أعمال العثمانيين في الأمصار الإسلامية
تمرد حكام الشام:
ما إن وصل خبر موت السلطان سليم الأول إلى جانبرد الغزالي إلا وأعلن تمرده، وعرض على حاكم مصر أن يحذو حذوه فخدعه حاكم مصر بإبداء الموافقة, وفي نفس الوقت كان يطلع الخليفة سليمان على كل ما يرمى إليه حاكم الشام، وبدأ حاكم الشام في تنفيذ تمرده بمحاصرة حلب, ولكن بمجرد وصول الجيوش العثمانية إلى حلب، ولَّى حاكم الشام الأدبار ثم تحصن بدمشق وواجه الجيوش العثمانية فهزم, وحاول أن يفر متنكرًا فسلمه أحد أعوانه للعثمانيين فقتلوه.
في بلاد فارس (الدولة الصفوية):
في عام 941هـ دخل العثمانيون تبريز للمرة الثانية, ومنها اتجهوا إلى بغداد فضمت إلى أملاك الدولة العثمانية، وفي عام 954هـ طلب أخو الشاه الصفوي مساعدة السلطان ضد أخيه, فدخل العثمانيون تبريز للمرة الثالثة.
في بلاد العرب:
احتدم الخطر الإسباني والبرتغالي الصليبي على المسلمين, فبعدما استولوا على آخر معاقل المسلمين في بلاد الأندلس, وعاهدوا المسلمين على أن يكفلوا لهم الحرية الدينية وممارسة الشعائر، لكنهم سرعان ما أخلفوا العهود ونقضوا المواثيق, فأخذت محاولات التنصير الضارية تنهمر على المسلمين في الأندلس, مستعملين في ذلك كل الوسائل من إبادة وتشريد وهتك للأعراض واستعباد, وغيرها من الوسائل التي يعجز القلم عن وصفها, فهام المسلمون في الأندلس على وجوههم, منهم من لحقته الإبادة، ومنهم من ذاب في المجتمع النصراني، ومنهم من استطاع أن يفر بدينه ليهاجر للأمصار الإسلامية.
ولم يكتف الأسبان والبرتغاليون بالأندلس, فبعد أن استتب لهم الأمر فيها اتجه الأسبان نحو الأمصار الإسلامية الأخرى ليعيدوا المأساة فيها, واحتلوا بعض المراكز في شمال إفريقيا مثل طرابلس والجزائر وبنزرت ووهران وغيرها.
فأرادت الدولة العثمانية تحرير شمال إفريقيا من الأسبان، ثم الاتجاه للأندلس ولم شمل المسلمين.
البحّارة خير الدين وأخوه عروج:
وفي عهد السلطان سليم الأول ظهر أحد البحارة الذين لهم صفحات لامعة في التاريخ الإسلامي، وهو البحار خير الدين الذي كان قرصانًا نصرانيًّا في جزر بحر إيجه ثم اعتنق الإسلام هو وأخوه عروج، ونذرا نفسيهما لخدمة الإسلام، وكانا ينتقمان من القراصنة النصارى الذين كانوا يعترضون السفن المسلمة ويسترقون ركابها وينهبونها، فكانا بالمثل يعترضان سفن النصارى ويبيعان ركابها عبيدًا, ثم في عهد السلطان سليم الأول أرسلا إليه إحدى السفن التي أسروها، فقبلها منهما فأعلنا طاعتهما وخدمتهما للعثمانيين.
ضم الجزائر:
وانطلقا يطهران شواطئ إفريقيا من الصليبيين, فحرر عروج مدينة الجزائر ومدينة تلمسان وكان ذلك في عهد السلطان سليم الأول، فعين خير الدين واليًا على الجزائر، وبالتالي ضمت الجزائر إلى الدولة العثمانية.
ضم طرابلس الغرب (ليبيا):
أرسل السكان المسلمون إلى الخليفة يستغيثونه بعد احتلال الأسبان لطرابلس, فأرسل إليهم قوة بحرية صغيرة عام 926هـ بقيادة مراد أغا ولكنه فشل في تحريرها, فأرسل الخليفة الأسطول العثماني بقيادة طورغول بك فحرر المدينة من الأسبان وطردهم شر طردة, وواصل تحرير المدن الإسلامية من وطأتهم فحرر بنزرت ووهران وغزا ميورقة (إحدى جزر البليار جنوب شرقي أسبانيا) وكورسيكا، وبذلك غدت طرابلس الغرب (ليبيا) ولاية عثمانية.
في تونس:
دعا الخليفة سليمان البحار خير الدين وأمره بالاستعداد لغزو تونس وتحريرها من ملكها الحفصي, الذي اشتهر بميله إلى شارلكان الملك النصراني شديد العداوة للإسلام, فأعد خير الدين العدة وبنى أسطولاً كبيرًا لهذا الغرض, وسار من مضيق الدردنيل قاصدًا تونس، وفي طريقه أغار على مالطة وجنوبي إيطاليا للتمويه, ولكي لا يعرف مقصده الأساسي ثم وصل تونس، وبمنتهى السهولة سيطر عليها وعزل السلطان حسن الحفصي, ووضع مكانه أخاه, فاشتاط شارلكان ملك إسبانيا وإيطاليا والنمسا وغيرها من بلاد أوربا, وصمم على استعادة نفوذه في تونس وإعادة ملكها العميل المخلص له, فقاد شارلكان بنفسه الجيوش, وتمكن من دخول تونس وترك الحرية لجنوده في النهب والقتل وهتك الأعراض وهدم المساجد والسبي والاستعباد، وأعاد السلطان حسن الحفصي للحكم بعد أن أجبره على التنازل له عن مدن بنزرت وعنابة وغيرها, واضطر خير الدين إلى الانسحاب من تونس.
في الجزيرة العربية والهند:
كما ذكرنا من قبل الخطر الذي بدأ يظهر من قِبَل البرتغاليين واحتلالهم لبعض المواقع في جنوب شبه الجزيرة العربية ومواصلة الزحف لنبش قبر الرسول , هذا بالإضافة إلى خطرهم على بلاد الهند التي كانت في ذلك الوقت تحت سلطان المغول المسلمين.
أمر الخليفة سليمان بتجهيز أسطول للسيطرة على الجزيرة العربية وتطهيرها من البرتغاليين, فتمكن العثمانيون من ضم اليمن وعدن ومسقط ومحاصرة جزيرة هرمز, وبالتالي أغلقوا الأبواب في وجه البرتغاليين وأهدافهم الدنيئة, وفي نفس الوقت استنجد المغول المسلمون بالسلطان سليمان من البرتغاليين الذين احتلوا بعض سواحل الهند, فأرسل إليهم أسطولاً تمكن من تحرير بعض القلاع من البرتغاليين, ولكن الأسطول العثماني هزم في معركة ديو البحرية، فاضطر إلى الانسحاب وخاصة بعدما حاول الأعداء إثارة الفتن وإشاعة أن العثمانيين يريدون ضم الهند.
الجهاد في أوربا
البحار خير الدين والانتقام لمسلمي الأندلس:
عندما سمع البحار خير الدين وأخوه عروج بما حدث للمسلمين قاما لنجدة إخوانهم في الأندلس, وكانت سفنهم تتجه إلى شواطئ الأندلس لتحمل المسلمين الفارين بدينهم من محاولات الإبادة والتنصير الإسبانية إلى الأمصار الإسلامية, وفي نفس الوقت أراد أن ينتقم لمسلمي الأندلس من نصارى أوربا بصفة عامة ونصارى إسبانيا بصفة خاصة, والذين اشتركوا جميعًا وباركوا إبادة المسلمين في الأندلس.
فأغار على الكثير من شواطئ إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وزج في سفنه بالكثير من أهالي هذه البلاد تمهيدًا لبيعهم عبيدًا في الأمصار الإسلامية, ليعلمهم أن المسلمين بقدر سماحتهم وعفوهم, فهم قادرون على الانتقام لإخوانهم, وكان قد صب تركيزه على إسبانيا بعد أن عقدت معاهدة بين العثمانيين وفرنسا. وانتصر خير الدين بعد انسحابه من تونس على أسطول شارلكان في عام 944هـ، وحاول فتح جزيرة كريت ولكنه فشل في فتحها.
فتح جزيرة رودس:
استغل الخليفة انشغال أوربا بالحروب كحروب شارلكان ملك النمسا مع ملك فرنسا فرانسوا وأيضًا الخلاف المذهبي بين الكاثوليك والبروتستانت واتجه لفتح جزيرة رودس, وتمكن بالفعل من فتحها عام 929هـ، وفر فرسان القديس يوحنا من رودس إلى جزيرة مالطة, التي أهداها لهم شارلكان ملك النمسا.
تحويل القرم إلى ولاية عثمانية:
وقع الخلاف بين التتر المسلمين الذين يحكمون القرم, والتي تعترف بسيادة الدولة العثمانية, فتدخلت الدولة العثمانية وجعلتها ولاية عثمانية عام 939هـ.
تحويل الأفلاق إلى ولاية عثمانية:
قرر السلطان سليمان أن يجعل ولاية الأفلاق ولاية عثمانية, فدخلها عام 931هـ ودخل عاصمتها بخارست, ولكن الأعيان فيها ثاروا بمساعدة أمير ترانسلفانيا، وعينوا أميرًا جديدًا فوافق الخليفة في مقابل زيادة الجزية.
تحالف العثمانيين مع فرنسا:
اشتد خطر شارلكان ملك النمسا على فرنسا, وخاصة بعدما أحاط بها من جميع الجهات, فقد ضم إليه إسبانيا وأجزاء كبيرة من إيطاليا وهولندا وألمانيا, فاقترح ملك فرنسا على الخليفة سليمان القانوني أن يهاجم شرق مملكة شارلكان, في حين يهاجم ملك فرنسا من الغرب، فاقتنع الخليفة بالفكرة
فتح بلغراد:
أرسل الخليفة إلى ملك المجر يأمره بدفع الجزية, فقتل الملك رسول الخليفة، فجهز الخليفة جيشًا قاده بنفسه وسار ففتح بلغراد عام 927هـ بعد أن كانت أكبر مانع للعثمانيين لدخول بلاد المجر.
فتح بلاد المجر:
سار الخليفة بنفسه ومعه جيش قوامه 100.000 جندي و300 مدفع و800 سفينة في نهر الدانوب جنوب بلاد المجر، جاعلاً بلغراد قاعدته الحربية ففتح عدة قلاع في أثناء مسيرته واستطاع أن يفتح عاصمتها بودا في عام 932هـ بعد أن هزم ملك المجر وفرسانه والتقى بأعيان البلاد, اتفق معهم على تعيين جان زابولي ملك ترانسلفانيا ملكًا على المجر.
الحرب مع النمسا ومحاصرة ويانة (فيينا):
ادعى أخو الملك شارلكان فرديناند سلطته على المجر واستطاع أن يحتل عاصمتها بودا، فاستنجد ملكها جان زابولي بالخليفة، فانقضت الجيوش العثمانية على بودا التي فر منها فرديناند فتبعته الجيوش المظفرة وحاصرت عاصمة النمسا ويانه (فيينا)، وأحدثت ثغرًا في أسوارها إلا أن الذخيرة نفدت منهم وأقبل فصل الشتاء فرجع الخليفة إلى بلاده.
وفي عام 938هـ حاول ملك النمسا احتلال بودا ولكنه لم يستطع، فسار إليه الخليفة في العام الثاني, ولكنه رجع عندما علم باستعدادات شارلكان.
فرنسا تنقض الحلف مع العثمانيين:
ثار الرأي العام في أوربا على تحالف فرنسا النصرانية مع الدولة العثمانية المسلمة ضد شارلكان ومملكته النصرانية، فما كان من فرانسوا ملك فرنسا إلا أن عقد هدنة مع ملك النمسا, ونقض التحالف مع العثمانيين، فاستغلت النمسا الفرصة وأعادت الكرة في الحروب مع العثمانيين ولكنها انهزمت عام 943هـ.
تحريض أمير البغدان على العثمانيين:
قام أخوا الملك شارلكان بتحريض أمير البغدان على الدولة العثمانية، فأعلن تمرده فتمكن منه العثمانيون وعينوا أخاه أصطفان أميرًا للبغدان، وعززوا الحامية العثمانية فيها.
مواصلة الحروب مع النمسا:
اقتنع زابولي ملك المجر بفكرة فرديناند في اقتسام المجر, وإلغاء الحماية العثمانية عليها, وأرسل فرديناند صورة من الاتفاق السري بينهما للخليفة ليعلمه بعدم ولاء زابولي له, وقبل أن يعاقب الخليفة الملك زابولي كان الموت أسرع إلى زابولي عام 946هـ، فاستغل فرديناند الفرصة ليحتل المجر فاحتل مدينة بست (على الضفة الأخرى لنهر الدانوب والمواجهة لمدينة بودا، واللتان اندمجتا معًا لتكونا العاصمة الحالية للمجر بوادبست)، فانقض عليهم الجيش العثماني عام 947هـ ففر النمساويون. وبهذا أصبحت المجر ولاية عثمانية, ورضيت أرملة زابولي بذلك حتى يكبر ابنها الذي ما زال طفلاً, وأخيرًا عقدت معاهدة بين العثمانيين والنمسا لمدة خمس سنوات تدفع بموجبها النمسا جزية سنوية مقابل ما بقي تحت يديها من المجر.
السيطرة على ترانسلفانيا:
واستمر الأوربيون النصارى في نقض العهود فتنازلت إيزابيلا أرملة زابولي عن ترانسلفانيا لفرديناند، وبذلك نقض العهد بين العثمانيين والنمسا، فأسرعت الدولة العثمانية بالسيطرة على ترانسلفانيا عام 957هـ.
عقد الاتفاقيات مع فرنسا:
أرادت الدولة العثمانية استمالة أحد الأطراف الصليبية إليها حتى تفرق وحدتهم ضدها, فعقدت مع فرنسا اتفاقية في عام 942هـ، ولكنها شملت الكثير من الامتيازات لفرنسا التي سببت مشاكل كثيرة للعثمانيين حتى سقطت الخلافة, خاصة وأن الكثير ممن خلفوا الخليفة سليمان قد تبعوه في منح الامتيازات التي جعلت للأجانب دولة داخل الدولة العثمانية، وجعلت القنصل يحكم بقوانين بلاده في الدولة العثمانية في كل ما يتعلق بالرعايا الفرنسيين, ومن أمثالها: ألا تسمع الدعاوى المدنية للسكان المسلمين ضد تجار ورعايا فرنسا, ولا يحق لجباة الخراج إقامة دعاوى عليهم, وأن يكون مكان دعواهم عند الصدر الأعظم لا عند أي محكمة كباقي الشعب، وإذا خرج فرنسي من الدولة العثمانية وعليه ديون فلا يسأله أحد عنها, وتكون في طي النسيان, وغيرها من الامتيازات التي جعلت لهم نفوذًا كبيرًا في أنحاء الدولة, بمرور الزمن حتى أصبحوا يعيشون في أرض يباح لهم فيها فعل كل ما يريدون من استحلال للمنكرات والفجور، ولا يستطيع أحد أن يكلمهم, بل قيل إن سجونهم التي كانت تدار بواسطة بلادهم في الدولة العثمانية كانت عبارة عن قصور، بها ما لذ وطاب من الجواري والخمور وغيرها.
ولم يقتصر الأمر على ذلك بل أخذت كل دولة أجنبية تطالب بامتيازات لها في الدولة العثمانية كلما قوي أمرها، كما سنعلم في الصفحات الآتية؛ ليزداد الخناق على الدولة العثمانية من الداخل, إضافةً إلى الخناق المفروض عليها من الخارج والمتمثل في الحروب.
الأفعى روكسلان ويهود الدونمة:
أسر التتر المسلمون في القرم في إحدى غاراتهم على الروس فتاة بالغة الجمال تدعى روكسلان, فأهدوها إلى الخليفة الذي اتخذها زوجة له, وقيل إنها كانت يهودية روسية, فعكفت عل التدخل في شئون الحكم, فطلبت من الخليفة أن يسمح لليهود الذين طردوا من الأندلس مع المسلمين بالاستيطان في أرجاء الدولة العثمانية, والذين يطلق عليهم يهود الدونمة, والذين لم يحفظوا الجميل للعثمانيين بعد أن رفضهم العالم وضاقت بهم الأرض بما رحبت, فلم يجدوا إلا الدولة العثمانية تفتح لهم أحضانها, وتظلهم بظلها, وسيكون لهم دور رئيسي فيما بعد في سقوط الخلافة العثمانية، كما سنعلم في الأحداث التالية.
وتوسطت أيضًا لدى الخليفة ليمنع التتر في القرم من محاربة الروس, برغم أن الروس في ذلك الوقت كانوا قد سيطروا على أكثر بلاد التتر, وارتكبوا فيها أبشع الجرائم التي تدل على حربهم الصريحة للإسلام.
ولم تكتف روكسلان بذلك, بل اجتهدت لتولي ابنها من السلطان سليمان -والذي سمِّي بسليم- الخلافة بعد أبيه برغم وجود أخيه الأكبر مصطفى القائد العظيم الذي حظي بحب الجيش والشعب له, فقامت بعمل دسيسة نفذها الصدر الأعظم رستم باشا (المعيّن) بواسطتها وهو في نفس الوقت (زوج ابنتها من السلطان), فحرّض رستم باشا الخليفة ضد ابنه, وكتب إليه يحذره أن ابنه مصطفى يريد عزله وتنصيب نفسه على السلطنة فخرج إليه الخليفة، وكان مصطفى يحارب الدولة الصفوية فاستدعاه أبوه إلى خيمته, فما إن جاء ابنه حتى انقض عليه بعض الخدم فخنقوه, ولم تكتف الأفعى بقتل مصطفى فأرسلت من يقتل ابنه الرضيع.
ثم توفي الخليفة سليمان عام 974هـ، وتولى بعده: الخليفة سليم الثاني.
الخليفة سليم الثاني (974- 982هـ)
ومما يميز عصره أن أصبحت وظيفة الصدر الأعظم تشكل لمن يتقلدها الحاكم الفعلي وقائد الجيوش, وكان من أسباب اللجوء إلى هذه الوظيفة كبر رقعة الدولة واتساعها, وتدفق الأموال على خزائنها, مما جعل الحكام بعد ذلك يلجئون للترف والراحة تاركين للصدر الأعظم تحمل المسئولية.
وسليم هو ابن روكسلان الروسية، والذي تولى السلطة بعد أن نجحت الدسائس التي وضعتها روكسلان في قتل أبناء الخليفة سليمان, واشترك سليم الثاني في بعضها.
وهذا الخليفة لم يكن قويًّا كالخلفاء والسلاطين السابقين، ولكن وجود الوزير محمد الصقلي قد حفظ للدولة مكانتها.
أعمال العثمانيين في الأمصار الإسلامية
قمع الثورات في اليمن:
قامت ثورة في اليمن, وكان قائدها المطهر بن شرف الدين فأرسل إليه جيش بقيادة عثمان باشا يسانده سنان باشا والي مصر, وتمكن الجيش من إخماد الثورة عام 976هـ.
تحرير تونس من الأسبان وجعلها ولاية عثمانية:
استطاعت إسبانيا احتلال تونس عام 980هـ وإعادة عميلها مولاي حسن الحفصي, ولكن سرعان ما استطاع العثمانيون طرد الأسبان من تونس وجعلها ولاية عثمانية عام 981هـ، وكان قائد التحرير فيها هو سنان باشا والي مصر.
الأعمال في أوربا
مع النمسا:
في عام 976هـ أبرمت الدولة صلحًا مع النمسا ينص على اعتراف الدولة بحماية النمسا على بعض الأجزاء في المجر, وتدفع النمسا مقابل ذلك جزية سنوية, وتعترف في نفس الوقت بتبعية ترانسلفانيا والأفلاق والبغدان للعثمانيين.
مع فرنسا:
أكد الخليفة تأييده للمعاهدات والامتيازات المبرمة مع فرنسا، وهذا ما ساعد على تدفق الإرساليات الكاثوليكية في أنحاء الدولة العثمانية وبالذات في بلاد الشام وبدأ العمل ضد الدولة العثمانية بضربها داخليًّا عن طريق زرع الانتماء إلى فرنسا والنصارى بصفة عامة.
مع لهستان أو بولونيا (بولندا الحالية):
فرضت الدولة تعيين أخي ملك فرنسا ملكًا على لهستان, متحدية كلاًّ من النمسا وروسيا, وبذلك أصبحت لهستان (بولندا) تحت حماية العثمانيين.
فتح قبرص:
استطاعت الدولة العثمانية انتزاع قبرص من أيدي البنادقة الذين كانوا يحتلونها، وذلك في عام 978هـ.
موقعة ليبانت البحرية:
بعد ازدياد الخطر العثماني في البحر المتوسط على أوربا, وخاصة بعد فتح جزيرة قبرص, وبعض المواقع على بحر الأدرياتيك, وغزو جزيرة كريت, تحالف نصارى أوربا لمحاربة العثمانيين, فاتحدت أساطيل البندقية مع إسبانيا مع رهبان جزيرة مالطة تحت مباركة البابا، واصطدمت هذه الأساطيل بالأسطول العثماني عام 979هـ، وانهزم الأسطول العثماني وفقد في هذه المعركة 130 سفينة و300 مدفعًا و30 ألف أسير, أخذتها الأساطيل النصرانية.
وكان لهذا الانتصار رنينه الشديد في أوربا, فخطب البابا في كنيسة القديس بطرس بروما (الفاتيكان) يشكر دون جوان قائد الأساطيل المظفرة, وما إن وصلت أخبار الهزيمة إلى إستانبول إلا وثار السكان المسلمون, يريدون أن يفتكوا بالنصارى لولا أن منعهم الوزير محمد الصقلي, وأخذت الدولة تعد أسطولاً جديدًا للأخذ بالثأر, فخافت البندقية فعرضت الصلح على العثمانيين مقابل اعترافها بسيادة العثمانيين على قبرص, ودفع غرامة حربية كبيرة وتم ذلك عام 980هـ.
في البغدان:
قضى العثمانيون على تمرد ببلاد البغدان عام 981هـ, وتوفي الخليفة سليم الثاني عام 982هـ، وتولى الحكم ابنه مراد الثالث.
الخليفة مراد الثالث (982- 1003هـ)
الشئون الداخلية:
بمجرد توليه الحكم أمر بقتل إخوته الخمسة حتى لا ينازعه أحد في الحكم.
حاول السلطان منع شرب الخمر, والذي استفحل أيام أبيه, فأصدر قرارًا بمنعه فثارت الإنكشارية وأجبروه على إلغاء هذا القرار.
جدد الامتيازات لدول أوربا (فرنسا والبندقية) وأعطى سفير فرنسا مكانة خاصة, حيث يتقدم باقي السفراء في المحافل الرسمية, وأجبرت السفن الأوربية التي تدخل الموانئ العثمانية أن ترفع علم فرنسا, باستثناء البندقية, ثم استثنيت إنجلترا أيضًا في عهده.
الأعمال في الأمصار الإسلامية
في مراكش:
استنجد سلطان مراكش بالعثمانيين لإخماد ثورة اندلعت في بلاده, واستعان قائدها بالبرتغاليين, فلبى العثمانيون النداء, واصطدموا مع البرتغاليين في موقعة القصر الكبير عام 985هـ, وتحقق النصر للعثمانيين فأعادوا السلطان إلى الحكم.
مع الدولة الصفوية:
استغل العثمانيون الاختلاف على تولية حاكم للدولة الصفوية بعد موت طهماسب عام 984هـ، فضموا إليهم من أملاكها بلاد الكرج (جورجيا) عام 985هـ, ثم أذربيجان الشمالية (شروان عام 986هـ), ثم بلاد داغستان عام 991هـ, وفي هذه السنة سار القائد عثمان باشا إلى بلاد القرم ليؤدب خانها الذي لم يمد العثمانيين في حربهم مع الصفويين, برغم أنهم طلبوا منه المدد, وتمكن عثمان باشا من إغراء أخي خان القرم بتوليته بدلاً من أخيه فقتل أخاه, واستطاع عثمان باشا أن يدخل عاصمة القرم كافا, وتولى منصب الصدر الأعظم بعد موت محمد باشا الصقلي, هذا الرجل الذي حفظ للدولة مكانتها طوال توليه منصب الصدر الأعظم[1].
وأجبر عثمان باشا الصفويين على الاعتراف بما ضمه من أملاكهم, فدخل عاصمتهم تبريز عام 993هـ، فأجبروا على التنازل عما تم ضمه، إضافةً إلى جنوب أذربيجان بما فيها العاصمة تبريز.
الأعمال في أوربا
بولندا تحت الحماية الفعلية للعثمانيين:
فرضت الدولة تعيين أمير ترانسلفانيا ملكًا على بولونيا بعد مغادرة ملكها السابق هنري إلى فرنسا, وبذا اعترفت النمسا بحماية الدولة على بولونيا عام 984هـ في معاهدة الصلح التي تمت بينهما, والتي كانت مدتها 8 سنوات, وبذا تحولت الحماية العثمانية على بولندا من حماية اسمية إلى حماية فعلية.
مشاكل الإنكشارية التي لا تنتهي:
نظرًا لتوقف الحروب سواء مع النمسا أو مع الصفويين لم تجد الإنكشارية عملاً لها إلا السلب والنهب في المدن العثمانية, فأراد الصدر الأعظم أن يشغلهم بالحروب مع النمسا في المجر, ونظرًا لما وصل إليه الإنكشارية من فوضى توالت عليهم الهزائم, وفقدوا بعض القلاع، واستطاع سنان باشا أن يستردها عام 1003هـ.
واستغل أمراء الأفلاق والبغدان وترانسلفانيا الموقف, وانضموا إلى النمسا في حروبها ضد العثمانيين, فدخل سنان باشا عاصمة الأفلاق بخارست, إلا أن أميرها استطاع أن يجعل الجيوش العثمانية تتقهقر إلى ما بعد نهر الدانوب، وانتزع منهم عدة مدن. وتوفي الخليفة مراد الثالث في العام نفسه 1003هـ، وتولى ابنه محمد الثالث.
________________________________________
[1] من مواقف هذا الرجل: طلب نائب البندقية الصليبية في إستانبول -في معركة ليبانت السابق ذكرها وكان الأسطول العثماني قد تحطم في هذه المعركة- مقابلة الصدر الأعظم (محمد باشا الصقلي) ليسبر غوره، ويقف على اتجاهات السياسة العليا للدولة العثمانية تجاه البندقية، وقد بادره الصدر الأعظم قائلاً: إنك جئت بلا شك تتحسس شجاعتنا وترى أين هي، ولكن هناك فرق كبير بين خسارتنا وخسارتكم؛ إذ إن استيلاءنا على جزيرة قبرص كان بمنزلة ذراع قمنا ببتره وكسره، وبإيقاعكم الهزيمة بأسطولنا لم تفعلوا شيئًا أكثر من حلق لحانا، وإن اللحية لتنمو بسرعة وبكثافة تفوقان السرعة والكثافة اللتين تنبت بهما في الوجه لأول مرة.
الخليفة محمد الثالث (1003- 1012هـ)
وهو ابن الخليفة مراد الثالث من جارية إيطالية من البندقية, وكان لها تدخل كبير في شئون الدولة، وما إن تولى الحكم حتى أمر بقتل إخوته التسعة عشر.
موقعة كرزت:
منذ أواخر عصر سليمان القانوني ومن خلفوه, كانت قيادة الجيوش بيد الصدر الأعظم, فخرج محمد الثالث عن هذه القاعدة, وخاصة بعد ما توالت الهزائم على الجيوش العثمانية, فقاد محمد الثالث الجيوش بنفسه فدبت الحمية الدينية في قلوب الجيش العثماني, وازدادت الروح القتالية وهزموا جيوش المجر والنمسا عام 1005هـ في موقعة كرزت.
اندلاع الثورات:
ثورة فراري
في أثناء موقعة كرزت فرت فرقة من الجيش, ولم تثبت في المعركة فنفيت إلى الأناضول, وأطلق عليها اسم فراري, كنوع من التجريس والإهانة لها حتى تكون عبرة لغيرها.
فادعى أحد قادتها (قره يازجي) أنه رأى الرسول في المنام يبشره بالنصر على العثمانيين, فاستولى على مدينة عينتاب فحاصره العثمانيون, فوافق على التسليم في مقابل أن يعين على ولاية أماسيا, فوافق العثمانيون, إلا أنه ما لبث أن عاد للتمرد بمجرد مغادرة العثمانيين, فعادوا إليه وفي هذه المرة يساعده أخوه ولي حسن والي بغداد فانهزم قره يازجي, ومات متأثرًا بجراحه في حين استطاع أخوه ولي حسن أن ينتصر على صقلي حسن باشا ويقتله عام 1010هـ، ولكي تتجنب الدولة المزيد من الفتن أعطته ولاية البوسنة ليحارب الأوربيين حتى هلك هو وأتباعه.
ثورة الخيالة (السباه)
ونتيجة للثورة السابقة طالب الخيالة بتعويضهم عما لحق بهم من أضرار, فانقض عليهم جيش الإنكشارية فأخمدهم.
وتوفي الخليفة محمد الثالث عام 1012هـ، وتولى الخلافة ابنه أحمد الأول.
الخليفة أحمد الأول (1012- 1026هـ)
تولى الحكم ولم يبلغ الرابعة عشرة من عمره، ولم يقم بقتل أخيه مصطفى ولكنه اكتفى بحبسه مع الجواري والخدم.
حركات التمرد في الدولة العثمانية:
تعددت في عهده الحركات ضد الدولة مستغلين صغر سنه, ومن أمثلة هذه الحركات حركة بولاد الكردي، وحركة والي أنقرة قلندر أوغلي، وحركة عز الدين المعنى وهو درزي تمكن من جمع الكثير من النصارى والنصيرية والدروز, وأظهر للخليفة الطاعة فأعطاه الإشراف على مناطق كثيرة في الشام مثل جبل لبنان وأجزاء من سوريا وغيرها, فاتفق مع الإيطاليين, فأمدوه بما يحتاج لبناء وتجهيز جيش قوامه 40,000 جندي ثم أعلن التمرد عام 1022هـ، فهزمته الجيوش العثمانية بعد أن استطاع الفرار إلى إيطاليا.
انتشار الدخان:
انتشر شرب الدخان عن طريق الهولنديين, فتعاطاه الكثير من الجنود فأفتى المفتي بمنع الدخان, فهاج الجنود ومعهم الموظفون حتى أجبروا السلطان على إباحته.
التراجع أمام الصفويين:
استطاع الشاه عباس ملك الصفويين أن يستغل الفتن الداخلية في الدولة العثمانية, فاستعاد تبريز وشمال العراق وغيرها، ومما زاد (الطين بلة) موت الصدر الأعظم مراد باشا, الذي أبلى بلاءً حسنًا في القضاء على الثورات والفتن, فاضطرت الدولة لعقد معاهدة صلح مع الصفويين عام 921هـ, تنازلت بموجبها عن كل ما ضمه العثمانيون من أملاكهم منذ عهد سليمان القانوني.
في أوربا:
جددت الامتيازات مع إنجلترا وفرنسا وحظيت الفلمنك (هولندا) بنصيب منها, وعقد صلح مع النمسا عام 1015هـ تدفع بمقتضاه النمسا 200000 دوكا دفعة واحدة، وتتوقف عن الجزية السنوية التي كانت تدفعها.
عقدت معاهدة مع بولندا تحمي الدولة بها بولندا من تتار القرم، في حين تحمي بولندا الدولة من القازاق.
كثرت المعارك البحرية بين العثمانيين ونصارى أوربا, وكان النصر فيها حليفًا للنصارى,؛ مما دفع الدولة إلى سحب أسطولها من البحر الأسود لصد أساطيل النصارى في البحر المتوسط, فاستغل القازاق هذه الفرصة وهاجموا ميناء سينوب العثماني على البحر الأسود, ووقع الخلاف بين الخليفة والصدر الأعظم نصوح باشا فقتل على أثره الصدر الأعظم.
توفي السلطان أحمد الأول عام 1026هـ، وكان في الثامنة والعشرين من عمره, وكان ابنه صغيرًا، فعهد إلى أخيه مصطفى بالخلافة.
الخليفة مصطفى الأول (1026- 1027هـ)
خرج من حبسه مع الجواري والخدم لا يعرف شيئًا عن الحكم, ولم تزد فترة حكمه عن ثلاثة أشهر، ثم تم عزله وتولى ابن أخيه عثمان الثاني الخلافة عام 1027هـ.
الخليفة عثمان الثاني (1027- 1031هـ)
تولى الحكم وعمره لا يزيد على 13 عامًا، فقتل أخاه محمد كما هي العادة.
عفا عثمان الثاني عن فخر الدين المعنى, وسمح له بالعودة من إيطاليا، فعاد إلى جبل لبنان وبدأ يتحرك للتمرد مرة أخرى.
قامت الحرب بينه وبين بولونيا فطلبت بولونيا الصلح فتم عام 1029هـ، وخاصة بعد تخاذل الإنكشارية في القتال, فأراد أن يؤدبهم ويستبدل بهم جنودًا جددًا مدربين, فثاروا عليه وقتلوه, في أول سابقة من نوعها في الدولة العثمانية. ومما يبين مدى النفوذ الذي وصل إليه الإنكشارية، وأعادوا عمه مصطفى إلى الحكم عام 1031هـ, وما إن انتشر خبر قتل الخليفة حتى عمت الفوضى والثورات أرجاء الدولة العثمانية, وقام الولاة يعلنون الاستقلال عن الدولة، فأشار الصدر الأعظم المعين بواسطة الإنكشارية بعزل الخليفة مصطفى الأول وتعيين ابن أخيه مراد الرابع خليفة عام 1032هـ.
الخليفة مراد الرابع (1032- 1049هـ)
وهو ابن الخليفة أحمد الأول، وكان حين تولى الحكم لم يبلغ الرابعة عشرة بعد.
الشئون الداخلية:
ثورة أباظة باشا
تولى الخليفة مراد الرابع الحكم والدولة تملؤها الفتن والثورات ومن أشهرها ثورة أباظة باشا, والي أرضروم الذي دخل إلى أنقرة وسيواس, ونظرًا لصغر سن الخليفة فقد سيطر الإنكشارية في بداية الأمر, فكانت المسئولية بأكملها ملقاة على عاتق الصدر الأعظم حافظ أحمد باشا, الذي استطاع أن يخمد ثورة أباظة باشا بعد الانتصار عليه في موقعة قيصرية عام 1033هـ, ثم عاد أباظة باشا إلى الثورة بعد تعيين خسرو باشا صدرًا أعظم، فسار إليه خسرو باشا وأخضعه وعينه على ولاية البوسنة 1037هـ.
ثورة الإنكشارية
ثارت الإنكشارية في أثناء الحروب مع الدولة الصفوية, وكان الخليفة قد اشتد عوده فتصدى لهم وقتل مثيري الفتنة منهم فأخمدهم.
تجدد ثورة فخر الدين المعنى
ما إن استتب الأمر لفخر الدين المعنى حتى استغل الظروف التي تمر بها الدولة من فتن وثورات, وقام بثورة جديدة فخرج إليه والى دمشق واستطاع أن ينتصر عليه ويأسره هو وولديه, وأرسلهم إلى الخليفة الذي برغم تكرار خيانة فخر الدين وتعاونه الدائم مع أعداء الإسلام من الصليبيين, إلا أن الخليفة قد أحسن معاملته هو وذويه,؛ مما شجع حفيده قرقماز على الثورة فنفد صبر الخليفة، وقام بقتل فخر الدين المعنى وابنه الأكبر وأخضع ثورة قرقماز.
الحروب مع الصفويين
بدأت الحروب مرة أخرى مع الصفويين عندما قتل قائد الشرطة في بغداد بكير أغا والي بغداد, فحاصره الصدر الأعظم حافظ باشا، ولكنه اتصل بالشاه عباس, وعرض عليه تسليم المدينة, وفي نفس الوقت عرض على الصدر الأعظم تسليم المدينة وله ولايتها فوافق، ودخلت الجيوش العثمانية المدينة قبل وصول الشاه عباس, وما إن وصل الشاه عباس حتى ضرب الحصار على بغداد 3 شهور, فعرض على ابن بكير أغا تسليم المدينة وإعطاءه ولايتها، فوافق وخان العثمانيين، فدخلت جيوش الشاه بغداد وقتلت بكير أغا وابنه؛ لأنهما خائنان لا يمكن الاعتماد عليهما.
حاول الصدر الأعظم حافظ باشا استرداد بغداد, ولكن الإنكشارية لم يحاربوا معه؛ مما أدى إلى عزله, واستغل الصدر الأعظم خسرو باشا وفاة الشاه عباس 1038هـ وتولى ابنه الصغير الحكم فاسترد مدينة همدان 1039هـ، وحاول استرداد بغداد مرتين ولكنه فشل، فسار الخليفة بنفسه لقتال الصفويين، وخاف أن يخرج عليه أخواه بايزيد وسليمان فأمر بقتلهما, ثم دخل مدينة تبريز عام 1045هـ بعد مقاومة عنيفة من الصفويين, واسترد بعض القلاع ثم عاد إلى إستانبول، فاستغل الصفويون الفرصة واستردوا بعض القلاع, فخرج الخليفة إليهم وتمكن من دخول بغداد عام 1048هـ، وعقد صلحًا بين الدولتين عام 1049هـ، وتوفي الخليفة في نفس العام.
الخليفة إبراهيم الأول (1049- 1058هـ)
تولى الخلافة بعد وفاة أخيه مراد الرابع.
العمل في أوربا:
اندلعت الحروب من جديد بين القازاق والعثمانيين، واستطاع القازاق احتلال مدينة آزارق (آزوف) على السواحل الشمالية للبحر الأسود، ولكن العثمانيين استطاعوا استردادها عام 1052هـ.
فتح جزيرة كريت:
جهز العثمانيون أسطولاً لفتح جزيرة كريت التي كانت تتبع البندقية في ذلك الوقت, وتمكن العثمانيون من فتحها عام 1055هـ ودخلوها بمنتهى السهولة لعدم وصول الأسطول البندقي, فاغتاظ البنادقة لذلك وأحرقوا بعض الموانئ العثمانية, فأراد الخليفة الانتقام في شخص نصارى الدولة, ولكن المفتي عارضه فامتثل لرأى المفتي، ولما ازداد تمرد الإنكشارية أراد الخليفة أن يؤدبهم, ولكنهم لما علموا بذلك داهموه وأسرعوا بعزله وعينوا ابنه الصغير محمد الرابع الذي لم يتجاوز السبع سنوات, وذلك في عام 1058هـ، ثم قتلوا الخليفة إبراهيم الأول خوفًا من عودته للحكم.
المصدر: موقع قصة الإسلام.
http://www.islamstory.com/