منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب Empty
مُساهمةموضوع: علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب   علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب Emptyالجمعة 25 مايو 2018, 9:54 pm

علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب
مقدمات تاريخية لظهور الصهيونية
الحروب الصليبية وهي الحملات الغربية التي قامت ضد الشرق الإسلامي لنهبه والسيطرة التوسعية عليه، والتي أسماها المؤرخون العرب والمسلمون (حروب الفرنجة)، كان الدين فيها مجرد غطاء ودعامة سطحية مضللة استخدمها الغزاة للتعمية على أهدافهم الحقيقية. كما يرى الدكتور عبد الوهاب المسيري صاحب الموسوعة الشهيرة. هذه الحملات مثلت تعبيراً عن الإرهاصات الأولى التي انشأت الصهيونية لاحقا.. ويمكن أن نطلق عليها للدقة أيضا مرحلة ما قبل الصهيونية "" prezionism. تميزا عن مرحلة ظهور الصهيونية.

في بعض أوجهها تعد هذه الحملات محاولات لحل التناقضات التي أخذت تنمو وتتضح في أحشاء النظام الإقطاعي وتشكل المقدمات الأولية لظهور نظام جديد يحل مكان النظام الاقطاعي.كان لهذه الحملات أثرين مباشرين على موضوعنا علم الآثار الفلسطيني القديم، فمن جهة أخذت هذه الحروب طابعا احتلاليا انعكس لاحقا مع انتقال أوروبا إلى الرأسمالية على علاقتها بالبلاد العربية حيت ولّدت أطماعا استعمارية توسعية تعكس طايع العلاقات الانتاجية في هذا النظام الجديد، والآثر الثاني كان نتيجته قيام الغرب بإضفاء طابعا دينيا على هذه الحروب فوظف النزعات الدينية في حركته الاستعمارية الجديدة، وكان علم الآثار الفلسطيني ميدانا له وضحية اخرى من ضحاياه.

أهمية علم الآثار
تنبثق أهمية علم الآثار من أنه علم معرفة القديم، والوثائق القديمة.حيث أن الآثار هي سجل الحضارة الذي يسجله باطن الأرض وسطحها، والذي يدل على هوية قاطني المكان ويلقي بعض الضوء على أساليب معيشتهم ونظامهم السياسى والاجتماعى الذي كان سائدا. وهي في نفس الوقت إثبات للهوية، وإثبات للانتماء، وسند ملكية، ووثيقة تعطى الوجود شرعتيه، والآثار إثبات عراقة، وإثبات أصالة. وهي سجل فكر وسجل تطور حضاري. لذا كان علم الآثار ميدانا لعلاقات الصراع والهيمنة التي ميزت موقف الغرب من الأرض العربية في فلسطين في سعيه لتحقيق أهدافه الاستعمارية، بما فيها زرع كيان غريب لتحقيقها خالقا له تاريخ موهوم في المنطقة.

المشاربع الاستعمارية البريطانية وعلاقتها بظهور الصهيونية
تضافرت على مدى التاريخ الحديث عوامل عديدة جعلت من موضوع علم الآثار الفلسطيني مادة وهدفا للغرب في علاقته مع العرب وما مثلوه عبر تاريخهم .وذلك كوسيلة للسيطرة الاستعمارية على البلاد العربية، فكامبل بانرمان رئيس وزراء بريطانبا كان واضحا في ترجمة علاقة الغرب بالعرب على ارض الواقع، فقد جاء في التقرير الذي قدمه في عام 1907 أمام مؤتمر لقادة أوروبا للخروج برؤية موحدة أزاء المشكلة الشرقية والبلاد العربية على وجه التحديد: " .. ان الخطر ضد الاستعمار يكمن في البحر المتوسط، فعلى الشواطئ الشرقية والجنوبية لهذا البحر يعيش شعب واحد له وحدة التاريخ والدين واللغة وكل مقومات التجمع والترابط، هذا فضلا عن ثرواته الطبيعية ونزعته للتحرر... فيجب على الدول ذات المصالح المشتركة ان تعمل على استمرار تجزئة هذه المنطقة... وإبقائها في حالة تخلف مستمر... وتقترح اللجنة لذلك إقامة حاجز بشري قوي وغريب... بحيث يشكل في هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس قوة صديقة للاستعمار وعدوة لسكان المنطقة".وكما هو معروف عنى بذلك إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. جاء هذا الموقف تتويجا لمسيرة تاريخية حكمت العلاقات ونظرة الغرب نحو البلاد العربية. وكان لظهور مفهوم الصهيونية كرؤية تحدد علاقة الغرب مع العرب دور هام في صياغة ذلك، فكانت الأداة الشاملة لتحقيق مطامعه.

جدلية العلاقة بين مفهوم الصهيونية وحركة الاستعمار الغربي
ظهر هذا المفهوم بداية في الاوساط غير البهودية.كانت البداية مع انتقال أوروبا من مرحلة الاقطاع إلى المرحلة الرأسمالية وبالتحديد عند حدوث الانقلاب التجاري. إذ هيمن الجيب التجاري (الذي كان منعزلاً في المدن في أوربا الإقطاعية) على الاقتصاد الزراعي الإقطاعي في بدايات القرن الرابع عشر، وأعاد صياغة الإنتاج وتوجيهه بحيث خرج به عن نطاق الاكتفاء الذاتي وسد الحاجة. وبدأ التجار يلعبون دوراً مهماً في توجيه سياسات الحكومات وخاصة في توسعها الخارجي، وقد شجع هذا الانقلاب حركة الاكتشافات الجغرافية، والاستيطان في مراكز تجارية على الساحل، وأصبحت هذه الدولة أهم قوة استعمارية، فراكمت الثروات وسيطرت على رقعة كبيرة من الأرض. وتلازم ذلك مع تحول إنجلترا عن الكاثوليكية إلى البروستانتية، أي حركة الإصلاح الديني التي أعادت تعريف علاقة الإنسان بالخالق وبالكتاب المقدَّس بحيث أصبح الخلاص عملية فردية خارج الإطار الكنسي الجمعي، ودون حاجة إلى رجال الدين، وصار من واجبه أن يفسر الكتاب المقدَّس لنفسه، وكما أصبح العهد القديم (كتاب اليهودية ) ركن من اركان الإيمان الجديد وصار التقيد به من صميمه وخاصة في المذهب البيوريتاني المتطرف كاتجاه جعل من الإيمان بالعهد القديم جزءاً أساسياً من معتقدات المسيحية في حلتها الجديدة بعد الاصلاح البروتستانتي.

في هذه الظروف ظهرت الصيغة الصهيونية (كخلفية فكرية) للنشاط الاستعماري في أواخر القرن السادس عشر على شكل الأحلام الاسترجاعية في الأوساط البروتستانتية الاستعمارية خاصة في أنكلترا.وكانت هذه الاحلام في شكل من أشكالها استعادة لصيغة حملات الفرنجة سالفة الذكر وترافق معها عند أكثر الأوساط البروتستانتية تطرفا استعادة لسفر الخروج أي المسير الموسوي وجماعته إلى فلسطين. ويشير إيلان بابيه من قسم التاريخ في جامعة حيفا أنه قبل إعلان بلفور بنحو مائة عام كانت هناك فكرة شائعة بين بعثات التبشير البروتستانتية آنذاك وهي الربط بين تأسيس دولة يهودية وبين عودة المسيح، ولهذا عملت هذه البعثات على تكوين جماعات ضغط على الحكومة البريطانية كي تسمح بهجرة اليهود إلى فلسطين حتى قبل شروع اليهود في المطالبة بهذا الأمر... حتى تهيئ لقدوم المسيح حسب معتقداتهم. وكانت هذه الصيغة الصهيونية (الخلفية) متدثرة بديباجات دينية مسيحية بروتستانتية وخطابها الأساسي ديني متطرف واعتبرت ان الديانة اليهودية التي دعت لعبادة إله واحد هي منبع الحضارة الغربية. ويلاحظ أن هذا النوع من الصهيونية هو حركة غير يهودية، لم يشترك فيها أعضاء الجماعة اليهودية من قريب أو بعيد. ويُلاحَظ أيضا أن الخطاب الصهيوني كان مقصوراً فقط على الأصوليين البروتستانت. لكن هذا الأمر مقدمة لظهور نوع اخر للصهيونية لا علاقة مباشرة مع الدين وهي الصهيونية العلمانية.

حتى منتصف القرن التاسع عشر شهدت أوروبا تراكم رؤوس الأموال وهيمنة الملكيات المطلقة ذات التوجه التجاري على معظم أوربا، خاصة في غربها ووسطها. فإزدادت الطبقات البورجوازية قوة وثقة بنفسها وبدأت تطالب بنصيب من الحكم، بل بدأت تؤثر فيه. وقد عبَّر هذا عن نفسه من خلال عصر التنوير. وأخيراً من خلال الثورة الفرنسية التي تُعدُّ ثمرة كل الإرهاصات السابقة وتشكِّل نقطة تحوُّل في تاريخ أوربا بأسرها. لقد أدَّى تراكم رؤوس الأموال والفتوحات العسكرية والاكتشافات الجغرافية وتقدُّم العلم والتكنولوجيا إلى حدوث النقلة النوعية التي يُطلَق عليها (الثورة الصناعية)، وكانت إنجلترا في المقدمة من هذا التحول، فقد كانت أول دولة في العالم تتحول من دولة تجارية إلى دولة رأسمالية صناعية، وأصبحت قوة عظمى بعد انتصارها على فرنسا في حرب السنوات السبع، وتوقيع معاهدة أوترخت عام 1713. وهكذا في نهاية القرن الثامن عشر كانت إنجلترا قد اصبحت أكبر قوة استعمارية في العالم. ومع تصاعُد المشروع الاستعماري تراجع الخطاب الصهيوني الديني غير اليهودي لصالح النوع الجديد للصهيونية (الخلفية) وهي الصهيوينة العلمانية. وعبر بداية عن هذا الاتجاه نابليون الذي دعا إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين مستخدماً خليطاً من الديباجات الرومانسية والدينية والنفعية. لكن دون تغييب للصهيونية الدينية. ويمكن ملاحظة التداخل والتزاوج بين هذين النموذجين من الصهيونية في النشاط الاستعماري اللاحق.

في هذه المرحلة كان الضعف والوهن قد دب في أوصال الدولة العثمانية (رجل أوربا المريض) وكانت كل القوى الغربية تفكر في طريقة للاستفادة من هذا الضعف لتحقق لنفسها بعض المكاسب. وقد أخذ هذا شكل الهجوم المباشر من روسيا ، ثم احتلال نابليون لمصر، فقررت إنجلترا، ومن بعدها ألمانيا الحفاظ على هذه الإمبراطورية مع تحقيق المكاسب من خلال التدخل في شـئونها و"إصلاحـها" حتـى تقف حـاجزاً ضـد أي زحف روسي محتمل.

انشغلت الحضارة الأوروبية برمتها وخاصة بريطانيا منذ الربع الثاني من القرن التاسع عشر بالبحث عن حل لمسألتين شائكتين أقلقتا الأوساط الحاكمة: الأولى خارجية وهي المسألة الشرقية المتمثلة بالإمبراطورية العثمانية والثانية داخلية وهي المسألة اليهودية والتي عنت اهمية كبرى للسياسين الأوروبيين الذين كانوا يودون التخلص من اليهود بعد زيادة الهجرة اليهودية من أوروبا الشرقية وخاصة من روسيا إلى غربها هروباً من موجات الإرهاب التي استهدفتهم، كما أقلق ذلك الأوساط اليهودية المندمجة في أوروبا الغربية التي رأت في هذه الهجرات خطراً على المكاسب التي حققوها، لذا كان هناك اتفاق غير مكتوب بين الطرفين على ضرورة التخلص من هؤلاء المهاجرين وإخراجهم من تلك البلاد.

جدلية العلاقة بين اليقظة العربية وتطور مفهوم الصهيوينة
ترتبط نقطة التحول في الفكر الصهيوني في العالم الغربي غير اليهودي بصعود محمد علي باشا في مصر وقيادة ابنه إبراهيم باشا حملة نجحت في احتلال بلاد الشام، وقد أدى الدعم العسكري البريطاني للدولة العثمانية إلى إفشال حملة إبراهيم باشا وتكتل التحالف الغربي بهدف إجهاض المجهود المصري الخاص بإقامة الدولة العربية الكبيرة الحديثة، وانتهي الأمر بإجبار محمد علي باشا على التوقيع في مؤتمر لندن عام 1840 على ما سمي بمعاهدة لندن لتهدئة المشرق وهي المعاهدة التي عزلت مصر عن بلاد الشام وأجبرت محمد علي واعقابه من بعده على الانعزال في مصر وأجهضت أية طموحات وحدوية لاحقة. وأصبح الرعب من مشاريع اليقضة العربية يورق الدوائر الاستعمارية الغربية وخاصة البريطانية.

في عام 1840 وجه البارون اليهودي البريطاني روتشيلد رسالة إلى اللورد بالميريستون وزير الخارجية البريطاني حذره فيها من عودة المحاولة المصرية مرة أخرى ولفت نظره إلى أن فلسطين هي الجسر الواصل بين مصر والعرب، ودعا إلى زرع قوة مختلفة على هذا الجسر، وكان يرى أن الهجرة اليهودية إلى فلسطين هي التي يمكنها القيام بهذا الدور الذي لن يكون فقط خدمة لليهود يعودون بها إلى أرض الميعاد، ولكنها أيضا خدمة للإمبراطورية البريطانية ومخططاتها وإبعاد المهاجرين من روسيا وأوروبا الشرقية من مستقرهم الجديد في غرب القارة .

وكان اللورد بالميريستون له وجه نظر مشابهة، ففي إطار التحالف البريطاني العثماني للقضاء على حملة إبراهيم باشا على الشام بعث بالميريستون إلى سفيره في اسطنبول بمذكرة حول الفوائد التي سوف يحصل عليها السلطان العثماني إذا ما شجع هجرة اليهود إلى فلسطين للوقوف في وجه مخططات شريرة يعدها محمد علي أو من يخلفه.

ترافق ذلك مع نشاطات من نوع أخر ففي عام 1840 أيضا نشرت التايمز نبأ تقدم بعض الجمعيات المعنية ببعث “إسرائيل” بمذكرة إلى حكام أوروبا البروتستانتيين حول موضوع إعادة توطين اليهود في فلسطين.كما كتب الكولونيل تشارلز هنري تشرشل في مقدمة كتابه "جبل لبنان" الذي صدر بالإنجليزية عام 1853 "إذا كنا نريد الإسراع في تقدم المدنية وأردنا توطيد السيادة البريطانية في الشرق فمن الواجب أن تقع سوريا ومصر تحت سيطرتنا ونفوذنا بهذا الشكل أو ذاك" وكان هذا الكولونيل واحدا من ضباط الحملة البريطانية التي حاربت القوات المصرية في سوريا عام1840.إذا كانت الرؤية لفلسطين مفادها أن تجمعا يهوديا عاش فيها في الماضي لذلك فتجميعهم وإحياء هذا التجمع هناك هو لمصلحة البريطانيين.
كان قطار السيطرة الاستعمارية على البلاد العربية وفي القلب منها فلسطين سائرا عندما وجدت الأوساط اليهودية المندمجة حفاظا على مصالحها مع باقي ممثلي اليهود المهاجرين القفز إلى هذا القطار .وكان هذا عنوان ظهور الصهيونية اليهودية.وكان لا بد في هذا السياق أن يكون لعلم الآثار دوراً هأما في المشاريع التي جهزت للمنطقة.

على خط علم الآثار
مر النشاط الغربي في ميدان علم الآثار الفلسطيني في مرحلتين :الأولى بريطانية والثانية أمريكيو-”إسرائيل”ية.
في المرحلة الأولى كان لا بد من أجل تحقيق الاهداف السياسية التي خطت في هذه المرحلة ان بتم تحديد الوسائل الازمة لذلك، واحد منها كان ميدان علم الآثار .حيث كان يمثل إيجاد اي دليل أثري على صحة ما ورد في الكتاب المقدس أمر مهم للغاية لدى الاوساط البروتستانتية والاستعمارية البريطانية. ومن هنا جاء تاسيس صندوق اكتشاف فلسطين عام 1838، وحتى تكون له القوة والسلطة المعنوية جرى تأسيسه تحت رعاية ملكة بريطانيا. وفي ملفات أرشيف الوثائق البريطانية توجد وثيقة تأسيس الصندوق و التي تبدأ بتعريف الصندوق وتحدد أهدافه لتقول إنه "جمعية تستهدف الدراسة الدقيقة والمنهجية لآثار فلسطين وطبوغرافيتها وجيولوجيتها وجغرافيتها العينية وطبائع وعادات الأرض المقدسة بغرض تصوير الكتاب المقدس (تحقيقه على الواقع). أي التأكيد على ما ورد فيه من خلال اكتشاف الآثار التي تدل على صحته. وهذا يعني أن وجود “إسرائيل” التاريخية كان حقيقة ماثلة ودور علم الآثار تثبيتها، والتهيئة لخلقها من جديد. وكان صندوق اكتشاف فلسطين الذي اسس واحد من الوسائل لتحقيق ذلك. فكان المسؤولون البريطانيون يستفيدون من اعمال هذا الصندوق في وضع خططهم الاستراتيجية للتدخل العسكري المباشر اللاحق في المنطقة.

ارتبطت المساعي لاستعمار فلسطين من جانب بريطانيا مع النشاطات التي قام بها صندوق اكتشاف فلسطين وليس صدفة ان الشخصيات الرئيسة هي نفسها التي لعبت الدور الاساسي في كلا المسعيين. وتكشف وثيقة تأسيس الصندوق ذلك حيث ترد فيها قائمة بأسماء أعضاء اللجنة العامة لصندوق اكتشاف فلسطين والمكونة من 108 شخصيات ومعظمها من رجال الدين والدولة والجيش ورئيسها كان رئيس أساقفة يورك.

ترتبط الجهود الاستعمارية والنشاطات لتوطين اليهود في فلسطين بأسم اللورد شافيتسبري وهو عضو ناشط من أعضاء صندوق اكتشاف فلسطين. تلقى اللورد شافيتسبري تعليمه في هارو ثم في كنيسة المسيح في مدنية أوكسفورد، ووأصبح عضو مجلس النواب واللوردات لاحقا كان اللورد شافيتسبري واحدا من القوى القيادية الكامنة وراء جمعية نشر المسيحية بين صفوف اليهود وكان يؤمن بضرورة التنقيب عن آثار فلسطين للتدليل على صدق الكتاب المقدس وصحة ما ورد فيه، كان يطلق على اليهود دائما تعبير شعب الله القديم وقد عمل جاهدا لإعادة اليهود إلى فلسطين لأنهم مفتاح الخطة الإلهية لمجيء المسيح ثانية والأداة التي من خلالها تتحقق النبوءة التوراتية. وهذه رؤية تكشف مدى تأثر النظرة الدينية البروتستانتية بقصص التوراة المدمجة بالأطماع الاستعمارية البريطانية. كانت بداية تحقيق جهود شافيتسبري الصهيونية حين قامت إنجلترا بفتح قنصلية لها في القدس عام 1838 وهو العام الذي تم فيه تأسيس صندق اكتشاف فلسطين .ونشاطه لا يقف عند توجهه الديني بل كان يتعدى ذلك إلى السياسي ذو الطابع الاستعماري ففي أثناء انعقاد مؤتمر لندن عام 1840 تقدم شافيتسبري بمشروع إلى بالميريستون لتوطين اليهود في فلسطين أشار فيه إلى أهمية سوريا وضمنها فلسطين بالنسبة إلى إنجلترا وكان أساس المشروع هو إنشاء صندوق مالي باسم صندوق استعمار سوريا.

وظهر أيضا المستشرق البريطاني السير أوستن هنري لايارد عالم الآثار وعضو مجلس العموم في خمسينيات القرن التاسع عشر الذي قال في إحدى خطبه حول المسألة الشرقية "علينا ألا ننسى أنه إذا كانت مصر طريقا من الطرق إلى الهند فسوريا ووادي دجلة والفرات هي الطريق أيضا، والدولة التي تسيطر على هذين القطرين تتحكم في الهند.و كانت أخباره ونشاطاته محل اهتمام وتقدير دائمين حيث تناولت التايمز بعض اكتشافاته وكيف أن أعماله تصور تطابق الحكاية التوراتية مع الآثار المكتشفة في الأرض المقدسة.

وفي هذا الصدد لا بد من التعرض إلى الكابتن تشارلز وارين خريج كلية سانت هيرست العسكرية الذي كان برتبة جنرال عندما قاد في عام 1869 بعثة استكشافية للتنقيب عن الآثار اليهودية في فلسطين وهي بعثة كانت تابعة للمخابرات العسكرية البريطانية وكانت أعمالها لبنة لاختلاق تاريخ لم يكن له وجود، وأوردت لنا التايمز تغطية لأحد اجتماعات تلك العصبة في يونيو/ حزيران من عام 1868 لتقول "تم عقد الاجتماع في قاعة ويليس في سانت جيمس برئاسة آرتش بيشوب يورك لدعم صندوق استكشاف فلسطين ومن الحضور اللورد شافيتسبري، السيد لايارد والمقدم وارين وعندما حان وقت حديث المقدم وارين تحدث بمعونة خارطة للقدس عن أن أعمال الاستكشاف تقوم بها مجموعة من المهندسين وسبعون مسلما من أصول مختلفة يشرف على تشغيلهم بعض اليونانيين برئاسة عدد من اليهود".
وترافق مع نشاط صندوق اكتشاف فلسطين في مجال البحث عن الآثار إصدار نشرات دورية فحتى قبل أن يتم الانتهاء من مسح فلسطين عام 1870 إلى 1880 جاء في إحدى الدوريات التي يصدرها صندوق اكتشاف فلسطين حيث كانت تكتب مقالات عنوانها استعمار فلسطين وكيف أن فلسطين بلد خصبة وليس فيها ناس كثيرون ونستطيع أن نحتلها ويستعمرها اليهود بأموالهم ونشاطهم ويحولونها إلى جنة.

ترافق مع النشاط في مجال علم الآثار جهود المنظمات الاستعمارية فسكرتير صندوق استعمار سوريا التي أشرنا إليه يكتب في الخامس عشر من حزيران عام 1891 رسالة في التايمز بعنوان "ما هو مصير اللاجئين اليهود؟" يطلب فيها من محرر الصحيفة البريطانية أن يمنحه مساحة وفرصة كي يطلب دعما ماليا يحتاج إليه الصندوق بشدة لزيادة الجهود اللازمة لإتمام المشروع الذي بدأه الراحل لورد شافيتسبري، ويقول " هذه الجمعية تساعد اللاجئين اليهود على مغادرة إنجلترا للبحث عن وطن جديد".

في تلك الفترة جاءت الأدبيات اليهودية الصهيونية مواكبة لتطور التنظير الديني البروتستانتي لتوظيف اليهود في خدمة السياسة والأهداف البريطانية وحريصة على التحفيز والحشد الدينيين لدفع اليهود إلى فلسطين، مثال ذلك يجسده الخطاب الذي ألقاه الراب حاييم في مدينة ميلبورن في أستراليا الخاضعة للتاج البريطاني في الثلاثين من تشرين الثاني عام 1861 حيث يتحدث الراب ببلاغة مؤثرة عن إعادة بناء مدينة سليمان والهيكل الثاني فيها ويقول عن القدس "إنها مدينة الله التي حان وقت إعادة بنائها وترميم آثارها".

تلاقت مصالح اليهود المتصهينين مع الصهيونية غير اليهودية الدينية والعلمانية إذن وهو الموقف الذي كان في صميم السياسة التي بلورها كامبل بنرمان كإستراتيجية رسمية للإمبراطورية البريطانية.

كانت ثمرة هذا التزاوج النشاط في مجال علم الآثار الفلسطيني الذي تم على أيدي الباحثين والضباط ورجال الاجهزة الاستخبارية البريطانية والذي حقق هدفين مهمين ،الهدف الأول وضع الخرائط العسكرية لحركة القوات البريطانية في المنطقة خلال الحرب العالمية الأولى، والثاني وضع الأسس الفكرية والإعلامية والسياسية لأسطورة “إسرائيل” التاريخية.

كانت أول أعمال الصندوق المسح الجغرافي لفلسطين ونتيجته 26خريطة مفصلة تفصيلا دقبقا مع تصنيف شامل للأماكن، الإضافة إلى 10مجلدات تشمل الجيولوجيا والطوبوغرافيا وملاحظات عن المعاني التاريخية لأسماء القرى الفلسطينية، حيث اعتقد الصهاينة آنذاك ان رسم الخرائط وإطلاق أسماء توراتية على القرى والمدن يعطيم حق إمتلاكها أو أن لهم حقا تاريخيا بها،على الرغم من معرفتهم أن تلك الآسماء التاريخية هي أسماء كنعانية قديمة تسبق الفترة التي إدعوا مجيئهم لفلسطين فيها.

في بداية القرن العشرين خبت حركة التنقيب عن الآثار الفلسطينية فقد كان الدول الغربية تستعد للحرب فيما بينها، لكن أثناء الحرب ومع صدرو وعد بلفور عاد الاهتمام بالآثار الفلسطينية مترافقا مع سياسة التهويد التي اتبعتها حكومة الانتداب البريطاني برئاسة الصهيوني هربرت صموئيل،لذا قدمت بريطانيا مشروع صك الانتداب إلى عصبة الامم متضمنا مادة خاصة بالآثار في فلسطين نظرا لأهميتها في إثبات ما لايمكن إثباته عن علاقة العبرانيين القديمة بأرض فلسطين .
أشارت المادة الحادية والعشرون من وثيقة صك الانتداب على فلسطين الصادرة عن عصبة الامم بتاريخ 6 تموز 1921 إلى أنه يترتب على الدولة المنتدبة أن تؤمن وضع وتنفيذ قانون خاص بالآثار القديمة، ويكون هذا القانون ضامنا لرعايا جميع الدول الداخلة في عصبة الأمم المساواة في المعاملة فيما يتعلق بالحفريات والتنقيبات الأثرية. بهذه الطريقة أمنت بريطانيا إضفاء صفة شرعية دولية للتنقيب عن الآثار الفلسطينية كمبرر لإختلاق تاريخ أخر للمنطقة يعطي الحق لليهود المهاجرين ببناء دولة يهودية. لكن الملفت للنظر أن المرحلة الجديدة من الاهتمام بالآثار الفلسطينية كانت مرحلة امريكية وأمريكية “إسرائيل”ية بأمتياز ولا تزال مستمرة حتى يومنا هذا.

عندما بدأت حكومة فلسطين الانتدابية عملها برئاسة هربرت صموئيل اتخذ خطوات عملية تمهد لتحويل فلسطين إلى وطن قومي لليهود ووفر كافة الظروف السياسية والاقتصادية والإدارية لتحقيق هذا الهدف ،كما أنشأ دائرة الآثار ووضع على رأسها عالم الآثار البريطاني جون غارستانغ الذي أتبع سياسة مفتوحة في التنقيب عن الآثار سمحت لجمعيات ومدارس غير بريطانية بالنشاط في هذا المجال ، وهو ما هيىء للمرحلة الثانية.

المرحلة الثانية هي المرحلة الأمريكو-”إسرائيل”ية والتي صب عملها في استكمال المرحلة البريطانية وتعميقها من حيث رزع الأسس المادية لإختلاق اسطورة "“إسرائيل”" القديمة ممهدة بذلك لإقامة الكيان الصهيوني في فلسطين لكنه تميز عنها بميزتين هامتين، الميزة الأولى تتعلق بعملها المتخصص بأثار فلسطين والخروج بإستخلاصات تدعي العلمية لإثبات وجود عبراني قديم في أرضها أنشأ دولة “إسرائيل” التي ذكرتها التوراة والميزة الثانية تتعلق بالطابع الثقافي للمجتمع الأمريكي من حيث ارتباطه بأسطورة الخروج كجزء من المكون الثقافي لهذا المجتمع الذي نشأ إثر إكتشاف العلم الجديد وهجرة الأوروبين وخاصة الأنكلوسكسون إلى هناك.
جذور العلاقة بين الصهيونية المسيحية واليهودية بدأت مع المهاجرين البريطانيين الأوائل الذين سموا الأرض الجديدة “أرض صهيون” وسموا المدن الأمريكية الجديدة بأسماء توراتية ودعوا أنفسهم "ال”إسرائيل”يون الجدد"، وكسد لتغرة افتقادهم لتاريخ أصيل في أرض العالم الجديد تمثلوا غزو القبائل العبرية لفلسطين بهجرتهم واستيلائهم على أراضي السكان الأصليين فيما عرف لاحقا بأمريكا.إذن نشأت منذ الهجرات الأولى لأمريكا ثقافة يهودية مسيحية كانت الغلبة فيها للثقافة التلمودية العبرية.

وفي السياق الأمريكي يرى المؤرخون بأن تأثير العهد القديم اليهودي (التوراة) في الفكر البروتوستانتي ومفاهيمه بشكل خاص كان كبيرا . فلقد رأي المهاجرون الأوائل لأمريكا أنفسهم الوارثين للكتاب المقدس العبري وتعاليمه.. والتي أصبحت بدورها مكونا من المكونات الثقافية الأمريكية. وكما تبنت الثقافة الأمريكية مفهوم ديني لتاريخ الوجود الأمريكي تبنت أيضا مفهوم ورثوه عن البيوريتان البريطانيين والمتعلق بضرورة تجميع اليهود في فلسطين تعجيلاً لقدوم السيد المسيح.

واتخذت الصهيونية غير اليهودية في الولايات المتحدة الأميركية أساليبا مختلفة، فقام الأمريكيون بخطوات عملية في إطار الغزو الإستيطاني، ففي سنة 1866 قاد القس آدم أكثر من 150 رجل دين بروتستانتي من ولاية ماين للإستيطان في فلسطين، وبعدها بسنة قام سبعون أمريكياً بإقامة مستوطنة أخرى. ويمكن ان نستنتج ان الاهتمام الصهيوني الأمريكي غير اليهودي كان مبكراً، ومن هنا عندما بدا النشاط الامريكي في التنقيب عن آثار فلسطين كان له رصيد فكري ومادي.

كما مثل القس وليام بلاكستون (1841 – 1935) نموذجا أخر عن الصهيونية الأمريكية غير اليهودية فقد ألف هذا القس كتاباً عنوانه: "المسيح قادم" في العام 1878 وهو يدور حول النبوءة التوراتية المزعومة، وقد أسس بلاكستون عام 1887 منظمة سماها: "البعثة العبرية نيابة عن “إسرائيل”".

إلتقت السياسة البريطانية التهويدية في فلسطين مع التوجهات الأمريكية لدراسة آثار فلسيطين بل وشكلت الأساس القانوني والمادي لها. كانت البداية نشاطات "المدرسة الأميركية للأبحاث الشرقية" التي تكونت من أبرز دعاة علم الآثار التوراتي ،وخاصة عالم الآثار الأمريكي"وليام فوكسويل اولبرايت" William Albright الذي ترأس في القدس من عام 1919 حتى العام 1936بعثة الآثار التابعة لهذه المدرسة، حيث سميت المدرسة فيما بعد على اسمه، وقد سار إلى جانبه "بنيامين مازار" مؤسس الفرع ال”إسرائيل”ي لعلم الآثار التوراتي لاحقاً.

أعمال البعثات الأمريكية
ركز وليام أولبرايت اهتمامه على المكتشفات الأثرية الحديثة لتدعيم تراث التوراة كما جاءت في سفر يشوع لإثبات وجود حملة عسكرية قضت على المجتمعات السكانية للفلسطينيين، ولقد روج أفكار أولبرايت عدداً من الخريجين الذين تبوأوا مراكز مرموقة في الحياة الأكاديمية في جامعات الولايات المتحدة. كما سيطروا على المؤتمر التوراتي هو وتلاميذه وخريجوه فأصبح مركزا لترويج أفكاره بهدف سيطرة تلك الأفكار على الحياة الأكاديمية الأمريكية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب   علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب Emptyالجمعة 25 مايو 2018, 9:54 pm

لقد اعتمد أولبرايت في روايته للتاريخ ال”إسرائيل”ي على معرفته التي لا نظير لها بالمكتشفات الأثرية في فلسطين ،وكذلك قراءته للتراث التوراتي، فوجد ارتباطاً مباشراً بين الغزو العبري وتدمير التجمعات المدنية الفلسطينية في العصر البرونزي.

ويقدم أولبرايت تبريرات عنصرية إبادية مأخوذة من التاريخ والتي تبيح إبادة الشعوب الأقل تحضراً وأن ذلك لصالح ديانة التوحيد من جهة ولصالح التطور البشرى من جهة أخرى، ويقدم أمثلة كثيرة ومنها إبادة الأمريكيين للهنود الحمر في القارة المستعمرة. وهو هنا يخاطب شعبا وقع في ذات المحظور، وله نفس الاتجاه. حيث يقول:" ونحن الأمريكيين لنا حق أقل من غيرنا في إصدار أحكام على “ال”إسرائيل”يين “في القرن الثالث عشر قبل الميلاد حيث أننا قمنا – عن قصد أو غير قصد – بإبادة آلاف السكان الأصليين في كل بقعة من أمتنا العظيمة ووضعنا البقية الباقية منهم في معسكرات الاعتقال، فيبدو أنه من الضروري في أحيان كثيرة اختفاء شعب ذي مستوى متدن إلى حد بعيد ليحل محله شعب ذو صفات متفوقة – كما هو جار الآن في استراليا – ويستطرد اولبرايت تفسير نظريته العجيبة قائلا:لقد كان من حسن حظ ديانة التوحيد ومستقبل بقائها أن "ال”إسرائيل”يين" الذين قاموا بغزو فلسطين كانوا أقوأما همجية تمتعت بطاقة بدائية وإرادة بقاء لا تلين حيث أن الهلاك الذي نتج عن هذا الغزو للكنعانيين منع الاندماج بين الشعبين الأمر الذي كان سينتج عنه حتما انحطاط للقيم اليهودية إلى درجة يستحيل إصلاحها " ويستند إلى الآثار في الاستدلال على الهدم والهلاك. لكن أولبرايت لا يفسر لنا كيف يمكن لأقوام همجية ك”ال”إسرائيل”يين “ان تكون ذات مستوى عقلي متطور قادر على الوصول إلى مرحلة عليا من التجريد لتستوعب مفهوم الإله الواحد كما يعتقد هذا الباحث، إلا إذا كانت هذه الاقوام لا تزال في مراحل أدنى وتعتقد بالآله المتشيئة وهذا تثبته الدراسات الحديثة ،أي ان “الاسرائليون “لم يكونوا دينيا ارقى من الكنعانيين الذين غزوهم كما تفترض الرواية التي طرحها اولبرايت.

ويستند أولبرايت إلى تأويلاته للمكتشفات الأثرية كذلك في زعم وجود اختلاف حضاري حاد بين “ال”إسرائيل”يين “الغزاة والكنعانيين يقول : " إن التنقيبات الأثرية تبين أن انقطاعا مفاجئا كان قد حصل بين ثقافة الكنعانيين العصر البرونزي المتأخر وبين ثقافة “ال”إسرائيل”يين “في بداية العصر الحديدي وذلك في منطقة المرتفعات الفلسطينية .

ولقد ظل هذا التاريخ المتخيل الذي جاء به أولبرايت يزداد ترددا بين الدارسين والباحثين في أمريكا أجيالا متعاقبة، ويلقى تأييدا شعبيا واسعا بفضل النشر الواسع له والقبول الامريكي المسبق بهذه الافكار.

أما البرخت آلت فأصدر دراسة بعنوان " حيازة “إسرائيل” للأرض في فلسطين " مبلوراً نموذجا لفهم جذور “إسرائيل” يعرف بنموذج الهجرة لوصف هجرة “الإسرائيليين السلمية” إلى فلسطين، ولا تزال هذه الفرضية تتمتع بقبول كبير خاصة في الأعمال الحديثة لعالم الآثار ”الإسرائيلي” “إسرائيل” فينكشتاين. لكن هذه الفرضية اصطدمت مع المكتشفات الحديثة التي يشير لها الباحث بتاريخ فلسطين عالم الآثار كيث وايتلام،  ويقول ويتلام " إن الفرضية القائلة أن “إسرائيل” كانت مكونة بدو رحل في طريقهم إلى التمدن قد تم التخلي من عنها في ضوء المكتشفات الأنثروبولوجية الحديثة التي أظهرت أن الحياة الرعوية هي فرع متخصص من المجتمع الزراعي في الشرق الأدنى، لقد برهن الكم المتزايد من الاكتشافات الأثرية في المنطقة بشكل جلي على أن نشوء المستوطنات في مرتفعات فلسطين أواخر العصر البرونزي وبداية العصر الحديدي لم يعد من الممكن ربطها بالهجرة ”الإسرائيلية” إلى فلسطين. 

أما الباحث في علم الآثار التوراتي رايت يستثمر القاعدة التي قدمها أولبرايت من خلال التدعيم بالآثار للأفكار التوراتية ويقول: إن الحضارة والديانة الكنعانيتين كانتا من أضعف وأحط وأكثر الثقافات اللاأخلاقية التي عرفها العالم آنذاك ،وهكذا فإننا نعتقد أن “إسرائيل” كانت الواسطة الإلهية في "تدمير حضارة فاسقة إذ أنه ضمن النظام الأخلاقي للحضارات السماوية يجب تدمير مثل هذا الفجور الفظيع" فإن هناك غاية إلهية من وراء اختيار “إسرائيل” للقيام بهذه المهمة وإعطائها تلك الأرض وهذه الغاية موضحة في الوعود الإلهية لآباء “إسرائيل”.نلاحظ في هذا التحليل أن ما اطلق عليه علم الآثار التوراتي لم يكن تاريخا أيديولوجيا ومزيف فحسب لكن وعنصري أيضاً.

قدم رايت هذا الاختلاف لتاريخ “إسرائيل” في كتابه الشهير " علم الآثار التوراتية" الذي يشير فيه إلى أنه مع التقدم الكبير والدقة الكبيرة في علم الآثار في القرن العشرين أصبح من الممكن التمييز "بين المدن ”الإسرائيلية” الأولى ومدن الكنعانيين الذين لم يتمكن العبرانيون من طردهم. ولقد شارك كل من رايت ، وأولبرايت في تنقيبات بيت إيل أي بيت الإله. 

وجون برايت يؤكد أن الدلائل الأثرية حول تدمير تجمعات مدنية رئيسية في فلسطين تقود إلى استنتاج أنه من المؤكد أنه كان يوجد انقطاع عنيف قد حدث في القرن الثالث عشر قبل الميلاد،مما يقود إلى افتراض أن “إسرائيل” استوطنت في البداية في مناطق المرتفعات قليلة السكان، وفيما بعد هزمت المراكز الحضرية الكنعانية في السهول. ونموذج برايت في نشأة “إسرائيل” يقوم على أن حق “إسرائيل” في الأرض يعتمد بشكل أساسي على حقها في الغزو.

وهو يقول: "في النصف الثاني من القرن الثالث عشر قبل الميلاد حدث هجوم على فلسطين الغربية وهو ما تؤكده بقوة المكتشفات الأثرية ، ومهما كان هذا الغزو ناقصاً فإنه قصم ظهر المقاومة المنظمة ومكن “إسرائيل” من نقل مركزها إلى هناك ،ولا يوجد أي سبب للشك في أن هذا الغزو كان كما هو موصوف في سفر يشوع ، عملية وحشية دموية ،لقد كانت هذه هي حرب يهوه المقدسة التي سوف يعطى فيها شعبة أرض الميعاد. 

عالم الآثار ”الإسرائيلي” الدكتور غابي بركاي، يعتبر ممثلا مخلصا لهذا المنهج في الآثار الذي اختطته المدرسة الامريكية حيث يمزج السياسي بالأيديولوجي معتمدا جغرافية التوراة، كمرجع مقدس. بركاي استمر بشكل دؤوب متمسكا بمنهجه، وقدم تفسيرات عديدة لاكتشافات أثرية تناسب منهجه الأثري والتأكيد على الحق اليهودي في فلسطين. وتحول إلى نجم في عالم الآثار التوراتي.

علم الآثار الفلسطيني بعود للواجهة 
بدا الخطاب التوراتي لمدارس الآثار الغربية بتداعى على أيدي علماء غربيين تحرروا من الرؤية السابقة فأسسوا لحركة مضادة في ميدان علم الآثار. بدأت تتبين في ضوء حقائق التنقيبات الفلسطينية أن الخريطة التوراتية لفلسطين تضاريس وتاريخاً هي مجرد صناعة لاهوتية تخدم أغراض سياسة استعمار فلسطين لا أغراض العلم.

فظهرت دراسات لعلماء موضوعيين مناقضة لعلم الآثار التوراتي وتستند إلى نفس المكتشفات التي اعتمدها هذا الاتجاه والمفارقة ان هؤلاء العلماءقد نشاؤا وتبنوا في البداية اتجاه المدرسة الأمريكية للدراسات الشرقية. ومنهم عالم الآثار كيث وايتلام ؛ وهو يعمل أستاذا للدراسات الدينية في جامعة "ستيرلينغ" في سكوتلاندا ، أصدر كتابه "اختلاق “إسرائيل” القديمة واسكات التاريخ الفلسطيني" سنة  1996. ويركز وايتلام على البعد السياسي من وراء محاولات الطمس والتفسير المغلوط للتاريخ ، حيث يذكر "أن تاريخ “إسرائيل” المخترع في حقل الدراسات التوراتية كان وما زال صياغة لغوية وأيديولوجية لما كان ينبغي أن تكون الممالك اليهودية عليه، وليس ما كانت عليه في الواقع". وهو يرى أن “إسرائيل” الدراسات التوراتية القديمة كانت وما زالت مصدر شرعية تاريخية للأيديولوجية الصهيونية ودليل استمرارية زمنية وعقارية للدولة اليهودية في فلسطين. ولقد بذل الاتجاه التوراتي واليهود محاولات مستميتة لخلق حضارة لهم وخلق تاريخ زائف ويقول كيث ويتلام "ومن المرجح أن تستعيد فلسطين صوتها، وحقها في تمثيل نفسها في تلك الفترة – بين العصر البرونزي المتأخر ،وبداية العصر الحديدي – وما يدعو إلى السخرية أن ذلك أصبح ممكناً بفضل الكشف عن الآثار ونوعية وحجم المعلومات التي أنتجها " توصل إليها " الباحثون وعلماء الآثار ”الإسرائيليون” أنفسهم عن تلك الفترة. إن الصراع حول الماضي إنما هو صراع من أجل الهيمنة والسيطرة في الحاضر .فالبحث عن “إسرائيل” القديمة هو موضوع بالغ الأهمية فيما يتصل بالهوية وميزان القوى المعاصرة .هو بحث عن الهوية التي تمكن “إسرائيل” من المطالبة بهذا الماضي. ولقد ركزت الدراسات النقدية – المناهضة – على أن النماذج البحثية عن تاريخ “إسرائيل” قد أهملت المعلومات الأثرية المتزايدة حول المنطقة .

ويستطرد وايتلام: هم يحاربون كل حضارة أقوى ومن هنا كانت محاولاتهم لطمس حضارة العرب في فلسطين وكذلك في مصر ، والادعاءات الكاذبة أن الحضارة المصرية وآثارها هي في الأصل صنع اليهود الأوائل الذين عبروا النهر  أيام النبي موسى. ويذكر وايتلام: أن ما يثير السخرية هو أن المكتشفات الأثرية الحديثة ذاتها التي انكب أولبرايت على تفسيرها هي نفسها التي هدمت بشكل كامل رواياته المختلقة للماضي.

وتشير المعلومات الأثرية المكتشفة التي أثارتها تنقيبات عأي ( مدينة نعانية قديمة بالقرب من القدس، وحسب رواية التوراة دمرها يشوع، إلا أن التنقيبات الأثرية لم تجد أثرا لهذا التدمير) فيما يتعلق يربط المعلومات الأثرية بالتراث التوراتي فهما شيء معروف للجميع فقد نقب علماء آثار مشهورون في هذه المنطقة وأعلنوا أنهم لم يعثروا على مدينة معاصرة ليشوع كما جاء في التوراة ، وكتب بريتشارد Pritchard وهو أحد العلماء الذين نقبوا هناك، أنه ليس هناك شك في أنه لم يكن هناك مدينة معاصرة ليشوع.

ويعلق وايتلام : لقد حدد البحث عن تاريخ “إسرائيل” مسار المكتشفات الأثرية وتأويلاتها حتى أن الآثار المادية تعطى لونا شعوبيا إثنيا جعلها تستغل في الفصل بين “إسرائيل” والسكان الأصليين ،وحتى إذا لم تسمح المكتشفات الأثرية ذاتها بمثل هذه الاستنتاجات .والنتيجة الطبيعية لهذا هي أن الفرضية اللاهوتية تزعم أن “إسرائيل” – وبالتالي وريثها الروحاني المسيحية – هما كيان فريد يمكن لمجراف عالم الآثار أن يؤكده. وكان الدافع الاساسي للابحاث الآثارية في أرض "“إسرائيل”" دافعا دينيا،وسياسيا وهو يتعلق بربط هذه الأرض بالكتب اليهودية المقدسة.
 عالم أخر كان له موقف من التزوير التي تقوم به الاتجاهات التوراتية هو توماس ل. طومسون : لقد أصدر طومسون، وهو أستاذ علم الآثار في جامعة "ماركويت" في ميلواكي في الولايات المتحدة الأمريكية ، كتابة الأول: "التاريخ القديم للشعب ”الإسرائيلي”" عام 1992 . وفي كتابه هذا دعا صراحة إلى "نقض تاريخانية التوراة" أي عدم الاعتماد على التوراة ككتاب لتاريخ المنطقة والحضارات وإلى اعتماد الحفريات الأركيولوجية وثروة الآثار الكتابية القديمة كمصادر لإعادة كتابة تاريخ فلسطين.

ويتفق طومسون مع وايتلام في كثير من الاستنتاجات ويشير إلى أن هناك عملية طمس ممنهجة لكثير من الدلالات التاريخية للمكتشفات الأثرية ومحاولة لتفسيرها بطريقة مغلوطة في أغلب الأحيان لمصلحة اختلاق “إسرائيل” القديمة. 

عالم الآثار الأمريكي المعروف“بول لاب” الذي ترأس بعثة تنقيب في فلسطين عام 1962 بالقرب من نابلس، فتح عمله الطريق لنقد علم الآثار التوراتي أمام الآخرين من أمثال وليم ديفر وتوماس ليفر وجوناثان تب وتوماس طومسون وكيث وايتلام. وكان لموقف لاب من تزييف معاهدة البحث التوراتي والتشويه الذي ألحقته بآثار فلسطين وتاريخها، والذي ترافق مع دحضه للكثير من التصورات التي فرضت على التاريخ الفلسطيني، أثر بالغ في تعزيز هذا التيار النقدي. ومع العام 1967 وبعد احتلال فلسطين الشرقية وقطاع غزة احتج لاب علناً على الحفريات التي سارع إليها الجيش “الإسرائيلي” وفريق علماء آثاره المرتبط بنشاطه الاحتلالي في الأراضي المحتلة، وكان لاحتجاجه أثر بالغ في اتخاذ منظمة اليونسكو قرارا بطرد ““إسرائيل”” من عضويتها، بعد أن أدانتها لقيامها بحفريات غير مشروعة في أرض محتلة، وتدميرها المتعمد للآثار الفلسطينية مثل إزالة حي كامل هو حي المغاربة

ويذكر أن  د. بول لاب غرق- او اغرق عمدا- على شاطئ قبرص الشمالي وهو السباح الماهر، ولفتت هذه الجريمة، شأنها في ذلك شأن الجرائم ”الإسرائيلية” ضد العلم والعلماء، الأنظار إلى عمق الأثر الفكري والسياسي لعلم الآثار الفلسطيني  .

ومن العلماء أيضاً كاثلين كانيون التي يشهد لها دورها في حقل الاثار الفلسطينية، حيث عملت ما بين 1952 الى1958 ومن 1960 الى1961 في البحث و التنقيب في أريحا والقدس وخرجت باستنتاجات جريئة نقضت الفرضيات القائمة على المدلولات التوراتية غير العلمية ولم يلبث جميع الذين خالفوها في البداية أن اعلنوا صواب وموضوعية اكتشافها. فمن اكتشافاتها ان سور اريحا المكتشف يعود الى العصر البرونزي القديم، وأن اريحا لم تكن مسورة خلال العصر البرونزي الاخير، أي زمن يشوع بن نون، كما تروي التوراة، وان ما حسب المنقبون من اسوار وابراج تعود الى عهد داود، او من قوس اعتقد روبنسون انه يعود الى عهد داود أيضاً، هو خطأ، بل إن جميع هذه المنشآت تعود الى القرن الثاني الميلادي، أي العصر الروماني. ونفت ان تكون الحجارة من بقايا الهيكل.

ويقول البروفيسور زئيف هيرتسوغ وهو مدرس في قسم آثار وحضارة الشرق القديم في جامعة تل أبيب: " إنّ الحفريات  الأثرية المكثفة في أرض / “إسرائيل” / خلال القرن العشرين , قد أوصلتنا إلى نتائج محبطة , كل شيء مُختلق , ونحن لم نعثر على شيء يتفق و الرواية التوراتية ,إن قصص الآباء في سفر التكوين / إبراهيم - يعقوب- اسحق / هي مجرد أساطير . " و هنا اسمحوا لي أن أصحح له أنها ليست مجرد أساطير بل مجرد خرافات لأن الأسطورة شيء و الخرافة شيء آخر يطابق ما يقصده هو .

يتابع هرتزوڠ : " نحن لم نهبط إلى مصر , نحن لم نته في صحراء سيناء , نحن لم ندخل إلى فلسطين بحملة عسكرية , و أصعب الأمور أن المملكة الموحدة لداوود و سليمان التي توصف في التوراة بأنها دولة عظمى , كانت في أفضل الأحوال مملكة قبلية صغيرة .

 إنني أدرك باعتباري واحداً من أبناء الشعب اليهودي و تلميذاً للمدرسة التوراتية ,مدى الإحباط الناجم عن الهوة بين أمالنا في إثبات تاريخية التوراة, و بين الحقائق التي تتكشف على أرض الواقع. وتبدو شهادة زئيف هوتسوغ مثيرة للاهتمام وذات أهمية بالغة، كونها تصدر عن عالم اثار يهودي، يشاركه الرأي كما يقول هو معظم علماء الآثار ”الإسرائيليين”، الأمر الذي يزيد من مصداقية التساؤلات المثارة حول التوراة وتاريخ بني “إسرائيل” وعلاقته بالمنطقةعموماً.

ويؤكد على هذا الموقف أيضا “إسرائيل” فنكلشتاين في تصريح لصحيفة نيويورك تايمز إلى أن " التاريخ التوراتي منذ عهد ليس ببعيد كان يملي مسار البحث و التنقيب الذي استخدم ليثبت الرواية التقليدية, و نتيجة لذلك اتخذ علم الآثار المقعد الخلفي كتخصص علمي. و أعتقد أن الوقت حان لكي نضع علم الآثار في المقدمة. 
ويشير العديد من الباحثين الى أن علماء الاثار “الإسرائيليين” بدأت تضمحل أمام أعينهم تواريخ الروايات التوراتية في ضوء الآثار المادية الفلسطينية. وتبدأ الحكاية كما يرويها بعض الباحثين " بالهوس التوراتي" الذي رسم خريطة لفلسطين نابعة من التصورات اللاهوتية، وظل يفرضها طيلة أكثر من مئة عام ونصف العام على تضاريس فلسطين. هذا الهوس الذي قلب منهج البحث العلمي وجعله يسير على رأسه لم يكن خافيا على قلة من العلماء من أمثال الإيرلندي ماك اليستر منذ البداية، فقد أكد هذا الباحث منذ العام 1925 في كتابه “نصف قرن من التنقيب في فلسطين” على أن ثمة نزعة غير علمية تسود مبحث التنقيب هنا، فالباحثون ينطلقون من فرضيات مسبقة ويحاولون التفتيش عما يدعمها في المواقع الأثرية، ويهملون في سعيهم كل الآثار المكتشفة التي لا تدعم فرضياتهم، أو يختلقون قراءات للآثار المكتشفة تعزز ما في أذهانهم، إلا أن هذه الشكوك لم تستطع التغلب على خطاب تدعمه في العقلية الغربية روايات دينية ثم أصبحت تعززه المطامع الاستعمارية بالأرض الفلسطينية، وهي مطامع عبر عنها علناً رعاة صندوق استكشاف فلسطين البريطاني منذ إنشائه  فزعموا أنهم يذهبون إلى استكشاف أرض هي لهم أصلا. لكن هذا الخطاب لم يفتأ ان بدأ يفقد سطوته على هذا الحقل الذي أطلقوا عليه اسم “علم الآثار التوراتي”

التوراة مرجع ليس ذي مصداقية
ولقد اتضح حديثا، ان المصدر "العلمي"، الوحيد تقريبا، والذي جرى الاعتماد عليه في تفسير تاريخ الشرق الادنى القديم؛ مصر وبلاد ما بين الرافدين وبلاد الشام، بما في ذلك فلسطين، كان التوراة – العهد القديم والاسفار الملحقة به، بتفسيرها القديم الذي يتبين يوما بعد يوم انه يعاني الكثير من الثغرات والعيوب. وعليه فلقد اعطى هذا التفسير غير الدقيق دورا محوريا مرتب لبني “إسرائيل” والعبرانيين في الحضارات القديمة منذ بداية الخلق الى ما قبل ولادة السيد المسيح. لقد كرست هذا التفسير سلسلة من ا لجمعيات والبعثات الاركيولوجية متعددة الجنسيات بدات تعمل في فلسطين منذ أواسط القرن التاسع عشر واستمر به علم الآثار التوراتي الأمريكي وال”إسرائيل”ي. وهدف هذه النشاطات الآثارية كما راينا هو خلق تاريخ موهوم للعبرانيين في المنطقة وفلسطين خاصة لتبرير هدف الاستعمار الغربي للمنطقة عبر إقامة جسم غريب فيها لا يكتسب أية شرعية إلا عبر هذا السبيل بربط هذا التجمع وإعطائه هوية تاريخية ليست له عبر إسكات التاريخ الحقيقي للأقوام التي عاشت وبنت حضارة هذه البلاد.

من هنا وفي ظل ما توصلنا له من استنتاجات عن اهمية علم الآثار الفلسطيني كميدان من ميادين الصراع بين الغرب والعرب ومحاولاته لتزيفه كأداة من حزمة ادواته لإحتلال المنطقة يفترض بنا نحن اصحاب هذه الأرض  أن ننظر إلى علم الآثار بذات الأهمية التي نعطيها لميادين الصراع الأخرى في إيطار علاقاتنا مع الغرب.  

 


المصدر : د.ابراهيم حجازين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب   علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب Emptyالجمعة 25 مايو 2018, 10:07 pm

الآثار العربية الكنعانية في فلسطين
نتائج التنقيب تدحض المزاعم الصهيونية محمد توفيق السهلي
مقدمة:
تنبع أهمية علم الآثار من كونه علماً لمعرفة القديم والوثائق القديمة، إذ إن الآثار هي سجل الحضارة الذي يسجله باطن الأرض وسطحها، والذي يدل على هوية قاطني المكان ويلقي بعض الضوء على أساليب معيشتهم ونظامهم السياسي والاجتماعي الذي كان سائداً، وهي في والوقت نفسه إثبات للهوية وإثبات للانتماء وسند ملكية ووثيقة تعطي الوجود شرعيته، والآثار هي إثبات عراقة وإثبات أصالة، وهي سجل فكر وسجل تطور حضاري.

مواقع أثرية متعددة وهوية مشتركة:
لقد كان علم الآثار ميداناً لعلاقات الصراع والهيمنة التي ميزت موقف الغرب من الأرض العربية في فلسطين في سعيه لتحقيق أهدافه الاستعمارية بما فيها زرع كيان غريب لتحقيقها، خالقاً له تاريخاً موهوماً في المنطقة، وكثيرة هي الآثار المكتشفة في فلسطين التي تحمل دلالات قاطعة على أن أجدادنا العرب الكنعانيين هم أول من سكن هذه الأرض وتجذر وأسس فيها حضارته المميزة، فقد كشفت الحفريات في "وادي قدرون" عن وجود آبار في الطبقة الحادية والعشرين من طبقات القدس الحضارية، وشكلت هذه الآبار الحلقة الأولى التي تربط ما بين القدس كموقع وجذور حضارتها الضاربة عميقاً في التاريخ، وتعود هذه المكتشفات الأثرية غلى العصر الحجري المتأخر، حيث تطابقت مع الموجودات الأثرية المكتشفة في أريحا ونابلس ولاخيش، وكذلك في تل العجول (في غزة)، ونتيجة ذلك، وبأعلى درجات الدقة، حصلت البعثة التي تقوم بالحفريات على المعلومات التي حددت تاريخ القدس بستة آلاف عام من الحضارة، وأثبتت بذلك زيف وبطلان مقولة إنها مدينة داوود وبأن بدايتها كانت في عصره.
وفي الموقع الذي كانت تلتقي فيه وديان القدس، وعند نقطة التقاء وادي الجوز مع وادي قدرون، تم اكتشاف المدينة التي تعود للعصر البرونزي الأول (3200 ق.م) والمصنفة باعتبارها الطبقة العشرين من طبقات القدس الحضارية والتي تميزت بالتخطيط المعماري الدائري في شكل البيوت، وفي إدخال الشكل المربع في الأحواش وحفر الآبار فيها وبالاعتماد على الأعمدة الكبيرة وسط البيوت، وبالشكل الدائري للأسوار، وقد عثر فيما بعد على قواعد الأعمدة التي كانت تحمل سقوف الأبنية، إضافة إلى الموجودات الفخارية الدالة على حضارة تلك الحقبة، كما دلت المكتشفات الأثرية على اهتمام الإنسان بالزراعة، حيث وجدت المواد والأدوات الزراعية الدالة على أن هذه المنطقة كانت صالحة للزراعة، ودلت الموجودات الأثرية التي تعود للقرن الثامن عشر ق.م على توسع المدينة نحو الشرق، وأهم هذه الموجودات هي السور وبوابته الكبيرة وبقايا الأبراج التي اكتشفت بالقرب من عين سلوان، وهذا يعني أن العين كانت داخل حدود المدينة في القرن الثامن عشر ق.م، وحسب سجلات المدينة فإن البوابة المكتشفة كانت تدعى "بوابة النبع".
ومن أهم الأثار التاريخية التي وثقت للعصر البرونزي المتأخر (1550 – 1200 ق.م) رسائل "تل العمارنة" المتبادلة آنذاك بين ملك القدس (عبده حيبه) والفراعنة، والتي كتبت باللغة الأكادية، ويشتمل هذا العصر أيضاً على الاتفاقات السياسية والعسكرية والتجارية التي جمعت بين مدن فلسطينية ثلاث هي شكيم (نابلس) ولاخيش (وهي تل أثري قرب مدينة الخليل) وكيلة (القدس)، ولعلّ الأهمّ في ذلك أنّ تلك الرسائل الست التي وجدت في العمارنة وتحمل الأرقام (289 إلى 294) تنفي الوجود اليهودي في هذا العصر، وقد دلت الأساسات والبقايا المعمارية التي اكتشفت في الأعوام (1961 – 1963 م) على وجود أسوار بلغ ارتفاعها نحو عشرة أمتار. كما يدل الكثير من الأبنية المكتشفة على وجود قصور وقلاع وحصون كانت قائمة في المدينة في تلك الحقبة. ومن أعظم المواقع المكتشفة وأبدعها في ذلك العصر دار الحكومة في الجهة الجنوبية، كما أن الكهوف التي اكتشفت في منحدرات جبل الزيتون قد ساعدت في التعرف على كثير من التماثيل والمواد الأثرية التي لم يتم نشرها، بل حفظت في مجموعات توجد الآن في متحف لندن.
وكانت فلسطين قد شهدت في العصر البرونزي الوسيط (1950 – 1550 ق.م) – وتمثل هذه الفترة جزءاً من التاريخ الكنعاني في فلسطين – انتعاشاً حضارياً ملموساً، وعودة حضارة التمدن في المراكز المدينية التي هجرت في الفترة الانتقالية بين العصر البرونزي المبكر والعصر البرونزي الوسيط، وتدل آثار المدن الكبيرة، وبتحصيناتها القوية المكتشفة في تل القدح (خربة وقاص) و أريحا ومجدو وتعنك وتل دوثان وتل بلاطة وبتين والقدس وتل الدوير على حدوث هذا الانتقال النوعي. وشهد العصر البرونزي المتأخر (1550 – 1200 ق.م) استمراراً لحضارة العصر البرونزي الوسيط، وتميزت هذه الفترة بانتعاش التجارة الدولية، وتشهد على ذلك كثافة المواد الحضارية المكتشفة في السياقات الأثرية الفلسطينية في هذه الفترة، بما في ذلك الجرار الكنعانية المكتشفة في المواقع المصرية، وهي الجرار التي حملت الزيت والنبيذ إلى مصر. وأظهرت التنقيبات في تل المتسلم (مجدو) بأن مجدو هذه كانت مدينة محصنة في العصر البرونزي المبكر الوسيط (في الألفين الثالث والثاني ق.م) وأنها ذات أهمية كبيرة، رغم أن أول ذكر لها يعود للقرن الثامن عشر ق.م، حين قادت المدينة تحالفاً من المدن الكنعانية للإطاحة بالنفوذ المصري في كنعان في المعركة التي جرت عند وادي اللجون بالقرب من مجدو. ودلت التنقيبات الأثرية في تل المتسلم (مجدو) على بقايا بنائية لمدينة كبيرة تأسست في العصر البرونزي المبكر (الألف الثالث ق.م) ممثلة بالمباني وسور المدينة والمعبد والقصر على أسس مخطط مدينة كواحدة من أقدم المدن في فلسطين، وأظهرت التنقيبات دلائل من الفترات المتعاقبة لمدينة العصر البرونزي المبكر، الثاني والثالث، وهي بقايا مدينة مسورة ذات مبانٍ عامة كالقصور والمعابد، ومع نهاية العصر البرونزي المبكر تعرضت المدنية للتدمير، لتعقبها دلائل الفترة الانتقالية، وأعيد مع بداية العصر البرونزي الوسيط الثالث تأسيس المدينة ذات التحصينات والبوابة والعديد من المباني العامة وبيوت السكن، وتمثل هذه الفترة أوج ازدهار المدينة، كما تم الكشف عن النظام المائي للمدينة والمقابر التي تحيط بها.
وأقدم الاكتشافات الأثرية التي عثر عليها في "جبل القفزة (جنوب الناصرة) في فلسطين، وفي سفح الرمل (قرب طبريا)، والتي تعود إلى الفترة بين عامي 7500 و 3100 ق.م، تؤكد أن أهم حدث شهدته تلك المنطقة كان تأسيس مدينة أريحا، التي يعتبرها المؤرخون أقدم مدينة في التاريخ، وقد وجدت آثارها قرب بلدة عين السلطان، وفي أواخر الألف الرابعة قبل الميلاد بدأ سكان المنطقة يتعرفون على النحاس ويستخدمونه في بعض الصناعات، ولذا أطلق المؤرخون على تلك الفترة اسم "العصر الحجري النحاسي"، وقبل بضعة أعوام من الآن، عثر على مقبرة كنعانية ضخمة غربي مدينة القدس وآثار ذلك اهتمام الآثاريين والمتابعين، في حين أن سلطة الآثار الصهيونية التي تحتكر التنقيب في المكان، تتلكأ في نشر المعلومات الكاملة عن هذا الكشف المهم، ووافقت على إقامة بناء على أجزاء من هذه المقبرة، وقد اعتبرت هذه المقبرة التي اكتشفت بالقرب من قرية المالحة المحتلة عام 1948م، من أكبر المقابر الكنعانية التي كشف عنها في فلسطين، ويعود تاريخها إلى نحو أربعة آلاف عام، ومن شأن هذا الاكتشاف تسليط الضوء على الأوضاع المعيشية والعادات الغذائية لسكان ريف القدس في العصر الكنعاني، وتعود هذه المقبرة تحديداً إلى أوائل العصر البرونزي الرابع (2200 – 2000) قبل الميلاد، وتمتد على مساحة أكثر من دونمين، وقد بيّنت الحفريات أنها استخدمت كمقبرة من قبل أجيال عديدة خصوصاً في العصر البرونزي (بين عامي 2200 – 2000) قبل الميلاد و (1700 – 1600) قبل الميلاد، ويعلو كل قبر من القبور المحفورة في الصخور ثقب دائري قطره متران يؤدي إلى غرفة بيضاوية الشكل حفرة تحت الأرض التي وضعت فيها الجثامين.
ودلت الحفريات بأن الموقع عرف كمقبرة في عصور لاحقة بعد الفترة الكنعانية وأنّه تم استخراج ما بداخلها خلال الفترة الرومانية، ويتضح هذا من أساليب الحفر التي تتطابق مع تلك التي استخدمها الرومان، وعدد القبور التي تمّ اكتشافها في المقبرة التي تقع على مرتفع من الأرض، نحو مئة، وعثروا داخلها على عظام وخرز ومجوهرات وتمائم وضعت في تلك القبور وأغراض معدنية كالأسلحة والأدوات والمجوهرات ونوع فاخر من الفخار، وتوجد تقديرات بأن النحاس الموجود في جنوب الأردن، وبالإضافة إلى ذلك عثر على إسفلت أخضر على الأرجح أنه من البحر الميت، ومن بين الموجودات علبة قد تكون للطعام، وأدوات صخرية استخدمت لتقسيم قطع الفخار، وتم العثور على عظام أغنام وماعز وخنازير، وأدلة على أن السكان مارسوا زراعة الحبوب في محيط المباني التي عاشوا فيها، وتم العثور على زي كامل لأحد المحاربين يتضمن خنجراً وحزاماً معدنياً، مما يشير إلى أن بعض السكان كانوا مقاتلين بينما عمل آخرون في الحقول، وربما يؤكّد هذا بأن مستوطنة كنعانية من المحتمل أنه كان لديها فريق أمني لردع أية أعمال عدوانية ومواجهة من يغزون المستوطنة، وقد وافقت سلطة الآثار الصهيونية على تدمير أجزاء من المقبرة وإبقاء أخرى وإعطاء تصريح لإقامة بناء في المكان يتبع أحد الفنادق الشهيرة التي عثر على المقبرة بجواره.
ومن المعالم الأثرية الكنعانية في فلسطين، تل "تعنك" الكائن في الطرف الغربي لقرية تعنك، وهو عبارة عن تل ومدينة كنعانية ويبعد 8 كم تقريباً شمال غرب مدينة جنين و 2 كم شمال بلدة اليامون، وهذا المعلم عبارة عن تل مثير للإعجاب يرتفع أكثر من 4 متراً عن مستوى سطح مرج ابن عامر. ويستدل من الحفريات والآثار التي تم اكتشافها على أن المنازل والمنشآت العديدة الموجودة في المعلم الأثري ترجع إلى القرن الثاني ق.م (العصر الحديدي). وهناك تل الحفيرة (المعروف باسم تل دوثان) الواقع بين سبسطية ومدينة جنين (على بعد 6 كم تقريباً جنوب مدينة جنين)، وهو عبارة عن تل ومدينة كنعانية، وهناك خربة بلعمة وهي يبلعام الكنعانية، حيث عثر على نفق مائي، وهو مدينة كنعانية، ويقع فوق تل يبعد نحو 2 كم عن المدخل الجنوبي لمدينة جنين، ويوجد فيه نفق مائي منحوت في الصخر الجيري لمنحدر التل، وتشير المكتشفات الفخارية التي عثر عليها خلال عملية مسح أثري قام بها "كوتشيف" في عام 1997 – 1998م إلى وجود مستوطنات تعود إلى العصر البرونزي القديم والمتوسط والحديث والعصر الحديدي، ويعد مدخل النفق أبرز معالم بلعمة، وقد تم حفر النفق الجنوبي خلال العصر البرونزي الحديث، حيث بني فوقه مدخل القلعة وبوابتها.
وفي قرية بلاطة البلد، وفي المنطقة الشمالية منها، توجد أنقاض وآثار السور وبوابة شرقية وغربية، وقد أثبتت الحفريات التي قامت بها البعثة الهولندية عام 1913م برئاسة أرنس سلن أن هذا التل هو شكيم (نابلس) القديمة. وقد استمرت هذه الحفريات حتى بداية الحرب العالمية الأولى، حيث تم إيقافها، لتستأنف عام 1926م، واتسعت المساحة المحصورة وعثروا فيها على بقايا معبد وقصر وغيرهما. وفي الأعوام 1934 و 1956 و 1957م أعيد التنقيب في التل المذكور فعثروا في حفرياتهم بإشراف الدكتور رايت الأمريكي على آثار كنعانية ترجع إلى عام 3500 ق.م وعلى بقايا سور بني في القرن السابع عشر قبل الميلاد وكان ارتفاعه ثلاثة أمتار ونسف وكان يطوق المدينة من الجهات الثلاث بأبراجه، وأبواب وثكنات الحرس التي وجدت مصاطبها مقصورة بالكلس، ووجت عليها ستة هياكل بشرية على عمق ثلاثة أمتار تحت اللبن، كما عثروا على فخار يعود إلى العام 1600 ق.م .
ومؤخراً قالت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية إنها تمكنت من الكشف على أحد أقدم القبور الأثرية على مقربة من كنيسة المهد في بيت لحم، وفي السفوح الشرقية المطلة على بيت ساحور.. وتبين أن القبر المكتشف يعود إلى العصر البرونزي المبكر وهي الفترة الممتدة ما بين 2200 و 1900 قبل الميلاد وهذ الفترة انتقالية مهمة ما بين العصر البرونزي المبكر والعصر البرونزي الوسيط الذي يتميز بنمط حياة شبه رعوي وهي فترة تعرف من قبل المؤرخين وعلماء الآثار بالفترة الكنعانية، وهذا الاكتشاف هو أقدم دليل في هذه المنطقة التي يعود تاريخها إلى نحو أربعة آلاف عام.
وقد كشفت عمليات الحفر والتنقيب التي تجريها سلطة الآثار الصهيونية في مفترق بركائي" (على المحور الرئيسي في منطقة وادي عارة) عن كمية مدهشة تتكون من عشرات آلاف القطع الأثرية التي يعود تاريخها إلى ما قبل 5000 سنة (العصر النحاسي). وقد عثر في المقابر على عشرات الآلاف من الأدوات التي تستخدم في طقوس العبادة، بينها أوانٍ فخارية مميزة، سهام، خرز، أحجار ثمينة، أقراط، خواتم، وغير ذلك.
البقايا الجنائزية الكنعانية:
من خلال دراسة البقايا الجنائزية في فلسطين كظاهرة أثرية وسوسيولوجية، نجد أن الدفن في المدافن العامة في مقابر خارج أسوار المدينة، هو شكل الدفن السائد في العصر البرونزي المبكر الأول في فلسطين، وقد يعود ظهور المدافن العامة الخارجية إلى الوعي الصحي المتزايد بضرورة الفصل ما بين المسكن والمدفن في الفترة المدينية. وبعض المدافن مزودٌ بمنصة حجرية أو تحويطة ترمز، ربما، إلى المكانة الاجتماعية العالية لبعض الأفراد في القبيلة. وفي العصر البرونزي المبكر، دفن الأطفال واليافعون والبالغون مع بعضهم البعض في إشارة إلى المكانة المتساوية.
ويتكون الأثاث الجنائزي من الأواني الفخارية والزينة الشخصية وبعض الأدوات الأخرى. أما أكثر الأغراض الدالة على المكانة الاجتماعية والتي يمكن النظر إليها كمؤشر على المكانة الاجتماعية العالية في هذه المدافن العامة، فتتكون من الأغراض المعدنية (الذهب والنحاس) وبعض الأواني.
وتمثل الفترة الانتقالية من العصر البرونزي المبكر إلى العصر البرونزي الوسيط، واحدة من إشكاليات علم الآثار الفلسطيني. وتوصف هذه الفترة عموماً كفترة ساد فيها نمط حياة رعوي شبيه بحياة البداوة، وغياب كلي لمظاهر الحياة المدينية التي ميزت الفترة التي سبقتها وتلتها. ولذلك فإن البقايا الجنائزية تشكل في أغلب الحوال الصنف الوحيد للبقايا الأثرية المتوفرة من هذه الفترة.
أما الأغراض الجنائزية المرفقة مع الميت في هذه المدافن فهي ذات طبيعة بسيطة عموماً، وتتكون بشكل رئيسي من الأواني الفخارية والأسلحة. والعلامة الفارقة الأخرى لهذه المدافن هي نسبة التواجد العالية للأسلحة فيها كعطايا جنائزية، فهي تمثل أعلى نسبة تواجد للأسلحة في مقابر الفترة الانتقالية ربما إلى ازدياد حدة النزاعات الداخلية بين القبائل المختلفة.
وفي العصر البرونزي الوسيط الثاني، نجد أن البناء المعقد للمجتمع الديني يجد انعكاسه في الممارسات الجنائزية، وعلى النقيض من فترة التمدن الأولى في العصر البرونزي المبكر، فإن عدداً قليلاً من الأفراد وجدوا مدفونين في المقابر العامة في هذه الفترة.. وتعتبر الأواني الفخارية العطايا الرئيسية في هذه المدافن، ولا بد أنها مثلت المتطلبات الدنيا لممارسة الدفن، وتتكون الأغراض الدالة على المكانة في هذه الفترة من الأغراض المعدنية والأغراض المستوردة والأسلحة وأدوات الزينة الشخصية وبيض النعام.
إن النمطية المعقدة للبقايا الجنائزية، وتمركز الأغراض الدالة على المكانة في جزء من القبور تمثل تعبيراً واضحاً عن مجتمع طبقي.
وتتميز البقايا الجنائزية للعصر البرونزي الوسيط الثاني بنسبة حدوث عالية للمرفقات الدالة على المكانة، ويشير تمركز الثروة في جزء من المدافن العامة في معظم المواقع إلى نشوء طبقة نخبة في المراكز المدينية للعصر البرونزي الوسيط الثاني في فلسطين.

دلائل على التمدن الكنعاني:
إن المكتشفات الآثارية ما تنفك تؤكد يوماً بعد يوم، أن تاريخ الوطن العربي هو تاريخ التمدن البشري على هذا الكوكب، فقد أثبتت، بما لا يبقى مجالاً للشك أن إنساننا كان أول من عرف الزراعة وفن البستنة، وأول من بنى المدن وشيد الحصون والقلاع وأول من عرف المعدن واستخدمه وأتقن فنّ التعدين وصناعة الأدوات وأول من صنع الفخار والدولاب وأول من عرف وأسس علوم الطب والفلك والسحاب والهندسة والجبر والمساحة ووضع المقاييس والمكاييل والموازين، وأول من اكتشف أن الأرض كروية وأنها هي التي تدور حول الشمس، فدرس بناء على ذلك ظاهرة الخسوف والكسوف ووضع المواقيت والتقاويم لأول مرة ووضع النظام الستيني الذي ما يزال مستخدماً حتى اليوم فقسم بموجبه النهار إلى 12 ساعة والساعة إلى 60 دقيقة والدقيقة إلى ستين ثانية، وأول من صنع السفن وأبحر في البحار والمحيطات وأوجد خطوط التجارة الدولية في البر والبحر ودار حول رأس الرجاء الصالح وبلغ الشواطئ الأمريكية منذ الألف الثاني والأول قبل الميلاد (أي قبل كريستوف كولومبوس بما ينوف عن ألفين وخمسمئة عام) وأول من أبدع عقيدة الخصب الزراعية بكل تقاليدها وتعاليمها وآدابها وأساطيرها وفنونها، وأول من أبدع عقيدة التوحيد وأول من عرف الكتابة واخترع الأبجدية وصنف الكتب والمكتبات وبنى المدارس ووضع القواميس منذ الألف الثالث قبل الميلاد (كما أثبتت مكتشفات ماري) وأول من صنع النول والمكوك وعرف الحياكة والنسيج، وأول من بنى دولة مركزية كبرى بالمفهوم الحقوقي والإداري والسياسي والاقتصادي والعسكري، فوضع الأنظمة وشرع القوانين وضرب النقود وبنى الجيوش، وأول من وضع تشريعات الزواج وبناء الأسرة، وأول من صنع العطور وأحدث مجالس الشورى والندوة وأول من وضع مجلسين استشاريين للشيوخ وللشباب، وأول من تزين بالحلي والكحل ولبس الجوارب وعرف الشطرنج والنرد والداما.

مهد الحضارة:
بالنسبة لعلم الآثار، فإن المتخصصين فيه وفي جميع العلوم المساعدة له، من علم قراءة الخطوط القديمة، إلى علم اللغات، وعلم الشيفرة وعلم الوثائق وعلم النقود وعلم الأختام وعلم النقوش وعلم الأسماء وعلم الأقوام والعروق وغيرها، قد تعاونوا معاً في قراءة آثارنا الغنية كماً ونوعاً، التي توزعتها متاحف الدول الغربية، فشكلت تسعين بالمئة من محتوياتها المتعلقة بالعصور القديمة، وهذا طبيعي، لأن تاريخ حضارات العصور القديمة، مثله مثل تاريخ حضارات العصور الوسطى، هو في غالبيته الساحقة لا يخرج عن إطار الحضارة العربية.. إن معطيات كل تلك القراءات الآثارية تؤكد وحدة الحضارة للشعب العربي في الأرض العربية كلها بكل تسمياتها... وفي الوقت الذي تؤكد هذه المعطيات جميعها أن الوطن العربي هو مهد الإنسان العاقل ومهد حضارة أخرى عاقلة متواقتة مع حضاراته أو سابقة لها، وبالتالي فقد استحق هذا الوطن بجدارة أن يسمى "مهد الحضارة".

مزاعم وتعديات صهيونية مكشوفة:
بالرغم من هذا كله، فإن محاولات الصهاينة لمصادرة التاريخ العربي الفلسطيني وسرقته وتزويره وإخفائه وطمس الهوية العربية الفلسطينية، هي أكثر من أن تحصى، فقد دأب العدو الصهيوني على محاولة إلغاء التاريخ وإيجاد شرخ بين المكان والزمان والفعل الحضاري وإلغاء حق الإنسان في أرضه وتراثه وثقافته، وتدمير آثاره.
والمخطط غير المعلن من قبل سلطات الاحتلال لنهب وتدمير التراث الحضاري وتسويقه في أرجاء العالم على أنه تراث يهودي لإعطاء الشرعية في كل ما تفعل ومنح نفسها "الحق" في هذه الأرض المحتلة، وضع بشكل دقيق بالتوازي مع الاعتداءات اليومية التي تمارس ببشاعة لم يشهد لها العالم مثيلاً، على المدنيين الفلسطينيين.
ويظن الكثيرون أن استهداف الآثار الفلسطينية كان بعيد الاحتلال الصهيوني، إلا أن الحقيقة تقول غير ذلك، فالاستهداف بدأ منذ القرن الثامن عشر، وجاء على شكل مستشرقين يهود قدموا من عدد من الدول الأوروبية هدفهم تسويق فكرة أن الأرض الفلسطينية هي "أرض الميعاد" و "أرض الحدث التوراتي"، وذلك عبر القيام بحفريات في عدد من المناطق الفلسطينية تحدثت عنها التوراة، وقد توجت هذه الحملات الاستشراقية في العالم 1867م على يد المهندس الإنكليز تشارلز وارين الذي قام بحفريات محدودة في القدس.. وكان (وارين) يحاول البحث عن ما يدعى "هيكل سليمان"، فقام بسرقة عدد من الفخاريات التي وجدها في منطقة الحفر وادعى لاحقاً أنها فخاريات يهودية، وأصدر (وارين) كتاباً (في لندن عام 1876م) ادعى فيه أن هيكل سليمان المزعوم تحت المسجد الأقصى. ويقول الحاخامات اليهود أو آثاريو "إسرائيل" اليوم إن النفق ذاته الذي حفره (وارين) هو النفق الذي سيؤدي إلى الكشف عن "مدينة داوود" القديمة حيث الهيكل المزعوم، وأن الفخاريات التي سرقها (وارين) من القدس هي فخاريات تثبت أن لليهود حقاً في القدس، وهذا الادعاء فنده آثاريون ومؤرخون عرب وإسرائيليون مؤخراً. أما هرتزل مؤلف كتاب "دولة اليهود" فقد دعا مرات عدة في كتابه إلى محو آثار القدس وتدمير معالمها الإسلامية والمسيحية.
ولم تتوج كل المحاولات الصهيونية في سرقة الآثار الفلسطينية ومحو هويتها إلا بعد الاحتلال الصهيوني لفلسطين، فبعد إعلان "دولة إسرائيل" مباشرة، بدأت العصابات الصهيونية (الهاغاناه وشتيرن والأرغون) بسرقة الآثار الفلسطينية من القرى التي تحتل مباشرة، واستمرت عمليات سرقة الآثار إلى ما بعد النكسة عام 1967م حيث أصبحت السرقة علنية، وقادت حملات السرقة وعملياتها شخصياتٌ "إسرائيلية" عسكرية وسياسية كبيرة منها موشي دايان (وزير الحرب الأسبق للكيان الصهيوني) الذي كان يقود عمليات سرقة ممنهجة، وكان مدعوماً بذلك من السلطات الدينية والسياسية الصهيونية، وقد دعا (دايان) في أكثر من مرة، إلى إزالة كل الآثار المقدسية بدعوى إيجاد الهيكل المزعوم، فقد نقلت صحيفة دافار الصهيونية في عددها الصادر بتاريخ 12 آب 1971م عن دايان قوله: "إنه لا ضرورة للتأخر في الكشف والعمل للعثور على الآثار القديمة العائدة لأيام الهيكل الثاني، ويمكن تصوير بقية الآثار وإزالتها لأنها تخفي عنا رؤية الصورة الكاملة كما كانت في حينها "وهذا يعني إزالة كل الآثار والأوابد العائدة للحضارة القديمة.
ويقول الدكتور معين صادق (رئيس قسم الآثار في جامعة الأزهر في غزة)، إن الاحتلال كثف منذ العام 1967م عمليات التنقيب عن الآثار الفلسطينية، إن الإحصاءات عن تلك الفترة تشير إلى أنه في كل سنة كانت تتم سرقة مئة ألف قطعة أثرية فلسطينية. وفي كثير من الحالات كان السارق سلطة الآثار "الإسرائيلية" التي كانت تشرف على عمليات التنقيب، وما تمت سرقته والعديد مما استخرجته تم إخفاؤه. لكن هناك أيضاً مجموعة من القطع موجودة اليوم في متاحف "إسرائيلية" وفي مخازن الحكومة في تل أبيب، ومنه ما تمت سرقته من قبل تجار محترفين، ومع بداية التسعينات من القرن المنصرم، اتخذت دائرتا الآثار والسياحة "الإسرائيليتان" عملاً مشتركاً يقضي بسرقة الآثار الثابتة والمنقول أو شرائها بمبالغ طائلة من أي مكان في الأراضي الفلسطينية، وذلك لمحو كل العمق التاريخي لفلسطين، وتتوج العمل في هذه المرحلة مع بداية بناء الجدار الفاصل، حيث صودرت بحجة بنائه أراضٍ واسعة غنية بالأثار الكنعانية والرومانية والإسلامية.
وللتفصيل أكثر نقول إن النشاط الغربي في ميدان علم الآثار في فلسطين قد مر بمرحلتين: الأولى بريطانية والثانية أمريكية – إسرائيلية، ففي المرحلة الأولى كان لا بد من أجل تحقيق الأهداف السياسية التي خطت في هذه المرحلة أن يتم تحديد الوسائل اللازمة لذلك، واحد منها كان ميدان عمل الآثار، حيث كان إيجاد إي دليل أثري على صحة ما ورد في الكتاب المقدس يمثل أمراً مهماً للغاية لدى الأوساط البروتستانتية والاستعمارية البريطانية، ومن هنا جاء تأسيس "صندوق استكشاف فلسطين" عام 1838م، وحتى تكون له القوة والسلطة المعنوية فقد جرى تأسيسه تحت رعاية ملكة بريطانيا، وفي ملفات أرشيف الوثائق البريطانية توجد وثيقة تأسيس الصندوق التي تبدأ بتعريف الصندوق وتحديد أهداف لتقول إنه "دمعية تستهدف الدراسة الدقيقة والمنهجية لآثار فلسطين وطبوغرافيتها وجيولوجيتها وجغرافيتها العينية وطبائع وعادات الأرض المقدسة بغرض تصوير الكتاب المقدس (أي تحقيقه على الواقع) أي التأكيد على ما ورد فيه من خلال اكتشف الآثار التي تدل على صحته، وهذا يعني أن وجود "إسرائيل التاريخية" حقيقة ماثلة، ودور علم الآثار تثبيتها والتهيئة لخلقها من جديد.. فكان صندوق استكشاف فلسطين الذي أسس واحداً من الوسائل لتحقيق ذلك، وفي هذا الصدد لا بد من التعرف غلى الكابتن تشارلز وارين خريج كلية "سانت هيرست" العسكرية الذي كان برتبة جنرال عندما قاد في عام 1869م بعثة استكشافية للتنقيب عن الآثار اليهودية في فلسطين، وهي بعثة كانت تابعة للمخابرات العسكرية البريطانية وكانت أعمالها لبنةً لاختلاق تاريخ لم يكن له وجود.
وفي بداية القرن العشرين خبت حركة التنقيب عن الآثار الفلسطينية، وقدمت بريطانيا مشروع صك الانتداب إلى عصبة الأمم متضمناً مادةً خاصة بالآثار في فلسطين نظراً لأهميتها في إثبات ما لا يمكن إثباته عن علاقة العبرانيين بأرض فلسطين، وعندما بدأت حكومة فلسطين الانتدابية عملها برئاسة هربت صموئيل اتخذ هذا خطوات عملية تمهيداً لتحويل فلطسين إلى "وطن قومي لليهود" ووفر كافة الظروف السياسية والاقتصادية والإدارية لتحقيق هذا الهدف، كما أنشأ دائرة الآثار ووضع على رأسها عالم الآثار البريطاني جون غارستنغ الذي اتبع سياسة مفتوحة في التنقيب عن الآثار سمحت لجمعيات ومدارس غير بريطانية بالنشاط في هذا المجال، وهو ما هيأ للمرحلة الثانية الأمريكية – الإسرائيلية التي انصب عملها في استكمال المرحلة البريطانية من حيث زرع الأسس المادية الاختلاق أسطورة "إسرائيل القديمة"، ممهدةً بذلك لإقامة الكيان الصهيوني في فلسطين، لكنه تميز عن المرحلة السابقة بالعمل المتخصص بآثار فلسطين والخروج باستخلاصات تدعي العملية لإثبات وجود عبراني قديم في أرضها أنشأ "دولة إسرائيل" التي ذكرتها التوراة.
ومن الجدير بالذكر هنا، أن الخطاب التوراتي لمدارس الآثار الغربية بدأ يتداعى على أيدي علماء غربيين تحرروا من الرؤية السابقة فأسسوا لحركة مضادة في ميدان علم الآثار، بدأت تتبين في ضوء حقائق التنقيبات الفلسطينية أن الخريطة التوراتية لفلسطين تضاريس وتاريخاً هي مجرد صناعة لاهوتية تخدم أغراض سياسة استعمار فلسطين لا أغراض العلم. وظهرت دراسات لعلماء موضوعيين مناقضة لعلم الآثار التوراتي وتستند إلى نفس المكتشفات التي اعتمدها هذا الاتجاه، والمفارقة أن هؤلاء العلماء قد نشؤوا وتبنوا في البداية اتجاه المدرسة الأمريكية للدراسات الشرقية، ومنهم عالم الآثار (كيث وايتلام) وهو يعمل أستاذاً للدراسات الدينية في جامعة ستيرلينغ (في سكوتلاندا) وقد أصدر كتابه "اختلاق إسرائيل القديمة وإسكات التاريخ الفلسطيني" سنة 1996م، ويركز (وايتلام) على البعد السياسي من وراء محاولات الطمس والتفسير المغلوط للتاريخ، حيث يذكر "أن تاريخ إسرائيل المخترع في حقل الدراسات التوراتية كان ولا يزال صياغة لغوية وأيديولوجية لما كان ينبغي أن تكون الممالك اليهودية عليه، وليس ما كانت عليه في الواقع". ولقد بذل الاتجاه التوراتي واليهود محاولات مستميتةً لخلق حضارة لهم وخلق تاريخ زائف، ويقول (كيث وايتلام): "ومن المرجح أن تستعيد فلسطين صوتها وحقها في تمثيل نفسها في تلك الفترة – بين العصر البرونزي المتأخر وبداية العصر الحديدي". وتشير المعلومات الأثرية المكتشفة التي أثارتها تنقيبات (عاي) – وهي مدينة كنعانية قديمة بالقرب من القدس – وحسب رواية التوراة بأن (يشوع) قد مرها، إلا أن التنقيبات الأثرية لم تجد أثراً لهذا التدمير المزعوم، وقد نقب علماء آثار مشهورون في هذه المنطقة وأعلنوا أنهم لم يعثروا على مدينة معاصرة لــ "يشوع" كما زعمت التوراة.
وهناك عالم آخر كان له موقف من التزوير التي تقوم به الاتجاهات التوراتية وهو "توماس. ل. طومسون"، فقد أصدر طومسون (وهو أستاذ علم الآثار في جامعة ماركويت في الولايات المتحدة) كتابه الأول: "التاريخ القديم للشعب الإسرائيلي" عام 1992م، وفي كتابه هذا دعا صراحة إلى "نقض تاريخانية التوراة: أي عدم الاعتماد على التوراة ككتاب لتاريخ المنطقة والحضارات، وإلى اعتماد الحفريات الأركيولوجية وثروة الآثار الكتابية القديمة كمصادر لإعادة كتابة تاريخ فلسطين. ويتفق طومسون مع وايتلام في كثير من الاستنتاجات ويشير إلى أن هناك عملية ممنهجة لكثير من الدلالات التاريخية للمكتشفات الأثرية ومحاولة لتفسيرها بطريقة مغلوطة لمصلحة اختلاق "إسرائيل القديمة".
أما عالم الآثار الأمريكي المعروف (بول لاب) الذي ترأس بعثة تنقيب في فلسطين عام 1962م بالقرب من نابلس، فق تفح عمله الطريق لنقد علم الآثار التوراتي أما الآخرون من أمثال وليام ديفر وتوماس ليفر وجوناثان تب و وماس طومسون وكيث وايتلام، وكان لموقف لاب من تزييف معاهدة البحث التوراتي والتشويه الذي أحلقته بآثار فلسطين وتاريخها والذي ترافق مع دحضه للكثير من التصورات التي فرضت على التاريخ الفلسطيني، أثر بالغٌ في تعزيز هذا التيار النقدي.. وبعد احتلال 1967م احتج (لاب) علناً على الحفريات التي سارع إليها الجيش الإسرائيلي وفريق علماء آثاره المرتبط بنشاطه الاحتلالي في الأراضي المحتلة، وكان لاحتجاجه أثرٌ بالغٌ في اتخاذ منظمة "اليونسكو" قراراً بطرد إسرائيل من عضويتها بعد إدانتها لقيامها بحفريات غير مشروعة في أرض محتلة وتدميرها المتعمد للآثار الفلسطينية مثل إزالة حي كامل هو "حي المغاربة".. ويذكر أن الدكتور بول لاب قد غرق أو أغرق عمداً على شاطئ قبرص الشمالي، وهو الماهر في السباحة، ولفتت هذه الجريمة، شأنها في ذلك شأن الجرائم الإسرائيلية ضد العلم والعلماء، لفتت الأنظار إلى عمق الأثر الفكري والسياسي لعلم الآثار الفلسطيني، وفي هذا السياق فإننا لا ننسى كيف أن الصهاينة قاموا عام 1992م باغتيال عالم الآثار الأمريكي ألبرت غلوك الذي كان يعمل محاضراً في جامعة بيرزيت لأنه كان يتولى قيادة مشروع استكشاف التاريخ الفلسطيني، وأسس "معهد الآثار الفلسطيني" وهو الأول من نوعه في الوطن العربي.
ومن العلماء أيضاً "كاثلين كينيون " التي يشهد لها دورها في حقل الآثار الفلسطينية، حيث عملت ما بين 1952 و 1958م ومن 1960م إلى 1961م في البحث والتنقيب في أريحا والقدس، وخرجت باستنتاجات جريئة نقضت الفرضيات القائمة على المدلولات التوراتية غير العلمانية، ولم يلبث جميع الذين خالفوها في البداية أن أعلنوا صواب وموضوعية اكتشافها، فمن اكتشافاتها أن سور أريحا المكتشف يعود إلى العصر البرونزي القديم، وأن أريحا لم تكن مسورة خلال العصر البرونزي الأخير (أي زمن يشوع بن نون كما تزعم التوراة)، وأن ما ظن المنقبون من ساروا وأبراج تعود إلى عهد داوود، أو من قوسٍ اعتقد روبنسون أنه يعود إلى عهد داوود أيضاً، هو خطأ، بل إن جميع هذه المنشآت تعود إلى القرن الثاني الميلادي أي العصر الروماني، ونفت أن تكون الحجارة من بقايا الهيكل.
ويقول البروفيسور زئيف هيرتسوغ (وهو أستاذ في قسم آثار وحضارة الشرق القيم في جامعة تل أبيب): "إن الحفريات الأثرية المكتشفة في أرض إسرائيل خلال القرن العشرين، قد أوصلتنا إلى نتائج محبطة، كل شيء مختلق، نحن لم نعثر على شيء يتفق مع الرواية التوراتية، إن قصص الآباء في سفر التكوين (إبراهيم – إسحق – يعقوب) هي مجرد أساطير "كما يقول (هيرتسوغ): "إنني أدرك باعتباري واحداً من أبناء الشعب اليهودي وتلميذاً للمدرسة التوراتية، مدى الإحباط الناجم عن الهوة بين آمالنا في إثبات تاريخية التوراة، وبين الحقائق التي تتكشف على أرض الواقع".. وتبدو شهادة زئيف هيرتسوغ مثيرة للاهتمام وذات أهمية بالغلة، كونها تصدر عن عالم آثار يهودي، يشاركه الرأي – كما يقول هو – معظم علماء الآثار الإسرائيليين، الأمر الذي يزيد من مصداقية التساؤلات المثارة حول التوراة وتاريخ بني إسرائيل وعلاقته بالمنطقة عموماً.
ويؤكد هذا الموقف أيضاً "إسرائيل فنكلشتاين" في تصريح لصحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن "التاريخ التوراتي منذ عهد ليس ببعيد كان يملي مسار البحث والتنقيب الذي استخدم ليثبت الرواية التقليدية، ونتيجة لذلك اتخذ علم الآثار المقعد لخلفي كتخصص علمي، وأعتقد أن الوقت قد حان لكي نضع علم الآثار في المقدمة".
ويشير العديد من الباحثين إلى أن علماء الآثار الإسرائيليين قد بدأت تضمحل أمام أعينهم تواريخ الروايات التوراتية في ضوء الآثار المادية الفلسطينية. وتبدأ الحكاية كما يرويها بعض الباحثين "بالهوس التوراتي" الذي رسم خريطة لفلسطين نابعة من التصورات اللاهوتية، وظل يفرضها طيلة أكثر من مئة عام على تضاريس فلسطين. هذا الهوس الذي قلب منهج البحث العلمي وجعله يسير على رأسه لم يكن خافياً على قلة من العلماء من أمثال الإيرلندي ماك أليستر منذ البداية، فقد أكد هذا الباحث منذ العام 1925م في كتابه "نصف قرن من التنقيب في فلسطين" على أن ثم نزعة غير علمية تسود مبحث التنقيب هنا، فالباحثون ينطلقون من فرضيات مسبقة ويحاولون التفتيش عما يدعمها في المواقع الأثرية، ويهملون في سعيهم كل الآثار المكتشفة التي لا تدعم فرضياتهم أو يختلقون قراءات للآثار المكتشفة تعزز ما في أذهانهم، إلا أن هذه الشكوك لم تستطع التغلب على خطاب تدعمه في العقلية الغربية رواياتٌ دينية، ثم أصبحت تعززه المطامع الاستعمارية في الأرض الفلسطينية وهي مطامع عبر عنها علناً رعاة صندوق استكشاف فلسطين البريطاني منذ إنشائه فزعموا أنهم يذهبون إلى استكشاف أرض هي لهم، لكن هذا الخطاب لم يفتأ أن بدأ يفقد سطوته على هذا الحقل الذي أطلقوا عليه اسم "علم الآثار التوراتي".
ومن المعروف أن مكتبة "إيبلا" التي تقع شمالي سورية لم تؤكد أي حدث تناولته التوراة، مما شكل صدمة لدى علماء الآثار الصهاينة ومفاجأة لدى العلماء الأجانب الذين يعتمدون التاريخ التوراتي.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، أعلن العالم جورج مندهول سنة 1974م أن الفصل القديم كله في التوراة ليس سوى أسطورة وهمية بعيدة عن الواقع التاريخي الذي ترسمه الحفريات الأثرية في المكان، وقال: "هناك تناقضات عدة بين ما ورد في التوراة وبين ما تقوله الحفريات "وأوضح أن الحفريات على رغم احتمالات الخطأ فيها، تظل أهم إثبات علمي للأمور"، وقد وجد (مندهول) من يناصره في موقفه داخل الكيان الصهيوني وبين اليهود، أحد أبرزهم البروفيسور فلنكشتاين الذي مر ذكره والذي يقول في كتاب أصدره مع العالم نيل سيليومن:
"مادة الفصل الأول من التوراة كتبت في نهاية القرن السابع قبل الميلاد، والسؤال هو إن لم يكن كاتبوها بشراً مثلنا ينسون أو يتناسون، كما نلاحظ الآن من بعض الوقائع المنطقية، فيعتمدون على الذاكرة وعلى التقديرات وفي بعض الأحيان يعتمدون على الرغبات" ويضيف: "أثبت البحث الأركيولوجي في السنوات الأخيرة أنه لم تكن هناك شريحة من اليهود الذين يعرفون القراءة والكتابة، ومن يقول أنه يرسم التاريخ القديم اليوم بالاعتماد على الثائق، فإنه يخدع نفسه، فلا توجد مواد مكتوبة من فترات التاريخ القديم، وما وقع من أحداث هناك في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، كتب بعد 500 سنة من وقوعها وضم الكثير من القصص الوهمية". ويضرب (فنكلشتاين) مثلاً على ما يقولك: "هناك رواية في التوراة عن سنحريب الآشوري تقول إنه اجتاح المنطقة واحتل القدس، لكن عجيبة حصلت ومني بالهزيمة" لكن من يفحص الآثار التي تم العثور عليها في المنطقة يتوصل إلى نتيجة معاكسة، إذ إن الآشوريين حققوا انتصاراً ساحقاً، وهناك ما يثبت ذلك في الحفريات الأثرية.
وبالعودة إلى عالم الآثار الإسرائيلي هيرتسوغ فإنا نجده ينفي قصة المذبح فوق جبل عيبال (في نابلس)، علماً أن اليهود يعتقدون بأن المذبح الذي اكتشف فوق الجبل المذكور هو المذبح الذي أقامه إبراهيم الخليل لذبح ابنه اسحاق عندما أراد الله سبحانه وتعالى امتحان مدى إيمانه.. وقال (هيرتسوغ): إن أحداً لا يملك إثباتاً علمياً واحداً عن هذا المذبح.. لقد أرادوا أن يسيطروا على الجبل المطل على مدينة نابلس الفلسطينية، أكثر مما أرادوا إحياء ذكرى إبراهيم وإسحاق، وقاموا بجمع الحجارة على شكل كبش ماعز، رمزاً للكبش الذي جلبته الملائكة وأنقذت بواسطته إسحاق، وأعادوا بناء المذبح ليصبح ملائماً للتوراة، وكل ذلك فعلوه من دون أية شهادة أو تصريح من أي علم آثار.
وفي أواخر شهر تموز من عام 2003م أعلن البروفيسور الإسرائيلي جدعون فرستر أحد كبار علماء الآثار في الكيان الصهيوني المتخصص في الآثار الرومانية في الجامعة العبرية في القدس، أنه عثر على مستندات وآثار تؤكد أن "طنطورة فرعون" القائمة في الشمال الشرقي لمدينة القدس هو أثر مقدس للمسيحيين وليس لليهود كما يعتقدون في إسرائيل، ومثل هذا الكشف يمس عصباً أساسياً من أعصاب الحركة الصهيونية التي تبذل منذ نشأتها جهوداً خارقة للبرهنة على أن كل شيء في هذا البلاد له أصل يهودي، ويردونه إلى التوراة، ويحيطونه بالروايات المأخوذة منها بهدف إثبات "الحق اليهودي" في فلسطين. و "طنطورة فرعون" التي أمساها العرب بهذا الاسم كون قبتها شبيهة بالقبة التي كان يعتمرها الفراعنة، وهي معروفة لدى اليهود في فلسطين باسم "يد أبيشالوم"، وهي مقدسة لدى اليهود منذ القرن الثاني عشر، حيث يعتقد بأن نجل النبي داوود (أبيشالوم) كان أقامها نصباً لنفسه، وأبيشالوم هذا كان متمرداً على والده، وقد اتخذ اليهود، وفيما بعد المسلمون من هذا المكان رمزاً مقدساً للعن الأبناء المتمردين على آبائهم، فكانوا يأتون غليه من كل الأرجاء ليرجموه، وأكدت هذه الرواية أبحاثٌ علمية عدة في الكيان الصهيوني، وفي عام 2001م حصل الباحث اليهودي نحمان أبيجاد على لقب الدكتوراه بفضل الأطروحة التي أعدها عن المكان و"أثبت" أنها واحدة من أهم عشرين موقعاً أثرياً لدى اليهود. لكن البروفيسور جدعون فرستر أثبت أن هذا الموقع مقدس للمسيحيين منذ القرن الرابع الميلادي، وهو حقق اكتشافه هذا بالصدفة عندما تفرس في صورة كان التقطها في المكان راهب مسيحي تبين منها أن هناك كتابة يونانية. وكانت هذه الكتابة محفورة في الحجر، وتبين أن الكتابة تقول: "هذا هو ضريح القديس زخريا، الكاهن المؤمن، والد يوحنان".. وزخريا الكاهن هذا هو حسب الإنجيل، والد يوحنا المعمدان، ومن التحليل الأركيولجي تبين أنها نقشت في القرن الرابع بعد الميلاد، أي بعد 300 سنة من إقامة الضريح، ومضمون الكتابة يدل على أن المكان كان مقدساً للمسيحيين في تلك الفترة، ووضع (فوستر) بذلك تحدياً أمام المؤرخين لتفسير سبب سيطرة اليهود على المكان في القرن الثاني عشر الميلاد، وتحدياً أمام المؤسسة القضائية في الكيان الصهيوني التي سيكون عليها أن تعترف بالبحث وتصادق عليه وتسقط "طنطورة فرعون" من الأماكن المقدسة لدى اليهود.
خاتمة..
بعد هذا، كله، أفلا ينبغي على العرب بشكل عام والفلسطينيين منهم بشكل خاص أن يعطوا علم الآثار الفلسطيني الأهمية القصوى، باعتباره أحد وأبرز ميادين الصراع العربي – الصهيوني؟!

المصادر والمراجع:
1.د. إبراهيم حجازين، علم الآثار الفلسطيني القديم.. الرابط : www.fahmialatout.com
2.المكتشفات الأثرية في القدس.. الرابط: www.quran.com
3.حمد طه، معركة مجدو، مجلة الكرمل، العدد 61، خريف 1991م، ص 242، 245، 246، 247.. الرابط: www.alkarmel.org
4.القدس، مؤسسة فلسطين للثقافة، 2 تشرين الأول ص2007م.. الرابط: www.alquds-online.org
5.www.dalem.net
6.www.balata-albalad.org
7.www.alwatanvoice.com
8.وكالة الأنباء الإسرائيلية/عيتيم، 28 تموز 2003م.
9.حمدان طه، الجنائزية والتمايزات الاجتماعية في فلسطين، مجلة الكرمل، العدد 63، ربيع 2000، الرابط: www.alkramel.org
10.د. أحمد داوود، العرب والساميون والعبرانيون وبنو إسرائيل واليهود، دمشق، ط1، 199م، ص 9 و 10
11.المرجع السابق ص 56 – 57.
12.حسن الباش، إسرائيل واغتيال التاريخ العربي.. الرابط: www.wajeb.org
13.د. إبراهيم حجازين، مرجع سابق.
14.www.freearabi.com
15.مجلة الوسط العدد 603، 18 آب 2003م.
16.المرجع السابق.
17.المرجع السابق.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب   علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب Emptyالجمعة 25 مايو 2018, 10:10 pm

[rtl]صفورية زاخرة بآثار من كل العصور[/rtl]
على تلة مباركة وينابيع غزيرة تتوسط منطقة سهلية بين الناصرة وحيفا، قامت صفورية داخل أراضي ما يعرف بـ48، وتوالت الحياة فيها على امتداد التاريخ حتى دمرتها إسرائيل عام 48 وأقامت على أنقاضها مستوطنة تحمل اسمها مشابها "تسيبوري".

وتمتاز فلسطين عامة بوفرة مكتشفاتها الأثرية النادرة، لكن صفورية داخل أراضي 48 موقع أثري مميز وفريد تروي معالمه تاريخ البلاد على امتداد العصور المتتالية.
فمنذ الحفرية الأولى التي تمت أيدي بعثة أثرية أميركية عام 1931 تتواصل التنقيبات الأثرية في صفورية ومحيطها، حتى اكتشفت موجودات تعود إلى العصرين البرونزي والكنعاني خلال الأسبوع الجاري.
وأكد الباحث الأثري والمسؤول العلمي عن التنقيبات الأثرية محمد خلايلة اكتشاف آثار عمرها سبعة آلاف سنة مؤخرا، وأشار إلى أنه تم العثور على ملامح مدينة عمرها أربعة آلاف سنة من بداية العهد الكنعاني، تمتد على مساحة ثمانين دونما.

العهد الكنعاني
وأوضح أن الموجودات الأثرية تظهر انتقال الإنسان من الأدوات الحجرية (الصوانية) للأواني الفخارية التي ساهمت بتطوره، وبدء ازدهار الناحية العمرانية.
وقال خلايلة "وجدنا تماثيل صغيرة وصحونا، وأدوات، وأدوات زينة، وأدوات دينية خاصة بتقديم القرابين، وغيرها من الآثار التي تدلل على ازدهار الحياة في المكان".
وقد احتل الرومان صفورية عام 63 قبل الميلاد، وما لبثت أن تحولت لمركز إداري للحكم الروماني في الجليل. وبيّن خلايلة أن سر ازدهار المدينة عبر العصور يكمن في وفرة  ينابيعها وآبارها إلى جانب الظهير الزراعي والمراعي وتوفر مساحات الصيد.
وعن تحف الفسيفساء التي يتواصل اكتشافها في صفورية من العصرين الروماني والبيزنطي يؤكد خلايلة أنها "من أجمل الأعمال الفسيفسائية في البلاد والعالم" لاسيما وأن أجزاء كبيرة بقيت على حالها طيلة 1500 عام.
لوحات فسيفسائية
ومن ضمن الاكتشافات، أرضية بيت كبير يعرف بـ "البيت الروماني" مرصوفة بالفسيفساء المزركش من الحقبة الرومانية تزدان برسومات في غاية الدقة والجمال.

وهدم المنزل عام 363 جراء هزة أرضية، ووجد داخل صالة طعام بالمنزل أرضية من الفسيفساء رسومات جميلة تصف الاحتفالات الخاصة بما يعرف آنذاك بإله الخمر ديونيسيوس، وصورة نادرة لامرأة ابتسامتها غامضة.
ولقبت المرأة هذه على يد الباحثين والأثريين بـ "موناليزا الجليل" فهي كالموناليزا الإيطالية ترمقك بنظرتها أينما نظرت لها.
وفي موقع مجاور اكتشفت أعمال فنية من الفسيفساء داخل بيت "عيد النيل". وتصف تلك الأعمال احتفالات وأعياد الناس بارتفاع منسوب نهر النيل وتظهر فيها مدينة الإسكندرية ومنارتها الأسطورية التي كانت إحدى عجائب العالم السبع القديمة.

كما تشمل أرضية فسيفسائية أخرى أشكالا آدمية وحيوانات عادية وأسطورية ونباتات وزوجا من الصيادين، رسمت جميعها بحرفية وجمالية عاليتين.
وتعكس هذه اللوحات الفنية برأي الباحثين، علاقات التعاون بين فلسطين ومصر الفترة البيزنطية، ويرجحون أنها بنيت على يد فنانين من مصر.
وبمحاذاة الشارع المركزي تبدو آثار حوانيت كانت جزءا من السوق، ويمكن ملاحظة آثار عجلات العربات في ألواح حجارة الشارع نتيجة تكرار مرورها مدة طويلة.

مسرح روماني
وتحوي المدينة الأثرية مسرحا رومانيا على غرار مسارح بيسان وقيسارية وجرش يتسع لـ4500 مقعد حجري. ويعتبره الباحثون دليلا على مدى ازدهار المدينة، وعلى مقربة منها آثار كنيسة وحمامات وبقايا بيوت وبرك للاستحمام.

واكتشف إلى جوار الكنيسة قلعة إسلامية مكونة من طابقين تقوم على أسس قلعة صليبية، بناها حاكم الجليل ظاهر العمر الزيداني بالقرن الثامن عشر. وبنيت القلعة بأحجار منحوتة بعضها يحوي نقوشا فنية، أما مدخلها فهو واسع يزينه بناء قوسي.
ويشير الباحث الأثري وليد أطرش للجزيرة نت إلى أن صفورية وقعت بيد المسلمين بعدما فتحها شرحبيل بن حسنة عام 13 هجرية، لافتا إلى أن صفورية لم تحتل مكانة بارزة في التاريخ الإسلامي إلا خلال فترة المماليك حيث شهدت ازدهارا كمركز إستراتيجي على منتصف الطريق بين عكا وطبريا.

وفي الحقبة الصليبية استخدمت صفورية مدينة وقلعة حصينة انطلق الصليبيون منها نحو معركة حطين المجاورة عام 1187 حيث هزمهم صلاح الدين الأيوبي، وحرّر القدس من احتلالهم.
ويقول أطرش إن الحفريات الحالية كشفت عن عدد كبير من حدوات الخيل والأسهم الخارقة للجلد بمنطقة عين صفورية التي انطلق منها الصليبيون نحو حطين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب   علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب Emptyالجمعة 25 مايو 2018, 10:16 pm

[rtl]قصر الباشا.. معلم تاريخي بارز في غزة[/rtl]
يجمع مختصون وباحثو آثار على روعة البناء المعماري لمتحف قصر الباشا في حي الدرج شرق مدينة غزة ولكن حصار غزة يجعل ترميمه غير ممكن.
وأصبح هذا المعلم بمنزلة متحف يحتضن ما وقع بين أيدي الغزيين من آثار يعود بعضها إلى العصور الحديدية والبيزنطية.
ورأت مديرة العلاقات الخارجية في وزارة السياحة والآثار نبيلة مليحة أن قصر الباشا هو النموذج الوحيد المتبقي من القصور في غزة، معتبرة أن أهمية القصر تأتي من كونه يعود إلى العصر الإسلامي المملوكي.
وقد بني القصر في زمن الظاهر بيبرس (1260-1277م)، حيث واستدل على ذلك من شعار الظاهر بيبرس الموجود على مدخله الرئيس، والذي هو عبارة عن أسدين متقابلين.
وذكرت مليحة للقصر أسماء أخرى منها قصر النائب وقصر الرضوان ودار السعادة والدار العظمية والدبوية، وذلك انسجاما مع كل من حكموا المنطقة، وقد استخدم مركزا للشرطة في عهد الانتداب البريطاني بفلسطين، ثم استخدم مدرسة في العهد المصري.
وأشارت مليحة إلى أن القصر رمم عام 2002، ولكن إمكانية ترميمه من جديد لا تتوفر الآن مع استمرار الحصار على غزة، ونبهت إلى إقبال السكان المحليين بصورة كبيرة على هذا القصر، خاصة ممن يهتمون بمشاهدة الآثار.
من جهته أوضح المؤرخ الفلسطيني سليم المبيض أن القصر تعرض لحريق متعمد أواخر ثمانينيات القرن الماضي قام به بعض المستوطنين وتعرض لتدمير جزئي في الحرب الأخيرة.
أما وزير السياحة والآثار محمد الآغا فأكد أن الحصار المضروب على القطاع ألقى بظلاله على عمل الوزارة وقطاع الآثار، نظرا لعدم وجود مواد لترميم بعض القطع الأثرية، إضافة إلى قلة الأدوات التي تستخدم في عملية التنقيب عن الآثار، وتراجع الوفود الخارجية للمساهمة في عمليات التنقيب.
و يتكون القصر من بناءين منفصلين تتزين واجهاتهما وأعتاب مداخلهما بأشكال مختلفة كالأطباق والنجمية والمقرنصات والزخارف النباتية والمحورة والدعامات السائدة، وهي عناصر معمارية لدعم الواجهات، خاصة المرتفعة، بالإضافة إلى العقود التي تزين المداخل وتستخدم فيها الأحجار الجيرية والرخامية الملونة. 
ويتكون الطابق السفلي من القصر فيتكون –حسب المسؤولة الفلسطينية- من ثلاث قاعات رئيسة مسماة بأسماء مدن فلسطينية، قاعة حيفا وقاعة يافا وقاعة القدس، وبها آثار بيزنطية وعملات نقدية وأدوات فخارية، وآثار إسلامية أيوبية ومملوكية وعثمانية، منها أباريق نحاسية.
أما الطابق العلوي فيتكون من قاعتي عكا والرملة، وهو يحتضن آثارا برونزية وكنعانية وحديدية ويونانية ورومانية وبيزنطية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب   علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب Emptyالإثنين 18 فبراير 2019, 10:51 am

القلاع في فلسطين




قلعة القدس (قلعة باب الخليل):

 تقع القلعة على مرتفع صخري في الجهة الغربية من مدينة القدس، وتحديداً على يمين الداخل إليها من باب الخليل. وهي تتموضع فوق أعلى مرتفع في مدينة القدس يمكّن من الإشراف على المدينة والقضاء المحيط بها من أكثر وأخطر الجهات انفتاحاً عليها. 


علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب C1


أنشئت قلعة القدس منذ أيام اليبوسيين الأوائل، إلا أنها هدمت وأعيد إنشاؤها أكثر من مرة عبر تاريخها العريق. ومع إمكانية الإشارة إلى ما تبقى من آثار كنعانية ويونانية ورومانية وبيزنطية، إلا أن القلعة القائمة حالياً جلها قلعة إسلامية، تمكنت من استيعاب هيكلها العام منذ أن جددها هيرودس الأدومي الكبير (4-38) ق.م، والقلعة الأموية الأصغر مساحة من القائمة حالياً، والإضافات التي أضافها الفرنجة بعد احتلالهم القدس في سنة (492 هـ/ 1099 م)، وإصلاحات سلاطين بني أيوب فيها منذ أن نجح صلاح الدين الأيوبي في تحريرها في عام (583 هـ/ 1187 م)؛ وإعادة البناء المملوكية لها، بعد نجاح السلطان الأشرف خليل بن قلاوون بتحرير عكا وطرد الفرنجة من الشرق في عام (691 هـ/ 1291 م)، وظلت قائمة حتى “تلاشت أحوالها… وتشعثت” (حسب وصف مؤرخ القدس (مجير الدين الحنبلي))؛ فأمر السلطان العثماني سليمان القانوني القانوني في سنة (938 هـ/ 1531 م) بترميم مبانيها، كما يفيد نقش التجديد، ونصه: “أمر بترميم الحصنة الشريفة السلطان الأعظم والخاقان المعظم مالك رقاب الأمم، مستخدم أرباب السيف والقلم، خادم الحرمين والبقعة الأقدسية، قدس الله أرواح آبائه المقدسة منبع الأمن والإيمان والأماني، السلطان ابن عثمان سليمان أمد الله بقاءه ما دام القبة على الصخرة في سنة حصل الخير 938 هـ”. وذلك بإشراف محمد بك. 
وكان يحيط بالقلعة خندق من جهاتها الشرقية والغربية والشمالية، يعلوه جسر خشبي متحرك يمكّن من العبور إلى الشارع العام، ومن ربط مدخل القلعة الرئيس بالغرف والقاعات الداخلية فيها.  وقد ظل قائماً منذ أيام السلطان المملوكي الملك الناصر محمد بن قلاوون (709- 741 هـ/ 1309- 1340 م)، حتى ردم جزء منه بمناسبة زيارة إمبراطور ألمانيا (غليوم الثاني) إلى القدس عام (1315 هـ/ 1898م)؛ أما الأجزاء الأخرى فقد ردمت عام 1937م.
والقلعة حصن عظيم البناء تتوفر فيه كافة المرافق التي تلزم وظيفتها في السلم والحرب. تحفل سجلات محكمة القدس الشرعية ووثائق "مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية" بالوثائق التي تمكن الباحث من دراسة دورها في الإشراف على المدينة وإدارتها، حتى أضحت رمزاً لسلطة السلطان العثماني على المدينة؛ بل ورمزاً للعصيان والتمرد عليه، كما في ثورة نقيب الإشراف بين عامي (1114- 1116 هـ/ 1703- 1705 م)، وفتنة عام (1239 هـ/ 1824 م)، والثورة على إبراهيم باشا المصري في عام (1249 هـ/ 1834 م)، واحتلال المدينة وإخضاعها، كما فعل قائد جيش الاحتلال الإنجليزي (الجنرال اللنبي) عندما احتل القدس وأعلن انتهاء الحروب الصليبية؛ كما تمكن الباحث من تحديد مرافقها تحديداً معمارياً دقيقًا، ومن دراسة بنيتها الإدارية والوظائف التي أنيطت بالموظفين. 
فيها خمسة أبراج للمراقبة، أكبرها برج داود الذي يقع في الجهة الشمالية الشرقية منها، وعرف باسم "برج القلعة"؛ وكذلك هناك "برج غزة" الذي يقع على حافة الخندق، ويمتد باتجاه جنوبي شمالي؛ وبرج الكتخدا.  وفي القلعة أيضاً مجموعة من مخازن التموين والعلف والعتاد. ويوجد السجن ملاصقاً للسور في الجهة الغربية منها. 
وفي القلعة أيضاً مصطبة كان يعتليها ضارب طبل أثناء الإعلام بدخول وقت الصلاة (النوبة خانة وضارب النوبة).
وقد أنشأ فيها السلطان المملوكي (الملك الناصر محمد بن قلاوون) في سنة (710هـ/ 1310م) مسجداً للصلاة من أجمل المساجد في القدس خارج الحرم الشريف. 
كما تشتمل القلعة على مساكن قائدها والعساكر المرابطة فيها (الدزدار) ونائبه (الكيخيا) والإمام والواعظ والمؤذن والمقرئ؛ إضافة الى ثكنات الجند وإسطبلات خيولهم.
وبهدف الحفاظ على القلعة وأداء وظيفتها؛ أجرى العثمانيون عدة ترميمات فيها كما في الأعوام (938هـ/ 1531م) و(963هـ/ 1555م) و(1065هـ/ 1654م) و(1144هـ/ 1731م) و(1151هـ/ 1738م). وقد تمركزت فيها قوات الجيش العثماني الرابع وشحنتها بالذخائر الحربية اللازمة للدفاع عن القدس وهويتها العربية الإسلامية.
اهتم البريطانيون بالقلعة، ورمموها، وحولوها إلى مركز ثقافي، وقاعات معارض محلية؛ ما أثار حفيظة المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، الذي تولى الإشراف عليها حتى 1926م.  وبعد زوال الانتداب البريطاني عن فلسطين، آلت قلعة القدس إلى عهدة الجيش العربي الأردني، الذي رابط هناك محاولاً الإفادة من الموقع الإستراتيجي في الدفاع عن عروبة القدس وهويتها؛ فأعاد مسجدها، تحديداً، إلى وظيفته الأصلية.
وفي سنة 1956م أرسل قائد لواء الأميرة عالية كتاباً إلى الأوقاف طالباً إجراء إصلاحات فيها؛ إلا أنّ هذه الجهود أجهضت إثر عدوان عام 1967م الذي كان احتلال مدينة القدس إحدى نتائجه الوخيمة على الأمة؛ فقد أتاح فرصة كبيرة لإجراء الحفريات الواسعة التي تخدم فكرة التهويد وتزوير التاريخ العربي الإسلامي الأصيل للمدينة؛ ولتحقيق ذلك؛ افتتح الاحتلال فيها متحفاً في شهر نيسان (أبريل) 1989م.
المصدر: دائرة شؤون القدس/ منظمة التحرير الفلسطينية.

قلعة برقوق

تقع قلعة برقوق وسط مدينة خانيونس في قطاع غزة، بناها الأمير يونس بن عبد الله النورزي الداودار عام 1387م بناءً على طلب من السلطان برقوق (أحد سلاطين العصر العربي الإسلامي المملوكي ومؤسس دولة المماليك البرجية).

وقد بنيت لتكون بمثابة مركزٍ يتوسط الطريق بين دمشق والقاهرة، يتخذه التجار والمسافرين مكانًا للراحة واللقاء، والتزود بما يلزمهم من حاجيات في تلك الرحلة الطويلة بين أكبر مدينتين في دولة المماليك البرجية حينها؛ بالإضافة للاحتماء من اللصوص وقطّاع الطرق من البدو والأغراب الذين كانوا يعترضون طريق المسافرين في هذه الحقبة.
تبلغ مساحتها نحو ستة عشر دونماً، وتتكون القلعة من طابقين: السفلي مخازن واسطبلات؛ والعلوي حجرات للمبيت. وهي مربعة الشكل، طول كل ضلع فيها 85.5 متر. ويوجد على كل زاوية برج دائري للمراقبة والحراسة. ارتفاع سور القلعة 9 أمتار ونصف المتر، وكان مجهزًا بوسائل دفاعية.  يتوسط القلعة ساحة سماوية تحتوي على بئر مياه ونافورة.
في نهاية العصر المملوكي فقد الطريق التجاري أهميته بين فلسطين ومصر بعد اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، وقام العثمانيون بتحويل القلعة إلى ثكنة عسكرية لحماية إمدادات الجيش التركي.
وشهدت الساحة الأمامية للقلعة أحداثا كبيرة، منها مجزرة عام 1956 التي ارتكبها جنود الاحتلال الإسرائيلي، وراح ضحيتها العشرات من أهالي خان يونس.
والقلعة مهدومة ما عدا القسم الأمامي منه، والذي يحتوي على الواجهة الغربية مع البوابة أو المدخل الرئيسي والمسجد ومئذنته.
المصدر: الجامعة الإسلامية/ كلية الهندسة/مجلة عمران/العدد الخامس

قلعة آل سمحان


تقع قلعة آل سمحان (العلالي) في قرية رأس كركر التي تقع على بعد 12كم إلى الشمال الغربي من مدينة رام الله.  بناها الشيخ إسماعيل السمحان عام 1799م، على مساحة تقدر بــ 4 دونمات،  والقلعة مكونة من طابقين وعلية، تضم 56 غرفة متباينة المساحات.  ويتوسط القلعة ساحة سماوية، وفيها معصرة زيتون حجرية، وآبار للزيت والمياه، ومخازن وإسطبلات.  وللقلعة بـوابـة رئـيـسـيـة من الناحية الشمالية،  ومدخل ومخرج سري (باب السر)، ومن أهم مرافق القلعة "العلية" التي كان يستقبل فيها الشيخ ضيوفه.
المصدر: بهجت سمحان/ رئيس مجلس قروي راس كركر آذار 2017

قلعة الكرنتينا "التحفظخانة"

شيدت قلعة الكرنتينا منذ عام 1848م في العهد العثماني؛ بهدف استخدامها مكانًا حصينًا للحَجْرْ الصحي، وسميت في حينه "تحفظخانة" وهي كلمة تركية تعني الحَجْرْ؛ حيث كان يتم فيها فحص القادمين للمدينة من خارجها، للتأكد من خلوهم من الأمراض المعدية كإجراء وقائي لتفادي انتشار الأمراض المعدية مثل: الطاعون، والكوليرا التي لم يكن يعرف لها علاج بعد؛ فتقتل آلاف البشر؛ وان مات أحد بهذه الأمراض كان  يدفن في المقبرة القريبة خارج الأسوار. وفي وقت لاحق من عهد العثمانيين استخدمت كسجن؛ ثم عادت في عهد الانتداب عيادة صحية، واستمرت على ذلك في العهد الأردني والاحتلال الإسرائيلي، وبقيت على حالها (عيادة طبية) تتبع وزارة الصحة الفلسطينية.
يتكون مبنى الكرنتينا من سور حجري مرتفع مربع الشكل يحتوي بداخله على 18غرفة، أسطحة بعضها مقببة؛ وله بوابة وحيدة  نقش أعلاها  "أنشئت في عهد السلطان العثماني عبد المجيد بن محمود عام 1265 هجري".


قلعة البرقاوي (شوفة)


تقع قلعة البرقاوي الأثرية في قرية شوفة على بعد 3كم جنوب شرق مدينة طولكرم، في منطقة مرتفعة وسط القرية؛ وتعد من أبرز القلاع والمعالم الأثرية التي تحمل عراقة وأصالة التاريخ في المنطقة. وتتربع قلعة البرقاوي على بقعة أثرية يعود تاريخها للفترتين الرومانية والبيزنطية؛ ويوجد فيها سراديب وأنفاق متصلة مع بعضها البعض محفورة في باطن الصخر، تمتد لمسافات بعيدة.
وتتألف قلعة البرقاوي من تسوية سفلية شرقًا فيها عدد من الغرف والمشاغل والمخازن والآبار؛ يعلوها طابقان وساحات مع غرف تزيد على 25 غرفة، معظمها من الحجم الكبير. ويضم المبنى أيضًا مرابط خيل داخل واجهات الحجر، وإيوان، وغرفة للعبيد، ومعصرة زيتون، وأدراج حجرية؛ بها طرقات وشبابيك صغيرة. أسقف القلعة تزينها قباب مختلفة الأحجام.
تنسب هذه القلعة لآل البرقاوي الذين اتخذوا من منها مقرًا لحكمهم ومشيختهم في الفترة العثمانية على مر السنين.  ومن الشخصيات التاريخية التي ورد اسمها في الوثائق الخطية وكانت تقيم في قلعة البرقاوي: الشيخ ناصر البرقاوي، والمتوفى سنة 1186هـ وقبره لا يزال بقرب القلعة من الجهة الجنوبية؛ وابن اخيه (الشيخ خليل)، والشيخ عيسى البرقاوي.
المصدر وزارة السياحة طولكرم/ آذار 2017

قلعة البرقاوي (ذنابة)


تقع قلعة البرقاوي الأثرية على مرتفع وسط قرية ذنابة.
كانت القلعة محاطة بسور يحيط بها (18 دونمًا) ولها بوابة ضخمة.  تحتوي على بيوت حجرية كبيرة، بناها الشيخ عيسى البرّقاوي في القرن التاسع عشر، (حسب نقش كان موجودا على القلعة) بدعم من زوج أخته (الظاهر عمر الزيداني). 
المصدر وزارة السياحة طولكرم/ آذار 2017

قلعة مراد "قلعة البرك"


تقع قلعة مراد على أراضي بلدة أرطاس؛ على بعد 3 كليومترات ونصف جنوب غرب مدينة بيت لحم.
بنى القلعة السلطان العثماني مراد الرابع، الملقب بــ"فاتح بغداد" في عام 1622؛ بهدف حماية أقنية المياه من التخريب أو التدمير، حيث إن هذه الأقنية  كانت توصل ماء الشرب من برك سليمان الثلاث إلى مدينة بيت لحم، ثم إلى مدينة القدس.
 تمركزت في القلعة في ذلك الوقت حامية عسكرية عثمانية، وسيرت دورية على طول الطريق حتى عين العروب، وعيون واد البيار التي تصب ماءها في برك سليمان الثلاث.
تحتوي هذه القلعة على عدد من الغرف لمبيت الجنود، ومسجدٍ للصلاة، وأربعة أبراج على الزوايا الأربع. ويوجد بجانب القلعة من الجهة الجنوبية نبع ماء صغير يسمى "رأس العين".
المصدر: بلدية بيت لحم

قلعة الفريديس "هيروديون"


تقع  قلعة الفريديس على بعد 6 كم جنوب شرق مدينة بيت لحم على طريق التعامرة بيت ساحور.  بناها هيرودوس الكبير ذو الأصول الآدومية عام 22 قبل الميلاد في العهد الروماني؛ لتكون حصنًا آمنًا من أي غزو خارجي.


القلعة مخروطية الشكل، ترتفع عن سطح البحر 758 متراً؛ وعن جوراها بنحو 100 متر.  وتحتوي على أربعة أبراج على أطرافها؛ إضافة إلى قصر، وحمامات، ونظام مائي، وحدائق ذات أروقة معمدة، وأنفاقٍ عميقة في جوف الجبل، توصل إلى آبار، ومستودعات، ومخازن للسلاح، وسجون، وقاعات.
القلعة وما يحيط بها من آثار معلم فلسطيني تاريخي، سيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي في حرب عام 1967م، وأجرى بداخلها عمليات تنقيب واسعة؛ وحولها إلى مزار سياحي، يستغله لتدعيم مزاعمه وتأويلاته حول الوجود اليهودي في فلسطين.

قلعة صانور


تقع في قرية صانور، على بعد 25 كم جنوب مدينة جنين؛ بالقرب من الشارع الرئيسي الواصل إلى مدينة نابلس.
تضم القلعة ثلاثة أبراج، وإسطبلات، والعديد من الآبار والمغارات التي كانت تشكل ملجأ وقت الحصار؛ فيما كانت الآبار التي حفرت يدويًا مصدراً رئيسياً يغذي القرية بالمياه؛ ومن أهم تلك الآبار: بئر "الحارة"، وبئر "متيرك"، وبئر "الجامع".  وتبلغ مساحة القلعة الأثرية 675 متراً مربعاً.
استخدمها أبناء آل جرار بزعامة شيخ جبل نابلس (يوسف الجرار، الملقب بـ "سلطان البر") لأغراض الدفاع عن المنطقة ضد الهجمات الخارجية والداخلية في القرن الثامن عشر؛ حيث تعرضت القلعة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر لهجمات عديدة، أولها من قبل ظاهر العمر أثناء زحفه وقواته إلى مدينة نابلس؛ ولم يفلح حصاره لها، ولم يتمكن من احتلالها؛ كذلك أحمد باشا الجزار، الذي فرض عليها حصارًا في عام 1790م، تكرر مرة أخرى في 1795م؛ إلا أنه لم يتمكن من احتلالها.  وبقيت القلعة بيد آل جرار. وكان عبد الله باشا المصري أول من نجح في اقتحام القلعة سنة 1830 بمساعدة الأمير بشير الشهابي (حاكم لبنان آنذاك).  ولم تستطع قلعة صانور الصمود أمام حملة إبراهيم باشا على فلسطين.
هدمت بعض أبنية القلعة بفعل العوامل الجوية، وبسبب الإهمال؛ وعملت مؤسسة "رواق للتراث المعماري"، بتمويل من وزارة الخارجية الألمانية في عام 2008م، على ترميم القلعة، وإعادتها إلى شكلها السابق.
المصادر:
- كتاب قلعة صانور وتاريخ آل جرار
- وزارة السياحة والآثار/ مكتب جنين 
- سليم ولد علي "مدرس" /صانور 29/3/
2017م
قلعة الخطيب


تقع قلعة الخطيب (علالي عبد القادر) في بلدة بيت اكسا (6 كم إلى الشمال الغربي من مدينة القدس).
شيدها الشيخ عبد القادر الخطيب في العام 1832م الذي كان ملتزم الضرائب للخلافة العثمانية؛ فكانت مقرا لمشيخة آل الخطيب.  وهي قلعة ضخمة واسعة المساحة، مقسمة إلى غرف ومقرات مختلفة: قسم منها للسكن، وقسم للضيافة، ومساحات أخرى للخيول والمواشي وتخزين الحبوب.
المصدر: مجلس قروي بيت اكسا
قلعة سحويل: قلعة آل (سحويل)



تقع  قلعة سحويل في بلدة عبوين (التي تقع إلى الشمال الغربي من مدينة رام الله وتبعد عنها 30كم).
يعود بناء القلعة إلى الفترة العثمانية؛ حيث بناها الشيخ خليل سحويل، وهي مربّعة الشكل تقريباً. تحتوي على بوابات فخمة، ودهاليز، وإيوانات، وآبار زيت، وفناء واسع.  وتبلغ مساحة مبانيها مع الأرض المحيطة بها  ثلاث دونمات.  تم ترميم القلعة جزئيا بدعم من الممثلية الألمانية، بالتعاون مع مركز رواق عام 2006.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
علم الآثار الفلسطيني القديم ميدانا لعلاقات العرب والغرب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  العرب والغرب والإنسان الفلسطيني
»  العرب والغرب و"قنافذ شوبنهاور"
» النكبة بين مكر اليهود والغرب وتخاذل العرب!
» الفلسطيني.. بين العَرب والغرب
»  ماذا يريد العرب والمسلمون من الشعب الفلسطيني؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: قصة قضية فلسطين :: تاريخ فلسطين قديما-
انتقل الى: