|
| حول مصادرة صلاحية البرلمان في تعديل مشروعات القوانين | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: حول مصادرة صلاحية البرلمان في تعديل مشروعات القوانين الإثنين 27 أكتوبر 2014, 6:42 am | |
|
[rtl]حول مصادرة صلاحية البرلمان في تعديل مشروعات القوانين[/rtl]
أ.د. عادل الحياري
[rtl] في الحلقة السابقة من هذه النقاشات, دار النقاش حول قرار المجلس العالي رقم (1) لسنة 1955, الذي تعرّض فيه الى تفسير المادة 91 من الدستور, وهي المادة التي عالجت مسيرة القانون العادي, منذ بدايته كمشروع يعرضه رئيس الوزراء على مجلس النواب, حتى نهايته بمصادقة الملك عليه. وقد ذكرنا ان المجلس العالي قد عالج في ذلك القرار, مسألتين في غاية الأهمية, المسألة الاولى تعلّقت في دور الحكومة ومشاركتها في تقرير التشريع العادي. وقد أفتى المجلس ان اقتراح وصياغة الحكومة لمشروعات القوانين, يعتبر أحد أركان العملية التشريعية, مما يخوّلها أن تكون شريكا أصيلا في تشريع القانون العادي, تماما كما هو شأن دور البرلمان ودور الملك. وقد قلنا في مقالتين سابقتين, ان هذا التخريج لا يستقيم مع المفاهيم الدستورية, لان عملية اقتراح وصياغة مشروعات القوانين من قبل الحكومة, لا تعتبر اكثر من عمل اداري يحرك الاجراء التشريعي, وهو من قبيل مبدأ التعاون بين السلطات, ولكن تبقى الحكومة جزءا من السلطة التنفيذية, وليس جزءا من السلطة التشريعية. أما المسألة الثانية التي تعرّض لها المجلس العالي في ذلك القرار, فتتعلق بصلاحية البرلمان في تعديل مشروعات القوانين التي يعرضها عليه رئيس الوزراء. وما يهمّنا في هذا الموضوع هو «مفهوم ونطاق التعديل « الذي يحق للبرلمان ان يقوم به, وهو بصدد مناقشة مواد التشريع المعروض عليه. وفي هذا المقام لا بدّ ان نبسط اولا ما جاء على لسان المجلس العالي, فيما يخصّ هذه النقطة, لنعود تاليا الى مناقشة المسألة من جميع جوانبها. قال المجلس العالي ما يلي ( نرى ان المقصود من « التعديل» الذي نصّت عليه المادة 91 هو التعديل الذي ينحصر في حدود أحكام مشروع القانون وفي نطاق أهدافه ومراميه, سواء أكان ذلك بالزيادة ام النقصان. ولهذا لا يجوز ان يتناول التعديل احكاما جديدة لا صلة لها بالنواحي والغايات التي وضع المشروع من أجلها, والا فأننا اذا أجزنا لمجلس النواب وضع مثل هذه الاحكام الجديدة عن طريق استعمال حقه في تعديل المشروع, نكون قد افقدنا احدى مراحله الدستورية وتجاوزنا على حق السلطة التنفيذية في وضع مشروع قانون بهذه الاحكام الجديدة وتقديمه للمجلس طبق نص المادتين 91,95 المذكورتين, ونكون ايضا قد أعطينا المجلس اكثر من الحق الذي خوّله اياه الدستور في المادة 95 منه. اذ ان هذه المادة لا تعطي النواب في حالة رغبتهم بوضع احكام قانونية جديدة, سوى تقديم اقتراح بهذا الشأن واحالته الى الحكومة من قبل المجلس, لوضعه في صيغة مشروع قانون كما أسلفنا). وفي تعليقنا على هذا التفسير نرغب بداية ان نستميح العذر للمجلس العالي للخروج بمثل هذا التفسير, ونقول ان تفسير القانون, لا بدّ ان يكون» ابن البيئة», فهو كما هو الحال بالنسبة للقانون والشعر والأدب وغير ذلك من العلوم الحياتية. وبالتالي لا غرابة ان مثل هذا التفسير جاء على لسان المجلس العالي سنة 1955, بحيث جعل ارادة البرلمان حبيسة في النطاق الذي ترغبه الحكومة, في ظل بيئة كانت اليد الطولى فيها للحكومة دون غيرها من السلطات. وهذا التفسير ما هو الا امتداد للأوضاع السياسية التي كانت سائدة في أثناء وقبل تاريخ التفسير. وتوضيحا لما تقدّم نذكّر ان السلطة التنفيذية في ظل الدستورين السابقين, 1928, 1947, كانت هي المهيمنة على الحياة السياسية في هذه البلاد. يضاف الى ذلك ان الجهة التي انيط بها صلاحية تفسير القوانين والدستور, قبل دستور 1952, لم تكن محكمة قضائية او جهة مستقلة عن بقية السلطات, بل كانت جهة تابعة للسلطة التنفيذية, اذ اناط المشرع الدستوري مهمات التفسير كافة, «بديوان خاص» يؤلف من وزير العدلية وموظفين كبيرين من موظفي الادارة ينتخبهما المجلس التنفيذي, وموظفين كبيرين من موظفي العدلية ينتخبهما المجلس القضائي, ويجتمع هذا الديوان برئاسة وزير العدلية, وتكون لقرارات هذا الديوان مفعول القانون, اذا تعلّق التفسير باحكام قانونية عادية, اما اذا تعلّق التفسير بحكم دستوري, فلا يعتبر التفسير نافذ المفعول ما لم يصادق عليه الأمير.( المادة 55 من دستور 1928, والمادة 68 من دستور 1947). في ضوء ما تقدم من قراءة لتشكيل الديوان الخاص, يتبيّن ان عملية تفسير القواعد الدستورية, ليست هي عملية قانونية بحته كما يظن البعض, وكما يجب ان تكون, بل انها عملية تتأثر بالتيارات السياسية التي تسود في وقت ومكان التفسير. اذ تلعب الاعتبارات السياسية - وكذلك رجال السياسة- دورا مهما في بعض الاحيان, في تفسير القواعد الدستورية, بحيث قد تؤدي عملية التفسير الى توسيع او تضييق نطاق النص المفسّر. بل قد يصل الأمر- وتحت ستار التفسير- الى تغيير المعنى الذي قصده المشرّع الدستوري. وهذا الوضع يؤدي, لا محاله, الى نتائج قانونية وسياسية مؤثرة ومهمة في حياة الدولة, مما يستدعي الامر الى اعادة المراجعة للنصوص الدستورية وتفسيراتها, من وقت الى اخر, وذلك بقصد مواكبة الحياة المتطورة. ذلك لان التفسير- كما هو القانون- من الامور المتناهية, التي لا يمكن ان تماشي وتغطّي الحياة المتطورة غير المتناهية. قبل ختام هذه الحلقة, نعتذر للقارىء الكريم, ان الكتابة في موضوع حق البرلمان في تعديل مشروعات القوانين قد طال دون ان نصل الى خاتمة الموضوع, والسبب هو ان البحث القانوني يختلف عن المقالة الصحفية, نظرا للطبيعة الخاصة لكل منهما. وقد كان من الممكن ان نعالج الموضوع في كتيّب صغير, لا يقرأه الا المهتم والمختص, ولكن لعدم تفويت الفائدة على عموم القراء, ارتأينا ان نبسطه في مجموعة حلقات, فعذرا, والى الحلقة القادمة. [/rtl]
عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الثلاثاء 28 أكتوبر 2014, 8:12 am عدل 1 مرات |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: حول مصادرة صلاحية البرلمان في تعديل مشروعات القوانين الإثنين 27 أكتوبر 2014, 6:44 am | |
| [rtl]تكملة بحث صلاحيات البرلمان في تعديل مشروعات القوانين[/rtl] أ.د. عادل الحياري [rtl]
في المقالة السابقة كنّا قد تعرّضنا الى قرار المجلس العالي رقم (1) لسنة 1954 الذي طرق المسألة لأول مرة. وقد كان الموضوع يتعلق بتفسير المادة 25 من الدستور الباحثة في ركني السلطة التشريعية (البرلمان والملك). وقد كان السؤال يدور حول « هل يجوز لأي عضو في البرلمان ان يكون عضوا في هيئة النيابة على العرش؟ واذا جاز له ذلك, هل يحق له ممارسة صلاحياته كعضو في البرلمان؟ وقد جاء تفسير المجلس, انه لا يجوز لأي عضو في البرلمان ان يمارس صلاحياته وصلاحيات الركن الاخر في اّن واحد. اذ بذلك تفوت فرصة المراجعة. غير ان المجلس العالي أضاف تفسيرا لا يتعلق بموضوع التفسير الرئيس, حيث تعرّض الى عملية التشريع برمّتها, وحدّد الجهات التي تشارك فيها, وقال ان « واضع الدستور, جعل التشريع في هذه السلطة ثمرة ثلاث عمليات هي: (1) عرض مشروع القانون على مجلس الأمة من السلطة التنفيذية. (2) موافقة مجلس الأمة على هذا المشروع. (3) تصديق الملك. ومع ان هذه الاضافة في التفسير , كانت خارجة عن سياق التفسير المطلوب, الا ان المجلس قد أفلح بعدم التعرّض الى شرح طبيعة كل عملية من العمليات الثلاث التي ذكرها. ولم يبق الحال على ما هو عليه كما سبق من كلام,اذ اصدر المجلس العالي القرار رقم (1) لسنة 1955, الذي تعلّق بتفسير المادة 91 من الدستور, وهي الباحثة في مسيرة عملية التشريع العادي, من البداية حتى النهاية, والذي تمّ بموجبه مصادرة جلّ صلاحية البرلمان في تعديل مشروعات القوانين العادية التي يعرضها عليه رئيس الوزراء. لقد ناقش هذا القرار طبيعة عمل كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية فيما يتعلق بالعملية التشريعية. وبعد ان كرّر المجلس معادلة–ان المشرّع قد جعل التشريع ثمرة ثلاث عمليات..الخ–جاء بتخريج جديد يحدد طبيعة مسألتين في غاية الأهمية. المسألة الأولى, انه اعتبر ان الحكومة من خلال اقتراح وصياغة مشروعات القوانين, انها شريكا اصيلا في العملية التشريعية. وقد اعطاها ارادة ملزمة كما هو شأن ارادة البرلمان وارادة الملك, وهما ركنا السلطة التشريعية. وقد اورد المجلس في تبريره لمساواة عمل الحكومة في الاقتراح والصياغة, بموافقة البرلمان وتصديق الملك, أورد ما يأتي: ( لا يمكن ان يعتبر اي عمل من الاعمال الثلاثة بمفرده هو التشريع, وانما التشريع ثلاثتها معا ومجتمعة, اذ ان المادة 91 المذكورة جعلت مشروع الحكومة خاضعا لموافقة السلطة التشريعية. والمادة 95 جعلت الاقتراح الصادر عن هذه السلطة مفتقرا لوضعه في صيغة مشروع من الحكومة. وقد هدف واضع الدستور من تقرير هذا المبدأ المختلط تأمين الناحية التشريعية الفنّية من جهة, وايجاد التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من جهة اخرى. اذ انه باناطة حق وضع مشروع كل قانون بالحكومة, يكون قد ضمن حسن اداء هذه الوظيفة بالنظر لما لدى الحكومة من موظفين فنّيين قادرين على صياغة القوانين صياغة متقنة وفق ما يتطلبه الصالح العام...الخ). وتعليقا على هذه الحيثيّات التي جاء بها المجلس, نقول انها لا ترتقي الى الحد الذي يجعل من الحكومة ركنا مساويا لركني السلطة التشريعية. وبالعكس فان بعض التبريرات التي ساقها المجلس العالي, تصلح لكي تضع عملية اقتراح وصياغة مشروعات القوانين في سياق العمل الاداري. كقوله ( لما لدى الحكومة من موظفين فنّيين قادرين على صياغة القوانين صياغة متقنة). لقد سبق ان ناقشنا في مقالة سابقة, مسألة ان الحكومة لا تعتبر جزءا من السلطة التشريعية( منشورة بجريدة الرأي بتاريخ 20-4-2014). ونضيف في هذا المقام, ان المفسّر عليه ان يعود الى القواعد التي تساعده على التفسير, ومن هذه القواعد, العودة الى المصدر التاريخي للنص المراد تفسيره, ويتمثّل في الدستور الذي استقي منه النص, فذلك يسهم ويساعد في استخلاص المعنى الذي قصده مشرعو وثيقة المصدر. وفي هذا الصدد نذكّر ان الدستور الاردني لسنة 1952 استلهم احكامه من الدستور الفرنسي لسنة 1830, وذلك من خلال الدستور المصري لسنة 1923. وفي فرنسا لا تعتبر الحكومة عضوا تشريعيا, على الرغم من ان الدستور قد منحها حق الاقتراح التشريعي, وهذا هو المعمول به في النظم النيابية التي منحت الحكومة حق اقتراح القوانين, حيث اعتبرت ان الحكومة عندما تقترح فهي لا تشترك في الامر الذي يخلق القانون, وانما تمارس النشاط الاداري الذي يحرك الاجراء التشريعي. وهو الامر الذي لا يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات, ما دام بقي البرلمان محتفظا بحق التقرير التشريعي. ومهما يكن من امر الاختلاف حول تكييف طبيعة حق اقتراح القوانين الممنوح للحكومة, فان هذا الحق تمارسه الحكومة بصورة أشبه ما تكون بالصلاحية المطلقة. صحيح ان العملية التشريعية بمجملها, بما فيها اقتراح مشروعات القوانين, هي في الاصل من اختصاص البرلمان. لكن الملاحظ في التطبيق العملي, ان البرلمان لا يبادر باستعمال حق اقتراح القوانين–لاسباب يجب ان نستوضحها من أعضاء البرلمان انفسهم -وذلك تطبيقا لنص المادة 95 من الدستور, التي تنص على انه ( يجوز لعشرة أو اكثر من أعضاء أي من مجلسي الاعيان والنواب, ان يقترحوا القوانين..الخ). وهو الامر الذي زاد من استحواذ الحكومة على صلاحية اقتراح مشروعات القوانين, بحيث اصبحت هذه الصلاحية محجوزة بصورة مطلقة للحكومة, فهي تمارس تلك الصلاحية بالأصالة عن نفسها, وبالنيابة عن البرلمان. وبصرف النظر عن طبيعة مشاركة الحكومة في عملية سنّ التشريع العادي, نقول ان السلطة التنفيذية تتمتع -بالاضافة الى الشراكة في تكوين التشريع العادي–بصلاحيات سنّ التشريع الفرعي, المتمثلة بالانظمة التنظيمية وكذلك المستقلة وأنظمة الضبط الاداري, وأنظمة الضرورة التي اطلق عليها المشرع الدستوري « القوانين المؤقتة». ومما تجدر الاشارة اليه, ان التشريعات الفرعية هذه, تتضمن قواعد قانونية بالمعنى الاصطلاحي من جهة, ولا يجوز للمشرع العادي ان يمارس تقريرها لانها محجوزة للسلطة التنفيذية دون غيرها من جهة اخرى. ولو وضعنا مجموع القواعد القانونية التي اصدرتها السلطة التنفيذية, باعتبارها صاحبة الاختصاص الاصيل في اصدار التشريعات الفرعية–بما في ذلك القوانين المؤقتة–لو وضعناها في كفة ميزان, ووضعنا في الكفة الاخرى مجموع ما أصدره البرلمان من قواعد قانونية عادية, لمال الميزان بشكل مجحف لصالح السلطة التنفيذية. هذا الوضع يجري في دولة فيها مجلس النواب المنتخب وفيها الحكومة المعيّنة. بقي ان نناقش المسألة الثانية–وهي الاهم–التي تعرّض لها المجلس العالي في القرار المشار اليه, وهي مفهوم التعديل ونطاقه. ذلك ما سيأتي ذكره في الحلقة القادمة.
[/rtl] |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: حول مصادرة صلاحية البرلمان في تعديل مشروعات القوانين الإثنين 27 أكتوبر 2014, 6:45 am | |
| [rtl]مرافعة الدفاع عن حق البرلمان في تعديل مشروعات القوانين[/rtl] أ.د. عادل الحياري [rtl]
قد يتساءل غير المتابع للموضوع الذي نحن بصدده عن الغاية من وراء بحث وتحليل ونقد قرار صادر عن المجلس العالي سنة 1955. ونبادر للتوضيح ان مضمون ذلك القرار ما زال بمجمله مطبقا في المملكة منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا. ففي سنة 1974 عرض موضوع «التعديل» على المجلس العالي, فما كان منه الا ان أشار الى قراره السابق سنة 1955, موردا العبارات نفسها (التعديل ينحصر في حدود وأحكام المشروع وفي نطاق أهدافه ومراميه..الخ). وفي سنة 1999 عاد المجلس العالي وتبنّى التفسير الضّيق لمفهوم التعديل, ولكن بعبارات اخرى وظروف مغايرة, فقال (وعليه نرى ان المادتين 92,91, لا تجيزان لمجلس النواب.. ان يقدّم اقتراحات جديدة على المواد المختلف عليها, وينحصر حقّه اما بالموافقة على ما ورد بقرار مجلس الاعيان او الاصرار على رأيه السابق). وقد تفاقمت مسألة تضييق «مفهوم التعديل», بقبول البرلمان لهذا الوضع, والاستناد اليه, بحيث حدا بمجلس الاعيان ان يتمسّك به للدفاع عن وجهة نظره في جزئية تشريعية عابرة, دون ان يدرك ان في ذلك قبولا وتشجيعا بمصادرة حقه بتعديل مشروعات القوانين, ذلك الحق الذي أعطاه اياه الدستور بشكل مطلق. فقد حدث سنة 2013, ان ارسلت الحكومة مشروع قانون المالكين والمستأجرين الى مجلس النواب, واقترح المشروع في احد مواده ان تتم تسوية اجرة العقار بين المالك والمستأجر, على أساس أجر المثل. غير ان مجلس النواب فضّل ان تتم التسوية على اساس الزيادات السنوية. وعندما احيل المشروع الى مجلس الاعيان, مال الاعيان الى الأخذ بمعيار أجر المثل, كما ورد بمشروع القانون الذي ارسلته الحكومة, واستند الاعيان لتبرير هذا المنحى الى قرار المجلس العالي سنة 1955 قائلا ان (التعديل ينحصر في حدود احكام مشروع القانون وفي نطاق أهدافه ومراميه). وعليه فان ما ذهب اليه مجلس النواب يخرج عن هذا المعنى, لانه يتضمن حكما جديدا, وهو الامر الذي يخالف النص الدستوري. وفي تعليقنا على قرار المجلس العالي نقول ان قراره التفسيري يعدّ ملزما في القضية المعروضة, ولكن بشرط ان يتم احترام القانون وأساسيات التفسير وقواعده. ذلك انه لا وجود لجهة في الدولة الحديثة تملك صلاحيات مطلقة دون الخضوع الى القانون. ومن هنا فاننا نعتقد ان المحاكم القضائية لها سلطة تقديرية في تقدير مدى احترام المجلس العالي للقانون ومباديء التفسير. ونتيجة لذلك فلها الحق في اهمال اي تفسير لم يتّبع المجلس في شأنه قواعد التفسير, كما لو أتى بقواعد جديدة او تضمّن تعديل النص المفسّر او جاء بقصد مغاير لقصد المشرّع. وكما هو شأن القضاء, فان للفقه القانوني الحق في مناقشة وتحليل وانتقاد قرار المجلس العالي, اذا ما انطوى تفسير المجلس على الخروج عن أصول تفسير القواعد الدستورية. وفي تقديرنا ان المجلس العالي لم يطبّق في تفسيره المشار اليه, بديهيات قواعد التفسير. وسيتّضح هذا الامر عند بسطنا لبعض قواعد التفسير التي أهملها المجلس, والذي كان يجب عليه ان يطبّقها, مما أوصله الوضع, في تقديرنا, الى نتيجة مغايرة لما اراده المشرّع الدستوري. ومن هذه المباديء ما يلي: اولا: «مفهوم التعديل» ما يهمّنا في هذا المقام هو معنى ونطاق التعديل لانه مناط التفسير. ومعنى التعديل لغة, هو التغيير. ويقال: عدّل الشيء, أقامه وسوّاه, وعدّل الحكم, غيّره بما هو أولى عنده (المعجم الوسيط). والمعنى الاصطلاحي في هذا الشأن, لا يختلف كثيرا عن المعنى اللغوي, ومعناه هو حق البرلمان باقتراح التعديلات التي تعني اقتراح التغييرات على مشروعات القوانين المعروضة عليه. والمعنى الاصطلاحي-وكذلك اللغوي- يقضي باحقية البرلمان باقتراح تغيير النص الدستوري, قلّ شأن هذا التغيير او كثر. وهذا الحق منحه الدستور للبرلمان ولا يحق لاي جهة في الدولة التصدي لهذا الحق, سواء أكان ذلك بالتكثير والتعظيم أم بالتقليل والتّقزيم. وما وصل اليه المجلس العالي من تفسير لمفهوم التعديل المشار اليه. أدّى بالضرورة الى اضفاء تعديل جديد على صلاحية البرلمان في تعديل مشروعات القوانين, بحيث اصبحت هذه الصلاحية مقيّدة. ومثل هذا التخريج يتعارض مع روح الدستور وفحواه, لانه منح هذه الصلاحية للبرلمان بصورة مطلقة كما سيأتي بالفقرة التالية: ثانيا: مبدأ «المطلق يجري على اطلاقه», من أهم مباديء التفسير الذي يجب على المفسّر تطبيقه وهو بصدد تفسير القاعدة الدستورية. هذا المبدأ يجب ان يتّبع ما لم يقم دليل على تقييد الاطلاق نصا أو دلالة. وهذا المبدأ ليس غريبا على المجلس العالي, فقد سبق وان طبّقه في عدة تفسيرات, منها انه يجوز تعيين العين او النائب عضوا بهيئة النيابة على العرش, لأن النّص جاء مطلقا. ومنها ان المجلس فسّر ان اصطلاح الوزير يشمل الوزير العامل والوزير غير العامل, لورود الاطلاق. الى ما هنالك من تفسيرات طبّق فيها المجلس العالي هذا المبدأ. واذا ما رجعنا الى نصّ المادة 91 من الدستور, الباحثة في حق البرلمان في تعديل مشروعات القوانين, نجد انها تقول (مجلس النواب له حق قبول المشروع او تعديله او رفضه...الخ). وهذا النص على هذه الشاكلة, جاء مطلقا ولا يوجد اي دليل على تقييد القبول او التعديل او الرفض, لا نصّا ولا دلالة. وأخذا بهذا الاطلاق, لم يتعرض المجلس العالي الى مسألتي الرفض والقبول, فبقيت صلاحية البرلمان ازاءهما مطلقة, في حين استثنى المجلس مسألة التعديل وقيّدها على ان(تنحصر في حدود احكام المشروع وفي نطاق أهدافه ومراميه). ولا يعدو في تقديرنا ان يكون هذا الاتجاه ما هو الا استجابة لسياسة الدولة حينذاك. فالرفض الكلّي يكاد يكون نادر الحدوث. اما القبول فهو الذي يماشي ارادة الحكومة, ولا اعتراض عليه, بل هو المرحّب فيه. امّا قيد- المرامي والاهداف- الذي اقحمه المجلس العالي, فلا مبرر له ولا سنداً قانونياً يدعمه, ولو اراد المشرّع الدستوري ايراد مثل هذا القيد, لما عاقه عائق لفعل ذلك. قبل نهاية هذه الحلقة, نذكّر ان المجلس العالي, وهو بصدد تفسير المادة 91, عرّج وذكر المادتين 95,92 من الدستور. وقد يظن البعض ان في هذين النصّين شيئا من التقييد, سواء بالنص او الدلالة, ولكن سيتضح حين شرحهما في مقالة قادمة, انهما لا يتعلقان بموضوع التفسير المطروح. عند هذا الحد نكتفي بهذا الجزء من المرافعة, على ان نكمل بمشيئة الله في المقالة القادمة.[/rtl] |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: حول مصادرة صلاحية البرلمان في تعديل مشروعات القوانين الإثنين 27 أكتوبر 2014, 6:46 am | |
| [rtl]تكملة مرافعة الدفاع عن حق البرلمان في تعديل مشروعات القوانين[/rtl] أ.د. عادل الحياري [rtl]
نذكّر اننا في الجزء السابق من هذه المرافعة, كنّا قد عالجنا سندين من الاسانيد التي تبيّن ان المجلس العالي لم يحالفه الحظ في تفسيره للمادة 91 من الدستور, الباحثة في حق البرلمان في تعديل مشروعات القوانين. وقد عالج السند الاول معنى «التعديل», أما السند الثاني فقد عالج مفهوم ان « المطلق يجري على اطلاقه». أما السند الثالث فيتعلّق بمبدأ التفسير»من باب أولى». وهو التالي: ثالثا: مبدأ التفسير «من باب أولى». فحوى هذا المبدأ انه يعطي المفسّر امكانية استنتاج معنى اللفظ الذي يفسّره, من خلال اعطاء حكم حالة اخرى واضحة المعنى, وتطبيق ذلك الحكم على النص المفسّر, وذلك لان العلّة نفسها متوافرة باللفظين, بل ان العلّة أكثر توافرا بذلك اللفظ المفسّر.حتى ان المفسّرين يطبقون هذا المبدأ على حالتين, احدهما منصوص عليها واخرى غير منصوص عليها, بحيث يتم اعطاء حكم الحالة المنصوص عليها, للحالة غير المنصوص عليها, لان العلّة في الحالة غير المنصوص عليها اكثر توافرا من تلك الحالة المنصوص عليها. ونعود الى نص المادة 91 من الدستور التي تعطي البرلمان حق رفض مشروع القانون او تعديله, ونتساءل ايهما أقوى واظهر في التطبيق العملي والقيمة القانونية, هل هو الرفض ام التعديل؟ والجواب يقول بداهة, ان الرفض هو الأقوى والاظهر, فهو بمثابة «قطع الشجرة» في حين ان التعديل لا يعدو ان يكون تقليما للاغصان اليابسة من الشجرة. واذا كان الدستور قد منح البرلمان حق الرفض المطلق, فان حق «التعديل غير المقيّد» يجب ان يتمتّع به البرلمان من باب أولى. ونضيف, لو افترضنا ان المشرّع الدستوري قد منح البرلمان حق الرفض, ولم ينص البتّة على حق التعديل, فان تطبيق قاعدة التفسير» من باب أولى» تقضي ان يعطى البرلمان حق التعديل, لان العلّة في اعطاء حق الرفض الكلّي, هذه العلّة اكثر توافرا في اعطاء حق التعديل الجزئي. وفي هذا المقام نستذكر حادثة المشاجرة التي جرت بين نائبين, وانتهى الامر الى فصل أحدهما استنادا للمادة 90 من الدستور, اما الثاني فقد قرر المجلس تجميد عضويته مدة سنة. وقد قلنا انذاك, ان الفصل جاء مطابقا للنص, اما التجميد فقد جاء مخالفا للقانون, لعدم وجود نص بتلك العقوبة, وهو ما يخالف نظام التأديب. وقد جاء على لسان اللجنة القانونية, لتبرير قرار التجميد, عبارات من يملك الاكثر يملك» من باب أولى» الأقل. ومن يملك الأشد يملك الأخف, ومن يملك الكل يملك الجزء. ومع ان قرار مجلس النواب في ذلك الشأن ليس قانونا, ولا هو بشيء من الالزام, ولكنه يبقى اتجاها في التفسير, تبنّته سلطة مهمة من سلطات الدولة, ويمكن الاشارة اليه, وبخاصة انه طبّق ونفّذ على أرض الواقع. بقيت نقطة ونحن نعالج مبدأ التفسير من باب أولى, تتعلّق باقتراح مشروعات القوانين. فقد منحت المادة 95 من الدستور لأي من مجلسي الاعيان والنواب, الحق باقتراح القانون, وهذا الحق جاء مطلقا, الا من اتباع الاجراءات المنصوص عليها في تلك المادة. ونتساءل ايهما الأقوى والاظهر في التطبيق العملي والقيمة القانونية, هل هو التعديل»غير المقيّد» لمشروع معروض,أم هو اقتراح قانون جديد؟ والجواب بداهة يقول ان اقتراح قانون جديد هو الأقوى والاظهر. فاقتراح القانون, يعدّ بمثابة خلق شيء جديد, في حين ان التعديل لا يعدو ان يكون علاجا لشيء مخلوق. وعليه اذا كان الدستور قد منح البرلمان حق اقتراح انشاء قانون جديد بشكل مطلق, فان حق التعديل وبصورة مطلقة يجب ان يتمتّع به البرلمان من باب أولى. فالذي يملك حق اقتراح القانون, يملك ان يقترح اجراء تعديل جزئي عليه, لان من يملك الأكثر يملك الأقل. والحقيقة ان حق التعديل لمشروع قانون معروض, ما هو في واقعه الا من قبيل حق اقتراح القانون. فهما من طبيعة واحدة, ولا فرق بينهما من حيث الجوهر. والفارق يكمن في الحجم, وفي الاجراءات الواجب اتباعها في كل منهما. فاقتراح القانون يحتاج الى اجراءات يجب اتباعها في احدى غرفتي البرلمان(المادة 95), وبعد تطبيق تلك الاجراءات, يجب ان يحال الاقتراح بقانون الى الحكومة, لكي تقوم باتمام الصياغة, ومن ثم اعادته الى مجلس النواب, في نفس الدورة او الدورة التي تليها, ليصار الى عرضه للمناقشة والعودة للبدء في التعديل من جديد. ومن هنا فان اطلاق حق التعديل- منذ البداية- هو الوسيلة الاكيدة والقصيرة والسريعة, التي تجنّب البرلمان من ولوج الدائرة التي ذكرناها انفا, والتي لا تؤدي بالنتيجة الا الى العودة الى نقطة البداية,» وهي التعديل». ان اعطاء البرلمان حق التعديل غير المقيّد,»ومنذ البداية» يؤدي الى تجاوز المراحل التي أشرنا اليها من جهة, كما يؤدي الى انجاز مشروعات القوانين والوصول الى الهدف المنشود بأسهل الطرق وأقصر المدد من جهة اخرى. واذا كان البرلمان لم يمارس حقه في اقتراح القوانين للتغلّب على مصادرة حقه في التعديل, فسيأتي اليوم الذي سيمارس فيه ذلك الحق. وللمرافعة بقية بعون الله. [/rtl] |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: حول مصادرة صلاحية البرلمان في تعديل مشروعات القوانين الإثنين 27 أكتوبر 2014, 6:47 am | |
|
[rtl]«خاتمة» مرافعة الدفاع عن حق البرلمان في تعديل الدستور[/rtl]
أ.د. عادل الحياري
[rtl]في السابق تعرّضنا الى ثلاثة مباديء من مباديء التفسير, أما الرابع فهو الاتي: رابعا: قراءة عدّة نصوص مجتمعة لاستنباط المعنى: المقصود بهذه الطريقة هو قراءة النصوص الدستورية المتعلقة بموضوع واحد, بعد تقريبها وتنسيقها, قراءة جامعة, ومن ثم استنتاج معنى بعضها من خلال معنى البعض الاخر. والسبب في اللجوء لهذه الوسيلة من وسائل التفسير, هو انه يحدث في بعض الحالات ان تشكّل مجموعة من النصوص الدستورية, وحدة متكاملة, بحيث يصعب تجزئة المعاني, ولذا يتم استنباط معنى الجزء في ضوء معنى الكل. ذلك ان النصوص القانونية تكمّل بعضها بعضا, اذ يمكن ان يخصص بعضها ما جاء عاما في أحدها, كما ان بعضها قد يفسّر مجملها, كذلك فان بعضها قد يقيّد ما أطلقه البعض الاخر. وهذا المبدأ في التفسير ليس غريبا على المجلس العالي, فقد سبق له وان طبّقه في أغلب تفسيراته السابقة. اذ نادرا ما فسّر المجلس نصا واحدا بعينه, دون اللجوء الى غيره من النصوص المتعلقة في الموضوع نفسه. وفيما يتعلق بتفسير المادة 91 من الدستور, فقد لجأ المجلس الى تفسير نص اخر, ولتوضيح ذلك لا بدّ من تسطير شيئا مما قاله المجلس (في القرار رقم (1) لسنة 1955) ليصار الى مناقشة تلك الحيثيات التي أوردها والنتائج التي توصّل اليها. فقد جاء في فقرة قوله» اذا أجزنا لمجلس النواب وضع مثل هذه الاحكام الجديدة عن طريق استعمال حقه في تعديل المشروع, نكون قد أفقدنا القانون احدى مراحله الدستورية, وتجاوزنا على حق السلطة التنفيذية في وضع مشروع قانون بهذه الاحكام الجديدة, وتقديمه للمجلس طبق نص المادتين 91 و95 المذكورتين, ونكون أيضا قد أعطينا المجلس أكثر من الحق الذي خوّله اياه الدستور في المادة 95 منه. اذ ان هذه المادة لا تعطي النواب في حال رغبتهم في وضع أحكام قانونية جديدة سوى تقديم اقتراح بهذا الشأن». وفي تفسيرنا للمادة 91, لا نجد فيها اي مسّوغ يوصل الى التفسير الذي خرج به المجلس العالي. فالمادة تعطي الحكومة حق عرض كل مشروع على مجلس النواب, وتعطي البرلمان حق تعديل المشروع. وعليه اذا قام المجلس بممارسة حقّه في التعديل- الذي جاء مطلقا- سواء بالاستبدال أو الحذف أو الاضافة, فان هذا لا يعني فقدان المشروع مرحلة دستورية, ولا يتجاوز في ذلك على حق الحكومة, لان المشروع كان قد مرّ سلفا بالمرحلة الاولى من جهة, ولأن الحكومة كانت قد مارست حقها في الصياغة من جهة اخرى. فالمشروع المعروض ما هو الا من انتاج الحكومة, لان لا وجود لمسرب يؤدي الى عرض مشروع قانون على البرلمان الا من خلال الحكومة. وعليه فالقول بان ممارسة البرلمان لحقه في التعديل فيه تجاوز مرحلة دستورية, وفيه تجاوز على حق الحكومة في وضع مشروع قانون, هذا القول فيه تحميل للنص بما لا يحتمل. أما زجّ المادة 95 من الدستور, فلا نجد ما يساعد لتسويغ التخريج الذي جاء به المجلس العالي. فحق اقتراح القوانين الممنوح للبرلمان, يختلف عن حق البرلمان في تعديل مشروعات القوانين. اذ هما حقّان منفصلان عن بعضهما البعض ويختلفان-عند ممارسة أحدهما- في المرحلة والوقت والاجراء والحجم. ولو أردنا الخوض في تفاصيل هذه الاختلافات, لاحتجنا الى مقالة طويلة, ليس هنا مجالها.ولكن الذي لا بدّ من قوله هو ان حق التعديل يختلف عن حق اقتراح القانون, وممارسة احدهما لا يلغي الحق الاخر. أما قول المجلس العالي بان اقتراح التعديل من قبل مجلس النواب, اذا تعلّق «باحكام قانونية جديدة» فهذا يحتاج الى تقديم اقتراح بقانون تطبيقا للمادة 95 من الدستور, فهذا الرأي رأي صحيح ويتطابق مع الدستور. ولكن افتراض ان تعديل التشريع دائما يتضمن «احكاما قانونية جديدة» هذا الافتراض يجافي الحقيقة والواقع, أما الاعتماد عليه ومن ثمّّ تشييد نظرية أساسها الافتراض, ففي ذلك مغالطة واضحة, اذ ان التعديل غالبا ما يكون استبدال لفظ بلفظ اخر, او استبدال نص بنص اخر, أو حذف أو اضافة حكم من الاحكام, ومثل هذه الافعال تبقى في اطار التعديل الذي تغطيه المادة 91 من الدستور. غير ان الذي فاقم المسألة حكاية ان التعديل يجب ان يكون في حدود (أهداف ومرامي المشروع) التي جاء بها المجلس العالي. فهذه عبارة فضفاضة ومطاطة, وتتحمل الكثير من التأويل, ولا نعرف الجهة الموكول اليها تحديد ما اذا كان التعديل ما زال ضمن الاهداف والمرامي, وهو الحد المسموح به للبرلمان, ام ان التعديل تعدى ذلك الحد, وبالتالي يكون البرلمان قد خرج عن حدود صلاحياته. ولنا ان نضرب مثلا من الواقع القريب لتبيان هذه الاشكالية, بقانون المالكين والمستأجرين. فقد عرضته الحكومة على مجلس النواب, وكانت احدى المواد تنص على ان تقرير بدل الايجار سيكون عن طريق» أجر المثل» لكن مجلس النواب فضل وسيلة « النسبة» , وقد ثار الخلاف حول هذا التعديل, هل هو في حدود» أهداف ومرامي» المشروع, أم انه يخرج عن ذلك. واستقر الأمر ليكون أمام المحكمة الدستورية « العالية الشأن», التي قررت ان مثل هذا التعديل هو من قبيل التعديل الذي تغطيه المادة 91 من الدستور. وهذا هو القرار الثاني–حسب علمنا- الذي توسّع فيه المحكمة الدستورية من مفهوم التعديل الممنوح للبرلمان. ونحن بهذه المناسبة نثمّن عاليا ما ذهبت اليه المحكمة, فهي في ذلك تحق الحق وتضع الأمور في أنصبتها. ولو ذهبت المحكمة الى عكس ما ذهبت اليه, لاقتضى المقام ان يقوم مجلس النواب باقتراح قانون يتبنّى وسيلة « النسبة» ولتطلب الأمر الى اتباع جميع الاجراءات المطلوبة, ولا ندري هل هذا من قبيل التشريع أم من قبيل العبث. قبل الختام نقول اننا لم ندافع في هذا البحث عن مجلس النواب السابع عشر أو غيره. نحن ندافع عن كينونة السلطة التشريعية التي يفترض فيها ان تكون ممثلة- حقيقية- للامة صاحبة السيادة. نحن ندافع عن برلمان باعتبار ما سيكون, وقد يكون ذلك في عهد مجلس النواب السابع والعشرين. [/rtl]
عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الثلاثاء 28 أكتوبر 2014, 8:23 am عدل 1 مرات |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75853 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: حول مصادرة صلاحية البرلمان في تعديل مشروعات القوانين الإثنين 27 أكتوبر 2014, 6:48 am | |
| [rtl]قانون تقاعد البرلمان فيه مخالفة للدستور وانحراف باستعمال السلطة التشريعية[/rtl] أ.د. عادل الحياري [rtl]
اعتدنا في المقالات السابقة أن نقول وبشكل مبسَّط شيئاً عن القاعدة القانونية التي تتعلق في الموضوع الذي نكتب فيه، تسهيلاً وتوضيحاً للقارئ غير المختص. ولهذا من اللائق في هذا المقام أن نشرح بصورة موجزة، مفهوم النيابة. وبتعريف بسيط تعني النيابة أن يقوم شخص ما بمنح شخص آخر–يسمَّى النائب–سلطة قانونية، بموجب عقد، ليقوم النائب بعمل معين، وفي إطار محدد، ولمصلحة الشخص الأصيل، وإذا كان العمل مأجوراً، فتكون الأجرة على الأصيل، وهو الذي يحددها وليس النائب. وفي حالة تجاوز النائب حدود الدائرة المرسومة له، فإنه يفقد صفته النيابية، كما أنّ الأثر القانوني لا ينسحب في حالة التجاوز على الشخص الأصيل. ونحن في هذه العجالة سنبحث نقطة واحدة، وهي موضوع المدى الذي يجب أن يقف عنده مشرّع القانون -وهو النائب- لكي يأتي تشريعه سليماً ودستورياً، وبخاصة أن المشرّع له الحرية الكاملة في إصدار التشريعات، ما لم يقيِّده الدستور بقيود محددة، وبالتالي فإن سلطة المشرّع هي سلطة تقديرية، بمعنى أن السلطة التقديرية هي الأصل في التشريع، والسلطة المحددة هي الاستثناء. ومن أجل تحديد هذا المدى، قام الفقه بقياس مسألة توافق القانون العادي مع الدستور، على مسألة توافق القرار الإداري مع القانون. وقالوا أن العيوب التي قد تلحق بالقرار الإداري، قد تلحق بالقانون. وعليه إذا لحق عيب من العيوب التي تلحق بالقرار الإداري، وهي عيوب الشكل والسبب والاختصاص والموضوع والغاية، فإذا لحق أي منها القانون، كان هذا القانون مخالفاً للدستور. وفي مقالة مشهورة للعلامة السنهوري عنوانها «مخالفة التشريع للدستور والانحراف في استعمال السلطة التشريعية». قال السنهوري، إن الانحراف الإداري يستدل عليه بمعيارين: أحدهما شخصي ذاتي، والآخر موضوعي. أما الانحراف التشريعي، فيستدل عليه بمعيار موضوعي فقط. والسبب في استبعاد المعيار الشخصي الذاتي في الانحراف التشريعي، هو أن المشرّع يستعمل سلطته التشريعية لتحقيق المصلحة العامة، فلا يتوخى غيرها، ولا ينحرف عنها إلى غاية أخرى. في حين أن القرار الإداري قد يشوبه غرض شخصي، وبالتالي يكون قراراً باطلاً. وفي كتابنا (القانوني الدستوري صفحة 331) كنا قد انتقدنا هذا التفريق، بين العمل التشريعي والقرار الإداري، لأنه يخالف الواقع، وقلنا حينذاك، أن السنهوري كان متفائلاً حينما استبعد فكرة الغرض الذاتي والغايات الشخصية في تصرفات السلطة التشريعية، لأنه من غير المستبعد أن تقوم السلطة التشريعية بسنّ قانون تحابي فيه نفسها، وقد صادف أن صدرت في الماضي بعض القوانين التي تتضمن هذه الشبهة، ومن هذا القبيل هذا القانون الذي نحن بصدده وهو الأمر الذي ينفي الادعاء بأن هدف جميع التشريعات، يكون بالضرورة، هو تحقيق المصلحة العامة. حقاً إن المفروض دائماً أن السلطة التشريعية يجب أن تستعمل سلطتها التشريعية لتحقيق المصلحة العامة، وأنه من غير المستساغ أن ينسب لهذه السلطة شيء غير ذلك، غير أن الواقع يغاير هذا الافتراض. وعليه لا يجب –في نظرنا- استبعاد فكرة الغرض الذاتي في تصرفات السلطة التشريعية، والاقتصار على معيار موضوعي محض، للتعرّف بواسطته على الانحراف إذ لا بدَّ من الاستعانة بالمعيارين – كما هو شأن الانحراف الإداري- أحدهما شخصي ذاتي، والثاني موضوعي. يدعم استبقاء المعيار الذاتي، هذا القانون موضوع البحث، (ولا ننسى قانون جوازات السفر) فهو لا يحقق مصلحة عامة في شيء. فإذا قلنا أنه في ظل هذه الظروف المالية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة، التي تمرُّ بها البلاد: من شح في الموارد وعجز في الموازنة وتفاقم في المديونية واللجوء السوري ودعم الخبز والمياه والطاقة، من أجل تخفيف معاناة الناس متوسطي الحال. إذا قلنا أن من المصلحة العامة، أن يقرر البرلمان، حرمان متقاعدي الضمان الاجتماعي، من الحصول على تقاعدين في آن واحد، وحرمانهم من زيادة راتب التقاعد بمقدار التضخّم، وحرمان الوزراء من جمع راتبين تقاعديين، وحرمان المعلمين من علاوة الطبشورة، يمكننا أن نتساءل أين هي المصلحة العامة التي قصد هذا القانون تحقيقها من الآتي: 1) منح راتب تقاعدي للعضو مدى الحياة بدلاً من المكافأة، 2) مضاعفة الراتب التقاعدي من 1500 دينار إلى 3000 دينار شهرياً، 3) اختصار المدة اللازمة للتقاعد إلى سبع سنوات، 4)السماح للعضو بجميع راتبين تقاعديين، 5) رجعية القانون على الماضي ليشمل عدداً من الأعضاء المعروفين بأسمائه. أكلّ ما تقدم يحقق المصلحة العامة؟ ومن ذا الذي يقرر تحقق المصلحة العامة من عدمها؟ إنها الأمة صاحبة السيادة ومصدر السلطات، وهي التي منحت هؤلاء الممثلين، حقّ ممارسة السلطة، ولكن من أجل تحقيق مصلحة الأمة، لا لتحقيق مصلحة شخصية ذاتية لذواتهم. وإذا كان الأمر كذلك، فلينزل عضو البرلمان إلى أي شارع، وليسأل أول عشرة أشخاص يصادفهم، فليسأل ما إذا كانت هذه الأعطيات تحقق المصلحة العامة، أم أنها تحقق ضرراً بالمصلحة العامة؟ ولا نغالب على المطلوب، إذا قلنا أن بعض أعضاء البرلمان أنفسهم، قالوا أن الموافقة على القانون بتلك الصيغة، كانت بمثابة كارثة تشريعية. لكل ما تقدم نقول أن قانون تقاعد البرلمان، فيه مخالفة للدستور وفيه انحراف باستعمال السلطة التشريعية. وهذه النتيجة مستمدة من تطبيق المعيار الشخصي الذاتي للاستدلال على الانحراف، وفي المقالة القادمة سنتعرض إلى المعيار الموضوعي، لكشف جوانب المخالفات الدستورية والانحراف باستعمال السلطة التشريعية التي تعتري هذا القانون. كل ذلك بمشيئة الخالق سبحانه وتعالى.
[/rtl] |
| | | | حول مصادرة صلاحية البرلمان في تعديل مشروعات القوانين | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |