غنائم الحرب والقانون الدولي ومعركة بغداد القادمة
شبكة البصرة
ترجمة : كهلان القيسي
خطط أمريكا لبيع المؤسسات العراقية ,شكل من أشكال السطو (النهب) المتحضر( المتمدن)
هكذا كتب برين ويتكر في صحفية الكاردين البريطانية في يوم الاثنين 13 أكتوبر 2003
لقرون عديدة كان السلب والنهب التي تقوم به الجيوش الغازية آمرا اعتياديا في الحرب, وهي كوسيلة لمكافئة الجيوش التي لم تدفع أجورهم آو يحصلون على أجور قليلة, وهذا يدفعهم للمجازفة بأرواحهم أثناء الحرب
وهذه الأيام وعلى الأقل معظم الدول المتحضرة لاتسمح للجيوش بالسلب والنهب بل تركت ذلك لذوو البدلات ( القوط باللهجة العراقية ) ليقوموا بتللك المهمة ومن هنا أصبحنا لانسميه نهبا , بل نسميه تنمية اقتصادية
واليوم تجمع ذوو البدلات هؤلاء للمشاركة في مؤتمر ومعرض - الاستثمار في العراق- الذي استمر ليومين في لندن(الاولمبيا) وكان هناك عدد من المحتجين خارج قاعة المؤتمر. وهذا المؤتمر والمعرض مول من قبل المجلس التجاري العراقي- الامريكي, وهو حلقة من سلسلة من المؤتمرات التي تنظم في مختلف انحاء العالم للاثني عشر شهرا القادمة( مؤتمر اخر سوف يعقد في موسكو في كانون الثاني). والحصيلة النهائية من حلقات هذه السلسلة هي الغنيمة الكبرى التي ستكون على ارض الواقع في بغداد نهاية العام القادم
واعتمادا على قول المنظمون لمؤتمر لندن سيتحدث عدد من المسؤلين الأمريكيون وممثلون عن
Trade Partners UK
وهو قسم ترويج الصادرات الحكومية البريطانية
وان هذا التنسيق ( المؤتمرات) يلائم او يتماشى مع خطة بول بريمر مسول سلطة التحالف في العراق, التي اعلن عنها في حزيران وهي: بيع وبثمن بخس المؤسسات العراقية المملوكة للدولة ( ماعدا - ولو مؤقتا - النفط والغاز والمعادن) ليحول العراق بذلك الى رأسمالية عجيبة على الطراز الأمريكي.
وفي الشهر الماضي اصدر السيد بريمر القرار رقم 39 اعطى بموجبه المستثمرين الاجانب حق التملك الكامل وبدون حدود وكذلك بتملك او شراء الشركات العراقية
وهذا القرار يسمح للمستثمرين الاجانب بإخراج ارباحهم من البلد مباشرة وبالكامل , وبعبارة اخرى يمكنهم من الربح السريع والفرار من البلد دون استثمار الأرباح في البلد ( اربح واشلع )
وبينما يرى الكثيرون ان الصناعة العراقية هي بأمس الحاجة الى التطوير واعادة الهيكلة, وعلى اية حال فأن السؤالين هما : هل لبريمر الحق المشروع في ذلك ؟؟ وهل سيستخدمه بالطريقة المثلى ؟؟
وقد سبق لبريمر وان اعترف ان خططه هذه سوف تؤدي الى خلق بطالة واسعة النطاق وعلى الاقل في المدى القصير. فأن قراره السابق في حل الجيش العراقي قد ادى الى تهرؤ ( تدهور) الوضع الامني ,حيث ترك الاف من الجنود المتشكين بدون اي شيء الا في خلق اسباب الاضطراب
وقد اعتبرت هذه اكبر خطوة حمقاء , ويبدو ان بريمر مصمم على تكرار هذا الخطأ مع المدنيين من موظفي الدولة وحسب إحصاءات الأمم المتحدة فأن المستوى الحالي للبطالة يصل الى 50% _ 60% من القوى العاملة في العراق , وان البلاد ليست محتجين عاطلين جدد عن العمل.
والظاهر ان بريمر لم يظهر اهتماما ولم يستفيد من الدروس التي تسببت في نهاية الاتحاد السوفيتي التي تسمى (إصلاحات الصدمة الاقتصادية) وهنا إضافة عامل الاحتلال العسكري فان هذا يؤدي الى إشعال نار الكراهية ضد أمريكا
وان قراره رقم 39 هو أيضا غير قانوني, بالإضافة الى وطبقا للقانون الدولي ومعاهدة لاهاي الصادرة في عام 1907فانها توضح واجبات القوات الغازية تجاه الشعب المحتل.
وان المادة 43 منه تقول: انه عندما تهيمن القوات المحتلة على قطر ما يجب عليها قدر المستطاع حفظ النظام العام وحماية المواطنين, في نفس الوقت احترام قوانين البلد وتطبيقها الا اذا كانت هناك معوقات لهذا التطبيق.
من هذا يتضح ان بريمر ليس له الحق والسلطة لتغيير القوانين العراقية السائدة, والتي تتضمن ايضا تلك التي تتحكم بالاستثمارات الا اذا كانت أساسا غير قبلة للتطبيق
آما المادة رقم 55 فأنها تقول: إن القوات المحتلة هي التي تتولى فقط مهمة الإدارة والحفاظ على وحدة البلد وممتلكاته, ويجب ان تحافظ وبقوة على رؤس أموال هذه الممتلكات و إدارتها طبقا للأنظمة السائدة في هذا البلد. لذلك يظهر ان بريمر لم يكن له الحق مطلقا ابدا ان يبيع المؤسسات العراقية المملوكة للدولة.
ففي الأسبوع الماضي حاولت البارونة ( كروسبي) في مجلس اللوردات البريطاني التأكد( استيضاح) من وجهة نظر الحكومة البرطانية في السياسة التي يبيع بها بريمر_ وسالت في ما إذا كانت الحكومة تعتبر السياسات الحالية في العراق متطابقة مع النصائح القانونية التي يتلقاها رئيس الوزراء من مستشاره القانوني. وجاء الرد الواضح على سؤالها: ليس معهودا من الحكومات المتعاقبة الاعلان عن الاستشارات التي يقدمها المكتب القانوني لرئيس الوزراء_ ومن حسن الحظ انه لدينا فكرة واضحة حول رأي المستشار القانوني اللورد ( كولد سمث) حول هذه المسالة, فانه قدم استشارة مكتوبة إلى رئيس الوزراء توني بلير في 26-3-2003 آي بعد أسبوع واحد من بدء غزو العراق وقد تسربت هذه الاستشارة الى الصحافة بعد ذلك , وقال هذا المستشار القانوني ان رأيي انه يجب ان يكون هناك حاجة لإصدار قرار إضافي من مجلس الآمن الدولي لمنح السلطات واعادة اعمار العراق وتشكيل حكومة فيه
وفي غياب اي قرار وضح من مجلس الامن فان بريطانية وامريكا تكون ملزمة بموجب الصلاحيات السابقة للقانون الدولي التي توضح مسؤولية المحتل وبالأخص بنود معاهدة جنيف وقرارات لاهاي 1907.
واستمر تقرير كولد سمث بالقول ان قرارات لاهاي تفرض واجبات احترام القوانين السائدة في البلد المحتل الا اذا كان تطبيقها مستحيلا.
ولهذا فان بعض التغييرات في السلطة التنفيذية والادارية يمكن ان يكون مسموح بها اذا كان ذلك ضروريا لاستتباب الأمن العام او لحفظ الأمن العام والمساعدة على إنجاح الأهداف الإنسانية, كما قال: أما تغيير الأنظمة الحكومية والإدارية للدولة فان ذلك ليس قانونيا, وان القرارات التي فرضتها معاهدة لاهاي كما وضح المستشار القانوني- لايمكن إهمالها او عدم تطبيقها الا بقرار من مجلس الامن الدولي.
ومن الغريب ان قرار بريمر رقم 39 ادعى بانه استند الى هذه المرجعية, فقد قال ان هذا القرار يتماشى مع قرار مجلس الامن 1483 الذي قبل بالإجماع في مايس الماضي والذي رفع بموجبه الحصار عن العراق.
ومع ان هذا لقرار يشير بصورة غير واضحة (مادة
حول تشجيع الأعمال الاقتصاد والظروف التي تساعد على استمرار هذا التطور . فليس هنلك شيء إطلاقا يمكن ان نستنبط من ان هذا القرار أعطى بريمر آي صلاحيات لإجراء تعديلات شاملة في نظام الاستثمار الأجنبي, وهذا ما جاء في الفقرة الخاصة التي دعت كل مسؤول ان يمتثل بالكامل لقرارات لاهاي.
قانونية او عدم قانونية قرارات بريمر لا تسبب اية مشاكل الآن لادارة بوش, الا ان الإدارة الأمريكية سوف تواجه صعوبات كثيرة من نتائج هذه القرارات.
إن الرأي السائد في واشنطن والذي اعد من قبل ( جون بولتن وهو من صقور وزارة الخارجية) قبل أربعة سنوات عندما قال: انه من الخطأ الكبير لنا ان نعطي اية شرعية للقانون الدولي - حتى وان بدت لنا على المدى القريب مهمة ان نفعل ذلك-(اي العمل بالشرعية الدولية) ولكن على المدى البعيد, فان الذين يفكرون ان القانون الدولي يعني شيء فان هؤلاء يريدون ان يحددوا قوة وصلاحيات الولايات المتحدة.
وسواء وافقت الحكومة البريطانية التي يبدو إنها تميل ان تكون محرجة ورؤيتها غير واضحة حول هذه المسائل بالرغم من حضور ممثل ب
Tread partners Uk
في مؤتمر لندن فان هذا يظهر انها موافقة
ومع هذا فان الحكومة الأمريكية لم تعر اي اهتمام لذلك, و على ما نصت علية بنود معاهدة لاهاي فهذه فرصتها لإجراء الكثير من التغيرات في العراق
ومن هنا فان أملهم بالطبع يكون في: ان هذه التغييرات ( القوانين) سوف تستقر ولا يمكن تغييرها إذا ما تسلمت حكومة شرعية ومنتخبة في العراق, ومن جانب آخر فان هذه التغييرات قد تكون بعيدة المدى بحيث ان اي حكومة عراقية قادمة تضطر لإلغائها تماما لكي تكسب شعبية وثقة الشعب.
ووفق هذه القضية فان الغزو مع أهدافه المضحكة لإزالة صدام وسلاحه الذي لم يمتلكه _ قد تكون البداية لمعركة بغداد القادمة