مأساة مرضى الفشل الكلوي
من غير المعقول أن تستمر مأساة المئات من المواطنين الذين يعانون من الفشل الكلوي، ويقومون بعمليات الغسيل بمعدل مرتين أو ثلاث في الأسبوع، في وقت وصل فيه التقدم العلمي والطبي في المملكة الى مرحلة زراعة الكلى بكل سهولة ويسر وانهاء هذه المعاناة بكل بساطة رغم أن العديد من الفتاوى الشرعية قد صدرت من داخل المملكة، ومن مجامع الفقه الإسلامي بجواز التبرع بالكلى بعد الوفاة الدماغية لصالح مرضى الكلى بعد أن تمت وبنجاح زراعة آلاف القرنيات من مصادر محلية وبعد ان اصبح استيراد القرنيات من الخارج حتى مقابل الثمن في اضيق الحدود.
الحكومة تدفع نحو ثلاثين مليون دينار سنوياً لغايات الغسيل لمرضى الفشل الكلوي سواءً في القطاع العام أو الخاص يضاف الى ذلك حجم المعاناة الذي يشعر بها المريض وقضاؤه عدة ساعات في كل مرة لغايات الغسيل، وهدر جزء كبير من وقته، وتعرضه للمخاطر في اي وقت من الأوقات.
جميعنا يذكر دور الدفاع المدني والقوات المسلحة خلال العواصف الثلجية حيث تقوم آلياتها المجنزرة بالبحث عن المرضى المصابين بالفشل الكلوي في اماكن سكناهم ونقلهم الى المستشفيات للقيام بعمليات غسيل الكلى، لأن بقاءهم في البيت يعني الموت المحقق لهم.
استغرب ان تكون هناك عائلات يعاني بعض افرادها من امراض الفشل الكلوي وان زراعة كلية للمريض تنقذ حياته في وقت ينتقل به احد اقارب هذا المريض الى رحمة الله تعالى، ولا يبادر احد لتوقيع النماذج الخاصة بالتبرع بالأعضاء والموجودة في معظم مستشفيات المملكة حتى يتم زراعتها لمريضه اذا كانت مناسبة او لمريض آخر يعاني من الفشل الكلوي.
استغرب اننا نفقد في كل عام نحو ثمانمائة مواطن في حوادث السير المؤلمة، وانه لو تم التبرع بالقرنيات والكلى لنصف هذا العدد فقط لتم طي صفحة مرض الفشل الكلوي، وحتى الذين يعانون من تضخم أو تشمع الكبد او حتى امراض القلب والرئة.
لا نريد لأي مواطن ان يمر بتجربة اصابة أحد احبائه بالفشل الكلوي او فقدان البصر حتى يعلم اهمية التبرع بالأعضاء، لكننا نأمل ان يكون اقدامه على التوصية بالتبرع بالكلى او القلب او القرنية بعد عمر طويل، او التبرع بأعضاء احد احبائه عند وفاته عملا خالصاً لوجه الله تعالى حيث اكدت كل الفتاوى بأن هذا التبرع يعتبر صدقة جارية تنفع صاحبها بعد الوفاة.
لماذا يضطر البعض للذهاب الى بعض الدول لزراعة الكلية مقابل مبالغ كبيرة، وقد تنجح.. وقد لا تنجح؟، لماذا نحرم مئات الأطفال والشباب والصبايا والرجال والنساء من نعمة الحياة الكريمة الهانئة ونتركهم يعانون من مضاعفات الفشل الكلوي وغسيل الكلى في وقت يستطيع فيه المجتمع الأردني بتكافله وتضامنه ان يضع حدا لذلك بإقدامه على التبرع او التوجه بالتبرع بالأعضاء بعد عمر طويل.
وزارة الأوقاف ووسائل الإعلام يقع على عاتقها مسؤولية توعية المواطنين بشرعية واهمية التبرع بالأعضاء وان تضع وزارة الصحة ثقلها لتبسيط كل الإجراءات الإدارية والفنية والطبية المتعلقة بالحصول على الأعضاء وزراعتها.