الرئيس العراقي برهم صالح يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أول زيارة لرئيس مصري إلى العراق منذ 30 عاما
زيارة تاريخية بعد 3 عقود.. السيسي في بغداد من أجل الاقتصاد والأمن وسد النهضة
قبل أيام قليلة من الغزو العراقي للكويت، في أغسطس/آب 1990، توجه الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، إلى بغداد في محاولة أخيرة لرأب الصدع العربي، وكانت زيارته إلى العراق هي الأخيرة من نوعها لرئيس مصري على مدى أكثر من 3 عقود، حتى توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى بغداد الأحد.
واستهدفت الزيارة في الأساس المشاركة في القمة الثلاثية بين مصر والعراق والأردن، التي تمثل الجولة الرابعة لآلية التعاون الثلاثي، التي انطلقت بالقاهرة في مارس/آذار 2019.
وبحسب المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بسام راضي، تناولت القمة الثلاثية بحث سبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات بين الدول الثلاث، وتكثيف التنسيق بشأن مستجدات الأوضاع السياسية في المنطقة.
وحرصت وسائل إعلام مصرية على الإشارة إلى أن مشاركة السيسي في قمة بغداد، تأتي في إطار البناء على ما تحقق خلال 3 قمم رئاسية سابقة، وتقييم التطور في مختلف مجالات التعاون ومتابعة المشروعات الجاري تنفيذها، بالإضافة إلى تعزيز التشاور السياسي حول سبل التصدي للتحديات التي تواجه الشرق الأوسط.
وأجمع محللون مصريون قريبون من السلطة، على التأكيد على أهمية الزيارة؛ حيث قال وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي للتلفزيون المصري، إنها تكتسب أهمية خاصة لتعزيز التعاون بين البلدين والتأكيد على التعاون الثلاثي مع الأردن، متوقعا أن يكون لها نتائج إيجابية على المستويين الإقليمي والدولي.
وبدوره، يرى مساعد وزير الخارجية المصري سابقا السفير محمد حجازي، أن الزيارة أمر هام لبدء علاقات إستراتيجية مع واحدة من أهم البلدان العربية بالإضافة إلى الأردن.
وجاء في تصريحات نشرتها صحيفة الأهرام الحكومية، أن زيارة السيسي للعراق تفتح صفحة لتاريخ يغير جغرافية المنطقة وإستراتيجيتها الأمنية والعسكرية ولتحقيق تكامل اقتصادي نافع لشعوب البلدان الثلاثة ولشعوب "الشام الجديد"، علاوة على وضع اللبنة نحو تكامل اقتصادي وسياسي وأمني وعسكري عربي يقود المشرق العربي وشمال أفريقيا.
كما وصف الصحفي المصري، محمود بسيوني، الزيارة بأنها تكتب تاريخا جديدا في العلاقة بين البلدين، وقال إن مصر تقدم دعما كبيرا للعراق في استعادة مكانتها على الصعيد العربي، بعد أن كانت على مدى السنوات الماضية بعيدة عن التفاعل مع القضايا العربية بسبب الظروف التي مرت بها.
واعتبر بسيوني -في اتصال هاتفي مع قناة "إكسترا نيوز" (eXtra news)- أن هذه الزيارة تقدم فرصة للعراق لاستعادة دورها العربي، عبر بوابة القاهرة وبوابة التعاون الثلاثي مع مصر والأردن
وقمة بغداد الثلاثية هي رابع قمة بين الدول الثلاث؛ حيث عقدت الأولى بالقاهرة في مارس/آذار 2019، وكانت الثانية بواشنطن في سبتمبر/أيلول 2019، في حين جاءت الثالثة بعمّان في أغسطس/آب 2020، وشهدت القمم الثلاث وما تلاها من لقاءات على المستوى الوزاري إبرام عدة اتفاقات اقتصادية مشتركة وأخرى ثنائية.
سد النهضة
ولم تغب أزمة سد النهضة عن القمة الثلاثية؛ حيث رحب السيسي بموقف كل من العراق والأردن الذي يساند الموقف المصري بشأن السد الإثيوبي، واعتبر أن قضية السد تمثل إحدى أولويات السياسة المصرية؛ وذلك لتهديدها المباشر للأمن القومي المصري بمختلف جوانبه، حسبما نقل المتحدث باسم الرئاسة المصرية.
وخلال مؤتمر لوزراء خارجية الدول الثلاث أكد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، على الدعم المطلق من جانب عمّان لمصر والسودان حيث وصف موقفهما العقلاني المستند إلى القانون الدولي.
وشدد على ضرورة التوافق بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا حول السد الإثيوبي، وعدم الشروع في الملء الثاني للسد من دون اتفاق يرتكز إلى القانون الدولي ويلبي الحقوق المشروعة كاملة للدول المعنية.
يذكر أن القاهرة دخلت حالة من الجمود السياسي مع بغداد على إثر غزو العراق للكويت في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، ثم دخلت بغداد نفقًا مظلمًا مع دخول القوات الأميركية إلى الأراضي العراقية بزعم وجود أسلحة دمار شامل بها.
غير أن السنوات الماضية شهدت تحسنا في العلاقات بين البلدين على المستويين السياسي والاقتصادي.
ووفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، تعد القاهرة وعمّان حليفتين لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط؛ ولذلك فإن قمة اليوم الأحد تمثل محاولة لتقريب بغداد من واشنطن على اعتبار أن القاهرة وعمان حليفتان للولايات المتحدة، التي تسعى لإبعاد العراق عن إيران ذات النفوذ القوي عليها.
وكانت القمة الثلاثية تأجل انعقادها 3 مرات، الأولى في يناير/كانون الثاني الماضي، من غير الإعلان عن أسباب التأجيل، والثانية في مارس/آذار الماضي حينما وقع حادث تصادم القطارين الدامي بمصر، والثالثة عندما تم الكشف عن قضية زعزعة الاستقرار في الأردن، في أبريل/نيسان الماضي.