ماليزيا: مسيرة نجيب رزاق من قمة السلطة إلى السجن
تم منع رزاق من السفر
أعلنت السلطات الماليزية عن اعتقال رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق في 3 يوليو/تموز 2018 ويتوقع أن توجه له تهم فساد بشكل رسمي غدا.
ويتهم رزاق باختلاس 700 مليون دولار من أحد الصناديق الاستثمارية السيادية التابعة للدولة عام 2015. وكان الصندوق يدير استثمارات بقيمة 6.5 مليار دولار تم اختلاسها برمتها.
ومنعت سلطات الهجرة رزاق من مغادرة البلاد بعد خسارته الانتخابات. وخسر ائتلاف باريزان القومي الذي كان يقوده رزاق الانتخابات النيابية أوائل شهر مايو/آيار الماضي.
وكان ائتلاف باريزان يسيطر على الحكم منذ الاستقلال عام 1957، لكن مكانته تضررت إلى حد كبير بسبب مزاعم فساد ومشاكل اقتصادية.
وقال مهاتير محمد بعد توليه منصب رئيس الحكومة، إنه سيتم إجراء تحقيق شامل في مزاعم الفساد بما في ذلك تلك المتعلقة باختلاس صندوق الاستثمار السيادي.
أكد مهاتير محمد انه سيعمل على إعادة مليارات الدولارات التي تم اختلاسها
القضية
طلب الإدعاء الأمريكي في يوليو/تموز 2016 من القضاء مصادرة أصول مالية بقيمة مليار دولار بدعوى أنها اختلست من صندوق الاسثتمار السيادي التابع للحكومة الماليزية والذي يعرف باسم " 1MBD". وكان رزاق قد أسس الصندوق عام 2009 لتعزيز النمو الاقتصاد عبر تحويل العاصمة كوالامبور إلى مركز نشاط مالي عالمي.
من هو نجيب رزاق؟
شغل رزاق منصب رئيس وزراء ماليزيا، منذ 03 ابريل/نيسان 2009 حتى خسارته الانتخابات الأخيرة التي جرت في شهر مايو/أيار الفائت.
ينتمي رزاق لأسرة ارستقراطية لها تاريخ طويل في مجال العمل السياسي، فهو النجل الأكبر لتون عبد الرزاق، ثاني رئيس وزراء ماليزي بعد الاستقلال، وهو الذي لعب دورا مهما في استقلال ماليزيا عن بريطانيا عام 1957.
كما أن عمه حسين أون أيضا كان ثالث رئيس وزراء في البلاد بعد الاستقلال.
ولد نجيب عام 1953، واسمه الكامل محمد نجيب عبد الرزاق، وترأس ائتلاف الجبهة الوطنية، التي تنتمي إلى يمين الوسط، وهو الائتلاف الحاكم في ماليزيا منذ انتخابات مايو/أيار 2013.
ودرس رزاق في بريطانيا وحصل على درجة الدكتوراة في الاقتصاد الصناعي من جامعة نوتينغهام عام 1974.
منع رئيس وزراء ماليزيا السابق نجيب رزاق من السفر
ثم عاد إلى ماليزيا في السنة نفسها وبدأ حياته العملية في شركة بتروناس النفطية الحكومية.
ودخل عالم السياسة من باب البرلمان، حين أصبح أصغر نائب في مجلس النواب الماليزي، وهو في الثالثة والعشرين، خلفا لوالده الذي توفي بشكل مفاجئ.
وتقلد بعد ذلك مناصب وزارية عدة في الحكومة، منها التربية، والاتصالات المالية، والدفاع وتولى منصب نائب رئيس الحكومة في حكومة عبد الله بدوي عام 2004 الذي استقال من منصبه عام 2009 وخلفه في المنصب نائبه.
وفي 2008 خسر ائتلاف باريزان (ائتلاف الجبهة الوطنية) ثلثي مقاعده في البرلمان، ولم يعد يتمتع بالأغلبية، لأول مرة منذ استقلال ماليزيا.
في عمر الـ 92 مهاتير محمد يصحح "أكبر خطأ في حياته"
ومنذ تولي منصب رئيس الوزراء، وهو يقود حزب "اتحاد المنظمة الماليزية الوطنية".
وتعهد رزاق بانتهاج سياسات أكثر انفتاحا على الصعيد السياسي عندما تولى منصب رئيس الحكومة لكنه أخفق في الوفاء بتلك التعهدات.
كما أصدر العديد من القوانين التي لجأ إليها لإسكات معارضيه ولإرضاء قاعدته الحزبية الأوسع التي تتركز بين الغالبية الملاوية المسلمة. ففي عام 2016 لجأ إلى قوانين محاربة الارهاب لاعتقال دعاة اصلاح قوانين الانتخابات. كما لجأ إلى سياسة الاعتقال دون محاكمة خلال السنوات الأخيرة من حكمه.
وكان أخر قانون أصدره رزاق قبل شهر من فقدانه السلطة يحمل اسم "قانون محاربة نشر الأخبار الكاذبة".
وعرف رزاق بسياساته الاقتصادية المنفتحة، التي قلصت من الدعم الحكومي، وفتحت الأبواب أمام الاستثمارات الأجنبية.
عثر على عدد كبير من الحقائب النسائية الباهظة الثمن في أماكن اقامة رزاق وزوجته
وتلقى رزاق 681 مليون دولار من العائلة المالكة السعودية وقال إنها كانت هبة من ملك السعودية حينذاك عبد الله وأنه أعادها إلى السعودية.
وبعد تحقيق المدعي العام الماليزي في هذا الأمر، أكد على أنه "ليس في ذلك أي مخالفة جنائية أو أي فساد في الأمر".
وواجه رزاق مزاعم بالفساد، وكان موضع ثلاثة تحقيقات أجرتها هيئة مكافحة الفساد لكن جرت تبرئته منها خلال وجوده في السلطة.
أنور إبراهيم: "من السجن للسلطة وبالعكس"
وقال المدعي العام الماليزي حينها إنه لم يثبت ارتكابه أي مخالفة جنائية.
ولا تقتصر مزاعم فساده على إختلاس صندوق الاستثمار بل سبق ذلك مزاعم فساد في عملية شراء غواصتين من فرنسا عام 2002. كما يتهم أحد مساعديه بقتل مترجمة تحمل الجنسية المنفولية كانت تعمل في مكتب رزاق عام 2006.
الشرطة الماليزية تعثر على أموال ومجوهرات في عقارات مملوكة لنجيب رزاق
عثرت الشرطة الماليزية على 284 صندوقا مليئة بمبالغ مالية ومجوهرات ومنتجات رفاهية في مقار لإقامة رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق
ضبطت الشرطة الماليزية مئات الصناديق التي تحتوي على منتجات رفاهية وحقائب يد مليئة بعملات أجنبية في عقارات مملوكة لرئيس الوزراء السابق نجيب رزاق.
يأتي ذلك في إطار المداهمات التي قامت بها قوات الأمن في كوالا لمبورضمن تحقيقات في قضية صندوق التنمية الماليزي الذي أثيرت حوله مزاعم فساد.
وكانت القضية سببا في خسارة رزاق الانتخابات أمام منافسه وحليفه السابق مهاتير محمد.
وثمة مليارات الدولارات غير معروفة المصدر في الصندوق الذي أسسه رزاق.
وتحاصر نجيب مزاعم فساد تتضمن حصوله على حوالي 700 مليون دولار، وهي المزاعم التي يستمر في نفيها. ورغم تبرئته من التورط في ممارسات فساد من قبل السلطات في ماليزيا، لا يزال رئيس الوزراء السابق يخضع للتحقيق في دول أخرى.
وقال مهاتير محمد، رئيس الوزراء الحالي في ماليزيا، إنه يدرس إعادة فتح التحقيق في القضية لقناعة تتوافر لديه بأنه يمكن استرداد المبالغ المفقودة، وذلك بعد اتخاذه قرارا بمنع نجيب رزاق من مغادرة البلاد.
واستمرت الشرطة في مداهمة مكتب نجيب، ومقر إقامته الخاص، وبعض العقارات التي يمتلكها في أحد الأحياء الراقية في العاصمة الماليزية، على مدار أيام على مرأى ومسمع من وسائل الإعلام.
صادرت السلطات الماليزية جميع ما عثرت عليه من أموال ومجوهرات ومنتجات رفاهية في مقار إقامة رئيس الوزراء السابق
كما استدعت الشرطة متخصص في فتح الخزانات لفتح خزانة كانت في منزل رئيس الوزراء الماليزي السابق.
وقال عمار سنغ، رئيس وحدة تحقيقات الجريمة التجارية، يوم الجمعة لوسائل إعلام إن العناصر التي عُثر عليها بلغ عددها "284 صندوقا تحتوي على حقائب يد من تصميمات مشهورة."
وأضاف: "عثر أفراد الوحدة على هذه الحقائب ومبالغ من المال بالرينغت الماليزي، والدولار الأمريكي، علاوة على ساعات ومجوهرات في 72 حقيبة."
وتابع: "لا أستطيع الآن تحديد كمية المجوهرات بالضبط لأننا صادرنا الحقائب التي تحتوي عليها، لكني أرى أنها كمية كبيرة من المجوهرات.
في المقابل، قال محامي نجيب إن تلك المداهمات جاءت من باب التضييق، وأنها لا تستند إلى إذن قانوني، علاوة على وصفه حجم المضبوطات بأنه "ليس بالكبير".
بماذا تفوقت روزما نجيب رزاق على نجمات هوليوود؟
رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب رزاق وزوجته بعد تصويتهما في الانتخابات البرلمانية
يواجه رئيس وزراء ماليزيا السابق نجيب رزاق مشاكل كبيرة لدرجة أنه لجأ إلى التقاط صورة له مع والدته المسنة، لاستدرار عطف الناس. فقد امتلأت 5 شاحنات بكميات لا تصدق من حقائب اليد الفاخرة والمجوهرات والنقود، والتي تبدو أنها أكبر عملية مصادرة في تاريخ البلاد.
وكان نجيب الذي خسر الانتخابات العامة في 9 مايو/أيار من العام الحالي، حاول الفرار بذريعة قضاء عطلة مع العائلة. لكن رئيس الوزراء الحالي مهاتير محمد منعه من ذلك.
وتمكنت الشرطة من مصادرة 284 صندوقا يحتوي على حقائب يدوية فاخرة من ماركة هيرمز بيركن ( Hermes Birkin ) وغيرها من الماركات الباهظة الثمن مثل مايكل كورس وشانيل و غوجي وبيربيري وفالانتينو وغيرها التي تعود جميعها إلى زوجته روزما منصور. وتفاجأت الشرطة بعد ذلك بالعثور على 72 حقيبة سفر مليئة بالنقود والمجوهرات.
مصدر الصورةGETTY IMAGES
Image caption
نموذج من حقائب هيرمز الفاخرة في المزادات في نيويورك 2014 .
وقال مدير دائرة التحقيق عمار سنغ خلال مؤتمر صحفي"هذا ما وجدناه في مبنى واحد من المباني الثلاثة" وأضاف بأن المبلغ الإجمالي كبير جداً لدرجة أن الشرطة طلبت جهازا لعدّ النقود بهدف إحصائها.
ويُعتقد أن خزنة في منزل رزاق تحتوي على سبائك من الذهب والأحجار الكريمة، بما في ذلك قلادة من الألماس تبلغ قيمتها 27 مليون دولار، تم شراؤها باستخدام الأموال المنهوبة.
أما ساعات اليد التي كان يرتديها نجيب وزوجته روزما، فقد وصل ثمن بعضها إلى ملايين الدولارات.
المتسوقة الاولى
في عام 2012، ذكرت صحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد" أن روزما أنفقت حوالي 100 ألف دولار في بوتيك واحد فقط لمصمم الأزياء كارل كاب لشراء 61 فستانا وقميصاً، لدرجة أن مالك البوتيك أطلق عليها لقب "المتسوقة الأولى".
وسارت روزما على خطى عشاق حقائب هيرمز التي لا يحملها إلا الأثرياء بسبب غلاء ثمنها.
وبعد مصادرة ذلك العدد الكبير من الحقائب النسائية من ماركة هيرمز وغيرها من الماركات الغالية الثمن من منزل نجيب رزاق، يُتوقع أن تتفوق روزما منصور على نجمات هوليوود لتصبح أكبر مالكة من الحقائب من الماركات المميزة بما فيها حقائب هيرمز الأغلى والأكثر طلباً في العالم.
ومن بين الشهيرات اللواتي يحملن حقائب هيرمز، فيكتوريا بيكهام، كيم كاردشيان وليدي غاغا وباميلا أندرسون وكاثرين جونز وجوليا روبرتز وبعض الفنانات العربيات مثل المغنية أحلام.
مصدر الصورةGETTY IMAGES
Image caption
فيكتوريا بيكهام أول من حملت حقائب الهرميز وسارت على خطاها كيم كاردشيان
حقائب هيرمز
تعتبر حقائب هيرمز الأغلى في العالم بسبب المواد التي تدخل في صناعتها مثل جلد التمساح والذهب والألماس وغيرها من المواد الثمينة. ولا يمكن شراؤها على الانترنت، فهي تُصنع بكميات محدودة جداً وتوزع على مخازن هيرمز بناء على طلبات الشراء، وأحيانا يتم تصنيعها حسب طلب الزبون.
في عام 2017، تم بيع حقيبة يد من ماركة هيرمز في هونغ كونغ بمبلغ 377 ألف دولار، وهو رقم قياسي عالمي، وكان دار كريستي قد قال وقتها بأن الحقيبة كانت تحتوي على قطع من الذهب الأبيض والألماس وأضافت الدار "حتى لو كنت تملك المال، فشراؤها صعب للغاية، وإن مدة الانتظار للحصول على حقيبة منها تبلغ ست سنوات".
وتقول شركة هيرمز أنها تنتج حقيبة واحدة أو اثنين في كل عام بسبب ساعات العمل الطويلة والشاقة التي تحتاجها عملية صباغة الجلد وتصميم المجوهرات المطلوبة لها.
ببساطة، لا يمكنك الدخول إلى المتجر لشراء حقيبة هيرمز، إن لم تكن معروفا سابقاً لديهم ولديك سجل عند الشركة. ففي هذه الحالة ستحتاج إلى "إجراء مقابلة معك" وتقييم مدى جديتك في الانفاق ومن ثم يُدرج اسمك في القائمة.
وسيكون أمراً مثيراً جداً لو وُجد ضمن حقائب روزما المصادرة، واحدة من حقائب هيمالايا بيركين الأغلى ثمناً وندرة في العالم.