تتحول البيوت في الأيام الأخيرة من الشهر الكريم، إلى خلية نحل تعج بالحيوية والحركة، حيث تعلن حالة الاستنفار في المطبخ على مدار ساعات الليل والنهار، لتنهمك النساء في إعداد شتى أصناف حلويات العيد، منها التقليدية ومنها الخاضعة للتجريب والابتكار، والتي جمعت وصفاتها ربات البيوت إما من البرامج التلفزيونية أو الانترنت أو الكتب.
وكانت ربات البيوت فيما مضى يجتمعن في المدن في بيت إحداهن لإعداد الحلوى وصفها في صاجات كبيرة، ليتم أخذها إلى أفران المخابز، ومع ظهور الأفران المنزلية انفردت كل أسرة بعمل حلواها، وفقد المجتمع هامشاً من العادات الجميلة التي كانت تشيع البهجة والحبور سواء بين الكبار أو الصغار.
أما في الريف فكانت نساء القرية تجتمع في البيوت المجاورة لها حيث ينتشرن في باحة الدار بين إعداد العجين أو تحضير المكسرات والملابن، وعندما ينتهين من إعدادها يتوجهن بصدور الحلوى إلى التنور الذي كان يتوافر لدى عدد محدود من العائلات المقتدرة في كل قرية.
وتمضي النساء زمناً لا يقل عن الساعات بصحبة بعضهن البعض في انتظار دورهن عند التنور، وبالطبع يسكن الأطفال خلال هذه الفترة شعور غامر بالبهجة والفرح، ويلازم الصغار أمهاتهن كظلهن ، حيث تتحول الدار إلى ما يشبه ملعباً كبيراً للأطفال أو داراً للحضانة. كما تتنافس الصبايا في إتقان عملهن من العجن إلى التقريص والسرعة في الانجاز، وإثارة إعجاب العجائز بهن.
في الإمارات
تشمل طقوس العيد في الإمارات إعادة ترتيب المنزل، وتزين البنات والسيدات بنقوش الحناء، وشــراء الملابس الجديدة مثل جهاز العروس أو كسوة الشتاء والصيـــف في بلـــدان عربية أخرى. كما يتم تجهيز حلويــات العيـــد كاللقيمـــات والبلاليـــط وغـــيرها من الحلويات ، إلى جانب أطبــــاق خاصة بأنواع الفاكهة في المجالس لاستقبال الضيــوف، إضافة إلى التمر والقهوة والشاي.
العيد .. تقاليد احتفالية مبهجة
تنبعث من البيوت في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، روائح المعجنات والحلويات المخبوزة في الأفران التي لا تتوقف خلال ساعات الليل خاصة في الليلة الأخيرة من الشهر المبارك. ولكل بلد مسلم طقوس ومراسم للاحتفال بالعيد، وأنواع من الحلوى والمأكولات والتي تختلف إما بتركيبتها أو مكوناتها.
ويؤدي الرجال الصلاة في مصلى العيد المفتوح وهو عبارة عن مساحة ترابية واسعة ومسورة الذي يتسع لأعداد كبيرة من المصلين، ومثال عليها في دبي مصلى بر دبي الكبير، مصلى الراشدية الكبير، مصلى أم سقيم الكبير، مصلى ديرة الكبير، مصلى حتا الكبير، مصلى العـــوير الكبير. وتصلي النساء فيه في الخلف ويطلق بعد الانتهاء من الصلاة المدفع احتفاء بالعيد.
في العراق
ما يميز العيد العراقي هو (الكليجة)، وهي حلوى من الدقيق والسمن والسكر محشوة بالمكسرات والتمر والسمسم في قوالب صغيرة ومتنوعة أعدت لهذا الغرض وبحجم الجوزة أو أكبر. ويجلس معظم أفراد العائلة لصنعها بمتعة كبيرة مع إطلاق النكات والتهاني بهذه المناسبة الجميلة، وبعد إكمالها توضع في صفوف متراصة في صينية كبيرة ، تحملها النساء الى الفرن الذي في المحلة .
وبعد نضجها تقدم مع الشاي أو المشروبات البــــاردة تبعا للموســم اذا كان صيفــــا او شتاء ، لإفراد العائلـة ولزائريهـــا وإضافـــة (للكليجــة) يقدمون أيضا الحلويات والشوكولاتـــة والمثلجــــات للضيــــوف والزائرين .
وفي جنوب البصرة اعتاد أهلها منذ قديم الزمان، على أن يكون إفطارهم صباح كل عيد جماعياً على طعام مكون من الرز واللحم، في شوارع الأحياء حيث يجتمع رجال المنطقة وشبابها ، ويكون الفطور بعد صلاة العيد مباشرة ، بقصد إشاعة البهجة وتأكيد الألفة والمحبة والاختلاط بين أهالي المنطقة، ويطلق على هذا الطعام اسم ( المُطبك). وهو تقليد ورثوه عن آبائهم بداية كل عيد سواء أكان عيد الفطر، أم عيد الأضحى ويرجح البعض من كبار السن، أن أصل هذا التقاليد جاء من الجزيرة العربية وأرض نجد والحجاز، والتي انتقلت إلى الخليج خاصة في السعودية والكويت.
في الأردن
لا تزال ربات البيوت الأردنيات إلى يومنا هذا كما ذكرت (هيل نيوز)، يعمدن إلى تطبيق طقوس ورثنها عن الأمهات والجدات جيلاً بعد جيل في إعداد كعك العيد، حيث ينهلن من عادات وتقاليد لم تنضب رغم انتشار محلات الحلويات بكثافة والمتغيرات التي فرضها إيقاع العصر الحديث. ورغم تعدد أساليب تحضير حلوى ومعجنات عيد الفطر بأنواعها.
والتي تستند الى تنوع وثراء البيئة الاجتماعية الاردنية من حضر وريف وبادية، فان هذه الطقوس بخطوطها العريضة، تنعكس من خلال استحضار جماليات الموروث التي تنسجها الأردنيات بترابط سلس يجمع بين بساطة العناصر المحلية المستخدمة وبهجة الاحتفاء بالعيد. وتسود البيوت أجواء مسكونة بالحميميةـــ والالفة، والمزدحمـــة بالتعاون والتسابق على انجاز الحلويــات الشعبية مثل الهيطلية واللزاقيات المفعمة بخبرة الجدات اللواتي ينقلنها إلى الفتيات الشابات.
في سوريا
مع أول أيام العيد، يصلي الكثير من أهل دمشق في المسجد الأموي، كما يصلي الآخرون في المساجد الأخرى، ثم يقوم الجميع بزيارة القبور، والترحم على الأموات، وقراءة القرآن على قبورهم.
ومن العادات المألوفة في القرى السورية، اجتماع العائلات والأقارب على الموائد الزاخرة بالأطعمة والمأكولات الشعبية التي تصنع خصيصا ًلهذه المناسبة، وأبرزها (مناسف المليحي والمزاقيات والقطايف والفطاير كعك العيد) وغيرها من الأكلات والحلويات.
أما في المدن والمحافظات فيقدمن إضافة إلى كعك العيد بأنواعها، ألذ المأكولات التي يتطلب إنجازها وقتاً طويلاً مثل، (السنداوات والقشة) و(المحاشي)، والكبب بأنواعها. ويقول مثل دمشقي عن الاحتفاء بشهر رمضان والعيد، (العشر الاول من شهر رمضان للمرق) كناية عن الاهتمام بإعداد وجبات الطعام (والعشر الاوسط للخرق) أي شراء ثياب وكسوة العيد و(العشر الاخير لصر الورق)كناية عن الانهماك بإعداد حلوى العيد كالمعمول وغيره في الأسواق.
في السعودية
اعتاد السعوديون الاجتماع صباح يوم العيد على الفطور الذي يتناولون خلاله القهوة والشاي والعصائر وأفضل أنواع التمور، ليتناولوا بعدها أشهر مأكولاتهم الشعبية وهي (الكبسة) المكونة من الأرز ولحم الضاني والمكسرات وخلافه. ومن عادة أهل مكة تناول الحلوى بعد صلاة العيد خاصة (المنار)، وهي حلوى عادة ما تقوم ربات البيوت.
كما يخرجون إلى (البر) لينصبوا خيمة كبيرة من الشعر للقاءاتهم، حيث تقام الذبائح والولائم، يتبعها اللعب من جانب الصغار والكبار، وتعقد الجلسات العائلية الموسعة، كما يحصل الأطفال على مبلغ مالي وهو "العيدية".
في مصر
مع اقتراب أيام رمضان من العيد، تختفي فوانيس رمضان شيئا فشيئا من شوارع القاهرة ، في حين تكتظ محلات الملابس بالمتسوقين الذين يحرص معظمهم على شراء ملابس جديدة للعيد لهم ولأولادهم. وتتنوع في مصر أساليب الاحتفال بالعيد من منطقة إلى أخرى، حيث تنساب التكـــبيرات والتواشيــــح الدينية من مآذن الجوامع، ليؤدي المصريين أول مظاهر الاحتفال بالعيد التي تبدأ بصلاة العيد في إحدى الساحات الكبرى أو المساجد العريقة أو في (الحسين)، أو (السيدة زينب) أو (السيدة نفيسة) أو (الجامع الأزهر).
ويطلق المصريون على عيد الفطر (الصغير) تمييزا له عن عيد الأضحى (الكبير).ومن مظاهر الاحتفال بالعيد عندهم خبز أنواع الكعك الذي يتميزون به خاصة المحشي بالملبن.
في تونس
يرتبط عيد الفطر في تونس بالحلوى، و(الحلو) هو الاسم الشائع للحلوى التقليدية التي تــوارث التونسيون وصفات تحضيرها عن الأجداد منذ مئات السنين، وتستعرض التونسيات مهاراتهن في إعداد (المقروض) القيرواني و(الغريبة) و(البقــلاوة) و(أذن القاضي) و(المحشي) و(الصمصة)، وكلها أسماء لحلوى شعبية.
ويقصد الكثير من التونسيين مدينة القيروان لشراء كميات من المقروض الشهير ذو النكهة الأصلية . وتتبادل العائلات التونسية أطباق (الحلو)، وتقدمه للضيوف والزوار خلال العيد. ويشتهر أهالي محافظة صفاقس بعادة تحضير الأسماك المملحـــة التي يتناولونها في أول أيام العيد.
ويطلــق التونسيــون على عـــيد الفطر اســـم (العيد الصغير)، ويعتبرونه عيدا خاصا بالأطفال الصغار الذين يدللهم الكبار بشراء ملابس وأحذية ولعـــب جديدة، وبدفع (العيدية).
في ليبيا
يفضل الليبيون ارتداء الزي التقليدي يوم العيد عند الذهاب إلى المساجد لأداء صلاة العيد أو عند القيام بالزيارات العائلية. وتقدم الأسر خلال أيام عيد الفطر حلويات البقلاوة والمقروض والكعك والغريبة، إلى جانب المرطبات ومن أشهرها عصير اللوز والرمان.
في اليمن
تحتفظ اليمن بالعديد من تقاليد العيد القديمة فعلى صعيد الحلويات، لا بد من توفر أطباق خاصة بأصناف الزبيب واللوز رغم تنوع أصناف الحلويات. وبعكس البلدان العربية الأخرى، يشتري اليمنيون للعيد ملابس وحلي شعبية يتباهون بها، كما تخرج العائلات إلى الطبيعة ويتحدث الآباء للأبناء عن جماليات وحضارة بلدهم.
والمرأة اليمنية من نساء العالم العربي المعدودات التي تتميز بطبخ اللحم، وبالأخص المرق الذي يحظى بمكانة خاصه وسط المائدة، والذي يتم تقديمه من قبل صاحب البيت نفسه، حتى ولو كان شيخ القبيلة، أو مســـؤولاً كبيراً، ليسكـــب من آنيـــة صغيرة الحجم ، مصنوعـــة من الخشـــب بطريقة يدوية يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد. وتقدم آنية المرق هذه قبل تناول الطعام، وأثناء اجتماع الضيوف في الديوان في غرف الاستقبال.
في السودان
يبدأ البيت السوداني بالاستعداد للعيد منذ منتصف شهر رمضان المبارك، ، حيث تُعد أصناف الحلوى وألوان الكعك والخبز، وأنواع البسكويـــت والمعجنـــات بكميات وافرة تكفي لإكرام الزائرين الذين يتوافدون بعد صلاة العيد، والتي تؤدى في الساحات قرب المساجد. وبعد صلاة العيــــد وتناــول الإفطار، يخرجون جماعات لزيارة المرضى وكبار السن، وكذلك تفعل النساء والأطفــال، حيث يقضـــون نهــــار اليـــوم الأول في الزيارات والتهاني للجيران، قبل أن ينطلـــق الجميــــع بعد الغداء وصلاة العصر لزيارة الأهل والأقارب والأصحاب في الأحياء الأخرى.
من فلسطين
يحل عيد الفطــــر في الأراضي الفلسطينيـة وسط أنهار من الدم والموت، ليعتبر أي مظهـــر احتفالي جزءاً من الترف المكلف، ليقتصر الاحتفال على بعض أنواع المعجنات التي تخبزها الأمهات لأبنائهن. أما اللاجئـــون الفلسطينيـــون فيحتفـــون بالعيد مــن خلال زيارة القبــــــور وباتــت هذه الزيـــارة من الطقـــوس الرئيسية للعيد بعد حرب النكبة عام 1948.
أما احتفـــالات مخيمات اللاجئين فتوجـه للأطفــــال، ومثــــال عليها أبناء مخيم (النيرب) الفلسطيني الواقــع جنوب شرق مدينة حلب في سورية، حيث يسعى الجميــــع إلى رســـم الابتسامة على وجـــوه الأطفال. ليقـــوم أحــد أعضاء بيت الذاكرة في المخيم بإحضار الألعاب المتقدمـــة إلى المخـــيم وبأسعــار رمزية جدا لكي تكـــون بمتنـــاول الأطفـــال الفلسطينييــن من ذوي الظروف المحدودة.