عبق الشتاء (قصيدة)
ما أروعَهْ
عبقُ الشتاء!
بل ذكرياتُ طفولةٍ
تسري بأرواح الكهول
كهولةٌ شابت عوارض شَعْرِها قبل الأوانْ
ريحُ المطرْ
وملابس تبتل تحت سحائبِ البردِ الخَطِرْ
وغديرُ ماءْ
خَطَّتْه أحذية الطفولة في المساءْ
نتبادل الضحكَ الربيعي المثيرْ
نحدّق النظر المحلِّق في السحابْ
بِبِرْكَة المطر الزلال
فنرى الطفولة شاديةْ
تشدو أغاني الحب واللعب البريءْ
نمضي للاستدفاء في حضن السماءْ
كلا.. فلون البرد لم يره الصغارْ
لا يعرفون مذاقه
لا يلمسون بريقه الخدَّاعْ
لم تخترق أحشاءَهم يوماً حِرابُ جليدِه الصلبةْ
لم تكتوِ كينونتي بسراب ريح هوائه المبتلِّ.. بلْ
كنا نواجه مقبلين - رياحَهُ
نمتص مبتهجين نيران الصقيعْ
فتنزوي في داخل الأعطافِ
فتستحيلْ
من برقها ورعودها دفئاً حنوناً ساخناً
***
ذاب الجليدُ
وأشرقت شمسُ الصباحِ الدافئةْ
واسترسل الإشعاع في عمق السكونْ
طابعاً ألوان طيفٍ
فوق صفحة جدول الماء الصغيرْ
بجوار شرفة دارنا الزرقاءْ
بالجانب الشرقي للحقل المرصَّع بالزبرجد
تتشكل الأزهار في إكليلها الحي الشريد
ويغرد العصفورُ مردداً نغماً تردد في المساءْ
ما أروعَهْ
عبقُ الشتاء!