الخبز ليس خطا أحمر!

الخبز ليس خطا أحمر!
<< الخميس، 14 مايو/أيار، 2015        حلمي الأسمر

لدى الحكومة خطة لرفع أسعار الخبز وتوجيه الدعم لمستحقيه، حسب التعبير الحكومي، هكذا يبدأ الأمر، ومن ثم يتبارى الكتاب وأصحاب الرأي وبعض النواب للتحذير من الفكرة، بحجة أن رفع أسعار الخبز خط أحمر، والحقيقة انه لم يعد ثمة خطوط حمراء ، فسعر الخبز سيرفع، ولن يحصل شيء، فخد المواطن تعود على اللطم، إلى حد فقدان الإحساس، وحتى لو فكر هذا الخد بالتمرد على لاطميه، فلن يجد من يناصره من قوى وتنظيمات سياسية، بعد أن «دان» الشارع وقواه للأمنين الناعم والخشن كلاهما!
في مسألة الخبز، ثمة بشرى يزفها نقيب أصحاب المخابز عبد الإله الحموي، في تصريحات نشرتها «الدستور» أمس، حيث يظهر مدى التناقض بين ما تعلنه الحكومة عن سعر كيلو الخبز المنتظر، وبين ما سيحصل فعلا، نتيجة لقيم السوق، وأرقامه!
وفقا لمعطيات السوق، ، سيصل سعر كيلو الخبز في حال تم تحريره من قبل الحكومة على أقل تقدير إلى نصف دينار، خلافا للرقم الذي أعلنته الحكومة والبالغ 38 قرشا. والسبب يعود إلى تجاهل الحكومة ووزارة الصناعة والتجارة الكلف الحقيقية لأسعار الخبز في حال تم «تحريره!»، والتي تم تحديدها بواقع 38 قرشاً للكيلو، أرقام الحكومة أخذت بعين الاعتبار فقط فرق الدعم الذي ستوفره عند تحرير الأسعار، متجاهلة الكلف الإضافية وغير المنظورة والتي ستفرض على المخابز أعباء إضافية في حال تم تحرير الأسعار بشكل كامل ما سيدفع المخابز لتحميلها للمواطن في نهاية المطاف. هذه الكلف الإضافية وغير المنظورة تتضمن 10% خبزا تالفا عن كل طن من الطحين المخبوز بالإضافة الى الكميات الفاقدة منها وانخفاض الإنتاج لدى الكثير من المخابز مقابل ارتفاع كلف العمالة، ولمزيد من الإيضاح، فإن العامل يتقاضى على كل طن خبز يتم خبزه 20 دينارا وفي حال تم انخفاض الكميات التي يعمل بها كنطن ستبقى الأجرة كما هي وفي حال زاد الإنتاج عن طن سيزيد بدل الأجر عن المبلغ المحدد بالإضافة الى ارتفاع أسعار الخميرة وغيرها من مدخلات الانتاج وارتفاع المحروقات وارتباطها بها بشكل مباشر. وبالمحصلة، وفق الحموي، فإن الحسابات الأولية للنقابة تشير الى ان كيلو الخبز في حال تحرير اسعاره لن تقل عن نصف دينار على أقل تقدير ما يجعل من احتساب 38 قرشا للطن امرا غير مقبول نتيجة الفرق الكبير في الاسعار المراد تحديدها وتكلفتها الحقيقية، ليس هذا فحسب، يوضح الحموي أن الحكومة وفي حال تم تحرير أسعار الطحين لا يحق لها وضع تسعيرة لمادة الخبز في ظل وجود منافسة كبيرة، وفي حال تم فرض تسعيرة تقل عن الكلف الحقيقية والتي لن تقل عن نصف دينار حسب الدراسات الأولية، ستعلن الكثير من المخابز خسارتها وتوقفها عن العمل ما يعني تهديدا للقطاع بأكمله!
الاقتراح هنا، هو «تبليع» المواطن للكارثة المنتظرة رويدا رويدا وبالتقسيط،. وعدم رفع الدعم بشكل كامل بل من خلال التدرج ، كما قامت الحكومة بالتعامل مع رفع اسعار الكهرباء لكي لا يحدث معيقات وارتباكات في عمل المخابز والمواطنين وخاصة ان مادة الخبز مادة حساسة للكثير من الاردنيين. وثمة دراسة اجرتها النقابة تشير الى ان رفع اسعار الخبز بشكل تدريجي يبدأ من 25 قرشاً للكيلو سيوفر على الحكومة ما يقارب 90 مليون دينار اي نصف ما تنفقه على دعم الطحين والبالغ 180 مليون دينار بدل دعم!
الرفع قادم قادم، فليكن مرة واحدة، وبدون «تقسيط» وأجزم أن أحدا لن يحتج بشكل فعلي، وربما يدب الدم في عروق البعض، فيصدر بيان شجب وإدانة، ثم يذهب إلى المخبز ليشتري كيلو خبز، او اكثر، بالسعر الجديد!