بيريز.. سفاح قانا المتوج بنوبل للسلام
تولى بيريز -العضو السابق بعصابة الهاغاناه- رئاسة وزراء إسرائيل في ثلاث مناسبات، ويعد مسؤولا عن عدة جرائم بحق الفلسطينيين
أحد آخر الآباء المؤسسين لإسرائيل المتبقين على قيد الحياة، والرئيس التاسع لها وأحد مؤسسي حزب العمل. يعرف بأنه مهندس البرنامج النووي الإسرائيلي.
تولى بيريز -العضو السابق بعصابة الهاغاناه- رئاسة وزراء إسرائيل في ثلاث مناسبات، ويعد مسؤولا عن عدة جرائم بحق الفلسطينيين والعرب أشهرها مجزرة قانا الأولى بجنوب لبنان في أبريل/نيسان 1996.
المولد والنشأة
ولد شمعون بيريز يوم 2 أغسطس/آب 1923 في بولندا، وهاجر مع عائلته إلى فلسطين عام 1934. والده يتسحاق، تاجر أشجار ثري، ووالدته سارة أديبة. تزوج شمعون من سونيا التي توفيت عام 2011 وقد أنجبا ثلاثة أولاد.
الدراسة والتكوين
تلقى تعليمه في مراحله الابتدائية بمستوطنة بن شيمن، ثم التحق بمدرسة الزراعة وتخرج فيها منتصف الأربعينيات.
الوظائف والمسؤوليات
تولى بيريز مناصب عديدة في المجالين العسكري والسياسي حيث تولى عام 1949 مسؤولية البحرية، وأصبح مديرا عاما للوزارة طوال الفترة 1953-1959، انتخب بعدها عضوا بالكنيست.
شغل في الفترة 1959-1965 منصب وزير الدفاع، ثم وزيرا للهجرة والإعلام حتى 1969-1970، تولى بعدها حقيبة المواصلات والاتصالات، ثم وزيرا للدفاع مرة أخرى خلال الفترة 1974-1977.
تولى منصب رئيس الوزراء بالتناوب مع إسحق رابين ثم نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للخارجية في الفترة 1986-1988، شغل بعدها منصب وزير المالية.
عيّن بيريز مجددا وزيرا للخارجية بعد عودة حزب العمل للحكم عقب انتخابات 1992، وتولى رئاسة الوزراء يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1995 بعد اغتيال رابين.
ومن يوليو/تموز 1999 حتى مارس/آذار2001، شغل بيريز منصب وزير التعاون الإقليمي، ثم عين وزيرا للخارجية ونائبا لرئيس الوزراء أرييل شارون إلى أن استقال في أكتوبر/تشرين الأول 2002.
عاد إلى منصب النائب الأول لرئيس الوزراء في يناير/كانون الثاني 2005، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2007 انتخب رئيسا لإسرائيل حتى يونيو/حزيران 2014 حيث خلفه رؤوفين ريفلين من حزب الليكود.
التوجه السياسي
يعد بيريز من مؤسسي حزب العمل، لكنه غير انتماءه السياسي وانضم إلى حزب كاديما وبرر ذلك بأن الحزب الجديد يهدف لتشجيع السلام، هدف حياته، على حد قوله.
التجربة السياسية
اختير رئيسا لفرع الشباب بحركة العمل الشبابية عام 1943، وانضم إلى عصابات الهاغاناه عام 1943، وعام 1947 أصبح مسؤولا عن مشتريات قوات الهاغاناه، واستمر إلى ما بعد حرب 1948 التي انتهت باحتلال فلسطين وإعلان قيام دولة إسرائيل.
ترك بيريز حزب ماباي عام 1965 ليؤسس مع ديفد بن غوريون حزب رافي ثم عاد للعمل على توحيد الحزبين عام 1968 تحت اسم حزب العمل الإسرائيلي، وأصبح زعيما له عام 1977.
دخل في حكومة الوحدة الوطنية مع رابين في الفترة من 1984-1986، وقاد المعارضة داخل الكنيست من خلال حزب العمل بالفترة من 1990-1992.
وعقب توليه حقيبة الخارجية شرع في مفاوضات تمخضت عن توقيع إعلان المبادئ مع منظمة التحرير الفلسطينية في سبتمبر/أيلول 1993، تقاسم بعدها جائزة نوبل للسلام مع رابين وياسر عرفات. وفي أكتوبر/تشرين الأول 1994 وقع معاهدة السلام مع الأردن.
يوم 11 أبريل/ نيسان 1996 بدأ بأمر من بيريز عدوان عسكري شامل ضد لبنان سمي "عناقيد الغضب" لمحاولة القضاء على المقاومة، قصف فيه مدن لبنان بما فيها العاصمة بيروت.
ويوم الـ 18 من الشهر نفسه لجأ مئات اللبنانيين معظمهم نساء وأطفال بقرية قانا لمركز تابع لـالأمم المتحدة هربا من جحيم القصف الإسرائيلي الذي مس أيضا المركز فتناثرت أشلاء ما يقرب من 250 قتيلا وجريحا مدنيا أكثرهم من الأطفال والنساء وكبار السن.
في عام 2005 غادر بيريز حزب العمل بعد خسارته الانتخابات الداخلية أمام عمير بيريتس، والتحق بحزب كاديما.
وخلال مساره السياسي، سجل رقما قياسيا في الهزائم بالانتخابات التشريعية أعوام 1977 و1981 و1984 و1988 و1996، ما جعله يوصف بـ"الخاسر الأبدي". غير أنه كان ينهض مجددا بعد كل هزيمة.
سعى بيريز خلال العقدين الأخيرين لتطبيع العلاقات مع الدول العربية، ومحاولة الظهور بمظهر رجل السلام، لكن ذلك لم يغط حقيقته وشهرته داخل إسرائيل كمهندس للبرنامج النووي، إذ كان له دور كبير في بناء مفاعل ديمونة.
ولطالما اعتبر بيريز أن الغموض والشائعات التي تثار حول منشأة ديمونة النووية عامل ردع قوي لأعداء إسرائيل.
ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست عنه قوله باجتماع مع سفراء وقناصل إسرائيل "إن وجود أسلحة نووية ومنشأة نووية بديمونة يمكن أن تشكل عامل ردع كاف لمنع أي اعتداء قد يشنه أعداء الدولة اليهودية عليها".
وفي عام 2007، كشف كتاب عن السيرة الذاتية لبيريز أن إسرائيل وفرنسا أبرمتا منتصف القرن الماضي اتفاقا سريا للتعاون في إنتاج قنبلة نووية.
وصرح المؤرخ الإسرائيلي ميخائيل بارزوهار (مؤلف الكتاب) بأنه استقى معلوماته من وثائق أفرجت عنها الحكومتان الإسرائيلية والفرنسية.
في موضوع السلام، اعتبر الرئيس التاسع لإسرائيل بحديث صحفي صيف 2014 أن بلاده "استنفدت الحل العسكري" في قطاع غزة، وأن الحل يجب أن يكون دبلوماسيا وأن تسعى تل أبيب لضمان وضع القطاع مجددا تحت حكم السلطة الفلسطينية.
عرف عنه اعتناؤه الشديد بصحته ومحافظته على نشاطه رغم تقدمه في السن، وقال في إحدى المرات إن سر عمره المديد يكمن في ممارسة الرياضة يوميا وتناول كمية قليلة من الطعام.
وأضاف في حوار مع وكالة الأنباء الفرنسية عام 2012 "كل الناس يأكلون ثلاث مرات يوميا. نأكل ثلاث مرات ونسمن. ولكن إذا قرأنا ثلاث مرات يوميا نصبح حكماء، والأفضل أن يكون المرء حكيما من أن يكون سمينا" مشيرا إلى أن ساعات نومه لا تزيد على أربع إلى خمس يوميا.
مع ذلك، تعرض بيريز في سبتمبر/أيلول 2016 لجلطة دماغية وصفت بالخطيرة، ونقل على إثرها إلى غرفة العناية المركزة في مستشفى تل هاشومير بتل أبيب.
المؤلفات
ألف بيريز عدة كتب من بينها "المرحلة القادمة" و"الحرب كانت طويلة والسلام كان صعبا" (بالاشتراك مع بطرس بطرس غالي) و"وقت للحرب ووقت للسلام" (بالاشتراك مع روبرت لافتون) بالإضافة إلى كتب أخرى.
الوفاة
توفي شمعون بيريز يوم 28 سبتمبر/أيلول 2016 عن عمر ناهز الثالثة والتسعين عاما بعد صراع مع المرض.