|
| الحصانة النيابية | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: الحصانة النيابية الثلاثاء 19 مارس 2013, 3:51 am | |
| الحصانة النيابية
من ارشيف المرحوم هاني سليم خير امين عام مجلس الامة الاسبق
مقدمة وتحليل موضوع الحصانة النيابية، شيق، مغر، ومثير وسر ذلك انه متعلق بالنواب، وكل ما له علاقة بالنواب، فيه سحر واغراء واثارة، وقلما يمر يوم الا وعلى السنة المواطنين، وفي وسائل الاعلام، في السر او في الجهر حديث عن النواب او قل، حديث للنواب ومع النواب «من» من الناس لا يهتم بالسياسة، والحديث مع النواب معظمه، على الاقل سياسة الا يعتبر سبقاً صحفياً نقل رأي او تصريح عن نائب لا سيما اذا كان له طعم خاص او نكهة معينة او كان فيه ما يهز مشاعر الجمهور واحاسيسهم؟ تلك امور سنتركها جانبا، لأن ما يهمنا الآن هو موضوع الحصانة النيابية بالذات، ما هي هذه الحصانة؟ قد لا يتوقف عندها المواطنون او لا تأخذ حيزاً من مشاغلهم الا في المناسبات، سنتعرف على حقيقتها من خلال ما سنقدمه من بحث نتناول فيه التقسيمات التالية:
القسم الاول: أ- مقدمة في مفهوم النيابة ب- مبررات الحصانة النيابية. ت- سوابق تاريخية القسم الثاني: أ- اللامسؤولية النيابية: خصائصها ومفاعيلها. ب- الحرمة النيابية: خصائصها ومفاعيلها. ج- حالة الجرم المشهود. د- اصول رفع الحصانة النيابية والاذن بالملاحقة القضائية. ه- خلاصة ومقارنة.
أ- مقدمة في مفهوم النيابة: يكثر الكلام عن الحصانة النيابية، ويستأثر موضوعها باهتمام الناس، كلما صدر عن احد النواب حديث، او تصريح او رأي، يشتم منه التعرض لاشياء الغير او التشهير غير المستحب به او اتهامه بما يمسه جزائياً، او كلما كان النائب بالذات قد اقترف جرما، او ارتكب مخالفة تقع تحت طائلة القانون ولا غرابة من ان تثار الضجة حول ذلك ويثار بالتالي موضوع الحصانة النيابية لأن الامر متعلق بالنواب، وللنواب كما هو معروف، دور رئيسي واساسي في الحياة العامة، وتأثير بالغ الاهمية في قضاياها وشؤونها ولعل مرد ذلك الى الاعتقاد السائد لدى عامة الناس، بأن النائب هو كل شيء في البلاد وفي الدولة، يمكنه ان يقطع ما لا ينقطع، ويوصل ما يعجز غيره عن وصله، اليس هو صانع الحكام، والحكومات والانظمة والقوانين؟ اليس هو واضع العقاب، ومانح الثواب؟ من كان هذا شأنه، وكانت هذه استطاعته، فلماذا لا يمنح نفسه ما يتحصن به ويقيه عثرة لسان، او زلة قدم، او فلتة قبضة؟ هذا رأي لا يخلو من السذاجة ولعل عامة الناس لا يدركون ان القوانين وان كان للنواب حق اشتراعها، انما هي وصلة وثيقة ومباشرة بحياة الجماعة، وهي وليدة تطورات المجتمع وصدى تطلعاته، ومصلحته العليا، هذا على الاقل ما يجب ان يكون في الدول الديمقراطية، فالنائب، في ظل النظام الديمقراطي لا يعدو كونه مواطنا كالآخرين يصنع القوانين على ضوء ما تمليه عليه مصلحة هؤلاء المواطنين بالذات، والا لكان للمواطنين معه شأن آخر في حساب الانتخابات، ان قدره، في اشتراع القوانين ضمن النظام الديمقراطي، هو قدر مخترع اللعبة التي لا ترحم صانعها، والتي كثيراً ما تعود عليه، اذا اخطأ في استعمالها، بالقهر والخسارة والغلبة. واذا تذمر بعض النواب خاصة المعارضين، من اللعبة السياسية فتقبلوها على مضض وعايشوها على جفوة فلسلاح هذه اللعبة حدان، وقد ينقلب يوما ما السحر على الساحر، ويتبادل الاخصام، مواقع الدفاع ومواقع الهجوم، سيراً مع الظروف والاحداث، من طبيعة اللعبة السياسية، ان تكون كذلك، والا لأصبح العمل السياسي رتيباً جامداً لا حياة فيه. واذا كان هناك من شكوى، فليس مرد ذلك الى عدم صلاح الديمقراطية بقدر ما هو احياناً سوء ممارستها وعلى كل حال، فالديمقراطية هي اولاً واخيراً رأي وحكم الاكثرية، هذا على الرغم مما ينتاب هذه الاكثرية في بعض الحالات، من زيف وتشويه وافتعال. نعود الى موضوع الحصانة النيابية ونقول انه موضوع يحظى عادة باهتمام القوانين الدستورية، ويدخل عموما في اختصاصها، الا انه ذو علاقة وطيدة بالقوانين الجزائية، واصول المحاكمات الجنائية، كل ذلك يتوقف على الجانب الذي يعالج منه، والى الزاوية التي يطرح منها على بساط البحث. ولما كان للحصانة النيابية بالغ الاهمية في الدول التي تمارس النظام الديمقراطي التمثيلي، وكان لها اتصال وثيق بنشاط النائب، من خلال ممارسته وظيفته كممثل للشعب، نرى ان نحدد، منذ البداية، مفهوم العمل النيابي او بالاحرى، مفهوم النيابة. لقد اصبح واضحاً، في الآونة الحاضرة، انطلاقاً من المفهوم الليبرالي الحديث، ان النائب بالمعنى القانوني العلمي، ليس مندوباً عن ناخبيه فاطلاق تعبير مندوب على النائب، وتعبير انتداب على مهمته او وظيفته ليس ذلك سوى مصطلحات في غير محلها، حتى ولو رددها رجال السياسة في اقوالهم وتصريحاتهم، او حتى ولو وردت في النصوص التشريعية ذاتها، ان استعمال هذه المصطلحات، في المجالات التي نحن بصددها لا يخلو من خلق الالتباس والتشويش في الافكار. فالحقيقة اذن، ان النائب ليس مندوباً، بل هو ممثل للشعب الذي انتخبه وهذا ما يجعل له شخصية مستقلة ويوفر له حرية كاملة في التحرك والعمل والتصرف، انه غير ملتزم مسبقاً بشيء يحد من استقلال شخصيته، او يقيد من حريته انه حر ان يقدر ما يراه باسم الشعب انطلاقاً من تقديره الخاص للأمور، وعلى ضوء عقيدته، ووجدانه وهذا يعني – وهذا ما يجب ان يكون – انه غير ملزم اثناء قيامه بوظيفته النيابية بالعودة الى ناخبيه، باستمرار طالباً موافقتهم على ما فعل او ما سيفعل، لانه لا يكون والحالة هذه، ممثلاً لهم، بقدر ما يكون مندوباً عنهم، انما لا يعني هذا ايضاً، ان يتجاهل ما يجيش في الرأي العام من مشاعر واحاسيس او يتبلور فيه من نزعات، وافكار وميول، بل عليه ان يستوحي من كل ذلك ما يتوافق مع المصلحة العامة، ويحقق الانسجام والتكامل مع ما يراه الافضل، هذا هو الخط السليم او السبيل القويم الذي يجب على النائب ان يسلكه بصفته ممثلاً للسيادة القومية، ومجسداً للارادة العامة، وليس بصفته منتدباً عنهما، واذا سلمنا بالعكس، فان النائب يصبح حينئذ، كمكلف تنفيذ، كموظف، كمتلقي اوامر، لا اكثر ولا اقل، وقد عبر عن هذا المعنى النائب الفرنسي بارنيف، امام الجمعية التأسيسية في جلسة العاشر من آب 1971 بقوله «ان الذي يميز الممثل عن الموظف العمومي هو ان ارادته هي ارادة الامة، في حين ان الموظف ليس اكثر من مكلف للقيام بعمل تطلبه منه». ولتحديد علاقة النائب بناخبيه نجد عموما انها ذات مظهرين: 1- اما ان يكون النائب المترجم الحرفي، والالي، لرغبات ومتطلبات ناخبيه، ويقتصر عمله بالتالي، على نقلها كيفما كانت وعلى علاتها، الى الحكومة عبر مجلس النواب. 2- واما ان يتخذ بشأنها مع المقررات والمواقف الصريحة ما يراه متفقاً مع قناعته بأهميتها وخطورتها، وما يبدو له منسجماً مع نظرته الخاصة لها، على ضوء تطلعاته ووجدانه. في كتابه «روح الشرائع» اشار مونتسكيو الى هذين المظهرين, حيث قال: «انه من الهزل ان يصار الى تقرير حقوق الممالك والشعوب, حتى الكون, بنفس العقلية التي تتقرر فيها الحقوق بين الافراد هناك فوارق اساسية بين الحقوق العامة والحقوق الخاصة, ومن الخطأ, الخلط بين النائب, والمندوب العادي, كما بين الموظف العمومي والمستخدم الخاص». وهكذا اخذ مفهوم النيابية يتسع مع الزمن حتى ادى الى اعتبار النائب ممثلاً, ليس لدائرته الانتخابية بحد ذاتها, او لناخبيه فحسب, بل لبلاده باسرها, ولمواطنيه جميعاً, وقد تكرست هذه النظرية أو هذا المفهوم, بنصوص دستورية, لا لبس فيها ولا ابهام, ونذكر على سبيل المثال ما ورد في بعض النصوص الدستورية الفرنسية, واللبنانية من هذا القبيل. جاء في المادة 8 من قانون 2 كانون الاول 1789 الفرنسي ما يلي: «ان الممثلين المنتخبين في الجمعية الوطنية, من قبل المقاطعات, لا يجوز أن ينظر اليهم كممثلين لمقاطعة معينة, انما كممثلين لجميع المقاطعات أي للامة بأسرها».
وجاء ايضاً في المادة 7 من دستور 3 ايلول 1791 الفرنسي, ما يلي: «ان الممثلين المنتخبين في المقاطعات, ليسوا ممثلين لمقاطعة معينة انما للأمة بأسرها». وعلى هذا الاساس, درجت جميع الدساتير الفرنسية اللاحقة على تبني هذا المفهوم واخرجته بصيغ مماثلة. ولقد وردت نصوص مماثلة لهذه المادة في الدساتير العربية كاللبنانية والكويتية والمصرية والمغربية والسودانية والعراقية والجزائرية والسورية, وفي كثير من الدساتير الاجنبية في حين أن الدستور الاردني لم يتعرض في أية مادة من مواده الى هذا المفهوم الهام. ولا ادري لماذا غاب عن المشرع الاردني النص على مثل هذه المادة في الدستور الاردني؟ ويعود نشوء هذا المفهوم اساساً الى الاتجاهات الفكرية التي تمخض عنها القرن الثامن عشر والتي كان لها ابلغ الاثر في تكوين الفكر السياسي لدى رجال الثورة الفرنسية آنذاك, ومن ابرز مفكري هذا القرن, نذكر (روسو) صاحب كتاب «العقد الاجتماعي». فمن بين مجموعة الافكار الجديدة التي نادى بها روسو تبرز فكرة ذات اهمية خاصة, هي فكرة او مبدأ (السيادة الوطنية) او الشعبية. ليست هذه الفكرة من صنعه بل سبقه اليها فلاسفة الاغريق, ومفكرو القرون الوسطى, الا ان فضل (روسو) يعود الى انه اعطانا محتوى ومدلولاً قرباها من الجماهير, وجعلاها مقبولة من الخاصة ويدور مفهومها حول ان السيادة الوطنية لا تتجسد بالتنظيمات العائلية, ولا بخضوع شعب واستسلامه الى الغير عن طريق الغزو, ولا بالاسترقاق انما بالشعب ذاته (5) الا ان الخطأ الذي وقع فيه هو ان التمثيل, او النيابة لا تخول صاحبها القدرة على التصرف الحر المسقل, بل عليه ان يخضع باستمرار لرقابة الشعب, كما لا يكتسب القانون الذي يشترعه النائب لدرجة القطعية الا بعد عرضه على الاستفتاء الشعبي ونيل موافقة الشعب عليه, من هنا فرضت بعض الدساتير الحديثة عرض القضايا الهامة او الخطيرة على الاستفاءات الشعبية. ويختلف رأي المفكر «مونتسكيو» عن «روسو» بهذا الصدد, اذ يقول: «ان النظام الملائم للحرية, هو النظام التمثيلي الذي لا يخضع قرارات المجالس التمثيلية لاي استفتاء شعبي» وافضله كما قال النظام البريطاني. ان النظام التمثيلي الذي عناه مونتسكيو والذي قال ان النظام الممارس في بريطانيا, هو غير النظام الذي كان سائداً في فرنسا ما قبل الثورة ففي النظام الفرنسي المذكور, لم يكن النائب اكثر من مندوب أو من وكيل خاص عن ناخبيه أي أما عن طبقة النبلاء وأما عن طبقة الاكليروس, واما عن طبقة الشعب الدنيا وعن مقاطعة انتخابية محددة, وكانت وظيفته ان ينقل الى الملك عرائض الرغبات, والشكاوى والظلامات التي كان يحمله اياها ناخبوه. لا اكثر ولا اقل, وكان عليه فوق كل ذلك أن يقسم اليمين بالا تتعادى سلطاته وصلاحياته الحدود المرسومة له سلفاً من قبل هؤلاء الناخبين, وفي التاريخ الفرنسي امثلة عديدة عن ناخبين سحبوا ثقتهم من نائبهم الذي لم يتقيد بالتعليمات المعطاة اليه منهم. هذا يدل على انه لم يكن بين هذا النائب والامة جمعاء أي رابط قانوني فنائب النبلاء, مثلا لم يكن نائبا عن جميع النبلاء, وكذلك يقال عن نائب الالكيروس ونائب الشعب, كانت نيابة هؤلاء تقف عند حقوق فئة معينة من هذه الطبقات وعن مقاطعة انتخابية محددة, لذلك كله لم تكن لهم سلطات تشريعية بالمعنى الذي نعرفه اليوم للمجالس التشريعية, لكن كل ما في الامر انهم كانوا مقدمي مشورات وناقلي عرائض وشكاوي ناخبيهم ومقاطعاتهم ليس الا. (ملاحظة: نحيل القارئ على البحث المفصل القيم حول هذا الموضوع للاستاذ عبده عويدات, في كتابه: النظام الدستورية, صفحة 73 وما يليه 1961). وعندما احتل مبدأ السيادة الوطنية او الشعبية مركز الصدارة في القوانين الدستورية. تغير دور المجالس التشريعية بصورة جذرية. لم تعد هذه المجالس مجرد افراد متنافرين, يمثلون طبقات هي ايضاً متنافرة في تكوينها وطبيعتها ولا تلتئم الا بارادة الملك وعندما يحلو له دون تحديد لمهماتها وحقوقها انما اصبحت مؤسسات سياسية لها شخصيتها العامة المستقلة, وعلى هذا الاساس اصبحت تتمتع بسلطات مطلقة في اشتراع القوانين, ومراقبة تنفيذها باسم الشعب كل الشعب وتعقد اجتماعات دورية منتظمة, وفق انظمة خاصة وضعتها لهذه الغاية وكان المبرر الدستوري لذلك ان الجمعيات التمثيلية تتلقى من (السيادة الوطنية) حق ممارسة سلطاتها التشريعية التي تعتبر اهم خصائص هذه السيادة). |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: الحصانة النيابية الثلاثاء 19 مارس 2013, 4:24 am | |
|
اعضاء مجلس النواب امام مجلس الامة في الستينات نحن لم نتعرض لهذا الموضوع الاخير الا على سبيل استكمال المعرفة من جميع نواحيها قدر المستطاع, خاصة وان الحرمة النيابية ظلت الى الامس القريب قائمة طيلة مدة النيابة في فرنسا. هذا مع العلم أن دستور فرنسا لسنة 1958 بالاضافة الى الدساتير النيابية والبلجيكية والسويسرية, وغيرها حصرت مفعول الحرمة النيابية بدورات الانعقاد لا غير. اما خارج هذه الدورات فباب الملاحقات الجزائية مفتوح امام القضاء, وهذا يعني أن علة مرور الزمن لم تعد واردة. لكن لا يفوتنا ان نسأل عن مصير الملاحقات التي بدأت خارج الدورة, ثم داهمتها دورة لاحقة وهي لم تبلغ نهايتها بعد؟ والجواب هو أنه لا شيء يمنع من أن تستمر هذه الملاحقات في مجراها الطبيعي حتى بعد فتح الدورة, دون الحاجة الى اذن من مجلس النواب, انما لنفترض انه جرى توقيف النائب خارج الدورة, دون أن يكون قد صدر الحكم بالصورة القطعية, فما هو الجواب القانوني على ذلك؟ هنا يجب التمييز بين الملاحقة وبين التوقيف الذي ادت اليه, وقد عبّر عن هذا الوضع احد اعضاء الجمعية الوطنية الفرنسية, في 21 كانون الاول سنة 1899 بالرأي التالي: «اذا كانت الملاحقات قد بدأت قبل الدورة, فيمكن أن تستمر, انما اذا كان اللقاء القبض على النائب لم يحصل بعد, فلا يجوز أن يكون بعدئذ» (28). لكن الاجتهاد المستمر لم يأخذ بهذا الرأي, معتبراً أن فتح الدورة لا يجوز أن يؤثر على الاصول القانونية التي كانت قائمة قبل ذلك, فالدستور يمنع الملاحقة اثناء الدورات, لكنه لا يمنع متابعتها فيما لو سبق اجراؤها قبل. فمن طبيعة الملاحقة الجارية على وجه قانوني ان تؤدي الى التوقيف, حتى ولو حصل هذا التوقيف اثناء انعقاد الدورات. غير أنه في هذه الحالة يبقى من حق مجلس النواب تعليق الملاحقة, وتقرير الافراج عن النائب الى ما بعد نهاية الدورة فيما لو رأى ضرورة لذلك (30). وعلى الرغم من هذا، فقد قررت محكمة التمييز الفرنسية بتاريخ 26 كانون الثاني 1926 بان الملاحقات التي بدأت قبل الدورة يمكن ان تستمر بعد فتحها، شرط الا يحصل التوقيف خلال الدورة الا باذن من مجلس النواب ولعل هذا الرأي الاخير هو المعمول به في فرنسا في الوقت الحاضر، لا سيما وانه ينسجم مع احكام المادة 26 من دستور 1958 القائلة انه: «لا يجوز توقيف اي عضو من اعضاء المجلس خارج الدورة الا باذن من مكتب المجلس الذي ينتمي اليه، الا في حالة الجرم المشهود، او حالة الملاحقات المأذون بها، او حالة صدور الحكم النهائي». اما بالنسبة لنص الدستور الاردني، فلا شيء فيه يحول دون استمرار تنفيذ التوقيف حتى خلال انعقاد الدورة، وفي هذه الحالة يتوجب على رئيس الوزراء ان يبلغ المجلس المنتسب اليه ذلك العضو عند اجتماعه بالاجراءات المتخذة مشفوعة بالايضاح اللازم عملا باحكام الفقرة (2) من المادة (86) من الدستور.
ثالثا: الجرم المشهود: هناك حالة استثنائية عامة، يتعطل فيها مفعول الحصانة النيابية، هي حالة تلبس النائب بالجريمة او الجرم المشهود وينطوي هذا الجرم على استثناء صريح لمبدأ الحصانة النيابية وهو استثناء مقبول وله ما يبرره انه يكرس للقانون الجزائي سيره الطبيعي ويجعل العدالة في مأمن من التجاوزات ويعفى بالتالي الملاحقات القضائية من تعقيدات رفع الحصانة (32). انما ماذا يعني لنا الجرم المشهود؟ الجرم المشهود كما حددت وصفه المادة 41 من قانون اصول المحاكمات الجنائية الفرنسي، هو الجرم الجاري اقترافه حاليا او الذي تم اقترافه في الحال، وعتبر جرائم مشهودة حالة الظنين الملاحق بصخب الجمهور، او الذي وجد وهو يحمل ادوات، اسلحة، او اوراقا يشتم منها بانه هو الفاعل، او المتآمر، او الشريك، شرط ان يكون حصل ذلك في وقت ملازم لارتكاب الجرم. والجرم المشهود في القانون اللبناني، هو ما اوردته المادة 36 من قانون اصول المحاكمات الجزائية بصيغة تقريبا مماثلة، وهي: «الجرم المشهود، هو الجرم الذي يشاهد حالة فعله، او عند نهاية الفعل، ويلحق به ايضا الجرائم التي يقبض على مرتكبيها بناء على صراخ الناس، او يضبط معهم اشياء او اسلحة او اوراق يستدل منها انهم فاعلوا الجرم، وذلك في الاربع والعشرين ساعة من وقوع الجرم». يتضح لنا من هذين النصين ان الجرم المشهود يوجب القاء القبض حالا على النائب المتلبس به، دون الحاجة مطلقا الى طلب رفع الحصانة النيابية عنه. لكن بعض المجالس النيابية، مع اعترافها بقانونية توقيف النائب المتلبس بالجريمة، كانت تميل احيانا الى التوسع في تفسير هذه الحصانة قائلة بضرورة الحصول على اذن لاحق منها كتكريس هذا التوقيف حتى صدور الحكم، ومع كل ذلك، يبقى من حق مجلس النواب تقرير الافراج عن النائب الموقوف، وتعليق توقيفه او ملاحقته حتى صدور الحكم بالصورة القطعية، وهذا ما قال به الفرنسي «اوجين بيار» المشهود وقد صاغ رأيه بالعبارات التالية: «من نص المادة 14، من قانون 1875 يمكننا الاستنتاج بانه في حالة التوقيف بالجرم المشهود, يعود الى المجلس ان يستعمل حقه وليس على النيابة العامة ان تطلب الاذن. انما هل يصبح بمقدور المجلس استعمال حقه اذا لم تبلغه الحكومة بأن احد اعضائه قد اوقف بالجرم المشهود؟ يبدو أنه وان لم يكن هناك موجب دستوري يلزم وزير العدل بطلب رفع الحصانة فهناك على الاقل موجب ادبي يلزمه باعلام المجلس بما حدث, حتى يتمكن هذا الاخير من اتخاذ القرار الذي يراه ضرورياً» (33). هذا ومن المفيد الاشارة الى ان هناك اتجاهاً جديداً للتوسع في مفهوم ومضمون الجرم المشهود. وقد نشاهد الاتجاه على اثر الاتهام الذي وجه في نيسان 1947, الى بعض نواب دولة مدغشقر, التي كانت يؤمئذ عضوا في الاتحاد الفرنسي, بأنهم كانوا وراء اشعال الفتن والاضطرابات في هذه الجزيرة. ووفقاً لهذا الاتجاه, لم يعد الجرم المشهود مقتصراً على الوصف الذي اوردناه بل اصبح يشمل حالة الجرم المتمادي, أي المطرد, او المتلاحق, حتى ولو كان هناك فاصل زمني طويل بين وقت اقتراف الجرم, ووقت القاء القبض على فاعله. وهذا يعني ان حالة الجرم المشهود لا تنقطع مع طول المدة ما دامت اثاره, ومضاعفاته لا تزال متمادية او متلاحقة، وعلى هذا الاساس، يمكن ان يدخل، مثلا، ضمن هذا النوع من الجرائم المشهودة، المتمادية، جرم احتجاز حرية الغير، او جرم العصيان المسلح، وما شابه، ان هذه الجرائم تعتبر وكأنها مشهودة وتستمر بهذا الوصف حتى تبلغ نهايتها وتنطفئ (34) ولقد كان من مؤيدي هذه النظرية بعض اساتذة القانون الجنائي الكبار مثل (35): اما في لبنان، فالظاهر ان حالة الجرم المشهود قد اثيرت لاول مرة سنة 1945، بمناسبة اقتراف احد النواب، بالاشتراك مع اشخاص عاديين، جرما وصف حينئذ بانه من الجرائم المشهودة، كان عمل النيابة العامة يومئذ ان اوقفت الفاعلين الشركاء دون النائب وطلبت من مجلس النواب رفع الحصانة عنه لتباشر ملاحقته، قرر المجلس رفع الحصانة، مع العلم انه لم يكن من موجب لطلب الاذن بالملاحقة، ما دام الجرم قد اعتبر مشهودا. ومن المستغرب، ايضا، انه خلال الخمسينات، اعتبرت بعض جرائم المطبوعات، كمقال في صحيفة، مثلا، من الجرائم المشهودة، ولوحق فاعلوها على هذا الاساس، في حين انها كانت تخضع يومئذ للقوانين المتعلقة بالمطبوعات، وليس للقوانين والاصول الجزائية.
[b][/b]
عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الثلاثاء 19 مارس 2013, 1:37 pm عدل 1 مرات |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: الحصانة النيابية الثلاثاء 19 مارس 2013, 1:24 pm | |
| [b]
المغفور له بأذن الله الملك الحسين بن طلال في مجلس النواب في الستينيات
رابعاً: أصول رفع الحصانة، والإذن بالملاحقة: ليس هناك نصوص قانونية او تنظيمية الا ما ندر تحدد هذه الاصول او بالاحرى تتضمن المبادئ التي يجب الاخذ بها، او مراعاتها تمهيداً لرفع الحصانة، فكل ما في الامر ان هذه الاصول مستمدة عادة من التقاليد المتبعة في المجلس النيابي، بحيث ان الاجتهاد فيها متروك لاعضاء هذه المجالس بالذات، وللحكومات المنبثقة عنها. واذا كان لا بد من معرفة هذه الاصول، فنرى ان نعود الى ما درج عليه غيرنا، وما تجمع لديه منها، نتيجة تجاربه الطويلة، واختباراته المستمرة، وبما ان النظام النيابي حديث العهد في لبنان، وكانت تجاربنا في هذا المجال اولية فلا غضاضة من الالتفات الى التقاليد الفرنسية، لا سيما واننا استقينا من فرنسا، ولا نزال، معظم تشريعاتنا، واساليب حكمنا، وتطبيقاتنا العملية. ما هي اذن هذه الاصول التي يجب مراعاتها على اثر طلب برفع الحصانة عن احد النواب، يعرض على المجلس النيابي؟ قبل كل شيء من له الحق بتقديم الطلب؟ يمكن ان يصدر هذا الطلب من النيابة العامة، او عن اي شخص عادي، فاذا قدمته النيابة العامة، اي الجهة المخولة بتحريك الحق العام والممثلة في الوقت ذاته للمصلحة العامة فيعتبر هذا الطلب مستوفياً جميع الضمانات المطلوبة، ويتولى حينئذ وزير العدل نقله الى رئيس مجلس النواب. اما اذا قدمه مواطن عادي، فيجب ان يكون مشفوعاً ببينة خطية تفيد في نفس الوقت بورود دعوى امام القضاء، على شخص النائب ولنفس الأسباب الواردة في طلب اذن الملاحقة. لكن هذا التقليد لم يراع دائماً على الصعيد العملي، ففي عهد الارهاب مثلاً، وبموجب المرسومين الصادرين الاول في اول نيسان 1793 والثاني في العاشر من حزيران 1794 كان النائب المتهم بالتآمر مع اعداء الوطن يجر مباشرة بعد الابلاغ عنه، كظنين امام محكمة الثورة، حتى انه بعد زوال هذه الظروف، المليئة بالقلاقل والفتن، حيث كان كل فرد لا يرى حوله سوى خونة ومارقين واعداء، كانت طلبات الاذن بالملاحقة، المقدمة الى الجمعية الوطنية مليئة بالافتراءات، والنكاية والانتقام عدا كونها لا تستند اصلاً الى دعاوى عالقة امام القضاء. وقد اشار الى هذا الواقع تقرير تلاه احد النواب امام الجمعية الوطنية في جلستها المنعقدة بتاريخ 30 تموز 1884 ومما جاء فيه: «ان اعتبار وشرف النواب يصبحان اقل حماية مما هما لباقي المواطنين فيما اذا تذاكر المجلس، بكل طلب صادر عن فرد عادي يرمي الى الاذن بالملاحقة». وبالفعل، عرفت المجالس النيابية في كثير من الدول الديمقراطية العديد من طلبات رفع الحصانة، الصادرة عن افراد عاديين، بينها ما كان للتشفي او للابتزاز او لتلويث السمعة او مستوحى من حقد سياسي او اجتماعي وللوقوف في وجه هذه الاساليب، اخذت معظم المجالس النيابية تصر على ان يكون الطلب مسبوقاً بدعوى امام القضاء، اذا كان مقدمه شخصاً عادياً. اما اذا كان الطلب صادراً عن احد النواب، فالامر يختلف تماماً، وذلك لأن مثل هذا الطلب كاف بحد ذاته، بما يوحيه من ثقة وجدية، لأن يقبل لدى المجلس، دون ان يقترن ببينة تثبت استباقه بدعوى امام القضاء، وبالفعل، بتاريخ 30 تشرين الثاني 1888 طرح احد النواب على الجمعية الوطنية طلباً برفع الحصانة عن زميل له، فما كان من هذه الجمعية الا ان تجاوبت مع الطلب وقررت رفع الحصانة دون اية شكليات اخرى (36). وعندما يتلقى رئيس المجلس طلباً برفع الحصانة عن احد النواب، سواء اكان صادراً عن النيابة العامة، بواسطة وزير العدل او عن نائب او عن شخص عادي، عليه ان يبلغه الى المجلس دون ان يصرح، لا بالاسم ولا بعناصر الاتهام الواردة فيه، لكن هذا التقليد لم يراع دائماً اذ كثيراً ما كان رئيس المجلس يتلو الطلب برمته امام الاعضاء، وفي عهد الامبراطورية الثانية، قضت المادة (83) من مرسوم 3 شباط 1861 بان يقتصر اعلان رئيس المجلس على موضوع الطلب دون سواء، والغاية من المحافظة على سرية الاسم، كانت حتى لا يتعرض شخص صاحبه الى مناورات الدعاية، والمزايدات الاعلامية، وكان بمستطاع النائب الذي بقي اسمه سراً، ان يعلن هو شخصياً عن هويته، ويبدي وجهة نظره حول الموضوع، اما شفهياً، واما بكتاب يتلوه رئيس المجلس يتضمن تفنيد المزاعم والاتهامات المساقة ضده (37). وفي حال تبليغ المجلس طلباً، في احدى جلساته، ضد احد اعضائه الغائبين، فالتقليد كان يقضي بأن يحفظ حقه في الرد الى الجلسة اللاحقة (38). واذا ورد على المجلس طلب في وقت قريب، من نهاية الدورة، فكان الرئيس يحجم عن تبليغه الى الاعضاء كي لا يضع المجلس يده عليه وحتى يتمكن القضاء من ملاحقة النائب خارج الدورة، تماماً كالمواطنين العاديين (39).. وهذا ما حصل عندما سحب وزير العدل، سنة 1895، طلباً برفع الحصانة، من امام الجمعية العمومية، لأن العطلة النيابية كانت على الابواب. وبعد عرض الطلب على المجلس، كما ذكرنا، يصار الى طبعه على نسخ توزع على النواب، كسائر المستندات النيابية الاخرى، ثم يحول الى لجنة الادارة والعدل، او الى لجنة خاصة بعينها المجلس، لدرسه وتمحيصه. قد تمضي عدة ايام بين ايداع الطلب لدى المجلس، وتعيين اللجنة الخاصة المذكورة وتصويت المجلس عليه، كما ان للنائب المتهم الحق باثارة الموضوع بصورة الاستعجال، وعندئذ يترتب على اللجنة ان تجتمع، حتى ولو لم توزع نسخ الطلب على النواب، اي مباشرة بعد تبلغ المجلس، وفي هذا الوقت تعلق الجلسة حتى تقدم اللجنة تقريرها. وللجنة المنوط بها امر دراسة الطلب ان تستحصل عن طريق السلطة القضائية وغيرها من المصادر الاخرى على ملف الدعوى وجميع المستندات والاورات الاخرى اللازمة التي من شأنها القاء الضوء على القضية وتوضيح معالمها. ويجدر بنا الان ان نتساءل كيف تتم دراسة الطلب امام اللجنة اولا، وامام المجلس ثانيا؟ هل من المطلوب تمحيص ما اذا كانت عناصر الاتهام الموجهة ضد النائب ذات سند قانوني ام لا؟ والجواب هو بالنفي، لان المجلس يكون، في مثل هذا التصرف، وكأنه يحل محل السلطة القضائية في اصدار الحكم عليه فقط ان يقرر من خلال درسه الطلب، ما اذا كان موضوعه جديا صريحا ولا يتوخى صاحبه الابتزاز او التشهير او التشفي لمواقف سياسية معينة او لاي سبب من هذا القبيل وبهذا المعنى ورد في تقرير احدى اللجان النيابية بتاريخ 18 حزيران 1975، ما يفيد بان اللجنة المكلفة بدراسة طلب رفع الحصانة، لا يحق لها القيام بتحقيق عدلي لان مهمتها ليست في تمحيص الاتهامات الموجهة ضد النائب، بل في توضيح ما اذا كانت الملاحقة قد املتها مصالح عليا، وعلى الحصانة عندئذ ان تنحني امامها. والاذن بالملاحقة لا يعني ابدا اقرار صحتها، ولا مقدمة للادانة، فالمجلس عندما يتخذ قراره برفع الحصانة، لا يعني انه اعترف بتجريم النائب، ولكنه يعني فقط بانه لا يوجد اي سبب سياسي يعترض سبيل هذه الملاحقة (40). وتجدر الملاحظة ان هذه الاصول لم تكن دائما هي المتبعة، اذ كثيرا ما كانت بعض المجالس النيابية تصر على الخوض في اساس الاتهامات الواردة في طلب رفع الحصانة، وكانت لا تأذن عموما بالملاحقة الا اذا وجدت نفسها امام وقائع ذات خطورة بالغة وبالفعل فقد ورد في تقرير احدى اللجان الذي تلي في جلسة 4 نيسان 1887 امام الجمعية الوطنية ما يلي: «ان اللجنة المعينة من اجل بحث طلب اذن بالملاحقة ضد اثنين من زملائنا، اجمعت على رفض الطلب الذي قدمه الينا النائب العام، لذا تكون «اي لجنة» قد عبرت عن رأيها بان مبدأ الحرمة النيابية لا يجوز ان يخضع الا في حالة خطورة استثنائية، ولذلك ليس هناك ما يساعد على منح الاذن المطلوب» (41). يتبين لنا، مما تقدم اننا امام نظريتين متناقضتين احداهما تقول بوجوب البحث في اساس طلب رفع الحصانة والتأكد مما اذا كانت هناك وقائع خطيرة تستدعي الموافقة والاخرى تريد ان تكتفي فقط فيما اذا كان الطلب لا يستهدف غايات شخصية او سياسية معينة، وما الى ذلك. والظاهر ان الرأي حول هذا الامر لا يزال منقسما حتى اليوم هذا على الرغم من التصريح الذي ادلى به وزير فرنسا ما وراء البحار في جلسة الجمعية الوطنية المنعقدة بتاريخ 9 ايار 1947 بمناسبة بحث رفع حصانة نواب «مدغسكو» الذين اتهموا يومئذ بالعصيان، واثارة الشغب، وقد وجه كلامه الى اعضاء الجمعية قائلا: «لستم قضاة الاساس قضاة الاساس هم القضاة النظاميون اي السلطة القضائية، الشيء الوحيد الذي يحق لكم بحثه من خلال الملف الذي ننقله اليكم هو معرفة ما اذا كان طلب رفع الحصانة النيابية مبنيا على قرائن وجيهة هذا كما ارى دور جمعيتكم» (42). عنما تفرغ اللجنة في تقريرها تحيله على المجلس للمناقشة وللنائب المعني بالامر، حق الكلام، قبل طرح الطلب على التصويت حتى ولو كان تقرير اللجنة قضى بالرفض وبموجب الانظمة الداخلية لبعض المجالس النيابية يمكن ان يتعاقب على الكلام فقط: مقرر اللجنة، الحكومة، النائب صاحب العلاقة، او نائب يمثله وخطيب مع وآخر ضد. اما دور المجلس، بعدئذ فيكون اما بتبني تقرير اللجنة واما برفضه سواء تضمن الموافقة على الاذن بالملاحقة، او رد الطلب، ويمكنه ايضا تأجيل البحث مؤقتا ريثما يستحصل على معلومات اضافية تزيد من قناعته بالنسبة للموقف الذي سيتخذه لكنه على كل حال، ليس بامكانه ان يقرر التأجيل غير المحدود، لان ذلك يعتبر تعطيلا لسير العدالة. واذا تلقى المجلس طلباً برفع الحصانة، وقد تضمن عدة جرائم منسوبة الى احد النواب، فبامكانه، ان يعتبرها كلاً واحداً لا يتجزأ، ويتخذ بشأنها جميعاً القرار المناسب، واما ان يفصل بينها، فيقرر الاذن بالملاحقة بالنسبة لبعضها، ويرد الطلب بالنسبة للبعض الآخر. وفي حال ورود طلب على المجلس برفع الحصانة عن عدة نواب في وقت واحد، فله في مثل هذه الحالة، اما ان يتخذ موقفاً موحداً بشأنهم جميعاً، واما ان يفصل بينهم ويصدر قراره بشأن كل واحد منهم منفرداً. وقد جرت العادة عندما يطرح تقرير اللجنة على المجلس، ان يصار التصويت عليه، بعد مناقشته، بطريقة الجلوس والوقوف، فاذا قرر المجلس رد تقرير اللجنة المتضمن الاقتراح برفع الحصانة، فمعنى ذلك انه رفض الاذن بالملاحقة، والعكس بالعكس. واذا صدر القرار برفع الحصانة، فان صيغته تكون عادة على الصورة التالية: «ان مجلس النواب، بعد الاطلاع على طلب النائب العام، يأذن بالملاحقات ضد النائب السيد فلان .... او يأذن برفع الحصانة النيابية عن النائب السيد فلان .....» من مفاعيل رفع الحصانة انها تضع النائب على قدم المساواة، مع سائر المواطنين امام القانون. وبعد مرحلة رفع الحصانة، يصبح باستطاعة قاضي التحقيق، الذي وضع يده على القضية، ان يباشر حالاً باستعمال صلاحياته، تجاه النائب، تماماً كما لو كان الامر متعلقاً بأي شخص عادي، والمحاكم الصالحة للنظر بالدعوى هي المحاكم ذاتها التي يمثل امامها، في القضايا المماثلة بقية الناس. واذا صدر حكم بالادانة، فيجري تنفيذه، مع كل لواحقه، دون الحاجة الى طلب رفع الحصانة من جديد، وعلى كل حال، فالبعض يميل بالرأي الى ان بامكان مجلس النواب، ان يطلب توقيف تنفيذ الحكم والافراج عن النائب، فيما اذا وجد ضرورة لذلك (43). [b][/b][/b]
عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الثلاثاء 19 مارس 2013, 1:39 pm عدل 1 مرات |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: الحصانة النيابية الثلاثاء 19 مارس 2013, 1:36 pm | |
|
وفقاً لاحكام النص الفرنسي السالف الذكر، ويعتبر كل عمل جرى خارج نطاق مجلس النواب، حتى ولو صدر عن نائب، غير مشمول باللامسؤولية النيابية وعندئذ، يصبح النائب، كأي مواطن عادي، خاضعاً للقانون العام، ولا يمكنه التذرع بالحصانة النيابية الا من زاوية الحرمة النيابية فقط. لكن ما هو موقف المشرع الاردني في هذه الحالة؟ هل يفيد ان اللامسؤولية النيابية المنصوص عليها في المادة 87 من الدستور الاردني تشمل افكاراً وآراء، وخطابات النواب، وما شاكلها، حتى ولو جرت ممارستها خارج الحرم النيابي؟ فاذا عدنا الى نص هذه المادة نجد انه قد جعل عدم مسؤولية العضو مقصورة على الآراء والخطب التي يبديها داخل مجلس الامة، ولا تنسحب الى الاعمال التي يقوم بها العضو خارج مجلس الأمة. فاذا ارتكب العضو عملاً يجعله عرضة للمسؤولية الحقوقية فهو مسؤول، واذا ارتكب العضو فعلاً يجعله عرضة للمسؤولية الجزائية، فهو مسؤول جزائياً، ولكن لا تتخذ بحقه الاجراءات الجزائية، الا بعد رفع الحصانة البرلمانية عنه حسب منطوق المادة 86 من الدستور. ومن هنا يتبين لنا ان ممارسة هذه الوظائف، لا تكون في محلها القانوني الا اذا جرت في النطاق الطبيعي والشرعي لها، ثم لما كانت اللامسؤولية قاعدة قانونية استثنائية، فلا يجوز التوسع بتفسيرها، واعطاؤها مدى يتخطى الحدود التي تتفق مع طبيعتها، بل يجب ان تعطي مدلولاً حصرياً، وان يقتصر مفعولها على الاعمال النيابية التي مدارها مجلس النواب بالذات، ثم لو سلمنا جدلاً بأن الاعمال النيابية التي عنتها اللامسؤولية، تشمل الاعمال التي يقوم بها النائب خارج نطاق مجلس النواب، الا تكون قد حولت هذا النائب الى شخص عادي وجعلته يقوم تماماً بما يمكن ان يقوم به سائر المواطنين والا، لماذا كان هذا التمييز القانوني بين النواب وغيرهم اذا لم يكن تمييزاً بين طبيعة الاعمال التي يقوم بها كل منهم، او التي تتلاءم مع مهمات كل من الفئتين؟ هل يجوز ان تغطى اللامسؤولية اقوال، او خطابات بعض النواب في حفلات التكريم او المناسبات القومية او احتفالات الاعراس والمآدب مثلاً، حيث يغتنمونها فرصة للتهجم وكيل الاتهامات والافتراءات ذات اليمين وذات الشمال؟ ثم هل يجوز للنائب مثلاً ان يقوم بتوزيع منشورات مليئة بالذم والقدح والتجريح متسلحاً باللامسؤولية النيابية وهو يمارس وظيفته خارج المجلس؟ تلك امور نعتقد انها خارجة عن الوظيفة النيابية الصحيحة، لعلة انتفاء ممارستها في المكان الطبيعي لها، هذا، هو الرأي المسلم به اليوم، وان كنا ما زلنا نقع على بعض الآراء المخالفة. (ملاحظة: من اراد ان يطلع على الرأي المخالف، فليراجع مثلاً الوسيط الدستوري صفحة 622 وما بعد، لمؤلفه القانوني الكبير الدكتور أد. مون رباط). قلنا ان اللامسؤولية النيابية غير قابلة للاستفادة منها الا في حال ممارسة الاعمال النيابية داخل الحرم النيابي، وقلنا ايضاً ان الصفة النيابية غير كافية بحد ذاتها لتفيد صاحبها من هذه اللامسؤولية، فهل هذا يعني ان الاشخاص من غير النواب الذين يساهمون في اعمال مجلس النواب كالمناقشات والمذاكرات، وتقديم المستندات والوثائق الضرورية بناء على دعوة وتكليف من المجلس المذكور، يتمتعون بهذه اللامسؤولية؟ والجواب هو نعم على الرغم من ان البعض ينكر على هؤلاء الاشخاص حتى على الوزراء من غير النواب، مثل هذا الحق، ويستند رأينا بإيجاب الى ما سبق وقررناه وهو ان هؤلاء جميعاً انما يمارسون عملاً نيابياً، الذي من طبيعته ان يكون داخل الحرم النيابي، وذلك بعد موافقة ضمنية، او صريحة، صادرة عن مجلس النواب الذي من حقه ايضاً ان يشترك في هذه اللامسؤولية مع من يشاركه في الوظيفة النيابية، على النحو المذكور، وهذا ما يبرر اكثر فأكثر، قولنا بأن المكان الصالح لممارسة العمل النيابي هو نطاق مجلس النواب، وليس خارجه. نضيف الى ما تقدم بأنه يجب التمييز بين العمل النيابي الصرف، وبين العمل غير النيابي حتى ولو تعاطاه النواب انفسهم، فالعمل النيابي الصرف هو ما حددته المادة 87 من الدستور الاردني، والداخل ضمن اللامسؤولية النيابية، موضوع هذا البحث، اما العمل غير النيابي، فهو العمل الذي حددته المادة 86 من الدستور الاردني والداخل ضمن الحرمة النيابية، فمن الاعمال النيابية الصرفة نذكر، مع التكرار الخطابات والاراء التي يبديها النواب في ممارسة وظائفهم داخل الحرم النيابي، اما الاعمال غير النيابية فهي اما ان تصدر عنهم وهم داخل الحرم النيابي، كالضرب والجرح وما شاكل، واما خارج الحرم النيابي كقيادة المظاهرات والمساهمة بالاضرابات وما شاكل التي يمكن لأي شخص عادي ان يقوم بها (14). وفيما خص محاضر مجلس النواب المشتملة على كل ما قيل او تلي او كتب امام المجلس وبموافقته، فانها لا تلحق اية مسؤولية بالصحفيين الذين نقلوها، حتى ولو كان فيها ما يخالف القوانين المرعية الاجراء، والصحفي والحالة هذه غير مسؤول الا عن الملاحظات او الحواشي، او التحليلات التي يلحقها بهذه المحاضر، او التي يضيفها فعلاً على الاعمال النيابية، او المحظور عليه نقلها صراحة بموجب بعض القوانين العادية. وننتقل الآن الى الامتياز الثاني من الحصانة النيابية، الا وهو الحرمة النيابية: ثانياً: الحرمة النيابية: خصائصها ومفاعيلها: الحرمة النيابية، هي هذا الامتياز الخاص الممنوع الى النائب، والذي من خصائصه ان يحميه، اثناء دورات الانعقاد (المادة 40 من الدستور اللبناني) وطيلة مدة نيابته (كما كان عليه الحال بالمادة 22 من دستور 1946 الفرنسي) ضد الاجراءات الجزائية او التوقيف بسبب ارتكابه جرماً خارجاً عن وظيفته النيابية الا في حالتين وهما: 1- باذن من المجلس الذي ينتمي اليه. 2- بحالة الجرم المشهود. لكن المشرع الفرنسي عاد بموجب المادة 26 من الدستور الصادر 1958، الى القاعدة التقليدية التي نصت عليها المادة 14 من دستور 1875، فيما خص الملاحقات لا غير، وجعل مدة الحصانة موازنة لمدة الدورات، لكنه فيما يتعلق بالتوقيف فقد اضاف نصاً يحافظ بموجبه على ما ورد في المادة 22 من دستور 1946، وان يكن مداورة، وهو انه لا يجوز توقيف أي عضو من اعضاء المجلس، خارج الدورة الا باذن من مكتب المجلس الذي ينتمي اليه الا في حالة الجرم المشهود او حالة الملاحقات المأذون بها، او حالة صدور الحكم النهائي . وهذا يعني انه كرس مفعول الحصانة فيما خص التوقيف طيلة مدة النيابة الذي يعتبر غير جائز، حتى خارج الدورة، الا باذن من مكتب المجلس. (قبلا كان من المجلس بالذات) في حين انه باع الملاحقات الجزائية، خارج الدورات شرط الا تقترن بالتوقيف، يتبين ان الجديد في دستور 1958 هو انه اجاز التوقيف خارج الدوران باذن من مكتب المجلس لا من المجلس بالذات، كما كان سابقا كما جعل الحصانة، فيما خص الملاحقات محصورة اثناء دورات الانعقاد فقط، ونفاها خارج الدورات، كما اباح التوقيف والحبس في حالة صدور الحكم النهائي بالاضافة الى ما كان مقررا في الماضي، لجهة حالة الجرم المشهود، والملاحقات التي سبق واذن بها المجلس. اما المشرّع السويسري، فقد قرر بموجب المادة الاولى من قانون 1934 عدم جواز ملاحقة النائب اثناء دورات الانعقاد، الا في حالتين: 1- بالموافقة الخطية من صاحب العلاقة. 2- باذن من المجلس الوطني (وهو مجلس النواب الاتحادي). هذا مع التحفظ لجهة قرينة فرار الملاحق، او الجريمة المشهودة، بحيث ان الملاحقة فيهما لا تحتاج لاية اصول اخرى، كالموافقة الخطية، واذن – المجلس. نلاحظ من التشريع السويسري ان موافقة النائب الظنين الخطية كافية بحد ذاتها لاجازة الملاحقة، دونما حاجة لاذن المجلس الذي ينتمي اليه بذلك، وهذا الجواز غير وارد لا في التشريع الفرنسي ولا استطرادا في التشريع اللبناني، هذا مع (الاشارة الى انه في معظم الحالات التي عرضت على المجلس النيابي اللبناني، كان يبادر النائب المتهم الى القبول برفع الحصانة عنه، لكي يمثل امام القضاء (16) ، لكن الموافقة الشخصية هنا لم تكن، بحد ذاتها كافية لاجازة الملاحقة، لو لم تقترن باذن من المجلس برفع الحصانة. يتضح لنا من مجمل ما تقدم، ان الجهة النيابية، من حيث موضوعها، مرتبطة بالمخالفات القانونية الجزائية الخارجة من الوظيفة النيابية وانها من حيث مفعولها، تحول دون الاجراءات الجزائية، او التوقيف خلال دورات الانعقاد الا باذن من المجلس، وفي حالة الجرم المشهود اما من حيث غايتها فانها تستهدف نفس الغاية تقريبا التي تستهدفها اللامسؤولية النيابية، مع فارق بسيط وهو انها ترمي الى توفير الاستقلال التام للنائب، حتى يقوم بمهمته على اكمل وجه، خلال دورات الانعقاد، في حين ان اللامسؤولية ترمي الى تمكين النائب من ممارسة وظيفته طيلة مدة نيابته، دون خشية او انزعاج من ملاحقة جزائية محتملة، وعلى هذا الاساس فان الحرمة النيابية، من خلال توفيرها الحرية الكاملة للنائب، للقيام بواجباته، خلال دورات الانعقاد، انما تكون قد وفرت في الوقت ذاته، استقلال مجلس النواب بالذات، وهذا يعني ان يصبح النائب في مأمن من الملاحقات التي تفتعلها السلطة التنفيذية، في وجهه احيانا بغية التخلص من معارض بارز له شأن خطير في تقدير الامور. ومن خصائص الحرمة النيابية كما هي الحال بالنسبة للامسؤولية النيابية، انه ليس باستطاعة النائب التعري منها، او التنازل عنها، لانها ليست ذاتية، او شخصية، بقدر ما هي عامة، وموضوعية. وهذا ما قالت به عدة محاكم جزائية فرنسية، منها مثلا محكمة بيزانسون بتاريخ 10 نيسان 1865 حين اعلنت ان هذا الامتياز لا يتعلق بالشخص فحسب انما بوظيفته، وبالهيئة التي ينتسب اليها (17)، كذلك، ورد على لسان جيفرسون احد رؤساء الولايات المتحدة السابقين، في كتابه (المختصر في القانون البرلماني) بأن هذا الامتياز لا يخص الاعضاء ابدا، انما المجلس واذا سمح احد الاعضاء لنفسه بالتخلي عنه، دون اذن المجلس فانه سيتعرض للعقاب . والحرمة النيابية، كاللامسؤولية تعتبر خرقا للقانون العام، لا بل هي اكثر خطورة لكونها تحمي النائب، لا بالنسبة لما يصدر منه من افعال تتلائم مع وظيفته النيابية، وهذه افعال ليست ذات خطورة عموما، انما بالنسبة لما يرتكب من مخالفات ضد الحق العام، والافراد، وهذه بطبيعتها خارجة او مستقلة عن هذه الوظيفة، لكن هذه الحرمة ليست كاللامسؤولية ذات طابع مطلق، بل هي نسبية، وذلك لان الملاحقة ممكنة، كما اسلفناه في حالتين: اما باذن من مجلس النواب واما في حالة التلبس بالجريمة. فبالنسبة للحالة الاولى، لا يمكن اجراء الملاحقة القضائية ما لم ترفع من النائب حصانته، اذا كان المجلس في دورة انعقاد، وكل ملاحقة تتناول النائب، دون اذن من المجلس، تعرض الذي قام او تسبب او امر بها، للاحكام المنصوص عليها في المادة 20 من القانون الفرنسي الصادر في 6 كانون الثاني 1950، وهذا نصها: يعتبر مجرما بالخيانة العظمى، ويعاقب بسقوط الحقوق المدينة كل ضابط، بوليس عدلي، مدع عام، نائب مدعي عام، قاض، يحرك يصدر، او يوقع حكما، او قرارا، او دعوة احضار، لملاحقة، او اتهام وزير او عضو في الجمعية الوطنية. دون الاذن المنصوص عليه في قوانين الدولة، او باستثناء الجرم المشهود، يصدر هذا الاذن، او يوقع امرا، او تكليفا بالقبض، او بالتوقيف على واحد او اكثر، من الوزراء، او من اعضاء الجمعية الوطنية..الخ . لذلك اصبح من المُسلّم به، في ضوء ما قدمنا، انه لا تمكن ملاحقة او توقيف، او مقاضاة النائب لجرم ارتكبه، الا باذن مسبق من المجلس الذي ينتمي اليه، ما خلا، وتكرر هنا، حالة الجرم المشهود، لكن هل تعتمد هذه الحرمة النيابية، لتشمل افراد عائلة النائب، او من هم في خدمته، والجواب هو بالنفي القاطع، هذا على الرغم من ان التقاليد البريطانية، سارت في هذا الاتجاه فترة طويلة من الزمن، وذلك ان هذه الحصانة كانت من حق خدم وحاشية النائب، كما كانت من حقه بالذات، انما هل يمكن للنائب ان يتسلح بهذه الحرمة فيما يتعلق بمسكنه او بمكتبه او بمكان عمله؟ لقد اثير هذا الموضوع في مناسبات عديدة، وكان موضع جدل طويل لكن الحل العملي كان ان التقاليد البرلمانية اجابت بالنفي، كما ان المجالس النيابية ذاتها اقرت بان هذه الحرمة انما هي شخصية، أي من حق الشخص الذي يحمل الصفة النيابية لا غير، ولا يجوز ان تمتد الى ما عداه، وعلى هذا الاساس سار الاجتهاد الفرنسي المستمر. والغاية من حصر هذا الامتياز بالنائب دون غيره، هي من اجل ان يبقى طليق اليدين، موفور الحرية، ليقوم برسالة النيابة على اكمل وجه، وليصون حقوق ومصالح الامة التي منحته ثقتها، وما يضير هذه الرسالة وبالتالي حقوق ومصالح الامة، فيما لو لم تشمل هذه الحصانة عائلته، خدمه، او مسكنه، ومكان عمله، ليس هناك أي ارتباط سببي بين هذه وتلك ابدا . يضاف الى ذلك ان الحرمة النيابية تحمي دون استثناء جميع الذين هم اعضاء في المجالس النيابية حتى ولو كانوا يتعاطون وظائف عامة اخرى يجيزها القانون )18) كرؤساء البلديات مثلا وعلى العكس انها لا تشمل الوزراء من غير النواب، لانه لا يمكنهم ان يستفيدوا منها الا اذا اضافوا الى صفاتهم كونهم في الوقت ذاته نوابا اما في حال كون بعض الدساتير تمنع تعيين الوزراء من بين النواب او تجعل النواب يفقدون صفتهم النيابية في حال تعيينهم وزراء فان الحصانة النيابية تصبح غير ذات مفعول بالنسبة لهم، ويخضعون بالتالي كغيرهم من سائر المواطنين لاحكام القوانين العامة، لكن المشرّع في كثير من الدول كما رأينا المشترع الفرنسي فيما تقدم قد تنبه لهذا الامر وخص الوزراء غير النواب في بعض القوانين الخاصة او العادية بمثل هذه الحصانة.
|
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: الحصانة النيابية الثلاثاء 19 مارس 2013, 1:41 pm | |
|
خامساً – خلاصة ومقارنة
في الماضي البعيد, عندما كانت المجالس النيابية تبدو مضعضعة, ومستضعفة امام حكومات متسلطة, وشرسة, وعندما لم تكن الديمقراطية قد صلب عودها واشتد ساعدها بعد كانت الحاجة الى الحصانة النيابية اكثر ضرورة وأشد الحاحاً اما اليوم بعد ان بلغت هذه الديمقراطية في معظم دول العالم ما بلغته من التطور والهيمنة وبعد ان اصبح لصوت الشعب المتمثل بنوابه هذا الثقل التقريري في الحياة العامة فلم يعد لتلك الحصانة ما يبرر التمسك بها الى حد التزمت أو المغالاة. فالحس الوطني العام والشعور المشترك بالمسؤولية باتا لا يطيقان الا على مضض هذه التفرقة في المعاملة امام القانون بين النواب وبين سائر المواطنين, لا بل نلاحظ ان الرأي العام اخذ ينظر الى هذه الحصانة نظرة مشوبة بالالم والمرارة عندما يجدها وقد انحرفت باصحابها عن الخط السوي لتصبح اداة للتستر ومطية للارتكابات ووسيلة للاستغلال الشخصي. وعلى كل حال ومهما كان عنف الانتقادات الموجهة اليها, ومهما بلغت خطورة سوء استعمالها, فلا تزال الحصانة النيابية تحتفظ في الوقت الحاضر على الاقل وبالنسبة لنواب مشهود لهم بالامانة والصدق والاخلاص بالشيء الكثير من مبررات وجودها واخصها ضرورة توفير اجواء الحرية لهؤلاء النواب حتى يؤدوا رسالتهم على افضل وجه ممكن. مر معنا وقلنا أن الحصانة النيابية عبارة عن امتيازين هما: الاول ويسمى اللامسؤولية والثاني ويسمى الحرمة النيابية. فاللامسؤولية النيابية ونكرر القول هي حصانة مطلقة تحمي النائب ضد الدعاوى الجزائية بسبب الاراء والافكار التي يبديها مدة نيابته. اما الحرمة النيابية فهي حصانة نسبية تحول اثناء دورات الانعقاد دون اتخاذ اية اجراءات جزائية نحو النائب او القاء القبض عليه اذا اقترف جرماً جزائياً الا بإذن المجلس ما خلا حالة التلبس بالجريمة (الجرم المشهود). وقد اقرت معظم دساتير الدول هذه الحصانة لكن اقرارها جاء متفاوتاً زمنيا بين دولة واخرى ومرحلياً حتى بالنسبة للدولة الواحدة فبعض هذه الحصانات جرى اقرارها في عهود متعادية في القدم في حين أن بعضها الاخر كان حصيلة عهود حديثة. لقد كانت انجلترا اسبق الدول على صعيد العرف في ممارسة هذه الحصانة في حين أن فرنسا لم تقرها دستورياً الا عندما اصبحت تمارس التمثيل الديمقراطي الخليق بهذا الاسم, مع اطلالة فجر ثورتها سنة 1789. ومع الايام اخذت الدول الديمقراطية الحديثة الواحدة تلو الاخرى, تقر هذه الحصانة في صلب دساتيرها وقوانينها واصول محاكماتها. ففي الولايات المتحدة الاميركية يتمتع ممثلو الشعب بالحصانة النيابية الكاملة, الا في حالات الخيانة العظمى والتآمر مع العدو واثارة الشغب والقلاقل في البلاد المؤدية الى الاضرار بالسلامة العامة والامن القومي. كذلك هي الحال, مع شيء من الاختلاف والتباين في ايطاليا وبلجيكا والدنمارك (المادة 56 من دستور 1915) وايسلندا (المادة 45 من دستور 1920). ففي السويد مثلاً تجب موافقة ثلاثة اخماس المقترعين من النواب حتى يتم الاذن بالملاحقة (المادة 110 من الدستور). وفي فنلندا في ظل دستور 1928 المادة 13 يقتضي الحصول على خمسة اسداس اعضاء المجلس لرفع الحصانة عن النائب. وفي بولونيا ايضاً, وبالطبع في ظل دستورها الصادر سنة 1931, لا تجيز المادة 21 منه ملاحقة النائب امام المحاكم الجزائية في حال الاضرار بحقوق شخص ثالث الا باذن من مجلس النواب. وفي البرازيل (المادة 43 من دستور 1937) استثنت الحصانة النيابية افعال القدح والذم والتعرض للاخلاق العامة والتحريض العام على الجريمة. اما في سويسرا ونقف هنا بعض الوقت فتفهم الحصانة النيابية بمعناها الواسع وشمولها. وهي ذات شقين كما هو معروف اللامسؤولية من جهة والحرمة من جهة ثانية. اما الاولى فقد نص عليها القانون 14 اذار 1959, وهي ترمي الى توفير الحرية الفكرية والادبية للنائب. وهي ايضاً ذات مفعول مطلق فيما خص الاراء المعلنة اثناء دورة الانعقاد, في المجلس وفي اللجان. وتشمل جميع ما يقوله النائب, او يصدر عنه من اقوال وتصريحات قد تمس بشرف وكرامة الغير, دون أن يجر ذلك عليه اية مسؤولية جزائية او مدنية, حتى تأديبية ايضاً ما عدا التنبيه الى النظام (المادة 32 من النظام الداخلي للمجلس الوطني, الصادر في 2 تشرين الاول 1962). اما الثانية وهي الحرمة النيابية فتهتم بتوفير حرية النائب الجسدية, وهي تشمل الافعال التي يرتكبها النائب خارج اطار ممارسة وظائفه النيابية. والقاعدة هنا انه لا يجوز ملاحقة النائب جزائياً اثناء دورات الانعقاد, دون موافقته الخطية او دون اذن صادر عن المجلس الوطني، ما عدا التحفظ لجهة القرار، او لجهة الجرم المشهود، ثم ان اذن المجلس لا يصح للملاحقة الا في المخالفة الواردة في طلب رفع الحصانة، واذا بدأت الملاحقة قبل افتتاح الدورة فيمكن للنائب ان يطلب من المجلس اعفاءه من تلبية طلب التحقيق او المحكمة، كما يمكن استطرادا ان يقرر الافراج عنه من توقيف احتياطي ليتابع رسالته النيابية، اما اذا جرى توقيف النائب على اثر حكم نهائي فلا يعود له الحق بطلب الافراج عنه (المادتان 2و3 من قانون 1934) (44). ولا يفوتنا اخيرا ان نشير الى ان منح الحصانة النيابية لم يقتصر على المجالس النيابية المحلية او الوطنية فالمجالس النيابية الدولية او الاقليمية كبرلمان الوحدة الاوروبية هي ايضا اصبحت تتمتع بهذه الحصانة. من المعروف ان انشاء الوحدة الاوروبية تم بموجب معاهدة 18 نيسان 1951 بعد ابرامها من دول اوروبا الغربية الست الداخلة فيها يومئذ (وهي فرنسا، ايطاليا، المانيا الغربية، بلجيكا، هولندة، اللكسمبورغ)، تلتها معاهدات روما الصادرة في 25 اذار 1957، وصدر مع هذه المعاهدات بروتوكول ملحق تضمن من جملة ما تضمن نصوصا قضت بمنح اعضاء البرلمان الاوروبي المذكور الحصانة النيابية بامتيازيها: اللامسؤولية والحرمة النيابية وقد وردت هذه النصوص في المادتين 8و9 من الملحق المشار اليه. وقد تضمنت المادة 8 وهي الخاصة باللامسؤولية ما يفيد بانه «لا يجوز تعقب توقيف او ملاحقة اعضاء البرلمان الاوروبي بسبب الاراء والافتراءات الصادرة عنهم في ممارسة اعمالهم». وهذه الحصانة الاولى مطابقة للقانون البرلماني المشترك لدى الدول الست الاعضاء. اما المادة 9 وهي الخاصة بالحرمة النيابية فقد نصت على ان الاعضاء البرلمانيين يستفيدون اثناء مدة الدورات من هذا الامتياز في بلادهم تماما كباقي النواب كما يستفيدون منه كذلك في بلدان دول الوحدة (45). نأتي الان الى خاتمة هذا البحث، فماذا بقي علينا ان نقول؟ هل نقول اننا تساهلنا او قسونا فيما ذهبنا اليه من آراء واحكام ولربما مبادئ؟ قد يكون في ذلك بعض الصحة ولكن الذي ينظر الى الاشياء بعين العلم والتجرد هو غير الذي ينظر اليها وله من ورائها مأرب خاص، او غاية شخصية وعلى كل حال لا يمكن ان يكون كل ما يصدر عن الانسان هو في منتهى الكمال قد يخطئ وقد يصيب وعذره في ذلك انه حاول، انه اجتهد، وليس كل من يحاول او يجتهد عليه ان يصيب. ننطلق من هذه الفكرة العابرة لنقول بانه لا يجوز ان يعتبر النواب انفسهم طبقة ممتازة، فوق القانون لان هذا الاعتبار هو بمثابة افتئات صريح على العدالة وخروج على الاصول الديمقراطية التي يمثلونها، والتي تفرض مبدأ المساواة بين المواطنين من المسلم به ان الديمقراطية هي حكم الشعب، والنواب هم من الشعب وعليهم عند اشتراعهم القوانين ان يلتزموا هم بها اولا، لتصبح بالتالي ملزمة للناس الاخرين، الديمقراطية لدى البعض اصبحت كعصا موسى، يتوكأون عليها ويهشون بها على غنمهم، ولهم فيها مآرب اخرى. والديمقراطية ايضا هي الديمقراطية لا تبرح ولا تزول بعض ثوبها بال كالاسمال من كثرة الاستعمال وبعضه زاه بديع بالتقطيب والترقيع وهي في الاخير على الرغم مما ينتاب ممارستها من شوائب وشجون تظل بالقياس مع الانظمة الاخرى افضل واجمل ما يكون. أليست هي صانعة الحصانة النيابية هذا الامتياز الخارق الذي طال الجدال فيه والذي من شأنه ان يخلق في نفس المواطن حافز المحاولة لان يصبح نائبا عن بلاده، وعلى الاخص فرحة الفوز للمرة الاولى ثم أحراز ثقة المواطنين بالتجديد الدائم في الانتخابات المستقبلية.
الضمانات المقررة لاعضاء مجلس الامة الاردني
حرص واضعو الدستور على منح ضمانات لاعضاء مجلس الامة للقيام باعمالهم دون ان يكون للسلطة التنفيذية اي تأثير عليهم بالترغيب او التهديد، وتشمل هذه الضمانات عدم مسؤولية الاعضاء عن اقوالهم وآرائهم، الحصانة، اختصاص المجلس في الفصل بصحة نيابة اعضائه، اسقاط العضوية للاعضاء، المكافآة البرلمانية، وحق كل مجلس بضبط اجراءاته.
اولا: عدم مسؤولية الاعضاء نصت المادة 87 من الدستور الاردني «لكل عضو من اعضاء مجلسي الاعيان والنواب من الحرية في التكلم وابداء الرأي في حدود النظام الداخلي للمجلس الذي هو منتسب اليه ولا يجوز مؤاخذة العضو بسبب اي تصويت او رأي يبديه او خطاب يلقيه في اثناء جلسات المجلس». وان اهم خصائص المجلس التشريعي الحر ان يتمتع اعضاؤه بحرية التكلم وابداء الرأي، ولا يمكن ان يتمتع عضو مجلس الامة بحرية ابداء الرأي اذا كان رأيه يعرض للمسؤولية القانونية (1). وان عدم مسؤولية العضو مقصورة على الاراء او الخطب التي يبديها داخل مجلس الامة، ولا تنسحب الى الاعمال التي يقوم بها العضو خارج مجلس الامنة، فاذا ارتكب العضو عملاً يجعله عرضة للمسؤولية الحقوقية، فهو مسؤول، واذا ارتكب العضو فعلاً يجعله عرضة للمسؤولية الجزائية، فهو مسؤول جزائياً، ولكن لا تتخذ بحقه الاجراءات الجزائية الا بعد رفع الحصانة البرلمانية عنه. ويشترط تطبيق احكام المادة 87 ان يكون الرأي او الخطاب قد ابدى في اثناء جلسات المجلس، فاذا ابدى قولاً او رأياً يعرضه للمسؤولية المدنية او الجزائية خارج جلسات المجلس، فهو مسؤول، لكن لا تتخذ بحقه الاجراءات الجزائية الا بعد رفع الحصانة، وبالتالي اذا كرر العضو اقوالاً خارج جلسات المجلس وكانت تعرضه هذه الاقوال للمسؤولية الجزائية او الحقوقية فهو مسؤول حقوقياً او جزائياً. اما اذا صدرت الافعال والاقوال منه في المجلس فهو غير مسؤول، حتى لو استقى المعلومات من مصادر رسمية ممنوعة بحكم القانون من اعطائه هذه المعلومات وحتى لو كانت هذه المعلومات تضر المصلحة العامة. ولم يعالج الدستور موضوع مسؤولية الناشر عن نشر ما يتم في مجلس الامة من مناقشات، الا ان المادة 198 من قانون العقوبات نصت «ايفاء للغاية المقصودة من هذا القسم، ان نشر اي مادة تكون ذماً او قدحاً يعتبر نشراً غير مشروع الا فقرة و»اذا كان موضوع الذم او القدح هو في الواقع بيان صحيح لأي امر قيل او جرى او اذيع في مجلس الامة(!).» وبالتالي فان ناشر محاضر مجلس الامة لا تعتبر مسؤولاً من ناحية جزائية عما ورد في هذه المحاضر من عبارات تفيد الذم والقدح.
ثانيا: الحصانة البرلمانية نصت المادة 86 فقرة 1 من الدستور «لا يوقف احد اعضاء مجلس الاعيان والنواب ولا يحاكم خلال مدة اجتماع المجلس ما لم يصدر من المجلس الذي هو منتسب اليه قرار بالاكثرية المطلقة بوجود سبب كاف لتوقيفه او لمحاكمته او ما لم يقبض عليه في حالة التلبس بجريمة جنائية وفي حالة القبض عليه بهذه الصورة يجب اعلام المجلس بذلك فوراً. ونصت الفقرة 2 «اذا اوقف عضو لسبب ما خلال المدة التي لا يكون مجلس الامة مجتمعاً فيها فعلى رئيس الوزراء ان يبلغ المجلس المنتسب اليه ذلك العضو عند اجتماعه الاجراءات المتخذة مشفوعة بالايضاح اللازم». ان القصد من منح اعضاء مجلس الامة الحصانة هو اتاحة الفرصة لاعضاء مجلس الامة لممارسة الاعمال المنوطة بهم دون ان يكونوا تحت تأثير السلطة التنفيذية، فالحصانة لا تعني عدم مسؤولية عضو مجلس الامة، بل تعني عدم جواز محاكمة عضو مجلس الامة بجريمة جنائية او توقيفه دون موافقة المجلس الذي ينتمي اليه ذلك العضو.؟ وان مدة الحصانة محددة بالدستور في اثناء اجتماع المجلس، وبالتالي فالحصانة البرلمانية تقدم اثناء ادوار انعقاد المجلس، واستناداً الى ذلك، يتمتع العضو بالحصانة في اثناء فترة تأجيل المجلس بمقتضى احكام المادة 81 من الدستور (2) ولكن لا يتمتع العضو بالحصانة اذا ارجئت الدورة العادية وفقاً لاحكام المادة 78 من الدستور، كذلك يتمتع الاعضاء بالحصانة في اثناء الدورات الاستثنائية لمجلس الامة. ولا يتمتع اعضاء مجلس الامة بالحصانة البرلمانية في اثناء عطلة مجلس الامة، اما اذا انحل مجلس النواب، فيفقد اعضاء المجلس المنحل حصانتهم، ولكن يتمتع اعضاء مجلس الاعيان في الحصانة لأن الحل لا يفض الدورة بل يوقف جلسات المجلس. (1). والحصانة تنسحب الى الاجراءات الجزائية، فهي تشمل الجنايات والجنح والمخالفات، كذلك تشمل الحصانة البرلمانية التوقيف الاداري بموجب قانون منع الجرائم او قانون الدفاع او تعليمات الادارة الحرفية، فالحصانة البرلمانية مقررة بالدستور، ولا يوجد في قانون الدفاع او في المادة 124 من الدستور او المادة 125 من الدستور ما يجوز اصدار اوامر دفاع او انظمة تخالف احكام الدستور. والاستثناء الوحيد على هذه الحصانة هو في حالة التلبس بجناية، وتعني عبارة التلبس ضبط المتهم وقت ارتكابه الجناية او بعد ذلك ببرهة وجيزة، والحكمة من وراء هذا النص ترجع الى ضرورة المحافظة على معالم الجريمة خوفاً من الضياع، واذا القي القبض على العضو متلبساً في جناية، فيجوز توقيف العضو ومحاكمته دون استئذان المجلس الذي ينتمي اليه العضو. واذا ارتكب العضو اي فعل يعرضه للمسؤولية الجزائية، او يخل بأمن الدولة فالسبيل الوحيد لتوقيفه او محاكمته (2) هو تقديم طلب الى المجلس الذي ينتمي اليه العضو لرفع الحصانة عنه، والمجلس لا يتعرض عند فحص الطلب الى الناحية الموضوعية من الطلب، بل يتحقق من جدية الطلب، واذا تبين ان الطلب جدي، كان من حق المجلس ان يرفع الحصانة ويصدر قرار رفع الحصانة بالاكثرية المطلقة للأعضاء الحاضرين ورفع الحصانة من اجل جريمة معينة لا تفيد رفع الحصانة عن جميع الاعمال التي يرتكبها العضو المنسوب اليه ارتكاب الجريمة، بل تقتصر على الجريمة التي من اجلها رفعت الحصانة. واذا اوقف اي عضو خلال المدة التي لا يكون فيها مجلس الامة مجتمعاً، فعلى رئيس الوزراء ان يبلغ المجلس المنتسب اليه عند اجتماعه الاجراءات المتخذة مشفوعة بالايضاح اللازم، ولم يتضمن الدستور نصاً يجيز استئذان المجلس لاستمرار التوقيف نافذا، ولكن اذا شرع في التحقيق ولم يلقِ القبض على العضو، فلا يجوز القاء القبض عليه بعد انعقاد المجلس دون استئذان المجلس.
العرائض المواد (112-119) النظام الداخلي (نواب) (91-97) النظام الداخلي (أعيان). ان حق المجالس النيابية في سماع العرائض حق اصيل وحق سياسي قائم على ما لهذه السلطة الاخيرة من الهيمنة في الاشراف على السلطة الاولى وهو مستمد من المادة (17) من الدستور الاردني، وكان البرلمان الانجليزي يلجأ الى هذا الاسلوب قبل ان يبتكر اسلوب السؤال والاستجواب، وبعد ان ابتكر اسلوب السؤال والاستجواب لم يعد لصلاحية مجلس العموم في سماع العرائض والشكايات اهمية اكبر اذ يستطيع مقدم العريضة ان يتقدم بها الى نائب منطقته، والنائب قد يسأل سؤالاً عنها او قد يتقدم باستجواب بالاستناد اليها. وقد اخذ الدستور الاردني بمبدأ حق الاردنيين في مخاطبة السلطات العامة في الامور الشخصية او الامور العامة، ونصت المادة (17) من الدستور «للاردنيين الحق في مخاطبة السلطات العامة فيما ينوبهم من امور شخصية او فيما له صلة بالشؤون العامة والشروط التي يعينها القانون. وقد عالجة المواد 112 الى 119 من النظام الداخلي لمجلس النواب والمواد 94 الى 101 من النظام الداخلي لمجلس الاعيان الاصول والاجراءات الواجب اتباعها عند تقديم عريضة. فيجب أن تقدم العريضة خطياً الى المجلس، ويجب الا تشتمل على المساس بمقام العرش او البرلمان او القضاء والا تحتوي الفاظاً نابية، ويحيل رئيس المجلس العريضة الى اللجنة الادارية، الا اذا كان موضوع العريضة داخل ضمن اختصاص لجنة اخرى من لجان المجلس، وتقدم اللجنة تقريرها تبين فيها ما يجب ارساله منها الى الوزارة، وما ينبغي رفعه، ويعرض رئيس المجلس رأي اللجنة على المجلس للفصل فيه، فاذا قرر المجلس احالة العريضة لأي وزير، فيترتب على الوزير المختص ان يشعر المجلس بما تم في العرائض التي بعث بها اليهم في خلال مدة اقصاها شهر، وفي اي حال، يترتب على المجلس ان يعلم مقدم العريضة بما تم في امرها.
|
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: الحصانة النيابية الثلاثاء 19 مارس 2013, 1:43 pm | |
| [color=blue]
ولا يمكن ايضا ان يستفيد من الحرمة النيابية شركاء النواب في الجرم او المحرضون او المتآمرون معهم، وهذا يؤكد مرة اخرى ان هذا الامتياز ملازم للصفة النيابية ولا يجوز والحالة هذه ان يتسبب بشل عجلة العدالة فيما يتعلق بشركاء النواب في الجرم (19). نعود الى اساس الموضوع ونقول ان الفرق بين اللامسؤولية والحرمة النيابية هو ان الاولى هي قاعدة في الاساس في حين ان الثانية ليست الا قاعدة في الاصول، ولذلك، فان مفعول اللامسؤولية يسري العمل به طيلة مدة النيابة الى حين انتهائها لاي سبب كان شرط ان تجرِ ممارسة وظيفتها داخل مجلس النواب اما الحرمة فانها تجمد او تعلق الاجراءات الجزائية والتوقيف ضد النائب الى حين رفع هذا الحاجز القانوني فعندما يزاح حاجز الحرمة النيابية اما لان المجلس المختص اذن بالملاحقة واما لان الولاية انتهت واما لعدم وجود دورة انعقاد واما لتوفر حالة الجرم المشهود فان النائب يقع حينئذ تحت طائلة القانون كاي مواطن عادي اخر (20) وهذا ما اخذ به المشرع الفرنسي في المادة 22 من الدستور 27 تشرين الاول 1946 السابق مع تقريره سريان مفعول الحرمة النيابية طيلة مدة النيابة وليس اثناء دورات الانعقاد فقط، ونعيد نصها فيما يلي: «لا يجوز طيلة مدة نيابته ملاحقة او توقيف عضو المجلس بمادة جنائية او جزائية الا باذن من المجلس الذي ينتمي اليه ما خلا حالة الجرم المشهود ان ملاحقة عضو المجلس تتوقف اذا استرجعه المجلس الذي ينتمي اليه». تقع في هذا النص على تعبيرين هما: بمادة جنائية، او جزائية، فما هو المقصود منهما؟ في الماضي ووفقا لنص المادة 11 من القانون الصادر في 11 شباط وفي ظل قوانين 1814 و1830 و1845 لم يكن المنع من ملاحقة النائب الا بالنسبة للجرائم بينما كانت هذه الملاحقة جائزة في المخالفات العادية او البسيطة. وهناك رأي اخر يقول ان استعمال تعبير «مادة جرمية» ما هو الا للتمييز بينها وبين «مادة مدنية» وان المادة الجرمية لا تشمل افعال الجرائم فحسب، بل الى جانب هذه جميع المخالفات حتى التي لا تستوجب عقوبة الحبس، اما اليوم فان الحرمة النيابية اصبحت تحمي جميع افعال النائب الجزائية بمختلف درجاتها ما عدا ما كان منها لا يستوجب الحبس (21) ونحن مع هذا الرأي وذلك لان الحصانة النيابية ما هي الا امتياز استثنائي ويجب ان تعطي بالتالي مدلولا حصريا هذا بالاضافة الى ان الملاحقات المؤدية الى عقوبات ليس الحبس من ضمنها لن تكبل حرية واستقلال اعضاء المجالس النيابية وتعيق بالتالي القيام بواجباتهم النيابية (22). اما على الصعيد العملي فقد اوقف وزير العدل الفرنسي بناء على طلب رئيس الجمعية الوطنية ملاحقة بعض النواب بسبب مخالفات بسيطة (23) يضاف الى ذلك ان الحرمة النيابية فيما اذا طبقت عملا بالقانون على الافعال الجنائية والجزائية لا يمكن التسلح بها في القضايا المدنية وهذا يعني انه لا يمكن الاستناد الى المبررات القانونية في هذه القضايا حتى ولو كانت الدعوى المدنية قد نشأت عن مخالفة لقانون الجزاء (24) وقد سار الاجتهاد المستمر على هذا النحو ففي 14 تموز 1873 اقرت محكمة «مونبلييه» بان الملاحقة جائزة دون اذن مسبق من مجلس النواب امام القضاء المدني، وانه لا يجوز توسيع نطاق الحصانة على الامور المدنية واستطرادا لا يجوز تطبيقها الا في حال التوقيف، او الملاحقات المباشرة والشخصية (25). وفي هذا الاتجاه صدر في اب 1893 رأي الغرفة الجنائية لمحكمة التمييز الفرنسية مؤكدا بانه لا يجوز التوسع في تطبيق الحرمة النيابية لانها ذات مفعول استثنائي حتى امام القضاء الجزائي من اجل مسؤولية مدنية بسيطة (26). نستخلص من كل ما ذكر ان ملاحقة النائب جزائيا خلال دورات الانعقاد مرتبطة قانونا باذن من مجلس النواب وكل ملاحقة من هذا النوع ما عدا حالات الاستثناء التي عددناها قبلا تعتبر ملغاة مطلقا وغير ذات مفعول، لكن تجدر الاشارة الى ان هناك افعالا جرمية تموت بمرور الزمن القصير في حال اقرار هذه الحصانة طيلة مدة النيابة فما هو مصير العدل، ومصير الاضرار اللاحقة بالغير في مثل هذه الحالة؟ وبعبارة اخرى هل يمكن للنيابة العامة او للجهة المتضررة ان تنتظر نهاية مدة النيابة حتى تلاحق الفاعل في حال تخلف مجلس النواب عن اعطاء الاذن بالملاحقة؟ الا يتسلح الفاعل في بعض الحالات، بان الجرم المنسوب اليه قد سقط بمرور الزمن، وان كل ملاحقة متعلقة به تصبح بالتالي باطلة قانونا؟ فما هو المخرج اذن، من هذا المأزق القانوني المؤدي الى عرقلة سير العدالة، او الى ابطالها في بعض الحالات؟ والجواب هو ان التقاليد النيابية والاجتهاد بالاضافة الى الاصول القانونية قد اجمعت كلها على ان التقدم بطلب الاذن امام مجلس النواب يعتبر كمباشرة عمل تحقيق او بداية ملاحقة، وبالتالي يعتبر سبباً لقطع مرور الزمن، وهذا يعني ان اعمال التحقيق، او الملاحقات، من شأنها ان تُبطل علة مرور الزمن وتمنع على النائب حينئذ التذرع بهذه العلة عند نهاية ولايته، وعلى هذا الاساس يمكن اعتبار طلب رفع الحصانة، قصد الملاحقة بمثابة تعطيل او نقض لعلة مرور الزمن، ولا تسري مدة مرور الزمن الا عندما تتيسر الملاحقة فعلياً (27).
/color]
|
| | | | الحصانة النيابية | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |