أنا أعتذر
صحف عبرية
لقد أصبت بالحزن عندما قرأت أول أمس قرار أورنا وموشيه غال تسفي الغاء اشتراكهم في صحيفة «هآرتس». أنا لا أعرفكما، لكنكما ستنقصان من قرائي. وبصفتي مسؤولا عن قراركما، كما يتبين من مقالكما في 18/4 أريد الاعتذار لكما. أن اعتذر لأنني كتبت الحقيقة في كل تلك السنوات. هذه الحقيقة لم تكن مناسبة لكما ـ كان يجب علي أخذ ذلك في الحسبان والتصرف بشكل لائق، لهذا أنا أعتذر.
لم يكن من المريح لكما قراءة وصفي ووصف عميره هاس للاحتلال. أنتما اللذان جئتما من عالم الاعمال وتتفاخران بأبنائكم وبـ «الاستيطان في يهودا والسامرة» وبابنكما الذي تربى في مستوطنة عالي، وحفيدتكما التي تحمل بفخر اسم عائلة شتريت، أنتما الفخوران إلى درجة كبيرة بأنفسكما وبقيمكما وبأولادكما وأخلاقكما، ليس من المناسب الطلب منكما قراءة حقائق لا تسركم. فأنتم لا تستحقون ذلك.
كيف تمكنت بالفعل على مدى تلك السنين نشر مقالات تلامس القلب (مثلما كتبتما) وقد لامست قلبكما ايضا، لكن بسبب وقاحتي لم احاول في أي مرة فحص كيف وصلت العائلات الفلسطينية إلى هذا الوضع الصعب. كيف وصلَت بالفعل؟
من المؤكد أن هذه العائلات هي التي تتحمل المسؤولية، وأنا دائما كنت أتهم الجيش الإسرائيلي ـ كيف فعلت ذلك؟ وكيف استطاعت عميره هاس أن تكون أحادية الجانب ولم تقم بوضع اطار لتفسير كيف وصل شعب إلى وضع يسعى فيه إلى القضاء على شعب آخر بدل اقامة مجتمع ديمقراطي. كيف استطعت يا عميره فعل ذلك.
أعتقد يا موشيه، أنهم لو وضعوك في قفص لبضع سنوات لكنت تعارض الصراع ضد سجانيك. وأعتقد يا أورنا، أنه لو كان جنود غرباء دخلوا إلى بيتك في ظلمة الليل لاعتقال موشيه أمام ناظريك وقاموا بضربه واجباره على الركوع على ركبتيه ويقومون بتغطية عيونه وتقييده واختطافه من البيت لبضعة اشهر بدون محاكمة، لكنت بحثت عن «قيادة إبداعية» لشعبك. أعتقد أنكما كنتما ستلقيان من يقوم بمصادرة أملاككما واقتلاعكما من ارضكما، بالحب. وأنا على يقين أنه لم يخطر ببالكما مقاومة من يقوم بتعذيبكما بهذا الشكل ولسنوات كثيرة.
الفلسطينيون يختلفون عنكما، يا موشيه وأورنا الأعزاء. فالجميع لم يولدوا بهذا المستوى الراقي مثلكما، هم حيوانات متعطشون للدماء، وولدوا كي يقتلوا، ليس جميعهم لديهم قيم مثلكما ومثل اولادكما من معهد عالي. نعم، هناك شعوب تناضل من اجل حريتها، وهناك شعوب تضطر إلى فعل ذلك بشكل عنيف. وليس هناك شعوب لم تتصرف بهذا الشكل، بما في ذلك الشعب المختار الذي تتفاخران بانتمائكما اليه. وليس صدفة أنكما تنتميان اليه. فأنتما عمود النار الذي يسير أمام المعسكر، وأنتما النخبة الاخلاقية ـ أنتما الصهيونية الدينية.
أنا أعتذر لكما عن أحادية الجانب. فكيف لم أتمكن من الحفاظ على التوازن بين القاتل والمقتول، بين السارق والمسروق، بين المحتل والواقع تحت الاحتلال. أعتذر لأنني تجرأت على عدم سعادتكما وفخركما ببلاد الحليب والموبيل آي وبندورة الشيري ايضا. أمور كثيرة توجد في البلاد، و»هآرتس» التي تتدهور اخلاقيا، مثلما قلتما، تعمل على افساد الاحتفال. كيف لم نلاحظ أنكما لا تحبان معرفة الحقيقة، وكيف لم آخذ هذا في الحسبان عند عودتي في كل اسبوع من مناطق الاحتلال لأقول ما شاهدته.
الآن الوقت أصبح متأخرا. إن مقاطعة الشوكولاتة هي شيء كبير بالنسبة لكما، لذلك قررتما مقاطعة الصحيفة. ومن الآن فصاعدا ستضعان على الطاولة في الصالون في يوم السبت صحيفة «مصدر أول». ففي هذه الصحيفة لا تتم كتابة كيف قتل الجيش خمسة مسافرين فلسطينيين في سيارة قبل ثلاثة اسابيع. وأنا على يقين من أن يوم السبت من الآن فصاعدا سيكون أجمل كثيرا بالنسبة لكما.
جدعون ليفي
هآرتس 20/4/2017