ماذا وراء توقيت زيارة الموفدين السعودي والإيراني إلى بيروت؟
بين جرّ لبنان إلى محور الممانعة أو إبقائه ضمن الأسرتين العربية والدولية
سعد الياس
Aug 26, 2017
بيروت ـ «القدس العربي»: على وقع معركة فجر الجرود برز في بيروت تحرك مزدوج لكل من مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والافريقية حسين جابري أنصاري ووزير الدولة لشؤون الخليج العربي في وزارة الخارجية السعودية ثامر السبهان في توقيت أظهر نوعاً من التناقض بين من يريد الاستثمار في انتصار حزب الله على «داعش» لجرّ لبنان إلى محور الممانعة، ومن يريد استثمار انتصار الجيش لإبقاء لبنان ضمن الأسرتين العربية والدولية.
وأفيد ان الهدف الرئيسي لزيارة الوزير السبهان هو محاولة التقريب بين بعض المكوّنات السياسية التي تُصنّفها المملكة بالصديقة له، وأنه باشر بوضع المسؤولين اللبنانيين في أجواء التطورات في المنطقة خصوصاً التسوية في سوريا التي قطعت شوطاً متقدماً والتي لا يمكن ان تصب في مصلحة توسيع النفوذ الإيراني في المنطقة. وهو بصدد إيصال رسالة ان التوازنات الإقليمية لا تعني السماح لإيران بوضع يدها على أي دولة عربية، ولا صحة لأي معلومات عن تنازلات لمصلحة إيران لا في اليمن ولا في العراق ولا في سوريا ولا في لبنان.
كما حمل السبهان حسب الأوساط تأكيداً سعودياً على دعم لبنان لضمان التوازن الذي يحول دون وضع طهران يدها عليه. وقالت إنه فيما يعتدّ محور الممانعة بانتصاره في سوريا وتوظيفه هذا الانتصار سياسياً، فإن الوزير السعودي نفى صحة ما يتردّد عن انتصار سياسي إيراني سيُترجم في سوريا في بنود التسوية، متحدثاً عن أهمية ومغزى عودة الحرارة إلى العلاقات السعودية-العراقية بعد سنوات من الجفاء من خلال الزيارات المتتالية لمسؤولين عراقيين إلى الرياض أخيراً وارتفاع أصوات عراقية منددة بالنفوذ الإيراني، اضافة إلى توتر العلاقة بين الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح والحوثيين.
غير أن قراءة أخرى قدّمها بعضهم مفادها أن تحرك الموفدين السعودي والإيراني ينطلق من هدف واحد وهو التهدئة كانعكاس للتهدئة بين الرياض وطهران اللتين تستعدان لتبادل زيارات دبلوماسية بحسب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وسط توافق أمريكي – روسي على ولوج الحل السياسي في سوريا التي تراجعت فيها حدة المعارك.
وقد حاول مساعد وزير الخارجية الإيراني تجنّب التعليق على زيارة الموفد السعودي لكنه إتهم المملكة ضمناً بإثارة القلاقل والاضطرابات بقوله «لا أعتقد ان عليّ التعليق على مثل هذا الموضوع، فتبادل الزيارات على مستوى الوفود الرسمية بين دول هذه المنطقة هو أمر طبيعي وبديهي، ولكن الأمر الأساسي في هذا المجال هو ان بعض دول هذه المنطقة كانت للأسف الشديد طوال السنوات السابقة تساهم بشكل ما في مختلف الأزمات والقلاقل والاضطرابات التي كنا نشهدها في دول هذه المنطقة، علّها تستطيع ان تجري مراجعة سياسية لكل توجهاتها السياسية، وتسير في الاتجاه الذي يؤدي إلى وضع حد نهائي لهذه الأزمات والاضطرابات وتسير لايجاد مناخات التوافق والتقارب بين الجميع».
وفتح أنصاري الباب أمام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لحرف الأنظار عن عملية فجر الجرود التي نفّذها الجيش اللبناني وحده لصالح الحديث عن المعادلة الذهبية القائمة على الجيش والشعب والمقاومة والتي أضاف اليها الجيش السوري، معبّراً عن امتعاضه من المواكبة الوطنية والتغطية الإعلامية لعمليات الجيش اللبناني في الجرود مقابل تجاهل معارك «حزب الله» السورية، فإتهم وسائل إعلام لبنانية بأنها تخضع لأوامر الأمريكيين وصولاً إلى اعتبارها «ساقطة أخلاقياً «.
وقد تسبّب موقف نصر الله في سجال مع تيار المستقبل مكمّل للصراع السعودي الإيراني على الأرض اللبنانية عندما بادر التيار إلى انتقاد خطاب نصر الله متهماً إياه بأنه «لم يُوفّق في اطلالته الاخيرة التي حاولت الاستئثار بكل جبهات القتال مع الإرهاب وتنظيم داعش، وتكوين انطباع زائف بأن معركة الجيش اللبناني في الجرود، ما كان لها أن تحقق أهدافها دون المعارك التي يخوضها الحزب مع الجيش السوري في الجانب الآخر».
وانتقد تيار المستقبل «المعادلة التي أتحفنا بها الأمين العام لحزب الله، لجهة إضافة الجيش السوري لمعادلته الثلاثية المعروفة، والتي هي أفضل وسيلة لنسف المعادلة التي أرادها ذهبية أو ألماسية من الأساس. وحسناً انه فعل ذلك لأننا بالفعل أصبحنا أمام معادلة تفقد صلاحية الاجماع الوطني بامتياز، وتضع الجيش والشعب اللبناني خارجها تلقائياً». وأضاف «لقد بشّر الأمين العام لحزب الله اللبنانيين ببزوغ معادلة رباعية إقليمية جديدة، حققت الكسوف المرتقب للمعادلة السائدة، وقد تفتح مع الأيام الباب أمام بزوغ معادلة خماسية وسداسية، يقرّر حزب الله ضم الجيش الإيراني إليها محمّلاً بالحشد الشعبي العراقي وتنظيم أنصار الله الحوثي في اليمن».