ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: فارس العزوني - ابو معروف 1913ـ1941 الإثنين 18 فبراير 2019, 10:34 am | |
| .... تابع فارس العزوني - ابو معروف 1913ـ1941
القبض على فارس، وتسليمه للسلطات البريطانية :
دفعت الخسائر الفادحة التي حلت في عناصر " فصيل الموت " واستشهاد الأهل والأصحاب ، ومنهم أقربائه وأخلص الناس إليه ومريديه والذين يشكلون الحلقة المركزية في نضاله إلى قناعة قائد الفصيل فارس العزوني بضرورة الهجرة للخارج ، وأن الظروف لم تعود مهيأة للاستمرار في الثورة ، وكان قد سبقه رحيل القائد العام عارف عبد الرازق وتسلله إلى الحدود السورية ومعه أثنا عشر شخصا وهذا أدى إلى تشجيعه على الهجرة خارج البلاد، ويظهر أنه بات يدرك الصعوبات البالغة والظروف القاسية التي مرت فيها فلسطين قبيل الحرب العالمية الثانية واللقاء الذي تم بين الحليفتين بريطانيا وفرنسا،كما دفعت مشاعر العزلة والكراهية لقادة الثورة المسلحة التي انتشرت بين أبناء المنطقة إلى الترتيب لهذه الهجرة القسرية . تمت الترتيبات مع عبد الرحيم الشنطي من مدينة قلقيلية ،الذي أحضر وثيقة السفر لوالدته ، وزوجته ، وأخيه من أمه أحمد الزماري . في حين توجه فارس عبر الحدود ووصل إلى مدينة طرابلس اللبنانية، وسمى نفسه باسم مستعار وكانت هذه المرة الثانية التي يتوجه فيها إلى سورية ولبنان. وإذا كان فارس قد نجا في المرة الأولى من العملاء والجواسيس حيث كان قد ارتحل إلى لبنان وسوريا، إلا أن قدر الشهادة رافقه هذه المرة. قامت مجموعة من العملاء والحاقدين بمتابعته إلى لبنان،وكانوا ككلاب الصيد يقتفون آثاره، ويراقبون سكناته ،وقد عرفوا بالحقد على الثورة والثوار، حيث اندفعوا يطالبون بثأرهم أو لارتباطهم بحزب المعارضة العميل لبريطانيا . حدثنا فضل حواري عن محمد مصطفى شريم الذي يقيم في عمان أن فارس العزوني أرسل شخصين إلى مدينة قلقيلية لاغتيال محمد قاسم أحد أبناء القرية ، وقد شعر محمد بقدوم الثائرين الذين وجها له رصاصةً فرمى نفسه في حضن نمر السبع فسقط نمر السبع مضرجاً بدمه ، وراح ضحية الحادث ، بينما نجا محمد من القتل وتشافي بعد فترة من الزمن ، وقد أرسل فارس لآل شريم يعتذر لهم على ما جرى ، وأعرب عن استعداد فصيله لدفع مبلغ من المال لهذا الغرض ، ولكن طرأ ما هو جديد ، فقد انضم إليه أحمد الشطارة ـ أحد ابناء العائلة ـ الذي ساعد فارس في الخروج من عكا ، وعرفت سلطات الاحتلال أنه وراء هروبه من السجن ، فضغط ت عليه ، وخيرته بين السجن والإعدام أو اغتيال فارس ، فخضع لابتزازهم ، والتحق بفارس وفصيله وحاول أن يطلق عليه النار في أحد المناسبات ، وتذرع أنها بالغلط ، ودفع فارس لتصفيته ، وأرسل إلى آل شريم يطلب مالاً للثورة ، فاجتمعوا في ديوان العائلة ، وكان رأي شيوخ العشيرة وبحضور محمد مصطفى شريم أن يشتروا سلاحاً بهذا المال على أن لا ينصاعوا لفصيل فارس مستهزئين بهذا الدور الذي يؤديه ، وقد تعمقت الخلافات وشعر الانجليز بهذه الحركة وغذوها من طرفهم ، حتى إذا عرف بعض الأشخاص من هذه العائلة بمكان فارس في طرابلس لبنان راحوا يجرون اتصالاتهم مع الضابط اليهودي شيف وقادة الانجليز ، وضغطوا على إبراهيم النصار ومنه عرفوا مكانه بعد أن وعدوه بتجنب السجن والإفراج عنه ، واتصلت السلطات البريطانية مع الفرنسيين وطالبتهم بتسليمه باعتباره مجرماً فاراً من فلسطين ، وقد أراد الضابط اليهودي شيف الانتقام من مقتل الجنود الإضافية من اليهود الذين قتلوا عند رأس العين ، وقبض على فارس وسلمته السلطات الفرنسية للسلطات البريطانية " (33 ) . وإذا كانت الرعاية الإلهية قد حالت دون القبض عليه أو إيقاعه في الأسر فيما سبق، إلا أنه في هذه المرة قبض عليه كمغنم كبير. لقد تبسم الحظ للثائر فارس أكثر من مرة، ونجح في مقاومتهم، أو فشلوا في القبض عليه. جاء قبض السلطات الفرنسية على فارس ليشكل النهاية المحتمة لكفاحه . لقد اقتيد في أغلاله إلى سجن عكا ومعه عدد من الثوار الذين قبض عليهم في فلسطين ، ومنهم إسماعيل أبو هنية (كفرثلث )، ومحمود قرعوش (ديربلوط) وعمر طبنجة (سنيريا) وآخرين من كفرالديك وقرى رام الله . وحول الطريقة التي اتبعتها بريطانيا للقبض عليه ، ثم إعدامه حدثني الحاج محمد عواد : " هرب إلى سوريا ومعه إبراهيم النصار زقطوه الفرنسيين ،حطوه في السجن ،وهرب إبراهيم إلى فلسطين ،واتفق معه على إحضار 150 ليرة حتى يفرج عنه، ويدفعها لمحامي فرنسي ،وعرف بمكانه الضابط اليهودي شيف رئيس قسم المباحث الجنائية ،وسلمه الفرنسيون للإنجليز ،جابوه إلى عكا، واتهم إسماعيل أبو هنية بمساعدته وذهب صالح عبدالهادي عيسى لحضور جلسة المحكمة، وقال : " والله يا فارس لو أن الرجال تشترى بالمال لاشتريتك الآن " (34) . وحول محاكمته ، وموقف فارس من جلاوزة الاحتلال البريطاني ،حدثني الراوي السابق عن محاكمته " سألوه يافارس من قتل الانجليز في رأس العين ؟ قال :أنا من قتلهم . ـ أين ذهب الذين كانوا معك ؟ ـ قتلوا ولم يبق منهم أحدا، والباقين غادروا إلى بلادهم. ـ شوعلاقتك باسماعيل أبو هنية،ومحمد قرعوش وعمر طبنجة ؟ فارس : هؤلاء أولاد ،وانأ لم أتخذ غير السوريين أصحاب . وسأله المدعي العام البريطاني : ألا تطلب الاسترحام ؟ ضحك فارس وقهقه: لا لن أطلب الاسترحام . القاضي: وهل تفضل الموت على الحياة ؟ ـ فارس: نعم وسأبقى أحارب الاستعمار من داخل قبري، ولو كان معي مسدسا لأفرغته في رأسك ألان. وردد فارس قول الخالق عز وجل "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " ( 35) . أعدم فارس بعد أسبوع ، بقرار فاجأ الأهل والأحباب ،حتى أن زوجته لم تتوقع إعدامه ، وحكم على وفاقه بأحكام مختلفة ، حيث حكم على إسماعيل أبو هنية بالسجن سبع سنوات ، وسجن عمر طبنجة من سنيريا بالحكم المؤبد ،واستأنف قرار المحكمة ، فجاء إعدامه في المرة الثانية ، وحكم على محمود قرعوش بالسجن عشرة أعوام ، وأفرج عنه،وخرج للعمل في الولايات المتحدة الأميركية. وأعدم الأخوين حافظ، ومحفوظ من كفر الديك ، وبإعدام هؤلاء الثوار انتهت الثورة في جنوب طولكرم( ) بقي بعض الثوار ينتقلون من مكان لآخر ، ولكن دون فعاليات تذكر ، وقد لاذوا بالتخفي عن العيون . كان الثائر حمد زواتا أوفر هم حظا ولكن سلطات الاحتلال البريطاني قبضت عليه صيف عام 1941 ، حيث كان نائماً في بيادر قرية حجة ، وبعد سنوات أ فرج عنه . وقام الإنجليز بحملة قمع شرسة استخدموا فيها سلاح الطيران ، حتى أن الأخوين الثائرين حافظ ومحفوظ عبدالمجيد تعرضوا لغدر جماعة حزب المعارضة أثناء نومهم في بروقين بعد رجوعهم من عملية ثورية ثم بسبب تقصير الحراس ،وقبض عليهم في عمل خسيس ونذل، ونقلوا إلى سلفيت ، وسجنوا في بيت معارض للثورة من سلفيت ، وفي اليوم التالي جاءت نسائهم يولولن ، ويصحن ، وأعربن عن استعدادهن لإعطاء حليهن،وأساورهن ،مقابل الإفراج عنهما ،لكن مجموعة المعارضة كانوا يشددون الخناق عليهما ، وقيدوهما ، وحضرت دوريات الانجليز التي نقلتهما إلى سجن عكا ، وتحركت "عصابات السلام " العميلة للاحتلال البريطاني لمضايقة السكان ، والبحث عن الثوار ، والتي قادها في المنطقة عزيز بلاطة ، ولم يبق في منطقة غربي نابلس أي من الثوار والمشردين غير الثائر أحمد عوده (كفرالديك)،الذي اختبأ في الكهوف،والمغارات المهجورة،وبين الصخور العالية ، وقد حفّته الرعاية الإلهية ، وساعدته خفة حركاته ونشاطه ويقظته وسهره الدائم، ومساعدة الفلاحين على النجاة،وكان ذكياً لا يقيم في مكان واحد ومع ذلك تعرض لمطاردة من قبل أحد المعارضين في قريته مما اضطره أخيرا لقتله وبقي مطاردا حتى عام 1948. وفاء أرملة الشهيد فارس : رحل فارس، وقذف الانجليز جثته في وسط القرية دون بلاغ مسبق وأخذ أهله الجثة،وقبل أن يدفن أرادت زوجته أن تودعه الوداع الأخير ، فنامت عنده ليلة كاملة،و قبل أن يوارى جثمانه ويدفن في ساحة بيته ، وتقدم العديد لخطبة أرملته ،لكنها رفضت رفضا قاطعا ، وأخلصت لزوجها في حياته ومماته ، وأصاب والدته مس من الجنون، حيث مات ابنها الذي كان يحظى بنصيب وافر من محبتها وتقديرها . إنفعال الأدب الشعبي مع الأحداث : عز على نساء عزون وكفرثلث وخريش وسائر قرى قلقيلية ، استشهاده بعد إعدامه ، فبكت النساء وقلن هذه البكائية : قلن انكسر ريح المراكب وانكسر مركب نحاسي اخسارة يا ابو معروف يا قايد كل الناس قلن انكسر ريح المراكب وانكسر مركب ذهب يا خسارة يابومعروف يا قايد كل العرب قلن إنكسر ريح المراكب وانكسر مركب حديد يا خسار يابو معروف يا قايد كل الاجاويد (62). وقال فيه إبن بلدته محمد سليم ناصر مرثية قال فيها : تبا للدهر لايوافً زماما أجرى مداد المقلات سجاما حزنا على شهم توافى دّمه جسما ولكن المنايا سهاما افارس ما صار مثلك فارساً كلا لاصار مثلك حساما كم محفل عقدته ارباب النهى من اجلك قلقت بك الحكايا عزون فابكي بعد عزك واندبي بطلاً فارسًا مقداما كم من شجاع اتاك خائفا متذ لل يمشي عل الاقداما ذكرى لنا قدتسا مت في الورى ان انكر تشهد لنا الاياما لو كنت تفدي بالنفوس فديتك بالمال والبنين والانعاما ما ربت الدادات مثلك ضيغم وان حلّ ذكرك ذل كل هماما صادوك ا رباب السياسة عندما نفذ القدر كان ذاك زمانا حّدت فلسطين عليك واظلمت بلدانها مع نجدها نشاما يا اهل سورية خنتم نزيلكم يبليكم الله بلاءً جزاما وطرابلس ان شئت ميز اسمها تلقاها ابليس اللعين تماما خنتم وعبتم في نزيل بلادكم ماعندكم شرف ولا زماما سلمتموه الى الساسة عنوةً حتى حكم عليه بالاعداما اسفى عليك تاسف حزن الى يوم القيامة حسدة وانداما . (63)
انتقادات وتقييم لمسيرة قائد فصيل الموت فارس العزوني :سُجلت على هذا الفصيل عدد من المآخذ مما حمل البعض للقول أن فارس يمثل سلوك "مجرم " أكثر منه ثائراً ، وقد وصفه الكاتب الصهيوني سمسار الأراضي عزرا دنين بهذا الوصف ويظهر أن العديد من الفلاحين تأثروا بهذه الرواية ، كما أن المتضررين أشاعوا بين الناس هذا القول . رغم بطولته النادرة ومقارعته لقوات الاحتلال . وقد وجد الباحث أن الانتقادات تتمحور في المسائل الآتية : 1) لم يكن فصيل فارس يمتلك وعياً ثورياً كافياً أو نظرية ثورية تحدد توجيه بوصلة الثورة ، وتكشف الطريق المناسب للعمل . كان عمله عفوياً وفردياً يقوم على ردة الفعل المباشرة مصحوباً بهاجس أمني كبير ، وذلك بسبب كثرة العملاء والجواسيس الذين كانوا يلاحقونه ويلاحقون الثوار ،كما أن فارس كان صغير السن قياساً بغيره من الثوار ، ومنهم : عبدالرحيم الحاج محمد وحمد زواتا ، وعارف عبدالرازق . 2) نجح بعض العملاء والمشبوهين في التسلل عبر الصفوف إلى الثورة ، ويرجح أنهم كانوا من اليهود ومنهم : محمد الحاج مسلم الحجازي الذي اخترق فصيل عارف عبدالرازق ثم انضم إلى فصيل فارس وبتكليف من عارف ، وكان هذا الشخص قاسياً في ردة فعله تجاه المتهمين بالعمالة للانجليز ورجال المعارضة ، وكأنه كان يسعر نار الخلافات العائلية ، ويقسو على الناس في ممارساته ، ويبتز الأموال منهم بحجة جمعه لمصلحة الثورة . و كان حضوره قوياً في اغتيال عدد من قادة حزب المعارضة والمخاتير ،وحوله دارت روايات كثيرة ، وهو يقوم بتعذيب الأشخاص وابتزازهم إذا ما تأخروا عن دفع المال ويقوم بضربهم بالسياط ، ومنها سوط بطول مترين وبه رصاصة في مقدمته ، ويبدو أنه على علاقة باغتيال حسن صدقي الدجاني . كما أنه أطلق العنان للحاج مسلم ، الذي استغل تكليفه بعدد من المهمات وراح يعمق الشرخ بين العائلات الفلسطينية لمصلحة الاستعمار البريطاني والصهيونية ،وقد تصرف محمد الحاج مسلم بتصرفات قاسية أوحت للكثيرين على أن يده نظيفة ، ولقد كان عنواناً للاستياء العام ، ومثالاً صارخاً للقسوة في تعامله مع الجماهير التي كره بعضهم الثورة لوجود أمثاله في صفوفها ، وعلى صلة مع اليهود . وهذه بعض الأعمال التي شارك فيه الحاج مسلم وأثارت الاستياء الشعبي : أولاً :تجريد وتصفية حسن أبو نجيم قائد فصيل قلقيلية : نسب إلى فارس تصفية أبو نجيم ، فهل كانت له علاقة بهذه التصفية ؟ كانت البداية الأولى للخلاف بين قادة فصائل الثورة في منطقة طولكرم قد ظهرت في الخلاف الذي حدث بين حسن علي ابونجيم قائد فصيل في مدينة قلقيلية ، والقائد العام عارف عبدالرازق في صيف عام 1938. ضم فصيل أبو نجيم عددا من شباب قلقيلية وشباب كفر ثلث كان منهم :بركات يوسف عودة ، وسلامة عودة ، و يونس عبدالله أبو خالد وغيرهم . وقد تحدثت عن هذا الخلاف وأسبابه روايات مختلفة، تناولتها مصادر ومراجع مكتوبة وأخرى شفوية. وتذكر هذه الروايات أن حسن أتهم بسلب فرس من قرية مجدل الصادق ،وأن الناس فيها اشتكوا لقائد الثورة العام عارف عبدالرازق ،وبناءً عليه تقرر الاجتماع به في كفرثلث ،لبحث الشكاوى الموجهة ضده (36 ) . عندما شعر حسن أبو نجيم أنه سيحاسب من قبل القائد العام عارف عبدالرازق ومن معه من قادة الثورة أمثال : حمد زواتا وفارس العزوني . بيَّت خطة للانقضاض عليهم ، بحسب المثل الشعبي القائل: " بتغدى فيهم قبل ما يتعشوا بي " ، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن . كتب فيصل عبدالرازق نقلاً عن القائد حمد داود زواتا وآخرين حول الأحداث التي أوصلت لتجريد قائد الفصيل أبو نجيم " إن حسن من قلقيلية عين وسلح من قبل عارف وفصيله ، وصلت إلى عارف تعديات قام بها في منطقته قلقيلية لأسباب شخصية ليس لها علاقة بالثورة . ثم جمع أموالاً وتصرف بها لحسابه الخاص ، شكاه الناس لعارف فأرسل في طلبه ولكنه بدلا من الحضور أرسل من يتوسط له فوسط سيف أبو كشك ، حضر سيف ومعه وجهاء آخرون إلى القيادة ، قبل عارف الوساطة على أن يمتنع أبو نجيم عن القيام بأعمال مماثلة ... عاد يتصرف كالسابق فاستدعاه عارف . عند ذلك تآمر أبو نجيم مع فصيله لاغيتال عارف ... ففي أثناء وجود عارف وقسم من مساعديه في قرية كفرثلث وكان حمد زواتا أحدهم . توجه أبو نجيم إلى كفرثلث ومعه فصيله المكون من ستين ثائراً ، ولكن قبل أن يدخل القرية أمر فصيله بالاختفاء في بقعة أرض مغطاة بالزيتون تابعة للقرية ، وقد أمر ثوار الفصيل أنه عند سماعهم ثلاث طلقات عليهم التقدم نحو البيت الذي يتواجد فيه عارف ومن معه ، وعند وصولهم للبيت عليهم تطويق البيت ثم القضاء على كل من بداخله من جماعة عارف ... جلس أبو نجيم مقابل عارف وكان عارف في تلك الأثناء مشغولاً بأمور تتعلق بالثورة . كان بالغرفة حمد ... وفارس العزوني ...أخذ الثلاثة بالحديث ، ولكن الشكوك جعلت حمد يهتم بمراقبة أبو نجيم بدقة ، لاحظ حمد أن أبو نجيم يحاول فك أزرار سرواله العسكري فارتاب بالأمر وأمسك بكلتا يديه خلف ظهره بينما شق حمد سروال أبو نجيم بينما أمسك فارس باليد الأخرى ... " (37 ) ويحفظ عدد كبير من الرواة الذين قابلتهم قصة أبو نجيم ويتفق سردها ، مع اختلافات بسيطة من شخص إلى آخر . حدثني عدد من الرواة ، ومنهم : الثائر أسعد قاسم الذي كان مرافقاً لفارس العزوني يومئذ :فقال " صعد حسن أبو نجيم إلى الطابق الثاني في دار داود حسين شواهنة في كفرثلث ،أحد أقارب فارس ، وترك أعضاء الفصيل خارج الدار وقال لهم إذا سمعتم إطلاق نار قوموا بتجريد الفصائل الأخرى من السلاح ،واستعد لمقابلتهم ،و قد عقد العزم على تصفيتهم ، وخبأ مسدسه بين لباسه وحذائه الطويل . جرى نقاش بين القادة الثلاثة وهم : عارف عبدالرازق وحمد زواتا ،وحسن أبو نجيم ، بينما كان فارس العزوني مختبئ في شباك الغرفة،و المغطى بقماش رقيق وأثناء نقاشهما معه وتوجيههما له بعض الأسئلة وقد اتهموه بسرقة فرس في قرية المجدل والإساءة للثورة ،واتهمه عارف بالتقصير حينما طوق الجيش البريطاني عارف ومن معه في أحد المعارك ولم يحاول تخليصهم . حاول حسن أن يلتقط مسدسه في محاولة منه لتصفية عارف وحمد ، فأسرع فارس بتحذير عارف عبدالرازق " أبو فيصل " الذي اصفر لون وجهه و تعارك معه ، وقبضوا على يديه وجردوه سلاحه وأخذوه خارج البيت، وأمروا أعضاء فصيله بالتخلي عنه وترك بعضهم الثورة منذ ذلك اليوم وانضم الباقون لفارس ،وطلب عارف من فارس أن يتولى مهمة تصفيته ، لكن فارس أسَّر إلى أسعد القاسم ، ونمر القنبر أن يتظاهروا بأنه هرب ويطلقوا عليه رصا صات في الهواء ،ونجح حسن أبو نجيم بالهرب و قبضوا عليه مرة ثانية في قرية سمسم من قرى غزة ، وقام حمد زواتا بتصفيته بعد أن جلدوه وعذبوه ،ثم أطلقوا النارعليه حيث نقلوه إلى كفر لاقف، وبقيت جثته في العراء المكشوف،وبعد أيام حضر أهله وقبر هناك في واحدة من المغارات الأثرية ( 38) . أثار قتل حسن في أهله مشاعر التذمر والتقزز من هذا العمل ؛ خاصة وأن حسن أبو نجيم سبق له أن شارك في أعمال جهادية ومنها :عملية قتل بضعة أشخاص من الشرطة الإضافية البريطانية في قرية عزون وهي عملية راح فيها ما لا يقل عن 6 أشخاص، وكان ثائرا مستهدفا للقبض عليه من قبل الانجليز بعد أن قام بعمليات أخرى في السهل الساحلي الفلسطيني وهاجم مع آخرين المستعمرات القريبة من مدينة قلقيلية . عن هذه العملية التي حدثت في عزون وتستحق الذكر يروي الحاج محمد عواد " تمركز الشرطة الإضافية في دواوين عزون منها : ديوان رضوان ،و ديوان عدوان ، ودار سليم ، وكان مطلوب من الناس خدمتهم ، وإطعام خيولهم عندها قرر الثوار وعلى رأسهم عارف عبد الرازق ، قال لهم بدي طلقة واحدة وهجوم واحد، ووزعهم في مجموعات منها : مجموعة حسن أبو نجيم توجه لديوان رضوان ، وعلي الهنطش (من صير ) أخذ مجموعة لدار سليم، وإلى ديوان العدوان توجه داوود زواتا ، وكانوا ثلاثين ثائرا في ثلاثة مجموعات ، ولكن حسن أبو نجيم أطلق النار قبل الباقين وطوقهم، وأخذوا سلاحهم وقتلوهم في ديوان دار رضوان ، وهرب بعضهم وقتلت خيولهم ، فقام الجيش الانجليزي وبلش ضرب في الناس وحتى جاء شوقي عبد الهادي أحد ضباط الشرطة ، وقال اللي بمد يده على عزون بورية ، ويا فواز الهواش كفى ، وحملنا قتلى الانجليز كانوا ( 7 ـ ، وصادر الثوار سلاحهم وسحبوا حالهم ،وقاوموهم وعلى أثرها نسف الانجليز محلات شطارة، ودار فارس ،ومجموعها 10 دور" (39) . كانت هذه العملية الثورية الجريئة عنواناً رئيساً لصحيفة الدفاع التي كان يحررها إبراهيم الشنطي ،وجاء في صدر صفحتها الأولى "مقتل 6 من ا لبوليس الإضافي وأخذ 11 بندقية ومسدسين ومسلحون يطوقون قرية كفرثلث لمدة طويلة " ،وأشارت الصحيفة إلى أن تطويق المدينة تم في نحو الساعة الثانية صباحاُ حيث طوقت عزون بما يقرب من مئة مسلح ،ثم دخل فريق منهم إلى القرية ،حيث طوقوا ديوان أل رضوان ،التي كان فيها أحد عشر نفرا من البوليس الإضافي ،ودخل المضافة ثلاثة مسلحون ،وطلبوا من البوليس الذي كان جالسا مع أهل المضافة الخروج خارج المضافة ثم أخذوا يطلقون النار عليهم وعلمنا انه قتل منهم ستة أنفار ، وجرح اثنان واخذ المسلحون احد عشر بندقية ، كما جاء في إخبارية وكيل المختار للبوليس ،وعلمنا أن المسلحون قتلوا ثلاثة رؤوس خيل للبوليس الإضافي واستمر إطلاق النار بين الطرفين مدة ثلاث ساعات .( 40 ) حول مصير حسن أبو نجيم حدثني كايد عواد فقال : "هرب أول مرة من قبل عبد الله القنبر ،وجاسر سليمان وتظاهروا بأنه فر منهم ، وقد أطلقوا النار عليه في الهواء ،وفي يوم من الأيام قام شخص من قرية سمسم من قرى غزة بتقييده وأحضره للثائر حمد زواتا " أبو فؤاد " الذي أعدمه على طريق عزون كفر لاقف،وقد انتقمت منه واحده من عائلات قلقيلية التي كانت على خلاف معه ، ودفعوا مصاري للخلاص منه " (41). أدى قتل حسن إلى كراهية بعض أقاربه ومؤيديهم للثورة ، وافتراق عدد كبير من أعضاء فصيله عن الثورة ،وقد نسب إلى فارس مسؤوليته عن قتل حسن أبو نجيم وهي رواية ثبت للباحث عدم صحتها . ثانياً : قتل أحمد شطارة من مدينة قلقيلية : ومما نسب إلى فارس العزوني من ممارسات وأخطاء قيامة بقتل أحمد أبو شطارة من عائلة شريم في مدينة قلقيلية ، وهو شخص ساعد فارس في هربه من سجن عكا ،وتم تصوير فارس على أنه شخص ناكر للجميل ومجرم بحق أصحابه ، حدثني أسعد القاسم فقال : " التحق أحمد الشطارة مع الثورة ،وقالوا لفارس أنه يريد اغتيالك قال: هذا صاحبي. ولكنهم كانوا في احد الليالي سائرين، وأحمد شطارة من الجملة، وصار شطارة يضرب على فارس نار واستحكم فارس، وقال لجماعته: انسحاب وتوجهوا لمروج عسله. وقال له أحمد شطارة :لا تؤاخذني يمكن جاء الرصاص بالخطأ تجاهك. فارس لم يحتمل الموقف أخذه "للعيون" شرق كفر ثلث وطخه بيده ، ووصى على أخوه وابن عمه ، وقام لطفي عبد الرحمن سليم من كفرثلث بنقله على جمل مقابل الحصول على خمسة دنانير بعد أن تركه فارس في العراء المكشوف " ( 42). ثالثاً : إعدام نساء وقتل مختار من قرية عزون : يرى الباحث أن إعدام بضعة نساء من قرية عزون يعتبر من الأخطاء الجسيمة، التي ارتكبت وأساءت للثورة برغم المسوغات والمبررات التي ساقها البعض ممن روا حول إعدامهن .وقد تم إعدامهن رمياً بالرصاص بتهمة الإساءة للأخلاق والشرف أثناء حصار الانجليز المتكرر لبلدة عزون ، وقد طالت أربع نساء متزوجات . وحول مسوغات قتل مجموعة النسوة توجهت بسؤال إلى المعلم المتقاعد والكاتب في تاريخ عزون عبد الخالق يحيى ، فأجابني : "أن مسوغات، ومبررات قتلهن لم تكن منطقية، وغير مقبولة خاصة وأن بعضهن طالبن بميراثهن من الأهل" ( 47) . حول الأسباب والطريقة التي تم فيها إعدامهن ، حدثتني أرملة الشهيد فارس فقالت : " جاء فارس من الزاوية على دار رضوان ، وفتحوا له غرفة وطلبهن ، وعبر معهن في غرفه ، واحدة منهن كانت معها بنتها ، وأخرى معها أبنها وأمر بإحضار أزواجهن ، الذين شهدوا على سوء أخلاقهن ، وكتبت مجموعة من أهالي البلد ورقة بهذا الخصوص ، وطالبوا بمحاكمتهن وأخذوا الأطفال ، وصفهن فارس صف واحد، وأعطاهن طلق واحد ، وأغلق عليهن الباب وخرج ، ونصحته والدته بأن لا يقتلهن ، وقالت هذا حرام ، قال لها في رقبة الشيخ ...والذين شهدوا ضدهن *(43) . كانت هذه التصفيات وعمليات القتل التي طالت أربع نساء في قرية عزون ومختار قرية عزون ،وقتل بضعة أشخاص من قرى رام الله واغتيال حسن صدقي الدجاني ـ بما يقرب من عشرين عربيا ـ ً إلى جانب تعذيب آخرين . كانت دافعا للرعب الذي طال أفئدة المخاتير والمعارضين الموالين لبريطانيا ، ويظهر أن المعارضين في منطقة رام الله نالهم قسط وافر من التصفيات والبطش ، وما من شك أن هذه القرارات للتصفيات كانت ورائها تعليمات قيادية أعلى وجهة سياسية تمول أعمال التصفية ، وليس من المعقول أن تكون جميعها وليدة قرار يتخذه فارس في غضون شهور . ........................................... و يميل الباحث للرأي القائل أن اللجنة المركزية للجهاد كانت تدفع الثوار لهذه الاغتيالات وكان المفتي يشجعها. ولعل حادثة تصفية مختارعزون تلقي بظلالها على هذه المسألة .التي عادت بمردود سيء على الثورة ، التي خسرت جماهيرها ، وارتعدت فرائس المخاتير ،وخاصة كلما سمعوا بقدوم فارس ، وخاصة في قرى رام الله قلقيلية . لقد أوغل فارس في عملية اغتيالات وتصفية مخاتيرمن حزب المعارضة مدفوعاً كما يبدو من حزب الحسيني ومن أشخاص مقربين منه ، كما كانت أحياناً تأتي بعمليات دس وتخريب من المقربين منه ، وقد اتفق سلوك يوسف أبو درة الذي اغتال أكثر من 42 مختاراً اتهموا بالعمالة ، مع سلوك فارس وعبدا لله الأسعد ،وكان أبو درة يحبسهم في أحد الآبار وإذا أشار بإصبعه وقال : "ريّحوه " فمعنى ذلك أنه قتل وراح في غيابة الجب ، كذلك الحال غرق عبدالله الأسعد في عمليات قتل نساء وتصفية أشخاص اتهموا بالعمالة والجاسوسية ، وقد انتقدت الصحافة المقربة من المعارضة سياسة الاغتيالات والقتل لأكثر من سبعين رجلاً وامرأة قتلوا بمبررات ومسوغات شتى وهاجمت عارف عبدالرازق باعتباره اليد اليمنى للذراع المتطرف الذي يقوده مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني ( انظر ملحق الجهاد ) كانت حادثة قتل مختار عزون وخال فارس أكثرها حساسية ومدعاةً للتساؤل ، وفيها قيل قول كثير وسمع الباحث أقوال شتى تراوحت بين اتهام فارس لخاله بالعمالة للبريطانيين وبعضهم اعتبرها دس وافتراء راح فارس ضحيتها ، ومنهم من قال أن الحاج مسلم قام بتصفيته ، وآخرين قالوا أن فارس قام باعدامه عن سابق تصميم ولم تنجح شفاعة أمه في أخيها ، وأجال الباحث النظر في مصادر عديدة فلم يجد أية وثيقة تنفي أو تثبت صحة هذا الموضوع.* وكان فارس يعد العدة لإعدام عشرة أشخاص كانوا في غالبيتهم من حمولة دار عودة بتهمة الخيانة وبيع الأراضي ،ولولا توسط حمد زواتا ومجيئه إلى كفر ثلث في اللحظة الأخيرة لوقعت عملية سفك دماء غير محمودة العواقب وكانت التهمة من دس أشخاص منافسين من عائلات أخرى ، وتصدى له حمد زواتا ، ومنعه من هذا العمل بعد أن استفرد بأحدهم وجلده بسوطه عدة جلدات. وقال حمد : "بهذه الطريقة ستخرب الثورة يا فارس ، وتجلب الأعداء ." ( 43) . بعث عمل فارس الغضب لدى أبناء خريش ، ومنهم : عضو الفصيل حسن أبو عمر ، الذي أبدى امتعاضه مما حدث من قتل وسواه من تعذيب لعدد من الأشخاص فقرر أن لا يعمل مع فصيل فارس . طلب فارس من حسن أبو عمر تصنيع كبسولات للثورة فأعتذر بأنه مشغول في بعض الأعمال الخاصة به. عندها استشاط فارس غضبا وهدده بالموت، وتعارك الاثنان أمام جمع من الناس. حدثني حسن أبو عمر قائلا : " كنا في دار رشيد عبد حسن ،وحضر فارس ومعه سليم عيسى حط فيه جلد ، وتوسط له رشيد ويعقوب إسماعيل ، فطلب منهم أن يدفع مالاً للثورة ، وقد طلب خمسين جنيهاً ، أخذوا يوسطون حتى نزلها إلى عشرة ثم طلب مني فارس أن أصنع كبسولات ، فاعتذرت ، لكنه حاول أن يغصبني فرفضت ،واسودت الدنيا في ناظري، وتخانقنا،وتعاركنا ، وحاول الحاج محمد مسلم أن يقتلني ، لكنني دفعت فارس أمامه ، والناس تحاول الفصل بيننا ،وقلت أعطيني الأمان وأعطاني ،وأصلحونا ،وعاد يطلب أن أعمل . قلت :سأعمل خمسين كبسولة ،ولكن بعدين . فقال فارس : أسمعوا يا الحاضرين لو أنكم جميعا بجرأة هذا الرجل لانتصرنا على العدو " (45) . وعن الأسلوب الفض الذي اتبعه فصيل الموت مع الناس ، حدثني حسن حسين فقال : " أحضر فصيل فارس إلى بلدنا ثلاثة أشخاص من كفر قاسم اتهموا بالعمالة ،واقتادهم في وسط القرية قرب المدرسة القديمة عند ساحة ألتوته ،وجاء الطلاب من المدرسة لمشاهدتهم ، وكانت آثار التعذيب بادية ًفي وجوههم ، وراح يجلدهم في سوطه " ( 46). رغم ذلك كانت للثائر فارس مواقف صارمة تجاه الذين يحاولون التلاعب بالثورة ، ومن النوادر التي نسبت لرفاقه في السلاح أن احدهم يدعى مصطفى البدوي من شرق الأردن كان حراثا ًيعمل عند اّل قزمار من كفرثلث ،وقد انضم إلى عناصر فصيل فارس العزوني ، وقد دعي هؤلاء إلى وجبة طعام في بيت داود عرار ، وعندما وضعت المائدة ، اشترط البدوي الثائر إحضار ملعقة طعام ليتناول طعامه . فصاح داود قائلاً : يا فارس من أين أحضرت هؤلاء الثوار ؟ التفت إليه فارس وسأله عن الأمر . فأخبره داود بطلب البدوي ، فجرده سلاحه وسلمه لغيره ،ورجع إلى عبدالرحمن قزمار يرعى غنمه "( 48). وعن تدخل الثورة في حياة الناس ومفرداتها ، وتأليه الفرد القائد ، وأن من يسب القائد يعذب ويجلد أو يعاقب حدثني مصطفى عبدالوهاب الحامد عن أبيه أنه قال " التقيت بابنة خالة فارس حسين داود من كفرثلث . فسأله عنه : فرد عليه ، لقد أصبح قائد فصيل . فقال عبدالوهاب مستهزئاً : والله يا فروستين صار قائد ثورة !. وصل استهزاءه إلى فارس ، فجاء إليه . وقد هدده بسوطه وفرض عليه خمسين جلده . استغرب الحاضرون، وقالوا لفارس أن جسمه النحيل لا يحتمل هذا السوط، وتوسطوا له أن يدفع خمس جنيهات للثورة مقابل العفو عنه " (49). كان أحد الأخطاء التي ارتكبها قادة الفصيل هي التدخل في تفاصيل حياة الناس ،واستخدام أسلوب التصفيات لأشخاص من حزب المعارضة مما أذكى روح التمرد والعصيان لديهم ، وقد ارتمى هؤلاء في أحضان العدو وبدأت الثورة تخسر جماهيرها شيئاً فشيئا خاصةً أن الروح العصبية والعائلية المستشرية بين الناس لا تقبل بالإساءة لأي من أبناء العائلة حتى وان كان عميلاً لأن الشعب كان يعاني من التخلف ولم يرتقي بعد لمستوى الوعي الوطني والقومي ولم يحاكم الأمور بهذا المعيار . لقد بات قائد الفصيل يتدخل في مفردات كثيرة ، وهو الحاكم في منطقته ، وقد تم تخطي دور المحاكم البريطانية وصارت ترفع القضايا المختلفة إليه للحكم فيها سواءً في عزون أو كفرثلث أو كفرقاسم وغيرها ، وقد شكل لجنة إصلاح في عزون كان رئيسها يحيى سويدان ،وحينما جرب أحد الأشخاص من عزون أن يأخذ على عاتقه عمل قاضي للثورة في قرية بديا ، وبلغ فارس أمره ، عمل فارس على وضع حد له وجلده . كما أن فارس وضع حدا لبعض أعضاء أحد الفصائل في رام الله ، الذي ضايق أحد القساوسة المسيحيين في عابود ، وعرض عليه عدد من العناصر ، حتى عرف الشخص ، الذي اعتدى عليه وعاقبه رابعاً :اتهام فصيل فارس باغتيال حسن صدقي الدجاني . حسن صدقي الدجاني أحد الشخصيات الفلسطينية البارزة . كان سكرتيراً لحزب الدفاع ، عرف كمعارض للحاج أمين الحسيني ، عرف بدوره في إضراب سائقي السيارات . كان على صلة وثيقة مع القائد عارف عبدالرازق واجتمع معه مراراً ،وتدارس معه شؤون الثورة ، وقدم العون للثوار من ملابس ومال ، و في يوم 12/ 10/ 1938 اجتمع مع عارف و أثناء عودته إلى القدس تعرض للاغتيال، وكان عارف أكثر الناس حزناً وتأسفاً على اغتياله خاصة أن مصرعه يرتبط بزيارته له ، واعتبر أنه عمل جبان وغادر ، وأنهم سيقولون أن عارف مسئول عن اغتياله ، ولم يكن هذا العمل ببعيد عن عمل عملاء المخابرات البريطانية والصهيونية ، وقد سبب هذا العمل فسادا في البلاد ، ولقد راح فخري النشاشيبي يوزع منشورا في فلسطين وخارجها وفيه يتهم عارف بأنه وراء حادثة القتل هذه ، وأخذ يثير أحقاد مختلفة في منشوراته ( ) ( فيصل ص 88). كان اغتيال حسن من أكثر أعمال القتل سببا لحدوث الفتنة والفوضى في فلسطين،وتسعير الخلافات العائلية، والعصبيات الحزبية، و ثارت الأسئلة الكثيرة حول اغتياله ، وظل السر مجهولاً ، وتضاربت الأقوال في هذا الاغتيال ، ومن المسئول عنه ، وقد ألصقها البعض بعارف عبدالرازق وآخرين قالوا أن داود الحسيني كان وراء الاغتيال، ونسبها البعض إلى عملاء دوائر بريطانية ويهودية . بعد بحث وتقصي رجح الباحث إلى أن أعضاء من فصيل الموت بقيادة فارس العزوني كان على علاقة باغتياله ويظهر أنه كان من عمل الحاج محمد مسلم الحجازي ،ومشاركه اثنين من أعضاء الفصيل ، وشاع في منطقة قلقيلية أن أحدهما من قرية عسله والآخر من قرية عزون ، ويرجح أن أوامر القتل جاءتهما من داود الحسيني ، مع مباركة ضمنية من المفتي الحاج أمين الحسيني ومعرفة مسبقة من قائد الفصيل فارس العزوني ،وكان خروج حسن بعد اجتماعه بعارف عبدالرازق مدعاةً للظن فيه واتهامه وأنه لا يوجد ما يبرى عارف عبدالرازق منها إلا أن الخلق العربي المسلم ، الذي يرفض الغدر بالضيف ، حيث قتل بعد اجتماعه معه وإعرابه عن مد يد العون للثورة والثوار !. لقد اتهم عارف بأنه وراء اغتياله رغم نفيه لهذه التهمة ،ولكن كيف اغتيل حسن ؟ تذكر بعض الروايات التي تناولها أحد الباحثين أن حسن صدقي الدجاني دعي إلى عارف عبدالرازق و بناءً على طلب القائد عارف للبحث في وضع الثورة والحاجة للمساعدة ، وتقديم ملابس للثوار ، وقد جرى اجتماعاً ودياً بينهما وفي الوقت الذي كان يجتمع فيه عارف مع حسن ، كان يتواجد ثلاثة من الرجال يلبسون ألبسة شامية هم الدكتور ...الحسيني وسليم حسين الحسيني ومحمد سليم أبو لبن . كانوا في مهمة تتعلق بالثورة ومبعوثين من اللجنة المركزية للجهاد في دمشق وبيروت ، وعند وصول حسن دخلوا إلى غرفة أخرى ،ولم يشاهدهم حسن صدقي وعارف عبدالرازق ، وغادر هؤلاء المكان قبل تناول حسن العشاء مع عارف . كان محور السؤال أين ذهب هؤلاء ؟ ومع من اجتمعوا بعد ذلك ، وماذا فعلوا ، وهل كان لهم صلة بمصرع حسن صدقي ؟ وهل كان للصهاينة والاستعمار البريطاني ضلع في هذه المسألة ؟ ( فيصل ص 91) . ما إن خرج حسن بعد اجتماعه مع عارف وقاربت الشمس على المغيب ،واقترب من قرية رأس ابن سمحان (رأس كركر ) حتى التقى به ثلاثة أشخاص وقتلوه وفوجئ عارف عبد الرازق في اليوم التالي بالصحف وأقلام حزب المعارضة التي دقت طبولها في طول البلاد وعرضها. (50). اتهمت أقلام حزب المعارضة وعلى رأسها فخري النشاشيبي عارف عبدالرازق بأنه الذراع الأيمن للمفتي وأنه المسئول عن اغتيال حسن حيث حدث بعد خروجه من عنده واجتماعه معه ، أما عارف فقد أنكر التهمة المنسوبة إليه وراح فخري يغذي مشاعر الحقد والكراهية ضد الثورة ونشط في إقامة صلاته مع البريطانيين واليهود ، وأصدر منشورات تهاجم عارف عبدالرازق ، في كتيب سماه (صوت من قبور فلسطين )، واعتبر الحاج أمين شخص يغذي الأعمال الهدامة ويعتمد فيها على عارف عبدالرازق الذي باع نصف أراضي طولكرم لليهود ، والذي انحصرت جهوده في الفتك بزعماء البلاد ،وأنه كان وراء تشتيت الفلاحين بعد أن سمسر وباع الأرض لليهود ، وأن أوامر القتل جاءت من الشام ،وقد رد عليه عارف بمنشور ثوري كذب ادعاءاته ووصفه بخائن الأمة والخارج عن دينها ووصفه " ب بـ "الأدون فخريوش " تعبيرا عن يهوديته .( فيصل،عارف عبدالرازق:أمجاد ثورية ص 102ـ 104 بتصرف ). شاع بين الناس في منطقة قلقيلية أن ثلاثة أشخاص من فصيل فارس كان لهم دور في اغتيال حسن بناءً على أوامر جاءتهم من داود الحسيني ، ومنهم : الشهيد نمر القنبر من قرية عزون ، والثائر أسعد القاسم ، ومحمد الحاج مسلم ، . اهتم الباحث بسماع عدد من الروايات وقابل الأشخاص المتهمين وسواهم وهذه عدد من الروايات التي قيلت حول مصرع حسن: حدثنا الثائر الشيخ عبدالفتاح المزوعاوي قائد فصيل رام الله وغور الأردن أن فصيل فارس ومعه الحاج محمد المسلم كان وراء اغتيال حسن صدقي الد جاني و بأوامر من الدكتور داود الحسيني ، وأن عدد الذين نفذوا مهمة الاغتيال كانوا ثلاثة أشخاص وقد رجاهم أن يتركوه وشأنه ويدفع لهم مالاً لكنهم رفضوا. وتوجه الباحث ومعه عبدالخالق يحيى وولده جهاد بسؤال الثائر أسعد القاسم إن كانت له علاقة بمصرع حسن فأنكر ثم لم يقدم معلومات عن القاتل . حدثنا أسعد أنه سجن ومعه نمر القنبر لمدة شهر في سجن طولكرم وعذبوا تعذيباً شديدا ، حيث اتهموا باغتيال حسن صدقي الدجاني وأنكروا بعد تعذيب شديد ، وأفرج عنهم دون اعتراف ، وبسبب ذلك شاع بين الناس أنهما مسئولين عن اغتياله (53) . ... يتبع |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: فارس العزوني - ابو معروف 1913ـ1941 الإثنين 18 فبراير 2019, 10:36 am | |
| ... تابع فارس العزوني - ابو معروف 1913ـ1941حدثنا أحمد البدوان من قرية عزون الذي كان عضواً في فصيل عارف :"قام الحاج مسلم وأسعد القاسم ، ونمر القنبر بقتل حسن ، وأخذت من أسعد القلم الذي أخذه من حسن بعد قتله ، وكانوا قد أخذوا قلمه وساعته وخاتمه " (مقابلة مع أحمد البدوان ). حدثنا عبدالعزيز إسماعيل عودة عن مختار كفرثلث احمد عبدالرحمن الخطيب صديق فارس في زمن الثورة أنه قال " لقد كلفني فارس أن أحمل خاتم حسن صدقي ، وتوجهت به إلى لبنان إلى دار مفتي فلسطين ، واجتمعت معه بعد أن فوجئ حراسه بي ، ومنعوني من الدخول ولكن حينما اطمئن المفتي وعرف سبب قدومي سمح لي بالدخول ، وقلت له فارس يهديك السلام ويقول هذه علامة قتل حسن ، وكان الخاتم هو العلامة ". وحول هذا الموضوع أورد فيصل عارف تقارير لجواسيس عرب محفوظة في الأرشيف الصهيوني المركزي في القدس تحت رقم 10098/ 25س وفيه : لقد كان حسن صدقي أكثر رجال المعارضة مقاومة للمفتي ، لم يترك أي مناسبة بدون أن يتحداه سواء في داخل البلاد وخارجها . حاول المفتي عدة مرات مصالحته ولكن بدون جدوى ... ومع ازدياد الإرهاب في القدس ومنطقتها طلب من عائلة الدجاني عدة مرات مساعدة العصابات ماليا فاستجابت لذلك الطلب . عائلة الجاني طلبت من حسن أن يكون الوسيط بين العائلة والإرهابيين وبدأ حسن بالتقرب من عارف عبدالرازق وأقام صداقة معه وكان عارف يدعوا حسن لمقابلته كلما كان في منطقة القدس ويتشاور معه ، هذه الأمور وصلت المفتي فأثارت غضبه فطلب المفتي من عارف أن يستغل زيارة حسن صدقي إليه ويقتله ، ولكن عارف أجل الموضوع من يوم لآخر وفي النهاية ازداد ضغط المفتي عليه فرفض وطلب إيضاح الأسباب لقتله وتكرر طلب المفتي . بعث المفتي مواد كثيرة تتهم حسن صدقي ولكن ذلك لم يساعد في إقناع عارف، ونتيجة لذلك توجه المفتي لعبد الرحيم الحاج محمد... أصر عبدا لرحيم على عارف فوافق عارف على اغتيال حسن صدقي ولكن بشرط أن لا يتم تنفيذ ذلك على يده أو على يد أحد من الثوار التابعين له ..." (ص 86 ). وفي تقرير آخر قدمه احد الجواسيس العرب للصهاينة ويسمى حسن والمرقم برقم 150 / 281 الموجود في أرشيف الهجانا في تل أبيب "... كان في الاجتماع لجنة قضاة جرى تركيبها في سوريا ، أعضاؤها كانوا الدكتور داوود الحسيني ، عارف الجاعوني ، عزالدين الشوا ، أبو إبراهيم الكبير وكان رئيس اللجنة الدكتور داود الحسيني ( قتلوا حسن صدقي الذي حكم عليه بالموت من قبل اللجنة المذكورة التي حضرت من سوريا ، وكان ذلك في قرية رأس كركر ، عندما حضر إليها حسن صدقي وأخوه داوود وابن عمه عزيز الداودي بناء على دعوة من عارف تتعلق بقضية شكوى قدموها على احد الثوار ، أرسلوا وراءهم شخص يدعى الحاج محمد المسلم ومعه بعض المسلحين ، وعندما لحق المسلحون بحسن صدقي ومرافقيه قرب الحرش قتلوا حسن صدقي ... ثم ذهبوا إلى بديا، حيث قاموا بهدم بيت طاهر أبو حجلة وبيت رفيق أبو حجلة " ( فيصل ص 93 ). توجه الباحث بسؤال للثائر الشاهد أسعد القاسم فقال : أن فصيل فارس توجه إلى بديا وحاول قتل رفيق طه ففر منه وهدم بيته " . يبدو أن هناك مجموعة من المستعربين نجحت في دخول الثورة ، ويمكن الاستدلال على دورها الواضح من خلال الدور الذي لعبه الحاج محمد المسلم ، الذي قام بتعذيب العديد من الأشخاص ، حيث طلب منهم تارةً المال لحساب الثورة أو سارع بقتل البعض بتهمة العمالة للاحتلال البريطاني ، ومنها حادثة قتل حسن صدقي الدجاني ، وقتل حسن علي ابونجيم وقتل علي البدوان ، وتعذيب أحمد صالح خروب من قرية حبله،وإجباره على دفع مال لحساب الثورة رغم فقره المدقع إلى الحد الذي اضطر فيه أن يرسل ولده الشاعر الشعبي محمد خروب إلى كفرثلث عند أخواله من آل عرار للاستدانة ودفع الضريبة للثورة ويظهر أن الشبهات راجت حول شخصية الحاج مسلم كيهودي تسلل لصفوف الثورة حدثني عبدا لخالق سويدان : "ولقد أثارت اللكنة الغريبة عن العربية عند الحاج مسلم استهجان أحمد خروب " أبو سليمان " الذي صاح بين الحاضرين ، وقال : يقولوا حاج ومسلم والله ما هو مسلم هو خور الواوي ( أي مستعمرة رعنا نيا ) ( ) ، وروى مثل ذلك داود الأشقر من قرية كفرثلث ( ). وحول شخصية الحاج محمد مسلم لم يؤيد أسعد القاسم أن يكون يهودياً مستعرباً ، ولكنه أقر بأنه عمل لمصلحته الخاصة ،حدثنا أسعد القاسم : " قمت بتفتيشه فوجدت أنه يلف حول وسطه زنار من الذهب المرصع داخل التمر ،وقد غادر برفقة عارف عبدالرازق إلى العراق ، ومنها توسط له عارف عند قنصل السعودية ، وعاد إليها " ( 55). لقد أجمع كثيرون على أن الثورة اخترقت من قبل مجموعة يهود كان أحدهم الحاج مسلم، وقد سمعت روايات شتى عن مصيره، فالبعض أشار أنه توجه للسعودية، وآخرين شاهدوه في مستعمرة رأس العين بعد حرب 1967 يميل الباحث للقول أن الحاج محمد المسلم وأمثاله أساءوا للثورة ، وليس من الغرابة في شيء أن يندسوا في الثورة* التي كان ينقص أصحابها الوعي الكافي ، ويظهر أن فصيل فارس استجاب لرغبة حزب المجلسيين في اغتيال وتصفية عدد من معارضيهم ،خاصة وأن فارس كان معجبا إلى حد كبير بالمفتي ويضع صورة المفتي على صدره ، وربما أعطى داود الحسيني تعليماته بالاغتيال بعد أن رافقهم بذريعة أنه مفتش ثورة وأن كان يرافق أعضاء الفصيل في صورة ثائر سوري يلبس ملابس شامية ، كما أن مصادر عديدة من الباحثين والكتاب كانت تتهم المفتي بعلاقته بالاغتيالات والقتل لمعارضيه أو بمحاولته شراء الذمم بالمال . موقف القائد العام للثورة عارف عبدالرازق من تمرد فارس العزوني : أصدر عارف أمراً باعتقال فارس بعد أن كثرت الشكاوى تجاه فصيل فارس العزوني وتمرده على القائد العام عارف عبدالرازق ، وقرر عارف القبض عليه وتجريده سلاحه ومحاكمته ، ولكن كيف تمت هذه الخطوة ؟ يذكر فيصل عارف عبدالرازق نقلاً عن الثائرين حمد زواتا وذياب المرجان في مقابلاته معهما أن عارف أرسل صديقه حمد ومعه ثلاثة ثوار إلى كفرثلث حيث كان يتواجد فارس وفصيله . وقد وصل حمد إلى كفرثلث وتحدث مع فارس وأظهر له تجاهله لخلافه مع عارف ، وذكر له أن رسائل و مكاتيب جاءت من دمشق . انطلت هذه الحيلة على فارس ووافق الذهاب معه . توجه فارس ومعه ما يقارب خمسة عشر ثائراً واتجهوا إلى قرية سرطة وحينما وصلها فارس ومن معه كان متعباً فنزلوا في بيت . نام فارس في غرفة ونام حمد في الغرفة الأخرى ونام الثوار المرافقين لفارس في غرفة ثالثة وصل عارف إلى البيت الذي يقيم فيه فارس وكان يغط في توم عميق . جلس حمد وعارف على جانبي فارس وبعد التحية أخرج عارف بعض الرسائل وقال أنها من دمشق ،وقبل أن يتم عارف حديثه كانت أيدي عارف وحمد قدسبقت فارس على الإمساك به قبل أن يدخلها لجيبه حيث كلن يحمل مسدسين، وحوكم فارس في محكمة الثورة وصدر بحقه حكم تلاه عبدالمنان الجبالي من قرية الطيبة في المثلث ،حيث حكم عليه بالإعدام ، ولكنه أمر بالإفراج عنه لأن رصيد أعماله الثورية غطت على أخطاءه وشفعت له ( فيصل عارف : ص 191ـ 192 ) ـــــــــــــــ حدثني ذيب ظاهر غرابة أنه التقى بالحاج مسلم في مستعمرة رأس العين بعد عام 1967 ، وكان ختيار كبير وسأله بحضور أشخاص من كفرثلث لماذا كنت تقتل العرب فأجاب هم من أمروني ، وهذه اشارة ليهودية الحاج مسلم .(مقابلة في 2/5/2002)
وهذه لائحة بالاتهامات الموجهة لفارس كما جاءت في منشور وزعه عارف عبدالرازق . مكتب الثورة الكبرى في فلسطين بسم الله الرحمن الرحيم التاريخ 9/ 2/ 1939 قرار حكم صادر ضد فارس رقم 15/ 39 . الاتهام: 1ـ عدم إطاعة الأوامر الصادرة عن القيادة العليا . 2ـ تهديد السكان مما سبب انقلابهم إلى أعداء للثورة ، نتج عن ذلك ازدياد عدد الجواسيس في البلاد . 3ـ قتل كثير من الناس الأبرياء بينهم أربعة نساء من عزون بدون أي سبب أو مبرر. 4ـ توجيه سلاح الأمة ضد الأمة من أجل أهداف شخصية ، كما حدث عند إطلاق الرصاص على عائلة شريم من قلقيلية عندما رفضت دفع مائتي جنيه ،ونتيجة لهذا الحادث هرب أفرادها غلى سوريا من الظلم والاضطهاد . 5 ـ اختلاس ممتلكات السكان دون أي سبب وبدون تفويض من القيادة . 6أـ إطلاق سراح الجاسوس الخائن فهمي صوفان بسبب أهداف شخصية . باسم الله والوطن : أنا القائد العام للثورة العربية في فلسطين أمر بإلقاء القبض على فارس العزوني وتجريده من سلاحه ، وإحضاره للمحاكمة أمام محكمة الثورة العسكرية بسبب الجرائم المذكورة التي نفذت على يده . محكمة الثورة العسكرية تعقد جلسة طارئة لمحاكمة هذا الرجل . وبصفتي رئيساً للمحكمة العسكرية بالدرجة الأولى وبدرجة محكمة استئناف فحصت الاتهامات ، وبحيث أنه وجد مذنباً بالاتهامات المذكورة التي تناقض وتلطخ أسم الثورة المقدسة ، وتؤكد المسموعات السيئة المنتشرة ضدنا وضد الثورة العربية الكبرى . لذلك أنا قائد الثورة العام ورئيس المحكمة العسكرية أحكم: ! ـ المتهم المذكور فارس العزوني يحكم بالموت رميا بالرصاص . هذا الحكم تلي أمامه وهو غير قابل للاستئناف. 2ـ إرجاع الممتلكات التي اغتصبها من السكان . " الله مولانا وناصرنا ... آمين " التوقيع رئيس محكمة العدل العليا للثورة في فلسطين المتوكل على الله عارف عبدالرازق ختم قيادة الثورة في سوريا الجنوبية " .( انظر : وثائق وشخصيات : عزرا دنين ، ص 79ـ 80 ) وحول الطريقة التي استدرج بها القائد العام عارف عبدالرازق قائد فصيل الموت العزوني ،حدثنا ثائر آخر كان أحد الذين حضروا محاكمة فارس . حدثنا أسعد القاسم ، فقال : " أرسل عارف لفارس بوساطة رفيقه حمد زواتا كتابا يدعوه للقدوم إلى قراوه بني حسان للاطلاع على رسائل ومكاتيب جاءت من سوريا ،وأمره بأن لا يأتي برجاله ، ومن الأفضل أن يجردهم سلاحهم لأنهم سيغادرون إلى دمشق فانطلت الحيلة على فارس وخبأ السلاح شرق قرية عزون ، وأبقى معه مسدسان . رفضت ومعي نمر القنبر أن نخلع سلاحنا ، وراودنا الشك فيما قاله حمد ،وتوجهنا إلى قراوة بني حسان ووصلها فارس وهو متعبً واستلقى على الأرض ونام ،عندها جاء إليه عارف عبدالرازق وحمد داود وأشهرا عليه سلاحهما ،وطلبا منه أن يمتثل لأوامر محكمة الثورة ،ووقف فارس أمام المحكمة الشعبية ليوجه له عبد المنان الجبالي بعض التهم ،منها : التمرد على أوامر القائد العام عارف عبدالرازق وارتكاب أعمال جرائم وقتل . وقبل بدأ المحاكمة،قال عارف : أن من يحاكم أمام محكمة ثورية عليه أن يخلع لباسه العسكري . والبسوه بدلا منها ملابس ممزقة ،وكانت حالته تثير الشفقة ،ونحن نراقب الموقف ،وقد أحضروا طاولةَ لمحاكمته،بعد أن أخذوا مسدسه وسألوا فارس أن يسلم قيادة الفصيل وزعامته لنمر القنبر فوافق ، لكن القنبر رفض ،وبعدها أركبوه فرسه، وصاروا به إلى سرطة ،وحينما أبعدوا عن الطريق قذفوا به عنها ، وأركبوه جحشاً خوفا من أن يراه الناس ،وفي الطريق حاول ذيب المرجان من قرية بديا أن يأخذ سلاحي فاستحكمت ،وهددت من يقترب مني ، فقال عارف يا أخي ليس لنا حاجة عند أسعد ،ووصلوا سرطة، وهناك في وسط القرية جمعهم عارف، وخطب فيهم ، وقال أصبحت نمرود يا فارس ! وها أنت تقتل فلاناً وفلانا فرد فارس هذا بأمرك ،وهذا بأمرك . ولكن من أمرك بقتل نساء عزون . هذا بأمري . وبأمر من قتلت علي البدوان ؟ قتلته بأمري. وقد قرأ فيها لوائح الاتهام التي صاغتها محكمة الثورة وجاءت على لسان أحد مساعديه المدعو عبدالمنان الجبالي ، الذي أدان فارس بالحكم شنقا . وحكم عليه عارف عبدالرازق بصفته القائد العام المسئول عن محكمة الثورة بالإعدام . قابل الناس هذا الحكم بالهتاف والتهليل، وهتفوا بصوت مدوي قائلين الله أكبر فليحيا العدل. وسار عارف ومعه رفاقه ، ومعهم فارس . وعبروا وادي قانا متجهين إلى دير استيا ،وحاول عارف أن يغير طريقه ،واتجاهه حتى لا نعرف وجهته ،ولأني كنت أعرف أساليبه اتجهت نحو دير استيا ،ونزلنا في بيت "أبو معروف " من دار منصور ،وتساءل قائلاً : مالكم شو صار لكم . ونزلوا بفارس في دار زعيم القرية مصطفى الموسى أبو حجلة ،وتضايق عارف من وجودي وما هي سوى لحظات وإذا بالإنجليز قادمين . فقال عارف :أنت أخبرت عنا ، أنت جاسوس . قلت : هذا ليس عملي ،وأنا جئت بالصدفة . ولما اقتربوا من البلد توجهنا إلى كفل حارس بناءً على أوامر عارف ،وبعدها بساعات أرسل لنا مصطفى أبو حجلة تعالوا ،وأكلنا معه حلو حيث جاء الانجليز إليه لتهنئته بالعيد عندها زالت عني الشبهة العاطلة ،وفي اليوم الثاني حضر من عزون الشيخ رشيد عبدا لسلام ،و وجاهة البلد وأصدروا عريضة بتوقيع جميع أبناء عزون ،وهددوا عارف أنه إذا حصل لفارس أي مكروه فستكون حرب بين قريتي عزون والطيبة ،واتجهوا به ثاني يوم إلى قرية صير،وهناك تصالحوا ،وأرجع له عارف مسدسه ،فقال فارس هذا مسدس النجس حمد ،وليس مسدسي ،وكان سلاح فارس جديد ويلمع "(58). أبدى أبناء عزون أسفهم ، وتعاطفهم معه حدثني عبدالخالق يحيى سويدان ،أن أبيه قال بهذه المناسبة : " فخر الرجال سلاسل وقيود وفخر النساء أساور وعقود " (59) . يبدو أن وقفة أبناء عزون القوية كانت سبباً في العفو عنه ، وترجح على رأي فيصل عبدالرازق الذي ذهب إلى القول أن والده عفي عنه بسبب سجله و أعماله الثورية ،كما أن مصطفى الموسى زعيم دير استيا لم يرض هو الآخر عن عمل عارف عبدالرازق وتخطيطه لتصفية الثائر فارس العزوني ، بينما كان حمد زواتا ميالاً للتخلص منه، كما حدث مع حسن علي أبو نجيم . وما من شك أن وقفة عزون القوية عجلت في الإفراج عن فارس.كما أن يقظة نمر القنبر وأسعد القاسم وغيرهم حالت دون الاستفراد بفارس وإعدامه . ويجدر الذكر أن فارس خرج إلى سوريا وتغيّب قرابة شهرين بناءً على أوامر من عارف عبدالرازق ، وعاد إلى البلاد بعد أن رحل عارف عنها . كانت هذه المسلكيات تبرز طبيعة الشروخ العميقة داخل الثورة وضعف السيطرة عليها ، وأنها سلبية تضاف إلى سلبيات الثورة .(60). فارس في حكم التاريخ: كان فارس العزوني شجاعاً إلى أبعد حد وجريئاً إلى درجة التهور ، تحضره البديهة كان صلباً لا يعرف المهادنة ولا المرونة في علاقاته مع الجماهير ، خاصة إذا علمنا أنه كان شابا في قمة تطوره، وعطائه ، حيث كان عمره 27 عاماً يوم إعدامه ، وفي هذا السن كان ينقصه الحكم الرصين الهادئ ، و كان سريع التأثر بالدعايات وأعمال الدس كالقتل ، وسفك الدماء والاغتيالات على العكس من المجاهد عبدالرحيم الحاج محمد الذي رفض التورط في قتل أشخاص ورغم ذلك أتهم باغتيال أخوين من آل أرشيد ،كما أن عارف اتهم أيضاً بالاغتيالات، ومثله رفيقه عبدالله الأسعد ، وما من شك أن عدداً من المشبوهين والمندسين وبعض المخاتير حاولوا تخريب مسار الثورة سواءً بالتأثير عليها أو الممارسة باسمها .ومثل ذلك فعل بعض مخاتير القرى القريبة من عزون ، وقد أثبتت الأيام أن بعضهم كان على اتصال مع بريطانيا وحزب المعارضة . في رأي الباحث أن فارس كان أبن مرحلته، حيث لم تسلم الثورة من أعمال الاغتيال ، وكان هذا التصرف دأب الكثيرين منهم ،ومما يؤسف له أن شراع الثورة أخذ يغرق في الاغتيالات في عام 1939 ، بينما اتجهت المعارضة وجهة سافرة وعملت عصابات السلام العميلة بملاحقة الثوار والهجوم على قرى عدد من القادة مما استنزف القوى الثورية وأنهكها وقوى جبهة الأعداء من بريطانيين وصهاينة . ومما يؤسف له أن الثائر عبدالله الأسعد في عتيل كان هو الآخر أصدر أوامره بإعدام مجموعة من النساء ،وكانت صحيفة الجهاد تشير إلى مسؤولية المتوكل على الله (عارف عبدالرازق )عن القتل وتتهمه بكونه الساعد المتطرف للمفتي ، وعددت الثورة أكثر من 70 شخصاً أعطى أوامر باغتيالهم (61). وفي ظل محدودية وغياب الرؤية الثورية ،و النظرية الثورية ، كان لابد لقائد فصيل الموت الشاب فارس أن يمارس العمل الفردي الذي يهوى وان يتورط في أعمال منافية للثورية ، وهي أعمال كانت نتائجها سلبية ومخاطرها جسيمة على الثورة والثوار . يبدو أن فارس كان يطيع أوامر قائد البلاد سماحة الحاج آمين الحسيني ، وهذا يفسر إعدامه لعدة أشخاص من قرى رام الله وغيرها ، وإلا ما الذي يجعله يقوم بعمليات اغتيال وإعدام للعملاء في يافا ومنطقة رام الله وقلقيلية وطوباس . ورغم كل الأخطاء المذكورة إلا أن ابنا ء المنطقة لا ينسوا آن فارس كان مضرب المثل في شجاعته ، كما انه لم يتورط أثناء الثورة في شبهة مع أي من النساء ، كما أنه حاول جهده إحياء الثورة في ظل تراجع الآخرين من القادة وهذا سر قيامه بعملية رأس العين بعد أن رجع من سوريا إلى فلسطين في أواخر شهر نيسان 1939 بينما كان قائده عارف عبدالرازق قد شد الرحال خارج فلسطين ووصلت أخبار عبوره دمشق في 12/4/ 1939. كما أن فارس لا يشك في وطنيته، بينما كان بعض القادة في ثورة 1936 متهمين بارتباطات. كانت سلبية الثائر فارس فقط في تسرعه في الأحكام وتنفيذه الأصم لما يأتيه من تعليمات من القيادة ،ويبقى أن أشير أن لكل ثائر دائرة وعيه ،وهذا هو الوعي الذي حكم معظم الثوار باستثناء القلائل منهم |
|