منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75866
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937 Empty
مُساهمةموضوع: تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937   تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937 Emptyالإثنين 31 أكتوبر 2016, 11:47 pm

تقرير اللجنة الملكية لفلسطين
7 يوليو سنة 1937

       لقد كانت اللجنة الملكية لفلسطين مؤلفة من الأعضاء التالية أسماؤهم:
       جناب النبيل الأول بيل
       جناب النبيل السر هوراس رامبولد (نائب الرئيس)
       السر لورى هاموند
       السر موريس كارتر
       السر هارولد موريس
       الأستاذ راجينالد كوبلاند.
         وقد قام بمهام السكرتارية المستر ج. م. مارتن.
       وقد عينت اللجنة في شهر آب سنة 1936 وأنيطت بها الصلاحيات التالية:
       التثبت من الأسباب الأساسية للاضطرابات التى نشبت في فلسطين في أواسط شهر نيسان والتحقيق في كيفية تنفيذ صك الانتداب على فلسطين بالنسبة للالتزامات الدولة المنتدبة نحو العرب ونحو اليهود والتثبت يعد تفسير نصوص الانتداب تفسيرا صحيحا مما اذا كان لدى العرب أو لدى اليهود أية ظلامات مشروعة ناجمة عن الطريقة التى اتبعت فيما مضى أو التى تتبع الآن في تنفيذ الانتداب والقيام لدى اقتناعها باستناد أية ظلامة من هذه الظلامات الى أساس صحيح يرفع التواصى لازالة تلك الظلامات ومنع تكرارها.
       وفيما يلى خلاصة تقرير اللجنة:

الباب الأول
المشكلة

الفصل الأول - الاستناد التاريخى:
       يتضمن هذا الفصل لمحة موجزة عن عهد اليهود القديم في فلسطين وعن الفتح والاحتلال العربى وتشتت اليهـود المشكلة اليهودية نحو الصهيونية ومعناها .

الفصل الثانى - الحرب والانتداب:
         ان الحكومة البريطانية رغبة منها في نيل معاضدة العرب في الحرب الكبرى

قطعت لشريف مكة فى سنة 1915 وعدا مآله أنه اذا قيض للحلفاء الغلبة والانتصار فان القسم الأكبر من الولايات العربية التى كانت حينئذ مشمولة في الامبراطورية العثمانية سيصبح مستقلا ففهم العرب من هذا الوعد ان فلسطين ستكون داخلة في نطاق هذا الاستقلال

        وكي تتمكن الحكومة البريطانية من نيل معاضدة اليهودية العالمية أصدرت تصريح بلفور في سنة 1917 ففهم اليهود من هذا التصريح أنه اذا قيض النجاح لتجربة انشاء الوطن القومى اليهودى وأم فلسطين عدد كاف من اليهود فقد يتطور الوطن القومى مع مرور الزمن وينقلب الى دولة يهودية.

        وعندما وضعت الحرب أوزارها وافقت دول الحلفاء والدول المنضمة اليها على العمل بنظام الانتداب كوسيلة لتنفيذ السياسة التى ينطوى عليها تصريح بلفور. وبعد مدة من الزمن أقرت عصبة الأمم والولايات المتحدة صك الانتداب على فلسطين. وهذا الصك نفسه يتناول في الدرجة الأولى التزامات معينة متساوية في الأهمية - وهى التزامات ايجابية فيما يتعلق بانشاء الوطن القومى والتزامات سلبية فيما يتعلق بحماية حقوق العرب.

الفصل الثالث - فلسطين من سنة 1920 الى سنة 1936:
        وخلال السنوات الخمس الأولى من عهد الادارة المدنية التى أسست في سنة 1920 شرع من الجهة الواحدة في اعداد المصالح العامة التى تناول تأثيرها أكثرية السكان العربية وشرع من الجهة الأخرى في انشاء الوطن القومى اليهودى وقد نشبت اضطرابات في سنتى 1920 و 1921 غير أنه في سنة 1925 تبادر للذهن أن الأمل بوصول العرب واليهود الى توافق نهائى كان قويا الى درجة كبيرة مما أدى الى انقاص القوى المنوط بها المحافظة على النظام انقاصا كبيرا. أظهر فيما بعد أن هذه الآمال لم تكن مستندة الى أساس ذلك لأنه بالرغم من أن فلسطين على وجه الاجمال أصبحت اكثر رفاهية عن ذي قبل فان الأسباب التى أدت الى اضطرابات سنتى 1920 و 1921 وهى مطالبة العرب بالاستقلال القومى واتخاذهم موقف العداء من الوطن القومى اليهودي لم يطرأ عليها أدنى تبدل أو تغيير والواقع أن وطأتها قد اشتدت من جراء العوامل الخارجية وهى تهافت يهود أوروبا على فلسطين وانتشار الروح القومية عند العرب في البلاد المجاورة.

        وقد كانت هذه الأسباب هى بذاتها التى أدت الى اضطرابات 1929 - 1933 ولم تحل سنة 1936 حتى كانت وطأة العوامل الخارجية قد اشتدت من جراء:

1 -
   

المصاعب التى تعرض لها اليهود في ألمانيا وبولونيا والتى أسفرت عن زيادة الهجرة اليهودية الى فلسطين زيادة كبيرة.

2 -
   

توقع بلوغ سوريا ولبنان في القريب العاجل نفس الاستقلال الذى نالته العراق والمملكة السعودية ولقد كانت مصر في ذلك الحين على وشك الاستقلال أيضا.

الفصل الرابع - اضطرابات سنة 1936:
        لقد كانت هذه الاضطرابات (وقد تضمن التقرير وصفا موجزا لها) شبيهة بالاضطرابات الأربعة التى سبقتها وان كانت أشد خطرا وأطول أجلا منها ولم يقتصر

الهجوم فيها على اليهود وحدهم بل تناول حكومة فلسطين أيضا كما كانت الحالة في اضطرابات سنة 1933 - وقد كانت الظاهرة الجديدة التى بدرت في هذه الاضطرابات الأخيرة الدور الذى لعبه ملوك العرب وأمراؤهم في البلاد العربية المجاورة في انهاء الاضراب.

        ولقد كانت الأسباب الأساسية لاضطرابات سنة 1936 كما يلى:
1 - رغبة العرب في نيل الاستقلال القومى.
2 - كرههم لانشاء الوطن القومى اليهودى وتخوفهم منه.

        وهذان السببان هما بذاتهما السببان اللذان أديا الى الاضطرابات السابقة ولقد كانا على الدوام متصلين معا بصورة لا تنفصم عراها. وهناك كثير من العوامل الثانوية الأخرى التى ساعدت على نشوب الاضطرابات نذكر أهمها فيما يلى:

1 - انتشار الروح القومية العربية خارج فلسطين.
2 - ازدياد هجرة اليهود منذ سنة 1933.
3 - الفرصة المتاحة لليهود بالتأثير على الرأى العام في بريطانيا.
4 - عدم ثقة العرب في اخلاص الحكومة البريطانية.
5 - فزع العرب من استمرار شراء الأراضى من قبل اليهود.
6 - عدم وضوح المقاصد النهائية التى ترمى اليها الدولة المنتدبة.

الفصل الخامس - الحالة الحاضرة:
        إن الوطن القومى اليهودى قد خرج عن طور التجربة ولقد كان نمو سكانه مقرونا بتطورات سياسية واجتماعية واقتصادية تطابق الأسس التى وضعت لها في بادئ الأمر والحدث الرئيسى هو ما طرأ على المدن والصناعات من التقدم والتوسع وهناك فرق جلى يسترعى الأنظار بين الصبغة الديمقراطية والعصرية الأوروبية في صميمها التى يصطبغ بها الوطن القومى وبين العالم العربي الذى يحيط به فالروح السائدة في الوطن القومى اليهودى هى ذات صبغة قومية شديدة، وليس ثمة مجال للامتزاج أو الاندماج بين الثقافة اليهودية والثقافة العربية والوطن القومى لا يمكن أن يكون شبه قومى.

        فشكل الحكم القائم في مستعمرات التاج لا يلائم أناسا ديموقراطيين ومثقفين ثقافة عالية كجماعة الوطن القومى وحكومة كهذه من شأنها أن تغذى روح عدم الشعور بالمسئولية غير المحمودة الأثر.

        والوطن القومى يجنح الى اسراع الخطى في تقدمه لا لمجرد رغبة اليهود في الفرار من أوروبا بل بسبب القلق السائد حول ما سيحل بفلسطين في المستقبل.

        لقد ازداد عدد السكان العرب زيادة كبرى منذ سنة 1920 ونالوا بعض النصيب من رفاهية فلسطين المتزايدة. فكثير من أصحاب الأملاك من بينهم استفادوا من بيوع الأراضي ومن استثمار الأثمان التى جنوها من بيعها استثمارا مربحا والفلاحون هم

أسعد حالا على وجه العموم مما كانوا عليه سنة 1920 ويرجع بعض الفضل في هذا التقدم الذى ناله العرب الى ما دخل فلسطين من رءوس الأموال اليهودية والى العوامل الأخرى ذات الصلة بنمو الوطن القومى - ولقد استفاد العرب بصورة خاصة من الخدمات الاجتماعية التى لم يكن ليتسنى ايجادها بالمقياس الموجودة فيه الآن بدون الايرادات المستمدة من اليهود.

        غير أن هذه الفائدة الاقتصادية التى جناها العرب من الهجرة اليهودية ستقل اذا استمرت، شقة الخلاف السياسي بين العنصرين على الاتساع.

        إن روح القومية عند العرب شديدة القوة كما هو الحال عند اليهود وقد ظل ما يطلبه الزعماء العرب من تأسيس حكومة ذاتية وطنية وقفل باب الوطن القومى اليهودى ثابتا لم يطرأ عليه تغيير منذ سنة 1920 والروح القومية عند العرب كالروح القومية عند اليهود يغذيها النظام التعليمى ونمو حركة الشبان. ولقد كان للمعاهدة الانجليزية المصرية والمعاهدة الفرنسية السورية اللتين عقدتا مؤخرأ تأثيرهما في اذكاء هذه الررح. ان شقة الخلاف بين العنصرين هى في حالتها الحاضرة واسعة وستستمر على الاتساع فيما لو ظل الانتداب الحالى معمولا به.

        ان وضع حكومة فلسطين بين الشعبين المتنافرين ليس بالوضع الذى تحسد عليه فهنالك هيئتان متنافستان هما اللجنة العربية العليا المتساندة مع المجلس الاسلامى الأعلى من جهة والوكالة اليهودية المتساندة مع المجلس الملى اليهودى من الجهة الأخرى وهاتان الهيئتان تستطيعان اكتساب ولاء العرب واليهود الطبيعى أكثر مما تستطيعه حكومة فلسطين والجهود الصادقة التى بذلتها الحكومة لمعاملة كلا العنصرين بدون تحيز لم تؤد الى تحسين العلاقات بينها. كما أن سياسة استمالة المقاومة العربية لم تنجح ولقد أثبتت حوادث السنة الماضية أن الاستمالة لا تجدى نفعا.

        ان الشهادات التى أدلى بها زعماء العرب واليهود كانت متضادة كل التضاد ولم تترك أملا في امكان التوفيق بين وجهتى نظرالفريقين. وقد كان الحل الوحيد للمعضلة الذي تقدمت به اللجنة العربية العليا هو تشكيل حكومة عربية مستقلة في الحال وأن يترك لهذه الحكومة أمر معاملة الأربعمائة ألف يهودى الموجودين في البلاد على الوجه الذى تستصوبه. والجواب على ذلك أن الثقة بحسن نية الحكومة البريطانية لن تزداد في أية ناحية من أنحاء العالم فيما لو سلم الآن أمر الوطن القومى للحكم العربي.

        وقد أكدت الوكالة اليهودية والمجلس الملى اليهودى أن في الامكان حل المعضلة عن طريق تطبيق الانتداب بحذافيره تطبيقا حازما على أساس مطالب اليهود. وذلك بأن لا يوضع قيد جديد على الهجرة وألا يكون هناك ما يمنع صيرورة اليهود أكثرية في فلسطين مع مرور الزمن. والجواب على ذلك أن مثل هذه السياسة لا يمكن تنفيذها الا باللجوء الى القوة ثم انه ليس من المحتمل أن يورط الرأى العام البريطانى أو الرأى العام لليهودية العالمية نفسه في اللجوء الى استعمال القوة على الدوام الا اذا اقتنع بعدم وجود وسيلة أخرى لأداء العدالة.




الباب الثانى
تنفيذ الانتداب

        لقد بحثت اللجنة بحثا مستفيضا فيما يمكن عمله لتنفيذ الانتداب طارقة كل النواحى الواحدة بعد الاخرى سعيا وراء فسح المجال لتوطيد دعائم السلام في المستقبل وقد أدرجت نتائج تحقيقها هذا في القسم الثاني من التقرير وشرحت المشاكل التى تواجه مختلف فروع ادارة الدولة المنتدبة كما شرحت ظلامات العرب واليهود تحت كل باب.

        وفيما يلى المقررات الرئيسية التى توصلت اليها اللجنة:

الفصل السادس - الادارة:
         ان الموظفين الفلسطينيين الذين هم في خدمة الحكومة يحسنون العمل في الأوقات الاعتيادية أما في أوقات الاضطرابات فلا يعتمد عليهم وينبغى أن لا يكون ثمة تردد في الاستغناء عن خدمات الذين يرتاب في اخلاصهم أو عدم تحيزهم.

        أما فيما يتعلق بالموظفين البريطانيين فالملاك (الكادرو) هو أصغر من أن يسمح بتشكيل خدمة مدنية منهم لفلسطين وحدها. وعلى ذلك يترتب على الادارة أن تستمر على الاستعانة بموظفى المستعمرات غير أن مدة الخدمة الاعتيادية في فلسطين يجب أن لا تقل عن سبع سنوات وينبغى صرف العناية الفائقة في اختيار الموظفين وتدريب الذين يقع الخيار عليهم تدريبا تمهيديا.

        ان اللجنة تعترف بالمشاق التى تعانيها الادارة البريطانية التى كانت مسوقة منذ البدء على العمل تحت ضغط شديد دون أن تتسنى لها فرصة للتفكير الهادئ فهنالك مركزية زائدة عن الحد والصلة الموجودة بين الرئاسات العليا للدوائر وادارة الالوية غير وافية بالمرام.

        ان ظلامات العرب واليهود ومطالبهم فيما يتعلق بالمحاكم لا يمكن التوفيق بينها وهي تكشف القناع عن التنافر العنصري الذي يتخلل فروع الادارة بأجمعها. ومما يزيد في صعوبة ايجاد نظام قضائى يتفق واحتياجات شعوب فلسطين المختلطة وجود لغات رسمية ثلاث وأيام عطلة أسبوعية ثلاثة وأعياد رسمية ثلاثة ونظم قانونية ثلاثة. أما فيما يتعلق بالشكوك التى تخامر اليهود حول كيفية تعقيب الدعاوى الجنائية . فاللجنة تلفت النظر الى الصعوبات التى تجابه دائرة النيابة في بلاد تكثر فيها شهادات الزور، ويتعذر فيها الحصول على البيانات في كثير من الدعاوى. وهي ترى أن البغضاء المستحكمة بين العنصرين وعلى الأخص عند وقوع الأزمة قد أثبتت ان لها تأثيرها السيئ في أعمال تلك الدائرة. واللجنة توصى بأن يكون محامى الحكومة الأول بريطانيا.

        ومن الضرورى انجاز تعبيد طرق يافا - حيفا بما أمكن من السرعة.

        ولا بد من القيام بتحقيق آخر بواسطة أحد الخبراء للفصل فيما اذا كانت البلاد في حاجة الى مرفأ ثان عميق المياه. ويفضل بناء هذا المرفأ فيما لو تقرر بناؤه في مكان متوسط بين يافا وتل أبيب بحيث يكون في متناول كل من البلدين على السواء.

        ليس ثمة فرع من فروع الادارة لا تتدخل به الوكالة اليهودية غير أن الوكالة لا يصح أن تكون موضعا للانتقاد بسبب ذلك فالمادة الرابعة من صك الانتداب تخولها حق إبداء المشورة والتعاون مع الحكومة في كل أمر من الأمور التى تمس مصالح السكان اليهود تقريبا وهى تشكل حكومة موازية تقوم الى جانب حكومة الدولة المنتدبة والمركز الممتاز الذى تتمتع به يزيد في حدة خصومة العرب.

        لقد كانت اللجنة العربية العليا مسئولة لدرجة كبيرة عن مواصلة الاضراب في السنة الماضية وتحديد أجله ويجب أن يتحمل مفتى القدس بصفته رئيسا لهذه اللجنة قسطه الوافر من المسئولية ومن سوء الحظ أنه لم يكن في الامكان منذ سنة 1929 القيام بأى عمل لوضع انتخابات المجلس الاسلامى الأعلى ومركز رئيسه على أساس نظامى فالوظائف التى جمعها المفتى في نفسه واستعماله لتلك الوظائف قد أدى الى إنشاء حكومة عربية ضمن حكومة ويمكن وصفه بأنه رئيس حكومة موازية ثالثة وقد بحثت اللجنة في اقتراح يرمى الى انشاء وكالة عربية واسعة النطاق مؤلفة من ممثلى البلاد العربية المجاورة ومن ممثلى عرب فلسطين لحفظ التوازن مع الوكالة اليهودية فاذا ظل الانتداب الحالى قائما فلابد من البحث في مشروع كهذا.



الفصل السابع - الأمن العام:

        على الرغم من أن نفقات الأمن العام قد ارتفعت من 265.000 ج في سنة 1923 الى ما يتحاوز 862.000 جنيه في سنة 1935 -1936، (وإلى 2.230.000 جنيه في سنة 1936 - 1937 وهي السنة التى وقعت فيها الاضطرابات) فمن الثابت أن الواجب الأولى وهو الواجب الذى يفضى بالمحافظة على الأمن العام لم يؤد.

        واذا حدث ان نشبت الاضطرابات مرة أخرى بشكل يتطلب تدخل السلطات العسكرية فيجب ألا يكون ثمة تردد في تطبيق الأحكام العرفية على البلاد بكاملها تحت اشراف عسكرى غير مجزأ. ومن مثل تلك الحالة ينبغى تجريد الأهالى من السلاح واقامة هيئة فعالة على الحدود لمنع التهرب والهجرة غير المشروعة وتسرب الأسلحة واذا لم يعمد الى نزع السلاح فيجب الاحتفاظ بالبوليس الاضافي كقوة مدربة للدفاع عن المستعمرات اليهودية.

        لقد كانت الاستخبارات خلال الاضراب غير مرضيه. ان أكثرية ضباط البوليس الفلسطينى في دائرة التحقيقات الجنائية مخلصون كل الاخلاص لعملهم أما أفراد البوليس الذين ينتمون الى الرتب الدنيا كغالبية أفراد البوليس في الأقضية فهم ليسوا ممن يعتمد عليهم عند وقوع الاضطرابات وان كانوا نافعين في أوقات السلم. وسيكون من الخطر بمكان عظيم تعريض البوليس العربي في فلسطين غلى مثل ذلك التوتر العصبى الذى عرض له في الصيف المنصرم.

        ينبغى تعيين ضباط بريطانيين في المناطق "المختلطة".

        ويجب أن يكون هناك بوليس احتياطى مركزى ومحلى ومن الأمور الأساسية أيضا أن تكون هناك قوة كبيرة متحركة من الفرسان سواء أكان ذلك عن طريق تشكيل قوة من الدرك أو عن طريق زيادة أفراد البوليس البريطانى الخيالة.

       عقب اضطرابات سنة 1929 لم ينفذ حكم الاعدام الا في ثلاثة أشخاص من القتلة بينما أحكام الاعدام المبرمة بلغت 27 حكما. وفي سنة 1936 بلغت حوادث القتل التى تم التبليغ عنها 260 حادثة وأدين 67 شخصا ولم يحكم بالاعدام على أحد. ان معاقبة المجرم بسرعة وانزال العقاب الملائم به هو عامل أساسى في حفظ القانون والنظام.

       لقد بلغ مجموع ما فرض من الغرامات المشتركة في المدة الواقعة بين سنة 1929 وسنة 1936 - 60.000 جنيه غير أنه لم يجمع منها لغاية هذا التاريخ سوى 18.000 جنيه واذا كانت الغاية أن يكون للغرامات المشتركة أثر رادع فمن الواجب قصرها على المبلغ الذى يمكن جمعه واقامة قوة من البوليس التأديبى في القرية أو المدينة على نفقة أهلها الى أن تدفع الغرامة.

       إن العقوبات المنصوص عليها في قانون المطبوعات والاجراءات التى اتخذت بمقتضى القانون المذكور ليست كافية. فمن الواجب سن قانون يقضى بايداع تأمين (ديبوزيتو) نقدى يمكن مصادرته وبفرض عقوبة الحبس ودفع الغرامة ويجب أن ينص القانون أيضا على مصادرة المطبعة.

       وهناك ضرورة ماسة لانشاء ثكنات للبوليس في بعض المدن واقامة بيوت لكل الأفراد المتزوجين منهم.

       ان ايرادات فلسطين لا يمكن أن تفى بجميع ما تتطلبه التدابير المقترحة من النفقات وسيستلزم الأمر أن تدفع حكومة جلالته في المملكة المتحدة اعانات سخية لتلك الغاية. أما الأثر الفورى لهذه التدابير فسيكون توسيع شقة الخلاف بين العرب واليهود مقرونا ذلك برد فعل يتخطى أثره حدود فلسطين ويتجاوزها الى أبعد منها بكثير.

الفصل الثامن - الشئون المالية:

       لم تكن الخزينة حتى السنين الأخيرة تبيح القيام باصلاح واسع النطاق في الشئون والخدمات الاجتماعية فان تراكم وفر كبير في الخزينة أمر انفردت به السنين الأربع الأخيرة التى بدأت بسنة 1932. ولقد كان ثمة ما يبرر اتخاذ موقف التحفظ والتؤدة في اجراء الاصلاحات المشار اليها. أما الاستنتاج بأن هذا الوفر الكبير ناشئ عن تقتير لا موجب له في الصرف فهو أمر لم يؤيده التحليل الدقيق لأن الوفر بأجمعه مثقل بالرهون الى درجة لا يبقى منه معها الا ما يزيد قليلا على المقدار المعقول لسد الذمم الحالية.

       واذ توقف تدفق رءوس الأموال على فلسطين وهو الأمر الذى تمتاز به اقتصاديات فلسطين بصورة خاصة فليس هناك ما يستدعى أن يكون زوال هذه الخبرة الاستثنائية مؤديا الى وقوع البلاد في الفاقة وان كان ذلك قد يؤدى الى خفض مستوى المعيشة الى درجة ما ريثما تستقر اقتصاديات البلاد على أساس جديد. غير أن امكان خروج رءوس الأموال من فلسطين في حالة ركود الحالة الاقتصادية فيها ركودا طويل الأمد هو أمر لا يمكن تجاهله بالكلية.

       وبالنظر لعدم وجود إحصاءات وافية يتعذر التثبت من درجة صحة الشكوى التي تقدم بها العرب بأن حماية الصناعات يعود جل فائدتها على اليهود ويقع جل أعبائها على عاتق العرب والمأمول أن تتمكن دارة الإحصاءات الجديدة عن قريب من التحقيق في مسألة توزيع الضرائب وأن تفرض الضرائب الجديدة على أسا مجموع عبء الضرائب التي ستقوم البلاد بحملة لا بالنسبة لما تحدثه الضرائب من التأثير في أية صناعة خاصة من الصناعات.

       وليس هناك مجال للجدل في حاجة البلاد إلى زيادة صادراتها وإيجاد أسواق لما تنتجه من الأثمار الحمضية الآخذة في التزايد من سنة إلى أخرى وقد وجدت اللجنة بعد امعان النظر في الوسائل المختلفة التى يمكن اتخاذها لتذليل الصعوبات الناجمة عن سياسة عدم التمييز في التفرقة المنصوص عليها في المادة 18 من صك الانتداب ان أحكام تلك المادة أصبحت لا توافق الزمن الحاضر. فاذا لم تعدل تلك المادة فان فلسطين ستستمر على تحمل الخسائر من جراء القيود التى تعيق التجارة الخارجية ولذلك ينبغى فتح باب المفاوضات بدون امهال لوضع تجارة فلسطين على قاعدة أعدل من القاعدة التى هى عليها الآن.

الفصل التاسع - الأراضي:
         إن خلاصة من التشاريع المتعلقة بالأراضى التى سنت خلال الحكم المدنى تكفى لاظهار ما بذلته الحكومة المنتدبة من الجهود لتنفيذ تعهداتها في هذا الباب. واللجنة تلفت النظر الى الصعوبات الخطيرة المحيطة بالقانون الذى اقترحت حكومة فلسطين سنه لحماية صغار الملاك.

       ومن الواجب تعديل دستور فلسطين وتعديل صك الانتداب أبضا اذا لزم الأمر بصورة تفسح مجالا لسن فانون يخول المندوب السامى سلطة منع أنتقال الأراضى الى اليهود في أية منطقة معينة وذلك كى يصبح في قيد الامكان تنفيذ التعهد الذى يقضى بحفظ حقوق العرب ووضعيتهم. وريثما تتم عمليات المساحة والتسوية ترحب اللجنة بمنع بيوع قطع الأراضى المنعزلة والصغيرة المساحة الى اليهود. على أنها ترجح اللجوء الى مشاريع أوسع مما سبق لاعادة تنظيم الملكية تحت اشراف الحكومة وهى تبحث الاقتراح القائل بتشكيل شركات خاصة للمنافع العامة لتتولى القيام بمشاريع عمرانية كهذه خاضعة لبعض القيود.

       وينبغى تعيين لجنة من ذوى الخبرة لسن قانون للأراضى وقد أوصت اللجنة بلزوم الاسراع في عمليات التسوية (التى تحتاج اليها البلاد حاجة ماسة) وتحسين الأصول التى تسير عليها عمليات التسوية.

       ان النظام الحالى لمحاكم الأراضى من شأنه أن يساعد على البطء في سير الدعاوى وريثما تتم عمليات المساحة والتسوية يجب تأليف محكمتين أو ثلاث محاكم أراض مستقلة عن المحاكم المركزية بحيث تكون كل منها برئاسة قاض بريطانى منفرد.

       لقد استفاد المزارع القروى بصورة عامة لغاية يومنا هذا مما قامت به الادارة البريطانية من الاعمال ومن وجود اليهود في البلاد. ألا أنه ينبغى اتخاذ أقصى ما يمكن من الحيطة لتأمين حفظ حقوق المستأجرين والمزارعين العرب في حالة وقوع بيوع

أراض أخرى وعلى ذلك يجب أن لا يسمح بانتقال الأراضى (الى اليهود) الا حينما يمكن استبدال الزراعة الواسعة بالزراعة الكثيفة. وليس من المنتظر أن تتسع المناطق الجبلية لأية زيادة كبيرة تحدث في عدد سكان القرى. ولذلك يجب على الحكومة أن لا تعمد في الوقت الحاضر ولا بعد مضى عدد كبير من السنين الى تسهيل حشد اليهود في المناطق الجبلية بوجه عام.

         ان عدم كفاية الاراضى يعود الى تكاثر السكان العرب أكثر مما يعود الى ابتياع الأراضى من قبل اليهود. ولا يمكن التسليم بما يدعيه العرب من أن اليهود قد حصلوا على قطعة زائدة من الأراضى الجيدة فكثير من الأراضى المغروسة الآن بأشجار البرتقال لم تكن عند ابتياعها إلا كثبان رمال أو مستنقعات غير مزروعة. ومن الأمور اللازمة اصدار تشريع يقضى باناطة المياه السطحية في المندوب السامى. واللجنة توصى بزيادة عدد الموظفين الذين يقومون بالتنقيب والبحث عن المياه وبزيادة التجهيزات الموضوعة تحت تصرفهم بغية التوسع في الرى. وهى تحبذ المشروع الموضوع لإعمار منطقة الحولة.

         واللجنة تدرك تمام الادراك ضرورة القيام بتحريج الأراضى على مقياس واسع ولزوم وضع برنامج بعيد الأمد لانشاء الغابات ولكن بالنظر لما استنتجته من قلة الأراضى الميسورة للسكان الزراعيين في الجبال لا يسعها أن توصى ببرنامج ينطوى على اخراج المزارعين من الأراضى بمقياس واسع الا اذا وفرت لهم أرض زراعية أخرى أو أوجد لهم عمل مناسب على الأرض. وعلى انه اذا أخذت البلاد كمجموع فان قسما كبيرا من أرضها يصلح للتحريج وليس للزراعة واللجنة تحبذ القيام بمشروع يرمى الى تحريج سفوح التلال الكثيرة الانحدار منعا لانهيار تربتها ومنع الرى في الأراضى الصالحة للتحريج وانشاء غابات للقرى حيثما أمكن لمنفعة المزارعين المجاورين لها

الفصل العاشرة - الهجرة:
         لقد ازدادت مشكلة الهجرة خطورة من جراء عوامل ثلاثة وهي:
1 - القيود الشديدة التى فرضتها حكومة الولايات المتحدة على الهجرة الى بلادها.
2 - استلام الحكومة الوطنية الاشتراكية لمقاليد الحكم في ألمانيا.
3 - ازدياد الضغط الاقتصادى على اليهود في بولونيا.

         ان بقاء عنصر وافر الذكاء والنشاط مدعما بمقادير كبيرة من الأموال على اصطدام متواصل مع شعب متواطن في البلاد يعتبر فقيرا بالنسبة الى ذلك العنصر ويختلف عنه من حيث مستوى الثقافة قد يؤدى مع الزمن الى رد فعل خطير. وان مبدأ الاستيعاب الاقتصادى الذى مؤداه أن يتوقف مقدار الهجرة الى البلاد على أساس قدرة البلاد الاقتصادية على استيعاب المهاجرين دون أن يكون لغير هذه الاعتبارات الاقتصادية شأنه في ذلك هو مبدأ غير ملائم في الوقت الحاضر وهو يضرب صفحا عن بعض العوامل التى تنطوى عليها الحالة مما لا يسع السياسة الحكيمة أن - تتجاهله أو تهمله. فمن اللازم أن يحسب للعوامل السياسية والاجتماعية والنفسية حسابها في 

هذا الشأن وينبغى على حكومة صاحب الجلالة أن تضع حدا سياسيا أعلى للهجرة اليهودية. وهذا الحد السياسى الأعلى يجب أن يحدد بـ 12.000 في السنة للسنوات الخمس المقبلة.


الفصل الحادى عشر - شرق الأردن:

        ان مواد صك الانتداب المتعلقة بالوطن القومى اليهودى لا تسرى على شرق الأردن. واحتمال توسيع الوطن القومى عن طريق هجرة اليهود الى شرق الأردن يتوقف على افتراض وجود الوفاق بين اليهود والعرب. غير أن مقاومة العرب للهجرة اليهودية ليست أقل شدة في شرق الاردن منها في فلسطين ولا يسع حكومة شرق الأردن الا أن ترفض تشجيع الهجرة اليهودية ازاء المقاومة الشعبية التى تجابه تلك الهجرة.

الفصل الثاني عشر - الصحة العامة:

        لقد لخصت ظلامات اليهود في هذا الفصل بأنها عبارة عن شكواهم من عدم صرف الحكومة المنتدبة لمقادير كافية من المال على مساعدة المصالح الصحية التى أنشأوها من أموالهم الخاصة. فالمال الذى يصرف على أية مصلحة من المصالح يؤخذ حتما من حساب مصلحة أخرى وقد يغرب عن الذهن أحيانا أن فلسطين لا تزال فقيرة بالنسبة الى غيرها بالرغم من تقدم الوطن القومى من الوجهة الاقتصادية والمسألة بمجموعها توضح صعوبة انشاء المصالح في دولة واحدة لشعبين اثنين يختلفان اختلافا بينا من حيث مستوى المعيشة.

الفصل الثالث عشر - الأشغال العامة والمصالح الأخرى:

        اذا كان المفروض أن توزع الوظائف بين العنصرين بالنسبة لعدد أفراد كل عنصر منهما فان الحكومة قد حافظت على هذه النسبة بقدر الامكان في الخدمة المدنية عموما بالرغم من أن سرعة تزايد العنصر اليهودي قد جعلت هذا الأمر من الصعوبة بمكان.

        وفي فلسطين حيث تختلف أجور العمال العاديين من العرب واليهود ويكثر تقلب الأجور يستحيل جعل الاستخدام في الاشغال العامة موقوفا دائما على أساس نسب ثابتة بين العنصرين واللجنة لم تتقدم بأية توصية فيما يتعلق باستخدام اليهود وغير اليهود في دوائر الحكومة وفي الاشغال العامة والمصالح الأخرى وهى تشير الى الصعوبات الناجمة عن استحكام روح التنافر بين العنصرين والاختلاف بين مستوى معيشتهما والفرق بين معدل الأجور والصعوبات الاخرى الناشئة عن أيام العطل الثلاثة المختلفة. وتعرب عن اقتناعها بأن الحكومة قد عالجت الحالة بسعة صدر وأن القول بأن موقف الحكومة من استخدام اليهود لا ينطوى على العطف قول لا يستند الى أساس.


الفصل الرابع عشر - المسيحيون:

        ان مصلحة المسيحيين الدينية فيما يتعلق بالأماكن المقدسة لا تقل شأنا عن مصلحة اليهود أو المسلمين. ومسيحيو العالم لا يسعهم أن يقفوا موقف عدم المبالاة فيما يتعلق بإنصاف ورفاهية اخوانهم بالدين في البلاد المقدسة.

1 -
   

المذكرة المتضمنة ظلامات الطائفة العربية الارثوذكسية وشكايتهم من الموقف الذى وقفته الحكومة بترك الأمور تجري في مجراها قد وصلت متأخرة لدرجة حالت دون درسها بالتفصيل غير أن اللجنة تشير الى ما قامت به اللجنة الحالية المعينة بمقتضى قانون البطريركية الارثوذكسية لسنة 1928 من الاصلاح الناجع في مالية البطريركية والى البحث الذى جرى بين الحكومة والبطريركية والعلمانيين حول اعادة تنظيم الشئون الداخلية للبطريركية من جديد بما فيه تشكيل مجلس مختلط وتلك المسائل لا تزال موضع نظر الحكومة.

        وقد أشارت اللجنة الى مسألة اشتغال الموظفين المسحيين في أيام الآحاد بسبب محافظة اليهود الدقيقة على السبت واللجنة تميل الى الموافقة على أن الوضع الحاضر يلقى على كاهل الموظفين المسيحيين عبئا زائدا من العمل ويضر بالنفوذ الروحى للكنيسة المسيحية.

        اما في المسائل السياسية فقد ربط المسيحيون العرب مقدراتهم بمقدرات اخوانهم المسلمين.

الفصل الخامس عشر - قانون الجنسية واكتساب الجنسية الفلسطينية:

        أما فيما يتعلق بظلامة أولئك العرب الذين غادروا فلسطين قبل الحرب (الذين يقال أن عددهم يبلغ 40.000) بنية العودة اليها فيما بعد ثم لم يتمكنوا من الحصول على الجنسية الفلسطينية فاللجنة تقترح أن تمنح الجنسية الفلسطينية لمن يستطيع أن يثبت منهم عدم انقطاع صلته الشخصية بفلسطين واستعداده لتقديم تأكيد رسمى صريح بنيته العودة الى البلاد هذا اذا لم تمنح الجنسية الفلسطينية الى جميع هؤلاء. أما فيما يتعلق باليهود فالتشريع الحالى يفى بالالتزام الوارد في صك الانتداب حول هذا الموضوع. غير أن اليهود لم يقدموا على الاستفادة من الفرصة التى أتيحت لهم لاكتساب الجنسية الفلسطينية والسبب في ذلك هو أن مصلحتهم الأساسية مرتبطة بالشعب اليهودى نفسه.

        أما الاخلاص لفلسطين وحكومتها فمن الأمور الثانوية في نظر الكثيرين منهم.

         واللجنة لا تؤيد النقد الموجه الى حصر حق التصويب في الانتخابات البلدية في الفلسطينى الجنسية. فمن المرغوب فيه جدا أن يصبح جميع الأشخاص الذين ينوون الاقامة الدائمة في فلسطين. فلسطينى الجنسية . وتوفر هذا الشرط في الناخبين هو حافز مباشر من شأنه أن يحمل أولئك الاشخاص على السعى لاكتساب الجنسية الفلسطينية.



الفصل السادس عشر - المعارف:

        من دواعي الأسف أن لا تكون الادارة قد فعلت أكثر مما فعلته في سبيل نشر المعارف فالتعليم يجب أن لا ينظر الى أهميته من حيث هو تعليم فقط اذ أن ما يبذل لتحسين حالة الفلاح المادية لن يقيض له النجاح الا اذا تلقى الفلاح تربية عقلية كافية تمكنه من الاستفادة من التعليم الفنى. وبالنظر لعدم كفاية الاعتمادات الحالية المخصصة لتعليم العرب فيرتب على الإدارة أن تعتبر أن النصيب الذى يستحقونه من الخزينة العامة لهذه الغاية هو الثانى في الأهمية بعد الاعتمادات المخصصة للأمن العام ومع ذلك فان الأمر الذى يفوق تأثيره السىء نقص المدارس العربية هو الطابع القومى المحض الذى تصطبغ - به مدارس كل من الشعبين وليس في وسع اللجنة أن تجد علاجا لهذا الأمر على الاطلاق. قد يكون المثل الأعلى لنظام التعليم في هذه البلاد جعل ذلك النظام نظاما واحدا ثنائى القومية للعنصرين معا. غير أن ذلك يتعذر تحقيقه بموجب صك الانتداب الذى يخول كلا من الشعبين حق صيانة مدارسه الخاصة لتعليم أبنائه بلغته الخاصة. ونظام المدارس العربية واليهودية المعمول به الآن يزيد حتما في توسيع شقة الخلاف بين العنصرين وسيظل ذلك شأنه في المستقبل. أيضا يجب تشجيع التعليم المختلط حيثما أمكن ذلك أى في المدارس الفنية والصناعية التى تنشأ حديثا مثلا. أما بصدد ما يطالب به اليهود من زيادة مقدار الاعانة التي تمنح لمدارسهم فاللجنة ترى أنه ليس هناك ما يبرر زيادة هذه الإعانة مهما كانت تلك الزيادة مرغوبا بها في ظروف أخرى الا بعد أن يكون قد صرف على ترقية التعليم لدى العرب مبالغ تفوق كثيرا ما صرف عليه لغاية الآن بحيث يصبح مستوى التعليم عندهم موازيا لمستوى التعليم عند اليهود. ان مدى ما حمل اليهود أنفسهم من الضرائب في سبيل نشر التعليم هو صفة من أحسن الصفات التى يمتاز بها الوطن القومى اليهودى. ومثل هذه المساعدة التى يقدمها الإنسان لنفسه حرية بكل تأييد.

        ولكن هذا التأييد يجب أن لا يأتى عن طريق تغييرالنسبة الحالية بين الاعانة المنوحة لليهود والمبالغ المصروفة على العرب بل ويجب أن يكون نتيجة لزيادة مجموع المبالغ المصروفة على التعليم.

        والتباين بين نظام التعليم عند اليهود وبين نظام التعليم عند العرب أكثر ما يكون بروزا في درجات التعليم العليا. فلليهود جامعة من طراز عال والعرب ليس لديهم جامعة وليس في وسع الطبقة المثقفة من شبانهم أن يتموا تعليمهم الا اذا حملوا أنفسهم عبء السفر الى الخارج واذا وضع المشروع الذى يرمى الى تأسيس جامعة بريطانية في الشرق الأدنى على بساط البحث من جديد فيجب أن ينظر بمنتهى الامعان في امكان انشاء تلك الجامعة في جوار القدس أو حيفا.

الفصل السابع عشر - الحكم الذاتى:

        إن نظام الحكم الذاتى الحالى الذى تمارسه (المجالس المحلية) في مناطق القرى يشتمل على نقصين أولهما فقدان المرونة وثانيهما المركزية التى لا موجب لها، ولابد من القيام بمحاولة لتقوية المجالس المحلية القليلة التى لا تزال موجوة في مناطق القرى العربية غير أن اللجنة لا تحبذ في الوقت الحاضر اعادة نشكيل المجالس


المنحلة أو تشكيل مجالس جديدة الا اذا كان ذلك مقرونا بطلب جدي. ولا يمكن أن يعود توسيع الحكم الذاتي في القرى بفائدة فعالة الا بعد أن تكون التدابير المتخذة للتعليم الأولى قد أثمرت ثمرها بفعل الزمن.

        أما عيوب نظام البلديات الحالى فهى:

1 -
   

فقدان روح التشبث في البلدان المتأخرة عن غيرها.

2 -
   

القيود الموضوعة على تشبثات البلديات المتقدمة على غيرها بموجب القانون الذى جعل جميع البلديات خاضعة على السواء لإشراف الحكومة والادارة المتركزة ويرجع السبب في عدم الاهتمام الذى يبديه سكان المدن في أكثر المجالس البلدية الى تحديد السلطات والمسئوليات.

        ان لمدينة تل أبيب مشكلاتها الخاصة وهى مشكلات فذة ناشئة عما حصل في سكانها من التزايد العجيب خلال السنوات الخمس الأخيرة فالأهداف التى وضعها سكان تل أبيب نصب أعينهم فيما يتعلق بالخدمات الاجتماعية هى بحد ذاتها موضع التقدير وقد اظهر دافعو الضرائب استعدادا يحمدون عليه لتحمل عبء الضرائب الباهظة بغية الوصول الى تلك الأهداف ولقد واجهت المدينة صعوبات استثنائية وتمكنت بدرجة كبيرة من التغلب على تلك الصعوبات دون أن تتأثر وضعيتها المالية تأثيرا خطيرا.

        ومن الضرورى سن قانون جديد يقضى بتصنيف البلديات وأهم المجالس المحلية تصنيفا جديدا وتقسيمها الى أصناف مختلفة بحسب اتساعها وأهميتها.

        وفي هذه الحالة يمكن تغيير مدى السلطة والاستقلال الممنوحين للمجالس بحيث يكون ذلك ملائما لكل صنف على حدته. فالسلطات الممنوحة للصنف الأول من البلديات بموجب القانون الحالى هى غير وافية ومن الضرورى توسيعها.

        ويجب استقدام شخص خبير في مسائل البلديات للاستعانة به على وضع صيغة القانون الجديد وتحسين واتساق العلاقات التى تربط بين الحكومة والبلديات سيما في البلدان الكبيرة على أن يتناول عمله بصورة خاصة ازالة أسباب التأخير الذى يحصل في الوقت الحاضر في تصديق ميزانيات البلديات.

        ومن الضرورى أن ينظر على الفور وبعين العطف في حاجة مدينة تل أبيب الى قرض كبير.

        إن الصلة العادية التى تقوم عادة بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية هى في فلسطين غير ممكنة التحقيق.

الفصل الثامن عشر - مؤسسات االحكم الذاتى:
        إن الآمال التى كانت معقودة في سنة 1922 على التقدم بخطوات سريعة نحو الحكم الذاتى قد أصبحت أبعد منالا من ذى قبل - فالحائل الواقف في سبيل تحقيقها وهو موقف العرب العدائى من الوطن القومي قد اشتدت وطأته مع الزمن بدلا من أن تخف.


        ان الزعماء اليهود قد يرضون بتشكيل مجلس تشريعي على أساس المساواة بين العرب واليهود غير أن اللجنة مقتنعة بان هذه المساواة ليست حلا عمليا تطبق تطبيقا فعالا أو أن تدوم طويلا وعلى كل فان الزعماء العرب لن يقبلوا المشكلة اذ ان من الصعب الاعتقاد أن مثل هذه الوسيلة الاصطناعية يمكن أن تطبق تطبيقا فعالا أو أن تدوم طويلا وعلى كل فان الزعماء العرب لن يقبلوا بها واللجنة لا توصى بالقيام بأية محاولة لبعث الاقتراح المتعلق بتشكيل مجلس تشريعى من جديد غير أنه لما كان من المرغوب فيه أن يكون لدى الحكومة وسيلة منتظمة فعالة تستعين بها في سبر غور الرأى العام فيما يتعلق بسياستها فاللجنة ترحب بتوسيع المجلس الاستشارى عن طريق ضم أعضاء غير موظفين اليه ومن الممكن أن يشكل هؤلاء الأعضاء أغلبية المجلس وأن ينتخبوا انتخابا. ويكون في وسع هؤلاء الأعضاء عرض ما يودون عرضه بقرارات يتخذونها في المجلس ولكنهم لا يعطون صلاحية تخولهم اقرارا أو رفض الميزانية أو التدابير التشريعية الأخرى غير أن العرب ليس من المحتمل أيضا أن يقبلوا بهذا الاقتراح.

        ومن المسلم به أن عرب فلسطين يصلحون لحكم أنفسهم كعرب العراق أو سوريا ثم إن يهود فلسطين يصلحون لحكم أنفسهم بأنفسهم كأى شعب منظم مثقف من شعوب أوروبا. غير أنه بالنظر لكون هذين الشعبين خاضعين معا لانتداب واحد فمنح الحكم الذاتي لكليهما معا أمر غير عملى. ان الانتداب لا يمكن تنفيذه تنفيذا تاما ولا انهاء أجله بصورة مشرفة عن طريق استقلال فلسطين كوحدة غير مجزأة الا اذا كان في الإمكان تسوية النزاع القائم بين العرب واليهود.

الفصل التاسع عشر - الاستنتاجات والتواصى:

        لقد أجملت اللجنة في هذا الفصل ما توصلت اليه من الاستنتاجات الوارد بيانها في هذا الباب من التقرير ولخصت ظلامات العرب واليهود والتواصى التى تقدمت بها لازالة الظلامات المشروعة منها - وقد أضافت اللجنة الى ذلك أن التواصى التى تقدمت بها هي ليست تلك التواصى التى تقتضيها الصلاحيات التى أنيطت بها فهى لن "تزيل" الظلامات ولن "تمنع تكررها" غير أنها أفضل السكنات التى تستطيع اللجنة أن تصفها للداء الذى تعانى فلسطين آلامه وهى لا تخرج عن كونها مسكنات ليس الا ولا يمكنها أن تستأصل شأفة هذا الداء فهو مؤصل الى درجة حملت اللجنة على الجزم فى الاعتقاد بأن الأمل الوحيد بشفائه لا يأتى الا عن طريق اجراء عملية جراحية.



يتبع .........


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الإثنين 31 أكتوبر 2016, 11:49 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75866
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937   تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937 Emptyالإثنين 31 أكتوبر 2016, 11:48 pm

..........  تابع

تقرير اللجنة الملكية لفلسطين
7 يوليو سنة 1937




الباب الثالث
إمكان الوصول الى تسوية دائمة:

الفصل العشرون - ضغط الظروف:

        لقد أعادت اللجنة تلخيص المشكلة الفلسطينية في هذا الفصل وذلك أن الحكومة البريطانية مدفوعة بضغط الحرب العالمية كانت قد قطعت بعض الوعود للعرب واليهود بقصد نيل معاضدتهم. وقد علق كل من الفريقين بعض المال على هذه الوعود.

        ان تطبيق نظام الانتداب بوجه الاجمال وصك الانتداب بصورة خاصة على فلسطين ينطوى على الاعتقاد بأن الالتزامات التى تعهدت بها الدولة المنتدبة نحو العرب واليهود قد يثبت مع الزمن بأنها قابلة للتوفيق بالنظر لما سيحدثه الرخاء المادى الذى تجره الهجرة اليهودية الى فلسطين عموما من التأثير الطيب على العرب الفلسطينيين لكن هذا الإعتقاد لم يتحقق وليس ثمة أمل بتحقيقه في المستقبل.

        غير أن الشعب البريطانى لا يستطيع التنصل من التزاماته بناء على هذا السبب وبغض النظر عن هذه الالتزامات فان الأحوال القائمة في فلسطين ما زالت تتطلب بذل جهود مضنية من قبل الحكومة المسئولة عن رفاهية البلاد.

        وفيما يلى بيان للاحوال القائمة في البلاد:

        لقد نشأ نزاع مستعصى الحل بين شعبين مختلفى القومية يقيمان معا ضمن الحدود الضيقة لبلاد صغيرة واحدة. وليس لهذين الشعبين أساس مشترك يجمع بينهما فأمانيهما القومية لا يمكن التوفيق بينها اذ ان العرب يطمحون الى احياء عصر العرب الذهبي واليهود يرغبون في اظهار ما يمكنهم أن يقوموا به من جليل الاعمال عندما يعادون الى البلاد التى ولدت فيها الأمة اليهودية وليس في آمال الفريقين القومية ما يسمح بدمجهما معا في خدمة دولة واحدة.

        ولقد أخذت وطأة هذا النزاع تشتد تدريجيا منذ سنة 1920 - وسيكون ذلك شأنها في المستقبل أيضا.

        والأحوال السائدة في فلسطين ولا سيما أنظمة التعليم القائمة فيها تعمل عملها في تقوية الروح القومية لدى الشعبين وكلما ازداد عدد الشعبين وازدادت رفاهيتهما عظمت أمانيهما السياسية وازدادت خطورة النزاع القائم بينهما بسبب ما يحيط المستقبل من الابهام. فهناك سؤال مآله "من الذى سيحكم فلسطين في النهاية ؟" وفي غضون ذلك تستمر العوامل الخارجية على عملها بقوة متزايدة فهناك من الجهة الواحدة سوريا ولبنان اللذان ستنالان سيادتهما القومية في أقل من ثلاث سنوات وبنوالهما ذلك يزاد مطلب العرب الفلسطينيين في نيل نصيبهم من الحرية التى تتمتع بها بلاد العرب الآسيوية بأسرها بشدة وقوة ومن الجهة الأخرى ليس من المنتظر أن يقل الضيق الذى يعانيه اليهود في أوروبا أو أن تخف المخاوف التى تساورهم كما أن أثر الاستنجاد بحسن نوايا الشعب البريطانى وعطفه على الانسانية لن يفقد شيئا من شدته. ثم أن حكومة فلسطين التى هى الآن على شكل لا يصلح لحكم العرب المثقفين واليهود الديموقراطيين ليس في مقدورها أن تتطور مع الزمن الى شكل من أشكال الحكم الذاتى كما وقع في البلاد الأخرى وذلك لأنه ليس ثمة شكل من أشكال هذا الحكم من شأنه أن يضمن العدالة لكل من العرب واليهود وعلى هذا ستبقى الحكومة غير تمثيلية وعاجزة عن أزالة الظلامات المتضاربة التى يشكو منها هذان الشعبان المستاءان المجردان من المسئولية اللذان هما تحت حكمها.

        وفى مثل هذه الأحوال لا يمكن توطيد دعائم السلام في فلسطين تحت ظل الإنتداب الا باللجوء الى القمع ذلك لأن القمع يستلزم اقامة مصالح للمحافظة على لأمن تستنفد من باهظ النفقات ما يحول دون التوسع في الخدمات التى ترمى الى تأمين "رفاهية السكان وتقدمهم" بل قد يؤدى الى انقاص تلك الخدمات


وتخفيضها أما الموانع الأدبية التى تلازم القمع فلا تحتاج الى برهان ولا حاجة للتدليل على ما يكون له من رد فعل غير مرغوب فيه على الرأى العام خارج فلسطين. وبالإضافة الى ذلك فان القمع لن يحل المشكلة بل يؤدى الى تفاقم الشحناء ولن يساعد على انشاء دولة واحدة في فلسطين تحكم ذاتها بذاتها. وليس من السهل السير في طريق القمع المظلمة اذا لم يكن من المأمول مشاهدة نور النهار في آخر تلك الطريق.

        إن الشعب البريطاني لن يحيد عن مهمة الاستمرار على حكم فلسطلين بمقتضى الانتداب اذا كان الشرف يقضى عليه بذلك غير أن له ما يبرره اذا هو بحث عن طريقة أخرى تمكنه من القيام بواجبه ثم ان - بريطانيا لا تود أن تجحد التزاماتها غير أن موطن الصعوبة هو ثبوت عدم امكان التوفيق بين هذه الالتزامات ومما يزيد في ألم هذا التضارب وقعا أنه لو أخذ كل التزام من هذه الالتزامات على حدته لوجد أنه يتفق مع ميول بريطانيا ومصالحها فارتقاء الحكم الذاتى في العالم العربي من الجهة الواحدة يتفق والمبادئ البريطانية. والرأى العام البريطانى يعطف كل العطف على ما يمنى به العرب أنفسهم لإحياء عصر جديد من الوحدة والرفاهية في العالم العربي ولقد كانت المصلحة البريطانية مرتبطة على الدوام باستتباب السلام في الشرق الأوسط، وفي استطاعة السياسة البريطانية أن تثبت أن لها تاريخ صداقة غير منفصمة العرى مع العرب. ومن الجهة الأخرى ان صداقة بريطانيا للشعب اليهودى هى صداقة تقليدية قوية. ومن مصلحة بريطانيا الابقاء على ثقة الشعب اليهودية بالقدر الممكن.

        ان دوام النظام الحالى سيؤدى تدريجيا الى اقصاء هذين الشعبين اللذين يرتبطان مع بريطانيا برباط الصداقة التقليدية.

        ولا يمكن حل المشكلة بمنح العرب أو اليهود كل ما يصبون اليه واذا سئل من من الشعبين سيحكم فلسطين في النهاية؟ فجواب هذا السؤال يجب أن يكون: "لا هذا ولا ذاك" فليس ثمة سياسى منصف يسعه أن يفكر في تسليم الاربعمائة ألف يهودى الذين سهلت الحكومة البريطانية دخولهم الى فلسطين بموافقة عصبة الأمم الى الحكم العربى أو في تسليم مليون من العرب الى الحكم اليهودى فيما لو أصبح اليهود الأغلبية في البلاد.

        غير أنه وان كان ليس في مكنة أي هذين العنصرين أن يتولى حكم فلسطين بأسرها بانصاف فقد يكون في امكان كل عنصر منهما أن يحسن الحكم فى قسم منها.

        ولا ريب في أن فكرة التقسيم قد بحث فيها فيما مضى كحل للمشكلة الا أنه يغلب على الظن أن هذه الفكرة قد أهملت في السابق باعتبار أنها غير عملية فالتقسيم تلازمه بدون شك مصاعب جسيمة غير أنه اذا درست هذه المصاعب درسا دقيقا فلن تبدو بأنها مما يتعذر التغلب عليه شأن المصاعب التى ينطوى عليها بقاء الانتداب أو أى تدبير آخر، فالتقسيم يفسح مجالا لتوطيد السلام في النهاية الأمر الذى لا يتيحه أى مشروع آخر.





الفصل الحادى والعشرون - نظام المقاطعات:

        في الامكان تجزيء فلسطين تجزئة سياسية أقل شمولا من التقسيم وذلك بتقسيمها على النحو المتبع في الحكومات التى تسير على نظام الاتحاد الى ولايات ومقاطعات تتمتع كل منها بالحكم الذاتى فيما يتعلق بالمسائل المماثلة للهجرة وبيوع الأراضي والخدمات الاجتماعية وفي هذه الحالة تكون الدولة المنتدبة في مقام الحكومة المركزية أو حكومة الاتحاد وتهيمن على العلاقات الخارجية والدفاع والجمارك وما شاكل ذلك.

        ونظام المقاطعات هذا جذاب لأول وهلة لأنه يحل بحسب الظاهر المشاكل الكبرى الثلاثة وهى مشكلة الأراضى ومشكلة الهجرة ومشكلة الحكم الذاتى غير أن مواطن الضعف فيه ظاهرة جلية ففى الدرجة الأولى أن سير أنظمة حكومة الاتحاد يتوقف على وجود مصالح أو تقاليد كافية لتأمين بقاء التوافق بين الحكومة المركزية وبين المقاطعات أما في فلسطين فسينظر كل من العرب واليهود الى الحكومة المركزية كهيئة أجنبية دخيلة. وفي الدرجة الثانية أن العلاقات المالية بين الحكومة المركزية والمقاطعات قد يؤدى الى بعث التنافر القائم حاليا بين العرب واليهود من جديد وذلك فيما يتعلق بكيفية توزيع الوفر الذى قد يحصل في ايرادات الحكومة المركزية أو بتعيين المبلغ الذى يترتب على كل مقاطعة من المقاطعات أن تدفعه لسد ما قد يقع في ميزانية الحكومة المركزية من العجز ثم ان فتح باب الهجرة اليهودية على مصراعيه في المقاطعة اليهودية دون قيد أو شرط قد يؤدى الى لزوم التوسع فيما تنشئه الحكومة المركزية من الخدمات على حساب المقاطعة العربية. وفي الدرجة الثالثة ان واجب المحافظة على القانون والنظام ذلك الواجب الكبير النفقات سيبقى موكولا الى الحكومة المركزية. وفى الدرجة الرابعة ان نظام المقاطعات لا بد له كمشروع التقسيم من أن يسفر عن ابقاء أقلية من كل عنصر في المنطقة التى سيهيمن عليها العنصر الآخر. وحل هذه المعضلة يتطلب اللجوء الى تدابير جريئة لا يصح التفكير فيها اذا كان ثمة أمل بتوطيد دعائم السلم النهائى في البلاد.

        ومشروع التقسيم يفسح المجال لمثل هذا الأمل بينما أن نظام المقاطعات لا يؤمن ذلك. ويمكن أن يقال بالدرجة الأخيرة أن نظام المقاطعات لا يحل مسألة الحكم الذاتى القومي فلن يشعر العرب ولا اليهود بأن أمانيهم السياسية قد تحققت لمجرد منحهم الحكم الذاتى في المقاطعات.

        وبالايجاز ان نظام المقاطعات تلازمه جل المصاعب التى تعترض مشروع التقسيم ان لم يكن كلها دون أن تتوفر فيه الفائدة الكبرى المتوفرة في التقسيم الا وهى احتمال الوصول الى سلم نهائى.

الفصل الثانى والعشرون: مشروع التقسيم

        بالرغم من أنه لا ينتظر من اللجنة أن تعمد الى القيام بالتحقيق الاضافى المطول الذي يتطلبه وضع الأسس الضرورية لمشروع التقسيم باسهاب الا أنه من العبث أن تتقدم بمبدأ التقسيم هذا دون أن تضعه في قالب جوهرى محسوس اذ من الواجب كما يظهر جليا أن يقام الدليل على أن في الامكان وضع خطة تفى بأهم ما تتطلبه الحال.



1 - نظام المعاهدات:

        ينبغى انهاء أجل الانتداب المفروض على فلسطين واستبداله بنظام معاهدات يتفق مع السابقة التى درج عليها في معاهدتى العراق وسوريا.

        ويجب وضع انتداب جديد للاماكن المقدسة يكفل تحقيق الغايات المحددة في الفقرة (2) أدناه.

        وينبغى أن تعمد الدولة المنتدبة الى المفاوضة مع حكومة شرق الأردن وممثلى عرب فلسطين من جهة ومع الجمعية الصهيونية من الجهة الأخرى لعقد معاهدة تحالف مع كل من الفريقين. وفي هاتين المعاهدتين يعلن عن تشكيل حكومتين مستقلتين ذواتى سيادة خلال أقصر مدة تسمح بها الأحوال - أحدهما دولة عربية تضم شرق الأردن مع ذلك القسم من فلسطين الذى يقع الى الجانبين الشرقى والجنوبى من الحد الذى اقترحناه في الفقرة (3) أدناه والأخرى دولة يهودية تضم ذلك القسم من فلسطين الذى يقع الى الجانبين الشمالى والغربى من الحد المذكور.

        وتتعهد الدولة المنتدبة أن تؤيد الطلب الذى قد تتقدم به أى الحكومتين العربية أو اليهودية للانضمام الى عصبة الأمم.

        وتتضمن المعاهدتان ضمانات مشددة لحماية الأقليات في كل من الدولتين ونصوصا تتعلق بما سيشار اليه في الفقرات التالية من الشئون المالية وغيرها وتلحق بهما قوانين عسكرية تتعلق باقامة القوى البحرية والعسكرية والجوية والمحافظة على الموانى، والطرق والسكة الحديدية واستعمالها وحماية خط أنابيب الزيت وما شاكل ذلك من الأمور.

2 - الأماكن المقدسة:

        إن تقسيم فلسطين لابد له أن يكون خاضعا للشرط الأساسى التالى وهو المحافظة على قداسة القدس وبيت لحم وتأمين الوصول اليهما بحرية وطمأنينة لمن شاء من كافة أنحاء العالم.

        تلك "أمانة مقدسة في عنق المدنية" بأوسع ما في الانتداب من معنى وهى ليست أمانة شعوب فلسطين فحسب بل أمانة الجماهير الوفيرة في البلاد الأخرى التى تنظر الى أحد هذين المكانين أو كليهما معا كمكانين مقدسين.

        ولذلك ينبغى وضع صك انتداب جديد بحيث تكون غايته الرئيسية حسن القيام بهذه الأمانة وتخطيط حد لمنطقة خاصة تشمل هذين المكانين المقدسين بحيث تمتد حدودها من نقطة شمال القدس الى نقطة جنوب بيت لحم وأن ييسر لهذه المنطقة أمر الاتصال بالبحر بواسطة ممر يمتد من شمال طريق يافا الرئيسية الى جنوبى السكة الحديدية شاملا مدينتى اللد والرملة ومنتهيا في يافا.

        إن حماية الأماكن المقدسة هى أمانة دائمة فذة في نوعها وغايتها وهى غير واردة في المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم واجتنابا لسوء الفهم يمكن القول بصراحة ان هذه الأمانة لن ينتهى أجلها الا متى رغبت عصبة الأمم والولايات المتحدة في ذلك وأنه في الوقت الذى يكون فيه من واجب القيم على تلك الأمانة العمل على رفاه وترقية


السكان المحليين المختصين فليس في النية أن يصبح أولئك السكان مع مرور الزمن شعبا يحكم نفسه بنفسه حكما ذاتيا تاما.

        ويجب ابقاء الضمانات المتعلقة بالحقوق التى تملكها الجماعات المختلفة في الأماكن المقدسة وبحرية الوصول إلى تلك الأماكن (كما تنص المادة 13 من صك الانتداب الحالى) وبمسألة المرور في منطقة الانتداب وعدم التمييز في المسائل المالية والاقتصادية وغيرها وفقا لمبادئ نظام الانتداب. ولا تطبق السياسة التى ينطوى عليها تصريح بلفور ولن يكون ثمة مجال للبحث في حفظ التوازن بين ادعاءات العرب ازاء اليهود أو بالعكس لأن كافة سكان المنطقة سيعاملون على قدم المساواة. وتكون "اللغة الرسمية" الوحيدة لغة الحكومة المنتدبة ويكون المبدأ الأساسى الذى تسير عليه الادارة اقامة حكم تقويم عادل بغض النظر عن المصالح الطائفية.

        ومما يتفق وعواطف المسيحيين في العالم أجمع جعل هذا الانتداب شاملا أيضا للناصرة وبحر الجليل (بحيرة طبرية) فينبغى أن يعهد للدولة المنتدبة بادارة الناصرة وأن تخول السلطة التامة للمحافظة على قداسة مياه وشواطئ بحيرة طبرية.

        ويجب أن يلقى على عاتق الدولة المنتدبة أيضا عبء المحافظة على الأوقاف الدينية وعلى الأبنية والمقامات والأماكن الواقعة في أراضى كل من الدولتين العربية واليهودية والمقدسة لدى العرب واليهود. وللقيام بنفقات الحكومة المنتدبة ينبغى أن تمكن تلك الحكومة من الاستحصال على بعض الايرادات سواء عن طريق فرض رسوم جمركية أو ضرائب مباشرة أخرى سيما على سكان المدن الكبرى الكثيرى العدد والمطردى النمو المعهودة ادارتهم اليها غير أن هذه الايرادات قد لا تفى لسد نفقات الادارة العادية وفي مثل هذه الحالة ترى اللجنة أن البرلمان سيكون على كل حال مستعدا لتخصيص المبالغ اللازمة لسد العجز.

3 - الحدود:

        إن المبدأ الطبيعى الذى ينبغى أن يتبع في تقسيم فلسطين هو فصل المناطق التي اشترى اليهود الاراضى فيها واستوطنوها عن المناطق التى كل سكانها أو معظمهم من العرب . وهذا المبدأ يشكل أساسا عادلا وعمليا للتقسيم على شرط أن تراعى فيه روح الالتزامات البريطانية وذلك:

1 - بأن يترك مجال معقول ضمن حدود المملكة اليهودية لنمو السكان والاستعمار

2 - وأن تعطى الدولة العربية تعويضا معقولا لقاء ما تفقده من الأراضى والايرادات

        ان كل اقتراح للتقسيم لن يجدى نفعا اذا لم يتضمن اشارة ولو تقريبية الى كيفية حل المسألة الحيوية التى تلازم الموضوع كله وهى مسألة الحدود. وكحل للمشكلة نقترح فيما يلى خطا تقريبيا للحدود باعتبار أنه اقتراح عملى وعادل معا على أنه ينبغى على كل حال تعيين لجنة حدود لتخطيط الحدود بصورة قطعية.

        يبدأ الحد من رأس الناقورة ويسير محاذيا الحدود الشمالية والشرقية الحالية لفلسطين حتى يصل بحيرة طبرية ومن ثم يقطع البحيرة ويتصل بملتقى نهر الارن بالبحيرة ويسير محاذيا مجرى النهر الى أن يبلغ نقطة تبعد قليلا عن بيسان من جهة الشمال ثم يخترق سهل بيسان ويسير محاذيا الحافة الجنوبية لوادى (جزرائيل) ثم



يخترق مرج ابن عامر لغاية نقطة تقع بالقرب من مجدو (تل المتسلم) ومن ثم يخترق سلسلة جبال الكرمل في جوار طريق مجدو (تل المتسلم) وبعد أن يتصل الحد بالسهل الساحلى على هذه الصورة يسير جنوبا محاذيا الحد الشرقى لذلك السهل ثم ينحرف غربا مجتنبا طولكرم الى أن يتصل بممر (القدس - يافا) على مقربة من اللد. وفي جنوب الممر يستمرسيره محاذيا حد السهل الساحلى الى أن يبلغ نقطة تقع على بعد 10 كيلو مترات جنوبى رحوبوت ومن ثم ينحرف الى الغرب حتى البحر.

        وفيما يلى بعض الملاحظات والتواصى المتعلقة بالحدود المقترحة والمسائل المتفرعة عنها:


1 -

2 -


3 -


4 -
   

لا يمكن أن يرسم حد يفصل العرب بأجمعهم وكافة الأراضى التى يملكونها عن اليهود بأجمعهم وكافة الاراضى التى يملكونها.
لقد ابتاع اليهود قطعا وافرة من الأراضى في سهل غزة وبالغرب من بئر السبع واستحصلوا على حق الخيار بابتياع قطع أخرى في تلك المنطقة والحدود المقترحة من شأنها أن تحول دون الانتفاع بتلك الأراضى لتوسيع الوطن القومى اليهودى من الجهة الجنوبية ومن الجهة الأخرى ستكون الأراضى اليهودية في الجليل وبالأخص أراضى منطقة الحولة (التى تهيئ فرصة حرية بالذكر للاعمار والاستعمار) داخله ضمن المنطقة اليهودية.
ان الحدود المقترحة تستلزم ادخال أراضى الجليل الجبلية الواقعة بين صفد وسهل عكا في المنطقة اليهودية. وهذا القسم من فلسطين هو الجزء الذى احتفظ اليهود بمقام لهم فيه منذ بدء تشتتهم حتى هذا اليوم بدون انقطاع تقريبا ان لم يكن اتصال وعواطف اليهودية العالمية بأجمعها متعلقة كل التعلق بمدينتى صفد وطبرية (المقدستين) ثم ان يهود الجليل كانوا فضلا عن ذلك يعيشون بسلام ومودة مع جيرانهم العرب حتى الآونة الأخيرة. وقد أظهر فلاحو الجليل خلال سلسلة الاضطرابات التى حصلت في البلاد أنهم أقل انقيادا للتحريض السياسى من فلاحى منطقتى السامرة واليهودية اللتين تتمركز فيهما روح القومية العربية. ولقد حدث في مدن طبرية وصفد وحيفا وعكا (المختلطة السكان) احتكاك متفاوت الدرجات منذ نشوب الاضطرابات، في العام المنصرم ولذلك فمن أكبر العوامل التى تضمن نجاح مشروع التقسيم في مراحله الاولى وتساعد بصورة خاصة على تنفيذ الضمانات التى ستتضمنها المعاهدات بشأن حماية الأقليات أن توضع هذه المدن الأربع مدة من الزمن تحت إدارة الدولة المنتدبة.
إن مدينة يافا هى في جوهرها مدينة عربية ويجب أن تكون جزءا من الدولة العربية. أما اتصالها بالدولة العربية فلا تلازمه أية صعوبة لأن حق المرور من ممر يافا القدس سيكون مباحا للجميع. على أن هذا الممر يجب أن يكون له منفذه الخاص الى البحر ولذلك يجب أن تستملك شقة ضيقة من الارض لهذه الغاية وأن تخلى هذه الشقة في كل من الجانبين الشمالى والجنوبي للمدينة.

   

5 -
   

بالرغم من أنه سيكون في امكان الدولة العربية الاتصال بالبحر المتوسط في كل من يافا وغزة فمن مصلحة التجارة والصناعة العربية أن تكون مدينة حيفا التى تملك المرفأ العميق الوحيد في البلاد في متناول الدول العربية أيضا من أجل الغايات التجارية ولذلك يجب أن تشتمل المعاهدة اليهودية على نص يضمن حرية نقل البضائع (في الاستيداع) بين الدولة العربية وحيفا.

       وعلى هذه الصورة أيضا يجب أن تشتمل المعاهدة العربية على نص يضمن حرية نقل البضائع (في الاستيداع) في السكة الحديدية ما بين الدولة اليهودية والحدود المصرية.

       ويسرى هذا المبدأ نفسه على مسألة الاتصال بالبحر الأحمر من أجل الغايات التجارية .. فقد يظهر مع مرور الزمن أن استعمال ذلك المنفذ الى الشرق يعود بفائدة جزيلة على الصناعة والتجارة العربية واليهودية على السواء وبالنظر لهذا الاحتمال ينبغى أن تترك منطقة خاصة في الجهة الشمالية الشرقية من شاطىء خليج العقبة تحت ادارة الدولة المنتدبة وأن تتضمن المعاهدة العربية نصا يضمن حرية نقل البضائع بين الدولة اليهودية وتلك المنطقة.

       ويجب أن تنص المعاهدتان أيضا على توفير مثل هذه التسهيلات لنقل البضائع بين منطقة الانتداب وحيفا وبين الحدود المصرية وخليج العقبة.

4 - الإعانة المالية بين الدولتين:
         ان مقدار ما يدفعه الشخص الواحد من اليهود لخزينة فلسطين يفوق ما يدفعه الشخص الواحد من العرب. وذلك مما مكن الحكومة أن تنشىء مصالح عامة للعرب تفوق في مستواها ما كان في امكانها أن تنشئه في غير هذه الحالة وعلى ذلك يكون من نتائج التقسيم ان المنطقة العربية من الجهة الواحدة لن تستفيد فيما بعد من مقدرة المنطقة اليهودية على دفع الضرائب ومن الجهة الأخرى:

 
1 -
2 -

3 -
   

يكتسب اليهود حق سيادة جديدة في المنطقة اليهودية.
تكون تلك المنطقة حسب الحدود التى ذكرناها أكبر مساحة من المنطقة الحالية التى تضم أراضى اليهود ومستعمراتهم.
يتخلص اليهود مما هم ملزمون به الآن من المساعدة على زيادة رفاهية العرب خارج تلك المنطقة. ولذلك يقترح أن تدفع الدولة اليهودية اعانة مالية للدولة العربية عندما يوضع مشروع التقسيم موضع التنفيذ ولقد كان لمثل هذه التسويات المالية العادلة سوآبق حديثة العهد عندما تم فصل السند عن بومباى وفصل بورما عن امبراطورية الهند فجريا على تلك السوابق يجب تعيين لجنة مالية لدرس مقدارهذه الاعانة المالية وتقديم تقرير بذلك.

       ويترتب على اللجنة المالية أن تنظر أيضا في كيفية تقسيم ديون فلسطين العامة التى تبلغ الآن نحو أربعة ملايين ونصف مليون جنيه بين الدولتين العربية واليهودية


وفي المسائل المالية الاخرى وأن تعطى قرارها بشأنها وينبغى عليها أيضا أن تعالج مسألة التلغرافات والتلفونات في حالة وقوع التقسيم.

5 - اعانة الحكومة البريطانية:

        إن الاعانة المالية التى ستقدمها الدولة اليهودية للدولة العربية سيكون من شأنها تقويم الاتزان المالي في فلسطين. غير أن المشروع يشتمل على ادخال شرقى الأردن في الدولة العربية. وقدرة شرق الأردن على دفع الضرائب محددة جدا وايراداتها لم تكن كافية لسد مصاريف الادارة فمنذ سنة 1921 حتى هذا اليوم ما فتئت شرق الأردن تتلقى اعانات مالية من الحكومة البريطانية. وقد بلغ مجموع هذه الاعانات 125.300 جنيها أى بمعدل 7.800 جنيها في السنة. وقد منحت شرقى الأردن أيضا بعض الاعانات لسد نفقات قوة حدود شرقى الأردن وأقرضت مبلغ 60.000 جنيه لمساعدة منكوبى الزلزال وتوزيع البذار على المزارعين.

        ويجدر ألا يتم التنازل عن الانتداب على شرقى الأردن الا بعد أن يضمن بقدر المستطاع عدم توفر مستوى الادارة فيها بسبب نقص الأموال اللازمة لسد نفقاتها ومن الانصاف أن يطلب الى الأمة البريطانية أن تساهم في هذا المضمار أيضا لتسهيل الوصول الى تسوية. إن دوام الانتداب الحالى لابد له من أن يحمل الخزينة البريطانية عبئا متكررا مطرد التزايد فاذا كان التقسيم سيئول الى توطيد السلام فالمبالغ المنفقة في سبيل تنفيذه وتحقيقه ستكون بدون ريب قد انفقت في محلها.

        وبقطع النظر عن هذه الاعتبارات نعتقد أن الأمة البريطانية ستوافق على دفع مبلغ كبير مرة واحدة بدلا مما هى ملزمة بدفعه الآن سنويا بغية تنفيذ التزاماتها واستتباب السلام في فلسطين.

        وفي حالة تنفيذ مشروع المعاهدة يجب أن يطلب الى البرلمان بأن يوافق على دفع منحة للدولة العربية قدرها مليونا جنيه.

6 - التعريفة الجمركية والمرافئ:

         بما أن كلا من الدولتين العربية واليهودية ستكون دولة مستقلة ذات سيادة فسيعود لكل منهما أمر تقرير التعريفة الجمركية في بلادها. وينطبق هذا الأمر على الحكومة المنتدبة أيضا مع مراعاة نصوص الانتداب.

        ومن المحتمل أن تتضارب السياستان اللتان ستسير عليهما الدولتان العربية واليهودية في مسألة التعريفة الجمركية ولذلك فمن أكبر العوامل التى تخفف من صعوبة الموقف وتضمن مصلحة الفريقين أن يتفق كلاهما على فرض رسوم جمركية واحدة على أكبر عدد ممكن من أصناف البضائع وأن تدمج الحكومة المنتدبة ايراداتها الجمركية مع ايرادات احدى الدولتين أو كلتيهما معا اذا كان ذلك ممكنا.

        ويجب أن يكون من النقاط الأساسية في نظام المعاهدات المقترح عقد اتفاق تجارى يرمى الى تقرير تعريفة جمركية واحدة على أكبر عدد من أصناف البضائع المستوردة وتسهيل تبادل البضائع بالقدر المستطاع بين المناطق الثلاث المختصة.



7 - الجنسية:

        إن جميع الأشخاص القاطنين في منطقة الانتداب (بما فيها حيفا وعكا وصفد وطبريا والمنطقة الخاصة في خليج العقبة ما دامت هذه الأماكن تحت ادارة الحكومة المنتدبة) والذين يعتبرون الآن أشخاصا يتمتعون بالحماية البريطانية يظلون محتفظين بحالتهم الشخصية هذه. وفيما عدا هؤلاء يصبح جميع الفلسطينيين من رعية الدولة التى يقطنون في أراضيها.

8 - الخدمة المدنية:

        ويلوح لنا أنه من المحتمل أن تحتاج حكومتا الدولتين العربية واليهودية في حالة وقوع التقسيم الى استخدام قسم كبير من الموظفين العرب واليهود الذين كانوا مستخدمين في ادارة الانتداب السابقة بينما يخفض عدد الموظفين البريطانيين خفضا محسوسا فحقوق جميع هؤلاء الموظفين بما في ذلك حقهم في الحصول على التقاعد والمكافأة يجب أن تظل مضمونة بكاملها وفقا للمادة 28 من الانتداب الحالى وهذه المسألة ينبغى معالجتها من قبل اللجنة المالية.

9 - الامتيازات الصناعية:

        إن الاتفاقات المعقودة مع حكومة فلسطين بشأن ترقية وحماية الصناعات (كالاتفاق المعقود مع شركة البوتاس المحدودة) ينبغى في حالة وقوع التقسيم أن تستلمها حكومتا الدولتين العربية واليهودية وأن تقوما بتنفيذها. ويجب أن تشتمل المعاهدات على الضمانات اللازمة بهذا الشأن. كما أن محطة التوليد الكهربائية في جسر المجامع يجب أن تضمن سلامتها على هذا المنوال.

10 - تبادل الأراضى والسكان:

        إذا أريد أن يكون للتقسيم أثره الفعال في الوصول الى تسوية دائمة فيجب ألا يكون تطبيقه مقتصرا على رسم حدود وتأسيس دولتين. ومن الواجب أن يشرع آجلا أو عاجلا في تبادل الأراضى وأن يشرع أيضا في تبادل السكان بقدر المستطاع.

        ويجب أن تنص المعاهدتان على أنه اذا أراد أحد أفراد العرب ممن يملكون أرضا في الدولة اليهودية أو أحد أفراد اليهود ممن يملكون أرضا في الدولة العربية أن يبيع أرضه وما عليها من الاشجار والمحصولات فتكون حكومة الدولة المختصة ملزمة بشراء تلك الأرض والأشجار والمحصولات بثمن تقرره الحكومة المنتدبة إذا لزم الأمر. وينبغي ضمانة قرض بمبلغ معقول لتلك الغاية اذا استوجبت الضرورة ذلك. أما الناحية السياسية لمشكلة الأراضى فهى أهم شأنا من ذلك وبالنظر لعدم اجراء احصاء للنفوس منذ سنة 1931 يتعذر تقدير عدد سكان المنطقة العربية واليهودية تقديرا يصح الركون اليه. على أن تقديرا تقريبيا أجرى لهذا الغرض بين أن المنطقة المخصصه للدولة اليهودية (باستثناء مناطق المدن التى ستبقى تحت ادارة الانتداب مدة من الزمن) يقيم فيها الآن ما يقرب من 235000 نسمة من العرب في حين أن المنطقة المخصصة للدول العربية لا يوجد فيها سوى 1250 نسمة من اليهود تقريبا غير أنه يوجد نحو 12500 من اليهود فى القدس وحيفا مقابل 85000 من العرب. ومن


الجلى أن وجود هذه الأقليات هو أعظم العقبات التى تقف في سبيل تنفيذ مشروع التقسيم تنفيذا مقرونا بالسهولة والنجاح فاذا أريد أن تكون هذه التسوية تسوية نهائية لا شائبة فيها وجب أن تجابه هذه المشكلة بجرأة وأن تعالج بحزم وهى تدعو الى ابداء أقصى حد من الحنكة السياسية من قبل جميع ذوى الشأن.

        وإننا نجد سابقة لتبادل السكان فيما تم بين اليونان والاتراك عقب الحرب اليونانية التركية سنة 1922. فقد عقدت الحكومتان اليونانية والتركية ميثاقا يقضى بنقل الرعايا اليونان الذين ينتمون للمذهب الأرثوذكسى ويقيمون في تركيا إلى بلاد اليونان وبنقل الرعايا الأتراك من المسلمين المقيمين فى بلاد اليونان الى تركيا على أن يتم هذا النقل جبرا وتحت اشراف عصبة الأمم. وقد كان عدد الذين تناولهم هذا النقل كبيرا اذ أن عدد الذين نقلوا على هذه الصورة لم يقل عن 1.300.000 نسمة من اليونان و400.000 نسمة تقريبا من الأتراك. غير أن ما بذل من الحزم والنشاط في تنفيذ هذه المهمة أدى الى اتمام عملية الاستبدال بكاملها في نحو ثمانية عشر شهرا من ربيع سنة 1923 ولقد كانت النتيجة التى أسفر عنها هذا الاستبدال مبرورة للجرأة التى أبداها رجال السياسة من اليونان والأتراك.

        ولقد كانت الأقليات من اليونان والاتراك قبل اجراء هذا الاستبدال مصدرا دائما للتهيج والقلق. أما الآن فقد أصبحت العلاقات القائمة بين اليونان والأتراك على درجة من الود والصداقة لم يسبق لها أن سادت بين البلدين فيما مضى.

        وقد حدث عندئذ ان كان في شمال اليونان أرض زراعية فائضة عن الحاجة ميسورة لإسكان الرعايا اليونان الذين نزحوا عن تركيا أو في الامكان تهيئتها لذلك الغرض عاجلا. أما فلسطين فليس فيها مثل تلك الأراضى فى الوقت الحاضر.

        فهناك ضمن الحدود المقترحة للدولة اليهودية مجال متسع لاسكان اليهود الذين يقيمون الآن في المنطقة العربية أو من الممكن فسح هذا المجال لهم في القريب العاجل غير أن المشكلة الكبرى تدور حول العرب الذين يتناولهم النقل والذين يفوق عددهم عدد اليهود كثيرا. فبينما يمكن إسكان البعض من هؤلاء العرب في الأراضي التى يخليها اليهود فلا مندوحة عن ايجاد أرض أوسع كثيرا لاسكانهم جميعها. والمعلومات الميسورة لدينا تحدو بنا الى الأمل بأن القيام بمشاريع كبيرة للرى وخزن المياه وتعمير شرق الأردن وبئر السبع ووادى الأردن (الغور) قد يسفر عن اسكان عدد يفوق كثيرا عدد السكان الموجودين الآن في هذه المناطق.

        ولذلك ينبغي فحص هذه المناطق وتقدير ما يمكن أن يجرى فيها من مشاريع الرى والعمران بالسرعة الممكنة. فاذا ظهر بنتيجة هذا الفحص أن في الامكان توفر مساحات واسعة من الأراضى لاسكان العرب المقيمين في المنطقة اليهودية فعندئذ يبذل أقصى ما يمكن من الجهد للوصول الى اتفاق بشأن تبادل الأراضى والسكان. وبالنظر للتنافر القائم الآن بين العنصرين ولما يعود به تضييق مجال الاحتكاك بينهما في المستقبل من الفائدة الجلية للطرفين يؤمل أن يبدى الزعماء العرب واليهود ما أبداه الاتراك واليونان من الحنكة السياسية السامية وأن يتخذوا قرارا جريئا كالقرار الذى اتخذه هؤلاء.


       ثم أن نفقات القيام بمشروع الرى والعمران المقترح قد تفوق ما ينتظر أن تتحمله الدولة العربية وهنا أيضا سيكون الشعب البريطانى مستعدا لمديد المعونة للوصول الى تسوية فاذا كان في الامكان وضع اتفاق لنقل الأراضى والسكان نقلا اختياريا أو غير اختيارى فينبغى أن يطلب الى البرلمان الموافقة على منح اعانة لسد نفقات هذا المشروع.

       وإذا تم الاتفاق على انهاء أجل الانتداب وعقد المعاهدات على أساس التقسيم فلابد من أن تكون هناك فترة انتقال قبل أن يوضع النظام الجديد موضع التنفيذ وفي غضون هذه المدة يظل الانتداب الحالي الدستور الذى تسير عليه ادارة فلسطين غير أن التواصى الواردة في الباب الثانى من التقرير بشأن ما يجب عمله في ظل الانتداب الحالى قد وضعت على افتراض دوام ذلك الانتداب مدة غير محدودة من الزمن ولا يصح تطبيقها على ما يقع على الحالة من التغيير فيما لو طبق مشروع التقسيم.



يتبع ......
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75866
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937   تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937 Emptyالإثنين 31 أكتوبر 2016, 11:52 pm

..........  تابع

تقرير اللجنة الملكية لفلسطين
7 يوليو سنة 1937



       وفيما يلى التواصى الموضوعة لدور الانتقال:

       1 - الأراضى: يجب اتخاذ - التدابير لمنع شراء الأراضى من قبل اليهود في المنطقة العربية (أي في المنطقة المقترحة لانشاء الدولة العربية) ولمنع شراء الأراضى من قبل العرب في المنطقة اليهودية (أى المنطقة المقترحة لانشاء الدولة اليهودية).

        ويجب أن تتم تسوية ملكية الأراضى الساحلية الواقعة في المنطقة اليهودية خلال سنتين.

       2 - المهاجرة: يجب أن تفرض على الهجرة اليهودية قيود اقليمية بدلا من العمل بالحد " السياسى الأعلى " وألا يسمح بهجرة اليهود الى المنطقة العربية. وبما أن الهجرة اليهودية المقيدة على هذا الوجه ليس من شأنها أن تؤثر في المنطقة العربية وبما أن الدولة اليهودية ستصبح في القريب العاجل مسئولة عن نتائج تلك الهجرة فمن الواجب أن يقرر مقدارها على أساس قدرة الاستيعاب الاقتصادية لفلسطين باستثناء المنطقة العربية منها.

       3 - التجارة: يجب أن يفتح باب المفاوضات بدون تأخير بغية التوصل الى تعديل المادة الثامنة عشرة من الانتداب ووضع تجارة فلسطين الخارجية على أساس أعدل من الأساس التى هى عليه الآن.

       4 - المجلس الاستشارى: يجب توسيع المجلس الاستشارى اذا أمكن عن طريق تعيين ممثلين للعرب واليهود فيه أما اذا رفض أى فريق منهم العمل فيبقى المجلس على حالته الحاضرة.

       5 - الحكومة المحلية: يجب اصلاح نظام البلديات والاستعانة على ذلك برأى رجل من أصحاب الخبرة.

       6 - المعارف: ينبغي بذل مجهود جدى لزيادة عدد المدارس العربية واعطاء "المدارس المختلطة" الكائنة في المنطقة التى ستدار بموجب الانتداب الجديد كل معاونة والنظر في امكان انشاء جامعة بربطانية لأن هذه المعاهدة فد تلعب دورا هاما بعد التقسيم في تقريب التوفيق النهائى بين العنصرين.



الفصل الثالث والعشرون - الخاتمة:

        بالنظر للموقف الذى وقفه ممثلو العرب واليهود عند أداء الشهادات ترى اللجنة أنه ليس من المحتمل أن يقبل أى فريق منهما لأول وهلة بالاقتراحات المعروضة للتوفيق بين مطالبهما المتضاربة فالتقسيم معناه أن كلا من الفريقين لا يمكنه أن ينال كل ما يصبو اليه. وهو يعنى أيضا أن العرب سيضطرون الى الموافقة على أن يخرج من سيادتهم منطقة من البلاد استوطنوها أجلا طويلا وسبق لهم أن بسطوا سلطانهم عليها مدة من الزمن وأن اليهود سيضطرون الى الاكتفاء بأقل من أرض اسرائيل التى سبق لهم أن حكموها ومنوا أنفسهم بحكمها ثانية. غير أنه يلوح أن كلا من الفريقين سيدرك بعد امعان النظر والتفكير. ان فوائد التقسيم تفوق مساوئه. فانه وان لم يحقق لكل فريق كل ما يتمناه فهو يسهل له نيل ما هو في أشد الحاجة اليه الا وهو الحرية والاطمئنان.

        ويمكن تلخيص الفوائد التى يجنيها العرب من مشروع التقسيم على أساس اقتراحاتنا كما يلى:

1 -
   

ينال العرب استقلالهم القومى ويصبح فى وسعهم أن يتعاونوا على قدم المساواة مع عرب البلاد المجاورة لتحقيق وحدة العرب ورقيهم.

2 -
   

يزول نهائيا ما يسارورهم من الخوف من "اكتساح" اليهود لهم واحتمال خضوعهم في النهاية للحكم اليهودى.

3 -
   

ثم ان تقييد حدود الوطن القومى اليهودى تقييدا نهائيا ضمن حدود معينة ووضع انتداب جديد لحماية الأماكن المقدسة بضمانة عصبة الأمم سيزيل بصورة خاصة كافة ما يساور البعض من المخاوف بأن تصبح الأماكن المقدسة يوما من الأيام تحت هيمنة اليهود.

4 -
   

ومقابل ما يخسره العرب من البلاد التى يعتبرونها بلادهم تتلقى الدول العربية اعانة مالية من الدول اليهودية. وتنال أيضا بسبب تأخر أحوال شرق الاردن منحة قدرها مليونا جنيه من الخزينة البريطانية واذا تيسر الوصول الى اتفاق لتبادل الأراضى والسكان تعطى الدولة منحة أخرى تستعين بها على تحويل ما يستطاع تحويله من الاراضى غير القابلة للزراعة الى أراض منتجة يستفيد منها الزراع والدولة على السواء.

أما فوائد التقسيم لليهود فيمكن تلخيصها كما يأتى:

1 -
   

إن التقسيم يؤمن انشاء الوطن القومى اليهودى وينقذه من احتمال خضوعه في المستقبل للحكم العربي.

2 -
   

ان التقسيم يمكن اليهود من أن يعتبروا الوطن وطنهم الخاص بأوسع معنى وذلك لأن التقسيم يحوله الى دولة يهودية ويصبح فى وسع رعايا هذه الدولة أن يدخلوا من اليهود العدد الذى يعتقدون هم انفسهم بامكان استيعابه وبذلك يحققون هدف الصهيونية الرئيسى ألا وهو وجود أمة يهودية متمكنة في فلسطين



تمنح رعاياها نفس الوضع الشخصى الذى تمنحه سائر الأمم في العالم لرعاياها وبذلك يتخلصون أخيرا من العيش "عيشة الأقلية".

        ان التقسيم يفسح مجال الأمل للعرب واليهود معا بنيل نعمة العيش في ظل السلام الأمر الذي يتعذر توفره في أى مشروع آخر وهو بدون شك جدير بأن يضحى الفريقان بعض التضحية في سبيل تحقيقه اذا كان في الامكان أن يقضى على الخصومة التى بدأت مع الانتداب عن طريق انهاء أجل ذلك الانتداب فهذه الخصومة ليست من الضغائن الطبيعية أو القديمة العهد والعرب لم يكونوا طيلة تاريخهم مجردين من كره اليهود فحسب بل انهم برهنوا على الدوام على أن روح التساهل متأصلة في عروقهم. فاذا أخذنا بعين الاعتبار ما لاحتمال إيجاد ملجأ في فلسطين من القيمة لآلاف اليهود المضطهدين فهل تكون الخسارة التى يتكبدها العرب من جراء التقسيم على فداحتها فوق ما يستطيع السخاء العربى أن يتحمله؟ ان أهل البلاد هم ليسوا وحدهم الذين يجب أن يحسن حسابهم في هذه المسألة وفي غيرها من المسائل الكثيرة المتعلقة بفلسطين فالمشكلة اليهودية ليست أقل شأنا من المشاكل العديدة الأخرى التى تعكر صفو العلاقات الدولية في هذه الأوقات العصيبة وتقف حائلا في سبيل السلام والرفاهية فاذا كان في إمكان العرب أن يساعدوا على حل هذه المشكلة محتملين في سبيل ذلك بعض التضحية فانهم لا يكسبون بذلك ثناء اليهود فحسب بل ثناء العالم الغربي بأسره.

        لقد سبق لرجال السياسة العرب أن رضوا بالتنازل عن فلسطين صغيرة لليهود بشرط أن تكون بقية آسيا حرة . غير أن هذا الشرط لم ينفذ في ذلك الحين وهاهو الآن على وشك التنفيذ. ففي غضون أقل من ثلاث سنوات تصبح كافة المنطقة العربية الواسعة الواقعة خارج فلسطين بين البحر المتوسط والاوقيانوس الهندى مستقلة كما ان القسم الأكبر من فلسطين سيصبح مستقلا أيضا اذا نفذ مشروع التقسيم.

        أما فيما يتعلق بالأمة اليريطانية فمن المحتم عليها أن تحترم بكل ما في وسعها من قوة الالتزامات التى أخذتها على عاتقها نحو العرب ونحو اليهود مدفوعة اليها بمقتضيات الحرب فهى لم تقدر صعوبات المهمة التى ألقيت على عاتقها تمام التقدير عندما أدرجت هذه الالتزامات في صك الانتداب ولقد حاولت التغلب على تلك الصعوبات غير أن الجهود التى بذلتها في ذلك السبيل لم تكن دائما مقرونه بالتوفيق وقد ازدادت هذه الصعوبات حتى أنه يكاد يتعذر التغلب عليها الآن.

        والتقسيم ينطوى على احتمال شق طريق بين هذه الصعوبات والوصول الى حل نهائى لهذه المعضلة من شأنه أن يؤمن حقوق العرب واليهود ويحقق أمانيهم ويؤدى الى تنفيذ الالتزامات التى ارتبطت بها الدولة المنتدبة نحوهم قبل عشرين سنة الى أقصى حد ممكن في الأحوال السائدة في الوقت الحاضر.

مشروع التقسيم الذى قدمته
لجنة بيل
سنة 1937
تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937 MOK132
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75866
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937   تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937 Emptyالإثنين 31 أكتوبر 2016, 11:53 pm

بيان اللجنة العربية العليا
حول مشروع اللجنة الملكية بتقسيم فلسطين (*)
8 / 7 / 1937

       بحثت اللجنة العربية العليا فيما نشر من تقرير اللجنة الملكية وسياسة الحكومة البريطانية المتضمنين تقسيم البلاد وذلك بوضع الاماكن المقدسة تحت انتداب بريطانى دائم وانشاء دولة يهودية في أخصب قسم من البلاد وأهمها بما فيها اقضية حيفا وعكا وصفد وطبريا وحشد العرب فيما تبقى من الاراضى الجبلية ومدينة يافا. ولما كانت هذه البلاد لا تخص عرب فلسطين فحسب بل العالمين العربى والاسلامى قاطبة وكانت تسير في الازمات بإرشاد وتعضيد أصحاب الجلالة والسمو ملوك العرب وأمرائهم وزعماء الامم الاسلامية وهيئاتها. ولما كانت هذه السياسة تناقض مطاليب العرب وحقوقهم فاللجنة ترى في هذا الموقف العصيب الذى تواجهه البلاد أن تبادر حالا بالاتصال بهم كما ترى من واجبها التشاور مع أصحاب الرأى من هيئات البلاد ورجالاتها في السياسة التى يقتضى السير عليها.

       واللجنة العربية العليا ترجو من الشعب العربى الكريم المؤمن بحقه الثابت على مطاليبه أن لا يؤخذ بالاغراء وزخرف القول وأن يظل محافظا على عهده وميثاقه الوطنى وأن يحتفظ برباطة جأشه ورزانته وسكينته واثقا كل الثقة من الفوز في النهاية بحقه وغايته .

 

         * فلسطين - يافا - 9/7/1937 ص1.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
تقرير اللجنة الملكية لفلسطين 7 يوليو سنة 1937
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  وثيقة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.. المقترحات والتوصيات
»  تقرير اللجنة الدولية المقدم إلى عصبة للأمم عن حائط المبكى
» تقرير اللجنة المؤلفة لدرس مكاتبات المندوب السامي البريطاني وشريف مكة
» برعاية "الملكية"
» أنسنة الملكية الفكرية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: بلادنا فلسطين :: خرائط ووثائق فلسطين-
انتقل الى: