الزواج في الأردن... فرحة تثقلها الهموم
يبرع الدعاة على الفضائيات وفي المساجد والإذاعات بتنفير الناس من المعاصي بأسلوبهم الخاص، ويحاولون بدأب زراعة حب الطاعة والعبادة في قلوب الناس، وعادة ما يكون كلامهم مستمد من عصور العلماء الخالية.
ومما يذكره الدعاة أن المعصية تورث في النفس الكآبة والوحشة وأن السعادة لحظية تنقضي بانتهاء المعصية، الأمر الذي بات يشبه لحد كبير ليلة الزفاف وما بعدها.
ومن خلال المقارنة يجد الشخص نفسه يسير إلى المعصية مجبورا مكرها؛ فالمرء فُطِر على الزواج والتكاثر ولكن المجتمع لا يلتزم بضوابطه، كل ما يعرفه المجتمع أن الشباب يريد أن يتزوج و"يستر على نفسه" إن صح التعبير.
والناظر إلى تكاليف الزواج من المهر إلى الخطوبة إلى البيت وعفشه مضيفا حفل الزفاف ومصروف الفترة الأولى من الزواج أو ما يسمى مجازا بشهر العسل ماهي إلا محاولات جادة من العروسين بضغط مجتمعي ليُراكم الديون عليه، العبء في كل مرة يزداد وكل متزوج أو "متورط" جديد بات يتحدث عما يشيب له الرأس.
ومن يفكر مليا سيجد أن السعادة التي يشعر بها العريس في حفل زفافه والليالي الملاح التي بعدها ماهي إلا سعادة لحظية تنقضي بانقضائها ولا تورث إلا الهم القادم من الديون المتراكمة على الشاب.
"البوصلة" سألت بعض الأهالي عن سبب غلاء المهور وكثرة الشروط من أهالي الزوجة، فكان الجواب والتبرير أنهم يريدون حفظ حق الفتاة بالمهر العالي والصالات الفاخرة وكأن الفتاة أصبحت سلعة للعرض تشتريها بثمن غالٍ فلا تجرؤ على الاستغناء عنها.
وللأمر سلبيات عديدة، فالحل هنا أمام الكثير من الشباب إما تأخير الزواج والعزوف عنه في بعض الحالات أو "التورط" به والذهاب للمشاكل العائلية والطلاق. وفي إحصائية لإذاعة "هنا أمستردام" الهولندية قالت فيها بأن نسبة العنوسة في الأردن 45%، بينما تصل 85% في لبنان، وهذا مؤشر خطير يدل على تفكك المجتمع.
من جهته كشف تقرير صادر عن دائرة قاضي القضاة في الأردن عن نسبة مرتفعة للطلاق والخلع في الأردن حيث يحتل الأردن المرتبة الثانية عربيا بعد مصر، ليسجل التقرير عدد حالات الطلاق بين عامي 2004 و2008 ما يزيد عن 13000 حالة طلاق على مستوى المملكة، مشيرا إلى أن نسبة حالات الطلاق ما قبل الدخول بلغت 79.4%. حتى أن إذاعة "هنا أمستردام" قالت ساخرة في تقريرها أنه إذا أردت أن تتخذ شريك حياتك فعليك الابتعاد عن لبنان والخليج والأردن، فيما شجعت بالزواج من فلسطين حيث ان نسبة العوسة تقل عن 7%.
كل هذا يدعو للتساؤل هل المجتمع على صواب؟!، خصوصا مع حالات الفشل والطلاق الأسري المطردة. أم ان المجتمع سيمضي برؤيته الحالية ليرى الأسر الحديثة النشوء بدل أن تكمل نصف دينها، تنتقل إلى أبغض الحلال؟!
جزء كبير من المسؤولية عما يحدث يقع على عاتق الشباب، هناك اختلاف جوهري بين طريقة التفكير سابقا وحاليا، كل شيئ تغير فالفتيات تعلمن في المدارس والجامعات، ولم يعدن بسيطات كوالداتنا يأمرهن الرجل فيستجبن له وينهاهن فينتهين.