«الرجم الملفوف»...شاهد على النشاط الحضاري في عمّان منذ القدم
يعتبر «الرجم الملفوف» أحد أقدم المعالم التاريخية في العاصمة الأردنية عمّان التي شيدها العمونيين، وهو عبارة عن برج شيد بالعصر الحديدي في حوالى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وهو كباقي الأبراج التي أحاطت بربة عمون، كانت تهدف للدفاع وحماية المدينة ومراقبة تحركات الاعداء.
وقد شيدت مثل هذه الأبراج -بحسب موقع «ويكبيديا-الموسوعة الحرة» وموقع أمانة عمان الكبرى -بكتل ضخمة من الحجارة المشذبة بشكل بسيط، واتخذت أشكالاً مختلفة تتفاوت بين المربع والمستطيل والدائري وأكثرها من الحجارة الصوانية الصمّاء. ورجم الملفوف شيد بشكل دائري بارتفاع أربع أمتار، وقد سمي بالملفوف لشكله الدائري، وأوضحت الحفريات أن البرج كان يتألف من طبقتين أو ثلاث طبقات، وكان له مدخل رئيسي وفيه أربع غرف بدون سقف.
يقع رجم الملفوف غرب الدوار الرابع في جبل عمان في منطقة مشرفة على وادي صقرة، بجانب مركز التسجيل والأبحاث التابع لدائرة الآثار الأردنية بجبل عمان.
تاريخ البناء
كان الرجم أول ما لاحظ العلماء في القرن التاسع عشر، واستنادا إلى بيانات جديدة فإن هذه المباني كان لها أكثر من وظيفة (أي حصون مستوطنات، مرافق الزراعية).
التنقيبات الأولية للرجم، والتي تمت في أوقات مختلفة من اخر قرنين، ارخت البرج إلى أوائل الاحتلال الروماني للمنطقة. ومع ذلك، براعة بنائة اعتبرت اقل بالنسبة للطرق الرومانية ولمعايير ومواد البناء, التي لم تكن مماثلة لللمعالم والهياكل التي وجدت في جراسا القديمة (جرش) أو في جدارا (أم قيس) أو غيرها من المواقع الرومانية الموجودة في جميع أنحاء البلد.
في وقت لاحق, اكتشافات اواني من الفخار وغيرها من نتائج مماثلة الخزف، ارخت البرج إلى فترة سابقة، في العصر الحديدي، حوالي النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد على الرغم من أن هذا ما زال قيد المناقشة.
ويعتقد أن بعض هذه الأبراج هي في الأصل منشآت عسكرية، نظراً لمركزها المطل على الوديان والأراضي الزراعية ولمنع الغارات المحتملة.
خبراء آخرون، راؤوا أن هذه الأبراج والمباني صممت لحماية الأراضي الزراعية الخصبة والحصاد من جحافل البدو الرحل واللصوص، وكذلك لتخزين الحبوب.
وهناك مدرسة فكرية ثالثة تعتقد أن أبراج المراقبة تطورت على مر الزمن، والتي أنشئت أصلا لأغراض دفاعية وفي وقت لاحق، تم تحويلها إلى نواطير زراعية في زمن السلم.
لا يعرف إلا القليل عن ما يسمى فترة العمونيين في الأردن، عدم اكتمال الحفريات الأثرية ساعد في عدم معرفة طريقتهم في الحياة ،بالرغم من وجود عينات كبيرة مثل رجم الملفوف, الذي يظل صدى مفقود منذ زمن طويل.
أقسام الرجم الملفوف
يتألف الرجم الملفوف من ثلاثة طوابق بارتفاع خمسة أمتار ونصف، وسلالم حجرية متداعية ومرافق محيطة في حالة خراب، كما تتكون أطلال الرجم الملفوف من برج حجري وعدة غرف تخزين على الجهة الشرقية من هذا البرج. المباني تقع على تلة، آثار ثلاثة مستويات لا يزال من الممكن التعرف عليها، بل قد تكون أعلى بخمسة أو ستة أمتار مما هو عليه اليوم.
أنواع الرجوم في الأردن
يوجد عدة أنواع وأشكال من الرجوم في الأردن وهي:
اولا: الملفوف وليس لنبات الملفوف اي علاقة بتلك التسمية كما اخطأ بعض المترجمين الاجانب بقولهم كبج بل يعني الدائري الاسطواني الشكل.
ثانيا: القصر اي الشكل المربع او المستطيل.
ثالثا: مزيج من الملفوف والقصر، اي المتواصل ما بين البناء الملفوف وبناء آخر بجانبه متصل به، يكون اما بشكل مربع او مستطيل ويشكلان في النهاية مبنى واحدا.
وعن النوع الثالث اثبتت التنقيبات الاثرية والتي ما زالت جارية حتى الان ان رجم الملفوف يجمع بين النمطين الملفوف والقصر، وقد ثبت ذلك منذ 20 عاما فقط وعن وجود المزيد من هذا النوع من الرجوم فقد اكتشف انه يوجد حوالي أكثر من عشرة مبان منتشرة في مناطق غرب عمان، ومزعة كالتالي: في خلدا 5 رجوم، وفي ابو نصير 5 رجوم، وفي منطقة الزهور شرق عمان بعض المباني او الرجوم، وفي جبل عمان رجم الملفوف الجنوبي والذي اختفى وكان قريبا من هذا الرجم الموجود قرب دائرة الآثار العامة.
العمونيون في التاريخ
العمونيون أحد الشعوب السامية القديمة التي استوطنت في شمال الأردن منذ القرن الثاني عشر قبل الميلاد إلى جانب الأدوميين والمؤابيين، حيث اقاموا حضاراتهم فيه واتذخوا من عمون أو عمّان حاليا عاصمة لهم. ذُكر الاسم في التوراة وكما ظهر عند بعض كتابات الحضارات الأخرى مثل الاشوريين، حيث كانوا معروفين بانهم الشعوب التي تعيش شرق نهر الأردن.
ظهر العمونيون في الأردن في سنة 1250 ق م وعاشوا حياة البداوة وكونوا دولة قوية امتدت حدودها من وادي الموجب جنوباً إلى سيل الزرقاء شمالاً ومن الصحراء شرقاً إلى نهر الأردن غرباً وكانت عمان عاصمة مملكتهم. وبحكم موقع عمان الجغرافي الاستراتيجي طمع فيها الغزاة فتعرضت مملكة العمونيين للغزو والدمار لكنها كانت تضمد جراحها وتعيد بناء معالمها. وكان «طوبيا العموني» آخر ملك حكم دولة العمونيين وارتبط اسمه بآثار عراق الأمير وقصر العبد في وادي السير.
كانت لغة العمونيين سامية وثيقة الصلة باللغتين المؤابية والعبرية، وقد ادرجت بعض التأثيرات الآرامية عليها. وهي تندرج ضمن اللغات الكنعانية القديمة، والتي انقرضت باندثار الدولة العمونية واحتلالها.
مثل اختيها - المملكة المؤابية والادومية، كان في المملكة العمونية العديد من مصادر الموارد الطبيعية، بما فيها الحجر الرملي والحجر الجيري. والزرعاة والتجارة عبر الطريق الرئيسي الذي يربط طريق التجارة القديمة لمصر مع بلاد ما بين النهرين وسوريا والاناضول. كما هو الحال مع المؤابيين والادوميين، وكانت التجارة على طول هذا الطريق قد قدمت لهم دخلا كبيرا.
وبعد وفاة الاسكندر الكبير عام 323 ق م تفرق ملكه فخضعت سوريا للسلوقيين وحكم البطالسة مصر وفلسطين والأردن وأثناء حكم بطليموس الثاني فيلادلفيوس (285-247 قبل الميلاد) انتهى حكم العمونيين وحملت عمان اسم فيلادلفيا وبدأت تنعم بالحضارة اليونانية.