شباب بين التاريخ والتأريخ..مصطفى الشبول
قصة واقعية حدثت في كلية الآداب بجامعة دمشق ، فشاهد القصة يقول : دخل رجل أشيب إلى قاعة المحاضرات في أول يوم دوام بالجامعة ، فوقف الطلبة ظناً منهم انه الدكتور المحاضر ، لكنه اخذ مكانه بين رفاقه الطلبة ، وبعد انتهاء المحاضرة التف حوله الطلاب مستفهمين ، فقال لهم : أنا اعمل بتصليح الأحذية وعندي محل في احد أحياء دمشق ، وعندي سبعة أولاد ذكورا وإناث،منهم المهندس والطبيب ومنهم الضابط والأستاذ ومنهم المحامي والصيدلي …
وفي أحدى السهرات العائلية كان أولادي يتحدثون في موضوع علمي ، فتدخلت في الحديث مشاركا ، فقال لي احد الأبناء: بابا عدم المؤاخذة نحن عم نحكي بموضوع علمي ما بتعرف فيه حضرتك …. أحزنني جواب ابني ولكني لم اجبه ، وفي اليوم التالي ذهبت إلى حي المسكية واشتريت كتب منهاج الصف التاسع وصرت ادرس في الدكان دون علم احد وتقدمت للامتحان ونجحت دون علم احد ، ثم اشتريت كتب البكالويا ووضعتها في المحل وبقيت ادرسها ثلاث سنوات حتى أصبح مسموحا لي أن أتقدم للامتحان …وتقدمت ونجحت ولا احد في بيتي يعرف ذلك …وها أنا اليوم باشرت المرحلة الجامعية وان شاء الله سأدعو أولادي بعد التخرج لأقول لهم : هذه شهادة قد تسمح لمصلح الأحذية الذي رباكم وعلمكم وزوجكم إن يشارككم الحديث…
هكذا هو حال بعض شباب اليوم ( ذكورا وإناث ) فمن أول يوم وأول خطوه يخطوها إلى الجامعة يبدأ برفع أنفه والتحدث بكبر واستعلاء وخاصة مع أهله ومع والديه ويتفلسف عليهم بالكلام ويصفهم بالمتأخرين والرجعيين، وقد نسي وتناسى ما ضحى به والديه من سهر وتعب وعناية وحرمان كي يروه في هذا المكان.
وخليني احكيها بالعموم لمن يرفع انفه وبشوف حاله على أمه وأبوه بشهادته : لا تنسى قديش أخذت أبوك واسطة مشان ينجحك الأستاذ بالمادة الفلانية ، ولا تنسى قديش أبوك وأمك قطعوا اللقمة عن اثمامهم على شان يدرّسوك خصوصي ويوفروا القسط الجامعي تاعك ، وقديش ….. وقديش …. ، ( وخلي الطابق مستور وما بدنا نحكي الله يستر على الواتس أب اللي المعظم دخل الجامعة بفضله ).
فلا تخلطوا تأريخكم بتاريخكم ولا تحاولوا أن تتعدوا على تاريخ أبائكم وتشوهوه بتأريخكم السيء ، فهناك مثل أفريقي يقول : طالما أن الأسود لا تملك مؤرخين ، ستبقى حكايات الصيد تمجّد الصيادين فقط