مظاهرة مناهضة للصهيونية بباريس
الصهيونية.. رحلة إقامة دولة يهودية
حركة سياسية ظهرت أواخر القرن التاسع عشر الميلادي داخل التجمعات اليهودية في وسط وشرق أوروبا،
وقامت على فكرة إيجاد كيانٍ سياسي (دولة) تنهي حالة التيه التي يعيشها اليهود منذ إخضاعهم من قبل المملكة
الآشورية، وفق المعتقدات التلمودية، وتسمح بعودة الشعب اليهودي إلى الوطن أو الأرض الموعودة فلسطين.
الأسس الأيديولوجية
قامت الحركة الصهيونية على فكرة أن شتات اليهود عبر العالم نزع عنهم صفة الأمة وحرمهم من إقامة كيان أو
كيانات سياسية تضمن لهم التميز من الناحية الاجتماعية وتبعد عنهم خطر الذوبان داخل المجتمعات الأوروبية التي
كانوا يعيشون داخلها أقليات تعاني التهميش والاحتقار وتبقى على هامش الحياة السياسية والاقتصادية.
وترى الصهيونية أن العودة الموعودة لن تتم إلا بجهد يهودي صرف ليس له من ظهير إلا الدعم الإلهي، الذي لم
تنكره الصهيونية في بداياتها رغم أنها ستنزع منزعا علمانيا في العقود اللاحقة خاصة بعد قيام إسرائيل.
وظهرت الصهيونية في سياق أوروبي تميز بنزعة قومية متعاظمة سادت أوروبا في القرن التاسع عشر نتيجة
لقيام الدول الوطنية في القرنين السابع عشر والثامن عشر وما رافقها من حروب دموية كان الانتماء القومي
الركن الركين للتعبئة من أجلها وقيام كيانات وطنية قومية الهدف السياسي الأساسي لها.
النشأة
ارتبطت نشأة الحركة الصهيونية في الأذهان بالكاتب والصحفي السويسري تيودور هرتزل. ورغم الدور المركزي
لهرتزل في المشروع الصهيوني، فإن ابتكار كلمة صهيونية يعود للصحفي السويسري ناتان بيرنبون، زميل
هرتزل حين ابتكر هذا المصطلح عام 1890. وكان بيرنبون يؤكد أنه يعني النهضة السياسية لليهود بعودتهم
الجماعية إلى فلسطين، أو بمعنى آخر إعطاء مضمون سياسي وقومي لليهودية.
وقبلهما، تبنى مجموعة من الحاخامات القضية اليهودية منذ أواسط القرن التاسع عشر مدفوعين بموجة معاداة
السامية التي اجتاحت أوروبا في تلك المرحلة وتواصلت إلى أواسط القرن العشرين.
ومع ذلك، فإن هيرتزل هو أبو الحركة الصهيونية وصاحب مشروع الدولة اليهودية التي تحدث عنها بإسهاب في
كتاب أصدره عام 1896 وحمل عنوان "الدولة اليهودية" بسط فيه أفكارا عملية فعالة سيكون لها إسهامها الكبير
في إنجاح المشروع لاحقا. وتمحورت هذه الأفكار حول تهجير اليهود إلى فلسطين، والتعبئة من أجل القضية
اليهودية عبر العالم، ثم تجنيد الأوساط اليهودية خلف فكرة الدولة اليهودية التي لم تكن ذات أهمية لدى فئات
واسعة من اليهود.
وتحسب أول خطوة عملية ذات شأن في المشروع الصهيوني لجمعية أسسها الطلبة اليهود بمدينة خاركيف
الأوكرانية في 1882 وأطلق عليها جمعية "بيلو"، وحددت الجمعية لنفسها هدفا عمليا بسيط التنفيذ وذا فعالية
كبيرة في إنجاز المشروع الصهيوني هو إقامة تجمعات فلاحية لليهود الشرقيين في فلسطين.
مؤتمر بال
واكتسبت الحركة الصهيونية اهتماما سياسيا وإعلاميا هاما في أوروبا والعالم مع انعقاد مؤتمرها الأول بين 29
و31 أغسطس/آب 1897 في مدينة بال السويسرية.
وتوج المؤتمر أعماله بإعلان قيام الحركة الصهيونية العالمية وانتخب لها لجنة تنفيذية اتخذت من فيينا مقرا لها.
وتعززت هذه المؤسسات بذراع مالية هي الصندوق اليهودي الذي تأسس بناء على مقررات المؤتمر الخامس عام
1901.
وبالتزامن مع هذه الخطوة، تواترت موجات هجرات اليهود الشرقيين إلى فلسطين ولاسيما من روسيا بعد الثورة
البلشفية الفاشلة عام 1905.
وبحثا عن سند بين القوى الكبرى يومها، لجأ هيرتزل إلى الدولة العثمانية وفاوضها (بين عامي 1896-1906)
على إصدار ميثاق يمنح اليهود الحق في العودة إلى فلسطين، وعرض بالمقابل التدخل لدى القوى الأوروبية
لخفض المديونية العثمانية الهائلة.
لكن المفاوضات لم تصل إلى نتيجة، فقرر هيرتزل التوجه إلى بريطانيا واستطاع الحصول على فرصة عرض
إشكال الهجرة (ومنها الهجرة اليهودية) أمام مجلس العموم، وأقام صلات وثيقة مع ساسة بريطانيين بينهم وزير
المستعمرات جوزيف تشامبرلين الذي اقترح عليه إقامة تجمع لليهود في العريش أو أوغندا. ورغم فشل هذه
المساعي، فإنها شكلت نصرا سياسيا هاما، فقد جسدت اعتراف بريطانيا بأن اليهود أمة لها الحق في السيادة على
حيز ترابي خاص بها.
وكانت خطوات هيرتزل محط انتقاد شديد من الصهيوني الروسي شاييم ويزمان (رئيس إسرائيل بين 1949-
1952) الذي رأى أن ما سماه الصهيونية الدبلوماسية غير مجدية، وآثر بدلا عنها ما سماه الطريق الملكي.
وهكذا، باشر ويزمان اتصالات مكثفة بالمحيط المباشر لملك بريطانيا وأثمر جهده "وعد بلفور" المشؤوم الصادر
في الثاني نوفمبر/تشرين الثاني 1917، الذي مهد الطريق لقيام إسرائيل بعد ذلك بثلاثة عقود.
وبموازاة هذه المكاسب السياسية المتتالية، كانت المنظمات الصهيونية تُنظم الهجرة إلى فلسطين لتدارك التخلف
الديمغرافي مقابل الفلسطينيين، لكن الحركة الصهيونية واجهت تحديا آخر هو الرفض داخل المجتمع اليهودي
نفسه، إذ كانت فئات واسعة من هذا المجتمع غير مقتنعة بفكرة الدولة، ولم يحدث تحول ذو شأن في هذا المنحى
إلا بعد إبادة اليهود على يد النازية في محرقة الحرب العالمية الثانية.
وعد ثم دولة
وباركت القوى الاستعمارية (خاصة بريطانيا وفرنسا) قيام وطن لليهود في فلسطين، لكن بريطانيا وهي الوصية
على فلسطين كانت تريد أن لا تكون الدولة اليهودية مرادفا لنفي حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم.
واستطاعت العصابات الصهيونية إعداد نفسها لما بعد مرحلة الوجود البريطاني، ففي عام 1947 مثلا كانت
عصابات الهاغانا تتوفر على أربعين ألف عنصر في قوات الجيش والأمن التابعة لسلطات الانتداب.
وشكل قيام إسرائيل انتصارا لفكرة الدولة اليهودية كما بشر بها هيرتزل، لكن الحركة الصهيونية بدأت تنزع بشكل
مضطرد إلى مزيد من العلمانية، كما بدأت تنزع نزعة عنصرية متطرفة تطورت مع توالي السنين من مطلب جمع
اليهود في فلسطين إلى إقامة دولة على أنقاض دولة فلسطين ثم طرد العرب منها وإقامة دولة يهودية خالصة.
فالحركة الصهيونية ومعها إسرائيل تصنف في كثير من أرجاء العالم، حركة ودولة عنصرية ليس لمواقفها من
العرب وإنما لتمييزها بين اليهود أنفسهم، ومن أمثلة ذلك تهميش يهود الفلاشا الأحباش ويهود المشرق والمغرب
الإسلامي.
خُيّرت بين ثلاث دول لإقامة “إسرائيل”.. ماذا تعرف عن “الحركة الصهيونية”؟
قوات نازية في حراسة على محل تجاري يمتلكهه يهود، وتقول الرسومات الموجودة على النافذة: "أيها الخنزير
اليهودي فلتتعفن يداك"- آذار من عام 1938
شهد العالم خلال أيار الحالي عدة مظاهرات في دول مختلفة، أقامها متدينون يهود ينددون فيها باحتلال إسرائيل لأراضٍ فلسطينية، وسياسة الفصل العنصري التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
https://twitter.com/i/status/1393726211981860865ومن هؤلاء المتظاهرين من أشار إلى أن إقامة دولة مثل إسرائيل على أراضٍ عربية يعتبر مخالف للعقيدة اليهودية، مستشهدين بأقوال من كتبهم المقدسة، “التي توصيهم بعدم التجمع في مكان واحد وإنما الانتشار في الأرض”.
تقوم دولة إسرائيل الحالية على الفكر الصهيوني، الذي ظهر لأول مرة في أوروبا أواخر القرن الـ19، وطالب بإقامة دولة لليهود المضطهدين في العالم من أجل جمع شملهم وحمايتهم من الاضطهاد والقتل، اللذين عانى منهما الشعب اليهودي خلال الحرب العالمية الثانية.
ما الصهيونية؟
حركة سياسية يهودية، ظهرت في وسط وشرق قارة أوروبا في أواخر القرن الـ19، ودعت اليهود للهجرة إلى أرض فلسطين بدعوى أنها أرض الآباء والأجداد.
وترفض الحركة اندماج اليهود في المجتمعات الأخرى للتحرر من معاداة السامية والاضطهاد الذي وقع عليهم خلال القرن الـ19، الذي شهد الحرب العالمية الثانية التي قُتل فيها أكثر من ستة ملايين يهودي، بحسب “موسوعة الهولوكوست“.
وارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية الصحفي والكاتب المسرحي اليهودي النمساوي ثيودور هرتزل، الملقب من قبل اليهود باسم “رؤيا الدولة”، والذي يعد الداعية الأول للفكر الصهيوني الحديث الذي تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم.
وباعتبار أن هرتزل كان يعمل مراسلًا لصحيفة “نويه فراي برس“ في باريس، تابع قضية “درايفوس”، وهي فضيحة سياسية قسمت الجمهورية الفرنسية الثالثة من عام 1894، إلى أن تم حلها عام 1906، وكانت حادثة “معاداة السامية” سيئة السمعة في فرنسا، حيث أُدين “زورًا” نقيب يهودي في الجيش الفرنسي بتهمة التجسس لمصلحة ألمانيا.
وذكر هرتزل في كتابه “في دولة اليهود”، أن قضية “درايفوس” جعلت منه صهيونيًا، وأنه تأثر بشكل خاص بهتافات “الموت لليهود” من الحشود التي تجمعت لمشاهدة إعدام الضابط اليهودي.
وتعود تسمية “الحركة الصهيونية” إلى أحد ألقاب جبل صهيون في القدس كما ورد في “سفر إشعياء”، أحد مصادر العقيدة اليهودية، وصاغ هذا المصطلح الفيلسوف ناتان بيرنباوم، عام 1890، لوصف حركة “أحباء صهيون”، وأقر التسمية المؤتمر الصهيوني الأول في عام 1897.
واعتقد هرتزل أنه يجب على اليهود الانسحاب من أوروبا، وأنه لا يمكن التغلب على “معاداة السامية” أو الشفاء منها، بل تجنبها فقط، وأن الطريقة الوحيدة لذلك هي إنشاء دولة يهودية.
وتهود أسباب معاداة اليهود في أوروبا، إلى رؤية المسيحيين لليهود على وجه الخصوص على أنهم قتلة المسيح، ثم “الشعب الشاهد” (في الرؤية الكاثوليكية)، و”أداة الخلاص” (في الرؤية البروتستانتية).
المؤتمر الصهيوني الأول.. عدة أوطان متاحة
في شهر آب من عام عام 1897، حاول هرتزل عقد المؤتمر الصهيوني الأول في ميونيخ الألمانية، إلا أن المعارضة الشديدة من قبل التجمُّع اليهودي في ألمانيا والحاخامية في ميونيخ، حالت دون ذلك، ما اضطره لتأجيل المؤتمر.
نص المؤتمر على العمل لإقامة وطن قومي لليهود ويكون إما في فلسطين، وإما في الأرجنتين، وإما في أوغندا، وكان هذا المؤتمر يضم كل الجاليات اليهودية، بهدف العمل على تنفيذ هذا المشروع، وكان الأساس في إنشاء ما يعرف ببرنامج “بازل”، بحسب كتاب “حلم صهيون”، للكاتب الأمريكي لورانس جي ابشتاين.
لكن هرتزل نجح في الترويج لفكرة استعمار فلسطين، وإقامة وطن لليهود، وكان من أهم نتائج برنامج “بازل” إنشاء المنظمة الصهيونية العالمية لتنفيذ البرنامج الصهيوني، الذي ينص على أن “هدف الصهيوني هو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يضمنه القانون العام”.
حُددت الآليات التي ستتبعها المنظمة الصهيونية آنذاك في تنفيذ مشروعها من خلال ثلاثة بنود، وهي تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وتنظيم اليهود وربطهم بالحركة الصهيونية، واتخاذ السبل والتدابير للحصول على تأييد دول العالم للهدف الصهيوني (إعطاؤه شرعية دولية)، وتشكيل المنظمة الصهيونية العالمية بقيادة ثيودور هرتزل، وتشكيل الجهاز التنفيذي لـ”الوكالة اليهودية” لتنفيذ قرارات المؤتمر.
واقتصرت مهمة “الوكالة اليهودية” على جمع الأموال في صندوق قومي، لشراء الأراضي وإرسال مهاجرين يهود لإقامة مستعمرات في فلسطين، الأمر الذي تحقق على أرض فلسطين عام 1948.
ما “الساميّة” التي تعاقب القوانين على معاداتها؟
ينتشر مصطلح “معاداة السامية” في أغلب دول العالم، وتعتبر “معاداة السامية” جريمة يعاقب عليها في كثير من الدول، مثل أوروبا العلمانية، التي لا تحتوي قوانينها على تجريم ازدراء الأديان باستثناء جريمة “معاداة السامية”، فما أصل هذا المصطلح؟
استُعمل مصطلح “معاداة السامية” لأول مرة من قبل الباحث الألماني فيلهم مار، لوصف موجة العداء لليهود في أوروبا الوسطى في أواسط القرن الـ19، بحسب أرشيف “الموسوعة البريطانية“.
وجاء مصطلح “السامي” ليشمل العرب، والأكاديين، والكنعانيين، والعبرانيين، وبعض الإثيوبيين، والقبائل الآرامية، بلاد ما بين النهرين، والساحل الغربي من البحر الأبيض المتوسط، و شبه الجزيرة العربية، والقرن الإفريقي، و”السامي” هو عضو في شعب يتحدث مجموعة من اللغات ذات الصلة يفترض أنها مشتقة من لغة مشتركة.
أحد أهم وأكبر الشعوب السامية في العالم هم المتحدثون باللغة العربية الفصحى كلغة أولى، ويبلغ عددهم أكثر من 200 مليون شخص يعيشون في منطقة واسعة تمتد من ساحل المحيط الأطلسي في شمال إفريقيا إلى غربي إيران.
إلا أن عقوبة “معاداة السامية” في دول العالم لا تطبّق على معاداة السامية العربية أو الأكادية على سبيل المثال، إنما تطبق بحق من يعادي اليهود فقط.