الصدر يصف فوز كتلته في الانتخابات البرلمانية العراقية بأنه انتصار للاصلاح ويتعهد بمحاربة الفساد ويحذر من التدخل بتشكيل حكومة العراق.. والمالكي في إثره
أعلن مقتدى الصدر، السياسي الشيعي زعيم التيار الصدري، الإثنين، تصدر قائمته لنتائج انتخابات برلمانية مبكرة أُجريت الأحد، وحذر من التدخل في تشكيل الحكومة، وتعهد بمحاربة الفساد وحصر السلام بيد الدولة ووضع حد للتدخلات الخارجية في شؤون بلاده.
وقال الصدر، في خطاب متلفز: “الحمد لله الذي أعز الإصلاح بكتلته الأكبر، كتلة عراقية لا شرقية ولا غربية”، في إشارة إلى تصدر كتلته واستقلاليتها عن كل من إيران والولايات المتحدة.
وتعهد بمحاربة الفساد، قائلا: “لا مكان للفساد والفاسدين في العراق بعد اليوم، وسنزيح الفساد بدمائنا إن اقتضت الضرورة، فهلموا إلى ورقة إصلاحية لا تقاسم فيها للسلطة على مصالح الشعب”، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.
وبعث الصدر برسالة اطمئنان إلى السفارة الأمريكية في العاصمة بغداد، التي تعرضت لهجمات صاروخية مكررة طيلة شهور، بقوله: “كل السفارات مرحب بها ما لم تتدخل في الشأن العراقي وتشكيل الحكومة”.
وتحّمل واشنطن فصائل شيعية مسلحة مقربة من طهران المسؤولية عن هذه الهجمات، في ظل ملفات خلافية عديدة بين الولايات المتحدة وإيران.
وحذر الصدر من أن “أي تدخل سيكون لنا رد دبلوماسي عليه، وربما شعبي، فالعراق للعراقيين فقط ولن نسمح بالتدخل على الإطلاق”.
وشدد على أنه “يجب حصر السلاح بيد الدولة ويُمنع استعمال السلاح خارج هذا النطاق، فقد آن للشعب أن يعيش بسلام، بلا احتلال أو إرهاب”.
وتابع: “من الآن وصاعدا، لن يكون للحكومة أو الأحزاب أن تتحكم بالأموال والخيرات، بل هي للشعب، ونفط الشعب للشعب وسنعمل على رفع مستوى الدينار العراقي ليكون بمصافِ العملات العالمية تدريجيا”.
ودعا الصدر أنصاره إلى الاحتفال من دون مظاهر مسلحة، قائلا: “ليكن احتفال الشعب بالكتلة الأكبر بلا مظاهر مسلحة ودون إزعاج الآخرين”.
وبالفعل، احتشد المئات من أنصاره في ساحة التحرير وسط بغداد، احتفالا بتصدر نتائج الانتخابات.
ورفع المحتفلون أعلام العراق وصورا لزعيمهم الصدر، مرددين هتافات مناهضة لـ”الفاسدين والميليشيات”.
وفي وقت سابق الإثنين، نشرت مفوضية الانتخابات (رسمية) أسماء الفائزين على موقعها الإلكتروني، دون الإشارة إلى الكتل السياسية التي مثّلوها في انتخابات بلغت نسبة المشاركة فيها 41 بالمئة، وهي الأدنى منذ 2005.
واستنادا إلى أسماء الفائزين، ذكرت الوكالة الرسمية أن “الكتلة الصدرية” تصدرت النتائج بـ73 مقعدا من أصل 329، فيما حصلت كتلة “تقدم”، بزعامة رئيس البرلمان المنحل محمد الحلبوسي (سُني)، على 38 مقعدا، وفي المرتبة الثالثة حلت كتلة “دولة القانون”، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي (2006-2014)، بـ37 مقعدا.
ويحتاج الصدر إلى التحالف مع كتل أخرى لتحقيق الأغلبية البسيطة، أي 165 مقعدا (50+1)، لتمرير الحكومة المقبلة.
وسبق وأن تصدر تحالف الصدر نتائج آخر انتخابات برلمانية في 2018، لكنه لم يتمكن من تكوين ائتلاف يسمح له بتشكيل الحكومة، فتم تأليفها بين كل الكتل الفائزة، وجرى توزيع المناصب على المكونات الرئيسية، وفق المبدأ المتعارف عليه بالمحاصصة.
وجاءت انتخابات الأحد قبل عام من موعدها المقرر بعد احتجاجات واسعة شهدها العراق، بدءا من مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2019 واستمرت لأكثر من سنة، وأطاحت بالحكومة السابقة، بقيادة عادل عبد المهدي، أواخر 2019.
وندد المحتجون بالطبقة السياسية المتنفذة المتهمة بالفساد والتبعية للخارج، وطالبوا بإصلاحات سياسية، بدءا من إلغاء نظام المحاصصة القائم على توزيع المناصب بين المكونات الرئيسية، وهي الشيعة والسُنة والأكراد.
وأشارت نتائج أولية ومسؤولون حكوميون ومتحدث باسم التيار الصدري إلى أن رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر جاء في المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية العراقية وزاد من عدد مقاعد كتلته في البرلمان.
وبدا أن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بصدد أن تحظى كتلته بالمركز الثاني بين الأحزاب العراقية الشيعية.
وهيمنت مجموعات شيعية عراقية على تشكيلات الحكومات العراقية منذ أن أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بالرئيس السني صدام حسين وأتى بالأغلبية الشيعية والأكراد إلى الحكم.
وجاءت هذه الانتخابات قبل موعدها المقرر بعدة أشهر نتيجة احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة وأطاحت بها في 2019، وأظهرت تلك الاحتجاجات غضبا واسع النطاق من الزعماء السياسيين إذ يقول الكثير من العراقيين إنهم أصبحوا أثرياء على حساب البلاد.
لكن تبين اليوم الاثنين أن الإقبال المنخفض بشكل غير مسبوق على الانتخابات البرلمانية في العراق أحبط ما اعتبره البعض فرصة لإقصاء النخبة الحاكمة وأن تأثير الاقتراع سيكون محدودا فيما يتعلق بإنهاء الوجود المستمر منذ عام 2003 للأحزاب الدينية الطائفية في الحكم.
وبناء على نتائج أولية من محافظات عراقية عدة إضافة إلى العاصمة بغداد تحقق منها مسؤولون حكوميون محليون، فقد فاز الصدر بأكثر من 70 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 329. وإذا تأكد ذلك، فسيعني أن الصدر سيكون له نفوذ كبير على تشكيل الحكومة.
وقال متحدث باسم مكتب الصدر إن عدد المقاعد الذي فاز بها التيار الصدري 73. ونشرت مؤسسات إخبارية محلية الرقم نفسه.
وذكر مسؤول بمفوضية الانتخابات في العراق أن الصدر جاء في المركز الأول لكن لم يتسن له بعد تأكيد عدد المقاعد الذي فازت بها كتلته.
كما أظهرت النتائج الأولية أيضا أن مرشحين موالين للإصلاح ممن ظهروا خلال احتجاجات 2019 فازوا بعدد من المقاعد.
ووفقا للنتائج الأولية ومسؤولين محليين، حظيت الأحزاب المدعومة من إيران بمقاعد أقل عن الانتخابات السابقة في 2018. وواجهت تلك الأحزاب والتي لها صلات بجماعات مسلحة اتهامات بقتل بعض المحتجين. وسقط في الاحتجاجات نحو 600 قتيل.
وزاد الصدر من نفوذه في الدولة العراقية منذ تصدرت كتلته الانتخابات في 2018 واحتلت 54 مقعدا في البرلمان.
وأصبح رجل الدين الشيعي الذي يصعب التكهن بأفعاله شخصية بارزة وحتى مرجحة لكفة دون الأخرى في المشهد السياسي العراقي منذ الغزو الأمريكي.
ويعارض الصدر كل أشكال التدخل الأجنبي في العراق سواء من الولايات المتحدة التي حارب ضدها بعد الغزو أو من إيران المجاورة التي ينتقدها لمشاركتها الوثيقة في صنع السياسات العراقية.
لكن الصدر، وفقا لمسؤولين مقربين منه، يزور إيران بشكل متكرر ودعا لانسحاب القوات الأمريكية من العراق وهي قوات قوامها حاليا 2500 جندي موجودة لقتال تنظيم الدولة الإسلامية.