ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: "جيران العمارات السكنية" علاقات تخضع لضوابط ومحددات الجمعة 09 أكتوبر 2015, 8:48 am | |
| "جيران العمارات السكنية" علاقات تخضع لضوابط ومحددات على الفرد أن يكون مرناً في تعاملاته الاجتماعية مع الجيران في العمارة ذاتها ما إن انتقلت عائلة أبو خيرت إلى بيتها في العمارة السكنية الجديدة، حتى تغير نظام حياتها بشكل كبير جدا؛ إذ أصبحت عليهم التزامات ومحددات كثيرة لم تكن تشعر بها الأسرة من قبل، حتى على مستوى الأطفال.وبعد أن كانت الأسرة تعيش في بيت مستقل، تسكن الآن في الطابق الثاني في إحدى العمارات الحديثة؛ حيث تؤكد أم خيرت أنها شعرت بالكثير من الاختلاف في طريقة التعامل التي يجب أن تتبعها مع الجيران القاطنين في العمارة ذاتها.وتبين أن السكن في العمارات له الكثير من المحددات التي يجب أن يلتزم بها الساكن، كما أن له حقوقا على الساكنين؛ إذ تعمدت أن تتحدث مع جاراتها بعد فترة قليلة من الإقامة واتفقت معهن على الكثير من أمور العمارة المشتركة، والتي يجب أن يقمن بها سوياً.وتشهد المملكة منذ سنوات عدة حركات عمران نشطة في مجال الشقق السكنية؛ إذ أصبحت الكثير من الأسر تتوجه للسكن في العمارات والشقق السكنية، لعدم القدرة على بناء بيت مستقل، لارتفاع أسعار الأراضي في مختلف مناطق المملكة.هذا التوجه العمراني وصل إلى مختلف المناطق حتى في القرى التي تنتشر فيها البيوت المستقلة أكثر من العمارات السكنية.وصال مشهور، هي أيضا من بين من سكنوا شقة في موقع جميل، على حد تعبيرها، إلا أنها لم تعتد على أجواء العمارة بعد، كونها كانت تعيش في شقة صغيرة تحت بيت أهل زوجها، ولم يكن لديها الكثير من الالتزامات أو المحددات.وبعد أن ازداد عدد أفراد العائلة، اتفقت وصال وزوجها على شراء شقة مناسبة، ومنذ أكثر من سنتين وهي تسكن الشقة الجديدة، مؤكدة أن الوضع اختلف عليها كثيرا.ومن التغييرات التي حدثت معها، كما تبين وصال، ضرورة الالتزام بأمور وقوانين "تلقائية" من ساكني العمارة، بخاصة وأنهم ليسوا جميعاً أقارب ولكل منهم طبيعته الخاصة، لذلك حاولت أن تبدأ بعلاقات ودية مع جميع جاراتها حتى تستمتع بالسكن معهن في العمارة، وبالفعل علاقاتها الآن جيدة بهن، على الرغم من وجود بعض "المنغصات" من قبل البعض.وتلجأ وصال إلى جارتها المقابلة لها في الكثير من الأحيان لتساعدها في بعض أمور حياتها اليومية، وهو ما جعلها تتأقلم سريعاً مع السكن الجديد، بالإضافة إلى وجود عدد من الأطفال من ساكني العمارة، الذين أصبحوا أصدقاء لأبنائها.وكانت دراسة استطلاعية بريطانية قد أشارت إلى أكثر المشاكل التي تحدث بين الجيران في العمارات السكنية، سببها يعود إلى الاختلاف على مواقف السيارات وارتفاع الأصوات لدى الجيران، مثل صوت الموسيقى، ونباح الكلاب في حال كان عند إحدى العائلات كلب، بالإضافة إلى عدم التخلص من أكياس القمامة بشكل كامل.وتسمى حركة تنقل السكان والتعايش فيما بينهم بـ"الحراك الاجتماعي"، بحسب أخصائي علم الاجتماع الدكتور سري ناصر، والذي يرى أن مكان السكن والأشخاص المحيطين به من جيران وأقارب له كبير الأثر من الناحيتين الاجتماعية والنفسية في الوقت ذاته.لذلك، يعتقد ناصر أن الإنسان عليه أن يتقبل المكان بكل ما فيه من سلبيات وإيجابيات، كما أن الإنسان في أي مكان سكن، سيخضع لمحددات وواجبات وحقوق للجيران والمحيطين بالسكن، سواء أكانوا أقارب أم لا، لافتا إلى أن هناك أسبابا تجعل الإنسان ينتقل ويستقر في مكان سكنه بناءً على ظروف أجبرته على ذلك، وترك مكان سكنه السابق.وعلى الرغم من ذلك، تصبح مساحة الحرية في الحركة والكلام أقل بكثير في الشقق السكنية، وليس كما في البيوت المستقلة، وهذا ما لمسته أم ميس بعد زواجها؛ حيث استأجرت وزوجها شقة لتكون بيت الزوجية، بعد أن كانت تعيش في بيت مستقل مع أهلها قبل الزواج.ولا تنفي أم ميس أنها أصبحت أكثر حرصاً في الحديث بصوت منخفض، خوفاً من وصول الصوت إلى الجيران، بالإضافة إلى أنها أصبحت تلتزم أكثر ببعض الأعمال الإضافية بالتعاون مع الجيران، مثل تنظيف الدرج وصيانة المصعد، ودفع بعض المستحقات المالية المشتركة، والتي يقوم زوجها بدفعها بالتشارك مع الجيران.وفي هذا السياق، يرى ناصر أن الانتقال يجعل الإنسان متعلقاً بالمحيط السكني وبالبيت، وعليه أن يتداخل مع المحيطين في ذات البيئة والموقع بشكل سريع، حتى يتقبل المكان ويؤقلم حياته بناءً على مكان إقامته، وبالنهاية هذا نسيج اجتماعي متكامل، يبدأ من الأسرة والمسكن والحي إلى أن يتكون المجتمع بأكمله.وتذهب الأخصائية الأسرية والنفسية الدكتورة خولة السعايدة، إلى أن التزام الأسرة وأفرادها بالعديد من المبادئ والقيم الفاضلة هو الذي يحكم العلاقة فيما بينهم وبين الجيران، كون طبيعة العلاقة بين الجيران في العمارات السكنية أكثر منها قرباً واحتكاكاً من باقي المنشآت السكنية المنفردة والمستقلة؛ إذ تحكمهم ظروف التعايش إلى الالتزام بقوانين تضعها ظروف الحياة.كما ترى السعايدة أن الالتزام بالمبادئ والقيم الفاضلة في التعامل مع الآخرين بشكل عام "تُسهل التفاعل اليومي بين الجيران بدون حدوث منغصات وإزعاجات فيما بينهم"، وبعد ذلك عدم حدوث أي إحراج لديهم، ذاهبة إلى أن مراعاة حاجات الناس وتقدير ظروفهم وحقوقهم وتبرير سلوكياتهم بطريقة إيجابية وحب، كلها أمور تسهم في جعل الحياة الاجتماعية الأسرية في العمارة السكنية أكثر استمتاعاً.وتقترح السعايدة على الجيران أن يقوموا مثلاً بعمل تجمع معين بين الحين والآخر، مثل الذهاب في رحلة جماعية تسهم في خلق روح المحبة والتكافل فيما بينهم وتزيد من أواصر العلاقات الاجتماعية، والتي تنعكس فيما بعد على حياة الأسر، بسبب عدم حصول مشاكل أو إرهاصات فيما بينهم، والتي عادةً ما تنتقل إلى داخل محيط الأسرة.ومن الطبيعي أن يكون هناك اختلاف في الشخصيات التي يتعامل معها الفرد في أي مكان يعيش فيه، لذلك يؤكد ناصر أن الفرد عليه أن يكون مرناً في تعاملاته الاجتماعية ويتقبل أن المحددات تنطبق عليه وعلى غيره. |
|