منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 حرب تحرير واستقلال الجزائر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70712
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

حرب تحرير واستقلال الجزائر Empty
مُساهمةموضوع: حرب تحرير واستقلال الجزائر   حرب تحرير واستقلال الجزائر Emptyالثلاثاء 11 سبتمبر 2018, 1:57 pm

حرب تحرير واستقلال الجزائر

اندلاع الثورة الجزائرية..العمل العسكري


المعلق: كان يوم الخامس من تموز/ يوليو عام 1830 يوما احتلت فيه فرنسا الجزائر المستقلة رافضة دفع ديونها المتراكمة، تاريخ أعلن بداية مسيرة طويلة، مصادرة أراض وتهجير لبناء مستعمرات فرنسية، موجات مقاومة متعددة امتدت على طول الأراضي الجزائرية، مسيرة دفعت بالشعب الجزائري إلى الشارع للمطالبة باستقلال بلاده عشية الحرب العالمية الثانية، قمع عنيف من قبل الشرطة الفرنسية وانتفاضة متجددة في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1954 يوم اندلاع الثورة الجزائرية.
هواري بو مدين: أنا مناضل ثوري.. فقط، مناضل ثوري!!

أحمد بن بيلا: لا يوجد على الأرض قوة لإيقافنا، لا توجد قوة على الأرض توقف الحركة الثورية التي أعلناها هنا!!

المعلق: لا شيء سيوقف حركتنا الثورة التي بدأناها، هكذا قال يومها أحمد بن بيلا، تلك الثورة التي اندلعت في فجر الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1954 وعبر عنها بيان جبهة التحرير الوطني وكان من أبرز ما جاء فيه "الهدف الاستقلال الوطني، الأهداف الداخلية تجميع وتنظيم جميع الطاقات السليمة لدى الشعب الجزائري لتصفية النظام الاستعماري، الأهداف الخارجية تدويل القضية الجزائرية، وسائل الكفاح انسجام مع المبادئ الثورية واعتبار من الأوضاع الداخلية والخارجية فإننا سنواصل الكفاح بجميع الوسائل حتى تحقيق هدفنا، فتح مفاوضات مع الممثلين المفوضين من طرف الشعب الجزائري على أسس الاعتراف بالسيادة الجزائرية، وحدة لا تتجزأ، أيها الجزائري إننا ندعوك لتبارك هذه الوثيقة وواجب هو أن تنضم لإنقاذ بلدك والعمل على أن نسترجع له حريته، إن جبهة التحرير الوطني هي جبهتك وانتصارها هو انتصارك". دعونا نتابع ما حصل تلك الليلة على الأراضي الجزائرية فلقد شهدت خمس مناطق تحركات منظمة للمقاومة الجزائرية، كلمة السر خالد وعقبة، إذاً شهدت خمس مناطق جزائرية ثلاثين عملية هجومية ضد أهداف فرنسية في مدن وقرى عدة على النحو التالي: المنطقة الأولى الأوراس بقيادة مصطفى بن بوالعيد، المنطقة الثانية الشمال القسنطيني بقيادة ديدوش مراد، المنطقة الثالثة القبائل بقيادة كارين بلقاسم، المنطقة الرابعة الوسط بقيادة رابح بيطاط، والمنطقة الخامسة الغرب الوهراني بقيادة العربي بن مهيدي.

العربي الزبيري/ كاتب ومؤرخ: فالمقاومة في الجزائر المقاومة المسلحة -وأؤكد على ذلك- ظلت متواصلة في أماكن مختلفة صحيح غير منظمة كما ينبغي صحيح غير مدعومة كما ينبغي ولكنها مقاومة، مقاومة مسلحة وكان الهدف منها هو تحرير البلاد أو جزء من البلاد.

بنجامين ستورا/ مؤرخ فرنسي: الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 1954 تاريخ مهم جدا، على مدى فترات طويلة كانت هناك ثورات مقيدة في بعض القرى والمناطق غير أن هذه المرة كان هدف أولئك الذين صنعوا هذا الحدث هو إعطاء انطباع بوجود ثورة منظمة في كل البلاد، كان هذا هو الحدث في الواقع.

المعلق: كيف نظرت فرنسا إلى هذه الثورة وكيف وثقت أحداثها؟ سؤال يجيب عنه في وثيقة سرية تقرير عسكري حول الأوضاع في شمال إفريقيا صادر في التاسع من كانون الأول/ ديسمبر عام 1954 "لا زلنا لا نعرف العدد الفعلي لهم لكن التقييم يتم وفق ما يجري من عمليات على الساحة وبفضل ردود أفعالنا تم حصل المخاطر التي تهدد مجمل أرجاء الجزائر لكن هذا التهديد لم ينته طالما لم نقض نهائيا على الخصوم، كما أن الأعمال الإرهابية لم تتوقف ومن المتوقع أن تتضاعف". يبدو مما جاء في هذا التقرير العسكري أن فرنسا كانت على دراية وافية بأن أحداث تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1954 ليست مجرد تحرك بسيط وأنه من المتوقع أن تتضاعف أعمال المقاومة.

بنجامين ستورا: كان يجب تغيير الواقع واللجوء إلى الكفاح المسلح ولكن هذه الخطوة كانت تحمل المجازفة بإعطاء الأفضلية للعنف وللكفاح المسلح على حساب المبادئ الديمقراطية غير أنه كان الثمن الذي وجب دفعه للتاريخ لأن التاريخ يكتب هذا، التاريخ لا يكتب وفق برامج نظرية كبيرة منجزة بشكل مسبق، التاريخ كان هو عملية التحرر من السيطرة لأنه كان يجب فعلا التحرر منها.

العربي الزبيري: ما دام الاتفاق حاصل حول الجوهر فأصبح من السهل جدا أنك تكون الأجيال التي تشارك في ثورات تندلع ربما لا يقتنع بانطلاقتها الجميع ولكنها تجمع كل الناس في أساسها، ففي ليلة أول نوفمبر 1954 كان بيان أول نوفمبر حوصلة ذكية لأدبيات الحركة الوطنية، جميع أطراف الحركة الوطنية.

المعلق: كتب بيان الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر التاريخ وأصبح بمثابة دستور الثورة ومرجعها الأول، باختصار اتبعت جبهة التحرير ثلاثة خطوط عريضة، تطوير وسائل الكفاح وخصوصا التسلح، تدويل القضية الجزائرية، المفاوضات مع الجانب الفرنسي على أساس السيادة الجزائرية.

بنجامين ستورا: كان الشغل الشاغل هو قضية السلاح، لقد تم الانتقال من حركة سياسية وطنية كانت تتبنى إستراتيجية المفاوضات والمظاهرات والاحتجاجات إلى مرحلة البحث عن الأسلحة والمواجهة العنيفة في السنوات من 1955 وحتى 1960، هنا لا يجب التغاضي عن السياق التاريخي لأنه عندما نقوم بالتأريخ فإنه يجب أن نقوم بوضع الأحداث في سياقها، كان هناك نظام استعماري وكان هناك أيضا ما كان يحدث في تلك الفترة في قارات أخرى بعيدا عن العالم العربي، في أميركا اللاتينية مع الثورة الكوبية التي لجأت إلى الكفاح المسلح في الفترة نفسها، بلد آخر نشير إليه هنا دخل في نظام مواجهات عنيفة هو فييتنام.

المعلق: في مسألة تطوير وسائل الكفاح والتسلح نستند إلى وثيقة من أرشيف الخارجية الفرنسية وهي عبارة عن تقرير شامل بعنوان "حول التدخل المصري في إفريقيا الشمالية" بتاريخ 20 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1956 "اعترضت القوات الفرنسية في شهر كانون الثاني/ يناير عام 1955 قافلة في جنوب قفصة -تونس- محملة بالذخائر ومتوجهة إلى الأوراس وقد أكدت التحقيقات أن مصر مصدر هذه الذخائر وأنها آتية من هيئة رسمية، كما تم تفتيش اليخت المصري آتوس الذي كان قادما من الإسكندرية يقوده جنود مصريون بلباسهم العسكري الرسمي وعلى متنه مائة طن من السلاح ولولا ضبط هذا اليخت لما كنا علمنا بتدفق هذا الكم من السلاح من مصر إلى الثوار".

سيلفي تينو/ مسؤولة الأبحاث في المركز الوطني للبحوث العلمية CNRS: الأسباب التي دفعت الدول إلى مساندة جبهة التحرير الوطني بما في ذلك عسكريا هي في رأيي أسباب سياسية إن لم تكن أيديولوجية، ففي ما يتعلق بعبد الناصر كان الدافع رغبته في بسط سياسة تشمل كل الدول العربية وأن يكون هو زعيم القضية العربية، ومع ذلك لا يمكن تحليل الأمر على أنه نزاع حرب باردة وتلك كانت نظرة فرنسية خاطئة للأمور فالاتحاد السوفياتي لم يدعم بخاصة جبهة التحرير الوطني فالجبهة حصلت على دعم الولايات المتحدة الأميركية وهو الأمر الذي أزعج الفرنسيين، كما أن الصين لعبت دورا بارزا في مساندة جبهة التحرير الوطني.

عثمان السعدي/ سفير سابق ونائب في البرلمان الجزائري: العرب قدموا المال قدموا السلاح للثورة وغنوا لأحداث الثورة الجزائرية، جميلة بوحريد مثلا كانت توجد ثانوية بسوريا اسمها ليسيه جان دارك خرج الطلبة وكسروا تمثال جان دارك ورفعوا لوحة جان دارك ووضعوا مكانها ثانوية أو مدرسة جميل بوحريد، فإذاً العرب تفاعلوا مع الثورة وانفعلوا معها وأيدوها.

المعلق: كيفية الحصول على الأسلحة كانت من أكبر الصعوبات التي واجهت جبهة التحرير الوطنية إذ مارست فرنسا شتى أنواع الضغوطات لصد محاولات التسليح لكن الجبهة تمكنت من الحصول على غنائم المعارض كما أنها نجحت أيضا بجلب الأسلحة برا وبحرا، باختصار تم نقل الأسلحة في المرحلة الأولى من مصر بحرا عبر ليبيا وفي المرحلة الثانية من مصر أيضا عبر ليبيا وتونس والمغرب، وكانت الشحنات التي تصل إلى ليبيا تكمل طريقها إلى تونس لتصل إلى قسنطينة ثم تنقل بواسطة الجمال إلى الأوراس، ومن المغرب كانت الشحنات تصل إلى مناطق وهران والقبائل، هذا ما حصل مع اليخت انتصار واليخت دينا واليخت غود هوب كما تمكن بن بيلا وعبد الكريم بلقاسم من تهريب ألف قطعة سلاح من إسبانيا إلى المغرب.

العربي الزبيري: لكن الفضل يبقى للمصريين أنهم احتضنوا الثورة، كانت الأسلحة تأتي إلى هناك ويغمضون أعينهم رغم المصالح التي كانت تربطهم مع فرنسا وفرنسا كانت تطلب مرات عديدة من الحكومة المصرية أن توقف النشاط الجزائري في القاهرة في مختلف أنحاء مصر.

المعلق: ولكن ومع تزايد العمليات العسكرية لوحدات جيش التحرير وتزويد الثوار بالسلاح عن طريق الحدود الغربية والشرقية وبهدف عزل الثورة عن تونس والمغرب سعت فرنسا إلى غلق الحدود فقامت ببناء خطين من الأسلاك الشائكة المكهربة سميا بخطي موريس وشارل وقد بدأ العمل على بنائهما في آب/ أغسطس من العام 1956، ولم تكتف فرنسا بمحاربة التسليح الجزائري عبر البحر والبر ففي 22 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1956 قام سلاح الجو الفرنسي بعملية قرصنة لإحدى طائرات الخطوط الجوية المغربية المتوجهة من المغرب إلى تونس.

بنجامين ستورا: الطائرة التي كانت تقل أهم زعماء الثورة الجزائرية بوضياف، آيت أحمد، بن بيلا وغيرهم كانت متوجهة من الرباط إلى تونس واعترضها الطيران الفرنسي وهي العملية التي أشاعت الفوضى داخل التيار الوطني الجزائري لأنه كانت هناك حسابات سياسية مهمة.

المعلق: تم اعتقال أحمد بن بيلا، محمد حيدر، محمد بوضياف، حسين آيت أحمد ومصطفى الأشقر وقبعوا جميعهم في السجون الفرنسية حتى توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار في إيفيان يوم 19 آذار/ مارس عام 1962، وكي نفهم ردة الفعل التي أحدثتها عملية القرصنة الجوية هذه نقلب في صفحات الوثيقة التي أرسلها رئيس البعثة الفرنسية الدائمة لدى منظمة الأمم المتحدة إلى وزير الخارجية بينو في 23 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1956 "البيان الصادر عن المجموعة الإفريقية الآسيوية والذي وصف الفعل الفرنسي بأنه عمل استبدادي سيؤدي إلى تعكير إضافي للسلام وإلى زعزعة الأمن في شمال إفريقيا وسيعيق الطريق للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزائر وتحقيق طموحات الشعب الجزائري، إن ردود الفعل الأولية ليست في صالح فرنسا"، إذاً ردود الفعل الأولية ليست في صالح فرنسا ولكن دعونا ننتقل قليلا إلى مصر بعد أسبوع من اختطاف الطائرة الأميركية.

جمال عبد الناصر: قرار من رئيس الجمهورية بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية. باسم الأمة رئيس الجمهورية مادة 1: تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية]

بنجامين ستورا: مساندة الثوار الجزائريين بالنسبة لعبد الناصر هي تعزيز لمكانته بين القوى الغربية، وهذا الأمر كان بطبيعة الحال ضربة موجعة فمنذ اللحظة التي استحوذ فيها على السلطة معه برنامج سياسي لتأميم قناة السويس كان طبيعيا أن يصطدم بمعارضة القوى الموجودة آنذاك والتي كانت تبرز في مقدمة الأحداث وهي عموما القوى الفرنسية والبريطانية وخصوصا البريطانيين الذين احتلوا مصر وكانوا يطمعون في إبقاء سيطرتهم على قناة السويس، لذا كانت الفرصة مناسبة من خلال مساندة الجزائريين لتوجيه ضربة ليس فقط للفرنسيين ولكن للبريطانيين أيضا، هذا ما أدركه الفرنسيون والبريطانيون عندما حاولوا توجيه ضربة توقف عبد الناصر عبر عملية السويس في نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول 1956 أثناء الحرب الجزائرية.

سيلفي تينو: في اعتقادي أن الملفت للنظر لدى السلطات العامة للحكومات الفرنسية هو أنهم لم يتقبلوا وجود حس وطني جزائري ورغبة الجزائريين في الاستقلال، لقد كانوا يرفضون الاعتراف بذلك، بالنسبة لهم فإن حركة الجزائريين كان يتم التحكم بها من الخارج لأنهم كانوا يرفضون رؤية ما يحدث أساسا في داخل الجزائر، إذاً دعم عملية السويس كان الهدف منها إضعاف عبد الناصر والتخلص منه وفي اعتقادهم أن ذلك كان سيؤدي ربما إلى إنهاء الحركة الجزائرية.

المعلق: من أجل توضيح الأسباب التي تقف وراء توتر العلاقات بين مصر وفرنسا في تلك الآونة نتوقف مجددا عند وثيقة حول التدخل المصري في إفريقيا الشمالية وهي بتاريخ 20 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1956 "إن تدريب الجيش المصري للمتمردين توقف في نهاية نيسان/ أبريل وعاد في منتصف شهر أيلول/ سبتمبر عام 1955 مع الإشارة إلى ارتفاع عدد الجزائريين في مجال التدريب من مائة في شهر شباط/ فبراير عام 1956 إلى 170 في بداية شهر آب/ أغسطس حتى وصلت أعدادهم إلى مائتين في شهر تشرين الأول/ أكتوبر".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70712
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

حرب تحرير واستقلال الجزائر Empty
مُساهمةموضوع: رد: حرب تحرير واستقلال الجزائر   حرب تحرير واستقلال الجزائر Emptyالثلاثاء 11 سبتمبر 2018, 1:57 pm

منظمة التحرير الوطني.. العمل الشعبي والإعلامي

المعلق: شهدت سنة 1956 تطورات كثيرة منها مؤتمر الصومام، ففي 20 آب/ أغسطس اجتمع مسؤولون سياسيون في قيادة الثورة بغية تنظيم صفوف جبهة التحرير وتقييم الأوضاع بعد عامين من اندلاع الثورة.

العربي الزبيري: كان مؤتمر الصومام محطة حاسمة في تاريخ الثورة الجزائرية إذ استطاع أن يوحد القيادة لأن الثورة عندما بدأت بدأت بقيادة جماعية، فكل قائد في منطقة كان مسؤولا على منطقته يعني قادتها ويعين حتى التعيينات الرتب لم تكن موحدة، فجاء مؤتمر وادي الصومام فوحد القيادة، خرج بلجنة التنسيق والتنفيذ هي القيادة العليا والمجلس الوطني للثورة الجزائرية هو القيادة السياسية الأعلى للمجلس الوطني للثورة الجزائرية ثم وحد الرتب العسكرية وهذا تقسيم المناطق، تقسيم الجزائر جغرافيا واستبدل بعض التسميات مثل المنطقة أصبحت ولاية والولاية انقسمت فيما بعد إلى مناطق ثم المناطق إلى نواح والنواحي قسمت إلى غير ذلك.

المعلق: ثبت مؤتمر الصومام الخطوط العريضة لبيان إعلان الثورة عشية اندلاعها وأطلق ما أصبح يعرف بمعركة الجزائر التي تشمل كل عمليات الثورة منذ المؤتمر حتى أيلول/ سبتمبر عام 1957.

بنجامين ستورا: معركة الجزائر حدث مهم جدا لأن جبهة التحرير الوطني وفي أعقاب قرارات مؤتمر الصومام في 20 أغسطس/ آب 1956 قررت نقل الحرب إلى المدن وتحديدا إلى العاصمة الجزائر، لقد كانت المواجهة قاسية مع الدولة الفرنسية لأن المكان هو العاصمة وهذا أمر له دلالته الكبيرة فكان يجب خوض المعركة وإلا خسارتها.

سيلفي تينو: لقد تم تصوير معركة الجزائر بشكل سيء لأن فكرة أي معركة مرتبطة دائما بصورة جبهة وجيش وهذا لم يكن في الواقع ما حدث، الحرب في المدن لم تتم على شكل شبكة منظمة وإنما على شكل عدد من العمليات الإرهابية ومما كان مميزا جدا والذي شكل لحظة مهمة حتى في التاريخ العام للنزاعات هو أنه في هذا التوقيت بالذات تم إعطاء الجيش الفرنسي مهمة رجال الشرطة بمعنى إلقاء القبض على الناس واستجوابهم بهدف تفكيك شبكات إرهابية وهذا كرس لنوع من الحروب ما زلنا نشهدها اليوم ونتحدث عنها كثيرا.

بنجامين ستورا/ شارك في حرب تحرير الجزائر: صحيح أن عمري حينها كان 19 سنة ولكنني كنت مع المجموعة التي كانت تنشط في الجزائر العاصمة مع سعدي وعلي لابوانت وكذلك دباح الشريف المدعو مراد، كان لدينا مسؤولون نعرف عن أنفسنا لديهم، فعندما تعرضت لعمليات التعذيب كان بن مهيدي على بعد مائتي متر، لم يكن بعيدا، وفي المنزل نفسه كان هناك يوسف سعدي وعلي لابوانت، إذاً كان هناك هيكلة تنظيمية وملامح شخصية جزائرية طور التكوين، هذا الأمر كان الجميع يشعر به وإلا لما استطعنا أن نجند أنفسنا ونقوم بالإضراب بذلك الشكل وتلك الحماسة.

بنجامين ستورا: الجيش الفرنسي دخل أيضا هذه الحرب بطريقة عنيفة جدا ومتطرفة ضد جبهة التحرير الوطني في منطقتها التي كان يشرف عليها يوسف سعدي آنذاك، ويمكننا القول بأن المعركة التي استمرت منذ يناير/ كانون الثاني 1957 إلى سبتمبر/ أيلول 1957 كانت حربا مروعة بسبب التعذيب الجماعي الذي شهدته تلك الفترة وليس فقط عمليات التعذيب الجماعية ولكن أيضا عمليات الاختطاف والإعدام خارج مظلة القضاء، لأن الآلاف من الجزائريين اختطفوا ولم يعثر لهم على أثر.

جاك فرجيس/ محامي فرنسي: لقد وصلت إلى الجزائر إبان معركة الجزائر كان قد تم إلقاء القبض على كل المحاميين الجزائريين أو ما كان يطلق عليهم المحامون المسلمون، وكان يدافع عن سجناء جبهة التحرير محامو اليسار الفرنسي وهؤلاء المحامون كانوا يحاولون الدخول في حوار مع القضاة العسكريين، أما نحن فكنا نرى أن هذا الدفاع لم يكن سوى فخ لأن القيم عند القضاة كانت مختلفة عن القيم لدى المتهمين، ونحن لم نكن نستطيع تغيير القضاة فلقد كانوا ما كانوا عليه، ما كنا نستطيع القيام به هو تعبئة الرأي العام ومنع السلطة السياسية من تنفيذ قرارها ألا وهو الحكم بالإعدام لأن النظام السياسي كان حساسا تجاه الرأي العام وهو الأمر الذي أوحى بما يسمى دفاع فصل، نحن كنا نقول إن الحوار غير ممكن، وبرغم كل الخطب التي ألقيت إلا أن القرار بقي واحدا يجب وقف عقوبة الإعدام بتعبئة الرأي العام حول المحاكمة، وقد كانت تلك هي الإستراتيجية التي اقترحنا اتباعها، خلال المحاكمة لم نكن نتحاور مع القضاة وكنا نعتبرهم أعداء وأحيانا كنا نستفزهم حتى يرتكبوا أخطاء، وهكذا عبر فضيحة المحاكمة والأحداث التي شهدتها تم جذب انتباه الرأي العام للمحاكمة.

المعلق: استطاعت معركة الجزائر نقل الاشتباكات إلى قلب العاصمة أمام سمع وبصر الصحافة العالمية والبعثات الدولية، هنا نتوقف عند وثيقة، الرسالة تبرز الرأي العام الأميركي حينها وقد بعثها السفير الفرنسي في واشنطن كوف ديمرفيل إلى وزير خارجيته في 27 نيسان/ أبريل عام 1956 "مسرحية بثلاثة فصول، هكذا يصف الرأي العام الأميركي الأزمة في شمال إفريقيا، إن الأعين تتوجه كلها إلى الجزائر فالصحفيين والمعلقين يدركون أن هناك وضعا خاصا في الجزائر وهناك جهودا مبذولة للولايات المتحدة من أجل توضيح المعطيات الحقيقية الخاصة بالقضية الجزائرية، إن معظم الجهات الإعلامية تنقل مسار العمليات الفرنسية في الجزائر ونستنتج منها أن فرنسا ما زالت بعيدة عن السيطرة على زمام الأمور".

سيلفي تينو: لماذا هذا القرار من قبل جبهة التحرير الوطني؟ الفكرة كانت في البداية في يناير/ كانون الثاني 1957 هي التحضير لدورة جديدة من دورات الأمم المتحدة ونقطة البداية كانت الدعوة إلى الإضراب العام الذي نادت إليه جبهة التحرير الوطني لتثبت شرعيتها وأنها تمثل حقا الجزائريين ولذا فهي تدعو إلى الإضراب العام، ولتفادي هذا الإضراب قام محافظ الجزائر بنقل بعض مهام سلطته إلى الجنرال ماسو الذي كان مسؤولا عن الفوج العاشر للمظليين وهنا قام العسكريون بأداء مهام رجال الشرطة وبدؤوا بإجراءات قمعية وسياسة اعتقالات جماعية وعمليات استنطاق المواطنين وجمع المعلومات وهو الأمر الذي أدى إلى إشاعة عمليات العذيب وتوسعها.

فوكس بوبس/ شاهد عيان على حرب تحرير الجزائر: لقد كان الناس خائفين فعلا، لماذا؟ لأن القصبة كانت معقل الثورة الجزائرية، لقد تم تطويق كل القصبة من قبل العساكر الفرنسيين ولذا كان على الناس أن يمروا عبر ثلاثة حواجز أو أربعة كي يخرجوا من القصبة لقضاء حوائجهم وزيارة أقاربهم، لقد عانى سكان هذه القصبة من هذا الوضع طويلا، لقد كان الخوف من الخروج مسيطرا على الجميع.

عمرو عبد القادر: منذ اليوم الأول من الإضراب دخلنا في صراع مع الجيش، فمن جانبه حاول الجيش وضع المواطنين تحت السيطرة وجرهم إلى فتح المحال وبيع البضائع في الأسواق وإعادتهم إلى عملهم، لقد استعمل جيش الاستعمار والمظليون القبضة الحديدة في الجزائر العاصمة، في الوقت ذاته كنا نحن نحاول تشجيع المواطنين عبر منشورات نؤكد فيه أن الإضراب قد نجح، أما القمع فقد بدأ مع عمليات التوقيف ضد المواطنين الجزائريين والتي كان يقوم بها الجيش الفرنسي الذي كان يملك زمام السلطة على الجزائر العاصمة وهنا ظهر من جانب بعض الضعف لأن الجميع آنذاك أصبحوا عناصر في جبهة التحرير الوطني، لقد كانوا حقا منتمين إلى الجبهة وكانوا يشاركون كل بطريقته سواء بالمال أو بالنشاط السياسي وهذا ما أدركه الجيش الفرنسي.

فوكس بوبس: خلال هذا الإضراب كان العسكر الفرنسيون يقتحمون البيوت بحثا عن الرجال الذين كانت لهم اهتمامات سياسية، ما زلت أتذكر دائما صور تلك الأحداث، لقد جاؤوا يومها وسألوا عن أخي الذي كان حينها في الـ 18 أو الـ 19 من عمره  ونحن لم نكن نعلم أنه منخرط في العمل السياسي، الصورة الأخرى التي انطبعت في ذاكرتي أيضا هي عندما كانت المحال مغلقة لمدة ثمانية أيام والعسكر الفرنسيون يقتحمون البيوت بحثا عن أصحاب المحال والبقالات ويدفعونهم إلى إعادة فتحها بالقوة بهدف وقف الإضراب، إنها صورة عالقة بالذاكرة.

المعلق: شهدت الولايات الأولى معركة جبل أرقو في تموز/ يوليو عام 1956، شهدت الولايات الثانية معركة واد بوكركر في أيلول/ سبتمبر عام 1956، شهدت الولاية الثالثة معركة قرية ملوزة في أيام مايو عام 1957، شهدت الولايات الرابعة معركة جبل باب البكوش التي دامت ثلاثة أيام وانتهت بانتصار الثوار، شهدت الولاية الخامسة معركة جبل عمور تشرين الأول/ أكتوبر عام 1956. حاربت فرنسا التسلح الجزائري الآتي من مختلف الأصقاع كما قامت بقصف عشوائي لمناطق تهريب السلاح وتدريب الثوار تماما كما حصل في قصف قرية سيدي يوسف الواقعة على الحدود الجزائرية التونسية في 8 شباط/ فبراير عام 1958 قصف أودى بحياة 79 مدنيا بينهم 11 امرأة وعشرون طفلا وجرح أكثر من 130 شخصا ودمر مرافق القرية تدميرا كاملا، هذه المجزرة تعتبر من أحد أهم الأحداث التي أثارت حفيظة الرأي العام العالمي ضد الجيش الفرنسي وغيرت في نظرته إلى مسألة الجزائر.

بنجامين ستورا: خلال عام 1958 كان من الصعب تخطي خط موريس والحصول على الأسلحة، لقد كان الهدف أساسا هو قطع الإمدادات عن المقاومة في الداخل وهو ما أشعل نار حرب جديدة أخذت تحولا سياسيا بشكل كبير، إنها مفارقة ساخرة للتاريخ تلك التي جعلت الجيش المتمركز خارج الحدود الجزائرية يتعاظم شيئا فشيئا من حيث تسليحه وثقله السياسي في داخل الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، في حين ومن الناحية الحربية كانت المقاومة في الداخل تحتضر، تجد صعوبة في مواجهة الجيش الفرنسي، إنها مفارقة تاريخية.

المعلق: لكن ورغم ذلك وبعد خمسة أعوام من اندلاع الثورة الجزائرية وفي مذكرة الإدارة العامة للشؤون السياسية الفرنسية في 9 شباط/ فبراير عام 1959 نكتشف أن جبهة التحرير الوطنية استطاعت أن تكمل ولو بشكل محدود عملية التسلح حتى آخر أيام الثورة "يستمر تدفق الأسلحة إلى جبهة التحرير الوطنية عبر ليبيا تونس المغرب مصر روسيا يوغسلافيا الصين إيطاليا وألمانيا الغربية عبر التهريب".

جاك فرجيس: لقد بدا واضحا أن النظام كان عاجزا أمام توسع الثورة في الجزائر فيما كانت المحاكمات تنذر بهزيمة النظام بسبب تعبئة الرأي العام الذي كان يفضح ممارسات النظام، قرر النظام تصفية المحامين، لقد كان رئيس الوزراء السيد ميشيل دوبريه هو الذي أمر بقتل المحامي أمقران ولد أوديه لو أنه قام بتجاوزات أو خروقات قانونية لتم عرضه على المجلس القضائي وحكم عليه بالسجن، لكنه لم يفعل، لقد قتل بسبب خطابه الذي ألقاه، لقد قتلوه بطريقة سرية كما يفعل قطاع الطرق واللصوص، المحامي علي بن منجل ألقي القبض عليه وعذب وألقي به من الطابق السادس من أحد المنازل وأشيع أنه انتحر، لكن الجنرال أوساريس الذي قام بتعذيبه اعترف في كتاب له أنه لم ينتحر بل ألقي من النافذة، لقد كان هناك العشرات من المحامين الذين سقطوا إبان حرب الجزائر، لكن عندما أمعن التفكير في العراق خلال محاكمة صدام حسين ثلاثة محامين لقوا مصرعهم والظروف متماثلة جدا.

بنجامين ستورا: حدث إضعاف للقيم المعنوية في الجمهورية الفرنسية بسبب حرب الجزائر، كان هناك انقسام عميق في المجتمع السياسي وبدا واضحا أن هناك أزمة معنوية في فرنسا، صحيح أن هناك انتصارا عسكريا ولكن بالمقابل هناك أزمة معنوية في فرنسا، بالنسبة للجزائر كان الأمر مماثلا ففي الظاهر الانتصار فرنسي لكنه ترك آثارا في المجتمع الجزائري بشكل دائم، قضايا التعذيب والمفقودين وهي قضايا مهمة جدا لدى المجتمع الجزائري، غير أن هذا المجتمع استعاد الشارع بعد ثلاث سنوات وذلك من خلال مظاهرات ديسمبر/ كانون الأول 1960 وهذا يعني أن النصر كان مؤقتا.

سيلفي تينو: كانت هناك مقالات نشرت عبر الجرائد كشفت عن عمليات التعذيب منذ بدايات الحرب ومنذ نوفمبر/ تشرين الثاني 1954 تم الكشف عن عمليات التعذيب في الجزائر، فقط لأن عمليات التعذيب كانت منتهجة حتى قبل الحرب من قبل عناصر الشرطة وأنه في أوساط اليساريين الجميع كان يعلم أن عمليات التعذيب ممارسة في الجزائر وتم كشفها في نوفمبر/ تشرين الثاني 1954 كما حدث ذلك من قبل، غير أنه في خريف 1957 حين كانت معركة الجزائر في أوجها انكشفت فضيحة عمليات التعذيب حيث اهتمت الصحافة بفضح عمليات التعذيب وتقديم براهين عن ذلك مما أجبر الحكومة على إعطاء أجوبة من خلال تشكيل هذه اللجنة، هذه اللجنة لم تكن تملك السلطة لوقف عمليات التعذيب غير أن هذه المرحلة كانت مهمة جدا لتوعية الرأي العام الفرنسي بهذه الحرب. ما كان مهما بالنسبة إلى جبهة التحرير الوطنية هو عملية استقرار هيئتها القيادية في الخارج على نحو دائم، فالعمليات العسكرية والقمعية التي انتهجتها سلطات الاحتلال أجبرت الجبهة على تغيير قيادييها بين الفينة والأخرى حتى لا تعرفهم السلطات الفرنسية ومن ثم تلقي القبض عليهم وتزج بهم في السجون أو تخضعهم لجلسات اعتراف، وفي اعتقادي أن نظام القمع الفرنسي كان له دور رئيسي في عدم وجود هيكلة ثابتة لجبهة التحرير الوطنية التي كان قياديوها يسافرون إلى الخارج ويستقرون خارج الجزائر من أجل حماية أنفسهم.

المعلق: ومع اشتداد حدة المعارك وتعدد الأطراف التي دعمت تسليح الثورة الجزائرية بدأت عملية طرح القضية الجزائرية في المحافل الدولية، هكذا تكون جبهة التحرير الوطنية قد اقتربت من تحقيق ثاني خطوطها العريضة الواردة في بيان الثورة عام 1954، تدويل القضية الجزائرية ووصول شارل ديغول إلى سدة الرئاسة الفرنسية بعد تفاقم الأوضاع في الجزائر هو ما سنتابعه معا عبر أرشيف الدول الغربية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70712
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

حرب تحرير واستقلال الجزائر Empty
مُساهمةموضوع: رد: حرب تحرير واستقلال الجزائر   حرب تحرير واستقلال الجزائر Emptyالثلاثاء 11 سبتمبر 2018, 2:00 pm

ملف حرب تحرير واستقلال الجزائر ج2 - YouTube




حرب تحرير واستقلال الجزائر ج.3 _ الجزيرة الوثائقية 

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70712
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

حرب تحرير واستقلال الجزائر Empty
مُساهمةموضوع: رد: حرب تحرير واستقلال الجزائر   حرب تحرير واستقلال الجزائر Emptyالخميس 02 ديسمبر 2021, 2:16 pm

الماضي الاستعماري الفرنسي للجزائر عقدة ومعضلة باريس


إن إحدى أوجه مظاهر عقدة ومعضلة فرنسا تجاه الجزائر ، هي أن السيد ماكرون لا يزال أسير سرديات وأدبيات بالية . فهو يتعامل معها ، بتعال زائف كتعامل السيد الاقطاعي المتعجرف مع أقنانه ، أو تعامل الأستاذ مع تلاميذه . والوصي مع القاصرين ، وتشاركه في هذا النهج فرنسا الرسمية وبعض نخبها . إن السيد ماكرون ليشعر بالمرارة لأن الجزائر ، لم تعد الحديقة الخلفية لفرنسا أو ضمن مجالها الحيوي . والرجل لم يستوعب ولا هو متقبل ، فكرة أن الجزائر لم تعد أداة من أدوات باريس . تستغلها وتوظفها لتنفيذ أجندها في إفريقيا والعالم ، كما أن يستحيل عليه أن يتقبل أن الجزائر ، انعتقت من أغلالها ولم تعد تأتمر بأوامر الإيليزيه.
ولهذا كثيرا ما نراه يفقد توازنه ، ويدلي بتصريحات متهورة ، لا يقدر عواقبها . فالرجل لا يحلوا له الكلام ، إلا في أمرين . نفي صفة الوجود عن الدولة الجزائرية ، قبل اعتداء 1830 ، أو عن الاستعمار التركي للجزائر . كأن هناك نية مسبقة لإحداث فتنة أو شرخ بين البلدين ، أو على الأقل التشويش على العلاقة بينهما . أو هو يريد ضرب العلاقات الجزائرية التركية ، المتجذرة في أعماق التاريخ . أو كأنه يظن بأن له ، في الجزائر طابور خامس. وما أن يدلي بتلك التصريحات ، حتي يتلقفها أتباعه ، ويحدث زلزال في الجزائر . إنها معضلة الأنا المتضخم ، التي تقود صاحبها لا محالة إلى الهاوية .
أمّا فيما يخص عراقة وأصالة الدولة الجزائرية، فالموضوع حسمه المؤرخون. الذين بينوا بالدليل القاطع ، بأن فرنسا هي الطارئة على التاريخ . وعلى الرغم من كل هذا فساسة باريس لا يزالون يجترون ، مقالة رئيسهم فاليري جيسكار ديستان ”فرنسا التاريخية تمد يدها للجزائر الفتية ”.
إن السيد ماكرون وفرنسا الرسمية ، لا يفهمان كيفية إدارة العلاقات بين الدول ، إلا في إطار الاستعمار وسياسة الإبادة الجماعية والأرض المحروقة . وزعمهم الزائف بأنهم وحدهم مصدر النور والأنوار ، وما دونهم جهل وظلمات يتوجب عليهم تبديدهما . وهذه هي العقيدة ، التي تدور في فلكها فرنسا وساستها ، فهي لا تمتلك سواها . فأهداف عدوانها على الجزائر في 1830 ، لم تكن سوى إبادة الجزائريين إبادة شاملة . فهي لم يكن لها ما تقدمه غير هذا ، ولا مشروعها كان حاملا أو مبشرا بغير ما سبق ذكره . هذا هو ميراثها وهذه هي عقيدتها ، التي ورثتها عن شارل الخامس . ذلك الامبراطور الاسباني ، الذي قالها صراحة في العام 1541 ، تاريخ حملته الفاشلة على مدينة الجزائر . فالرجل كان صريحا ولم يجامل أو يختبأ وراء كلام مرسل . كادعاء نشر الحضارة أو غير هذا من الزيوف كما فعلت هي ، في ذلك البيان الذي وجهته ، إلى الجزائيين عشية حملة دي برمون ، التي كللت بسقوط مدينة الجزائر. نعم لقد قالها صراحة ، إنه أت لإبادة العرق الجزائري. وهذه العقيدة هو بدوره ورثها ، عن الحروب الصليبية ومنظريها . فكلهم يحلبون في إناء واحد ، ثم يشربون منه ، والسابق منهم يدفعه للاحق عليه.
وهذه العقيدة الدموية لا ترفع سوى شعار روما القديمة ، ويل للمنهزمين ، ثم شعار محاكم التفتيش ” كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّار” . وجميعهم كروما القديمة ، لا تترك خلفها سوى أرض محروقة وإبادة جماعية . ولئن كانت روما القديمة تسقي الوطنيين الشرفاء الرصاص الذائب أو تقتلهم صبرا كما فعلت مع يوغرطا . فإن محاكم التفتيش تقضي عليهم حرقا ، وما لهم عند فرنسا الاستعمارية سوى قطع الرؤوس ونقلها إلى باريس ، لعرضها هناك اختفاء بالقتلة والمجرمين . نعم إنهم الحراس الأوفياء ، لشعار روما القديم ويل للمنهزمين . فما هم في نظرها سوى برابرة متوحشين ، لا يستحقون سوى الموت . وهذا ما انتهجته فرنسا طوال فترة احتلالها للجزائر ، فالعربي ( الجزائري ) الجيد في نظرها ، ليس إلا العربي الميت . وهذه هي العقيدة التي لا تزال تحتكم إليها فرنسا الرسمية ، عقيدة تجعلها متعطشة لسفك الدماء . وفضح هذا المنحى تورطها المباشر ، في إبادة التوتسي برواندا.
هذه هي فرنسا الرسمية ، إنها تعاني من عقدة التفوق الزائف ، إنها مريضة بداء التعالي الأجوف . فهي الشعب المختار ، وغيرها مجرد جموع من الأغيار . هي وحدها المتحضرة والمستأمنة على الحضارة ، وغيرها برابرة أشرار لا همّ لهم سوى تدمير المنجز الحضاري الانساني . هي وحدها الدولة والأمة ، وغيرها حثالة وقطعان من الأوباش ، وتجمعات للمتوحشين . وعليها تقع مسؤولية إيصالها إلى مرحلة الأمة والدولة ، وادخالها طور الحضارة والمدنية . إنها لا تفهم ولا تعي ولا تريد ولا تستطيع تقبل ، فكرة أن الزمن تحرك ولم نعد في القرن التاسع عشر . عصر الثورة الصناعية الذي منحها فلتة ، مكنتها من صولة جائرة في قارتي إفريقيا وآسيا . ولذلك فهي عاجزة عن إقامة ، علاقات ندية مع باقي أمم وشعوب العالم . إنها وفية لعقيدة الاستعباد والاستغلال ، ولا تستطيع أن تبني علاقة شراكة تقوم على الندية لصالح الجميع . إنها تعاني من إعاقة أيديولوجية ، تجعلها متشبثة بالماضي الاستعماري ومشدودة إليه ، مما جعلها عاجزة عن تحقيق أو الانخراط فيما سبق ذكره .
ولذلك فهي لا تستطيع أن ترى ، العلاقة الجزائرية العثمانية سوى بعينها المصابة بداء عمى الألوان . فهي لا تراها علاقة شراكة وهكذا كان واقع الحال ، وإنما تراها ضمن دائرة مفاهيمها أي الغزو والاحتلال والتقتيل والإبادة . وهذا هو تاريخها في الجزائر ، ويستحيل عليها رؤية الجزائر في غير هذا النسق والاطار . ولو أن الفرصة تتاح لها مجددا ، لأعادت في الجزائر مرة أخرى ، ما فعلته خلال ليلها الاستعماري . فذاك ما بنى لها مجدها الذي تعتز به ، وما بنى لها مفاخرها التي تجدد لها عهد وقسم الولاء .
ونحن لا نعلم لما لا يحلو للسيد ماكرون ، سوى الحديث عن التواجد العثماني في الجزائر . وما دخله هو في الأمر ، ومن فوضه للحديث باسم الجزائر . ونحن جميعا نعلم بأنه ، من الناحية الأخلاقية ، فتاريخ فرنسا لا يسمح لها أو يؤهلها أو يعطيها شرعية . لكي تعطي دروسا للآخرين ، أو أن تحاضر عن العدالة والمظلومين والانسانية . ولا أن تعطي دروسا للظلمة والسفاحين ، لأن تاريخها بالأمس واليوم ، وماضيها القريب والبعيد يشهدان ضدها .
وكيف نقبل أن تعطينا دروسا في حقوق الانسان ، وهي من أعلنتها صراحة على لسان مفكريها وساستها . من أن الديموقراطية وحقوق الانسان ، لم تخلق للأعراق المنحطة ؟ . فنحن لا نرتقي حسبها حتى إلى مرتبة البشر ، فكيف إذن ستعاملنا بندية ؟ . هذه هي حقيقة فرنسا ، فهي وطوال 132 سنة لم تقبل من الجزائريين إلا أن يذوبوا في بوتقتها وهويتها . وأن يروا العالم بعيونها ، عندها فقط كانوا سيصبحون في نظرها مواطنين صالحين . أمّا خطابات المناسبات والعلاقات العامة بعد استقلال الجزائر ، فهي مجرد مساحيق ، لتمرير أجندتها الوفية لماضيها الاستعماري في بلادنا . وهي تعلم جيدا بأنها ، ومن دون ذلك الماضي الاستعماري فهي لا شيء . فإذا ما نحن جرّدناها منه ، والذي تسميه زورا مفاخرا وانجازات حضارية وامجادا قومية ، فلن يبقى لها شيئ تفاخر به . ولذلك نراها متعصبة لفكرة تمجيد الاستعمار ، هذا الذي هي من دونه لا مكان لها ، بين ثنايا صفحات التاريخ . فهو ميراثها وعزها وفخرها . ومن يطالبها بالاعتذار عنه ( ماضيها الاستعماري ) ، كمن يطلب منها التنكر لثورتها لكبرى ، ولذلك فهو  ( الاعتذار ) يساوى الاندثار وتجريدها مما يرمز إلى عظمتها ومجدها .
فرنسا الرسمية إنها في ورطة حقيقية ، فلقد سمّمت ، بتلك التصريحات اللامسؤولة علاقاتها مع الجزائر . التي نالت الحصة الكبرى ، من ويلات الحقبة الاستعمارية . وهنا نجد التصادم في المواقف ، إلى حدّ التنافر . فمن جهة فرنسا أصدرت مرسوما ، تمجد فيه استعمارها للجزائر . لكونها ترى فيه درة انجازاتها ، وملحمتها الخالدة . ومتى جرّدناها من تاريخها الاستعماري ، فلن يبقي لها ما تباهي أو تزايد به على غيرها .
وفي المقابل نجد الجزائر وهي محقة ، لا ترى أية إيجابية في فترة الاحتلال الفرنسي الغاصب لأرضها . ثم جاء موضوع الحركى ، هذا الذي توظفه باريس بصورة مستفزة . لينسف أية جهود ، ترمى لتسوية موضوع الذاكرة وتفكيك ألغامها . وفرنسا تتجاهل بصلافة ، وجهة النظر الجزائرية . ولا تريد أن تستوعب بأن الجزائر من المستحيل أن تساوم ، أو تتفاوض أو تتنازل فيما يخص موضوع الذاكرة . وباريس من جهتها في الوقت الراهن على الأقل ، لا تستطيع أن تقدّم اعتذارا رسميا للجزائر . فهذا بمثابة لف للحبل حول رقبتها ، وانتحار لأي رجل سياسة أو دولة أو حكومة ، يقدم على مثل هذه الخطوة . خاصة وأن موقف الجزائر لهو الأقوى ، وهي ليست بحاجة لتبريره أو الدفاع عنه . على عكس موقف باريس المتداعي ، ولولا قوتها الاقتصادية النسبية ، ودعم حلفائها ، ممن يشتركون معها في خطيئة الاستعمار . لكانت هي من تستجدي الجزائر ، لتقبل اعتذارها عن حقبة استعمارها لأراضيها .
والشيء الملاحظ أن باريس وساستها ، يهربون دوما إلى الأمام بغية التسويف والمصادرة عن المطلوب . فلا هَمَّ لها ولهم ، سوى التسوية بين الوجود العثماني في الجزائر ، واستعمارهم المزعوم لها . فالسيد ماكرون يحاول جاهدا أن يغالط بشأن الوجود لعثماني بالجزائر ، فيطلق عليه زورا تسمية الاستعمار المنسي . وبهذا يكون حسب ما يدعيه العام 1518 بداية الاستعمار التركي للجزائر ، وهي مغالطة كبرى . فما حدث وكما نعلم جميعا ، لم يكن إلا استنجادا بالدولة العثمانية لا بالدولة التركية . أمّا العام 1830 فيصبح عنده وعند من يلف لفه عام وصول الفرنسيين إلى الجزائر . والفرق شاسع بين عبارة ، الاحتلال التركي ووصول الفرنسيين . وهي محاولة بائسة من قبل ، صناع القرار في باريس لتلميع صورة احتلالهم للجزائر . وخلق وعي مزيف ، وذاكرة جديدة تمجد ، جرائم فرنسا ووحشيتها . وعبارة الوصول المستخدمة أعلاه ، لهي كلمة ناعمة توحي بقدوم الضيف المرغوب فيه ، والعزيز المنتظر . وما كان هذا هو حاله ( الاستعمار الفرنسي للجزائر ) ، قبل وبعد حملة 1830 .
وهكذا تقلب الحقائق ، فتصبح جرائمها ، مهمة تحضيرية ، تستحق عليها الشكر . ومتى أقنعتنا بهذا الطرح المزيف والبائس ، فهنا تسهل عملية شيطنة الوجود العثماني في الجزائر . وهكذا يصبح الداي حسين ، ومهما اختلفنا حوله . طاغية وعنوانا للطغيان ، أمّ بيجو وجوقة السفاحين والقتلة والمجرمين ، من رواد استعمارها . فالواحد منهم يصبح ، الفاتح والمحرر والمنقذ للجزائر والجزائريين ، من وحشية وهمجية الترك . ومن هنا تسعي هي وأدواتها لشرعنة ، اعتدائها الغاصب واحتلالها للجزائر . ومعه شرعنة الهجمة الاسبانية ، على سواحلنا في القرن السادس عشر . ومتى أعطيت شرعية لاحتلالها وللاحتلال الاسباني من قبلها ، فبصورة آلية تسلب ذات الشرعية من الوجود العثماني في الجزائر . وكخطوة أخيرة تضفي الشرعية ، على الاستعمار الروماني لبلادنا ، وتنزعها من الفتح لعربي الاسلامي . الذي هو حسبها وحسب سردية الاسبان من قبلها ، غزو واحتلال واستعمار يتوجب تصفيه تركته بالمنطقة .
وتزوير التاريخ بهذه الصورة الفجة والوقحة ، لا غاية من ورائها سوى سلخ الجزائر . عن محيطها الطبيعي العربي والاسلامي ، وربطها بالضفة الشمالية ، ضفة الغرب المسيحي اللاتيني . وبهذا تصبح الجزائر دولة وظيفية ، وأداة في خدمة مصالح القوى المتنفذة في العالم دولا كانت أو منظمات . ولذلك سمعنا ولمرات عدة ، بعض الأصوات المنادية ، بإحداث قطيعة مع ماضينا ، لحساب ماض مصطنع ومستحدث وملفق ومزور . مفاده أن الجزائر جزء من العالم الروماني اللاتيني المسيحي ، وأن هذه هي هويتها . ولذلك سعت فرنسا الاستعمارية بكل قوتها ، لتجسيد هذا المشروع على أرض الواقع . ولكن سعيها باء بالفشل ، لأن مشروعها كان مصادما للواقع ومعاديا ومعاكسا للماضي والحاضر ،  وضد الواقع والمنطق والتاريخ .
ولذلك قاومه الجزائريون ، ولم يعبؤوا به أو ينخرطوا فيه . رغم كل الامكانات ، التي وظفتها فرنسا الاستعمارية ، لتهيأ له سبل النجاح . من قمع ووحشية وإرهاب ومشاريع اغرائية ، كانت كفيلة ليس فقط بتغيير هوية الجزائر ، وإنما أن تكون أكثر من أندلس ثانية .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
حرب تحرير واستقلال الجزائر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فلم جزائري البطل المجهول عن تحرير الجزائر le heros inconnu
»  تحرير فلسطين = قيام الساعة؟
»  النظام الأساسي لمنظمة تحرير فلسطين
» دور سلاح المقاومة في تحرير الأوطان والشعوب
»  طلال سلمان رئيس تحرير صحيفة السفير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ :: حركات وأحزاب-
انتقل الى: