عندما يُذكر موضوع زوجة الأب امام أحد، اول ما يطرأ ببال الاخرين، الاولاد. حيث يبدأون التحدث عنهم بطريقة تجلب التعاطف والشعور معهم بالظلم الواقع عليهم وهذا الأمر يشمل جميع زوجات الآباء من دون استثناء على العلم انه هناك نساء يكنّ اكثر عطفا من امهاتهم الحقيقيات. الا انه البعض يتعذر بذلك نتيجة النماذج السيئة التي تطال الابناء على أيد الزوجات فطبيعة الناس تبقى متذكرة للسيء أكثر من الجيد.
نماذج
ويؤيد هذا الرأي جلال نادر مبينا ان النماذج السيئة التي طالت الأبناء من زوجات الآباء جعلت الافكار السلبية تجاههم تترسخ في بال الجميع على الرغم من انه كانت هناك نماذج من زوجات الآباء اللواتي اثبتن العكس تماما بحبهن لابناء الزوج والتعامل معهم وكأنهم ابناؤها .
ويذكر انه من الأشخاص الذين تزوج والده من إمرأة اخرى غير والدته وعاش طفولته معها وهي الآن بمثابة الوالدة له حيث يناديها ب» أمي « بالإضافة الى انه واخوته يقيمون لها حفلات اعياد الميلاد ويحضرون لها الهدايا في عيد الأم.
وتؤكد خلود ظاهر انها لو تزوجت من رجل لديه أطفال فلن تكرر قصتها التي عانتها مع زوجة أبيها فإنه على العكس تمام سوف تغمرهم بالحنان والدفء الذي يبحث عنه كل طفل وأي انسان.
مشيرة الى ان القسوة على الاخرين ليست بالأمر الجيد كونها عانت من ذلك الأمر من أجل عدم خلق الحقد والبغضاء بين العائلة و على زوجة الأب ان تراعي مشاعر الأبناء بفقدانهم لوالدتهم لذلك منو جهة نظرها لا بد ان تكون رؤوفة وحنونة عليهم الزوجة.
لم تكن عنصرا غريبا
أما رعد علي يقول: «إن زوجة والده لم يشعر في أي وقت بأنها عنصر غريب عن المنزل، وهو يكن لها كل الاحترام والتقدير، ويقول «بادلتني الحب بالحب وهي حنونة جدا ولم أر منها ما يجعلني أكرهها وأعتبرها زوجة أب قاسية».
مضيفا انه من أجل ذلك، يحاول دائما أن يثبت لها ذلك من خلال الهدايا والمعايدة في المناسبات، وخاصة عيد الأم، ودائما ما يضع صورتها على مواقع التواصل ويعرف عنها بـ»والدته الحنونه»، ويرى أن التعميم السيئ الذي يطلقه الناس على زوجات الأب غير منطقي وفيه ظلم للكثير من الحالات، إلا أنه لا ينكر وجود نماذج سيئة كثيرة في المجتمع عن زوجات الأب، ويعتقد أن هذه الفئة تعاني من «أمراض نفسية وكيدية».
وتذكر بلسم يوسف ان احدى صديقاتها لديها زوجة أب حيث تناديها بأمها لأن جدتها غرست فيها حبها وكانت تقول لها منذ الطفولة إن هذه والدتها، والسبب في ذلك يعود إلى كون أمها الحقيقية كانت هي الأم التي تلد، وزوجة والدها هي التي تربي، وأعطت أبناء زوجها الكثير من الحب والحنان والعطف.
وتؤكد بلسم أن زوجة الأب وضعت بقالب الصورة السلبية وانتشرت القصص بهذا الحل حيث لم تذكر القصص الإيجابية عنهم .
الكثير من الزوجات
وتؤكد فداء خلف انه هناك الكثير من زوجات الآباء ربين ابناء أزوجهن وكأنهم ابناء لهن حيث احببنهم واعتنين بهم ووزعت الواحدة منهن طيبة قلبها على ابناء زوجها ولم تتهاون في تقديم المساعده لهم واعتبرته ابنها .
مشيرة الى ان الناس لديهم افكار بما رسخ ببالهم من ظلم زوجة الأب ولكنها لا تعمم تلك الفكرة وذلك لما وجدته مع زوجة أبيها التي لم تشعرهم بأنها غريبة حيث تغمرهم بحنانها وعطفها وخوفها عليهم وحبها الكبير ولا تفرق بينهم وبين أبنائها .
تشير منار تيسير الى ان والدها تزوج من امرأة في الخامسة والأربعين بعد خمسة أعوام من وفاة والدتها مؤكدة انهم قد تخوفوا منها في البداية لأنها كانت صارمة لكن وبمرور الزمن أصبحوا أصدقاء وكانت دائما تقف الى جانبهم عندما كان والدها يختلف معهم وكانت كثيرا ما تنفق من مالها الخاص على احتياجاتهم كما انها ساعدتهم في الدراسة واصحبت كل حياتهم واهتماماتهم متكاتفة مع جميع أفراد العائلة .
رأي العلم
ومن جانبها، تعتقد اختصاصية الاجتماعية الدكتورة فاطمة الرقاد من جامعة البلقاء التطبيقية، أن الصورة السلبية التي يتحدث عنها المجتمع عن زوجة الأب القاسية، تسمى «الصورة النمطية»، والتي يأخذ المجتمع فيها الصورة السائدة وتعميمها على الجميع.
وتبين الرقاد أن هذه الأفكار إما أن تكون من تجارب شخصية سابقة، بالإضافة إلى الدور الكبير للإعلام من خلال عرض زوجة الأب على أنها «امرأة متسلطة»، من خلال المسلسلات والأفلام، والتي لها كبير الأثر في عقول الأفراد وترسيخ الأفكار لديهم.
وتعتقد الدكتورة فاطمة أن للزوج الدور الكبير في مساندة زوجة الأب لتكون أما لأطفاله، وذلك من خلال توطيد العلاقة بين أفراد الأسرة، وتقديمها على أنها هي التي ستقوم بخدمة وحماية الأطفال، بالإضافة إلى ترسيخ الاحترام المتبادل فيما بينهم، لينشأ جيل محب لمن يعيشون معه في العائلة الواحدة. وتؤكد الرقاد أن الكثير من الحالات الإيجابية تجد فيها الزوجة التي ليس لديها أطفال، أن أبناء الزوج هم فرصة ليعوضوها عن حرمانها لعاطفة الأمومة، لذلك تعمد إلى حبهم ورعايتهم ليكونوا عونا لها في كبرها.
وبذلك، تؤكد الدكتورة الرقاد، أن المجتمع قد تحكمه معتقدات وأفكار سائدة، وتسود الصورة النمطية بالفعل، وتعمم على العينات كافة الموجودة من الفئة ذاتها، وبالتالي تعتبر صورة زوجة الأب القاسية نتاج مجتمع قد يحكم مسبقا على الأمور من خلال تجارب وخبرات توارثها المجتمع جيلا بعد جيل.
وترى أن الصورة العامة عادة ما تبقى وترسخ ولا تزول بسهولة، خاصة إذا كان المجتمع متأثرا بوسائل الإعلام التي تسهم في تأكيد الأفكار وتعميمها وترسيخها في الوقت ذاته، مبينة أن المجتمع ما هو إلا مجموعة من الأفراد الذين يعيشون تجارب في حياتهم وتؤثر على معتقداتهم فيما بعد.