جاء الربيع.. وبدأ موسم الرحلات

جاء الربيع.. وبدأ موسم الرحلات

بعد موسم طويل من البرد القارص بدأ الاردنيون باستقبال موسم الربيع الذي جاء يرفل بثوبه القشيب الذي طرزته الوان الزهور وعبقت به رائحة عطرها النفاثة، لتلامس شوق محبي الطبيعة الجميلة التي ابدعتها يد الخالق سبحانه وتعالى، والعنوان الابرز لهذا التلاقي هو الرحلات، حيث تحرص العائلات الاردنية على عدم تضييع فرصة الاستمتاع بهذه الاجواء خلال فترة الربيع المحدودة، لذا ما أن يأتيَ آخر الاسبوع حتى ينطلقون في رحلة ليوم كامل الى احدى المناطق البرية حول المدن وخصوصا في العاصمة عمان، وما ان يتم الاعلان عن قرار الخروج حتى يبدأ جميع افراد الاسرة الاعداد والتجهيز لهذه الرحلة وبلا اي احتجاج او تذمر كما جرت العادة عند القيام بأي عمل آخر.

الطبيعة الخلابة

وهكذا في صبيحة يوم العطلة ويكون في العادة جمعة او يوم سبت تنطلق اعداد كبيرة من السيارات وهي محملة بالعائلات الاردنية نحو المناطق المفضلة في هذا الوقت الربيعي من السنة كجرش، وعجلون، والاغوار، المناطق المحيطة بمادبا خصوصا منطقة الهيدان، ويتم اختيار هذه المناطق بالتحديد لانها فريدة بما تحويه من مناظر طبيعية خلابة وخضرة جميلة تتحقق فيها المتعة للناظرين، وهذا تماما ما تتوق اليه النفس حيث يستطيع المتنزهون ان يعيشوا فترة من السكينة والهدوء يتلذذون فيها باستعادة اللحظات التي كان يعيشها الاجداد في لقائهم الدائم مع الطبيعة حيث كانوا يتوحدون معها في بدائية ملؤها النقاء، ولعل جلوسنا على الارض بين الاعشاب واشعالنا النار لصنع ابريق من الشاي اللذيذ، والذي يكون طعمه مختلفا عن اي شاي قد شربناه هو تعبير عن حنين النفس لتلك الايام، اما ( الشواء ) فليس وجبة طعام فقط بل هو طقس كامل يبدأ منذ لحظة تحضير الحطب او الفحم وحتى تنزيل الشواء من على النار، وبه تكتمل الصورة التي نثق ان الصغار سوف يحملونها في ذاكرتهم الى الابد.

مواقع جميلة

اما اجمل الاماكن التي يحب المتنزهون ممارسة هوايتهم في الارتحال اليها فهي غابات عجلون، وجرش، ومناطق الاغوار، وايضا مناطق الهيدان وقصيب في محافظة مأدبا، حيث تعتبر هذه المناطق من اجمل المواقع في الاردن؛ لأن فيها الاودية الكبيرة والجبال العالية، وعيون المياه، وبرك المياه التي تنتشر على مدى وادي الهيدان، كما ان منطقة حمامات قصيب لا يوجد بها بنى تحتية، وجميع الطرق المؤدية اليها وعرة جدا، ولا يرتادها إلا هواة المغامرات، والمتجه إلى حمامات قصيب يجب ان يسلك أسهل الطرق نسبيا وهي الطريق التي تبدأ من جسر (الواله) جنوبي مادبا، ثم غربا فجنوبا حتى جسر (الهيدان) وصولا إلى عين (ماء الزراعة)، حيث ينتهي الطريق المعبد لتبدأ رحلة المشي على الأقدام حتى الوصول إلى حمامات قصيب، وتقدّر هذه المسافة بثلاث ساعات من المشي المتواصل، يمر خلالها الراجل بعيني ماء هما عين (عنيزان) وعين (برته)، وتحتضن الحمامات السّيق، وهو عبارة عن ممر جبلي صخري يشطر الجبل شطرين، والذي يصل طوله زهاء 400 متر ويشبه سيق مدينة البتراء كما يوجد في هذا السيق عدد من الشلالات التي تزيده جمالا.

ثقافة الرحلات

محمد سميح طالب جامعي قال ان النزهة في فترة الربيع تحتفظ بطعم خاص لكونها تجيء بعد فترة طويلة من الحبس في المنزل بسبب برودة الطقس، لذا فأن الخروج في رحلة شيء ضروري ومهم للخروج من اجواء الكبت التي تسببها الحياة في المدن، كما ان الرحلات كفيلة باعادة الحيوية والنشاط لجميع افراد الاسرة، والخروج برفقة الاسرة ينشر اجواء من السعادة على كافة افرادها ويقوي صلة الرحم فيما بينهم، وبين سميح ان الانسان يرتاح اكثر وهو يعيش اجواء البساطة كما عاش اجداده في الماضي، بعيدا عن ازعاجات الحضارة والمدنية الحديثة، التي كادت تحولنا الى مجرد آلات نسير في ركبها الرتيب الذي لا يتوقف، لذا فإن الخروج في رحلات يجب ان يتحول الى ثقافة راسخة في المجتمع الاردني ومن الضروري ان تقوم كل عائلة بوضع برنامج متكامل للرحلات، إذ ليس من المعقول ان يمر شهر كامل ولم تخرج فيه عائلة بنزهة الى احد المواقع القريبة من سكنها، خصوصا في فصل الربيع الذي تحلو فيه الرحلات،حتى لو كانت هذه النزهة مجرد خروج قصير بعد انتهاء الدوام الى المناطق القريبة المجاورة للعاصمة عمان.

الرغبة في الاستكشاف

امجد جوابرة موظف في القطاع الخاص قال ان فترة الربيع محدودة جدا، وخصوصا ان الفترة الواقعة ما بين منتصف شهر شباط الى منتصف شهر اذار تتميز بالبرودة ومن النادر ان يكون يوم العطلة الاسبوعي مشمسا، وهكذا يقتنص الناس الايام الدافئة للخروج في نزهاتهم، وبين جوابرة ان التنزه قد تحول الى عادة ثابتة عند الاردنيين، كما ان طريقة تعاملهم مع المكان الذي يحلون به في نزهاتهم قد تحسنت كثيرا عن ما كانت عليه في الماضي خصوصا من حيث عدم العبث والتخريب في معالم المكان وايضا من جهة الحفاظ على النظافة، وعبر جوابرة عن قناعته بان التنزه يرتبط برغبة الانسان في الاستكشاف وهذا بالضبط ما يؤدي الى الاستمتاع في الرحلات، فالانسان لو ذهب الى نفس المكان مرات كثيرة ومتعددة فإنه سوف يجد انه في كل مرة سيجد شيئا جديدا ليكتشفه، ونبه جوابرة الى ضرورة ان تقوم دائرة السير بتنظيم حركة المرور عند مداخل العاصمة عمان في فترة الغروب، حيث في هذا الوقت يبدأ المتنزهون بالعودة الى العاصمة عمان في وقت واحد وهذا يسبب ضغطا كبيرا على هذه المداخل.

اجواء البساطة

محمود عمرو مواطن اردني يعمل في القطاع الخاص قال: ان الخروج في رحلة شيء ضروري ومهم للخروج من اجواء الكبت التي تسببها الحياة في المدن، كما ان الرحلات كفيلة باعادة الحيوية والنشاط لجميع افراد الاسرة، وعبر عمرو عن قناعته بأن الانسان يرتاح اكثر وهو يعيش اجواء البساطة كما عاش اجداده في الماضي، بعيدا عن ازعاجات الحضارة والمدنية الحديثة، التي كادت تحولنا الى مجرد آلات نسير في ركبها الرتيب الذي لا يتوقف، وقال عمرو انه يضع برنامجا متكاملا للرحلات حيث يحرص على الخروج في كل شهر ولو لمرة واحدة، خصوصا في فصل الربيع الذي يكثف الرحلات فيه حتى لو كان مجرد خروج قصير بعد انتهاء الدوام في المناطق القريبة المجاورة للعاصمة عمان.

جاء الربيع.. وبدأ موسم الرحلات 1963_472604

جاء الربيع.. وبدأ موسم الرحلات 1963_472604

» الرحلات بين المتعة والذكريات الإبداعية !
» أدب الرحلات ودوره في تلاقح الحضارات
» الرحلات الفلسطينية | المسرد الزمني
» الرحلات.. متنفس العائلة لكسر حاجز الروتين
» كتاب أعجب الرحلات في التاريخ انيس منصور