تفاهم الزوجين.. دستور عائلي لحل الخلافات الأسرية

الدستور - ماجدة ابو طير
فترة الخطوبة لا تكفي لكشف شخصية الفتاة والشاب بل تمنح كلا منهما معلومات عامة وانطباعات تتكون لتأسيس حياة زوجية مستقبلية، وبعد الزواج يلتقي الزوجان في منزل واحد ومساحة فكرية مشتركة تجعلهما يكتشفان مع الوقت تفاصيل الشخصية التي كانت مخفية على اغلب الاحيان، تلك التفاصيل التي تقرر كيفية سير الحياة وانضباطها وماهو ممنوع وماهو مسموح، لتصبح الخطوط الحمراء بالنسبة للزوجة والزوج دستورا عائليا يجب الالتزام به، والخروج عنه يبعث المشاكل بدون شك، فهل يلتزم الزوج والزوجة بهذا الدستور!
الاتفاق هو الحل
الرجل الشرقي عامة لا يشعر برجولته إلا حين يتحكم في زوجته، هذه فكرة تدور أصلاً في أذهان الكثير من الفتيات، ومنهن وجدان سالم،تقول وجدان: «غالباً ما يجهز الزوج للزوجة قائمة طويلة من الممنوعات لا تعد ولا تحصى، وتختلف باختلاف تربيته ونشأته ودراسته وطبقته الاجتماعية، وتستدرك وجدان: «هناك قائمة من الممنوعات قد تكون موحدة لدى معظم الرجال، مثل: عدم السماح لنا نحن الزوجات بارتداء أزياء ملفتة، وتجنب مساحيق التجميل الزائدة عن الحد. وأنا عن نفسي عانيت كثيراً، واصطدمت مع زوجي بسبب خروجي بملابس ملفتة فانا احب الاناقة، وتأخري أحياناً خارج المنزل في الأعراس كان يجعله يغضب، وكان لديّ وقت محدد للعودة يجب ألا أتخطاه مهما كانت الظروف، لكن بالجلوس والتفاهم معه استطعت إقناعه إلى أن وصلنا إلى حل مشترك لهذه المشكلة من خلال اتفاقنا على بعض الأمور».
قواعد
وتضيف وجدان :» من المهم ان يتفق الزوج والزوجة على مجموعة من القواعد والقوانين التي تنظم الحياة الزوجية حتى لا تصبح الحياة فوضى، فانا اصبحت اتزين بشكل اقل حتى لا يغضب مني وايضا اخبرته ان هنالك مجموعة من الامور يجب ان يلتزم بها حتى تكون حياتنا متناغمة، فكان من اكثر من الامور التي تغضبني هو تأخر زوجي في السهر مع اصحابه ليعود عند الفجر اما الان فانه يسهر معهم لوقت قليل، من الجميل ان يلتزم هو وان التزم انا حتى تسير حياتنا بتناغم».
أما سهاد يوسف، فتؤكد أن لائحة المحظورات لديها تتعلق بالمظهر الخارجي، مثل عدم ارتداء الملابس الضيقة والأزياء غير المحتشمة والشفافة، وتابعت: أعتقد أنني محظوظة لمراعاتي هذه الممنوعات؛ لأنني أسمع الكثير عن لوائح ممنوعات تكدر حياة صديقاتي أو تجعلهن يعشن في جحيم دائم، يجب ان تدرس الزوجة القوانين التي يضعها الرجل وتعرف الغاية منها، ولكن المشكلة الحقيقية ان بعض الازواج لا يتعاونون مع الزوجة ويلتزمون بالقوانين التي تضعها وبالمقابل يريدونها تلتزم بكل صغيرة وكبيرة، ومن هنا يبدأ الصراع الاسري لاثبات دور كل منهم في الحياة الزوجية، ولان الرجل بطبيعته يشعر بانه يجب ان يسيطر على المنزل وهو من يضع القوانين، الا ان الزوجة هذه الايام لا ترضى بهذا الخضوع كونها امرأة متعلمة وتعمل وتشاركه بكل هذه الاصعدة».
احب الزوجة الواعية
إذا كانت سهاد محظوظة، فنصيب منى فهد وهي ربة منزل، لم يكن كذلك على الإطلاق؛ لأن زوجها عصبي جدا، ومنعها منذ اللحظة الأولى لزواجهما من أن تتصرف برغبتها، بل والأدهى من ذلك يمنعها من زيارة أهلها، أو محادثة صديقاتها في الهاتف، فضلاً عن عدم السماح بزيارات الجارات، تتابع منى : «زوجي يؤمن بمقولة (المرأة ما لها إلا ثلاث طلعات، طلعة من بطن أمها، وطلعة لبيت زوجها، وطلعة لقبرها، في البداية كنت أشعر بأن ممنوعاته دليل حب، إلا أنني مع الأيام بدأت أشعر بأنني سجينة ومسلوبة الحق، بل وأصبحت أقع في إحراج مع الجميع، وخسرت معظم معارفي، الا انني بعد ذلك اخبرته ان هذا الامر زائد عن الحد ويجب التوازن في وضع القوانين حتى تصبح الحياة ميسرة ومريحة الا انه لم يقتنع وهذا ادى الى فراق فعلي بيني وبين زوجي، لان العيش باختناق لا يرضاه احد».
خطوط حمراء
يجد اشرف نبيل ان الرجل في القديم كان فقط من يرسم الخطوط الحمراء اما الان فالزوجة تقرر امورا كثيرة في المنزل وتحدد قائمة الممنوعات والامور التي يجب تجنبها، يقول شريف: « احب ان تكون زوجتي واعية وان تخبرني بالامور التي تزعجها حتى اتجنبها لان هذا الامر يشعرني انها مهتمة بي وبكل تفاصيل حياتي لا ان تعيش معي دون ان تلاحظ كيف اتصرف وماذا افعل، انني احترم رغباتها كما انها تحترم ما اخبرها عنه، ونجلس كل فترة وفترة لنخبر بعضنا البعض ما الامور التي تزعجنا اتجاه انفسنا وكيف ان الحياة يجب ان تسير بهدوء وبتوافق وباحترام».
وضع دستور عائلي
وتضيف الاخصائية الاجتماعية رانية الحاج علي: «النجاح العائلي هدف عام يسعى الجميع نحوه، ويبذلون في سبيل ذلك محاولات عديدة، وسبل متنوعة، والنجاح الأسري نجاح مشترك تتقاسمه أفراد الأسرة جميعا، وهذه الأسرة لا بد لها من دستور واضح جلي سياسات توزع فيه الأدوار، وتحدد به المهام، وتبين فيه الحقوق، والواجبات. أسرة لها رسالة، ورؤية، وأهداف. في مؤسساتنا التجارية، وأعمالنا الخاصة نضع أحلاما، وأهدافا، وقوانين، ونضع استراتيجيات، ونعدل هيكليات هذا في مؤسسة مادية؛ بينما في المؤسسة العائلية نهمل ذلك الجانب وهو الدستور العائلي».
إن تجميع الأسرة على دستور يخفف الآلام، والمعاناة، ويقطع السبيل على ممارسة التربية العشوائية، ويزيد متانة العلاقة الزوجية، فالدستور هذا يخضع له كل اطراف العائلة، فأحيانا يشتكي الآباء من خروج الولد لساعة متأخرة، أو سهر البنت أمام التلفاز، أو انشغال الأولاد بالالعاب، وغيره من المشكلات، وعندما أسأل أحد الازواج هل هناك قانون في البيت؟ اغلبهم يجيب بالنفي».
غايات ومطالب
الأسرة الناجحة تسعى لأن يكون لها غاية ولها مطلب هذا المطلب وهذه الغاية تكون نابعة من أفراد الأسرة واحتياجاتهم وقدراتهم وتسمى هذه الغايات النهائية المستقبلية الرؤية أو ماذا نريد ؟ ويراعى بالرؤية أن تكون سهلة الصياغة والحفظ مزمنة (لها زمن) مرنة قابلة للتعديل واقعية موضوعية متفق عليها من قبل أفراد الأسرة أن تأخذ مساحة زمنية لتكوينها لأنه سيستقي منها جميع أجزاء الدستور العائلي
.