[rtl]مطعم الحلبي في الكرك .. رائحة العراقة والطعام منذ العام 1938[/rtl]
شارع الملك حسين في الكرك عدسة: محمد القرالة
[rtl]وليد سليمان - في وسط «الكرك» تجلس في هذا المطعم العريق فتشم روائح الطمأنينة والاطعمة الشهية التي تنتشر في هذا المكان الشعبي القديم .. فمطعم «عادل الحلبي» أسس منذ العام 1938 وظل محافظاً على نكهة التاريخ والبساطة .. وعبق الماضي الجميل بجميع مكوناته المعمارية من الداخل والخارج.. فالمطعم يحتل مكاناً في احدى المباني الكركية القديمة والتي بُنيت من الحجر العربي الشهير بجمال شكله.. ومن الداخل تلاحظ السقف العربي القديم الذي صمم بشكل قوسي يسمى بالعقد او القبة.. وهذا الدهان الابيض اللطيف على جدران المطعم المريح للنفس.
ونستذكر في تلك اللحظات ريثما يجهز ابو سامي عادل الحلبي بعض الاطعمة الشعبية التي طلبتها كالفول والحمص او قلاية البندورة باللحمة او حتى الكفتة بالطحينية او طعام الفاصوليا الناشفة.. الخ.
عاصمة بلاد الشام
وفي تلك الأجواء نستذكر مثلاً ان هذه المدينة الخالدة الكرك كانت في زمن ما من تاريخ العرب عاصمة لبلاد الشام!!! فقد كانت دمشق وبيروت والقاهرة تتبع لمدينة الكرك وذلك في بدايات القرن الثالث عشر الميلادي.. حيث انطلقت منها الجيوش العربية والاسلامية لتحرير ومساعدة القدس وعكا ودمشق والقاهرة.
لذلك فاننا ما زلنا نجد روح النخوة والشجاعة والكرم مسيطراً وغالباً في نفوس الكركيين منذ مئات السنين وعبر الزمان حتى الآن في تلك المدينة التاريخية التي تغنّى بعشقها الكثيرون حتى اللحظة ومنهم مثلاً الشاعر والوزير السابق د. خالد الكركي حيث يناجي مؤاب-الكرك في الحلم والذاكرة في مقام النسرين:
الطريق هي التي رسمتها
مهما استبد شتاء الكرك
او طال صيفها الجميل
تدخل من بوابة المدينة
وتصعد الدرج الى شارع الخضر
جواد اخضر وهودج من فضة
وشرفة غارقة في بهاء الريحان
فهي عطر مترنح في ليل مؤاب.
مشاهير في المطعم
في منطقة السرايا القريبة من قلعة الكرك الشهيرة وبالذات في اول شارع الملك الحسين يقع مطعم عادل الحلبي بكل رونقه الخارجي وكأنك في قرن او قرنين من السنين الماضية تمر وتعيش في الكرك او تدرس في مدرستها الثانوية العريقة والتي درس وتخرج منها العديد من رجالات الاردن ومشاهيره في جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية ومنهم مثلاً الذين كانوا زبائن لهذا المطعم قديما مثل: عبدالهادي المجالي ، وعبدالسلام المجالي ، ومضر بدران ، واديب الشلبي... وغيرهم الكثير.
المطعم الاخضر
وهذا المطعم يعتبر الآن من أقدم مطاعم الكرك !! بعد ان توقف ومنذ سنوات مطعم عكاش الذي يقع بجانبه.. ومطعم عادل الحلبي بسبب شهرته وعراقته فهو مقصد السياح الاجانب كذلك ، حيث ان اسمه وعنوانه مدرج في الدليل السياحي للكرك.. ويسميه بعض الاجانب تحبباً بالمطعم الاخضر!!.
ولماذا المطعم الاخضر؟! لأن كراسيه وطاولاته مدهونة باللون الاخضر الفاتح المميز والجميل بين فضاء من الجدران البيضاء الناصعة بالألفة والروح الشرقية العربية الاصيلة.. ولأن القلب الكبير لعادل الحلبي جميل وأخضر كذلك!! فهو دائماً يبتسم مرحباً بزبائنه ، ويجاملهم ويلبي كل طلباتهم بكل صبر وأناة وبروح مرحة لطيفة.. وهذا عنصر هام آخر لجذب الناس للمطعم. فالمعاملة والخدمة الجيدة عنصر هام للنجاح في أي عمل ليقبل عليه الناس والزبائن والزوار والسواح كذلك.
عادل الحلبي
وفي حديث مع «عادل الحلبي ابو سامي» أشار الى انه كان يساعد والده في هذا المطعم القديم منذ كان عمره عشر سنوات اثناء الدراسة، لذا فإنه عمل في هذا المطعم منذ (35) عاماً وحتى الآن، لكن والده في الحقيقة أدار هذا المطعم منذ العام 1961 وكان المطعم قبل ذلك لأناس آخرين الذين افتتحوه عام 1938.
ويقول عادل الحلبي وبفخر بأن العديدين من زبائنه الكبار في العُمر يقولون له: يا سلام لقد كنا نأكل ونشتري المأكولات من هذا المطعم منذ نحو 50 عاماً وما زالت نكهات الطعام القديم نشعر بها في أفواهنا منذ ايام الوالد؟! حيث الفول والحمص والمسبحة والفتة والفلافل والساندويشات.. الخ.
مؤاب – الكرك
يظل هذا المطعم بأجوائه الشرقية القديمة معلماً تراثياً وتاريخياً بارزاً كما قلعة الكرك التي بناها المؤابيون والمستشفى الطلياني وثانوية الكرك ومدرسة اللاتين وغير ذلك من المعالم العريقة فيها.. مثل مقامات سيدنا نوح والخضر ويوشع وموقع معركة مؤتة ومقامات الصحابة الشهداء.
وعند يجلس الزائر القادم من عمان مثلاً في هذا المطعم سوف تظل عيناه تجولان بالنظر في تفاصيل ومكونات وأدوات هذا المكان السحري المعشوق للقلب والنفس.. فها هنا و هناك تلاحظ الرفوف الخشبية وما عليها من مرطبانات الملح والسكر والمخللات والزيوت والصحون والملاعق واباريق الشاي.. حتى يستهويك سقف المطعم الفريد من نوعه والذي كانت الأبنية قديماً تبنى هكذا بشكل العقد. ثم ستلاحظ هذا التلفون الارضي القديم ذي القرص الرقمي وتلك المراوح الهوائية النازلة من السقف بفراشاتها الثلاث، وتلك الخزائن القديمة الرائعة التكوين.. ثم تلك المدقة الخشبية لدق الحمص وتتبيلات الطعام لفتح الشهية.. ثم انك سوف تنظر وبدهشة لهذا الدفتر التجاري القديم جداً حتى ان اوراقه قد اصبحت مهترئة .. وعليها تاريخ 1938 حيث الكتابة لبعض المعلومات والملاحظات بقلم الحبر السائل عن إيجار المطعم وبعض المصروفات الاخرى قبل نحو (75) عاماً .
[/rtl]