منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  "إعلان بكين" الفلسطيني... قراءة في موقف صيني مُتغيّر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 "إعلان بكين" الفلسطيني... قراءة في موقف صيني مُتغيّر Empty
مُساهمةموضوع: "إعلان بكين" الفلسطيني... قراءة في موقف صيني مُتغيّر    "إعلان بكين" الفلسطيني... قراءة في موقف صيني مُتغيّر Emptyالسبت 27 يوليو 2024, 3:53 pm

"إعلان بكين" الفلسطيني... قراءة في موقف صيني مُتغيّر
منذ اندلاع أحداث السابع من أكتوبر (2023)، لم تتّخذ الصين أيّ موقف أحادي للضغط على إسرائيل، ولم تُقدّم أيّ مقترحات لها في مجلس الأمن لوقف الحرب كروسيا والبرازيل وغيرهما، واكتفت بتصريحات عمومية من نوع دعم الجهود الدولية. كان أبرز ما يُميّز دبلوماسيّتها الراهنة تبنّيها استراتيجيةَ تحويل المسؤولية، وخاصّة على مجلس الأمن، الذي اعتبرته المسؤول الأكبر عن تنفيذ "حلّ الدولتَين"، وإنهاء الصراع، واستئناف المفاوضات، وتسهيل المساعدات الإنسانية، ووقف الاستيطان. ورغم اتّخاذ المجلس قراراً بوقف الحرب، إلّا أنّه فشل في إلزام إسرائيل، الأمر الذي أظهر عدم فاعلية المجلس عموماً، والنهج الصيني على وجه التحديد موضع الحديث هنا.
العجز في التأثير في مُجريات الحرب، وتحديداً وقفها، دفع بكين إلى البحث عن مسألة حسّاسة وجوهرية وذات تأثير إقليمي ودولي، كالمصالحة الفلسطينية، سعياً وراء دور ما يُغطّي ضعف تأثيرها في مُجريات الحرب وفي أطرافها. يثير ذلك سؤالاً مُهمّاً: هل النشاط الصيني المُتعلّق بالمصالحة الفلسطينية يهدف إلى تحقيقها فعلاً، أمّ أنّه تعديل في السياسة الخارجية الصينية بعد فشل نهج تحويل المسؤولية، وخاصّة أنّه أظهر محدودية تأثيرها الفعلي سواء في الحرب أو في المؤسّسات الدولية؟


لم تستطع الصين أن تُؤثّر في أكثر النزاعات الدولية أهمّية؛ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، ولا في أطرافه


دفعت هذه المحدودية الصين إلى البحث عن مدخل آخر للبقاء حيّة في الصراع، فكان الملفّ الأكثر جذباً بعد فشل مجلس الأمن في وقف الحرب هو إنهاء الانقسام الفلسطيني.
بعد الإعلان مباشرة عن توقيع الاتفاق، الاثنين الماضي (22/7/2024)، قالت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، إنّ هدف بلادها "التوافق على الحكم في مرحلة ما بعد الصراع في غزّة، وتشكيل حكومة مصالحة وطنية مُؤقّتة، وأقوى التطلعات هو تحقيق الدولة المستقلّة الحقيقية لفلسطين"، معتبرة أنّ تحقيق الوحدة الوطنية هو أساس إقامة الدولة الفلسطينية. تصريحات الصين، وتوسّطها بين الفصائل، يضعانا أيضاً أمام تساؤلات إضافية، بعضها يدور حول مركزية إنهاء الانقسام لمواجهة إسرائيل. سوف يتّفق كثيرون من الفلسطينيين على أنّ الوحدة الفلسطينية أساس للوقوف ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، لكن سوف يختلف كثيرون مع التقدير الصيني بشأن اعتبار هذه الوحدة العائق أمام إقامة الدولة، والتغاضي عن العوامل الأخرى الأكثر أهمّية وخاصة إسرائيل. ما هي الحكمة الصينية من التحوّل إلى هذه النقطة تحديداً، تحقيق التوافق الفلسطيني الداخلي؟ ولماذا لم تبدأ بكين في التدخّل في الصراع من نقطة أخرى؟ مثلاً، ألم يكن من الأولى للصين تطبيق دعمها المُعلَن للفلسطينيين عبر الضغط على إسرائيل على نحو حقيقي؟ أو في الأقلّ التوسّط بين فلسطين وإسرائيل، أو بالأحرى الضغط على الأخيرة؟ أو التوسّط بين أميركا وإسرائيل من جهة، وفلسطين من جهة ثانية، لإقامة الدولة، وليس التوسّط بين الفصائل؟... تأتي هذه التأملات وفي خلفيتها سؤال كبير، إذا افترضنا جدلاً أنّ الاتفاق نجح وشكّلت الحكومة المُؤقّتة، هل تمتلك الفصائل القدرة على وقف الحرب وإقامة الدولة الفلسطينية، كما قالت الصين؟ لماذا اختارت الصين اللجوء إلى الوساطة بين الفصائل الفلسطينية؟
يعود تعديل الصين سياستها، ولجوؤها إلى ملفّ المصالحة الفلسطينية، إلى ثلاثة أسباب رئيسة. الأول، فشل استراتيجية تحوّل المسؤولية، كما ذُكِر، والتي أظهرت تأثيرها المحدود في الحرب وفي الأطراف، وفي المؤسّسات الدولية، الأمر الذي انعكس بشكل كبير في فاعلية الدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط ككلّ. وبالتالي، جاء ملفّ المصالحة مدخلاً رئيساً آخر للصين ليبقى لها دور حيّ في الصراع، حتّى لو لم يُنفّذ الاتفاق. ويتعلق السبب الثاني بصورتها الدولية. فرغم وعي الصين بأنّ السلطة الفلسطينية لا تمتلك السيادة على قراراتها، وخاصّة في ملفّ المصالحة، بسبب الفيتو الأميركي الإسرائيلي، إلّا أنّ تدخّلها يعزّز نسبياً من صورتها دولةً راعيةً للسلام. منذ تبنّي الصين سياسة الإصلاح والانفتاح عام 1978، كان هدفها الرئيس بناء صورة إيجابية مغايرة تفوق أخلاقياً صورة الغرب، وخاصّة صورة واشنطن. وبالتالي، ليس نجاح إنفاذ الاتّفاق المُهمّ هنا، لأنّ الصين تعلم أنّ النتائج لن تكون إيجابيه، المُهمّ هو الدخول في العملية. وبالتالي، الاستفادة القصوى من الأحداث لمراكمة مكاسب صغيرة ثابتة تظهر نتائجها مستقبلاً. وبذلك، تضيف الصين ملفّ الانقسام إلى صعودها لتعزيز صورتها، ما سيُحدث زخماً إيجابيأً حول الصين مُحفّزاً دولاً أخرى على التحوّل من البيت الأبيض إلى قاعة الشعب الكبرى، واللجوء إليها للتوسّط لحلّ النزاعات.
يتعلق السبب الأخير بالعلاقات الصينية - الإسرائيلية، ويأتي استكمالاً لسياسة الصين خلال الحرب، التي تجنّبت فيها أيّ مواجهة مباشرة مع إسرائيل. مُؤشّرات عدّة تثبت ذلك، أولها أنّ كلّ ما دعت إليه الصين خلال الحرب لا يختلف عمّا دعت إليه الدول الأخرى، خاصّة الغربية، في سياق دعم حلّ الدولتَين ووقف الحرب. بل يمكن اعتبار سقف موقفها أدنى بكثير من مواقف لا توازيها من ناحية القوّة والمكانة الدولية والتأثير. لم تلجأ الصين مثلاً إلى مواجهة إسرائيل بالانضمام إلى الدول التي تحاكم إسرائيل في محكمة العدل الدولية، وفي مقدمتها جنوب أفريقيا، ولم تقطع علاقاتها مع إسرائيل أو تطرد سفيرها كما فعلت مثلاً بوليفيا وكولومبيا وجنوب أفريقيا والبرازيل وتشيلي. حتّى إنّ الصين لم تستدعِ السفير الإسرائيلي كما هو حال هندوراس وتشاد، وغيرهما. وأخيراً، تجاهلت الصين كلّياً عسكرة واشنطن لإسرائيل خلال الحرب في تصريحاتها وفي وثيقتها، التي نشرتها في إبريل/ نيسان الماضي، عن تاريخ المساعدات الخارجية الأميركية المالية والعسكرية، منذ أربعينيّات القرن الماضي، وتسبّبها في كوارث إنسانية ودولية قوضت الأمن والاستقرار الدوليَين. والمثير هنا أنّ الصين نجحت فعلياً في تجنّب إسرائيل، فقد كان موقف الأخيرة الرسمي من "إعلان بكين" ضدّ السلطة وحركة حماس مجتمعَين، وبعيداً تماماً عن انتقاد الصين ودورها. في هذا السياق، انتقد وزير خارجية إسرائيل يسرائيل كاتس، الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس لتوقيع اتفاق وحدة مع حركة حماس، وقال: "حماس وفتح وقّعتا اتفاقية في الصين للسيطرة المشتركة على غزّة بعد الحرب، وهذا لن يحدًث في الواقع... حكم حماس سيُسحق ومحمود عبّاس سيراقب غزّة من بعيد".
يلاحظ أنّ الدبلوماسية الصينية تجاه الحرب مركّبة ومتناقضة، في سياق تحدّيها واشنطن، فقد اقتربت من واشنطن في بعض المسائل، مثل المطالبة بتحرير الأسرى الإسرائيليين من دون قيد أو شرط، وامتنعت عن استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية"، وتجاهلت ملفّ الأسرى الفلسطينيين، وتجنبت انتقاد عسكرة إسرائيل. في الوقت نفسه، ابتعدت عن واشنطن في بعض المسائل، مثل المطالبة بوقف إطلاق النار وترتيبات ما بعد الحرب، فسارعت إلى التوسّط بين الفصائل الفلسطينية مشيرةً إلى أنّ الفلسطيني هو الوحيد الذي يحقّ له تقرير مصيره فيما يتعلّق باليوم التالي للحرب.
ملاحظة أخرى، ومثيرة أيضاً، أنّ الصين، الدولة الصاعدة والمنافس الوحيد للهيمنة الأميركية، لم تستطع أن تُؤثّر في أكثر النزاعات الدولية أهمّية، الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، ولا في أطرافه. على صعيد العلاقات الثنائية - الإسرائيلية، تحظى الأخيرة بأهمّية، إن لم تكن أولوية، في استراتيجية الصين الإقليمية. فهي الدولة الإقليمية الوحيدة والثانية دولياً بعد الولايات المتّحدة، التي تمتلك أربع قنصليات وسفارة في الصين. وأيضاً، هي الأولى إقليميا والثانية دولياً بعد روسيا الاتحادية، التي سمحت لها الصين بافتتاح فرع جامعي مستقلّ في أراضيها. ونضيف إلى ذلك، أنّها الشريك الثقافي الأكبر للصين في الإقليم مقارنةً بباقي الدول، وتُصنَّف الصين أكبر شريك اقتصادي لإسرائيل في آسيا. وعلى صعيد الصراع، قدّمت الصين خدمات هائلة للاحتلال، فشرعنت الاستيطان عبر الاستثمار المباشر فيه، وتبنّت العقيدة الصهيونية، ودعمت التطبيع العربي، واستبعدت إسرائيل في سياق منافستها مع واشنطن. وذلك كلّه، لم يُحدِث أيّ تأثير صيني يذكر في سياسة إسرائيل خلال الحرب. وينطبق ذلك على الفلسطينيين، فبرغم توقيع "إعلان بكين"، إلّا أنّ تأثير الصين في السلطة يبقى محدوداً. فلم تكن السلطة لتذهب إلى بكين لولا تزايد احتمالات نجاح دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية المُقبلة. وما يُؤكّد ذلك، رفضها المشاركة في اللقاء الموسّع الذي كان سيعقد في يونيو/ حزيران الماضي في بكين، مُعتقدة أنّ إدارة بايدن تسعى إلى أن تُقدّم لها شيئاً ما.


تحظى إسرائيل بأهمّية في استراتيجية بكين. فهي الدولة الإقليمية الوحيدة، والثانية دولياً بعد أميركا، تمتلك أربع قنصليات وسفارة في الصين


وبغض النظر عن نيات الصين وأهدافها البراغماتية وراء "إعلان بكين"، فإنّ ما تقوم به يخدم الفلسطينيين بطرائق مختلفة. أولاً، كسر العزلة التي فرضتها واشنطن والغرب على حركة حماس، وتعزيز شرعيتها قائداً فعلياً للمقاومة الفلسطينية، وجزءاً لا يتجزّأ من الحركة الوطنية الفلسطينية. ثانياً، الاستفادة القصوى من الأشهر التي تسبق الانتخابات الأميركية، عبر قيام السلطة بإشعار إدارة بايدن بأنّها ستلجأ إلى أطراف دولية أخرى ومنافسة لواشنطن، وقد نجحت هذه السياسة سابقاً، ومن الممكن أن تحقّق شيئاً ما اليوم. ثالثاً، التركيز الصيني على الملفّ الفلسطيني، وحتّى لو لم يكن له ترجمة واقعية، يعطي زخماً دولياً كبيراً، ويُبقي فلسطين في الواجهة، وخاصّة في ظلّ الانشغال الدولي اليوم بالانتخابات الرئاسية الأميركية. رابعاً، استغلال الفصائل للتقارب الصيني معهم، ومحاولة طرح قضايا رئيسة تتعلّق مثلاً بالطلب المباشر من الصين بوقف استثماراتها في المستوطنات الإسرائيلية. ومن الممكن أيضاً، أن ترفع الفصائل سقفها عبر دعوة الصين لإعادة تقييم مواقفها وتصريحاتها تجاه قضايا الصراع الرئيسة، وفي رأسها يهودية الدولة الإسرائيلية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 "إعلان بكين" الفلسطيني... قراءة في موقف صيني مُتغيّر Empty
مُساهمةموضوع: رد: "إعلان بكين" الفلسطيني... قراءة في موقف صيني مُتغيّر    "إعلان بكين" الفلسطيني... قراءة في موقف صيني مُتغيّر Emptyالسبت 27 يوليو 2024, 3:53 pm

"طوفان الأقصى" وازدواجية الصين: عسكرة إسرائيل فوق النقد
"حان الوقت لأن تعترف إسرائيل والولايات المتّحدة بالحقيقة: الحزب الشيوعي الصيني عدو لأميركا، وعدو لدولة إسرائيل". هكذا اختتم الكاتب والحاخام الإسرائيلي بيساش ووليكي مقالته المنشورة في يوليو/ تمّوز الحالي في موقع صحيفة نيوزويك الأميركية بعنوان "الصين تشنّ حرباً بالوكالة على إسرائيل". وفي مقال آخر، نشر في الموقع نفسه، قال الكاتب الأميركي ديفيد غولدمان: "بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تحوّلت السياسة الصينية بشكل حاسم ضدّ إسرائيل. واصطفّ المُعلّقون ومستخدمو الإنترنت الصينيون ضدّ الدولة اليهودية مثل برادة الحديد على ورقة تحتها مغناطيس".


كانت هجمات 11 سبتمبر/ أيلول (2001) إحدى التشبيهات الإسرائيلية والغربية للسابع من أكتوبر (2023). ولذلك، استخدم الإسرائيليون منذ اندلاع الحرب المنطق الأميركي: "من ليس معنا فهو ضدّنا"، وخاصّة مع الصين، جاحدين تماماً الخدمات الكبرى الملموسة التي قدّمتها الصين لهم منذ عام 1992، من دعم مباشر أو غير مباشر للمشروع الصهيوني، ودعم الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وتشجيع التطبيع العربي، فضلاً عن الاستثمار في المستوطنات الإسرائيلية. فمن خلال متابعة ما ينشره كُتّاب إسرائيليون وأميركيون بشأن دور الصين في الحرب الحالية، نستخلص أنّ جزءاً كبيراً، إن لم يكن كاملاً، من تحليلاتهم بُني على التصريحات والمواقف الصينية في الأمم المتّحدة فقط. رسمياً، انتقدت الحكومة الإسرائيلية موقف الصين، واعتبرته "مخيّباً للآمال"، وفي الوقت نفسه، طالب رجال أعمال إسرائيليون بحظر عمل الشركات الصينية في الموانئ الإسرائيلية مُؤقّتاً. عملياً، وبعيداً من المواقف الكلامية والدعم الصيني اللفظي "حلّ الدولتين"، الذي يتناقض تماماً مع شرعنتها الاستيطان عبر الاستثمار فيه، إلا أنّها ما زالت، كما الولايات المتّحدة والدول الحليفة لإسرائيل، لم تستخدم مصطلح "الإبادة الجماعية"، واعتمدت تعبير "كوارث إنسانية"، وطالبت بضرورة احترام المخاوف الأمنية للاحتلال الإسرائيلي، وطالبت بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين من دون شرط، ومن دون الإشارة إلى آلاف الأسرى الفلسطينيين، وفوق ذلك كلّه، تعامت مُتعمّدة عن عسكرة واشنطن لإسرائيل والدعم الحربي اللامحدود.


"أنانية، ومتغطرسة، ومنافقة، وقبيحة". بهذه الكلمات بدأت الصين وثيقة نشرتها بشأن المساعدات الأميركية الخارجية المالية والعسكرية وتداعياتها "الكارثية" على الأمن الدولي. بعد سبعة أشهر من الإبادة الجماعية في قطاع غزّة (19 إبريل/ نيسان الماضي). الوثيقة التي نشرتها وزارة الخارجية الصينية بعنوان "نفاق وحقائق المساعدات الأميركية الخارجية" تكمن أهمّيتها، فلسطينياً، في تغاضي الصين كلّياً عن العسكرة الأميركية لإسرائيل، ليس فقط خلال الحرب الحالية، بل تاريخياً. وبالتالي، توضّح هذه الوثيقة أنّ أولويات الصين الجدّية في الشرق الأوسط تأتي لصالح إسرائيل في الدرجة الأولى برغم مواقفها الداعمة لفلسطين في الأمم المتّحدة.


انتقدت الصين المساعدات العسكرية الأميركية لدول عديدة منذ 1949، لكنّها تجاهلت التطرّق إلى المساعدات الأميركية لإسرائيل


انتقدت الصين بشدّة المساعدات العسكرية الأميركية لدول عديدة منذ 1949، متّهمة إيّاها بـ"الربح من الأزمات الإنسانية ونشر الفوضى والحروب في العالم"، لكنّها تجاهلت، بشكل ملحوظ، التطرّق إلى المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل. في الشرق الأوسط، أشارت الصين إلى الدور العسكري والحربي الأميركي "المدمّر" في عدة دول عربية، لكنّها استثنت فلسطين، فقالت الوثيقة: "لقد ارتبطت المساعدات الخارجية منذ فترة طويلة بمصالح تجّار الأسلحة، وأصبحت غطاءً للهيمنة العسكرية للولايات المتّحدة. والولايات المتّحدة لا تحقق أرباح الحرب من خلال الأزمات الإنسانية فحسب، بل إنّها تضيف الوقود إلى النار من خلال مشاريع المساعدات... واليوم، من أوكرانيا والعراق وأفغانستان وليبيا وسورية إلى باكستان واليمن، فإنّ لتدخّل المساعدات الخارجية الأميركية علاقة بالأزمة الإنسانية التي تواجه هذه البلدان". وبالرغم من أنّ الحرب الإسرائيلية بدأت بعد ما يقارب السنتَين من الحرب الروسية الأوكرانية، إلّا أنّ الصين ركّزت على تفاصيل المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا، وتتبّعتها منذ اندلاع الحرب، واعتبرتها السبب في "إطالة الأزمة"، واصفةً إيّاها بمثابة "صبّ الزيت على النار"، فقالت: "أدّت المساعدات الخارجية إلى إطالة أمد الأزمة في أوكرانيا. اعتباراً من يناير/ كانون الثاني 2023، بلغ التزام الولايات المتّحدة تجاه أوكرانيا 76.8 مليار دولار، شكّلت المساعدات العسكرية الحصّة الأكبر منها: 46.5 مليار دولار، أو 61%. وكشفت وسائل الإعلام الأميركية أنّ 40% من المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا تُستخدم في الشراء الإلزامي للمعدّات الأميركية وخدمات التدريب المعروفة باسم "المساعدة المُقيّدة". جزء من المساعدات العسكرية قرض مالي سيصبح مسؤوليةً طويلة الأجل لأوكرانيا. يطرح هذا تساؤلاً مُهمّاً: ألم يكن الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل السبب الرئيسي في إطالة أمد الإبادة الجماعية في فلسطين، وتجويع المدنيين، وتشريدهم؟ ألم تكن أميركا شريكاً مباشراً في الحرب الإسرائيلية على فلسطين؟


وبالرغم من أنّ إسرائيل، حسب بعض الدراسات، تصنّف أكبرَ متلقٍّ للدعم العسكري الأميركي عالمياً، تتبّعت الصين تاريخ التمويل والدعم العسكري الأميركي الدولي للحروب والنزاعات الإقليمية، منذ 1949، مستثنية إسرائيل كلّياً. بدأت الصين وثيقتها منذ عهد الرئيس الأميركي ترومان، وأشارت إلى أنّه منذ ذلك الوقت، "كان الهدف الأساسي للمساعدات الخارجية الأميركية دائماً خدمة مصالحها الخاصّة وحماية أمنها". وتجنّبت الإشارة إلى توريد حكومة ترومان مئات المليارات للحكومة الإسرائيلية الأولى لتعزيز سيطرتها على فلسطين عسكرياً. ومقارنة بالدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا، المشار إليه تفصيلاً في الوثيقة، تجنّبت الصين كلّ ما يتعلق بإسرائيل، مثلاً: قرار الولايات المتّحدة لعام 2008، الذي نتج عنه التزام أميركي بتقديم دعم عسكري ومالي سنوي ثابت لإسرائيل بقيمة 3.3 مليارات دولار. بالإضافة إلى مذكرة تفاهم لعام 2016، التي وقّعت لمدة عشر سنوات، تُفضي إلى تقديم واشنطن مساعدات ومنح عسكرية لإسرائيل تصل إلى 38 مليار دولار. تُؤكّد هذه الوثيقة، التي نشرت بعد سبعة أشهر من الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل في حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزّة، مرّة أخرى، أنه لا يمكن للصين أن تلعب دوراً حياديّاً أو بنّاءً كما تدّعي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لم يكن الدعم الأميركي خلال الحرب الحالية مخفياً، فقد وصل إلى حدّ إرسال بارجتَيها (إيزنهاور وفورد) إلى الإقليم. بالإضافة إلى تزويد إسرائيل بالأسلحة الثقيلة والصواريخ، التي بلغت قيمتها 12.5 مليار دولار، وتشمل 3.8 مليارات من مشروع قانون نشر في مارس/ آذار 2024، و8.7 مليارات دولار من قانون الاعتمادات التكميلية في إبريل/ نيسان 2024. لم تكن إسرائيل لتستطيع الصمود إلى يومنا هذا، عسكرياً، لولا دعم واشنطن، ولولا هذا الدعم لما دمّرت إسرائيل قطاع غزّة كلّياً، ولولا الدعم السياسي الأميركي لما ارتكبت إسرائيل جرائم الحرب، كالإبادة والتهجير القسري، والتجويع والعقاب الجماعي، والقائمة تطول.


خلال الحرب على غزّة، لم يخرج انتقاد الصين للولايات المتّحدة عن سياق دور واشنطن في الأمم المتّحدة وإعاقتها مقترحات وقف إطلاق النار


خلال الحرب، كان انتقاد الصين للولايات المتّحدة لا يخرج عن سياق دور الأخيرة في الأمم المتّحدة وإعاقتها مقترحات وقف إطلاق النار. على سبيل المثال، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 انتقدت الصين عدم قدرة مجلس الأمن على إصدار قرار لوقف إطلاق النار، إذ طالبته بالتخلّص من العوائق التي تحول دون اتّخاذ القرار، والمتمثّلة في الفيتو الأميركي. وفي مثال آخر، في 22 فبراير/ شباط 2024، انتقدت بكين استخدام واشنطن الفيتو قائلة "إنّ استخدام الولايات المتّحدة حقّ النقض قبل يومَين يعني أنّ المجلس أضاع فرصة أخرى للدفع باتجاه وقف إطلاق النار في غزّة". ورغم أنّ إسرائيل إحدى ملفّات المنافسة بين بكين وواشنطن، من وجهة نظر الأخيرة، إلا أنّ الوثيقة تظهر أنّها خارج المنافسة من وجهة نظر الصين. وهذه ليست المرّة الأولى التي تستثني فيها الصين إسرائيل في سياق منافستها مع واشنطن. ففي فبراير 2023، كانت الصين قد نشرت وثيقة كاملة عن تاريخ واشنطن الدموي في العالم كلّه بعنوان "الهيمنة الأميركية ومخاطرها"، وتعامت تماماً عن إسرائيل. هذا التجنّب المتعمّد في الوثائق الصينية يشير إلى نقطتَين رئيسيتَين: أولاً، أنّ إسرائيل تحتلّ أولوية قصوى بالنسبة للصين في الإقليم، خاصّة خلال الحرب الحالية. ثانياً، يثير شكوكاً حول صدق دعم الصين لفلسطين، والذي لا يعدو أنّه "كلام". وبالتالي، تبرز إسرائيل كياناً يَحظى بالتوافق بين العاصمتَين العالميتَين المتنافستَين، بكين وواشنطن.


لذرّ الرماد في العيون، ذكرت الصين سياسة واحدة من سياسات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تجاه فلسطين، وهي توقّف واشنطن عن دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وأضافت الصين "نتيجة لذلك، وقعت الوكالة في أزمة مالية خطيرة، حيث لم تتمكّن من العمل من أجل قضية اللاجئين الفلسطينيين، واضطرّت إلى تقليص الخدمات وتسريح العمال". وورد أنّ هذه الخطوة تهدف إلى الضغط على فلسطين لقبول ما تسمّى "صفقة القرن" الأميركية.


تجنّب الصين التطرّق إلى الضوء الأخضر الأميركي للإبادة الجماعية الإسرائيلية، والدعمين العسكري والمالي، يثير تساؤلاً مُهمّاً: هل يعني ذلك قبول الصين بتسليح إسرائيل الضخم بغض النظر عن تداعياته الخطيرة على الفلسطينيين؟... اختتمت الصين وثيقتها بقائمة طويلة من الإهانات الموجّهة جزئياً ضدّ الدعم الأميركي العسكري الخارجي لكلّ الدول إلا إسرائيل: "منافقة" و"جشعة" و"ماكرة"، ارتكبت "الآثام" و"الجرائم"، وأدّت إلى "كوارث عميقة" في النظام الدولي.. ما عدا فلسطين (!)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 "إعلان بكين" الفلسطيني... قراءة في موقف صيني مُتغيّر Empty
مُساهمةموضوع: رد: "إعلان بكين" الفلسطيني... قراءة في موقف صيني مُتغيّر    "إعلان بكين" الفلسطيني... قراءة في موقف صيني مُتغيّر Emptyالسبت 27 يوليو 2024, 3:54 pm

الصين وطوفان الأقصى: لو كان مجلس الأمن رجلاً لقتلته!
حمّل الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في لقاء مرئي معه في 18 مارس/ آذار 2022، مسؤولية اندلاع الحرب في أوكرانيا على الولايات المتحدة، مستشهدا بمثل صيني: "دع من ربط الجرس في رقبة النمر يخلعه"، أي أن سياسة واشنطن وتوسّع حلف الناتو هما السبب وبالتالي، على بايدن حلّ الأزمة. وبذلك تماهى الموقف الصيني كليّاً مع الأسباب الروسية والتي أطلقت عليها سياسة "التمسّك بعقلية الحرب الباردة"، وعدم تفهّم مشروعية المخاوف الأمنية الروسية عبر توسّع "الناتو". حيث انتقدت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشونينغ، العقوبات الأميركية على روسيا، وإرسالها أسلحة إلى أوكرانيا، الأمر الذي أدّى إلى "صبّ الزيت على النار" بحسب تعبيرها. وقال وزير الخارجية، وانغ يي، في محادثة هاتفية مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، "تتفهم الصين مخاوف روسيا الأمنية، وينبغي التخلّي عن عقلية الحرب الباردة وإنشاء آلية أمنية وأوروبية متوازنة وفعّالة من خلال الحوار والمفاوضات".
أما بشأن الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزّة، فإنّ المسؤول عن اندلاع الحرب، بالنسبة للصين، ليس استمرار الاحتلال الإسرائيلي، ولا عقلية الحرب الباردة، ولا عدم احترام المخاوف الأمنية للفلسطينيين، ولا حتى الاستيطان، بل مجلس الأمن. منذ بدء العدوان، ادّعت الصين أن مسؤولية حل الصراع تقع، بشكل رئيسي، على عاتق مجلس الأمن. تؤكّد ذلك التصريحات الصينية في مناسبات عدة خلال شهور طوفان الأقصى، ومنها: "على مجلس الأمن إظهار التزاماته من خلال التوصل بسرعة إلى توافق في الآراء، وإرسال الرسالة بصوت عال وواضح، واتخاذ تدابير عملية لتعزيز وقف إطلاق النار ومنع الكوارث الإنسانية". و"ينبغي للمجلس ألا يتخلّى عن جهوده في حماية المدنيين"، و"في التحليل النهائي، لا يمكن للمجلس أن يظل ساكنا، الوضع الحالي في غزة يتصاعد"، و"ينبغي للمجلس أن يستجيب للنداء العادل للدول العربية والشعب الفلسطيني"، و"ليس لدى مجلس الأمن أي سبب للبقاء صامتا وليس لديه أي عذر لمزيد من التأخير"، و"إن عيون العالم أجمع تتجه نحو هذه القاعة. ونحن ندعو المجلس إلى اتخاذ إجراءات جماعية مسؤولة وذات مغزى من دون تأخير وإرسال رسالة واضحة وقوية وموحدة"، و"على المجلس أن يدافع بحزم عن سيادة القانون الدولي، وأن يدين بشكلٍ لا لبس فيه جميع أعمال العنف والهجمات ضد المدنيين، وأن يعارض بشكلٍ لا لبس فيه أي انتهاك للقانون الدولي"، و"ليس أمام مجلس الأمن بديل سوى اتّخاذ المزيد من الإجراءات على الفور، بأكبر قدر من الشعور بالمسؤولية وأقوى التصميم، لحماية العدالة وإنقاذ الأرواح وتحقيق السلام"، و"على مجلس الأمن أن يتخذ إجراءات للضغط من أجل وقف إطلاق النار، ولا ينبغي أن يكون هذا موضوعا للنقاش، بل هو التزام أخلاقي لا يمكن للمجلس أن يتهرّب منه، وهي مسؤولية قانونية يجب أن يتحمّلها المجلس. أكثر من ذلك، هذا مطلب سياسي على المجلس الوفاء به وفقا للميثاق".


دبلوماسية الصين تجاه الأزمات الدولية تقوم بشكل كبير على استراتيجية "تحويل المسؤولية"


هل امتلك مجلس الأمن القدرة على تطبيق القرارات السابقة التي حصلت على إجماع الأعضاء فيما يتعلق بفلسطين؟ الجواب بوضوح: كلا جلية. هل التزمت الصين نفسها في قرارات مجلس الأمن في ما يتعلق بالاستيطان وعدم مشروعيته؟ الجواب: لا أيضاً، فالصين ذاتها تستثمر في المستوطنات وتستحوذ على شركات استيطانية، وتساهم في البنية التحتية للمستوطنات، وخصوصاً في مجال تعبيد الطرق وتسهل انتقال المستوطنين من الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى المدن الفلسطينية في الداخل المحتل. وتقف هذه النقطة، على وجه الخصوص، عائقاً كبيراً أمام تبنّي الصين حلّ الدولتين، وتدحض دعواتها إلى السير باتجاه التسوية السلمية ودعم الفلسطينيين. كيف تدعم إقامة دولة فلسطينية، وفي الوقت نفسه، تعطي شرعية للوجود الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية؟
إذا كانت قرارات مجلس الأمن لا تطبّق في الحالة الفلسطينية من جهة، ولا تلتزم بها الصين من جهة أخرى، يكون السؤال: لماذا تستمرّ الأخيرة في التأكيد على ضرورة ممارسة المجلس أدواراً أكبر وتحميله مسؤولية وقف الحرب وحلّ الصراع؟ لأن دبلوماسية الصين تجاه الأزمات الدولية تقوم بشكل كبير على استراتيجية "تحويل المسؤولية"، فغالبا ما تجد كيانا لتضع عليه عبء حلّ الصراع وإنهائه.


حوّلت الصين العبء إلى مجلس الأمن مسؤولاً رئيسياً لردع إسرائيل، ونأت بنفسها عن اتّخاذ أي إجراء أحادي للضغط عليها


في سياق "طوفان الأقصى"، حوّلت الصين العبء إلى مجلس الأمن مسؤولاً رئيسياً لردع إسرائيل، ونأت بنفسها عن اتّخاذ أي إجراء أحادي للضغط عليها. وفي الوقت نفسه، أبقت الباب مفتوحًا أمام فلسطين لتجنب الانزلاق في الصراع. تحويل المسؤولية لا يعني ابتعاد الصين الكلي عن الصراع، بل الوجود فيه صوتيّاً لإظهار حيادها وطرح رغبتها في أداء دور في إطار مجهود دولي وليست منفردة.
تاريخيّاً، بالنسبة للصينيين، كان هناك شعبان، شعب إلهان، وكل من عداهم هم همجيون، أي بقية الشعوب الأخرى. أوضح غراهام أليسون في كتابه "حتمية الحرب" الاستثنائية الصينية، في سياق نظرتهم إلى أنفسهم والآخر، حيث قال "يؤمن الصينيون بأن الشعوب المجاورة، باعترافها بسيادة سلطان الحكومة الصينية، قد استفادت من التواصل مع الصين وحضارتها، وأن أولئك الذين لم يفعلوا ذلك بقوا على حالهم همجاً". إذاً، من ليس صينيا، فهو همجي. أثرت هذه النظرة إلى الآخر همجياً في طبيعة تفاعل الصين مع الصراعات الدولية. وأضاف أليسون، "تلجأ الصين إلى وضع أولئك الهمج الذين يعيشون خارج حدود الصين في مواجهة بعضهم بعضاً، ليتورّطوا في سباق يخسر فيه الجميع باستثناء الصين". وبالتالي، يصبح الخصم ضعيفاً بطريقة أكثر فعالية من حربٍ عسكرية. طبعاً، لم تضع الصين فلسطين وإسرائيل في موقف المواجهة، ولكنها تستفيد من الاستنزاف الغربي الحاصل جرّاء هذه المواجهة، فالحروب التي تنشغل بها واشنطن وحلفاؤها حالة مفضّلة لدى للصين، فهي تعطيها مساحة وفرصة للاستمرار في صعودها ومراكمة قوتها بأريحيةٍ مقارنةً بحالة الاستقرار الغربي.


منذ بدء الحرب، حاولت الصين تعزيز فكرة أن عجز مجلس الأمن هو السبب في عدم حلّ الصراع


نشر الإعلام الصيني، وخصوصاً وكالة شينخوا والمركز الإعلامي الحكومي للجمهورية الصينية، مرّات عدة تقارير تشير إلى دور الصين في الصراع بوصفها قوة عظمى، جاء أحدها بعنوان "مقترح النقاط الأربع الصيني بشأن القضية الفلسطينية تجسيداً لمسؤولية القوى الكبرى". وبعد أكثر من خمسة شهور على الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزّة، لم توجه "القوة العظمى"، الصين، أي طلبٍ مباشر إلى إسرائيل أو مارست أي ضغطٍ عليها لوقف الحرب، بل كانت مجمل مطالبتها ودعواتها إلى إسرائيل في الأمم المتحدة. وتثبت الحرب الحالية أن الصين ما زالت بعيدة عن ممارسة فعل "القوى العظمى" القادرة على إحداث فرق في الشرق الأوسط، فالقوى العظمى كانت واشنطن في دعمها السياسي والمادي والعسكري لإسرائيل، بالإضافة الى ألمانيا وفرنسا وغيرهما. وأثبتت الحرب أيضاً هشاشة الافتراض القائل إن هناك تراجعاً للوجود الأميركي في الإقليم. ما حدث فعلاً أن الهيمنة الأميركية هي المحرّك الفعلي للتفاعلات الإقليمية. 
تحويل المسؤولية على مجلس الأمن يخدم الصين في سياق صورتها في حال فشل المفاوضات ووقف العدوان، فمنذ بدء الحرب، حاولت الصين تعزيز فكرة أن عجز مجلس الأمن هو السبب في عدم حلّ الصراع. بالتالي، لا تتحمّل هي مسؤولية الفشل في وقف إطلاق النار "كقوة عظمى"، بل مجلس الأمن، الذي وضع الجرس في رقبة إسرائيل! والذي لو كان رجلًا لقتلته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 "إعلان بكين" الفلسطيني... قراءة في موقف صيني مُتغيّر Empty
مُساهمةموضوع: رد: "إعلان بكين" الفلسطيني... قراءة في موقف صيني مُتغيّر    "إعلان بكين" الفلسطيني... قراءة في موقف صيني مُتغيّر Emptyالسبت 27 يوليو 2024, 3:55 pm

بلينكن والانقسام الفلسطيني في بكين
بشكل منفصل ومتتالٍ، أنهى أخيراً، كلّ من وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ووفدين من حركتي فتح وحماس، زياراتِهم إلى الصين، بعد دعواتٍ رسمية من بكين. على النقيض من إعلان الصين المُسبق أنّ المسألة الفلسطينية ستكون من بين "أهدافها" خلال زيارة بلينكن، إلا أنّها هُمّشت كلياً في المباحثات الثنائية.


قبل الزيارة، تحديداً في 23 من الشهر الماضي (إبريل/ نيسان)، حدّدت وكالة الأنباء الحكومية (شينخوا) خمسة أهداف صينية لزيارة بلينكن، كان أحدها التعبير عن "استياء" وخيبة أمل" من استخدام الولايات المتحدة حقّ النقض (فيتو) الوحيد ضدّ محاولة فلسطين الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتّحدة. وذكر تقرير "شينخوا" أيضاً، أنّ الصين سترفع طلبات واضحة إلى بلينكن، وتحثّ الولايات المتّحدة على "التخلي عن عقلية التفوق... والانضمام إلى الدول الأعضاء الأخرى في الأمم المتّحدة في الوفاء بالمسؤوليات الدولية الواجبة، ودعم قرار مجلس الأمن 2728، والضغط من أجل التوصّل إلى اتفاق مُبكّر، ووقف إطلاق نار كامل في غزّة، لإنهاء محنة الشعب الفلسطيني".


فوراً، وبعد انتهاء الزيارة (في 27 إبريل) نشرت "شينخوا" تقريراً ذكرت فيه أنّ هدف الزيارة المحوري كان إرسال رسالة إلى واشنطن تتعلّق بسياسات الأخيرة تجاه بكين، وهي "بدلاً من اللجوء إلى الازدواجية، من الضروري اقتران الأقوال بالأفعال". يشير هذا التناقض بين إعلان ما قبل الزيارة والنتائج الفعلية إلى أولويات الصين، وثانوية المسألة الفلسطينية.


كان جوهر اللقاءات التي عقدت ثلاثة أيام بشأن دعوة واشنطن إلى وقف سياسة الاحتواء التي تمارسها ضدّ بكين، واستبدالها بالتعاون بدلاً من المنافسة وإقامة التكتّلات، فقد نشرت وزارة الخارجية الصينية عن مضمون المباحثات بين بلينكن والرئيس الصيني شي جين بينغ (26 إبريل)، إذ قال الأخير: "الرُكّاب في القارب نفسه يجب أن يساعدوا بعضهم بعضاً... والصين مستعدّة للتعاون، ولكنّ التعاون يجب أن يكون طريقاً باتجاهين... إنّ الصين لا تخشى المنافسة، ولكنّ المنافسة يجب أن تدور حول التقدّم معاً، بدلاً من اللعب في لعبة محصّلتها صفر". وفي لقاء آخر بين بلينكن وعضو مجلس الدولة ووزير الأمن العام الصيني، وانغ شياو هونغ، انتقد الوزير الصيني السياسات الأميركية، وطالب بلينكن بوقف "المضايقات غير المبرّرة"، التي يتعرّض لها الطلاب الصينيون في أميركا. وفي ما يتعلّق بتايوان، وهي من أكثر القضايا الشائكة بين البلدين، قال المدير العام لإدارة شؤون أميركا الشمالية وأوقيانوسيا بوزارة الخارجية، يانغ تاو، خلال لقائه بلينكن: "مسألة تايوان هي الخطّ الأحمر الأوّل في العلاقات الصينية الأميركية. العلاقة التي لا ينبغي تجاوزها. تعارض الصين بشدّة الكلماتِ والأفعالَ المُضلّلة للجانب الأميركي بشأن مسألة تايوان... إذا كان الجانب الأميركي يريد حقاً السلام والاستقرار في مضيق تايوان، فيجب عليه... ألا يرسل أيّ إشارة خاطئة إلى قوى (استقلال تايوان) بأيّ شكل"، مطالباً بـ"وقف تسليح تايوان".


ألم يكن الضوء الأخضر الأميركي ودعم واشنطن العسكري لإسرائيل السببين الرئيسين للإبادة الجماعية في غزّة؟


وفقاً للتقارير والمواد التي نُشرت على المواقع الرسمية الصينية، سواء التابعة لوزارة الخارجية أو لوكالاتها الإخبارية الحكومية، فقد حُيّد الملفّ الفلسطيني والحرب الإسرائيلية على غزّة من النقاشات بين بلينكن والقيادة الصينية. يذكّر ذلك بتصريح نفتالي بينت، عندما كان وزيراً للاقتصاد، في أثناء زيارته الصين عام 2013، الذي قال فيه إنّ "الصينيين لا يهتمّون بالاحتلال، وغير معنيين بالصراع العربي - الإسرائيلي، فكلّ ما يعنيهم هو التطور التكنولوجي الذي نمتلكه، وخلال العشرين لقاء التي أجريتها مع المسؤولين الصينين في هذه الجولة لم يسألْني أحدهم عن العرب أو عن الفلسطينيين أو حتّى عن الاحتلال". سيرى كثيرون مبالغة عند الحجاج في أنّ الملفّ الفلسطيني والقضية بمجملها ليست ذات أهمّية بالنسبة للصين كما هو مُتَخيّل. في مقارنة بسيطة، عندما اندلعت الحرب الأوكرانية، هاجم الرئيس الصيني نظيره الأميركي جو بايدن، واعتبره السبب في اندلاع الحرب، محمّلاً إياه المسؤولية الكاملة، فقال "دع من ربط الجرس في رقبة النمر يخلعه" أي أنّك (بايدن) السبب في استفزاز روسيا، وعليك حلّ الأزمة. أما في لقائه بلينكن، فلم يتطرّق الرئيس الصيني أبداً إلى الاحتلال الإسرائيلي بوصفه أيضاً، "الجرس" الذي أدّى إلى اندلاع الحرب في فلسطين. ومثال آخر، انتقدت الصين بشدّة، وبشكل متكرّر، تسليح الغرب أوكرانيا، وكان آخرها في يناير/ كانون الثاني الماضي، إذ اعتبرت أنّ "إرسال واشنطن أسلحة إلى أوكرانيا أدّى إلى "صبّ الزيت على النار". ورغم ذلك، لم نشهد الخطاب نفسه ضدّ أميركا وتسليحها الضخم لإسرائيل خلال حربها ضدّ الفلسطينيين في غزّة أو حتّى قريباً من ذلك. ألم يكن الضوء الأخضر الأميركي ودعمها العسكري السببين الرئيسين للإبادة الجماعية في غزّة؟ أليست واشنطن شريكاً واضحاً وصريحاً في الحرب؟


صحيح أنّه لا يمكن إنكار دور الصين في الأمم المتّحدة، إذ واجهت كلّاً من أميركا وإسرائيل في مجلس الأمن، منذ بداية الحرب. ورغم ذلك، عندما ننتقل إلى الفعل، ترفع الصين شعارها المُفضّل دولةً محايدةً. وحتى الدور الذي تطرحه يأتي في سياق الجهود الدولية، فوضعت الصين حدوداً لانخراطها في الصراع، وأخلت مسؤوليتها الأممية، وحمّلت مجلس الأمن فقط، مسؤولية وقف الحرب الإسرائيلية. في ما يتعلّق بالتصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتّحدة والاعتراف بها دولةً، ورغم اعتراف الصين بالدولة الفلسطينية، وباعتبارها الدولة الأكثر مطالبة بتطبيق حلّ الدولتين، إلا أنّ الصين لم تفتتح بعد سفارة بشكل رسمي في فلسطين، بل تطلق على مكتبها في رام الله "مكتب جمهورية الصين الشعبية لدى دولة فلسطين، أمّا لدى تل أبيب، فهناك "سفارة جمهورية الصين الشعبية لدى دولة إسرائيل"، أيّ أنّ فلسطين لم ترقَ بعد إلى مستوى تمثيل دبلوماسي صيني كامل كما إسرائيل، الأمر الذي يجعل الصين بعيدة تماماً عن الحياد، ويضع دعمها للدولة الفلسطينية موضع شك.


لم ترقََ فلسطين بعد إلى مستوى تمثيل دبلوماسي صيني كامل كما إسرائيل، ما يجعل الصين بعيدة عن الحياد، ويضع دعمها للدولة الفلسطينية موضع شك


في ما يتعلق باللقاء الذي جمع حركتي فتح وحماس، لم ينشر عنه الإعلام الصيني إلا خبراً مقتضباً يقول: "فتح وحماس تجريان محادثات في بكين وتحققان تقدّماً إيجابياً". وقالت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الصينية إنّ "الجانبين أعربا بشكل كامل عن إرادتهما السياسية لتحقيق المصالحة من خلال الحوار والتشاور، وناقشا عديداً من القضايا المحدّدة، وحقّقا تقدّماً إيجابياً". نُشِرَ الخبرُ من دون إيضاح تفاصيل التقدّم، وحتى الخبر الذي نشرته "حماس" على موقعها الإلكتروني كان خالياً من الإشارة إلى لقاء جمعها بالفصائل الفلسطينية، وخصوصاً "فتح"، وجاء فيه: "أكّد الجانبان (حماس والصين)، استمرار المشاورات، والعمل على إنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية، واستعداد الصين لتقديم كل ما يلزم". وهنا تبرز مجموعة من الأسئلة للقيادات في "فتح" و"حماس"، ما هي أولويات الفلسطينيين اليوم، وقف الإبادة أم مباحثات وحدة نعلم يقيناً أنّها لن تتحقّق؟ ما هي النتائج الحقيقية للقاء الذي جمع الفصائل في الصين؟ ألا يستحقّ الشعبُ الفلسطيني، اليوم، معرفة ما يجري وجرى بين الحركتين في بكين، بدلاً من نشر أخبار مقتضبة عن اللقاء؟ هل لقاء "حماس" قيادات السلطة في الصين يعني قبول الأولى تصريحات السلطة، التي كان من جديدها أخيراً قول الرئيس محمود عبّاس في الرياض "أمن إسرائيل واجبنا"؟ هل تمتلك الحركتان استراتيجيةً واضحةً للتعامل مع الصين، والتحوّلات في النظام الدولي؟ إذا كان الانقسام الفلسطيني جرى بفعل سياسات السلطة والتنسيق الأمني "المقدّس"، إذاً، على أيّ أساس تجري اللقاءات والمباحثات في عواصم العالم من أجل "الوحدة"؟


تحاول الصين استغلال الحرب والانقسام الفلسطيني لتصوير نفسها دولةً أفضل من الولايات المتّحدة، على وجه الخصوص، والغرب عموماً، وهذا فعل طبيعي في السياسة الدولية. ولكن، كان من المفروض أن يكون هدف الزيارة المحوري إرسال رسالة إلى بكين، وهي: "بدلاً من اللجوء إلى الازدواجية، من الضروري اقتران الأقوال بالأفعال".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
"إعلان بكين" الفلسطيني... قراءة في موقف صيني مُتغيّر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» إعلان الاستقلال الفلسطيني، 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 1988 تعهد تاريخي من أجل إقامة الدولة
»  قراءة في خطة بايدن والمستقبل الفلسطيني
»  متحف الأمثال.. قراءة مسيحية للتاريخ الفلسطيني
» قراءة في التاريخ الفلسطيني، النكبة وقيام إسرائيل
» قراءة في نصوص مشروع القرار الفلسطيني لمجلس الأمن/ بقلم: بدر جبران

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: مواضيع ثقافية عامة :: مقالات :: مقالات في السياسة الدولية-
انتقل الى: