قراءة وإضاءة حول المعيار الشرعي رقم 23 بشأن الوكالة وتصرف الفضولي (1)
د. عبد الباري مشعل
1. يتناول هذا المقال المعيار الشرعي لعقود الامتياز قراءة وإضاءة، ويتضمن المعيار تسعة بنود عدا تاريخ الإصدار والنبذة التاريخية ومستند الأحكام الشرعية. وطبقا للتقديم ونطاق المعيار يهدف هــذا المعيار إلــى بيان أحكام الوكالة في مجال المؤسسات المالية الإسلامية (المؤسسة/ المؤسسات)(1) وذلك بإنابة الغير عن المؤسسة، أو نيابتها عن الغير، في إبرام العقود، مثل البيع والإجارة والصلح، أو للقيام بالتصرفات أو الخدمات أو الأعمال المادية، مثل القبض والدفع والتسلم والتسليم كما يطبق على إدارة الأموال والعقارات والوكالة بالاستثمار. ويلاحظ أن الوكالة بالاستثمار أحد موضوعات المعيار الحالي، وهناك معيار شرعي خاص بالوكالة بالاستثمار برقم 46. ويعرض هذا المقال لأبرز القضايا النقاشية في هذا المعيار الحالي.
2. تصدر صيغة الوكالة بإحدى الصور الآتية: التنجيز، والتعليق، والإضافة للمستقبل، كما تتنوع الوكالة إلى خاصة وعامة، وإلى مطلقة ومقيدة، وبأجر وبدون أجر، ومؤقتة تنتهي بوقت محدد دون الحاجة إلى الفسخ وتكون غير مؤقتة فلا تنتهي إلا بالفسخ.
3. ويقصد بالتنجيز أن يسري أثرها عقب الصيغة، ويقصد بالتعليق ألا يسري أثرها إلا بوقوع ما علقت عليه، مثل تعليق المدين توكيله للمؤسسة الدائنة بإدارة العين المستغلة المملوكة للمدين على إخلاله بالسداد، ويقصد بالإضافة للمستقبل ألا يوجد أثرها إلا في الوقت الذي أضيفت إليه.
4. ويكون التعليق والتقييد في إبرام الوكالة في التصرف الموكَّل فيه أيضًا، فيقع التوكيل منجزاً ويتوقف مباشرة التصرف على وقوع ما علق عليه، مثل تعليق التصرف على الرجوع إلى الموكل. كما يجب مراعاة ما قُيِّد به الموكل التصرف من شروط مثل شرط الكفيل أو الرهن.
5. الوكالة الخاصة والعامة: وتشمل العامة جميع التصرفات بشرط مراعاة مصلحة الموكل وما يخصصه العرف. ولا تشمل التبرعات إلا بالتصريح للوكيل بذلك. والوكالة مقيدة ومطلقة، أما الوكالة المطلقة فتتقيد بالعرف وبما فيه مصلحة الموكل، ولا يجوز فيها البيع بنقصان أو الشراء بزيادة بما يختلف عن المتعارف، ولا يجوز فيها البيع مقايضة ولا بالأجل إلا بموافقة الموكل.
6. الإضاءة: يفرق بين الوكالة العامة والوكالة المطلقة في أن العامة تكون في جميع التصرفات تجارية أو أحوال شخصية أو غيرها، بينما تكون المطلقة في كيفية التصرف الواحد، مثل أن يوكله وكالة خاصة بالبيع والشراء فقط، ويقيده بألا يبيع بأقل من كذا، أو يشتري بأكثر من كذا.
7. معلومية الأجرة: يجب أن تكون الأجرة معلومة، إما بمبلغ مقطوع أو بنسبة من مبلغ معلوم، أو يؤول إلى العلم مثل أن تكون الأجرة عند ابتداء التوكيل معلومة وتربط بمؤشر يرجع إليه عند بداية كل فترة. ولا يجوز عدم تحديدها، مثل اقتطاع الوكيل أجرته غير المحددة من مستحقات الموكل. وإذا لم تحدد الأجرة يرجع فيها إلى أجرة المثل. ويجوز أن تكون أجرة الوكيل ما زاد على الناتج المحدد للعملية أو نسبة منه، مثل أن يحدد له الموكل ثمناً للبيع وما زاد عليه فهو أجرة الوكالة. ويجوز أن يضاف إلى الأجرة المعلومة نسبة من الناتج المحدد للعملية الموكل بها وذلك على سبيل التحفيز.
8. مبدأ ما يؤول إلى العلم مما قررته المعايير وعدد من الهيئات الشرعية، بشرط البدء بأجرة معلومة، ثم ينظر في الأجرة كل ستة شهور مثلاً بالنظر إلى مؤشر منضبط كما ذكر. ويلاحظ أن تحديد الأجرة بنسبة من ثمن البيع فيه نوع من جهالة، وتحديد الأجرة من بما زاد عن ثمن محدد للبيع ففيه جهالة واضحة وهو من نوع عدم تحديد الأجرة ولا أظنه يتسق مع مبدأ ما يؤول إلى العلم.
9. الوكالة اللازمة: الأصل في الوكالة عدم اللزوم، فللموكل والوكيل إنهاؤها دون إخلال بما ترتب عليها من آثار ممتدة بعد الانتهاء. وتكون لازمة في الحالات الآتية: إذا تعلق بها حق الغير، مثل توكيل الراهن للمرتهن، أو توكيل الراهن العدل بقبض الرهن أو ببيعه عند الاستحقاق، فإن الوكالة لازمة في حق الراهن (المدين)، ومثل توكيل مالك العين المستغلة من يديرها لتحصيل مستحقاته على الموكل من غلتها. إذا كانت الوكالة بأجر. إذا شرع الوكيل في العمل بحيث لا يمكن قطعه أو فصله إلى مراحل إلا بضرر يلحق الموكل أو الوكيل فتصبح الوكالة لازمة إلى حين إمكان ذلك. إذا تعهد الوكيل أو الموكل بعدم الفسخ خلال مدة محددة.
10. الإضاءة: تكون الوكالة لازمة في حالات منها الشروع في العمل أو إذا تعلق بها حق الغير، وقد أضيف إلى ذلك حالة ثالثة، وهي تعهد أحد الطرفين أو كلاهما بعدم الفسخ، وقيل أن هذا ليس من الفقه السني، واستفيد من المذهب الإمامي أو الأباضي واستحسنه الاجتهاد السني المعاصر.