.......... تابع
تقرير اللجنة الملكية لفلسطين
7 يوليو سنة 1937
وفيما يلى التواصى الموضوعة لدور الانتقال:
1 - الأراضى: يجب اتخاذ - التدابير لمنع شراء الأراضى من قبل اليهود في المنطقة العربية (أي في المنطقة المقترحة لانشاء الدولة العربية) ولمنع شراء الأراضى من قبل العرب في المنطقة اليهودية (أى المنطقة المقترحة لانشاء الدولة اليهودية).
ويجب أن تتم تسوية ملكية الأراضى الساحلية الواقعة في المنطقة اليهودية خلال سنتين.
2 - المهاجرة: يجب أن تفرض على الهجرة اليهودية قيود اقليمية بدلا من العمل بالحد " السياسى الأعلى " وألا يسمح بهجرة اليهود الى المنطقة العربية. وبما أن الهجرة اليهودية المقيدة على هذا الوجه ليس من شأنها أن تؤثر في المنطقة العربية وبما أن الدولة اليهودية ستصبح في القريب العاجل مسئولة عن نتائج تلك الهجرة فمن الواجب أن يقرر مقدارها على أساس قدرة الاستيعاب الاقتصادية لفلسطين باستثناء المنطقة العربية منها.
3 - التجارة: يجب أن يفتح باب المفاوضات بدون تأخير بغية التوصل الى تعديل المادة الثامنة عشرة من الانتداب ووضع تجارة فلسطين الخارجية على أساس أعدل من الأساس التى هى عليه الآن.
4 - المجلس الاستشارى: يجب توسيع المجلس الاستشارى اذا أمكن عن طريق تعيين ممثلين للعرب واليهود فيه أما اذا رفض أى فريق منهم العمل فيبقى المجلس على حالته الحاضرة.
5 - الحكومة المحلية: يجب اصلاح نظام البلديات والاستعانة على ذلك برأى رجل من أصحاب الخبرة.
6 - المعارف: ينبغي بذل مجهود جدى لزيادة عدد المدارس العربية واعطاء "المدارس المختلطة" الكائنة في المنطقة التى ستدار بموجب الانتداب الجديد كل معاونة والنظر في امكان انشاء جامعة بربطانية لأن هذه المعاهدة فد تلعب دورا هاما بعد التقسيم في تقريب التوفيق النهائى بين العنصرين.
الفصل الثالث والعشرون - الخاتمة:
بالنظر للموقف الذى وقفه ممثلو العرب واليهود عند أداء الشهادات ترى اللجنة أنه ليس من المحتمل أن يقبل أى فريق منهما لأول وهلة بالاقتراحات المعروضة للتوفيق بين مطالبهما المتضاربة فالتقسيم معناه أن كلا من الفريقين لا يمكنه أن ينال كل ما يصبو اليه. وهو يعنى أيضا أن العرب سيضطرون الى الموافقة على أن يخرج من سيادتهم منطقة من البلاد استوطنوها أجلا طويلا وسبق لهم أن بسطوا سلطانهم عليها مدة من الزمن وأن اليهود سيضطرون الى الاكتفاء بأقل من أرض اسرائيل التى سبق لهم أن حكموها ومنوا أنفسهم بحكمها ثانية. غير أنه يلوح أن كلا من الفريقين سيدرك بعد امعان النظر والتفكير. ان فوائد التقسيم تفوق مساوئه. فانه وان لم يحقق لكل فريق كل ما يتمناه فهو يسهل له نيل ما هو في أشد الحاجة اليه الا وهو الحرية والاطمئنان.
ويمكن تلخيص الفوائد التى يجنيها العرب من مشروع التقسيم على أساس اقتراحاتنا كما يلى:
1 -
ينال العرب استقلالهم القومى ويصبح فى وسعهم أن يتعاونوا على قدم المساواة مع عرب البلاد المجاورة لتحقيق وحدة العرب ورقيهم.
2 -
يزول نهائيا ما يسارورهم من الخوف من "اكتساح" اليهود لهم واحتمال خضوعهم في النهاية للحكم اليهودى.
3 -
ثم ان تقييد حدود الوطن القومى اليهودى تقييدا نهائيا ضمن حدود معينة ووضع انتداب جديد لحماية الأماكن المقدسة بضمانة عصبة الأمم سيزيل بصورة خاصة كافة ما يساور البعض من المخاوف بأن تصبح الأماكن المقدسة يوما من الأيام تحت هيمنة اليهود.
4 -
ومقابل ما يخسره العرب من البلاد التى يعتبرونها بلادهم تتلقى الدول العربية اعانة مالية من الدول اليهودية. وتنال أيضا بسبب تأخر أحوال شرق الاردن منحة قدرها مليونا جنيه من الخزينة البريطانية واذا تيسر الوصول الى اتفاق لتبادل الأراضى والسكان تعطى الدولة منحة أخرى تستعين بها على تحويل ما يستطاع تحويله من الاراضى غير القابلة للزراعة الى أراض منتجة يستفيد منها الزراع والدولة على السواء.
أما فوائد التقسيم لليهود فيمكن تلخيصها كما يأتى:
1 -
إن التقسيم يؤمن انشاء الوطن القومى اليهودى وينقذه من احتمال خضوعه في المستقبل للحكم العربي.
2 -
ان التقسيم يمكن اليهود من أن يعتبروا الوطن وطنهم الخاص بأوسع معنى وذلك لأن التقسيم يحوله الى دولة يهودية ويصبح فى وسع رعايا هذه الدولة أن يدخلوا من اليهود العدد الذى يعتقدون هم انفسهم بامكان استيعابه وبذلك يحققون هدف الصهيونية الرئيسى ألا وهو وجود أمة يهودية متمكنة في فلسطين
تمنح رعاياها نفس الوضع الشخصى الذى تمنحه سائر الأمم في العالم لرعاياها وبذلك يتخلصون أخيرا من العيش "عيشة الأقلية".
ان التقسيم يفسح مجال الأمل للعرب واليهود معا بنيل نعمة العيش في ظل السلام الأمر الذي يتعذر توفره في أى مشروع آخر وهو بدون شك جدير بأن يضحى الفريقان بعض التضحية في سبيل تحقيقه اذا كان في الامكان أن يقضى على الخصومة التى بدأت مع الانتداب عن طريق انهاء أجل ذلك الانتداب فهذه الخصومة ليست من الضغائن الطبيعية أو القديمة العهد والعرب لم يكونوا طيلة تاريخهم مجردين من كره اليهود فحسب بل انهم برهنوا على الدوام على أن روح التساهل متأصلة في عروقهم. فاذا أخذنا بعين الاعتبار ما لاحتمال إيجاد ملجأ في فلسطين من القيمة لآلاف اليهود المضطهدين فهل تكون الخسارة التى يتكبدها العرب من جراء التقسيم على فداحتها فوق ما يستطيع السخاء العربى أن يتحمله؟ ان أهل البلاد هم ليسوا وحدهم الذين يجب أن يحسن حسابهم في هذه المسألة وفي غيرها من المسائل الكثيرة المتعلقة بفلسطين فالمشكلة اليهودية ليست أقل شأنا من المشاكل العديدة الأخرى التى تعكر صفو العلاقات الدولية في هذه الأوقات العصيبة وتقف حائلا في سبيل السلام والرفاهية فاذا كان في إمكان العرب أن يساعدوا على حل هذه المشكلة محتملين في سبيل ذلك بعض التضحية فانهم لا يكسبون بذلك ثناء اليهود فحسب بل ثناء العالم الغربي بأسره.
لقد سبق لرجال السياسة العرب أن رضوا بالتنازل عن فلسطين صغيرة لليهود بشرط أن تكون بقية آسيا حرة . غير أن هذا الشرط لم ينفذ في ذلك الحين وهاهو الآن على وشك التنفيذ. ففي غضون أقل من ثلاث سنوات تصبح كافة المنطقة العربية الواسعة الواقعة خارج فلسطين بين البحر المتوسط والاوقيانوس الهندى مستقلة كما ان القسم الأكبر من فلسطين سيصبح مستقلا أيضا اذا نفذ مشروع التقسيم.
أما فيما يتعلق بالأمة اليريطانية فمن المحتم عليها أن تحترم بكل ما في وسعها من قوة الالتزامات التى أخذتها على عاتقها نحو العرب ونحو اليهود مدفوعة اليها بمقتضيات الحرب فهى لم تقدر صعوبات المهمة التى ألقيت على عاتقها تمام التقدير عندما أدرجت هذه الالتزامات في صك الانتداب ولقد حاولت التغلب على تلك الصعوبات غير أن الجهود التى بذلتها في ذلك السبيل لم تكن دائما مقرونه بالتوفيق وقد ازدادت هذه الصعوبات حتى أنه يكاد يتعذر التغلب عليها الآن.
والتقسيم ينطوى على احتمال شق طريق بين هذه الصعوبات والوصول الى حل نهائى لهذه المعضلة من شأنه أن يؤمن حقوق العرب واليهود ويحقق أمانيهم ويؤدى الى تنفيذ الالتزامات التى ارتبطت بها الدولة المنتدبة نحوهم قبل عشرين سنة الى أقصى حد ممكن في الأحوال السائدة في الوقت الحاضر.
مشروع التقسيم الذى قدمته
لجنة بيل
سنة 1937