الزراعة قبل الاسلام والاتجار بمنتوجاتها
وحده الانسان تمكن من السيطرة على محيطه الحيوي.
وهذا ما لم يتيسر للاحياء الشبيهة بالإنسان.
وكانت أولى خطوات الانسان في هذا المجال ما حققه خلال اجيال طويلة جداً من تأنيس بعض الحيوانات وتدجينها
فجعل الحيوانات غير البشرية تقوم على خدمته٬ كما شحذ أدواته على الشكل الذي يريده واخترع الزراعة وتربية الماشية٬
مستعيضاً بذلك عن الانتنخاب الطبيعي بالانتخاب البشري.
لقد جعل من تدجين النباتات والحيوانات لحمة الحياة البشرية وسداها.
ثم إخترع التعدين وتعامل مع القطع المعدنية على انها طيعة ومرنة اذا عرف كيف يفعل ذلك.
كانت المنطقة التي إخترعت فيها الزراعة وتربية الماشية والتعدين تشمل٬
إضافة الى بلاد ما بين النهرين (ميزوبوتاميا)٬ بلاد الشام وغرب ايران وتركستان وجنوب غرب آسيا.
حدث ذلك خلال العصر الحجري الحديث وما تبعه من حياة العصر الخلكوليثي والعصر النحاسي فالعصر البرونزي .
تمت عملية التدجين النباتي والحيواني على مراحل. فالكرم والزيتون والتين والخوخ والكرز
والدراق والتفاح والاجاص والابقار والماعز والخراف دجنت في اول مراحلها في جنوب غرب آسيا.
ولعل شجرة النخيل لم تدجن الا لما تم شق الارض في سومر ومصر حيث الرطوبة والحرارة تبلغ شدة كبيرة.
أما الجمال العربية فتم تدجينها في الجزء الاخير من الألف الثاني قبل الميلاد .
من جهة اخرى٬ خلق اختراع الزراعة مشكلة تمثلت بايجاد تقنية تجعل من المزارعين جماعة مستقرة.
فالزراع في الحقبات القديمة اععتمدوا على المطر لري مزروعاتهم الموسمية٬ لكن الحقول التي انهكها الاستغلال باتت أقل انتاجاً٬
فحلَت محلها الزراعة التي تعتمد الدورة الزمنية.
وكان تسميد الارض الموقت يقوم على حرق الاشجار لتصبح التربة قابلة للاستغلال مرة ثانية.
ولم يكن هذا الحل حلاً مرضياً٬ ذلك ان الاشجار المحروقة لم يكن بالامكان استبدالها باخرى
الا بعد فترة زمنية تسمح للاشجار البرية الجديدة بان تنمو .
هذا الوضع لم يؤمن لانسان تلك العهود الاستقرار الذي حلم به.
مرت اجيال قبل ان يكتشف الانسان المزارع ان بامكانه الاستقرار في مكان واحد من دون
الاعتماد على الري الطبيعي وتسميد الارض بحرق الاشجار.
هنا وجد ابن بلاد ما بين النهرين ومن بعده ابن ضفاف النيل ان الواحات القريبة منه تنتظر التعامل معها بتصفية مياهها
ليتزود بمردود اكبر مما كان يحصل عليه في واحات الاجداد٬ فضلاً عن انه سيعمل ويعيش فوق مقياس أرضي أكبر بكثير.
وهذه الارض المرجوة كانت المستنقع – الغاب في حوض دجلة والفرات الاسفل والمستنقع الغاب في محيط وادي النيل.
فقد كان في كلا الموقعين مزيج من غرين غني بعناصر الخصب وماء غني بالسماد.
وكانت السيطرة٬ كما سنرى في هذا البحث٬ على هذه الهبة الطبيعية إنجازاً اجتماعياً واقتصادياً .
خلق هذا الوضع الجديد طبقة جديدة من الناس الذين امتهنوا التجارة٬ محلياً وخارجياً. فالغلات
كانت بحاجة الى من يسوقها ومن يشتريها. وهذا ما سنراه لاحقاً .
شق غرين دجلة والفرات
خلق اختراع الزراعة مشكلة. فكيف يمكن التوصل الى تقنية تجعل من الزراع والفلاحين جماعة مستقرة.
لعله قد مر على الانسان بضع اجيال قبل ان يعرف الاستقرار في ارض معينة تؤمن له ولاولاده واحفاده العيش من ارضه وزرعه.
وكان على هذا الانسان ان يتعلم الاستقرار في مكان واحد من دون الاعتماد على الري الطبيعي.
وقد كان ثمة منطقة واحدة تقع على مقربة من مهود الزراعة في جنوب غرب آسيا تنتظر شقها وحفرها بتصفية مياهها وريها صناعياً
لتزويد الاحفاد بمردود يفوق ما كان يحصل عليه الاجداد.
وكانت هذه الارض المرجوة المستنقع – الغاب في حوض دجلة والفرات الاسفل.
فقد كان هناك مزيج من غرين غني بعناصر الخصب وماء غني بالسماد .
كانت السيطرة على المستنقع – الغاب إنجازاً اجتماعياً وإقتصادياً كبيراً.
فالاجتماعية هي الشرط اللازم لصنع أبسط الادوات واستعمالها.
ولعل مستغلي الارض في الواحات الصغيرة التي كانت قائمة في غرب آسيا كانوا قد إكتشفوا كيف يمكن تحسين الطبيعة بالري بطريقة صناعية.
وكان أن طبق إنسان بلاد ما بين النهرين هبة الرافدين من الغرين على مقياس كبير٬ تطلب تعاوناً بين اعداد كبيرة من الناس.
فخطط لتغلب الانسان على الغرين بشر ذو مخيلة وبعد نظر٬ إيماناً منهم أنهم يعملون لمردود كبير.
وإذ وجد قادة هؤلاء الناس ان لا بد من حاجة الى الاداة المنظمة والدافعة لتدبير الماء والتراب بكميات ودرجات اكبر
من ان تدبرعلى تذكر تعليمات وترتيبات شفوية من دون قيود٬ فكان اختراع الكتابة السومرية التي خدمت المجتمع ككل٬
رغم انها كانت في مطلع اختراعها معقدة مما جعلها تقتصر على فئة محدودة .
ابتكارات سومرية
خلق السومريون عن طريق فتح الغرين في حوض دجلة والفرات ما يمكن تسميته بالمدنية
الاقليمية. ورغم اننا نفتقر الى دليل تاريخي ان السومريين كانوا ابناء تلك المنطقة التي لم تكن
سوى منطقة موحشة غير قابلة لسكنى البشر قبل ترويض الارض.
حتى ان أقدم المستوطنات السومرية مثل أور وأورك واريدو قامت على الطرف الجنوبي الغربي للمستنقع الكبير.
ولما استغل السومريون الغرين في الزراعة كانوا أول مجتمع في العالم القديم الذي كان له من انتاجه فائض يفوق الحاجة السنوية للاستمرار في العيش.
وبتنا نشهد منذ شق الغرين تطوراً في حياة السكان المحليين٬ بحيث أصبحوا يسكنون "مدنا" تحيط منازلها بالمعابد
وتتزايد أعداد الناس العاملين في غير حقل الزراعة .
أظهر السومريون حصافتهم في الالمعية التكنولوجية التي نمت على ايديهم فتوصلوا الى صنع ادوات زراعية من الصلصال المشوي
الى درجة تقرب المعادن صلابة وحدة. لكن هذا الاختراع لم يغنهم عن النحاس٬
مما اضطرهم الى استيراده من حوض دجلة والفرات الاعلى ومن المناجم الواقعة في منقلب المياه المواجه للبحر الاسود.
وكان على السومريين ان يستوردوا الاخشاب من جبال آمانوس.
وكذلك كان عليهم ان يستوردوا الحجر الذي استعملوه بنوع خاص في النحت وصنع التماثيل.
وكان عليهم ان يدفعوا اثمان هذه المستوردات من منتوجاتهم٬ مثل الحبوب والقماش .
تشهد الوقائع التاريخية القديمة ان التجارة السومرية القديمة كانت أكثر نشاطاً من التجارة المصرية.
وكان مجال نقلها أوسع بكثير. ويبدو ان أشور على دجلة الاعلى وتل براك في ميزوبوتيميا كانت أقدم المستوطنات.
ويبدو انها كانتا سومريتين لا ساميتين .
قابل هذا التوسع التجاري الى المشارف العليا للنهر براً توسع تجاري في الخليج العربي٬ وربما تجاوز ذلك الى دلتا نهر السند٬
وحتى من المحتمل انه وصل الى ساحل البحر الأحمر في مصر العليا .
إنما أهم توسع في المتاجرة والنقل كان توسع السومريين التجاري براً في الاتجاه الشمالي الغربي .
كانت الاخشاب تقطع من جبال أمانوس وتنقل براً الى شاطئ الفرات الغربي .
وكان النحاس المستورد من أرغانا مادن ينقل براً الى اجزاء دجلة والفرات العليا.
عندها كانت هذه الاحمال الضخمة توضع فوق أطواف تحملها المياه هبوطاً مع النهرين
بينما كان الركاب ينقلون في قوافل مصنوعة من القصب مكسوة بالجلد.
وكان النقل مع الماء الهابط يسيراً وسريعاً لأن التيار في كل من دجلة والفرات كان قوياً.
إلا ان السومريين٬ للسبب ذاته٬ لم يكونوا يستطيعون استعمال الرافدين للسفر او للنقل صعوداً مع المجرى.
فحوض دجلة والفرات لا تسود فيه رياح جنوبية شرقية. ومن ثم فقد كان على مستثمري النحاس والاخشاب
ان ينتقلوا الى الجهة الشمالية الغربية عبر الطريق البري بكثير من العناء.
والتجار الذين كانوا يسيرون في اعقاب المستثمرين كان عليهم ان ينقلوا متاعهم المصدر لدفع اثمان ما يستوردون بالطريق الشاق نفسه.
كان الحمار هو الدابة الوحيدة التي كانت عند السومريين عندما كانوا يشقون الغرين .
وكان هذا هو الحمار الوحشي المدجن.
ولم يكن لديهم لا الحصان ولا الجمل. فقد دجن هذان في السهوب على أيدي أقوام أخرى وفي أزمنة لاحقة.
شق الغرين النيلي
سار المصريون القدامى على خطى السومريين وشقوا بدورهم غرين نهرهم الكبير النيل.
وتم هذا الانجاز في عصر المملكة القديمة الذي تلا توحيد مصر العليا والدلتا.
وثمة إجماع بين علماء المصريات المعاصرين انه من الممكن تتبع الاثر السومري
في التطور الاجتماعي والاقتصاديالذي حدث في مصر القديمة.
وتجلى هذا التأثير في اكثر من حقل٬ إن في استعمال الاجر في اسلوب البناء المفَرغ
وتقليد بناء السفن السومرية وفي عدد من الاسس الفنية.
هبط سكان مصر العليا القدامى من المرتفعات القائمة على جانبي النهر الى الغرين وبدأوا بشقه٬
على ما تظهر لنا القيود الأثرية من المنطقة نفسها.
وكانت الدلتا آنذاك على عكس مصر العليا لا السومريين٬ سهلاً نسبياً .
فقد كان هنا نهر واحد بحاجة الى السيطرة عليه وكان واديه ضيقاً تزال على حالها البدائي٬ أي مستنقعاً – غاباً.
وكان العمل هنا٬ بعكس ما حدث في بلاد ومنطقة المستنقع– الغاب في هذا القسم من حوض النيل
كانت قريبة من الحروف العالية على كل من جانبيه .
يضاف الى ذلك ان مصر٬ بما في ذلك الدلتا٬ كان لها بعض المواد التي لا غنى عنها
لخلق مدنية مكتملة اجتماعياً واقتصادياً.
فهناك الكثير من اجود انواع الصخر الصالح للبناء والنقش. والمناجم الواقعة الى الشرق من السويس٬
وهي على ما يعتقد٬ كانت مناجم نحاس٬ يسهل الوصول اليها ومنها بطريق البحر الى مصر العليا٬
مع مسافة برية قصيرة عبر وادي الحمامات.
واذا لم تكن تلك المناجم قادرة على سد حاجات مصر من النحاس٬ فقد كان باستطاعة جزيرة قبرص ان تفعل ذلك٬
إذ ان موانيء كل من قبرص وبلاد الشام كانت في متناول ايدي الحكام في مصر العليا.
وكان باستطاعة مصر ان تستورد الاخشاب من لبنان عبر ميناء بيبلوس (جبيل) الفينيقية٬
وقد استوردتها فعلاً . ولعل المشاركة التجارية بين مصر وجبيل كانت متعاصرة مع قيام مملكة مصر المتحدة.
وكانت الطرق البحرية تنقل الاخشاب والنحاس الى ابواب مصر٬ كما كان النيل يزود مصر بطريق مائي داخلي
يمتد من الطرف الواحد من البلاد الى الطرف الآخر.
وكان هذا الممر المائي يستعمل للنقل صعوداً وهبوطاً.
الزراعة وتجارتها
مقدمة
تميزت الطبيعة في العالم العربي قبل الاسلام وبعده بتنوع المناخ والارض. فمن مناطق
صحراوية لا تصلح للرعي ويندر فيها المطر الى مناطق أقل قسوة في طبيعتها حيث يكثر العشب
من حين الى آخر٬ وأخرى تكثر فيها الواحات التي احتوت على ينابيع تسمح بقدر من الزراعة٬
وصولاً الى مناطق حظيت بتربة خصبة وامطار موسمية غزيرة.
ويقول المؤرخ احمد سوسه في كتابه "حضارة العرب":
ان العرب استفادوا خلال الفترة الزمنية التي أعقبت الطور الجليدي الرابع من وجود المناخ الرطب
ووفرة المياه واستغلوهما في تنمية وتكوين اقتصاد زراعي متطور. وهذا ما ساعد السكان آنذاك وخصوصاً في شبه الجزيرة العربية
ان ينتقلوا من طور القنص والصيد الى طور الفلاحة والزراعة.
ويشير المؤرخ البريطاني ارنولد توينبي في كتابه المنقول الى العربية " تاريخ البشرية "
ان الزراعة وتربية الماشية والتعدين وتقنية قلع قطع كبيرة وتربية الماشية والتعدين لاول مرة٬
كانت تشمل "إضافة الى الجزيرة الفراتية وسورية٬ جزءاً وثقيلة من الحجر انتشرت في جنوب غرب آسيا.
ويضيف ان المنطقة التي إخترعت فيها الزراعة على الأقل من جنوب آسيا الصغرى".
كما انه يشير الى ان الحبوب والحيوانات التي دجنت في هذه المنطقة خلال العصر الحجري من تاريخها٬
كانت موجودة من قبل في حالتها البرية.
من جهته يقول ول ديورانت في كتابه "قصة الحضارة" ان الحضارة٬ وهي هنا زراعة الحبوب واستخدام الحيوانات المستأنسة٬
قد ظهرت في العهود القديمة غير المدونة في بلاد العرب٬ ثم انتشرت منها الى صورة مثلث ثقافي الى ما بين النهرين والى مصر.
ويجزم توينبي انها انتشرت بواسطة تجار ومغامرين ورعاة الى الاقاليم والمناطق الاخرى.
وفي عودة الى توينبي نراه يقول:
الينابيع او في سهول فيضانية ذات تربة خصبة حملتها الانهار الى السهول الواقعة عند اطراف
"ان الانتقال من جمع المواد الغذائية والصيد الى الزراعة وتربية الماشية تم في واحات تغذيها
الجبال التي تنحدر منها تلك الانهار٬ والتي كانت تروى بطريقة طبيعية من امطار الشتاء اومن
الامطار الموسمية٬ كما هو الحال في بلاد اليمن".
أما ابن خلدون فيتحدث في كتاب "العبر" عن الزراعة (في القرون السابقة لظهور الإسلام) و ارتباط الانتاج بسوق التبادل٬
انه جرى استغلال الموقع الجغرافي لشبه جزيرة العرب عموماً وبلاد الحجاز خصوصاً٬
الذي كان ملتقى للطرق البرية والبحرية وللمبادلات التجارية٬ لتنظيم الاسواق الموسمية العامة...
وعقد الاتفاقات التجارية بين القبائل العربية المشتغلة بالزراعة والتجارة٬ وبينها وبين العالم الخارجي٬ ونشطت التجارة
الداخلية والخارجية على حد سواء٬ وارتبطت اعداد وفئات كثيرة من سكان المدن والبادية بالعملية التجارية .
كان الفلاح العربي في شبه الجزيرة العربية يستخدم المحراث الخشبي ذي السكة الحديدية في حراثة الارض وزراعتها٬
كما كان يستخدم الآت حديدية اخرى كالمسحاة (مجرفة حديدية)
والفأس والمنجل والمعول والمجرف في الحصاد والحيلان (النورج) والمذرة (المذراة) في فصل التبن عن الحب.
كما كان المزارعون في الحقول المروية يستخدمون الحيوان في جر المحراث .
عقود التأجير والمعاملات المتعلقة بالزراعة
عرف العرب في القديم انواعاً عديدة من عقود التأجير والمعاملات المتعلقة بالزراعية٬ منها
المحاقلة وهي تأجير الاراضي الزراعية لقاء مبلغ من المال اوعيناً٬ كثلث الانتاج او ربعه؛
ومنها المزارعة وهي تعني ان يسلم المالك ارضه مع البذار مقابل نسبة من المحصول
يدفعها المستأجر
عند القطاف او الحصاد؛ ومنها المخابرة وهي ان يقدم المؤجر ارضه للمزارع
الذي يقوم بتأمين البذار على نفقته ويدفع للمالك في نهاية الموسم ما سبق واتفق عليه من حصة؛
ومنها المخاضرة وهي ان يبيع المالك ثمار بستانه قبل ان تنضج.
وكثيراً ما سببت المخاضرة خلافات ومنازعات بين الاطراف بسبب ما قد يصيب الثمر من آفات او تلف تطيح بالمحصول كله او بعضه .
المحاصيل الزراعية
كانت المحاصيل الزراعية كثيرة ومتنوعة٬ ومن ابرزها النخيل والاعناب والحبوب. وتعد شجرة
النخيل أكثر الاشجار انتشاراً في جزيرة العرب. ويعتقد ان وجودها قد يعود الى الألف الثالث قبل
الميلاد. وقيل ان التمور كانت من أهم صادرات جزيرة العرب٬ وكانت تنقل من ميناء عمانا
(صحار اليوم) الى الاسواق العالمية. كما كانت تصدر الى ديلمون في شرقي شبه الجزيرة فالى
بلاد الرافدين. وتذكر كتب تاريخية اغريقية ورومانية ان الزيتون كان احد محاصيل بلاد العرب٬
واشتهرت به بلاد الانباط وسورية. وتشير نقوش عربية الى وجود نبتة القطن في جزيرة العرب
حيث كانت تنمو برية في مرتفعات ظفار وفي جزيرة البحرين٬ وكان القطن يشكل احد صادرات
شبه الجزيرة الى الخارج .
شكل القمح احد أهم صادرات العرب الى العالم القديم ٬
حتى اطلق على بعض اجزاء بلاد الشام لقب اهراءات روما .
ظفار
إشتهرت ظفار بانتاج اللـبـان٬ وهو من المحاصيل الطبيعية.
وكان ينقل من الجبال الى الساحل على ظهور الجمال ويصدر مع اللبان المنتج في حضرموت وسبأ الى مصر
حيث كان يستعمل بخوراً في المعابد وفي تحنيط جثث الموتى.
أما يثرب فكانت من أكبر المناطق الزراعية في الجزيرة العربية لسببين اثنين:
توفر المياه السطحية والجوفية بكثرة٬ وخصوبة ارضها ومناخها المعتدل.
وهذا ما ساعد أهلها على الاشتغال بالزراعة والاتجار بمنتوجاتها.
وكانت أخصب أراضي يثرب بأيدي اثرياء القبائل من يهود وعرب.
وذكر ان الحبر اليهودي مخيريق٬ وهو احد ابناء النضير٬ كان غنياً٬ كثير الاموال من زراعة وانتاج النخيل٬
ويملك سبع حوائط (بساتين).
وكانت المؤاجرة والمغارسة والمزارعة٬ التي سبق ان تحدثنا عنها اعلاه٬ من اشكال الاستثمار التي استخدمها اليثربيون.
وحل الشعير في المرتبة الثانية٬ انتاجاً وبيعاً٬ بعد النخيل.
ويبدو ان يهود يثرب كانوا يمتلكون معظم مزارع النخيل ويتاجرون بثمره مع حبوب الشعير ودقيقه في اسواقها٬
لا سيما سوق بني قينقاع .
واحة خيبر
تقع واحة خيبر الى الشمال من المدينة على طريق القوافل مع الشام. واشتهرت خيبر بوفرة مزارعها ونخيلها وحبوب القمح.
وكانت واحة وادي القرى محطة على الطريق التجاري بين اليمن والشام. سكنتها قبائل يهودية متحضرة مارست الزراعة المروية.
أما الطائف فهي من الواحات المهمة في شبه الجزيرة العربية.
وقد ساعدتها العوامل الطبيعية في قيام نشاط زراعي بارز.
سكنتها قبائل من العرب واليهود والروم ومارست الزراعة والاتجار بالمنتجات الزراعية.
وتعد الحنطة الانتاج الزراعي الاول٬ وكانت تعتمد كل حواضر الحجاز عليها.
أما ثمرها فتمتع بشهرة كبيرة وجرى تصديره الى مناطق عديدة داخل شبه الجزيرة وخارجها.
وكانت زراعتها مربحة مما شجع تجار مكة آنذاك على الاستثمار ببعض أموالهم في ملكية الاراضي الزراعية .
السدود
إنتشرت السدود في اماكن كثيرة من الشرق العربي٬ كان أهمها في اقليم صحراء النقب
حيث أنشأ الانباط عدداً منها في وادي خرنوب ووادي رمليا ووادي ابيض.
ووجدت في منطقة تدمر آثار سدود وقنوات٬ بينها سد جربقا في وادي الكبير.
وفي شمال الحجاز وجدت آثار سدود وادي المعقول في الفلا وسدود خيبر والطائف ووادي رم (في وادي حسمي في بلاد الأنباط) .
وفي الاقاليم الجنوبية من شبه الجزيرة العربية وجدت آثار سدود عديدة ٬ بينها سد الجلاد عند انحدار وادي نجران .