النهضة الأردنية تحتاج إلى إرادة سياسية وليس إلى ايادٍ مرتعشة
سليم البطاينة
لا جدل إطلاقاً بأن الاْردن يعيش الان حالة اشبه ما تكون شللاً وعجزاً خطيراً في قدراته بشتى اشكالها ويحاول جاهداً اخراج نفسه من هذا المستنقع الموحل الذي سقطنا فيه بفعل فاعل، فالأحداث التي مر بها الاْردن خلال عقود من الزمن كانت مؤلمة، فالخلوات التي عُقدت بين البحر الميت والعقبة جلبت الويل والكوارث لنا وكان عنوانها الأبرز وطنناً للبيع.
ففي أوائل تسعينات القرن الماضي سأل أحد قادة الاتحاد السوفياتي المنهار حديثاً في ذلك الوقت مسؤولاً أمريكياً رفيع المستوى كيف استطعتم هزيمتُنا وهدم الاتحاد السوفياتي دون إطلاق رصاصة واحدة أو تتكبدوا قتيلاً واحداً؟ فكان الجواب مُثيراً وقال بأننا صدرنا لكم أسوأ العناصر خبرة وأكثرها فساداً لتأخذ بزمام الأمور والقيادة .
فهنالك أسئلة معظمها حاضر لكن أجوبتها غائبة بل تأخرت؟ كيف سينهض الاْردن؟ فالاردنيين يتطلعون إلى نوستالجيا النهضة بكل شوق ، فهل لدى الدولة ومطبخ القرار خطوة حقيقية أولية نحو مشروع نهضوي تنموي شامل ؟ فحركة التاريخ علمتنا أنه لا يوجد نصر دائم ولا هزيمة دائمة ،، فالسنن الكونية لا تُحابي أحداً فمن يمتلكُ مقومات النهضة سينهض ، فالاردنيين الان باتوا يعرفون مكمن ألداء والدواء وقد تغيروا وأصبحوا أكثر وعياً وثقافة ويملكون من الفطنة والقدرة على التميز ما يتعدى الخيال
فالاردن الان في مسيس الحاجةُ إلى النهضة وليس إلى الحداثة أو الرقمية ، فهل هناك آليات تكفل عملية النهوض ؟؟ فالبحثُ في مسائل نهضتُننا يعني بالضرورة البحث في طبيعة السلطة السياسية والعلاقات الاجتماعية ، ومن هنا تنشأ ثُنائية الفكر السياسي في النهضة ( الاستبداد ، الديموقراطية ، الدمار ، والعمران ، والتأخر والتقدم ، ومقومات وجود العدالة الاجتماعية ، والفقر والبطالة والفساد والحاكمية الرشيدة ٠٠٠٠٠٠الخ ، ) وعليه فأن النهضة مشروع تنموي وفلسفة أستراتيجية تُترجم واقع المجتمع ورؤيته لطبيعة الحاضر والمستقبل ، وتنطلقُ منها عدة محاور ( سياسية واجتماعية واقتصادية) والهدفُ منها احداث تغير جذري للوصول إلى إدارة التغير
فمعظم الحكومات الاردنية بل أكثرها بدت متخبطة لا تملكُ الرؤيا ولا تستطيع ان تعرف المشكلة حتى تجد لها الحل، فمشاكلنا لا حصرُ لها ومتنوعة في تصنيفها فمعظمها ظلم اجتماعي وفقر وبطالة مرعبة وأخطرها ما هو مُتعلق بالهوية؟ فسجل الدولة مليء بالأخطاء والانتكاسات والهزائم والخيبات، فمهما تعددت الاسباب فمعظمها تخبط حيث تخلت الدولة وبفعل فاعل عن مواطنيها وعن مسؤولياتها تحت ثأثير الفهم السيء للخصخصة وتحرير الاقتصاد وبيع أصول الدولة والذي لا زال مستمراً وخفياً لدرجة اعتباره من اسرار الدولة
مناسبة هذا الكلام هو تصريح دولة الرئيس والذي مر دون ان يتوقف الكثيرون عند دلالاته، فأحياناً أشعر ان الرئيس يُغرر به وهو وحده بالساحة وقليل من المحيطين به يبدون له النصيحة فقد أخطاء منذُ البداية بالتعامل مع ملف الاعلام حيثُ تفتت الاعلام في عهده، فحتى الان لم يستطع تحقيق نجاح شعبي كبير على صعيد الشارع كما كان متوقعاً رغم ان الظروف هيئت له، علماً بانه نجح بملفات قوية وبهدوء وهي قضايا الفساد الذي ضرب البلاد وفر هارباً
والسؤال الذي يدور في ذهن الكثير من الحرس القديم؟ لماذا تراجع وتوقف الزخم السياسي والاقتصادي والدور المحوري للأردن الذي شهدناه في ستينات وحتى أواخر تسعينات القرن الماضي؟
فالاردنيون لن ينهضوا الا عندما يشعروا ان ظلم اليوم اقل من ظلم الامس وعدالة اليوم اكثر عدالة من عدالة الامس، وعندما لا تُصبحُ الحقوق امنيات، وعندما لا نخاف على نفسننا من وطننا، وعندما نقوم بتحطيم جدار الخوف والانطلاق تجاه بناء دولة القانون واستعادة الثقة بالمؤسسات، وعكس ذلك ستبقى الدولة وأجهزتُها تقرعُ الجرس لنا دون تقديم الطعام.
كاتب اردني