكفار , فهم يؤجلون الجهاد الى ان يقدروا على القتال وعلى الجهاد, ولكن يكون قتالهم فى هذه الحالة من باب الدفاع , فمن اراد بلادهم او غزاها فانهم يقاتلونهم دفاعا عن حرماتهم .
واما اذا كان فيهم قوة ,فانهم يقاتلون قتال طلب لنشر الاسلام , وهذا يكون تحت راية يعقدها وليى امر المسلمين ,ويتولاها بنفسه او يؤمر عليها من ينوب عنه ,وهذا شيىء معروف فى كتب الجهاد وكتب العقائد ,ان يكون مع الامراء ويكون مع الأ ئمة , فهم الذين يتولون أمور الجهاد وتحت راية واحدة ,ما يكون هناك رايات هذا يحصل فيه ـ كما جرب ـ اختلاف وتناحر بين الجماعات ,ولا يتوصلون الى شيىء ,لا بد من توحد القيادة , قيادة الجهاد لا بد من توحدها تحت راية واحدة باشراف وليى امر المسلمين 

وسؤل أيضا

ما رايكم فيمن يوجب الجهاد فى وقتنا الحاضر , ولو خرج احدهم مجاهدا فهل يأثم ؟

ـ جواب : الجهاد اذا توفرت ضوا بطه وشروطه , وجاهد المسلم هذا طيب , اما ما دامت لم تتوفر شروطه ولا ضوابطه فليس هناك جهاد شرعى, لانه يترتب عليه ضرر بالمسلمين اكثر من المصلحة الجزئية, انت ضربت الكافر لكن الكافر سينتقم من المسلمين, وسيحصل ما انتم تسمعون, هذا لا يجوز مادام ما توفر الجهاد بشروطه وبضوابطه ومع قائد مسلم وراية مسلمة فلم يتحقق الجهاد, وان كان قصد الانسان حسن ويريد الجهاد, يثاب على نيته لكن هو مخطىء فى هذا .
وسؤل حفظه الله

ما حكم الجهاد فى هذا الوقت مع منع وليى الامر ؟


ـ جواب : لا جهاد الا باذن وليى الامر لان هذا من صلاحيته , والجهاد بدون اذنه افتيات عليه , فلا بد من رايه واذنه , والا فكيف تقاتل وانت لست تحت راية , ولا تحت امرة وليى امر للمسلمين ؟

فتاوى الأ ئمة فى النوازل المدلهمة 
منقول

هذا فقط حكم الجهاد العشوائي اليوم وأما ما يقوم به أهل التكفير والتفجير عاملهم الله بما هم أهله فلك البيان من هيئة كبار العلماء

نص البيان: 

"الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وآله وصحبه. أما بعد، عرض مجلس هيئة كبار العلماء في جلسته الاستثنائية المنعقدة في مدينة الرياض اليوم الأربعاء 14-5-2003 حوادث التفجيرات التي وقعت في مدينة الرياض، وما حصل بسبب ذلك من قتل وتدمير وترويع وإصابات لكثير من الناس من المسلمين وغيرهم. 

ومن المعلوم أن شريعة الإسلام جاءت بحفظ الضروريات الخمس، وحرمت الاعتداء عليها وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل. ولا يختلف المسلمون في تحريم الاعتداء على الأنفس المعصومة والأنفس المعصومة في دين الإسلام، إما أن تكون مسلمة فلا يجوز بحال الاعتداء على النفس المسلمة وقتلها بغير حق، ومن فعل ذلك فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب العظام. يقول الله تعالى: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً". ويقول سبحانه "من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا". قال مجاهد رحمه الله: "في الإثم وهذا يدل على عظم قتل النفس بغير حق". 

ويقول النبي -صل الله عليه وسلم-: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة" (متفق عليه وهذا لفظ البخاري). 

ويقول النبي -صل الله عليه وسلم-: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله" (متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما). 

وفي سنن النسائي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- عن النبي -صل الله عليه وسلم- قال: "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم". ونظر ابن عمر -رضي الله عنهما- يوما إلى البيت أو إلى الكعبة فقال: "ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك". 

كل هذه الأدلة وغيرها كثير تدل على عِظم حُرمة دم المرء المسلم، وتحريم قتله لأي سبب من الأسباب إلا ما دلت عليه النصوص الشرعية، فلا يحل لأحد أن يعتدي على مسلم بغير حق. يقول أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-: "بعثنا رسول الله -صل الله عليه وسلم- إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم. ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال لا إله إلا الله فكف الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته. فلما قدمنا بلغ النبي -صل الله عليه وسلم- فقال يا أسامة: أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟ قلت: كان متعوذاً، فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم" (متفق عليه، وهذا لفظ البخاري). 

وهذا يدل أعظم الدلالة على حرمة الدماء، فهذا رجل مشرك، وهم مجاهدون في ساحة القتال لما ظفروا به، وتمكنوا منه نطق بالتوحيد فتأول أسامة -رضي الله عنه- قتله على أنه ما قالها إلا ليكفوا عن قتله، ولم يقبل النبي -صل الله عليه وسلم- عذره وتأويله، وهذا من أعظم ما يدل على حرمة دماء المسلمين وعظيم جرم من يتعرض لها. 

وكما أن دماء المسلمين محرمة فإن أموالهم محرمة محترمة بقول النبي -صل الله عليه وسلم-: "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا" (أخرجه مسلم)، وهذا الكلام قاله النبي صل الله عليه وسلم في خطبة يوم عرفة وأخرج البخاري ومسلم نحوه في خطبة يوم النحر. 

وبما سبق يتبين تحريم قتل النفس المعصومة بغير حق. ومن الأنفس المعصومة في الإسلام أنفس المعاهدين وأهل الذمة والمستأمنين، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي -صل الله عليه وسلم- قال: "من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما" (أخرجه البخاري). 

ومن أدخله ولي الأمر المسلم بعقد أمان وعهد فإن نفسه وماله معصوم لا يجوز التعرض له، ومن قتله فإنه كما قال النبي -صل الله عليه وسلم-: "لم يرح رائحة الجنة"، وهذا وعيد شديد لمن تعرض للمعاهدين، ومعلوم أن أهل الإسلام ذمتهم واحدة. يقول النبي -صل الله عليه وسلم-: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم". 

ولما أجارت أم هانئ -رضي الله عنها- رجلا مشركا عام الفتح، وأراد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن يقتله ذهبت للنبي -صل الله عليه وسلم- فأخبرته فقال -صل الله عليه وسلم-: "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ" (أخرجه البخاري ومسلم). 

والمقصود أن من دخل بعقد أمان أو بعهد من ولي الأمر لمصلحة رآها فلا يجوز التعرض له ولا الاعتداء لا على نفسه ولا ماله. إذا تبين هذا فإن ما وقع في مدينة الرياض من حوادث التفجير أمر محرم لا يقره دين الإسلام وتحريمه جاء من وجوه: 

1- أن هذا العمل اعتداء على حرمة بلاد المسلمين، وترويع للآمنين فيها. 

2- أن فيه قتلا للأنفس المعصومة في شريعة الإسلام. 

3- أن هذا من الإفساد في الأرض 

4- أن فيه إتلافا للأموال المعصومة. 

وإن مجلس هيئة كبار العلماء إذ يبين حكم هذا الأمر لَيُحَذِّر المسلمين من الوقوع في المحرمات المهلكات، ويحذرهم من مكايد الشيطان فإنه لا يزال بالعبد حتى يوقعه في المهالك: إما بالغلو في الدين، وإما بالجفاء عنه ومحاربته والعياذ بالله. 

والشيطان لا يبالي بأيهما ظفر من العبد؛ لأن كلا طريقي الغلو والجفاء من سبل الشيطان التي توقع صاحبها في غضب الرحمن وعذابه. 

وما قام به مَنْ نفذوا هذه العمليات من قتل أنفسهم بتفجيرها فهو داخل في عموم قول النبي -صل الله عليه وسلم-: "من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة" (أخرجه أبو عوانة في مستخرجه من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه). 

وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صل الله عليه وسلم-: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبداً. ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً" وهو في البخاري بنحوه. 

ثم ليعلم الجميع أن الأمة الإسلامية اليوم تعاني من تسلط الأعداء عليها من كل جانب وهم يفرحون بالذرائع التي تبرر لهم التسلط على أهل الإسلام وإذلالهم واستغلال خيراتهم. فمن أعانهم في مقصدهم وفتح على المسلمين وبلاد الإسلام ثغراً لهم فقد أعان على انتقاص المسلمين والتسلط على بلادهم، وهذا من أعظم الجرم. 

يجب العناية بالعلم الشرعي المؤصل من الكتاب والسنة وفق فهم سلف الأمة في المدارس والجامعات وفي المساجد ووسائل الإعلام. وتجب العناية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي على الحق فإن الحاجة بل الضرورة داعية إليه الآن أكثر من أي وقت مضى. وعلى شباب المسلمين إحسان الظن بعلمائهم والتلقي عنهم وليعلموا أن مما يسعى إليه أعداء الدين الوقيعة بين شباب الأمة وعلمائها وبينهم وبين حكامهم حتى تضعف شوكتهم وتسهل السيطرة عليهم فالواجب التنبه لهذا. 

وقى الله الجميع كيد الأعداء، وعلى المسلمين تقوى الله في السر والعلن والتوبة الصادقة الناصحة من جميع الذنوب فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رُفع إلا بتوبة. نسأل الله أن يصلح حال المسلمين، ويجنب بلاد المسلمين كل سوء ومكروه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه". 

هيئة كبار العلماء 

رئيس المجلس عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ 

الأعضاء: صالح بن محمد اللحيدان،
عبد الله بن سليمان المنيع، 
عبد الله بن عبد الرحمن الغديان،
الدكتور صالح بن فوزان الفوزان،
حسن بن جعفر العتمي، 
محمد بن عبد الله السبيل،
الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، 
محمد بن سليمان البدر،
الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي،
محمد بن زيد آل سليمان،
الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد (لم يحضر لمرضه)، 
الدكتور عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان (لم يحضر)،
الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، 
الدكتور أحمد بن علي سير المباركي، 
الدكتور عبد الله بن علي الركبان،

وصل اللهم وسلم على نبينا محمد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 74194
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه   مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه Emptyالإثنين 23 سبتمبر 2013 - 22:18


عجباً على زمن ,, فيه القاهره تـتألم .. ودمشق تدمر .. وبيروت تشتعل .. وتونس تترنح .. وطرابلس تائهة .. وبغداد تتفجر .. والقدس تُسرق وتُهود .. و"تل أبيب" هادئة تعيش بسلام ..!!

مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه 207546_113999135413280_1540634940_n

مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه 960016_461060447316683_1634219328_n
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مفهوم الواجب في الإسلام مقتضياته التشريعية وتطلّباته الحكَمية1
» صلح الحديبية وشروطه
» الخروج على الحاكم أحكامه وضوابطه
» أخلاقيات الحرب في الإسلام.. (الإسلام والقانون الدولي الإنساني)
» جيش الجهاد المقدس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: الدين والحياة :: المكتبة الاسلاميه-
انتقل الى: