ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75881 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: صحف عبرية بين حركتين قوميتين الأربعاء 14 أكتوبر 2015, 6:10 am | |
| [rtl]بين حركتين قوميتين[/rtl] [rtl]صحف عبرية[/rtl] OCTOBER 13, 2015
على ضوء الجمود في المفاوضات السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين بدأت تُسمع من جديد في إسرائيل وفي الخارج اصوات تطلب من واشنطن أخذ زمام الامور في هذا الموضوع، والضغط على الطرفين لاستئناف المفاوضات. حسب هذا الرأي فان مفتاح الحل يوجد لدى الولايات المتحدة، وخصوصا في يد الرئيس باراك اوباما، وعليه استخدام ذلك. لكن هذا خطأ كبير. في جميع الصراعات القومية في السنوات الاخيرة ـ قبرص، كوسوفو، البوسنا ـ لم تنجح الولايات المتحدة، رغم الجهود الكبيرة، في التوصل إلى اتفاقات سلام مقبولة على الاطراف. ويتبين أنه رغم قوتها الكبيرة، إلا أنها ليست كبيرة بما يكفي كي تدفع الاطراف للتوصل إلى اتفاق. هذا ينطبق ايضا على الصراع الإسرائيلي العربي منذ عشرات السنين. الولايات المتحدة قادرة على لعب دور حيوي فقط في حالتين ـ عند حدوث حرب حقيقية أو العكس، أي عندما يكون الطرفان يجريان حوارات ناجحة لكنهما يجدا صعوبة في التوصل إلى النقطة النهائية. حينها يكون التدخل الأمريكي من اجل التغلب على العقبات النهائية. وفي ظل عدم وجود أحد هذه الشروط، تفشل جميع المحاولات الأمريكية. لنختبر السيناريوهان. في البداية كيف تنجح الولايات المتحدة في وقف الحروب أو منع التدهور: ٭ في 1956 دفع الموقف الأمريكي المتشدد إلى انسحاب إسرائيل من سيناء ومن قطاع غزة، ومنع التدخل العسكري السوفييتي، وساهم في تحقيق اتفاق نزع السلاح من سيناء، الامر الذي صمد حتى 1967. ٭ في عام 1973 كبحت الولايات المتحدة في نهاية حرب يوم الغفران محاصرة الجيش المصري الثالث من قبل الجيش الإسرائيلي لمنع انتصار إسرائيلي ساحق، وهذا ادى إلى اتفاق فصل القوات مع مصر وسوريا. ٭ في 1982 بعد قتل الرئيس بشير الجميل من قبل السوريين منعت الولايات المتحدة دخول القوات الإسرائيلية إلى غرب بيروت لأن كان من شأن ذلك توسيع دائرة الحرب. ٭ في 1991 في حرب الخليج الاولى منعت الولايات المتحدة إسرائيل من مهاجمة بنية الصواريخ العراقية لان ذلك سيضعضع التحالف الأمريكي العربي ضد صدام حسين. في كل حالة من هذه الحالات استطاعت الولايات المتحدة وقف القتال بشكل فوري حيث كان يكفي طلب أمريكي قاطع من إسرائيل لوقف القتال او الامتناع عن خطوة عسكرية بعيدة المدى. وكان باستطاعة الأمريكيين التاكد فورا من تحقق مطلبهم. لم يكن الحديث عن عملية طويلة المدى او تحقيق اتفاق شامل بل وقف فوري يمكن تطبيقه بسهولة. سأناقش الان السيناريو الاخر ـ حيث تجري الاطراف مفاوضات ناجحة لكنها عالقة في مراحلها الاخيرة. ٭ هذا ما حدث في اعقاب زيارة السادات إلى القدس في 1977. لم تبادر الولايات المتحدة لهذه الزيارة التاريخية، بل العكس. فالرئيس جيمي كارتر ومستشاره جوجنسكي كانا متفاجئين من زيارة السادات وخشيا من انهيار التوازن الهش الذي انبثق بعد حرب يوم الغفران وخطتهم لاتفاق شامل بالتعاون مع الاتحاد السوفييتي. وفيما بعد ايدت الولايات المتحدة الخطوة وخلال اكثر من عام جرت مفاوضات بين إسرائيل ومصر حيث توصلت الاطراف إلى اتفاق على اغلبية المواضيع لكن بقي عدد منها لم يتغلبا عليها. عندها، عندها فقط، استدعى الرئيس كارتر السادات وبيغن إلى كامب ديفيد ومن خلال الاستخدام الحكيم للعصا والجزرة نجح في حل المواضيع العالقة. ٭ مساهمة أمريكية مشابهة كانت في المفاوضات بين إسرائيل وم.ت.ف في 1993. هنا ايضا لم تكن المبادرة للمفاوضات أمريكية، وفي مرحلة معينة غضبت الولايات المتحدة من إسرائيل حيث لم تطلعها على السر. معظم المواضيع تم الاتفاق عليها في اوسلو بين حكومة اسحق رابين وقيادة م.ت.ف برئاسة ياسر عرفات. وهنا ايضا بقيت عدة مواضيع مفتوحة وعندها استدعى الرئيس كلينتون رابين وبيرس وعرفات إلى واشنطن وهناك استكمل الاتفاق ووقع في البيت الأبيض. في الحالتين لم تكن المبادرة للمفاوضات أمريكية بل جاءت من الزعماء المحليين، وفي الحالتين دفع زعماء الطرفين ثمنا سياسيا باهظا بسبب المفاوضات ومع ذلك فقد احتاجوا إلى الدفعة الأمريكية النهائية للتوصل إلى الاتفاق. فقط في ظل هذين السيناريوهين ـ الحرب أو المفاوضات ـ لعبت الولايات المتحدة دورا حيويا ومهما: وقف فوري للحرب أو سد فجوات في المفاوضات الثنائية التي علقت قبل نهايتها. وعند غياب هذين الشرطين فان جميع المحاولات الأمريكية للتوصل إلى اتفاق فشلت: بدء من مبادرات روجرز وخطته ومرورا بمؤتمر مدريد وانتهاء بكامب ديفيد، أنابوليس ومحاولات اوباما وكيري الفاشلة. عند عدم حدوث الحرب أو عدم وجود الرغبة عند الطرفين أو أحدهما أو القوة السياسية للتوصل إلى اتفاق، فان محاولات الولايات المتحدة تفشل. هذه الدروس ترتبط بالاستنتاجات التي طرحتها في مقالي «بين حركتين وطنيتين» (هآرتس، 27/9): التفكير بان الولايات المتحدة قادرة على ايجاد حل للنزاع هو وهم، وبالتالي فان المسؤولية عن الحل ملقاة علينا. احد العوائق لاستيعاب هذا الوعي يرتبط في أن قسما من الجمهور المعتدل في إسرائيل ـ القادر على أن يكون بديلا لحكومة اليمين الحالية ـ يتسلى بالعاب «يخيل لي»: ماذا كنا سنفعل لو كنا نحن الحكومة. ولكن على رأس حكومة إسرائيل يقف بنيامين نتنياهو ولاسفي فان الافتراض بان حكومته ستسقط لتوها هو وهم. وهم مشابه ينطوي على اقوال المعارضة وقادتها في أن كل ما ينبغي عمله هو العودة إلى طاولة المفاوضات، وعندها، بدعم أمريكي، سيتحقق اتفاق. حتى لو استؤنفت المفاوضات ـ فهل يتصور احد ما أن يقترح نتنياهو على الفلسطينيين أكثر مما اقترحه عليهم ايهود باراك وايهود اولمرت ـ الاقتراحات التي رفضوها؟. على المعارضة أن تنطلق إلى صراع ضد سياسة الحكومة في الموضوع الاهم: المطالبة بالوقف التام، بلا أي شروط، لكل بناء في المستوطنات كي لا تضاف المزيد من المصاعب على المفاوضات، إذا ما وعندما تبدأ. الحقيقة الوحشية هي ان ليس للمعسكر الصهيوني الشجاعة السياسية ليقول مثل هذا الامر خشية ان يضره انتخابيا. في المدى القصير، يبدو أن هذا صحيح، غير أنه ليس من المتوقع أن تكون انتخابات في الزمن القريب. ينبغي للمعارضة أن تقترح سياسة بديلة تمنع تحول إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية. يمكن حتى المبادرة ـ ربما بدعم يهود الشتات ـ إلى خطة سخية تتعلق بالاخلاء ـ التعويض للمستوطنين في الضفة الغربية ممن يبدون الاستعداد للعودة إلى إسرائيل في حدود الخط الاخضر. لقد نجح اليمين الإسرائيلي في تجنيد متبرعين يهود من أرجاء العالم لتوسيع المستوطنات وشراء المباني والاراضي في شرقي القدس. فلماذا لا يسير اليسار في هذا الطريق ويجند المعتدلين من أوساط يهود الشتات كي يفعل شيئا ملموسا ـ وليس فقط يطلق الاعلانات ـ للدفع إلى الامام بسياسة بديلة على اساس ذي صلة؟ ربما حتى جي ستريت يمكنها أن تساعد في ذلك في شيء ايجابي ولا تعمل فقط على انتقاد سياسة إسرائيل. تعالوا نتصور ماذا سيحصل لو قال اسحق هرتسوغ الامور التالية: «كرئيس وزراء سأوقف كل بناء في المستوطنات؛ كرئيس وزراء سأخلي البؤر الاستيطانية غير القانونية، كما تعهدت بعمل ذلك الحكومات السابقة؛ كرئيس وزراء سأعمل، بمشاركة يهود الشتات على تنفيذ خطة اخلاء ـ تعويض سخية». هذه الاقوال، حتى وان كانت ستخلق معارضة في اليمين، سيكون بوسعها أن تشكل اساسا لخلق معسكر صهيوني واسع ـ بل وربما تنقل جموع مؤيدي يوجد مستقبل إلى معسكر برئاسة هرتسوغ، الخطوة التي هي حرجة لامكانية الانتصار في الانتخابات القادمة. مثل كثيرين آخرين، كنت أود أن ارى مفاوضات تسوية بيننا وبين الفلسطينيين منذ الغد. ولكن بعد عشرين سنة، ومع حكومة يمين يصعب أن نرى كيف يمكن اسقاطها، محظور أن نصاب باوهام ان واشنطن ستجلب الخلاص، واننا إذا عدنا إلى طاولة المفاوضات ستكون النتيجة مختلفة عما كانت عليه في العشرين سنة الاخيرة. يجدر بالذكر أنه في الحكومات التي فشلت في المفاوضات مع الفلسطينيين على التسوية الدائمة كان قادة المحادثات باراك، اولمرت وتسيبي لفني (ناهيك عن يوسي بيلين، الذي سار مسافة أبعد بكثير منهم). من السهل اتهام نتنياهو، ولكن هذه كانت حكومات معتدلة، رغم نواياها الطيبة، فشلت حين أدارت المفاوضات بالوهم بانه يمكن الوصول إلى اتفاق (او بكلمات لفني: كل شيء سيحل «عندما ندخل إلى الغرفة»). هذا لن يحصل، ولهذا فيجب التفكير من خارج العلبة واقتراح خطوات حقيقية ـ تحقق اقل من السلام، ولكنها تضعضع الوضع الراهن: المعسكر الصهيوني يخطيء عندما يركز فقط على مطلب استئناف المفاوضات. هذه ليست خطة سياسية. الكثيرين في إسرائيل يتوقعون مبادرة كهذه ويرون في اقوال المعارضة ضريبة لفظية فقط، يمكن تكرارها المرة تلو الاخرى لانها لا تلزم عمليا بشيء. بعد عشرين سنة من اتفاق اوسلو يجدر التفكير من خارج العلبة. لا يمكن لاي ضغط خارجي أن يجلب لإسرائيل الخلاص، وحده الضغط الداخلي. ومثلما لم تنجح الولايات المتحدة في حل مشكلة أقل تعقيدا بكثير كمشكلة قبرص، فانها لن تنجح في حل النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. والخطوة لمنع تحول إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية ومنع التدهور إلى عنف لا نهاية له، على المعارضة برئاسة هرتسوغ ان تقودها بحزم واستقامة. شلومو أفينري هآرتس 13/10/2015 صحف عبرية |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75881 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: صحف عبرية بين حركتين قوميتين الأربعاء 14 أكتوبر 2015, 6:11 am | |
| بين حركتين قوميتين -فلسطينية وصهيونية هآرتس شلومو أفينري* بعد أكثر من عشرين سنة على توقيع اتفاقيات أوسلو يجب طرح سؤال لماذا لم تثمر هذه الاتفاقات عن حل وسط تاريخي كما توقع المبادرون إلى عقدها. هذا السؤال يجب أن يوجه لمن أيدوا الاتفاقات واعتبروها بداية الطريق للمصالحة التاريخية بين الشعبين. هناك أكثر من سبب لعدم تحقيق نهاية الصراع واتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين: عدم الثقة المتبادل بين الشعبين، الضغط الداخلي لمعارضي الاتفاق عند الطرفين، ألاعيب ياسر عرفات، قتل رئيس الحكومة يتسحاق رابين، انتصار اليمين في الانتخابات الإسرائيلية، الإرهاب الفلسطيني، استمرار البناء في المستوطنات، الشرخ بين فتح وحماس، رؤساء أميركيون فعلوا القليل (جورج بوش الابن) أو أنهم فعلوا أكثر من اللزوم بطريقة خاطئة (براك أوباما)، ضعف محمود عباس والعقبات التي وضعتها حكومات نتنياهو أمام المفاوضات. كل ذلك صحيح وكل شخص يختار لنفسه الأسباب الملائمة حسب قناعته. لكن يُضاف إلى كل هذه الأسباب الاختلاف الكبير في المفاهيم عند الطرفين حول الصراع، هذا الاختلاف الذي يفضل الكثيرين تجاهله. أغلبية الإسرائيليين يعتبرون الصراع صراعا بين حركتين قوميتين: الحركة القومية اليهودية، الصهيونية، والحركة القومية الفلسطينية، التي هي جزء من الحركة القومية العربية. المنطق الداخلي لهذا الموقف يؤدي بشكل مبدئي إلى حل الدولتين، حتى لو فضل اليمين الإسرائيلي تجاهل ذلك، ففي نهاية المطاف بنيامين نتنياهو نفسه تبنى هذا الحل رغم أن هذا خلاف لرغبته. الموضوع هو أن الإسرائيليين الذين يعتبرون الصراع بين حركتين قوميتين يفرضون أن هذا هو موقف الطرف الفلسطيني أيضا، لذلك عند فشل المفاوضات في مرحلة معينة يركزون على أسباب الفشل ويفرضون أن أي تنازل كهذا أو ذاك سيحل المشكلة. وهذه للأسف الشديد خدعة. الموقف الفلسطيني الأساسي الذي لا يتحدثون عنه أمام الإسرائيليين، وأمام من يحجون إلى رام الله، يختلف تماما، وهم لا يخفون ذلك: حسب رأيهم ليس هناك صراع بين حركتين قوميتين بل صراع بين حركة قومية واحدة- الفلسطينية-وبين كيان كولونيالي امبريالي- إسرائيل. وحسب وجهة نظرهم ستكون نهاية إسرائيل مثل نهاية أي حركة كولونيالية: ستتلاشى. اضافة إلى ذلك، اليهود حسب رأي الفلسطينيين ليسوا أمة بل طائفة دينية، وحق تقرير المصير الذي هو حق دولي لا يسري عليهم. لهذا السبب فإن إسرائيل كلها، وليس فقط الضفة الغربية، تشبه الجزائر، وهي أرض عربية طرد منها الكولونياليون الأجانب؛ هذا هو سبب عدم وجود إسرائيل في خرائط كتب التعليم الفلسطينية؛ ولهذا السبب يتمسكون بعدم التنازل عن حق العودة للفلسطينيين إلى داخل إسرائيل؛ وهذا سبب التشدد الفلسطيني الرسمي، من أبو مازن وحتى صائب عريقات – لعدم الاعتراف بأي شكل من الاشكال بدولة الأمة اليهودية. ومن وجهة نظر الفلسطينيين فإن إسرائيل هي كيان غير شرعي سيختفي من العالم. أحد تعبيرات الفجوة بين الموقف الإسرائيلي والموقف الفلسطيني يبرز في الاختلاف في اللغة الدبلوماسية للطرفين عندما يتحدثان عن حل الدولتين. الصيغة الإسرائيلية تتحدث عن "حل الدولتين للشعبين" وأحيانا يضاف اليه "دولة قومية فلسطينية إلى جانب الدولة القومية اليهودية". اللغة الفلسطينية تتحدث فقط عن حل الدولتين، ولا تتحدث أبدا عن دولتين لشعبين. من الواضح أنه اذا كان اليهود ليسوا شعبا فلا حق لوجود الدولة اليهودية. هذا أيضا هو السبب الحقيقي لعدم وجود الندم عند الجمهور الفلسطيني بسبب رفض قرار الأمم المتحدة تقسيم البلاد في 1947. وحسب معرفتي – سأكون سعيدا اذا تبين أنني مخطئ، لا يوجد حتى اليوم نقاش جدي حول خطة التقسيم في اوساط الجمهور الفلسطيني: هناك عدد لا يحصى من الكتابات والنقاشات حول الفشل العسكري للعرب في 1947 و1948، لكن ليس هناك من يقول إن قرار رفض قرار التقسيم والشروع بالحرب كان خطأ من الناحية السياسية أو الاخلاقية. لم يتجرأ أي فلسطيني حتى اليوم من المجال السياسي أو الثقافي على الاعتراف بأنه لو قبل الفلسطينيون خطة التقسيم لكانت أنشئت في أيار (مايو) 1948 دولة فلسطينية على جزء من ارض إسرائيل الانتدابية ولما كان هناك لاجئون. من المريح اكثر تجاهل المسؤولية الاخلاقية عن الكارثة التي تسببت بها القيادة الفلسطينية لشعبها. النقاش ليس مجرد نقاش تاريخي أو رواية: اذا كان الموقف المسيطر لدى الجمهور الفلسطيني هو أن إسرائيل ليست دولة شرعية تعتمد على حق الشعب في تقرير المصير، بل كيان إمبريالي، فليس هناك مكان لإنهاء الصراع عن طريق حل وسط. أغلبية الإسرائيليين يعتقدون أن الصراع في أساسه جغرافي، لذلك يسعون إلى اتفاق جغرافي، العودة إلى حدود 1967، اخلاء المستوطنات وحل وسط في القدس، هذا هو مفتاح حل الصراع. سلوك الفلسطينيين في المفاوضات في كامب ديفيد في عهد عرفات وبعد ذلك في الاتصالات بين محمود عباس واهود اولمرت، يثبت أن الحديث عن لعبة أكثر عمقا. أيضا قول عباس إن حركته غير قادرة على التنازل عن حق العودة لأن هذا الحق "حق فردي" لكل لاجئ فلسطيني أو لأحفاده، وهذا يبرهن على أنه لو تم حل الموضوع الجغرافي فإن الصراع سيستمر بالنزف. هذا أيضا سبب رفض عباس الذهاب في طريق الرئيس المصري أنور السادات والقاء خطاب في الكنيست: من وجهة النظر الفلسطينية سيكون هذا اعترافا بسيادة وشرعية دولة إسرائيل. أدرك أن المعسكر المعتدل في إسرائيل، الذي يعترف بحق تقرير المصير للفلسطينيين، ويعارض المستوطنات ويؤمن بحل الدولتين، يستصعب قبول حقيقة أن حقيقة الفلسطينيين يرفضون حق إسرائيل في الوجود. لكن لا مناص من التعامل مع هذه المواقف، يجب عدم اليأس وعدم التسليم بالوضع الراهن والقول إنه ليس هناك شيء نفعله. يمكن التعلم من صراعات قومية مشابهة في الوقت الحالي وللأسف من أن معظم الإسرائيليين ينشغلون بالجدل الداخلي الذي لا ينتبه لذلك. الصراع القومي في قبرص، كوسوفو، البوسنة بل وفي كشمير البعيدة، يبرز الشبه مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني: كلها تحمل العامل الجغرافي، الاحتلال التركي لشمال قبرص، موقف صربيا بأن كوسوفو هي جزء من وطنهم التاريخي، البُعد الجغرافي للصراع بين الحركات القومية في البوسنة والاحتلال الهندي لأجزاء من كشمير. كل هذه الصراعات ليست فقط بسبب الجغرافيا بل هي صراعات بين حركات قومية فيها طرف واحد على الاقل لا يعترف بحق الطرف الآخر في تقرير المصير. وفي كل الصراعات توجد روايات وذاكرة تاريخية متصادمة ومواقف متعارضة حول السيادة، الاحتلال، التطهير العرقي، الاستيطان ومعارضة الاحتلال. هذه ليست صراعات دينية، لكن لكل طرف بُعد ديني يرتبط بالأماكن التي تعتبر مقدسة بالنسبة له. اليمين الإسرائيلي يريد تخليد الوضع الراهن، وسياسة نتنياهو تُظهر أنه وضع نصب عينيه هدفا واحدا هو منع نقل اراض للسيطرة الفلسطينية، ومنع أو تأجيل اقامة الدولة الفلسطينية. ومن يعتقد أن نتنياهو يريد فقط البقاء في الحكم، مخطئ (كل سياسي يسعى إلى ذلك): هو يعتبر سلطته هدفا قوميا، وكل خطوة (بما في ذلك التركيز على السلاح النووي الإيراني، الامر الذي لن يتنازل عنه رغم أنه لا يرغب بمهاجمة إيران)، موجهة في هذا الاتجاه: حرف الانظار عن الموضوع الفلسطيني. المعارضة برئاسة المعسكر الصهيوني لا تقدم بديلا عن هذه السياسة. رئيس المعارضة يتسحاق هيرتسوغ على حق في طلبه الدائم أنه يجب العودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين، لكن هذا غير كاف لأن هذه ليست خطة سياسية. فهل يعتقد أنه اذا عادت حكومة نتنياهو إلى طاولة المفاوضات فستكون النتيجة اتفاقا يستند على مبدأ الدولتين؟ اضافة إلى ذلك: اذا كان هيرتسوغ رئيس الحكومة وعاد إلى طاولة المفاوضات فهل يمكنه أن يقترح على الفلسطينيين أكثر مما اقترحه اهود باراك في كامب ديفيد واولمرت في نقاشاته مع عباس؟ وقد رفض الفلسطينيون الاقتراحات الإسرائيلية في الحالتين. أيضا الفكرة التي تسحر الكثيرين، تبني مبادرة الجامعة العربية، لا تصمد في امتحان الواقع حيث العالم العربي ينهار وهناك أربع دول لم تعد دولا. الجامعة العربية صادقة في نيتها، ورغبتها في تحقيق المبادرة العربية لا تعني أنها ستأتي بالخلاص. من الافضل أن يقول هيرتسوغ امورا مختلفة تستدعي تفكيرا ابداعيا وجرأة سياسية. عليه أن يقول إنه يجب العودة إلى طاولة المفاوضات وإن الحل يجب أن يكون دولتين للشعبين. لكن انطلاقا من معرفة صعوبة تحقيق اتفاق كهذا الآن، فإن على إسرائيل اتخاذ عدة اجراءات من شأنها التخفيف على تحقيق الاتفاق المستقبلي. وحكومة برئاسته ستهتم بالخطوات التالية: - الوقف التام للبناء في المستوطنات واخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية حسب ما تعهدت به حكومات سابقة. - تطوير خطة سخية للإخلاء- التعويض للمستوطنين الذين يقومون بالإخلاء بأنفسهم ومنع سيطرة اليهود على مبان في القدس الشرقية. - الاعلان عن "شارة الثمن" تنظيم غير قانوني. - تشجيع الاستثمارات الدولية في الضفة. - رفع ما تبقى من الحصار عن قطاع غزة، وتشكيل هيئة بالتعاون مع المصريين والاتحاد الأوروبي للرقابة على عبور البضائع والناس من غزة واليها. كل هذه الخطوات تسعى إلى اظهار وجهة إسرائيل، حتى لو لم تكن تنتظر استجابة الفلسطينيين. أدرك أن هذه الخطوات ليست سهلة. فمن جهة هي لن تؤدي إلى الحل الدائم، ومن جهة أخرى ستثير المعارضة في إسرائيل. لكنها ستشكل بديلا واقعيا للوضع الراهن، وحتى لو كانت جزئية فيمكن أن يتبلور حولها معسكر صهيوني حقيقي وكبير. لا تكفي العودة إلى طاولة المفاوضات كمفتاح للحل. فهذه الصيغة جربناها أكثر من عقدين، وعندما حاولت حكومات معتدلة برئاسة باراك واولمرت السير في هذه الطريق، فشلت – ليس فقط بسبب إسرائيل: من يلقي اللوم على إسرائيل فقط مصاب بالعمى. فالرفض الفلسطيني الذي يستمر إلى الآن يتحمل قسما من المسؤولية. وحول فكرة الكونفدرالية التي طرحت مؤخرا. أنا أحترم الرئيس رؤوفين رفلين لتأكيده على حقوق المواطنين العرب الإسرائيليين، حيث أنه يسير بذلك على طريق جابوتينسكي. لكن رفلين أيضا يؤيد ارض إسرائيل الكاملة ويعارض اقامة الدولة الفلسطينية. فعندما سُئل عن المستقبل، عارض اقامة الدولة الفلسطينية، ولإنهاء التناقض الداخلي بين الأمرين طرح فكرة الكونفدرالية. على مستوى الأقوال هذا مخرج مريح، لكنه للأسف ليس واقعيا. أولا، لا يوجد مكان في العالم فيه كونفدرالية (سويسرا تسمي نفسها كونفدرالية لأسباب تاريخية لكنها من ناحية فعلية هي فيدرالية). لقد طرحت الفكرة الكونفدرالية عند انهيار الاتحاد السوفييتي ويوغسلافيا، وفشلت. فالكونفدرالية تحتاج، قبل أي شيء، وضع الحدود للأطراف فيها. هل يعتقد أحد أن الفلسطينيين سيوافقون على كيان فلسطيني لا يشمل كل مناطق الضفة؟ هل ستوافق إسرائيل أن تكون المستوطنات داخل فلسطين في اطار الكونفدرالية؟ يتبين أن الحل الكونفدرالي لن يجيب على موضوع القدس. ثانيا، الكونفدرالية خلافا للفيدرالية تبقي كل طرف كيانا مستقلا معترفا به دوليا، بما في ذلك العضوية في الامم المتحدة. هل ستوافق إسرائيل على ذلك؟ اذا قامت كونفدرالية كهذه فستكون على أساس التناوب، فهل سيقبل الإسرائيليون وجود رئيس فلسطيني؟. يجب الاعتراف أنه ليس هناك حل في الوقت الحالي. هذا الاستنتاج المتشائم يعني ضرورة اعتراف المعارضة ورئيسها بذلك. فعليهم تقديم البديل، ليس عن حل الصراع، بل التخفيف من حدته وتقريب الطرفين من الحل التاريخي. لكن لا يجب أن نخدع أنفسنا. فطالما أن الفلسطينيين يقتنعون أنهم يقاتلون، بالسلاح أو بالدبلوماسية – الكيان الصهيوني الكولونيالي والامبريالي – فإن الحل التاريخي لن يتحقق. يصعب الاعتراف بذلك، وبنفس القدر يجب تطوير استراتيجية خلاقة بديلة للخروج من الوضع الراهن الذي يهدد وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية.
*المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلية |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75881 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: صحف عبرية بين حركتين قوميتين الأربعاء 14 أكتوبر 2015, 6:43 am | |
| |
|