منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75482
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة Empty
مُساهمةموضوع: القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة   القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة Emptyالأحد 15 سبتمبر 2024, 6:25 pm

القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة 1242931647
مقديشو تبحث عن تحالفات من أجل حماية سيادتها 


تشهد منطقة القرن الأفريقي عدد غير قليل من الأزمات والتوترات، تتحرك بفعل العوامل الخارجية والداخلية لتصبغ المنطقة بالاضطرابات وعدم الاستقرار الذي يعتبر السمة الراسخة لها.
وقد تكون هذه الأزمات داخل الدول ذاتها أو بين دولة وأخرى، كما ترتبط بعضها بالعوامل الدولية ومصالح الأقطاب المختلفة، وعلى صلة وثيقة بموقعها الجيوسياسي وأهميتها الأمنية والعسكرية والإستراتيجية بشكل عام.
ونسعى في هذا التقرير لتسليط الضوء على محركات الأزمة الراهنة والتحالفات والاصطفافات بين الفاعلين الرئيسيين وبعض القوى المحلية في القرن الأفريقي، وأين تقاطعت المصالح وأين تعارضت، وما تداعيات ذلك على المنطقة، وهل يمكن أن تتصاعد تلك التوترات إلى حرب جديدة.
القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة %D8%A3%D8%B1%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%84-1726135113

إثيوبيا محور الأزمات

تعتبر إثيوبيا دولة مركزية في المنطقة، وقد رسخت لهذا الدور منذ وقت مبكر، وحاولت أن تبرز على المسرح العالمي من خلال المشاركة في القضايا الدولية، كما سوقت نفسها على أنها لم تخضع للاستعمار الغربي إلا بضع سنوات.
ولكن تراجع دورها بعد الحروب الطويلة التي خاضتها مع الثورة الإريترية التي كانت تناضل منذ مطلع ستينيات القرن الـ20 من أجل الاستقلال، وكان من أبرز نتائجها أن أصبحت إثيوبيا دولة مغلقة.
وترتبط أزمة القرن الأفريقي الراهنة بإثيوبيا، أصالة ووكالة، لتداخل عوامل كثيرة بعضها موصول بالتاريخ القديم وبعضها مستجد وحديث:
  • مياه النيل وسد النهضة


ظلت الخلافات بين إثيوبيا ومصر حول مياه النيل تشغل مساحة كبيرة بين البلدين منذ آماد بعيدة، تتمدد وتنكمش وفق ديناميات الظروف الإقليمية والدولية، وتحملت منطقة القرن الأفريقي عبئا كبيرا جراء ذلك الصراع، وجاءت أزمة سد النهضة لترفع الأزمة إلى مستوى متقدم من الصراع بين البلدين.
القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة GettyImages-1238666514سد النهضة الإثيوبي يعد مصدرا للخلاف بين إثيوبيا ومصر والسودان (غيتي)
  • أزمة الدولة الحبيسة


لازمت إثيوبيا أزمة الإطلال على البحر ليس لفقدانها الموانئ المرتبطة بالجوانب الاقتصادية على أهميتها، ولكن لفقدانها جزءا مهما من حيويتها الجيوسياسية، خاصة أن الإطلالة المفقودة لها علاقة بأحد الممرات المهمة دوليا وهو البحر الأحمر.
إلى جانب عوامل أخرى أقل أهمية، شكلت المسألتين السابقتين المشهد الراهن في القرن الأفريقي ولعبت دورا مهما في خلق اصطفافات وتحالفات، وربما أحيانا جمع متناقضات، يجمعها سباق على تفوق رؤية كل طرف وتحقيق إستراتيجيته وفق مصفوفات أقرب لنظرية الحافة في بعض الأحيان.
وفي محاولة للخروج من أزمة الدولة الحبيسة جغرافيا، وعلى الرغم من استخدامها لموانئ جيبوتي وبعض دول الجوار لما يقرب من 30 عاما وإقامة خطوط للسكك الحديدية بمبلغ 4 مليارات دولار، إلا أن إثيوبيا ألحت على تحقيق رغبتها بالوجود المباشر في البحار الدافئة والمشاركة الدولية.
وفي سبيل تحقيق ذلك، لجأت إثيوبيا إلى الخاصرة الرخوة في الصومال وهو إقليم أرض الصومال الانفصالي، ووقعت اتفاقا معها باستئجار موقع يطل على خليج عدن مقابل اعتراف إثيوبيا بالإقليم كدولة، إلى جانب نيله مزايا في الخطوط الإثيوبية وسد النهضة.




الصومال ورحلة البحث عن حلفاء

أحدثت مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال هزة وحراكا كبيرا في السياسة الصومالية، إذ لم يكن أمام مقديشو إلا البحث عن تحالفات من أجل حماية سيادتها كي تستطيع الوقوف في وجه الإصرار الإثيوبي الذي يستغل ضعف الحكومة المركزية في مقديشو، والظروف التي تمر بها البلاد.
ولذلك بدأت مقديشو بتشكيل رأي عام مؤيد لها في الإقليم، وكسبت المجتمع الدولي والإقليمي بعد إثارته قضية انتهاك إثيوبيا للصومال وسيادته وحدوده المعترف بها دوليا، فجاءت بيانات التأييد من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، وفي الجوار القريب كسبت تأييد كل من إريتريا وجيبوتي والسودان في سياقات تختلف فيها أسباب التأييد وملابسات المواقف.
كما تعتبر الإمارات حليفا مهما للصومال، وعادت له مع عودة الرئيس حسن شيخ محمود للرئاسة وعبر اتفاقية وقعها البلدان في أوائل عام 2023.
وعزز وجود الإمارات علاقاتها الخاصة بأرض الصومال وبونتلاند وجوبا لاند، كما أنها حليف مهم جدا لإثيوبيا التي تعتبر الخصم اللدود لمصر، وهنا تتصادم الرؤيتان المصرية والإماراتية في التعاطي مع إثيوبيا.
في المقابل، بادرت الحكومة الصومالية إلى توقيع اتفاقيتين مع تركيا:
  • أولاهما؛ في فبراير/شباط 2024، وهي "اتفاقية الإطار للتعاون الدفاعي والاقتصادي" ضمنت الصومال بموجبها حماية لشواطئها لمدة 10 أعوام، ومكافحة الصيد غير المشروع في المياه الصومالية، مع التزام تركيا ببناء وتجهيز البحرية الصومالية لتولي هذه المسؤولية.

  • والثانية؛ جاءت في مارس/آذار 2024، وهي اتفاقية للتعاون في مجال النفط والغاز، وتشمل استكشاف واستغلال وتطوير وإنتاج النفط في "كتل الصومال البرية والبحرية" وهي تعزز الاتفاقية الأولى وتعمل على تعميق العلاقة بين الطرفين.


مصر تخلط أوراق آبي أحمد

من جهة أخرى، بذلت مصر جهودا دبلوماسية حثيثة في نسج علاقات قوية مع دول الإقليم بعد تعذر التفاهم مع إثيوبيا فيما يخص سد النهضة، وتزامن ذلك مع بروز خلافات بين إريتريا وإثيوبيا، وتوجس جيبوتي من إفرازات الأزمة الناشئة جراء الخلافات الصومالية الإثيوبية.
وعلى المستوى الثنائي، وقعت مصر عددا من الاتفاقيات الثقافية والاقتصادية مع الصومال، كما دعمت حكومتها في جوانب تدريب القوات الرسمية المختلفة، وارتفعت وتيرة العلاقات بين البلدين بعد حجر رئيس الوزراء آبي أحمد الذي ألقاه في بركة القرن الأفريقي، المتمثل في مذكرة التفاهم مع إقليم أرض الصومال.
وفي يناير/كانون الثاني 2024، صرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي -في استجابته لتفاعلات المذكرة- بأن مصر لن تسمح بأي تهديد للصومال أو أمنها، اعتراضا على محاولات إثيوبيا الاعتراف بأرض الصومال.




ومع تصاعد التوترات وإصرار أديس أبابا على عدم التراجع عن تنفيذ المذكرة، تدخلت تركيا في مساع للوساطة بين الصومال وإثيوبيا وعقدت لقاءين في أنقرة، وأُعلن عن حدوث تقدم إيجابي بدون الخوض في التفاصيل، إلا أن القاهرة كان لها حديث مختلف، عبر خطوتين هما:
  • بروتوكول تعاون عسكري


في منتصف أغسطس/آب الماضي، وقعت القاهرة ومقديشو بروتوكول تعاون عسكري دخل حيز التنفيذ بعد أسبوعين من توقيعه. وبموجب هذا الاتفاق -بحسب مصادر إعلامية- ستتمكن مصر من نشر 5 آلاف جندي في الصومال إضافة إلى تزويدها بالمعدات العسكرية والانخراط في المزيد من تدريب القوات الصومالية.
  • ورقة البعثة الأفريقية


تعتبر مشاركة مصر في بعثة الاتحاد الأفريقي -التي ستخلف القوات المنتهية مدتها في الصومال والتي ستغادر بنهاية العام الجاري- فرصتها الأخرى وورقتها القوية والتي بموجبها ستتمكن القاهرة من نشر 5 آلاف جندي آخر في الصومال، وهو ما رفع التوتر إلى مستوى غير مسبوق.
التحالفات الجديدة في القرن الأفريقي

من حيث المبدأ يمكن القول إن الثابت في منطقة القرن الأفريقي هو المتحول ذاته، إذ إن تصاعد الصراعات واستمراريتها، وتداخل الأجندات الدولية والإقليمية يجعل من الصعب الحديث عن تحالفات إستراتيجية بقدر ما يمكن مراقبة غير ذلك.
فمنذ تفجر أزمة المذكرة، بدأت العلاقات بين إريتريا والصومال أكثر متانة وقوة، وبدا رئيسا البلدين في تنسيق متصل بين الفينة والأخرى، وزار الرئيس الصومالي إريتريا أكثر من 3 مرات منذ بداية هذا العام، كما عادت العلاقات بين مصر وإريتريا إلى طبيعتها بعد فترة فتور.
وجمعت الأزمة الصومالية والمخاطرة الإثيوبية، هذه الأطراف مع اختلاف قضايا الخلاف لكل طرف مع إثيوبيا، إلا أن الدول الثلاث بدأت في التنسيق لمواجهة أديس أبابا تحت عنوان حماية السيادة الصومالية.
وبالتزامن، اتخذت الصومال وإريتريا إجراءات ضد الخطوط الجوية الإثيوبية بمنعها من استخدام أجوائها والهبوط على مطاراتها، وبذلك تشكل تحالف في مواجهة آبي أحمد وتم منعه من الوصول إلى المياه الدافئة.
وغير بعيد من هذا التحالف دولة جيبوتي التي تنظر بقلق بالغ في توجه أديس أبابا الجديد لكونها أكبر الخاسرين إذا أوقفت إثيوبيا استخدام موانئها التي تدر عليها ما يزيد على 1.5 مليار دولار سنويا.
القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة 2169641994-1726306045الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال مشاركته في قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي في بكين (غيتي)

تعدد الاتفاقيات والفاعلين في الصومال

منذ عودة الرئيس حسن شيخ إلى الرئاسة في مايو/أيار 2023، عقد عددا كبيرا من الاتفاقيات مع دول كثيرة، ربما يتجاوز عددها 6 دول من بينها المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وأوغندا وكينيا، وإريتريا وتركيا ومؤخرا مصر.
وعلى الرغم من أهمية الاتفاقيات في مساعدة الصومال في حل بعض مشكلاته، إلا أنه في ذات الوقت يمكن أن تتسبب في تنافر وتضارب بعضها، ويمكن فرز التحالفات الأقوى والمؤثرة وهي الوجود الإماراتي والتركي وأخيرا المصري باعتباره آخر عناصر التسخين في المنطقة.
ولا شك بأن كل دولة لها مقاربتها في التعامل مع الشأن الصومالي الداخلي والشأن الإقليمي والدولي، وفيما يخص مصالحها في الصومال، ولكن حتى لو افترضنا جدلا تحاشي الاصطدام إلا أنه في لحظة ما ستتواجه الإستراتيجيات وحينها سيكون لزاما على الصومال الاختيار وخسارة طرف لحساب آخر.

اصطفاف أقاليم صومالية مع إثيوبيا

بدأ التدخل الإثيوبي في الصومال بعد أزمة المحاكم الإسلامية في 2006، وكانت القوة الرئيسية التي أضعفت المحاكم الإسلامية. ومنذ ذلك الوقت، تمتلك إثيوبيا حضورا كبيرا في الصومال عسكريا وأمنيا، عبر اتفاقية ثنائية مع الحكومة، إضافة إلى قواتها الموجودة ضمن قوات البعثة الأفريقية أتميس.
ويمكن قراءة النفوذ الإثيوبي على النحو التالي:
توافق الصوماليون على الحكم الفدرالي باعتباره جزءا من حل الخلافات الداخلية، وتم تقسيم البلاد إلى 5 أقاليم، تتمتع باستقلالية في إدارة الشأن المحلي، ولكن مع تراكم الخلافات المناطقية والعرقية في الصومال، فإن بعض الأقاليم تحاول أن تحتفظ بالبقاء على مسافة عن المركز وبعض الاستقلالية التي ترتفع وتيرتها أحيانا إلى خلافات علنية مع الحكومة الفدرالية.
وإذا وضعنا في الاعتبار التدخلات الخارجية في الشأن الصومالي فسنجد أن مستوى الخلافات بين المركز وبعض الأقاليم كبيرة، برزت بشكل أكثر وضوحا بعد طرح الرئيس حسن شيخ مسألة استكمال الدستور واقتراح بعض التعديلات.
وبعد توقيع مذكرة التفاهم اتسعت رقعة الخلافات، بين الحكومة الفدرالية وبعض الأقاليم وبرز إقليم بونتلاند كأبرز المعارضين للحكومة الفدرالية، بفعل المناورات الإثيوبية.
ووصلت قمة التوتر بعد وصول القوات المصرية إلى مقديشو، حيث أعلن عدد من الأقاليم وقادتها تململهم من تطور العلاقات في الجانب العسكري بين الصومال ومصر، بينما أعلن رئيس الإقليم الجنوبي الغربي رفضه العلني للقوات المصرية وتأييده لبقاء القوات الإثيوبية.
ولم يعد سرا حسب مصادر صومالية موثوقة أن 4 أقاليم بما فيهم أرض الصومال لا يرحبون بالخطوات المصرية مع الصومال.
القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة 35394223-1726306217وزير الخارجية التركي يتوسط نظيريه الصومالي (يمين) والإثيوبي خلال مؤتمرا صحفي في أنقرة (الأناضول)

جولات تفاوض

وكادت الدبلوماسية التركية أن تحدث اختراقا في جدار الخلاف الصومالي الإثيوبي عبر جولات التفاوض الهادئ، حيث تحدثت الأطراف متفائلة بحدوث تقدم في الجولة الأخيرة، ليقطع خبر وصول الطائرات العسكرية المصرية إلى مطار مقديشو الخيط الرفيع الذي أوقف كل التكهنات ولينقل المنطقة إلى مربع متقدم جدا من التوتر والتحشيد غير المسبوقين.
وبين إصرار آبي أحمد الجَموح لدرجة المخاطرة لبلوغ أهدافه، ودخول مصر العسكري المباشر على تخوم إثيوبيا، تختمر معادلة المواجهات الجديدة في المنطقة والتي وُصفت من بعض الخبراء "بالحرب التي لا يتحدث عنها أحد" باعتبارها قدرا ماثلا قادما وليس مجرد توقعات أو تكهنات أو ضرب من الخيال.
فهل ستشهد المنطقة تهدئة باستئناف المحادثات بين الصومال وإثيوبيا أو بين مصر وإثيوبيا أم أننا على حافة الهاوية؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75482
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة   القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة Emptyالأحد 15 سبتمبر 2024, 6:28 pm

القرن الأفريقي في قلب صراع النفوذ بين مصر وإثيوبيا


القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة %D8%B3%D9%8A%D8%A8%D9%84%D8%A7-1724859813



كان من الممكن لاجتماع وزراء الخارجية العرب المنعقد في القاهرة في مارس/آذار 2020 أن يمر كغيره من الاجتماعات المماثلة مغلفًا بالرتابة والتوقعات المحدودة، غير أن معطيات التصويت في تلك الجلسة كانت تنطق عن واقع جديد يكشف توازنات القوى في القرن الأفريقي.
في ذلك الاجتماع، نُقل رفض الصومال مشروع قرار قدمته القاهرة لجامعة الدول العربية بشأن سد النهضة الإثيوبي يؤكد حقوقها التاريخية في مياه النيل. الموقف الصومالي ترددت أصداؤه في يونيو/حزيران من العام نفسه على إثر تحفظ كل من مقديشو وجيبوتي أيضًا هذه المرة على بند مدرج في قرار مماثل.
هذا النجاح الإثيوبي في استقطاب حلفاء القاهرة التاريخيين في شرق أفريقيا يعد بمثابة مولود شرعي لديناميكية السياسة الخارجية لأديس أبابا وقدرتها على بناء شبكة مصالح ربطتها بجيرانها، ولما وصفه الكاتب المصري فهمي هويدي في مقال له بغياب مصر عن أفريقيا واكتفائها بـ"الفهلوة" بديلًا عن الإستراتيجية.
ويكفي النظر على سبيل المثال في تاريخ التفاعلات بين مقديشو وأديس أبابا والقاهرة لاستكشاف عمق التحولات التي كانت تجري، فأحد الدبلوماسيين الصوماليين السابقين يصف العلاقة بين بلاده وإثيوبيا بأن كلا منهما يرى الآخر "تهديدًا وجوديًا" له، حيث خاض البلدان جولات حروب عنيفة عبر قرون من الزمان.
وفي المقابل، فإن مقديشو امتنعت عن مقاطعة القاهرة إثر اتفاقية كامب ديفيد، وسبقت ذلك بإرسال كتيبة مدفعية للمشاركة في الجبهة المصرية في حرب 6 أكتوبر 1937.





الطريق إلى القمة الإقليمية

في ورقته حول السياسة الإقليمية لبلاده، يرى الخبير الإثيوبي في شؤون السلام والأمن مدهني تادسي أن نفوذ أديس أبابا الإقليمي المتنامي خلال عهد حكم الجبهة الثورية الديمقراطية لشعوب إثيوبيا (1991-2016)، ارتكز على مجموعة من العوامل المتعاضدة داخليًا وإقليميًا ودوليًا.
ووفقًا لتادسي فقد تبلور لدى القيادة الإثيوبية منذ تسعينيات القرن الماضي رؤية مفادها أن حدوث تحول جيوسياسي إقليمي لمصلحتهم مشروط اقتصاديًا بتحويل "إثيوبيا من كارثة فقيرة إلى بلد أكثر إنتاجية"، فالدولة التي تتمتع باقتصاد قوي ستكون في وضع أفضل كثيرًا للتنافس ومواجهة التهديد الإستراتيجي القادم من مصر.
بدأ هذا التحول بالمحافظة على بيئة سياسية داخلية مستقرة نسبيًا بشكل واضح، فرغم التحديات العرقية والاضطرابات الدورية استطاعت الحكومة المركزية بقيادة زعماء مثل ملس زيناوي، الذي وصفه مسؤول أميركي سابق بأنه "أحد أذكى خمسة قادة في أفريقيا"، فرض سيطرتها والحفاظ على الأمن مما أتاح لها البيئة المناسبة لتنفيذ نقلة اقتصادية كبرى.
هذه النقلة التي يصفها بعض المختصين بأنها "إحدى القصص العظيمة في القرن الحادي والعشرين"، قفزت إثيوبيا بموجبها من ثالث أفقر دولة في العام عام 2000 إلى أحد أسرع اقتصادات العالم نموًا بمعدل بلغ 10% في بعض السنوات، وكان هذا نتاج الاستثمار الكثيف من الدولة في المشاريع الاقتصادية ولا سيما المتعلقة بالبنى التحتية، مما حوّل البلد إلى المركز الاقتصادي الأبرز في المنطقة.
بجانب ما سبق تمكنت الحكومة الإثيوبية من بناء قواتها المسلحة من ركام الحرب الأهلية إلى أحد أكبر الجيوش في القارة الأفريقية، ومن خلال هذه القوة العسكرية قامت بالدخول في شراكات أمنية مع قوى غربية لمكافحة ما سُمي الإرهاب، مما أهلها للحصول على دعم اقتصادي وسياسي وأمني جعلها شرطي المنطقة المسنود غربيًا لسنوات طوال.





إثيوبيا في الصومال

إقليميًا، استفادت إثيوبيا من انهيار الدولة في الصومال وتراجع الدور الإريتري على إثر العقوبات والحصار الدولي على أسمرة، مبادِرة لملء كل هذه الفراغات بأدوات مختلفة استطاعت من خلالها بناء شبكة من المصالح التي تربطها بجيرانها واستدراجهم إلى الفلك الإثيوبي بشكل مواز لتراجع وغياب دور أبرز خصومها في وادي النيل: مصر المشغولة بأزماتها الداخلية وتداعيات الربيع العربي في الشرق الأوسط.
ففي الصومال مثلت القوات الإثيوبية أهم مكونات البعثة الأفريقية لحفظ السلام في الصومال (أميصوم)، وخليفتها (أتميس)، حيث تجد مقديشو نفسها بحاجة ماسة إليها في حربها مع حركة الشباب.
كما بنت أديس أبابا علاقات وثيقة مع بعض الأقاليم الفدرالية الصومالية، مما مكنها من التحول إلى وسيط بينها وبين مقديشو من جهة، وسهل لها كذلك الضغط على الأخيرة للوصول إلى بعض التفاهمات من جهة ثانية، وما يزال الدور الإثيوبي هناك مشهودًا حيث لم تنصَع أديس أبابا لمطالبات مقديشو بإغلاق قنصليتيها في إقليمي بونت لاند وأرض الصومال.
كما استفادت إثيوبيا من ورقة المياه من خلال الضغط على الحكومة الفدرالية الصومالية بإنشاء مشاريع على نهر شبيلي الذي ينبع من الهضبة الإثيوبية ويعد -هو وتوأمه جوبا- مورد الحياة الرئيسي في جنوب الصومال.
القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة Ap-7-1724759550
 

جيبوتي رئة إثيوبيا البحرية

من جانب آخر، مثلت جيبوتي المنفذ البديل للسوق الإثيوبي الضخم بعد حرب 1998-2000 التي أدت إلى قطيعة كاملة بين إثيوبيا وإريتريا، حيث تحول ميناء جيبوتي إلى معبر لـ95% من الواردات والصادرات الإثيوبية، وقدرت أرباح جيبوتي من هذا التعاون بمليار دولار سنويًا.
ومع تحول جيبوتي إلى رئة إثيوبيا البحرية، شهدت العلاقات بين البلدين توثقا مطردا، إذ تم ربط ميناء دوراليه الجيبوتي بأديس أبابا من خلال خط سكة الحديد البالغ طوله 756 كيلومترًا والذي يعمل بالكهرباء.
كما يوفر مشروع الربط الكهربائي بين البلدين 80% من حاجة جيبوتي من الكهرباء، وتم الإعلان عام 2019 عن توقيع اتفاقية في العاصمة الإثيوبية لمد خط أنابيب لتصدير الغاز الطبيعي بتكلفة 4 مليارات دولار.
ولمواجهة معاناة جيبوتي من توفير المياه العذبة للشرب والزراعة نتيجة البيئة الصحراوية القاحلة تم عام 2017 إطلاق مشروع بهدف ضخ 100 ألف متر مكعب من المياه يوميًا من الإقليم الصومالي في إثيوبيا إلى إقليم علي صبيح الجيبوتي، حيث تقدر كمية الضخ اليومي الآن بـ20 ألف متر مكعب.





من ذروة المد إلى الانحسار

مثّل قيام التحالف الثلاثي الذي ضم كلًا من إثيوبيا وإريتريا والصومال ذروة لحظة التفاؤل التي بدا فيها الإقليم متجهًا نحو طي صفحة الخلافات الماضية والانتقال إلى حالة من التكامل الاقتصادي والتنسيق السياسي الذي تقوده القاطرة الإثيوبية.
شكل هذا التحالف درعًا إقليميا لحماية إثيوبيا، حيث انقطع آخر تهديد يستهدفها بالمصالحة مع إريتريا، والتي فقدت القاهرة بموجبها مخلب قط متقدمًا في الخاصرة الإثيوبية، حيث تشير ورقة للصحفي الإثيوبي أنور إبراهيم إلى أن عامي 2013 و2014 شهدا محاولات تخريبية استهدفت سد النهضة وانطلقت من إريتريا.
لكن سرعان ما قادت التطورات اللاحقة إلى تغير ملامح المشهد في القرن الأفريقي، حيث أدت مخرجات حرب التيغراي (2020-2022) واتفاقية بريتوريا بين أديس أبابا والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي إلى توتر بين الأخيرة وأسمرة التي اعتبرت أن هذا الاتفاق "مكيدة أميركية" تستهدفها.
في حين دفعت المطامح الإثيوبية في الحصول على منفذ بحري إلى زيادة منسوب التوتر في العلاقات مع أسمرة والمخاوف في جيبوتي، وإلى اندلاع أزمة ما تزال تتصاعد منذ أشهر عقب توقيع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، وصفها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود "بالمساس المباشر بسيادة" بلاده، طاردًا السفير الإثيوبي من البلاد وواضعًا إلغاء المذكرة شرطًا رئيسيًا لإعادة تطبيع العلاقات مع أديس أبابا.





العودة المصرية

يمكن ملاحظة تصاعد نشاط الدبلوماسية المصرية في منطقة القرن الأفريقي منذ مايو/أيار 2021 مع هبوط طائرة الرئيس عبد الفتاح السيسي على مدرجات مطار جيبوتي في أول زيارة يقوم بها رئيس مصري إلى هذه الدولة ذات الموقع الإستراتيجي الحساس.
وبينما يرى العديد من المراقبين أن غيوم التوتر التي تخيم على المنطقة تمثل بيئة مثالية لتزايد الحضور المصري، يذهب الباحث الصومالي الشافعي أبتدون، إلى أن أهم أسباب الانعطافة المصرية نحو القرن الأفريقي تتمثل في فشل المسار التفاوضي مع أديس أبابا في الوصول إلى تفاهمات نهائية حول ملف سد النهضة.
بجانب أن التوترات الأمنية في جنوب البحر الأحمر وتداعياتها على الاقتصاد والأمن المصريين، طرحت أسئلة ملحة على القاهرة حول كيفية التعامل مع الواقع المستجد، حيث تطل بعض دول القرن على باب المندب الذي يعد البوابة الجنوبية لقناة السويس.
وفي سياق التنافس المصري الإثيوبي، يعتقد أبتدون أن جانبًا من التحرك المصري مرتبط بالتهديدات التي تراها القاهرة ماثلة في احتمالات حصول أديس أبابا على منفذ بحري وقاعدة عسكرية في إقليم أرض الصومال، مما يلقي بظلاله على مصالح مصر في المنطقة وعلى حركة التجارة العابرة إلى قناة السويس أيضًا.
القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة Untitled-1-1724764942السيسي يزور جيبوتي في أول زيارة يقوم بها رئيس مصري إلى هذه الدولة (موقع الرئاسة المصرية)

الأدوات المصرية

وضمن محاولاتها للاستفادة من الواقع الجديد في القرن الأفريقي، تستخدم القاهرة العديد من الأدوات، إذ تبرز الدبلوماسية المتمثلة في الزيارات المتبادلة لكبار المسؤولين بين الطرفين، فكانت كل من جيبوتي ومقديشو أولى وجهات وزير الخارجية المصري الجديد بدر عبد العاطي.
كما أن القاهرة أعلنت عن نيتها افتتاح مبنى جديد لسفارتها في العاصمة الصومالية مقديشو، بجانب إطلاق خطوط طيران مباشرة بين العاصمة المصرية وكل من جيبوتي والصومال.
ويشير أستاذ الدراسات الأفريقية بدر شافعي إلى أن أمام القاهرة فرصة تاريخية لمحاولة تشكيل تحالف إقليمي بقيادتها يضم دول الجوار الإثيوبي، مستغلة حالة التوتر بين هذه الدول وأديس أبابا، وهو ما بدأت ملامحه بالظهور مع الأنباء التي ترددت مطلع هذا العام حول تزايد احتمالات تكوُّن تحالف مصري إريتري صومالي.
في حين يظل الانخراط في شراكات أمنية عسكرية مع دول المنطقة أحد الخيارات المتاحة أمام القاهرة، إذ أقر مجلس الوزراء في كل من الصومال ومصر اتفاقية أمنية دفاعية ستتيح للأخيرة -ضمن أشياء أخرى- تدريب القوات الصومالية ودعم المؤسسات الأمنية الصومالية تقنيًا ولوجستيًا.
كما أن القاهرة طالبت بالمشاركة في بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة لدعم الاستقرار في الصومال والتي ستبدأ مهامها العام القادم.
وفي منطقة تتسم التحالفات فيها بسرعة البناء والتفكك، فإن فعالية هذه الأدوات المصرية وديمومتها مرتبطان بوجود إستراتيجية واضحة قادرة على استقطاب دول القرن الأفريقي، وموازنة أدوات النفوذ الإثيوبي في المنطقة، ومزاحمة القوى الدولية والإقليمية الأخرى المحتشدة هناك، وهو ما ستتكفل قادمات الأيام بكشفه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75482
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة   القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة Emptyالأحد 15 سبتمبر 2024, 6:32 pm

القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة Tadjoura-port-1725962831



ما وراء عرض جيبوتي منفذا بحريا لإثيوبيا؟
في خطوة مفاجئة، أعلن وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف أن بلاده عرضت على إثيوبيا إمكانية إدارة كاملة لأحد الموانئ شمالي البلاد بغية خفض حدة التوتر المتصاعد في المنطقة.
وفي حديثه لشبكة "بي بي سي" يوم 31 أغسطس/آب الماضي، قال يوسف إن التوترات المتزايدة في منطقة [url=https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2018/2/23/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A-%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D8%B8%D9%85%D8%A9-%D9%88%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA#:~:text=%D9%8A%D9%82%D8%B5%D8%AF %D8%A8%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9 %D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86 %D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A %2D%D8%AC%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A7,%D9%88%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8 %D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86 %D9%88%D8%A3%D9%88%D8%BA%D9%86%D8%AF%D8%A7.]القرن الأفريقي[/url] أصبحت "مصدر قلق رئيسي"، وإن الخطوة لمنح إثيوبيا الاستخدام الحصري لميناء تاجوراء يمكن أن تساعد في تهدئة الوضع.
وأضاف أن هذا المقترح أُرسل إلى إثيوبيا سابقا، وأن مناقشته ستتم على هامش القمة الصينية الأفريقية في لقاء بين الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمرغيله ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
وفجر توقيع أديس أبابا وإقليم أرض الصومال مذكرة تفاهم مطلع هذا العام، تمنح إثيوبيا الحبيسة استئجار شريط ساحلي مقابل الاعتراف بالإقليم الانفصالي دولة مستقلة، أزمةً لم تهدأ مفاعيلها بين أديس أبابا ومقديشو، التي اعتبرت المذكرة انتهاكا لسيادتها.
وتزامن هذا المقترح مع بلوغ التوتر بين جارتي جيبوتي نقطة غير مسبوقة مع بدء وصول معدات وفنيين عسكريين مصريين إلى العاصمة الصومالية بعد عقد البلدين اتفاقية دفاع مشترك، مما أكسب الأزمة المشتعلة أبعادا جديدة، وأثار العديد من الأسئلة عن الدوافع الجيبوتية وحظوظ هذه المبادرة من النجاح.





منافسة إستراتيجية

ويبدو الاقتصاد المحرك الرئيسي للمخاوف الجيبوتية من أي خطوات مستقبلية قد يقدم عليها أحد الأطراف بما يؤثر سلبا على وضعية الاعتماد المتبادل القائمة منذ سنوات بين جيبوتي وأديس أبابا.
فمنذ الحرب الإثيوبية الإريترية (1998-2000) تحولت جيبوتي إلى المنفذ البحري لـ95% من الصادرات والواردات للسوق الإثيوبية، إذ تشكل الرسوم التي تتقاضاها جيبوتي موردا يتراوح بين 1.5 مليار دولار وملياري دولار سنويا، بوصفه أحد أكبر المداخيل الحكومية.
وبلغ الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2022 نحو 3.5 مليارات دولار، ويبلغ قطاع الخدمات 80% منه، وهو يرتبط بالدرجة الأولى بالموانئ والخدمات اللوجستية، إذ تمثل إثيوبيا ما يزيد عن 85% من جميع البضائع التي تمر عبر جيبوتي.
وفي هذا السياق، فإن بلوغ التوتر الإثيوبي الصومالي مرحلة الانفجار سيعني مضي أديس أبابا قدما في تفاهماتها مع أرض الصومال، والتحول بتجارتها نحو ميناء بربرة مع كل ما يعنيه ذلك من خسائر إستراتيجية ضخمة لجيبوتي.
من جانب آخر، يحمل اعتماد السوق الإثيوبي الأضخم في المنطقة على ميناء بربرة تداعيات إستراتيجية على وضعية الموانئ الجيبوتية، وسيخلق تحديات أمام جيبوتي للحفاظ على موقعها بوصفها محورا تجاريا رئيسيا في المنطقة، وهي منافسة بدأت ملامحها بالظهور في مؤشر أداء موانئ الحاويات لسنة 2023 الذي يضعه البنك الدولي.


وقد احتل ميناء بربرة، وفق ذلك التصنيف، المرتبة 106 عالميا مرتقيا قفزة بنحو 38 مركزا مقارنة بعام 2022 ومتصدرا جميع موانئ أفريقيا جنوب الصحراء، ومنتزعا مكانة احتلتها ميناء جيبوتي خلال السنوات الثلاث الماضية، في حين انخفض الأخير إلى المركز 379 متراجعا 353 مركزا عن العام السابق.
القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة 349D62M-highres-1704190222ميناء بربرة يقع على الساحل الجنوبي لخليج عدن عند مدخل البحر الأحمر (الفرنسية)

لماذا تاجوراء؟

من جهة أخرى، فإن عرض جيبوتي على أديس أبابا الإدارة الكاملة لميناء تاجوراء مرتبط برغبة الأولى في استرداد تكاليف تطوير مشروع الميناء، الذي تم تمويله بقروض بلغ إجماليها نحو 90 مليون دولار، كما تم إنفاق 156 مليون دولار لإنشاء طريق رابط بين الميناء والحدود الإثيوبية، التي تبعد عنها مسافة 100 كيلومتر.
ويضم الميناء مرافق بحرية وأرصفة بطول 435 مترا مع عمق يصل إلى 12 مترا، وهو قادر على استقبال السفن الكبيرة حتى حمولة 80 ألف طن.
وتم تطوير هذا المشروع بالدرجة الأولى لدعم عمليات الشحن الإثيوبية، ولا سيما لنقل مواد كالبوتاس والحجر الجيري وخام الحديد، حيث تم تصميم محطات لمعالجة ما يبلغ 4 ملايين طن من البوتاس الذي تصفه بعض التقارير بأنه أحد قطاعات التعدين الرئيسية في إثيوبيا.
القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة Shutterstock_2191071479-1726040253عبّارة تغادر ميناء تاجوراء (شترستوك)

مطامح دبلوماسية

في مقالة لها، تصف الدبلوماسية البربادوسية العاملة في كندا سونيا مارفيللا دبلوماسية القوة الناعمة بأنها "إستراتيجية مثالية للدول الجزرية الصغيرة النامية"، مما يشكل تعويضا عن افتقاد مثل هذه الدول بعض الأدوات الصلبة في سياستها الخارجية نتيجة العديد من العوامل كصغر المساحة ومحدودية القدرات، الأمر الذي ينطبق بقدر كبير على الحالة الجيبوتية أيضا.
وبالنظر إلى أن العديد من الدراسات تشير إلى الوساطة في فض النزاعات كأحد أبرز الأدوات الدبلوماسية الفعالة لهذه القوة، فإن من الملحوظ انخراط جيبوتي خلال السنوات الأخيرة في العديد من الوساطات لحلحلة العديد من النزاعات ولا سيما في شرقي أفريقيا، سواء بشكل منفرد أو من خلال رئاستها الدورية واحتضانها المقر الدائم للهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد).
وهكذا استضافت جيبوتي محادثات أفضت إلى اتفاق بريتوريا بين الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، كما ساهمت في التوسط لحل الأزمة في السودان، ونجحت في تقريب الرؤى بين الصومال وأرض الصومال أواخر العام الماضي، ويمثل عرض جيبوتي على أديس أبابا الاستفادة الكاملة من ميناء تاجوراء آخر هذه المبادرات.
القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة Doc-33wc2qu-1726043887وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف (الفرنسية)
تعزز هذه الجهود من مكانة جيبوتي وتمنحها الفرصة لإظهار قدراتها الدبلوماسية وتجاوز عقبة الدولة الصغيرة المحدودة الإمكانيات، والبروز كفاعل سياسي يسعى لتحقيق السلام والاستقرار على المستوى الإقليمي ويتمتع بالثقة والمصداقية على المسرح الدولي.
وفي هذا السياق، تساهم الدعوة الجيبوتية وما تتضمنه من احتمالات النجاح في نزع فتيل التوتر الإقليمي في دعم الحملة التي تخوضها دبلوماسية البلاد سعيا وراء فوز وزير الخارجية محمود علي يوسف بأعلى منصب في الاتحاد الأفريقي خلفاً للمفوض الحالي موسى فكي، في سباق يبدو أبرز منافسيه فيه السياسي الكيني البارز رايلا أودينغا.
من جانب آخر، يوفر نجاح هذه المبادرة مخرجا آمنا للرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله من المأزق الذي قد تجد بلاده نفسها فيه إن بلغ التدهور بين الصومال وإثيوبيا حد الصراع المسلح، مما قد يفرض على جيبوتي الانحياز إلى جانب أحد جارتيها الكبيرتين مع ما يحمله ذلك من تداعيات أمنية واقتصادية.
القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة 41128576-808a-42e7-badd-01936100d6d9رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله (رويترز)

العرض الجيبوتي.. فرصة إستراتيجية

رغم عدم صدور تصريح رسمي من الحكومة الإثيوبية حيال المقترح الجيبوتي، فقد أكد وزير الخارجية الجيبوتي، في مقابلة مع بلومبيرغ على هامش القمة الصينية الأفريقية، أن بلاده "تتوقع الحصول على رد إيجابي قريبا" من إثيوبيا.
وعدم إعلان تفاصيل العرض الجيبوتي والغموض المحيط بموقف أديس أبابا أديا إلى انقسام الآراء حول طبيعة الخطوة التي قد تقدم عليها إثيوبيا.
فتحول إثيوبيا نحو ميناء تاجوراء الجيبوتي يحمل العديد من الميزات، ومن منظور اقتصادي تخفف هذه الخطوة من الأعباء الإثيوبية المرتبطة بتكاليف النقل التي بلغت في بعض السنوات مليوني دولار يوميا أو ما يوازي 16% من قيمة التجارة الخارجية للبلاد.
كما أنها تعالج الشكاوى الإثيوبية من الرسوم المرتفعة المفروضة في الميناء الحالي البالغة قرابة ملياري دولار سنويا، والتي يمكن إدراك حجمها بالنظر إلى أن ميزانية إثيوبيا للعام المالي 2022-2023، على سبيل المثال، بلغت 15.1 مليار دولار.
كما يلبي منح إثيوبيا حق الإدارة الكاملة لميناء تاجوراء رغبة أديس أبابا في وصول طويل الأمد إلى منفذ بحري موثوق ويوفر مخرجا دبلوماسيًّا للأزمة المشتعلة بينها وبين مقديشو بما يفضي إلى تخفيف التوترات في المنطقة، ويجنب كل الأطراف عواقب التصعيد ولا سيما بعد التطورات المرتبطة بالتعاون العسكري المصري الصومالي.
وعلى المستوى المحلي، تمنح الموافقة على العرض الجيبوتي أديس أبابا الفرصة للتفرغ لحل مشكلاتها الداخلية، والعمل على تجاوز الآثار الاقتصادية الكبيرة للحرب في تيغراي، ومواجهة التحديات الأمنية وعلى رأسها التمرد المسلح المشتعل في ولايتي أوروميا وأمهرا، حيث تمكن مقاتلو حركة فانو المتمردة مؤخرا من السيطرة على مدينة المتمة الحدودية مع السودان، مع كل ما يحمله ذلك من تداعيات.





عوائق أمام المبادرة

في حين تتمثل المعضلة الرئيسية أمام المقترح الجيبوتي في الرغبة الإثيوبية في عدم الارتهان في إدارة تجارتها الخارجية لدولة واحدة من خلال اللجوء إلى تنويع الموانئ الذي تصفه الباحثة الإثيوبية إيدن تافيسورك في مقال لها بـ"الضرورة الإستراتيجية للتجارة والنمو الاقتصادي".
عائق آخر لا يقل أهمية يلقي الضوء عليه مقال للبروفيسور المشارك في جامعة جورج تاون الأميركية كين أوبالو، الذي يرى أن من مصلحة إثيوبيا الاقتصادية على المدى الطويل امتلاك سلاح بحرية قوي في المياه الدولية، وهو ما يتفق مع إستراتيجية الحكومة الإثيوبية التي ضمنت لها مذكرة التفاهم مع أرض الصومال الحق في إقامة قاعدة عسكرية، مما سيرجح اختيارها من قبل أديس أبابا بالنظر إلى نفي وزير الخارجية الجيبوتي تضمن مبادرة بلاده إنشاء قاعدة بحرية لإثيوبيا.
دبلوماسيا، يبدو تأكيد أديس أبابا دعمها للوساطة التركية عاملاً آخر قد يكبح موافقتها على العرض الجيبوتي التي ستضعف من موقفها التفاوضي باعتباره يلبي المطلب الإثيوبي بالوصول الآمن للمياه الدولية، وهو توجه تبدو أصداؤه في تعليقات العديد من السياسيين الصوماليين على شبكات التواصل الاجتماعي باعتبار المبادرة الجيبوتية "اختبارا للنيات الحقيقية لإثيوبيا".





توازنات التنافس الإقليمي

بجانب ما سبق، لن تكون هذه التطورات بعيدة عن توازنات التنافس الإقليمي، حيث استثمرت الإمارات العربية المتحدة بكثافة في تطوير ميناء بربرة وحوّلته إلى مركز لوجستي إقليمي يحل محل جيبوتي كبوابة تجارية لإثيوبيا وفق اتفاقات تم عقدها عام 2018، ولم تستطع أديس أبابا بعد ذلك الوفاء بالتزاماتها الواردة فيها ضمن الجدول الزمني المحدد.
وكان من الملاحظ عقد اجتماع بين وزيري الدفاع في الإمارات وإثيوبيا من أجل "تعزيز التعاون الدفاعي والعسكري" بعد أيام من وصول القوات المصرية إلى الصومال.
ختاما، تمثل المبادرة الجيبوتية خطوة بالغة الأهمية في سياق يتسم بالحساسية والتعقيد الشديدين، ورغم أن مصالح جيبوتي تمثل عاملا رئيسيا ضمن حزمة الدوافع المركبة والمتداخلة الكامنة خلفها، فإن هذا لا ينفي أنها قد تكون الفرصة الأخيرة لنزع فتيل التوتر الإقليمي الذي وضع القرن الأفريقي على فوهة بركان، وفتح الباب لتزايد تدخل القوى الخارجية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75482
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة   القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة Emptyالأحد 15 سبتمبر 2024, 6:36 pm

القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة %D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%88%D9%85%D8%B5%D8%B1-2285-1725126267





رئيس جمهورية الصومال حسن شيخ محمود (يمين) والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
هل يتحول الصومال إلى ساحة حرب بالوكالة بين إثيوبيا ومصر؟


تحولات جيوسياسية متسارعة تشهدها منطقة [url=https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2018/2/23/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A-%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D8%B8%D9%85%D8%A9-%D9%88%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA#:~:text=%D9%8A%D9%82%D8%B5%D8%AF %D8%A8%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9 %D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86 %D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A %2D%D8%AC%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A7,%D9%88%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8 %D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86 %D9%88%D8%A3%D9%88%D8%BA%D9%86%D8%AF%D8%A7.]القرن الأفريقي[/url] مع بروز مصر كلاعب جديد في المشهد الصومالي عقب إبرام القاهرة ومقديشو اتفاقية تعاون عسكري منتصف أغسطس/آب 2024، في خطوة تعكس تعميقًا لافتا للعلاقات بين البلدين.
بالتزامن مع هذا التطور، قدمت كل من مصر وجيبوتي طلبًا للمشاركة في قوة حفظ سلام أفريقية جديدة في الصومال، من المقرر أن تبدأ مهامها العام المقبل، لتملأ الفراغ الذي سيخلفه انسحاب البعثة العاملة حاليا، وهو مقترح لاقى ترحيبا من الصومال وموافقة من مجلس الأمن والسلم الأفريقي.
يأتي هذا التحرك المصري في الساحة الصومالية، خاصة في مجال الأمن والدعم العسكري، في خضم توترات متصاعدة بين الصومال وإثيوبيا، مثيرًا التساؤلات حول الدوافع والتداعيات المحتملة على منطقة القرن الأفريقي، وحول احتمالات تحول الصومال إلى ساحة حرب بالوكالة بين الغريمين الكبيرين في وادي [url=https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2015/11/28/%D9%86%D9%87%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%8A%D9%84#:~:text=%D9%88%D9%8A%D8%BA%D8%B7%D9%8A %D8%AD%D9%88%D8%B6 %D8%A7%D9%84%D9%86%D9%8A%D9%84 %D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AD%D8%A9 3.4,%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9%D8%8C %D8%AB%D9%85 %D8%A3%D8%B1%D8%AA%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A7 %D8%A8%D8%B5%D9%81%D8%A9 %D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%82%D8%A8.]النيل[/url].
واندلعت الشرارة الأولى لهذه التوترات في يناير/كانون الثاني الماضي عندما أبرمت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، تحصل أديس أبابا بموجبها على حق استئجار منطقة ساحلية وإنشاء قاعدة عسكرية مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، مما قوبل برفض قاطع من الحكومة الصومالية التي اعتبرت الاتفاقية انتهاكا صريحا لسيادتها، وهذا الأمر أطلق سلسلة من التفاعلات لم تهدأ منذ ذلك الحين.





رسائل متبادلة

خلال زيارته الثانية لمصر هذا العام، وقّع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود اتفاقية تعاون عسكري مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي يوم 14 أغسطس/آب الماضي، وكان الرئيس المصري أكد سابقا دعم بلاده وحدة الصومال وسيادته، ورفضه لأي تدخل خارجي في شؤونه الداخلية، في وقت كانت فيه القاهرة أعلى الأصوات الخارجية في التنديد بمذكرة التفاهم الإثيوبية مع أرض الصومال.
ولم يتأخر الرد الإثيوبي، فبعد يومين من توقيع الاتفاقية، انتقد رئيس هيئة الأركان العامة لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية المشير برهانو جولا ما وصفها بـ"بعض الجهات" التي تدّعي الآن الدفاع عن مصالح الصومال، مضيفا "بصفتنا أبناء المنطقة، نهتم بأمنها واستقرارها، ولن نتهاون مع أي محاولات لزعزعة الاستقرار".
وسريعا ما دخلت مفاعيل الاتفاقية حيز التنفيذ مع وصول طائرات عسكرية مصرية إلى مطار مقديشو محملة بقوات وبشحنة معدات عسكرية وصفها سفير الصومال في القاهرة علي عبدي أواري بـ"الكبيرة"، مؤكدا أن مصر ستكون أولى الدول التي ستنشر قوات لدعم الجيش الصومالي في إطار البعثة الأفريقية القادمة.
زادت هذه الخطوة من سخونة التوتر في المنطقة، فأصدرت الخارجية الإثيوبية يوم 29 أغسطس/آب الماضي بيانا وصفه بعض المراقبين بأنه يكاد يكون إعلان حرب، إذ أكد أن المهمة الأفريقية الجديدة قد تؤثر على استقرار القرن الأفريقي، وأن "المنطقة تتجه نحو المجهول"، ومتوعدا بأن إثيوبيا "لن تقف مكتوفة الأيدي في وقت تتخذ فيه جهات أخرى خطوات لزعزعة استقرار المنطقة".
القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة 2322116335_n-1725351788

ابحث عن سد النهضة

التحرك المصري الأخير ليس جديدا في الجوار الإثيوبي، حيث شهدت السنوات الأخيرة تكثيفا كبيرا لحضور القاهرة في دول حوض النيل، إذ وقعت اتفاقيات عسكرية مع دول مثل كينيا ورواندا وأوغندا وبوروندي.


كما سعت القاهرة لتعزيز وجودها في تلك المنطقة من خلال مظلة من المشاريع الحيوية تتضمن بناء السدود ومحطات الطاقة البديلة في دول كإريتريا وأوغندا وتنزانيا وجنوب السودان، في إطار إستراتيجية وصفها رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية ياسين أحمد بأنها "محاولة لتطويق إثيوبيا من خلال بناء تحالفات مع الدول الواقعة في جوارها".
أما الكاتب والباحث الإثيوبي في الشؤون الأفريقية عبد الشكور عبد الصمد فيعزو تحركات القاهرة الأخيرة في الملف الصومالي إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، مؤكدا أنها تستهدف الضغط على أديس أبابا للحصول على تنازلات فيما يتعلق بسد النهضة وحصص مياه نهر النيل.
وفي إفادته للجزيرة نت، يصف عبد الصمد الاتفاقية الأمنية المصرية الصومالية بأنها ردة فعل على مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال مطلع هذا العام، رابطا بينها وبين تصديق البرلمان في دولة جنوب السودان على اتفاقية عنتيبي.
في حين أن العامل الأخير، وفقا لعبد الصمد، يتمثل في إعلان إثيوبيا قرب الانتهاء من الأعمال الإنشائية لسد النهضة، والتعبئة الخامسة، وحجز السد لأكثر من 64 مليار متر مكعب من المياه.
وفي خطوة مفاجئة، صدق برلمان دولة جنوب السودان أواخر يوليو/تموز الماضي على اتفاقية عنتيبي التي تهدف إلى بناء نظام جديد لإدارة مياه النيل، يوصف بأنه ينسف "الحقوق التاريخية لمصر والسودان"، مضيفا المزيد من التعقيدات على الملف الشائك، الذي انتهت إلى الإخفاق آخر جولاته التفاوضية في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي.





خطوة مصرية استباقية

من جانبه، يصف اللواء محمد عبد الواحد التحركات المصرية في القرن الأفريقي بأنها "استباقية" لحماية الأمن القومي المصري في إقليم ذي أهمية إستراتيجية للقاهرة، ويشهد العديد من المهددات الأمنية كالنزعات الانفصالية والجريمة العابرة للحدود والتنافس الدولي والتوتر في جنوب البحر الأحمر الذي "يؤثر بشكل مباشر على قناة السويس".
ورغم السرية التي أحاطت بنود الاتفاقية الدفاعية، فإن الخبير المصري في الشؤون الدولية والأمن القومي يشير للجزيرة نت إلى أنها تتضمن تعزيز التعاون العسكري والأمني والدفاع المشترك بين البلدين، بما يشمل التعاون في المجال العسكري والاستخباراتي ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتبادل المعلومات.
ويضيف عبد الواحد أن الاتفاقية تتضمن تدريب عناصر صومالية في القاهرة أو إرسال خبراء لتدريبهم في الصومال، وتدريب الجيش الصومالي على مواجهة التهديدات المرتبطة بحماية وسلامة أراضيه، وتدريب مجموعات على مكافحة الإرهاب، ولا سيما بالنظر إلى تنامي الإرهاب في الصومال نتيجة نشاط حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة.





وتحيط بالصومال العديد من المهددات الأمنية أهمها أنشطة حركة الشباب المجاهدين التي تصاعدت أعمالها في الأشهر الأخيرة، ورغم العديد من الجهود المبذولة لمواجهتها، فإن القوات الصومالية عجزت عن دحرها منفردة، مما أدى إلى وجود بعثة أفريقية لدعم الجيش الصومالي منذ 18 عاما، لعبت القوات الإثيوبية فيها دوراً بارزا على الدوام.
وفي مطلع يونيو/حزيران الماضي، نقل موقع "صوت أميركا" تصريحا لمستشار الأمن القومي الصومالي حسن شيخ علي، أكد فيه أن "القوات الإثيوبية لن تكون جزءا من القوات التي يقودها الاتحاد الأفريقي" والتي ستعمل في الصومال لمدة عام ابتداء من يناير/كانون الثاني 2025.
وفي وقت لاحق تقدمت مقديشو بمذكرة إلى مجلس السلم والأمن الأفريقي مطالبة بتشكيل بعثة أفريقية جديدة، وهو ما فسره مراقبون بأنه سعي صومالي لإخراج القوات الإثيوبية من البلاد وتمهيد الطريق لحلول قوات مصرية وجيبوتية محلها.

حرب بالوكالة

التفاهمات المصرية الصومالية أتت في خضم أزمة ممتدة عاشتها العلاقات الإثيوبية المصرية على خلفية سد النهضة، وفشل الأطراف في التوصل إلى حلول مرضية في ما يتعلق بإدارة السد وتقاسم الحصص المائية.
آخر تطورات هذا الملف تمثلت في إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في مقابلة مع التلفزيون المحلي توقعه اكتمال أعمال بناء سد النهضة بحلول ديسمبر/كانون الأول من هذا العام، الأمر الذي يصفه مراقبون بأنه نجاح أديس أبابا في كسب الوقت لإكمال بناء المشروع الضخم ووضع جميع الأطراف أمام الأمر الواقع.
وضمن هذا الإطار، يرى اللواء محمد عبد الواحد أن الاتفاقية المصرية الصومالية ليست مرتبطة بالتوتر الذي تشهده علاقات بلاده وإثيوبيا، معتبرا أنها امتداد طبيعي للحضور المصري في الصومال منذ دخوله في نفق أزماته الممتدة منذ تسعينيات القرن الماضي.
وهو رأي يخالفه فيه الصحفي المختص بشؤون القرن الأفريقي إبراهيم صالح، الذي يشير إلى أن التحرك المصري ليس بعيدا عن التنافس المصري الإثيوبي أو "بالأحرى الصراع حول ملف سد النهضة".
ويضيف صالح للجزيرة نت أن الصومال تحوّل بالفعل إلى ساحة حرب بالوكالة للبلدين و"إن كانت في مراحلها الأولية"، موضحا أن ما يدور من تنافس وحضور على شتى المستويات الأمنية والعسكرية والدبلوماسية ربما يؤكد ذلك.
القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة %D9%83%D9%88%D9%85%D8%A8%D9%88-3-2-1725352853هبوط طائرتين عسكريتين مصريتين من طراز سي-130 في مطار مقديشيو وعلى متنها جنود مصريون (مواقع التواصل)

خطوات إثيوبية متوقعة

وبخصوص الخطوات المتوقعة من أديس أبابا، يعتقد صالح أنها ستلجأ إلى مزيد من التصعيد الدبلوماسي، ومخاطبة الجهات الفاعلة على المستوى الإقليمي والدولي، فضلاً عن تمسكها بالوساطة التي بدأتها تركيا لإحراج الصومال ولتكسب ود أنقرة وتبعث برسائل من خلالها أيضا إلى الجانب المصري بصورة غير مباشرة، كما أنه ليس من المستبعد أن تبدي تمسكها بالمذكرة التي وقعتها مع أرض الصومال.
وفي تصريحات سابقة للمتحدث باسم الخارجية الإثيوبية نيبو تدلا شدد على أهمية النظر في آراء ومخاوف البلدان المساهمة حاليا بقوات في الصومال لضمان الانتقال الفعال إلى البعثة التي ستعمل مع بداية العام القادم، في حين يذهب مراقبون إلى تكثيف أديس أبابا جهودها على مستوى الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي للحيلولة دون نشر مصر قواتها في الصومال.
ورغم أنه ليس من المعلن عدد القوات المصرية المتوقع نشرها في الصومال، فإن العديد من المصادر تشير إلى أن الرقم قد يبلغ بضعة آلاف، وفي تغريدة له على موقع "إكس"، قال عبد الوهاب شيخ عبد الصمد، المدير التنفيذي للمعهد الأفروآسيوي للدراسات الإستراتيجية ومقره نيروبي، إن مصر تخطط لنشر ما يصل إلى 10 آلاف جندي في الصومال، بما في ذلك القوات الجوية والبرية المجهزة بالمعدات الثقيلة، وإنهم سيتمركزون على الحدود الإثيوبية الصومالية في مناطق جيدو وهيران وباي باكول.
ويشير بعض المراقبين إلى أن أديس أبابا ستستخدم حلفاءها في الداخل الصومالي لتقويض الانتشار المصري في الصومال، حيث تم تداول فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي منسوب إلى المتحدث باسم ولاية هيران الصومالية يرفض فيه أي وجود عسكري مصري في منطقته، مضيفا أن القوات الأجنبية المرحب بها "هي فقط القادمة من الجارة إثيوبيا"، مما يشير إلى نوعية الصعوبات المحتملة التي ستواجهها القوات المصرية في الصومال.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بيرَقدار والمُهاجر: مُسيَّرات تركيا وإيران ترسم ملامح القرن الأفريقي
»  من “بدعة القرن” البريطانية إلى “صفقة القرن” الأميركية… عملية دمع للكيان بالإقليم
» African Union (الاتحاد الأفريقي)
»  "مصافحة الشيطان".. كيف تدفع الرياض إسرائيل لحرب بالوكالة بلبنان؟
» الاتحاد الأفريقي يحظر إسرائيل بشكل نهائي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ :: عبر التاريخ-
انتقل الى: