عنصريَّة وتمجيد للدكتاتوريات.. أسماء عربية في فلك اليمين الأوروبي المتطرف
من أصول شرق أوسطية أو شمال إفريقية، قد تختلف بلدانهم الأم كما دياناتهم، لكنهم اجتمعوا على شيء واحد: كراهية العرب والمسلمين. هم وجوه تنكَّرت لأصلها الإنساني، والتنوع الإثني والثقافي والديني، وارتمت في حضن اليمين المتطرف الأوروبي، يؤيدونه في اضطهاده الجاليات العربية والمسلمة هناك، كما يغازلون ديكاتوريات بلدانهم الأصل.
هي أوصاف تكرَّرت في عدد من الشخصيات التي تدعم أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا وحركاته، أو تدعمه من خارجه عبر كتابات صحفية تؤيد أفكاره العنصرية وتروج لها، بل وفي بعض الأحيان يفوق تطرفهم اليميني ذلك اليمين المتطرف بذاته. فيما بالنسبة لهذه الأحزاب هم أوراق يلعبون بها لغسل سمعتهم العدائية ضد العرب والمسلمين، حسب المحللين.
أكثر تطرُّفاً من لوبان
“أفضل دليل لتثبت أنك فرنسي هو التصويت لصالح الجبهة الوطنية”، هكذا دأبت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان الترويج لحزبها (قبل أن يغير اسمه لاحقاً إلى التجمع الوطني). بيد أن بعض العرب، ربما في سعي لإثبات فرنسيتهم حسب تعريف لوبان، يغدون أكثر فرنسية من لوبان ذات نفسها.
“هي حكاية أن القادم الأخير يغلق الباب وراءه.. فبعض أبناء المهاجرين يخالون بأنه كي تصبح فرنسياً عليك أن تكون عنصرياً تجاه المهاجرين” كما يؤكد شخصية اشتراكية في مقال لمجلة Le point الفرنسية. وجان مسيحة هو ابن أحد أولئك المهاجرين، الذين اختاروا الاندماج بكن العداء لكل ما هو عربي أو مسلم في البلاد، هو المولود أصلاً في مصر باسم “حسام” العربي ولأب دبلوماسي مصري لم ينتقل إلى فرنسا إلا عندما بلغ ابنه المذكور سن الثماني سنوات.
مسيحة كان أحد الوجوه البارزة لحزب التجمع اليميني المتطرف، وصولاً إلى سنة 2020 حين وجدته زعيمة الحزب أن خطابه يفوقها تطرفاً وعنصرية، إثر مواقفه المعادية للمسلمين بعد حادثة قتل المدرس الفرنسي سامويل باتي. فقرر الحزب طرده من منصبه داخل مكتبه السياسي، فيما اعتبره مسيحة ثمناً دفعه إزاء خوفه “على الجمهورية من خطر تنامي الإسلام” و “هذا ما عبرت عنه بحديثي”.
“ولقد تحدثنا بشكل ودي أنا ولوبان في الموضوع” يضيف مسيحة، “فهي لا تظن أن الإسلام كدين يمكن أن يكون مشكلة في فرنسا، عكسي الذي أرى الإسلام خطراً على البلاد وأن القرآن يدعو إلى أيديولوجية عنيفة”. ادعاءات مسيحة هذه لا يفوقه فيها إلا صديقه العنصري الآخر، إيريك زيميور، المدان في أكثر مرة ببث خطاب كراهية وتحريض على العنف ضد العرب والمسلمين.
زيمور الذي لا تدع بشرته الحنطية من شك حول أصوله المغاربية، هو المولود لعائلة يهودية جزائرية، والذي قال سابقاً إن “النظام النازي أفضل بالنسبة له من الإسلام”، يمثل بالنسبة للجماعات الفرنسية الأكثر تطرفاً الصوت المعبر عن عنصريتهم وعدائهم للعرب والمسلمين، عداء بلغ حد الترتيب لعمليات إرهابية تستهدف تلك الجاليات، قالت تقارير فرنسية إن أغلب المحقَّق معهم في هذه القضايا كانوا من المعجبين بخطاب زيمور.
وجوه مغاربية لتجميل العنصريَّة
اضطهاد المسلمين لم يعد حكراً في فرنسا على اليمين المتطرف، بل أصبح سياسة دولة بعد الميل الماكروني نحو ذلك التيار. فنجده مثلاً يتهم المسلمين بـ”الانعزالية” ويعمم عليهم صفة ما أسماه “التشدد الديني”، كما توعد وزير داخليته جيرالد دارمانان بمنع المأكولات “الحلال” من الأسواق الفرنسية. ومع ذلك نجد أصواتاً دورها أن تجمل ذلك الاضطهاد وتغسل عار عنصريته، وخير مثال على ذلك إمام مسجد دارسي (الضاحية الباريسية) حسن الشلغومي، الذي يقدم نفسه “تنويرياً” ويدعم قانون “الانعزالية المكروني” الذي أجمع باحثون فرنسيون على مساوئه المذكورة آنفاً.
هي الحالة نفسها بالنسبة للنائبة البرلمانية والصحافية الإيطالية ذات الأصول المغربية، سعاد السباعي، المقرَّبة من ماتيو سالفيني زعيم الرابطة الإيطالي اليميني المتطرف، لحد تنصيبها على رأس اللجنة الإيطالية للاندماج والعلاقات مع الجاليات الأجنبية. في حفل تنصيبها ألقت خطاباً نشره سالفيني على صفحته، تقول فيه بأن “إيطاليا ليست بلاداً عنصرياً” وأن المهاجرين هم من عليهم أن “ينضبطوا لقوانين البلاد”.قوانين في الأصل سالفيني هو من لم ينضبط لها حين اختطف واحتجز مهاجرين، في قضية ما زال يتابع فيها أمام المحكمة. فيما لا تدخر سعاد السباعي هي الأخرى جهداً في عدائها للمهاجرين والمسلمين، وهي التي رفع السفير المغربي السابق بروما قضيّة متهماً إياها بـ”بالتشهير ونشر معلومات كاذبة تهدف إلى تشويه صورة المغرب”.
كما هناك وجه آخر من الوجوه العربية الداعمة لليمين المتطرف الإيطالي، هو مجدي علام ذو الأصول المصرية، والذي تحول إلى المسيحية ثم غادر الكنيسة لأنها في نظره “غير قوية كفاية لمواجهة الإسلام”. يعد مجدي علام أحد الأقلام الأكثر عداء للمهاجرين، ويتشابه هو والإمام الفرنسي حسن الشلغومي في دعمهم لإسرائيل.
غزليات في الدكتاتوريات
نجد كذلك المشترك في هذه الوجوه، مع دعمها وترديدها لخطاب اليمين المتطرف، ما زالت متمسكة، ربما بنوع من الحنين، بالغزل في دكتاتوريات بلدانها الأصل. كمثال على ذلك نجد الكاتب الصحافي الإيطالي من أصول مصرية، شريف السباعي، الذي يتبنى نفس الأفكار والمواقف السالفينية (نسبة إلى ماتيو سالفيني)، لكنه في الوقت نفسه يعتبر السيسي هو حامي أوروبا من الخطر الإسلامي على حد تعبيره.
يقول السباعي في أحد منشوراته على صفحته بالفيسبوك، رداً على الامتعاض الإيطالي من توشيح ماكرون السيسي بوسام جوقة الشرف، وغضب الإيطاليين من هذا التشريف الفرنسي لرئيس ضالع في قتل الباحث جوليو ريجيني حسب حقوقيين. بأنه “صحيح، فالسيسي لا يستحق فقط جوقة الشرف، لأنه هو الذي يصد المد الإسلامي ويحارب الإرهابيين، ويعمل على تحسين العلاقات بإسرائيل.. علهم أن يتوجوه بجائزة نوبل للسلام”.
ولا يعادل تغزل السباعي في السيسي، غير تغزل كريفوك المسيان في بشار الأسد. هو اللاجئ السوري الأرميني المنتمي لحزب البديل من أجل ألمانيا المتطرف، والمتفاخر بتأييده للنظام السوري. ويعرف ألمسيان بتحريضه ضد اللاجئين السوريين كونهم أصبحوا في ألمانيا 5 ملايين لاجئ معظمهم مسلمون، وأنهم لن يندمجوا في المجتمع الألماني. وقد سبق ورفضت السلطات الألمانية طلبه للجوء، باعتبار أن تهديد النظام لا يطاله، الأمر الذي اعتبره حزب البديل المتطرف ضربة سياسية لأحد نشطائه