الآراء المؤيدة للصكوك الإسلامية:
في سياق تجارب بعض الدول في التعامل مع الصكوك الإسلامية يُشير أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة إلى وجود عدة دول في منطقه الشرق الأوسط وإفريقيا تتجه لاصدار صكوك إسلاميه"، مؤكدًا أن مشروع قانون الصكوكالإسلامية سوف يُحقق نجاحًا كبيرًا وسيُحافظ على الأمن القومي خاصة بعد استبعاد المرافق العامة، ويرى "غنيم" أن إقرار الصكوك الإسلامية وتطبيقها في مصر يحل العديد من المشكلات الاقتصاديه المُتأزمة في الوطن منذ فترة، كما أن قرار استبعاد المرافق العامة من ضمانات الصكوك متوقعًا وضروري، لضمان الحفاظ علي الأمن القومي المصري، وتأكيده على أن العمل بالصكوك الإسلامية سوف يحد من الأزمة المالية الطاحنة، ولكنها تحتاج إلى وجود مشروعات حقيقية تحقق الأرباح لمُشتري هذه الصكوك، لتطمأنهم على مُستقبل أفضل.
وطالب غنيم، بوضع ضوابط وقوانين تغلق كل الثغرات أمام من يريد استغلال هذا المشروع في احتكارات أو الإضرار بالاقتصاد المصري، مُشيرًا إلى أن هناك دولاً تعمل بنظام الصكوك؛ منها ماليزيا، والسعوديه، والولايات المتحدة الأمريكية، موضحًا أنه ليس من الضروري أن تكون الدولة إسلامية حتى تعمل بهذا النظام الاقتصادي.
وفي نفس السياق يرى الدكتور محمد البلتاجي القيادي بحزب الحرية والعدالة ورئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي أن الصكوك الإسلامية أثبتت جدارتها في تحقيق السيولة المالية اللازمة لإنشاء المشروعات الاستثمارية، مُعتبرًا أنها آلية مالية للتنمية تتوافق مع أحكام الشريعة، وتم تطبيقها بنجاح في العديد من الدول مثل ماليزيا وتركيا وفرنسا وإنجلترا، كما حققت الصكوك الإسلامية نجاحًا كبيرًا في العديد من الدول العربية مثل البحرين والإمارات، حيث أصدرت دبي خلال السنوات الخمس الأخيرة ما يقرب من200 مليار دولار في السوق الإسلامية والتي أصبحت السوق الواعدة خاصة بعد الأزمة المالية العالمية.
وأشار البلتاجي إلى أن الصكوك الإسلامية في مصر مازالت في حاجة إلى العديد من التشريعات والقوانين اللازمة لنشرها والتوسع في استخدامها من قبل البنوك المصرية، فهي تحتاج إلى تشريع خاص بها، وتكوين هيئة شرعية لاعتماد الضوابط والآليات ومجالات الاستخدام إلي جانب الإلمام من جهة مُصدري الصكوك بسُبل العمل بها وتهيئة الأجواء العامة في مصر للتحفيز على استخدام الصكوك الإسلامية والتوسع فيها.
وأرجع البلتاجي قلة أدوات التمويل الإسلامي في العديد من البنوك الإسلامية المصرية مُقارنة بالعديد من الدول العربية إلي عدم الإلمام بأنواع وآليات التمويل الإسلامي لدي العاملين في العديد من البنوك الإسلامية، إلى جانب التخوف من ضعف الإقبال عليها من قبل المُتعاملين، مُعربًا عن أمله في الإسراع بإصدار تشريع لإصدار الصكوك الإسلامية بتوسع البنوك في إصدار الصكوك نتيجة لما ستوفره الصكوك من السيولة المالية اللازمة للتوسع في المشروعات الاستثمارية خاصة بعد ازدياد عجز الموازنة المصرية.
وطالب الدكتور البلتاجي الإعلام الاقتصادي في مصر بتهيئة الأجواء لنشر تلك الثقافة، موضحًا أن الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي بدأت في تنظيم ورش عمل للإعلاميين والمحررين الاقتصاديين بهدف تعريفهم بالمُصطلحات والمفاهيم المتعلقة بالصناعة المصرفية حتي يتسنى للإعلام القيام بالدور المنوط به في تهيئة الأجواء اللازمة للتوسع في استخدام الصكوك الإسلامية.
الآراء المعارضة للصكوك الإسلامية:
يرى البعض أنه في الوقت الذي يتسابق فيه العالم للحصول علي أكبر حصة من رؤوس الأموال والتمويل الإسلامي بتطوير آليات العمل المصرفي لتصبح متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية .. أنه مازالت هذه الآليات يشوبها العجز والتقصير في العديد من البنوك والمؤسسات المصرفية المصرية، لأسباب عدة منها ضعف الخبرة من جانب العاملين بهذه المؤسسات بآليات التمويل الإسلامي، وعدم وجود تشريعات تنظم العمل بهذه الآلية.
ومن جانبه انتقد الكاتب فاروق جويدة الإساءة للدين ومكانته في قلوب الناس لإقحامه في كل شأن من شئون الحياة، مؤكدًا على أن للأديان آفاقها الربانية التي ينبغي أن نحلق بها بعيدًا عن شطط المُغامرين ومُزايدات المصالح وأوكار الفتن، مُشيرًا في ذلك إلى التدخل المُغرض وما يتردد الآن حول الصكوك الإسلامية التي تنوي الحكومة إصدارها.. وبعد أن رفض مجمع البحوث الإسلامية الفكرة بدأ تشكيل لجنة من المشايخ ودار الإفتاء وكأن هناك مؤامرة للوقيعةبين الأزهر الشريف ودار الإفتاء، وهذا سلوك لا يليق مما جعل فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب يؤكد رفضه الكامل لهذا المشروع الذي يهدد أصول الدولة وممتلكات الشعب ورغم هذا بدأ الحديث مرة أخري عن إصدار الصكوك بدون صفتها الإسلامية.
وتساءل "جويدة" حول مُبرر السرعة الشديدة رغم عدم الوضوح في طرح فكرة الصكوك ودون دراستها من جوانبها الإقتصادية والإجتماعية والدينية ..؟ مؤكدًا على أن هذه الصكوك تضع أمامها هدفاً وهو اجتذاب أموال المواطنين في البنوك وجلب مُدخراتهم وبدلاً من أن تحمل اسم "شهادة استثمار" فهي تحمل اسم "صك إسلامي" .. بالإضافة إلى أن الغطاء الديني للمشروع يحرمه من أن يكون عملاً مصريًا وطنيًا خالصًا لوجه الوطن بكل فئاته الاجتماعية والدينية.
وأضاف "جويدة" بأن هذه الصكوك تعيد لأذهاننا التجربة المريرة مع شركات توظيف الأموال التي تسترت بالدين ونهبت أموال الناس وأغرقت الحكومات المُتتابعة في أزمات كثيرة، خاصة وأن الصكوك تمارس نفس اللعبة من حيث الهدف والغاية والمرجعية الدينية الإسلامية، ومؤكدًا على عملية الصكوك الإسلامية هي استنساخ لشركات توظيف الأموال ومشروع صكوك الحكومة المصرية - بلا غطاء ديني - قبل الثورة والتي قوبلت برفض الرأي العام المصري بعد أن تيقن بأن هذا المشروع يهدف إلى سيطرة عدد من رجال الأعمال والمسئولين على أصول الدولة، ومُشيرًا إلى أن الهدف واحد وهو جمع مُدخرات المواطنين أو بيع أصول الدولة.
ويعاود "جويدة" تساؤله حول هوية الصكوك، وما هي الأسواق التي سيتم تبادل فيها الصكوك بالبيع والشراء .. وما هي ضمانات حماية هذه الصكوك .. وماذا يفعل المواطن إذا أراد بيعها واسترداد قيمتها .. وما الجهة التي تقف وراء مشروع الصكوك الإسلامية: هل هي الحكومة ولماذا لم تعلن ذلك رسميا .. ومتى تطرح المشروع علي الرأي العام .. وماذا عن القانون الذي يُناقشه مجلس الشورى .. وهل جاء للمجلس من الحكومة أم أنه تسرب بصورة سرية لا أحد يعرف عنها شيئا ؟.. مازال هناك غموض شديد حول مصدر هذا المشروع .. والأخطر من ذلك ما علاقة مجموعة المشايخ الذين يتصدرون للدفاع عن الصكوك الإسلامية بعلم الاقتصاد ؟ .. وما هي المشروعات التي ستصدر هذهالصكوك الإسلامية: هل هي مؤسسات ومشروعات قائمة سيتم الترويج لبيعها في صورة صكوك أم أنها مشروعات جديدة تمامًا ولا علاقة لها بالأصول القديمة؟
وقال "جويدة": إذا كانت المشروعات القديمة هي الهدف فقد عُدنا إلي مشروع بيع أصول الدولة وتوزيعها علي المواطنين وهو المشروع الذي رفضه الرأي العام المصري قبل الثورة؟.. وإذا كان الهدف هو تحويل مُدخرات المواطنين في الجهاز المصرفي إلىى مصادر أخرى فهذا إجراء خطير لا أحد يعرف نتائجه وخاصة إذا ادركنا أن الودائع في البنوك المصرية تجاوزت التريليون جنيه مصري، وهي أموال الشعب الغلبان .. وهنا ينبغي أن تكون هناك ضوابط لمحاولات نقل الثروة من البنوك إلى الصكوك.
وأكد "جويدة" على أنه إذا كان الهدف من إصدار الصكوك الإسلامية جمع بعض الأموال لتغطية العجز في الميزانية ومواجهة الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تواجهها مصر، فإن ذلك يعني أن الحكومة تتبع نفس أساليب العهد البائد في التحايل علي المواطن المصري بكل الأساليب ابتداء برفع الأسعار وانتهاء بالضرائب مرورًا بالصكوك وفي هذه الحالة فإن مشروع الصكوك بهذه الصورة لا يمثل مشروعًا اقتصاديًا انتاجيًا يغطي إحتياجات ضرورية في الدولة، بل سيكون وسيلة سريعة للخروج من مأزق العجز في الميزانية.
ومن جانبه، قال حمدي عبد العظيم، الخبير الاقتصادي: "إن الصكوك الإسلامية قد تؤدي إلى الاحتكار خصوصًا إذا استولى أحدهم علي نسبة استحواذ أكثر من الآخرين، وبذلك يكون مشروع الصكوك تحول إلى نظام الخصخصة سئ السُمعة أيام النظام السابق."
ومن جهته أكد محسن عادل، خبير أسواق المال، أن الصكوك الإسلامية السيادية جريمة، لا علاقه لها بالصكوك أو الإسلام أو غيرها، فلا يوجد شئ مُدر للربح في الموازنة العامة للدولة كي تطرح عليها صكوكًا، وهي طريقة لخصخصة القطاع العام للدولة، بما فيها قناه السويس، ووفقًا لهذه الصكوك من حق الأجانب جمعها لإنشاء مشاريع، خاصة دون تقديم أي إسهام.
ومن جانبه أكد الدكتور أحمد السيد النجار الخبير الاقتصادي بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمركز دراسات الأهرام على أنه "لا يمكن تكوين هيئة رقابة شرعية على الجهات الرقابيه تتضارب مع فكرة الرقابة الأساسية، والتي تمارس من الجهات الرقابية"، وأشار إلى أن طرح صك تمويلي ودرج صفة إسلامية له، قد ينقل فكرة التوافق مع معايير الشريعة إلى وضع قوالب "جامده"، التي تعجز أسواق الأموال على التعامل معها، وبذلك قد تفقد صفتها الأساسية وهي "المرونه".
خاتمة:
وفي نهاية طرح قضية "الصكوك الإسلامية" بين القبول والرفض وعرض الإيجابيات والسلبيات، ينبغي وضع الأمور برمتها في موازين الدراسة العادلة للوصول بالنتائج التي تخرج بلادنا من عٌنق الزجاجة وترفع من درجات المستوى الاقتصادي محليًا ودوليًا، بعيدًا عن الخلط بين الدين والسياسة في أشياء ينبغي أن تترك للمُتخصصين من الخبراء في شئون الاقتصاد والإستثمار والإدارة، بعيدًا عن العبث أو التحايل علي مُدخرات المواطنين ..