الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين
كثيرة هي المياه التي جرت في نهر التاريخ الفلسطيني، وكثر المقيمون والعابرون على جلد هذا البلد الذي لم يهدأ لحظة خلال التاريخ القديم أو الحديث، فكانت التفاعلات في المنطقة تنعكس عليه مباشرة، كما كان هو بدوره يعكس نفسه على تفاعلات الأحداث.
دول وشعوب خلقت مذاهب واعتنقت ديانات وأفرزت طوائف، بعضها بقي ليؤسس دعامات حضارة بقيت آثارها إلى اليوم، وبعضها مر دون أن يترك أثراً. منهم من كان يتخذ من فلسطين مركزاً، ومنهم من كانت فلسطين بالنسبة إليه بوابة حماية أو بوابة توسع، لكن في جميع الحالات بقيت هذه المنطقة من العالم القديم والحديث مركزًا يتطلع إليه الفاتحون والباحثون عن الألق في التاريخ.
هذا الملف يتألف من قسمين. يتعرض الأول للدول والشعوب، فيما يتناول الثاني الطوائف والمذاهب والديانات التي مرت على التاريخ الفلسطيني، كمحاولة قد يستطيع المهتمون البناء عليها.
الجزء الأول
الدول والشعوب
1ـ العصور القديمة:
العصر الحجري القديم:
وهو يمتد من نصف مليون سنة قبل الميلاد إلى 14,000 سنة قبل الميلاد، وقد عثر الباحثون على مخلفات العصرين الأبيفيلي والأشولي في عدد من كهوف الكرمل وشمال بحيرة طبريا، كما وجدت هياكل عظمية في جبل المكبر وشمال غرب بحيرة طبريا ترجع إلى جنس بشري يعرف بالنياندرتال الذي يعدّ أهم حلقات تطور الجنس البشري.
العصر الحجري الوسيط ويمتد من 14,000 سنة ق.م إلى 8000 سنة ق.م:
الحضارة في فلسطين خلال هذا العصر يطلق عليها الحضارة النطوفية، نسبة إلى مغائر النطوف شمال القدس. وقد تم العثور على شواهد تشير إلى ظهور مجموعة بشرية جديدة يبدو أنها أسست لحضارة فلسطينية محلية تركزت على الساحل الفلسطيني.
عاش النطوفيون في المغائر والكهوف في جبال الكرمل وتلال القدس والخليل وأريحا وقرب بحيرة الحولة، واعتمدوا في معيشتهم على الصيد وجمع الثمار.
ترك النطوفيون بقايا أدوات صوانية مسننة كالمناجل والأجران والمطارق الحجرية والقطع الصوانية مختلفة الأحجام، إذ عثر في أحد كهوف الكرمل على ما يزيد عن 4000 قطعة من هذا النوع، كما عثر على عظام غزلان وعظام كلاب. ويستدل الباحثون من هذه اللقى على أن النطوفيين كانوا قد عرفوا الاستقرار في تلك المنطقة.
وكشفت أثريات عين المالحة عن بيوت حجرية وأماكن لتخزين الغذاء، كما دلت الاكتشافات على أن النطوفيين كانوا يدفنون موتاهم تحت الأماكن السكنية، وقد عثر على قلائد وحلي مرتبة على شكل حلقات حول رأس الميت. وعثر في عدد من القبورعلى صبغة حمراء مصنوعة من أكاسيد الحديد. وعرف النطوفيون التجارة وكانت لهم اتجاهات فنية خاصة بدليل التماثيل الرملية التي عثر عليها في مغارة الزويتيني والمجسمات المنحوتة من عظم الغزال في وادي فلاح، فضلاً عن رؤوس السهام الصوانية في أريحا.
العصر الحجري الحديث 8000ق.م- 4500ق.م:
عثر على عدة بيوت سكنية تعود إلى هذا العصر في عين المالحة ولكن لم يعثر على دلائل تقود إلى اكتشاف الزراعة في ذلك الوقت. ويعتبر الباحثون أريحا من أهم مناطق الشرق القديم التي تمثل فترة الانتقال من الصيد إلى الاستقرار، والدليل على ذلك البيوت المبنية بالطوب المجفف بالشمس التي تم اكتشافها في أريحا، والتي تعود إلى العصر ما قبل الفخاري. وقد بني حول المدينة سور بعد أن ازداد عدد سكانها إلى 2000 شخص، وكان السور مبنياً من الحجارة المتراصة عرضه 1.82م وضم برجاً دائرياً وخزان للمياه ومخزن للحبوب ولا يزال البرج قائماً إلى اليوم وارتفاعه 9.14م. وقد تبين من الدراسات التي أجريت على بعض المواد المتفحمة أن هذا الانجاز المعماري يعود إلى 7000ق.م. أي قبل الأهرامات بأربعة آلاف عام. ودلّت الحفريات على أن الفخار ظهر لأول مرة في فلسطين في حوالي 6000ق.م، واستخدم النحاس منذ سنة 4500ق.م، ويطلق على الحضارة التي بدأت باستعمال النحاس اسم الحضارة الغسولية نسبة إلى تليلات الغسول شمال البحر الميت. وامتازت أدوات هذا العصر بدقة التصنيع والبدء بصقل وتلوين الفخار، وقد اشتهر بهذه الصناعات سكان تل أبو مطر(المطريون). ويعدّ موقع تمنة قرب المناعية من أقدم مراكز تعدين النحاس. واكتشفت عدة مواقع تعود للعصر نفسه تقع بين جبال الخليل والبحر الميت، كما اكتشف فخار يعود إلى هذا العصر في الخضيرة وعثر فيه على أواني تحتوي على عظام موتى.
العصر البرونزي: 3200-1200ق.م:
يبدأ هذا العصر بظهور مدافن رأسية تنسب إلى جماعات قضت على حضارة العصر الحجري النحاسي. وتلت مرحلة المدافن الرأسية مرحلة ظهور مدن محصنة أقيمت على هضاب مرتفعة ذات موقع دفاعي، وانتشرت هذه المدن في الشمال والوسط حيث المياه وطرق التجارة. ومن أهم هذه المواقع تل القدح وخربة الكرك قرب طبريا وبيسان والعفولة وتل تعنك وتل المتسلم (مجدو) في مرج ابن عامر ورأس الناقورة وأريحا القديمة وتل الفارعة وتل النصبة وتل الدوير وتل عراد وتل بيت مرسيم ومواقع أخرى كثيرة.
سميت تلك الفترة بعصر دويلات المدن بعد أن زاد عدد سكان فلسطين وأصبح للمدن قوة سياسية واقتصادية. بعد ذلك دخلت فلسطين في العصر البرونزي الوسيط الذي امتاز بوفرة المصادر المكتوبة التي تذكره.
في النصف الأول من الألف الثاني ق.م تولى الهكسوس (ملوك الرعاة الأجانب) السلطة في مصر لمدة 200 سنة وسيطروا على سورية وفلسطين. وبعد انتهاء حكم الهكسوس أواسط القرن السادس عشر ق.م وقعت سوريا وفلسطين تحت الحكم المصري المطلق. وتدلي وثائق تل العمارنة بمعلومات تفصيلية عن تلك الفترة وما تخللها من عنف وبطش وتدمير أصاب عددا من المدن الفلسطينية.
العصر الحديدي: 1200ق.م – 330ق.م: في القرنين 13 و12ق.م شهدت فلسطين وسورية والأردن تأسيس عدد من الممالك، كما استقبلت عددا من الهجرات أبرزها هجرة الشعب الفلسطيني الذي جاء إلى جنوب كنعان تدريجياً. واستطاع الفلسطينيون بناء قوة سياسية وتأسيس عدد من المدن على الساحل أهمها عسقلان ومنهم جاءت تسمية فلسطين التي أصبحت تطلق على الأرض الفلسطينية المعروفة اليوم منذ القرن السادس قبل الميلاد.
امتزج الفلسطينيون بالكنعانيين بسرعة واستعملوا لغتهم وعبدوا آلهتهم (داجون وبعل وعشتار)، وسيطروا على صناعة وتجارة الحديد ومنه استمدوا قوتهم العسكرية. وأسس الفلسطينيون في القرن الثاني عشر قبل الميلاد خمس مدن رئيسة هي غزة وجات وأسدود وعسقلان وأكرون وكانت كل مدينة دويلة مستقلة بذاتها، ومع ذلك كثيرا ما تحالفت هذه المدن لصد العدوان الخارجي، لكنهم اضطروا في عهد الملك تغلات فلاسر الثالث (القرن 8ق.م) إلى دفع الجزية للآشوريين وذلك حتى دخول الاسكندر المقدوني وتبعية المنطقة من بعده للرومان.
2ـ سدوم وعمورة:
سدوم تعني إحراق، ذكرت لأول مرة في التوراة كوصف لحدود أرض كنعان. وبسبب خصوبة أراضيها اختارها لوط مسكناً له، وقد غزاها الملك كدر لعومر مع حلفائه وأخذوا منها السبايا والغنائم إلا أن إبراهيم تصدى لهم وتغلب عليهم واسترد منهم السبايا والغنائم.
يعتقد علماء الآثار أن سدوم تقع تحت لسان البحر الميت. إذا أنها، وحسب الكتب المقدسة خربت لفساد أهلها، فصارت مضرباً للمثل في الخطيئة والشر، وتنسب إليها السدومية، أي الشذوذ الجنسي الذي انتشر بين قوم لوط الذين نزلوا سدوم التي أحرقتها نار السماء فلم ينج منهما غير لوط وابنتيه.
عمورة معناها الغرق، وهي بلدة تقع في غور الأردن اقترن أسمها بسدوم، وكانت أيضاً مسكناً للوط وقومه. وقد أغرقت المدينتان بماء البحر كما جاء في الأثر.
3ـ العموريون:
العموريون شعب سامي عربي هاجر من شبه الجزيرة العربية في وقت مبكر إلى بادية الشام وقد أطلق عليهم هذا الاسم سكان العراق الذين أشاروا إلى جهة الغرب بكلمة "أمورو" ومن ثم أصبحت الكلمة تدل على سكان المناطق الغربية بالنسبة إلى العراق. وقد ورد ذكر العموريين في المدونات العراقية في الألف الثالث قبل الميلاد، وهناك دلائل تشير إلى ازدياد عددهم واشتداد خطرهم على بلاد بابل في الألف الثالث قبل الميلاد، منها أن الملك شوسين، ملك أور، أقام في حصن ليحمي البلاد من هجماتهم، وكان العموريون في نظر سكان العراق أقواماً بدوية غير مستقرة تتصف بخشونة الطبع، وقد وصفته أسطورة سومرية:
"إن السلاح رفيقه ولا يثني الركبة (لا يخضع).
يأكل اللحم نيئاً
ولا يمتلك بيتاً طوال حياته
ولا يدفن في قبر بعد موته"
لكن تاريخ العموريين في العراق أهم من تاريخهم في الشام، وقد وصفتهم التوراة بأنهم قوم جبابرة، ودارت بينهم وبين الإسرائيليين معارك شديدة انتهت لصالح الإسرائيليين بعد أن هزموا ملكهم سيحون هزيمة نكراء.
4ـ العرب قبل الإسلام في فلسطين:
يرجع تاريخ وجود العرب في فلسطين إلى الألف الأول قبل الميلاد، وهناك ما يدل على حرب الملك البابلي لهم في فلسطين في الألف الثالث ق.م.
وقد كانت فلسطين ضمن ما عرف بالعرب الحجرية والتي وقعت تحت سيطرة الرومان، وقد قسمت فلسطين إلى ثلاثة أجزاء؛ هي فلسطين الأولى والثانية والثالثة وكانت كل منها عبارة عن مدينة مركزية تتبعها بقية المنطقة المحيطة.
خلال الألف الأول قبل الميلاد تنافس السبأيون والمعينيون على السيادة على الواحات التي تمر بها طرق التجارة، وقد غلبت قبيلة غسان على بلاد الشام كلها فملكها الروم على العرب الموجودين في الشام، وهكذا ارتبطت القبائل العربية بمخططات السياسة الرومانية الفارسية، فقد دفع الرومان إتاوة سنوية لقبيلة ثمود مقابل اعترافها بسلطان الروم.
ظهر الأنباط شرق البحر الميت في القرن السادس ق.م، وقد تدرجوا من الرعي إلى الزراعة، ثم إلى التجارة فاتسعت مملكتهم لتشمل جنوب وشرق فلسطين وسواحل البحر الأحمر وصولاً إلى دمشق.
أدت الخلافات والصراعات الناتجة عن سياسات بيزنطة وفارس إلى تفتت الكيانات العربية. وبحلول القرن السابع الميلادي كانت أوضاع العرب في بلاد الشام متدهورة ومهيأة للفتح الإسلامي.
ازداد التدفق العربي خلال القرن الثالث الميلادي وكثرت القبائل التي جاءت إلى الشام مثل بني كلب الذين ورثوا مجد الغساسنة، وقبائل أخرى استوطنت الرملة وطبريا.
5ـ الخابيرو:
ظهرت اللفظة في وثائق تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد. وكان الخابيرو يثيرون الفزع في فلسطين إبان عصر العمارنة، الى الحد الذي دفع عبد خيبا، ملك القدس الى مكاتبة أخناتون قائلا: "إن الخابيرو يدمرون كل بلاد الملك، وانصاعت بلاد الملك للخابيرو".
مازالت هناك مشكلة في تحديد هوية الخابيرو، لكن ما عرف عنهم يؤكد أنهم كانوا ينزعون إلى تحقيق مكاسب مادية عن طريق النهب والسلب وشن الغارات على المجتمعات المستقرة. وفي حال عدم توفر ظرف للسلب والنهب كانوا يتحولون إلى مرتزقة. وقد يتحولون إلى عمال أو عبيد إذا دفعهم الظرف إلى ذلك. وهذا ما دفع الكثير من المؤرخين إلى اعتبارهم طبقة وليس شعباً يشبهون ما عرف بظاهرة الصعاليك في العصر الجاهلي.
6ـ كنعان:
أطلق اسم كنعان على المنطقة الواقعة بين نهر العاصي شمالاً والعريش جنوباً. وهي حدود المملكة المصرية القديمة، وضمت المنطقة فلسطين وفينيقية.
ثمة نقاش حول أصل الكنعانيين يصل حدّ الاختلاف. هل كانوا أقواما تسللوا بين العموريين، أم أنهم العموريون أنفسهم. ويشير أنصار الرأي الأول أن هذا التسلل تم في القرن 21ق.م فيما عرف بحملة الأطواق. مع هذا وذاك فإن الكنعانيين ساميون دون أدنى شك.
أذعنت كنعان للحكم المصري لترافقه مع استقرار أحوالهم، وذلك بعد أن شن تحتمس الثالث 16 حملة على أرض كنعان حتى تمكن من الاستيلاء عليها، ودامت هذه الحال حتى مجيء امنمحتب الرابع أو أخناتون الذي اهتم بالإصلاح الديني دون السياسي، فاستغل الحثيون والعموريون هذا الظرف فاحتلوا المنطقة ودمروها. لكن الفراعنة تمكنوا من طردهم خلال حكم الأسرة 19 في أواخر القرن 14ق.م.
في أوائل القرن 12ق.م هاجمت أقوام إيجية مصر وأرض كنعان من الجنوب والشمال واستوطنت جنوب فلسطين واندمجت بالكنعانيين فنشأ بذلك الفينيقيون. كما سيطر الفلسطيون على المناطق الجنوبية واستمروا يحكمونها حتى مجيء الملك داوود.
أهم المدن الكنعانية كانت جبيل في لبنان ومجدو في فلسطين، أما مجدو فكانت محصنة بسور ذي بوابة مؤلفة من ثلاثة أبواب يلي بعضها البعض، أقيم في داخله معبد وقصر. وكان الكنعانيون يدفنون موتاهم في قبور منحوتة في الصخر.
تميز العصر الكنعاني بصناعة الخزف الذي كان غاية في الجمال، وابتكروا طلاءه باللون الأحمر وصقلوه. وصنعوا تماثيل لجنود بأسلحة وصاغوا آلاف الأشكال من مواد مختلفة ابتداء بالذهب وانتهاء بالحجارة.
في العصر البرونزي المتأخر تضاءلت المدن وتراجع الفن نتيجة الضرائب التي كانت تفرضها مصر على كنعان.
ونتيجة لازدهار التجارة ظهرت الكتابة الأبجدية، وقد استعمل الكنعانيون خمسة أشكال من الكتابة، الهيروغليفية والمسمارية والكتابة الأبجدية والكتابة الجبيلية وكتابة رأس شمرا.
7ـ الفراعنة:
منذ أقدم العصور زوّد سكان فلسطين الجنوبية المصريين بالأيدي العاملة، وذكر ذلك على حجر بالرمو من عهد الملك جر من ملوك الأسرة الأولى، ووردت في كتابات الأسرة الثالثة أسماء عدد من الحصون منها حصن ونت، وهو أول حصن في فلسطين من الناحية الغربية تحت مدينة رفح. كما ظهرت في رسومات صقارة معركة بين المصريين والشاسو "بدو فلسطين". وكانت حملة أوني على فلسطين، في عهد الملك بيبي الأول آخر المعارف عن فلسطين في الدولة القديمة.
بعد أن وحد منتوحتب مصر بداية الأسرة الحادية عشرة (2160-2000ق.م)، نشطت حملاته العسكرية التي من أهمها حملته على سورية وفلسطين.
في عهد الأسرة 12 ازداد النشاط الدبلوماسي إلى فلسطين وما وراءها كما تدل وثائق تل العمارنة. وفي عهد الدولة الوسطى استوردت مصر الماشية من فلسطين إضافة إلى بعض المنتجات الآسيوية. من جهة أخرى عثر في كل من سوريا وفلسطين على آثار مصرية، بعضها مرفق بنصوص تتحدث عن زيارات شخصية وحروب وبعثات دبلوماسية. وعثر على تماثيل وأختام مصرية في فلسطين؛ في مجدو وتل العجول، جنوب غزة وجزر وأريحا وتل يمّا، غرب بحيرة طبرية وتل الدوير وبلاطة وبيسان. كما أن اللغة المصرية والديانة المصرية والزخرفة المصرية وجدت سبيلها إلى فلسطين.
في عهد الأسرة الثامنة عشرة طارد أحمس الهكسوس إلى جنوب فلسطين، وقام تحتمس الثالث بحملة على فلسطين واستطاع المصريون إخماد ثورة الممالك الفلسطينية في موقعة مجدو (تل التسليم).
في بداية القرن 14 ق.م ضغط الحثيون من الشمال وثارت المدن العمورية وضعفت سلطة مصر في فلسطين ولم ترجع إلا في عهد الأسرة 19، والتي هاجر أثناء حكمها الإسرائيليون إلى فلسطين (أرض كنعان) إلى شرق وادي عربة والبحر الميت حوالي نهاية القرن 14ق.م، على أن بعض المصادر ترجح أن ذلك تم في منتصف القرن 13 ق.م.
8ـ الفرزيون:
ورد ذكر هذا الشعب في سياق الحديث عن الشعوب التي كانت تسكن أرض كنعان قبل الغزو الإسرائيلي، لكن أغلب الباحثين لم يتمكنوا من تحديد هويتهم أو تاريخ قدومهم إلى فلسطين. إذ رجّح بعضهم أن الفرزيين لم يكونوا من الشعوب السامية، وربطهم البعض بالشعب الحوري الذي انتشر خلال الألف الثاني قبل الميلاد في الشرق الأدنى. وكان الفرزيون يشتغلون بالحدادة وربما جاؤوا إلى فلسطين عبيداً، وقد اكتشف اسم "بيزو" الذي قد يكون أصل تسميتهم في مدونات مدينة نوزي الحورية شرق العراق.
بعض المؤرخين يربطون أسمهم بلفظ (بيرازوت) وتعنى المدن غير المسورة على افتراض إقامتهم خارج المدن والقرى لعملهم في الرعي، لكن لم يتوصل الباحثون إلى اكتشاف ما يؤكد ذلك، مع أن التوراة ذكرتهم بكونهم كانوا يعيشون في أرض كنعان عندما قدم إليها إبراهيم الخليل.
9ـ العبرانيون:
تنسب التوراة العبرانيين إلى إبراهيم العبري، أما المختلف عليه، فهو سبب تسميته بالعبري. فهناك عدة روايات في هذا المضمار من ضمنها أن هذه التسمية مردّها عبوره نهر الأردن أو الفرات، أو بسبب اسم أحد أجداده "عيبر".
العبرانيون هم رابع شعب سامي استوطن أرض كنعان، بعد العموريين والأراميين والكنعانيين. وقد جاؤوا على ثلاث دفعات، أولها من بلاد الرافدين في القرن 18ق.م، وثانيها في القرن 14ق.م مع الأراميين، وثالثها من مصر بقيادة موسى في القرن 13ق.م.
اختلط العبرانيون البدو بالكنعانيين والعموريين فنشأ جيل متحضّر من العبرانيين، وتعلموا من الأقوام التي سبقتهم الزراعة والقراءة والكتابة. وتحولوا عن لغتهم الأرامية إلى اللغة الكنعانية.
يبدأ تاريخ العبرانيين بهجرة إبراهيم من بلاد الرافدين إلى فلسطين عن طريق حران حيث أقام مع قبيلته قرب حبرون (الخليل)، ومن بعده أصبح حفيده يعقوب زعيماً للعبرانيين وأطلق عليه اسم إسرائيل وأطلق على أخيه اسم أدوم وسكن جبل سعير مع جماعته وعرفوا بالادوميين.
برز من بين أولاد يعقوب يوسف الذي حصل على إذن من فرعون لإقامة أهله في مصر لأجيال كثيرة، ثم هاجروا منها إلى فلسطين بقيادة موسى في الثلث الأخير من القرن 13ق.م.
بعد عبورهم سيناء، أقام العبرانيون فترة في فلسطين، خاضوا خلالها حرباً انتصروا فيها على سيحون ملك العموريين وعوج ملك باشان، وسقطت في أيديهم مجموعة من مدن فلسطين مثل أريحا فاستباحوها ثم أحرقوها. واستوطنت قبيلتا يهوذا وبنيامين الأراضي المحيطة بالقدس أما باقي القبائل فقد استوطنت السهول الشمالية.
استغرقت فترة الاستيطان قرناً كاملاً امتد بين القرنين 12،11ق.م، ويطلق عليها المؤرخون فترة "عصر القضاة"، حيث كان القضاة محاربين أقوياء وحكاماً وطنيين، كان من أبرزهم دبورة، باراق، جدعون وشمشون الذين قادوا العبرانيين في حروبهم ضد الفلسطينيين إلى النصر. لكن الفلسطينيين كانوا على معرفة بصهر الحديد واستخدامه في الحرب، فازدادت قوتهم مع مرور الزمن، حتى تمكنوا من أن يهزموا العبرانيين. أنشأ العبرانيون أثناء سيطرتهم على بعض أرجاء فلسطين دولة بطابع ملكي، لكن ملكهم الأول شاؤول هزم في معركة جلبوع أمام الفلسطينيين الذين قتلوا ثلاثة من أولاده وأجبروه على الانتحار، وقطعوا رأسه وسمروا جسده على سور بيسان وأرسلوا سلاحه المغنوم إلى معبد عشتار. إلا أن داوود تمكن من التغلب عليهم في معركة صرع فيها العملاق الفلسطيني جوليات بحجر من مقلاعه، وتم تتويجه ملكا على العبرانيين.
يعتبر داوود (1004-963ق.م) مؤسس الدولة الحقيقي، إذ نجح خلال حكمه في توسيع نفوذ الدولة واعتمد حصن أورشليم عاصمة لدولته، وبنى فيه معبداً ليهوه، وتعتبر فترة حكمه الفترة الذهبية الأولى على المستوى السياسي والأدبي.
وفي عهد سليمان بن داوود (963-923ق.م) وصلت المملكة العبرانية إلى أوجها، وقامت علاقات مع الصوريين الذين ساهموا في بناء أسطول عبري اختص بتجارة البحر الأحمر.
بعد موت سليمان اجتمع ممثلو القبائل لمبايعة رحبعام بن سليمان، فردّ عليهم بقسوة وجلافة فاتفقوا (باستثناء قبيلتي يهوذا وبنيامين) على عدم مبايعته، وانتخبوا يربعام ملكاً، وأطلقوا على مملكتهم اسم إسرائيل، واتخذوا شكيم عاصمة، ثم ترزة ثم السامرة، في حين ثبتت قبيلتا يهوذا وبنيامين على الولاء لرحبعام وكونتا مملكة يهوذا وعاصمتها أورشليم وبدأ الصراع بين المملكتين.
أشهر ملوك إسرائيل هو عمري (885-874ق.م) الذي بنى السامرة وجعلها عاصمة ملكه. لكن خليفته آخاب كان ضعيفاً وسمح بعبادة الاله الفينيقي بعل، مما جعل ياهو أحد ضباطه يثور عليه ويطيح به.
أدى ظهور الملك الأشوري تغلات بلاسر الثالث (745-727ق.م) إلى الحد من توسع مملكة إسرائيل وقام شلمنصر الخامس، وبعده صارغون الثاني بتأديب يوشع آخر ملوك إسرائيل وسبي أفضل رجاله واقتيدوا إلى فارس فتلاشت بذلك مملكة إسرائيل.
أما المملكة الثانية"يهوذا" فقد بقيت إلى أن احتل نبوخذ نصر أورشليم عام 597ق.م وقتل الملك المتمرد يهوياقيم (608-597ق.م)، ولكن خليفته ثار بعد أشهر ليعود نبوخذ نصر ويسبي ملك أورشليم وعين صدقيا ملكاً عليها. لكنه ثار عليه فكانت النهاية باجتياح نبوخد نصر عام 586ق م أورشليم وتدميرها مع جميع المدن اليهودية وسبي ما لا يقل عن 50 ألفاً إلى بابل بعد أن سمل عيني صدقيا وقتل أولاده أمامه، وأنهى آخر مملكة عبرية في التاريخ.
10ـ الحثيون:
هم شعب هندو-أوروبي نزح إلى بلاد الأناضول أواخر الألف الثالث قبل الميلاد.
بيّنت الوثائق المصرية علاقة الحثيين بالأسرة 18، وذكرت الوثائق العراقية علاقتهم بآشور. ويتفق المؤرخون على أنهم هاجروا من أوروبا إلى الأناضول على دفعات صغيرة ، خلال سنوات طويلة واستقروا في بلاد تسمى "خاتي" وهي التي ذكرت في التوارة باسم "حيث".
يقسم تاريخ الحثيين السياسي إلى 3 عهود:
ـ المملكة القديمة: بدأ هذا العهد سنة 1800ق.م، ومن ملوكه حاتوشيليش الذي غزا سوريا لأول مرة ومورشيلش الذي أسقط دولة بابل عام 1600ق.م.
ـ عهد الإمبراطورية: وهو أعظم عهودهم وحققوا فيه انتصاراتهم التي رفعتهم إلى مستوى الدول العظمى، وبلغت أوج مجدها عام 1375-1335 ق.م في عهد شوبيلوليوما الذي مد سلطانه على سورية.
ـ سقوط الدولة الحثية: عام 1200 ق.م سقطت الدولة الحثية فجأة على يد أقوام بربرية، وحارب الآشوريون ما تبقى من دويلات الحثيين حتى سقط آخرها على يد صارغون الثاني سنة 711 ق.م وانتهى بذلك تاريخهم.
تواجد الحثيون في فلسطين بأعداد كبيرة وذكرت التوراة أن النبي إبراهيم اشترى منهم كهفاً وأن بني إسرائيل تزاوجوا معهم. ولكن جميع الآراء التي وردت عنهم لا تجد ما يدعمها حتى الآن، فهم مازالوا من غوامض التاريخ، وخاصة فيما يتصل بوجودهم في فلسطين.
دوّن الحثيون نصوصهم باللغة المسمارية وبخط مشابه للخط الهيروغليفي، وكانوا يعبدون آلهة متعددة من بلاد الأناضول والعراق، وبرعوا في النحت المجسم والنقش.
11ـ الحوريون:
الحوريون من الشعوب التي ظهرت في الشرق الأدنى في القرن الثالث قبل الميلاد، واضطلعت بدور واضح في حياة المنطقة السياسية والحضارية منذ منتصف الألف الثاني قبل الميلاد. وقد كانوا من بين الشعوب التي أقامت في فلسطين قبل الغزو الإسرائيلي.
أول ما عرف عنهم جاء في رسالة، اكتشفت في تل العمارنة (1887م) من الملك توشراتا (ملكهم) إلى أمنحتب الثالث (1413-1377 ق.م). وفي عام 1906م اكتشف الألماني وينكلر طبقة من الآثار الحورية وعثر على عدد من النصوص التي ورد فيها اسم "خاري".
بعد استقرارهم في العراق، بدأ الحوريون في الانتشار بين الأناضول وفلسطين والبحر المتوسط وجبال زاغروس، وقد أشارت التوراة إليهم والوثائق المصرية كذلك. مع سقوط دولة بابل في تلك الفترة وانحسار النفوذ الحثي عانت آشور من ضعف شديد، مما أتاح الفرصة لظهور وازدهار الحوريين الذين وصلوا إلى مناطق كثيرة وانضم بعضهم إلى الهكسوس.
استطاعت جماعة من الهندو-أوروبيين فرض سيطرتها على الحوريين لسبب غير واضح، وأقامت دولة عرفت بالدولة المتيانية، وكان يشار إليهم بلقب ماريانا، ومعناه محارب.
وتشير النصوص التي توفرت إلى وجود الحوريين في المنطقة في القرن 16 ق.م، على رأس عدد من الإمارات الصغيرة مثل دولة (علالاخ)، وقد دخلوا مع المصريين في حرب طاحنة في قادش، وكان حاكم القدس في القرن 14 ق.م من الحوريين، وقد تأثر بهم الإسرائيليون وتزاوجوا معهم، حتى أن يعقوب تزوج امرأتين حوريتين هما راحيل وليئة. وظهرت بعض آثارهم في القوانين اليهودية، وقال بعض المؤرخين إن الحوريين والعبرانيين عاشوا معاً في العراق قبل أن يأتوا إلى فلسطين وذلك للتشابه الكبير بينهما.
كان الحوريون يتكلمون لغة لا تنتمي لأي من اللغات المعروفة، واستخدموا الخط المسماري العراقي في وثائقهم. أما ديانتهم فعبدوا فيها آلهة متعددة، وكان إلههم الأعظم (كوماري)، فيما كان (تيشوب) إله العاصفة أكثر الآلهة شعبية وانتشاراً، وزوجته الإلهة (خيبا)، وعبد الحوريون كذلك الآلهة (مثرا)، (فارونا)، (أندرا) و(عشتار) إلهة السومريين.
نقل الحوريون حضارة سومر إلى بلاد الأناضول ونقلوا الحضارة الحثية إلى سورية والعراق، ومازالت "واشوكاني" عاصمة دولتهم التي وردت في آثارهم غير مكتشفة إلى اليوم.
12ـ المؤابيون:
شعب سامي نزل منطقة مؤاب شرق الأردن فعرف بها، وتقع بين الصحراء ونهر الأردن والبحر الميت، وهم، حسب التوراة من نسل لوط وابنته، وقد ورد اسمهم في التوراة مع العموريين وتشير لغتهم إلى أنهم من الشعوب الكنعانية، أما توقيت أقامتهم في مؤاب فتشير الآثار إلى أنه بين القرنين 14، 13ق.م، وقد قامت مملكتهم في فترة فقدت فيها مصر سيطرتها على فلسطين. وحين وهنت امبراطورية الحثيين تهيأت الفرصة للمؤابيين، ووقعت بينهم وبين جيرانهم حروب كثيرة انتصروا في بعضها وهزموا في بعضها، أهمها صراعهم مع العموريين في شمال مملكتهم، وقد أوقع بهم الملك العموري سيحون هزيمة مذلة.
اتصفت علاقتهم بالإسرائيليين بالعداء، وذلك بعد أن منع المؤابيون الإسرائيليين من المرور في أراضيهم بعد التيه، فوقعت بينهم حروب كثيرة انتصر في بدايتها الملك المؤابي عجلون وفرض الضرائب عليهم، لكنه اغتيل فتراجع المؤابيون إلى شرق الأردن، ثم عادوا لسيتردوا بعض نفوذهم. لجأ إليهم داوود فاراً من الملك شاؤول، لكنه، وبعد استتباب حكمه في مملكته عاد إليهم محاربا ونجح في اخضاع منطقة مؤاب. بعد وفاة سليمان ضعفت الدولة اليهودية فاستعاد المؤابيون استقلالهم ووسعوا حكمهم.
تولي ميشع عرش مملكة مؤاب سنة 870ق.م، وكان أقوى ملوكهم وأنجحهم، فأعلن الثورة على إسرائيل واستعاد استقلال بلاده وأعاد بناء المدن التي هدمها الإسرائيليون، وقد عثر على مسلة تعتبر أهم ما عثر عليه من آثار مؤابية فقد بينت لغتهم وفن النحت لديهم.
حدث صراع على الحكم بعد وفاة ميشع عام 840ق.م، فهاجمها اليهود والأراميون مما أدى إلى تقلص حدودها وتحولها إلى مملكة غير مؤثرة.
سقطت إسرائيل سنة 721ق.م بعد هجوم الدولة الآشورية، فاستغل المؤابيون الظرف واستعادوا حكمهم، وتجنبوا حرب الأشوريين، فقدموا الهدايا والجزية لهم فتفادوا بذلك دمار مملكتهم، وازدهرت الحياة مرة أخرى في مؤاب.
بعد سقوط أشور أصبحت مؤاب تابعة للدولة الكلدانية سنة 612ق.م، لكنهم وقعوا في خطأ استراتيجي حين ساندوا صدقيا على الدولة البابلية سنة 589ق.م، لكنهم سرعان ما تخلوا عن اليهود بمجرد دخول البابليين، فحقد عليهم اليهود لدرجة أن كلمة مؤابي أصبحت مرادفة لكلمة مجرم.
لم يغفر نبوخذ نصر للمؤابيين موقفهم الأول، فغزا مؤاب سنة 582ق.م ودمر عدداً من مدنها ونقل بعض سكانها إلى بابل وبذلك وضع نهاية لمملكة مؤاب.
عبد المؤابيون كيموش إله الحرب وقدموا له الضحايا، كما مارسوا الختان، واعتمد اقتصادهم على الزراعة والرعي والتجارة وملكوا الكثير من الحيوانات، حتى أن ملكهم ميشع لقب بـ"سيد الشياه".
13ـ العمالقة:
ترجع نسبة العمالقة إلى جدهم عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، ورغم حقد التوراتيين على العمالقة وتشويه صورتهم في التوراة، إلا أنه يستدل من التوراة أن العمالقة كانت لهم مستوطنات في جنوب فلسطين حول مدينة قادش برنيع والبتراء وجبال سعير، وأنهم سيطروا على طرق التجارة إلى إيلات وغزة ومصر، وقد وقفوا في وجه الإسرائيليين الآتين من مصر، وظلوا يحاربونهم من عهد موسى (13ق.م) إلى عهد حزقيا أواخر القرن الثامن قبل الميلاد.
14ـ اليبوسيون:
قبل احتلال القدس من قبل الملك داوود، عرفت باسم يبوس، وعرف سكانها باسم اليبوسيين، وقد اختلف علماء الأنثروبولوجيا اختلافاً حقيقاً حول أصلهم وسنوات قدومهم إلى يبوس.
فرأى بعضهم أن اليبوسيين ساميون ورجح دخولهم في الألف الثالث قبل الميلاد، ولكن الذي لا شك فيه أن وجودهم يعود الى القرن 15ق.م حسب رسائل تل العمارنة، ولم توجد أدلة على انتشارهم خارج يبوس ويدل هذا على قلة عددهم. ومع ذلك فقد ظلوا يحكمون المدينة لعدة قرون قبل أن يستولي عليها داوود، وقد قاوموا الغزو بشدة، وبقي نفوذهم قوياً حتى بعد الاحتلال الإسرائيلي للمدينة بدليل أن داوود نفسه عندما أراد أن يبني معبداً اضطر لشراء الأرض منهم، ولكن يبدو أنهم استعادوا استقلالهم بعد سقوط دولة اليهود عام 586ق.م.
15ـ الفلسطيون:
الفلسطيون قوم هاجروا من بحر إيجة إلى أرض كنعان، وهم الذين أعطوا "فلسطين" أسمها. دفعتهم الفوضى التي سادت مناطق آسيا الصغرى والبلقان في نهاية القرن 13ق م إلى البحث عن مناطق آمنة فجاؤوا إلى أرض كنعان.
بمرور السنين تمكن الفلسطيون من استيطان المدن الواقعة بين يافا وغزة، ولم يقيموا سوى مدينتين داخليتين هما اللد وصقلغ، وكانت باقي مدنهم على الساحل. وحافظ الفلسطيون على ثقافتهم فلم يحاولوا الاختلاط بسكان البلاد من العناصر السامية خصوصاً وأنهم جلبوا نساءهم معهم فلم يضطروا للمصاهرة الخارجية، واقتبسوا نظام الحكم الفينيقي وكانت أشدود عاصمتهم.
انتصروا على العبرانيين سنة 1050ق.م وغنموا منهم تابوت العهد الذي يحوي الوصايا العشر ونسخة التوراة الأصلية وحملوه إلى أشدود، ويعزو المؤرخون انتصار الفلسطينيين إلى تفوقهم في صناعة الأسلحة. حتى أن العبرانيين كانوا يصلحون أسلحتهم لدى حدادين فلسطينيين.
تفككت وحدة المدن الفلسطينية فتمكن منهم العبرانيون في عهد الملك داوود، فبدأ بعدها اختلاطهم بالعناصر السامية ولم يعد بالإمكان التمييز بينهم.
16ـ الحويّون:
لم يرد ذكر هذا الشعب في غير التوراة، وبسبب أن التوراة مقتضبة، فإن الكثير من تاريخ هذا الشعب مازال غامضاً. فقد نسبتهم التوراة إلى كنعان، وبالتالي فهم من الشعوب السامية التي استوطنت فلسطين قبل مجيء الإسرائيليين. ويؤيد بعض العلماء مثل سبايزر ويسانده جرنتر أن الحويين اسم محرف عن حووئيا مما يعني أن الحوريين والحويون هما شعب واحد. أقام الحويون في شكيم "نابلس" وجبعون، وقد خرجوا على الإجماع الذي قرر الوقوف في وجه الإسرائيليين وتجنبوا الحرب وتقربوا إلى يوشع بن نون لئلا يتعرض لهم، فسالمهم يوشع وعفا عنهم ثم بدأ يستخدمهم في جمع الحطب ونقل الماء مما أثار غضب الشعوب الأخرى عليهم، فحاول ملك القدس العموري ضربهم في جبعون لكنهم استجاروا بيوشع فأنجدهم، لكن كل هذه التنازلات التي قدمها الحويون لم تمنع الإسرائيليين من نهب أراضيهم وسلب أغنامهم وسبي نسائهم واختطاف أولادهم كما جاء في سفر التكوين.