شباب بلا زواج .. من المسؤول؟

اثار شراء الشاب العشريني معتز لهاتف نقال حديث ومتطور سخط وغضب والدته ولها في ذلك وجهة نظر، الوالدة تشجع معتز على جمع نقوده للزواج وترى في شراء الهاتف بمبلغ مالي ليس بسيطا امرا مترفا. وللشاب معتز وجهة نظر مغايرة اذ يرى ان الزواج بالنسبة اليه وبحسب كلماته «حلم مستحيل» بينما الهاتف الذي اشتراه لن يقدم او يؤخر في مساعي تحقيق هذا الحلم.

وفي نفس السياق فقد آثر زيد الشاب العشريني شراء سيارة تساعده في الذهاب والاياب الى عمله على دفع ثمنها كمقدم لخطبة فتاة ما بحسب ما اقترح والديه عليه.

زيد قال «حتى ولو وفرت ثمن السيارة للخطبة والزواج، فان راتبي وامكانياتي مع الوضع الحالي حيث الايجارات المرتفعة والامل بشراء منزل معدوم، وارتفاع اسعار الذهب وتكاليف المعيشة عموما. بينما قال الثلاثيني رائد «ان شباب بلا زواج موضوع لا يحتاج الى مناقشة وطرح، لان الاسباب بصراحة واضحة ومنها الوضع

الاقتصادي التعبان، وعدم الثقة، اضافة الى عدم قدرة الجيل الحالي على تحمل المسؤولية»، بحسب كلماته.

شباب الـ350

فيما جاء الحال مفصلا على لسان حسن الشاب الاربعيني الذي قال معلقا على الموضوع: ابلغ من العمر 42 سنة ولازلت اعزب، فانا اتقاضى راتبا مقداره (350 دينارا) ادفع منه ايجار منزل اهلي 120 دينارا واعطي والدي منه 80 دينارا ، وادفع فواتير الكهرباء والماء 45 دينارا . بعد ذلك ، يضيف حسن «يبقى 105 دنانير ، وطبعا انا شاب مدخن وادفع مواصلات لعملي ، ولكل ما تقدم فقد كان القرار النهائي لي هو انني لن اتزوج، وبالطبع هذا القرار ليس خيارا».

اسباب اخرى

وبعيدا عن الظروف الاقتصادية فان سبب عنوسة الرجل او تأخره عن الزواج بحسب رأي ندى فرحان هو خوفه من المسؤولية ومن دخول ما اعتاد الشباب على تسميته بـ «القفص» نسبة الى ما يشاع من حد للحريات في الزواج.

وتضيف ندى «الشاب يتاثر كثيرا بما يردده اصدقاؤه سيما الذين فشلوا فى زواجهم او كانوا تعساء في قصص ارتباطهم ، فصوروا له حياته بلا زواج كمن يعيش في الجنة. وتوافق لورين عويس على ذلك بقولها نعم، هناك عنوسة في صفوف الشباب ومن اسبابها بعض المشاكل العاطفية التي تواجه الرجل او الشاب في مرحلة عمرية متقدمة وتجعله لا يرغب بالزواج والارتباط.

اسباب ومسببات

ووفق ذلك قال عميد كلية الاميرة رحمة التابعة لجامعة البلقاء التطبيقية اخصائي علم الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي: إن العنوسة تعرف مجتمعيا على انها تاخر سن الزواج لدى غير المتزوجين من الشباب والفتيات ،إذ تتعدى السن الطبيعية في مرحلة عمرية تحددها الظروف المجتمعية وقيم وعادات وتقاليد حتى. واضاف د. الخزاعي ان العنوسة ليست حكرا على النساء فحسب، بل على الرجال ايضا وتكون لعدة اسباب للجنسين، ومن هذه الاسباب التي عرّج عليها د. الخزاعي ،ضعف الدخل او عدم القدرة المادية على تحمل نفقات زواج من سكن وزفاف وغيرهما.

وكذلك يرى ان الاقبال على التعليم العالي والدراسات العليا جعلت الكثير من الشباب والفتيات يتزوجون في مراحل عمرية متأخرة.

ونوه د. الخزاعي الى تصرفات مجتمعية خاطئة كالمغالاة فى المهور و»الفشخرة»، علاوة على بحث البعض عن شركاء بمواصفات خيالية سواء جسدية ام مادية. وزاد د. الخزاعي على ما تقدم، الاوضاع السياسية والاجتماعية للمجتمع، كأسباب تأثرت بها المجتمعات، فيما يخص الزواج وسنه.

ويرى اخصائي علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي ان ظاهرة تأخر سن الزواج قد تم تفعيلها تحت تأثير وضغط العديد من العوامل التي يمكن تلخيصها بتدني الدخل الشهري وارتفاع الايجار وعدم توفر المسكن والالتزامات المالية الاخرى واستمرار التعليم وشيوع عناصر الحياة الحديثة.

وبين د.الخزاعي ان تأخر سن الزواج يمثل ظاهرة اشكالية من مناحي حياتية متعددة وتنال الجانب الاخلاقي والانحرافي والاقتصادي، مؤكدا ان اشكالية هذه الظاهرة تزداد مع ازدياد حجم الظاهرة وانتشارها.

تكاليف مرتفعة

مفيد سرحان مدير جمعية العفاف الخيرية، اوضح من جانبه ان ابرز أسباب تأخر سن الزواج بالنسبة للذكور هو ارتفاع تكاليف الزواج مقارنة مع متوسط الدخل لدى الشريحة العظمى من الشباب والمتمثل في ارتفاع تكاليف حفلات الزفاف والأثاث وارتفاع أسعار الذهب والعقارات والشقق السكنية والإيجارات وغيرها من متطلبات الزواج. ومن أسباب عزوف الشباب عن الارتباط والزواج التي ذكرها سرحان الشروط والمواصفات التي يشترطها البعض في الفتاة كالتعليم والوظيفة والصفات الجمالية المتميزة.

الظروف الاقتصادية

وزاد إن الكثير من الشباب يبحثون عن الفتاة العاملة لتسهم في نفقات الأسرة وفي المقابل فإن الفتاة المتعلمة والعاملة تزيد من الشروط الواجب توفرها في الشاب من حيث الوظيفة والمستوى الاجتماعي.

وعن دور جمعية العفاف الخيرية في التسهيل على الشباب المقبل على الزواج قال سرحان: إن الجمعية تقوم بنشر التوعية وتثقيف المجتمع بأهمية الزواج وبناء الأسرة من خلال المحاضرات والندوات والمطبوعات كما تقوم الجمعية بإجراء الدراسات التي تبين حجم ظاهرة تأخر سن الزواج، وتقدم الجمعية المساعدات النقدية والعينة للمقبلين على الزواج.

وعن تنظيم حفلات الزفاف الجماعي قال سرحان: إن الجمعية تتكفل بجميع نفقات هذه الحفلات إضافة إلى تقديم مجموعة من الهدايا النقدية والعينية للمشاركين.

وختم مدير جمعية العفاف الخيرية بالقول:» إن مسؤولية التصدي لظاهرة تأخر سن الزواج هي مسؤولية مشتركة: فالشاب مسؤول والفتاة مسؤولة والأسرة كذلك والمجتمع عليه مسؤوليات وواجبات تجاه أبنائه».

قنبلة موقوته

من جانبه يرى الدكتور سليمان البدور أن هذه المشكلة مدمرة للأخلاق والأنفس وقابلة للانفجار السري والعلني في زمن قصير ، ويرى كذلك انها أخطر من الغزو الأجنبي الذي يدمر المباني والمنشآت ولا يدمر العقل والإبداع والذات الخلاَّقة ، فالحرمان من الحب الحقيقي وكبت الحاجات الجسدية والروحية وقمع الوجود الإنساني بشقيه الذكر والأنثى، ومنعهما من التلاقي لخلق حياة جديدة، أمر يبقى تحمله فوق طاقة البشر، وهو إلغاء جائر للغرائز الطبيعية يدفعها إلى التعبير عن ذاتها بالعنف.

وتساءل د. البدور عن جدوى المليارات التي تهدرها الدول العربية على التسليح والإعمار والبُنى التحتية والفوقية ، وبرامج التنمية البشرية والسياسية لأفراد محبطين يائسين ذهنياً ومحطمين نفسيا ، وما فائدة الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وكل جمعياتنا الخيرية والتعاونية ومواعظنا الدينية والأخلاقية ، إذا لم تترجم عملا ملموسا إزاء مجتمعاتنا المشتته فكريا والفاقدة لهويتها وحلمها في مستقبل الكفاية جسدا وروحا!.

» المواطن المتذمر أم المسؤول المقصر، من هو المسؤول؟
» حين «يهرب» الزوج من البيت .. من المسؤول؟
» شباب بين التاريخ والتأريخ..
» شباب الانتفاضة… قيادة جديدة للشعب الفلسطيني؟
» الشباب واللامبالاة.. من المسؤول؟