منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الإسلام السياسي بين مرجعية النص وفقه الاجتهاد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الإسلام السياسي بين مرجعية النص وفقه الاجتهاد Empty
مُساهمةموضوع: الإسلام السياسي بين مرجعية النص وفقه الاجتهاد   الإسلام السياسي بين مرجعية النص وفقه الاجتهاد Emptyالثلاثاء 01 أكتوبر 2013, 6:36 am




الإسلام السياسي بين مرجعية النص وفقه الاجتهاد


هذا المصطلح وليد هذا العصر ، وبناء عليه طرحت كثير من الحركات الإسلامية فهمها ، للدولة ، تمسكاً بحرفية المصطلح أو تجاوزاً للمفهوم من حيث الشكل والتركيز على المحتوى . 
وقضية الدولة والحكم هي القضية الأصعب التي واجهت المسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي القضية أيضاً التي كانت محل افتراق بين كثير من الطوائف والمذاهب الإسلامية ، ومع التأكيد على أن الدولة بمفهومها السياسي ، والحاكم باعتباره رأس الدولة ضرورة بشرية ، وبالتالي فهي ضرورة إسلامية ، إذ أن أمور الناس عبر التاريخ لا يمكن أن تحل أو تسير بدون وجود دولة ترعى شؤونهم ومؤسسة حكم تسير هذه الأمور ، الأمامية الإثنى عشرية اعتبرت الإمامة ركناً من أركان الدين ، أي كالصلاة وبقية الأركان ، ولا يصح إيمان المسلم دون الاعتقاد بها . وما يمكن أن نطرحه ابتداء هو ليس الدين وإنما هو فهم للدين فالتفريق حاصل بين الدين والفكر الديني ، الدين تنزيل سماوي والمنزل عليه هو الرسول صل الله عليه وسلم المنزّه عن مقتضيات الغفلة والنسيان والسهو والخطأ والاشتباه ، أما الفكر الديني فهو قراءة بشرية للدين قابلة لأن تصيب أن تخطئ . 
الإمام الغزالي مثلاً يقول نظرية الإمام من الفرعيات ، والجويني يقول أن الكلام في الإمامة ليس من أصل الاعتقاد والقرافي يتوصل إلى تمييز الدين أو الرسالة عن الدولة ، فالرسول صل الله عليه وسلم في الرسالة مبلّغ وفي الإمامة منشئ وابن تيمية يقول إنها ليست من أركان الإسلام الخمسة، وابن خلدون يقول إنها من المصالح العامة . 
إن رأس الدولة إنسان غير معصوم ، هو بشر مجتهد ، والدولة اجتهاد بشري لا يحتكر التفكير لها جماعة من الناس أوفته دون غيرها ، فهي حق لكل من هو قادر على الوفاء بحقوقها فهي ليست دولة حزب أو جماعة مهما كبرت وامتدّت فالدين هو أشد أعداء احتكار السلطة والحكم هو حكم البشر والأمة هي مصدر الدولة تختار رأسها وأجهزتها وفق المصلحة وأعراف الناس والزمان ، والأمة هي مصدر تقنين النصوص فيما لا نص فيه وهي صاحبة السلطة في التغيير وقد رفض الإمام مالك أن يكون الموطأ هو وحدة قانون قضاء الدولة فهو اجتهاد مالك وهناك مجتهدون آخرون وابن خلدون يقول أن أهل العلم الديني ككل المتبحرين بالعلم النظري هم أبعد الناس عن إجادة الدولة بحاجتها للفعلية التي تراعي الواقع دون أن تغرق في النظريات والآية عندما تحدثت عن الطاعة تحدثت عن ( أولي ) فجعلت الخطاب بصيغة الجماعة . 
إن وجود المساحة المتغيرة في الخطاب الإسلامي للنظام العام في المجتمع بما فيه النظام السياسي هي التي تعطيه صلاحية الاستمرار الزماني ولكن الشريعة أيضاً حددت ضوابط لملئ هذه المتغيرات منها الضوابط المتعلقة بتعيين ولي الأمر ومنطقة الفراغ ومجال تشخيص الموضوعات والأهم والأصلح والمصالح الطارئة . 
إن موضوع الشأن السياسي في أغلبه اجتهاد موكول إلى المؤهلين ، فمن أين جاء شرط الاجتهاد للخليفة أن يقود الجيش وأن يبارز وشرط القرشية والبقاء في المنصب مدى الحياة . 
إن صلاح حال الناس غاية أعظم من أن تحول بيننا وبينها عقلية جامدة أو همة قاعدة ، والذين لا يقبلون من الآراء والأفكار إلا ما يجدونه مكتوباً عندهم يحكمون على الأمة بالبقاء حيث كانت ولنا أن نقول أن أسوأ صور الظلم وأبشع حالات الطغيان وأقساها ما كان مستنداً إلى استخدام نصوص دينية يتم تأويلها وفق أهواء الظالمين أو يدسّ على الدين ما ليس فيه لتحقيق نزوه أو القضاء على خصم يقول الدكتور برهان غليون ( من الواضح أن الناس لا يتنازعون في هذا السياق على تعيين حقيقة الإسلام أو معرفة جوهر رسالته وإنما يرتبط نزاعهم على الصراع على السلطة الذي تستغرقه مسألتان ( تداول السلطة ، وعلاقة الدولة ومؤسساتها بالمجتمع ) ، إن هناك مرونة في التشريع وحركية في الاجتهاد وبما أن الدولة الإسلامية التي نتحدث عنها هي ليست النموذج المقدس ولا النص الذي لا يحتمل النقاش فهي دولة المسلمين التاريخية ونشأت بينهم بصفتهم بشراً وهي تأخذ بعين الاعتبار بنية المجتمع وثقافته . 
فإذا كان الرسول صل الله عليه وسلم قد تصرف بالإمامة بصفته البشرية ، وفرق بين أمر السياسة وأمر الوحي ، فمن باب أولى أن يكون ذلك مفتاحاً لفهم طبيعة هذه الدولة وكيفية صياغتها ، ولعلّي هنا أطرح مسألة للنقاش وهي أيضاً فهمي للنص القرآني وليس أمراً قاطعاً ، أن آيات الحكم التي وردت في سياق الآيات (ومن لم يحكم بما أنزل الله ، فاولئك هم الكافرون) وفي آية أخرى (الظالمون) وفي آية ثالثة ( الفاسقون ) ، إن هذه الآيات لا تشير إلى الحكم بالمفهوم السياسي – مع التأكيد على وجوب انتفاء الظلم والكفر والفسوق في الحكم ، وإنما تشير إلى مفهوم قضائي يتضمن تطبيق النص القضائي كما ورد في سياق آيات كثيرة تتحدث عن الحقوق والعقوبات وغيرها وللحديث بقية . 




لنبدأ اولا بالحديث ان هناك التباسا دائما عبر التاريخ الاسلامي بين ما هو ديني وما هو سياسي، وان قضية التوظيف الديني للبعد السياسي كانت حاضرة عبر الدولة التاريخية للمسلمين.
ولنقل ايضا ان حضارتنا كانت حضارة مشرقة ومضيئة وان نقطة الضعف فيها كانت ولا زالت هي القضية السياسية. وكما قيل (ما سل سيف في مسألة كما سل في سبيل الامامة).
ولنحاول أن نقرر انه ما من حالة تصالح بين نطاقيين نظريين او عمليين يجعل احدهما تابعا للاخر، كمسألة العلم والدين أو الطب والدين، هناك حالة تصالح بينهما ولكن لا يوجد حالة تبعية لواحد للاخر، فليس كل العلم دينا، وليس كل الطب دينا، واذا كان هناك تصالح بين الدين والسياسة، فلا يعني ذلك التبعية المطلقة للسياسة للمفهوم الديني، وعندما نتحدث عن الاسلام السياسي فنحن هنا لا نقرر حقيقة مطلقة، ولعلنا سرنا في هذا المفهوم لاعطائه صفة المطلق والقدسية، مع ان السياسة ومنذ زمن الرسول صل الله عليه وسلم هي اجتهاد بشري والاحرى والاولى ان تقول الفكر الاسلامي، ورأينا في السياسة، او رأي الحزب الفلاني أو المفكر الفلاني، وليس هو الرأي القاطع للاسلام أي تصويره كأنه وحي من الله،
وعليه فان كل خطأ ارتكب في التاريخ الاسلامي ولا زال يرتكب بشريا من المسلمين ليس هو النص وانما هو الفقه والاجتهاد ان الدين يقدم لنا رؤية عامة ليتعاطى مع الشأن السياسي دون أن يتدخل في التفاصيل، وعندما يتحدث الاسلام عن الشورى كاطار عام يتحدث بصيغة (وشاورهم) أي أن هناك رأيا بشريا في هذا الاطار العام، وهكذا شاور الرسول صلى الله عليه وسلم في بدر وأحد والخندق، حتى أصبح القول المأثور ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من الرسول صل الله عليه وسلم، حقيقه ثابته ليعلمنا وهو الموحى اليه أن امر الدنيا أمر فيه اجتهاد.
ان أخطر ما في قضية السياسة أن تستدعي فيها كلمات الكفر والايمان ومن هنا لم يكن هناك غضاضة لدى عمر بن الخطاب أن يستفيد من تراث الفرس والروم الضارب في أعماق التاريخ في قضايا الادارة والاقتصاد وتصريف شؤون الناس وحياتهم، دون أن يقال أن هذا تشبه بالكفار، وكل فكرة يمكن أن تكون تراثا بشريا انسانيا مشتركا مفيدة يمكن أن نستفيد منها دون استدعاء لقضية الكفر والايمان.
لقد حاول نابليون أن يضحك على المسلمين فأعلن اسلامه وتزوج بنت شيخ الطرق الصوفية، ولبس العمامةـ وفي روما أعلن انه كاثوليكي وقال ان الاسلام يساوي بالنسبة لي (عمامة)
ان القران الكريم وهو كتاب هداية ومنهج للحياة لم يتضمن التفاصيل الخاصة بالشأن السياسي فليست هناك نصوص عن اختيار الحاكم وعزله أو شروط من يتولى احدى السلطات وترك ذلك لاختيار المسلمين واجتهادهم،
وعليه فان الاجتهاد في الامور السياسية واجب للحصول على ما هو مطلوب لتحقيق مقاصد الشرع، فالاسلام كما هو دين هو ايضا شريعة وبذلك يمكن الاختلاف في أمر العقيدة، فمن باب أولى أن يكون هناك اختلاف في أمر السياسة.
والعلاقة هنا ليست هي الفصل المطلق ولا التماهي المطلق، فالدين حاضر في السياسة كموجه وروح دافعة للامة وقوة لها، لكن الممارسة السياسية هي ممارسة بشرية لا ينبغي اضفاء طابع القداسة عليها وبالتالي نبتعد في النظرية الاسلامية السياسية عن نظرية الحق المطلق او المقدس او ما عرف بالتاريخ الاوروبي (بالثيوقراطية)
واذا كانت هناك قواعد عامة تؤطر لهذه المفاهيم، فان القانون يصوغ نصوصا تفضيلية وهي العملية التي يتولاها البشر المختصون وتطبيق القانون هو من صلاحيات الدولة وليس الأفراد وذلك يجب أن يتم في انسجام بين مقتضيات المرجعية ومعطيات الكسب الحضاري الانساني، ان العلاقة هنا هي علاقة الفروع المتغيرة بالاصول والاركان والمقاصد، والذين لا يقبلون من الأفكار والاراء الا ما يجدونه عندهم في كتاب مكتوب خارج النص المقدس يحكمون على الأمة البقاء حيث كانت، يتقدم الاخرون ونتأخر نحن والذين يرفضون كل فكرة سبقنا اليها غيرنا او اجتهد في تقريرها بعضنا مهما كانت موافقة لمقتضى الشرع انهم يخطّئون كل من سبقنا ولو لم يكن لهم به سابقة او عهد
وعليه فعندما ولى الرسول صلى الله عليه وسلم ابن (اللتبية) ولاه باجتهاد بشري وعندما جاء ليقول للرسول صل الله عليه وسلم هذا مال اهدي الي وهذا لكم، قال قولته المشهورة ( انما اولي الرجل فيأتي ويقول هذا لي وهذا لكم، افلا قعد في بيت ابيه وامه حتى يهدى اليه) ووضح الكسب غير المشروع من خلال الوظيفة العامة، ان المقصد بذلك ان التعاطي مع السياسة والولاية والشأن العام ليست تعاطيا مع نص مقدس بتفاصيله بل هي فروع لها اصول ولكنها متغيرة بتغير الأحوال.




تعددت أساليب اختيار الحاكم في صدر الدولة الإسلامية ففي مرحلة الخلافة الراشدة أخذت الشورى العامة أو شورى الاختصاص الشكل الأوسع في عملية الاختيار، بالرغم من الاختلاف الذي حصل واستقر الأمر لمعاوية بعد عام الجماعة، وفي مرضةالأخير قال معاوية لمن حوله ( إني كزرع مستحصد وقد طالت امرتي عليكم حتى مللتكم ومللتموني وتمنيت فراقكم وتمنيتم فراقي ولن يأتيكم بعدي إلا من أنا خير منه.
كما أن من قبلي كان خيراً مني ) ثم دعا ابنه يزيد فقال يا بني إني قد كفيتك الشد والرحال ووطأت لك الأمور وذللت لك الأعداء، وأخضعت لك رقاب العرب وجمعت لك ما لم يجمعه أحد، فانظر أهل الحجاز فإنهم أصلك واكرم من قدم عليك، وتعاهد من غاب، وانظر أهل العراق فإن سألوك أن تعزل عنهم كل يوم عاملاً فافعل، فإن عزل عامل أيسر من أن يشهر عليك مائة ألف سيف وانظر أهل الشام فليكونوا بطانتك، وإن رأيت من عدوك شيء فانتصر بهم، ثم ارددهم إلى بلادهم، فإنهم إن أقاموا بغيرها تغيرت أخلاقهم، وإني أخاف أن لا ينازعك في هذا الأمر إلاّ أربعة ( الحسين بن علي، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر )، فإذا خرج عليك الحسين بدعم أهل العراق وظفرت به فاصفح عنه، وأما الذي يجثم لك جثوم الأسد، ويراوغك مراوغة الثعلب، فإن أمكنته فرصة وثب فذاك ابن الزبير، وإن هو فعلها بك فظفرت به، فقطعه إربا إربا وأحقن دماء قومك ما استطعت وكان ملك معاوية أكثر من تسع عشر سنة بقليل، وبعد وفاته بويع لابنه يزيد، وهكذا بدأت الفتنة الجديدة وبدأت الدماء بممانعة ابن الزبير والحسين بن علي عن البيعة، ولأول مرّة يقتل ابن بنت رسول الله صل الله عليه وسلم، ولأول مرة في تاريخ الكعبة تضرب بالمنجنيق، لم يكن ذلك حتى قبل الإسلام، وتعقبنا على ذلك رأياً أن هناك ثلاثة اجتهادات في مسألة الحكم الشورى والبيعة عند أهل السنة وولاية الفقيه عند الشيعة الأمامية وولاية الأمة على نفسها عند الإمام محمد مهدي شمس الدين.
إن هناك قواعد عامة واجتهادية يمكن أن تدخل ضمن تفاصيلها قواعد تفصيلية في الحياة السياسية منها ( الضرورات تبيح المحظورات، دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، تصرف الإمام منوط بتحقيق المصلحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - الشورى والعدل والنهي عن الظلم حرية الرأي السياسي ) يقول الإمام ابن باديس، ( فحق كل إنسان في الحرية كحقه في الحياة، ومقدار ما عنده من الحياة بمقدار ما عنده من الحرية - والمعتدي عليه في حريته كالمعتدي عيه في شيء من حياته وما أرسل الله الرسل إلا ليعيش الناس أحراراً، وليعرفوا كيف يأخذون بأسباب الحرية والحياة ومنها قيمة المساواة والحكم ليس فوق المساءلة ). إن جوهر الدولة أن ينتقل الحكم من حكم الفرد إلى حكم القانون الذي يجعل سلوك الحكومة خاضعاً للقانون، وتحترم القيم والأهداف الأساسية للمجتمع، وإن النص والشورى بمفاهيمها السياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية هي أساس لتنفيذ الوجهة الإيجابية للحكم الإسلامي.
إن عقد النيابة عن الأمة عقد وكالة خاصة وليست مطلقة، وهي تمنع الحاكم من الجمع بين التجارة والإمارة، واستقلال القضاء والقبول بالاختلاف والتعددية والتسامح والتناصر لمقاومة الظلم واحترام إرادة الأمة وكفالة الحرية السياسية والدينية والعمل والرأي ومصطلح المجتمع المدني والدولة المدنية لا يتعارض مع الأصول والمبادئ العامة للدولة الإسلامية والقواعد العامة للنظام الإسلامي.
لقد شدد الإسلام في نصوصه على المدنية كحاله في مواجهة البداوة حتى إن اسم يثرب قد تغير ليصبح المدينة.
ومن المبدأ نفسه عمل الإسلام مشدداً على القيم المدنية لارتباطها بمغزى سياسي يمثل نواة قيام الدولة بشكل مؤسسي.







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الإسلام السياسي بين مرجعية النص وفقه الاجتهاد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإسلام السياسي بين مرجعية النص وفقه الاجتهاد   الإسلام السياسي بين مرجعية النص وفقه الاجتهاد Emptyالثلاثاء 01 أكتوبر 2013, 6:38 am


في المسيرة التاريخية للدولة الإسلامية - أو دولة المسلمين - استقر نظام الأسر بعد الخلافة الراشدة، وأصبحت الخلافة إلا ما ندر تعرف بأسماء أسرها (من أموية وعباسية وفاطمية وعثمانية)، وكانت دولة المماليك خروجاً على النص بنوعية تركيبها وبما قدمت أيضاً من خدمات في مواجهة المغول، وتكرس مفهوم ابن خلدون بالقول (لا بد للدولة من عصبية تحميها)، ويقصد بالعصبية هنا ليست (الفكرة) بقدر ما هي (العشيرة أو القبيلة)، وكانت بنية المجتمع تختلف من حيث الجوهر عن قشرة الحكم من حيث عمق الانتماء، مما أدى إلى وجود معارضة عبر التاريخ الإسلامي، قادها العلماء، وانقسم العلماء إلى أقسام، بعضهم كان من أصحاب الرأي والاجتهاد ومخالفة رأي الحاكم، وبعضهم إنساق لتطويع النصوص الدينية لتوافق رأي الحاكم، وتناسى هؤلاء العلماء أن كلمة (أولي أمر) الواردة في الآية الكريمة تشير إشارة صريحة إلى مفهوم الشورى، وتكرس مفهوم ولي الأمر وطاعته وعدم الخروج عليه، وأصبح مفهوم الوراثة أساسيا في التطور السياسي للدولة، وأصبح التاريخ يدور حول الأسر والأشخاص ودورهم.
تطالعنا في التاريخ الإسلامي مفردات ذات دلالة سياسية وأخرى يفهم من سياقها المدلول السياسي، ومنها كلمة ( الأحزاب )، وقد وردت كلمة الحزب في القرآن الكريم في عشرين موضعاً في ثلاث عشرة سورة ثمان بصيغة المفرد وواحدة بصيغة المثنى وأحدى عشرة مرة في صيغة الجمع وقد استعملت تارة للمدح وتارة للذم، وقد استعملت كلمة جماعة بدلاً من كلمة (حزب)، وقد تسببت هذه التسمية بإشكالات حول كلمة (جماعة والجماعة)، باعتبار أن كلمة الجماعة هي تملك الحق وبالتالي هي التي تمثل المسلمين، وبين من يقبل بجماعة من المسلمين ومعيار القبول والرفض ليس هو التسمية وإنما الهدف والمضمون.
وبهذا يتساوى (الحزب والجماعة) باعتبار معيارية الأهداف والمبادئ والمقاصد.
إن الأحزاب التي تدعو إلى الخير والحق، ويؤدي وجودها إلى تحقيق مصالح الناس أمر واجب وضروري، لأنها ضرورة لضمان حرية الرأي وعدم الاستبداد.
إن التعددية في جوهرها إقرار بالحرية والاختلاف والتعايش السلمي على قاعدة لا ضرر ولا ضرار، وفي فلسفتها العامة هي حقيقة فطرية وسنة كونية وقانون حياتي ونعمة إلهية، فالناس لا يعيشون في الحياة بذوق وتفكير ونمط وسلوك ومنهج في عالم النبات والحيوان وباطن الأرض والأجرام والتضاريس متعددة ومختلفة.
إن التعدد والتنوع قانون إلهي لأن تعدد مواهب الإنسان وتنوع علومه من شروط الاجتماع الإنساني، والتعددية تعني التسليم بالاختلاف في السياسة والاقتصاد والدين، وهذا يتطلب التسليم بنتائج التعدد من اختلاف في العقائد والمصالح وأنماط الحياة والاهتمامات والأولويات، وإيجاد صيغ ملائمة للتعبير في إطار من الحرية مناسب وبالحسنى واجتناب الصراع الذي يؤدي إلى تهديد بنية المجتمع لأن مصلحة الأمة فوق الاختلاف وفوق التعددية.
لا شك أن هناك اختلافا في وجهات النظر حول قضية التأصيل لمفهوم الأحزاب في التاريخ الإسلامي فالبعض يرى أن هيئة المهاجرين الأولية، وهيئة النقباء الاثنى عشر من الأنصار، والآراء التي قيلت في السقيفة تشكل إطاراً للاختلاف حول مفهوم السلطة التي حسمت سياسياً ولم تحسم دينياً.
أما الفرق فلم تكن فقط آراء فكرية وإنما كانت آراء سياسية بالمفهوم الحزبي وقد قيل يجب أن لا ترى كل جماعة وحدها على الحق بالمفهوم السياسي وحتى بالمفهوم الديني.
إن الإقرار بالاجتهاد هو إقرار بالتعددية في التصور والرؤية والمنهج، لأن الاجتهاد يؤسس لمشروعية الاختلاف والتنوع فإذا كانا كذلك في مسائل الفقه والشريعة فمن باب أولى أن يكونا ممكنين في المسائل المرتبطة بالحياة والمجتمع، وعليه فإن الاختلاف في أمر الدنيا بالبدائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية جائز، وعليه فلا بد من الاعتراف بالآخر كشرط للتعايش والتفاهم لأن الذي لا نعترف به لن يعترف بنا، والعالمية حلم جميل ولكنها لن تتحقق في الواقع، والاسلام يطرح (قوة المنطق) (لا منطق القوة)، وقوة القانون، لا قانون القوة.
في الدائرة الإسلامية أصبح من المقر فقهاً وواقعاً جواز التعددية السياسية بانساقها المختلفة والقرآن الكريم عندما تحدث عن انساق العقيدة والمجتمع تحدث عن النصارى واليهود والصابئة والمجوس، والأحزاب غير الإسلامية تدخل في دائرة الضرورة السياسية وبالعكس فإن التعددية صمام أمان في المجتمع يمنع التصادم، وإن التقيد بالنص التاريخي فقط يجعلنا محصورين في إطار الواقع الذي فرضه الاجتهاد في ذلك العصر ولسنا مقيدين إما بانتقاء الأفضل أو الأسوأ لأن التاريخ الإسلامي مر بالأفضل ومر بالأسوأ وفي كلا الأمرين عبرة لمن أراد أن يستفيد، 




إذا كانت المسألة السياسية كلها - على نحو ما أوضحنا - مسألة اجتهادية، فهل ثمة حكمة من ترك هذا الأمر الخطير للأمة تجتهد فيه بنفسها ؟ وهل هذا الاجتهاد غير مقيد بتحقيق غاية، ولا مرتبط بقيمة أو قيم سياسية، ينبغي أن يلاحظها المجتهد، ويلتزم بها الحاكم والمحكوم على السواء ؟
فأما السؤال الأول، فإن سكوت النصوص الإسلامية عن إيراد نظام حكم معين محدد التفاصيل، هو نفسه الباعث على تقرير كون الأمر السياسي كله أمراً اجتهادياً.
والحكمة في ذلك هي أن الشأن السياسي - كسائر الشؤون المرتبطة بالاجتماع الإنساني - لا يستقر على حال، فلو جاءت النصوص الإسلامية بتفصيلات لنظام حكم إسلامي فإنه كان سيلائم من أنزل القرآن الكريم في عصرهم - بلا جدال-، وربما لاءم من يأتي بعدهم من جيل إلى أو أجيال معدودة، لكن أنى له، مع التطور الاجتماعي، أن يبقى ملائماً للناس كافة إلى يوم القيامة ؟
ولم يكن هذا السكوت تقصيراً من الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا قصوراً في الرسالة نفسها - كما ذهب بعض الذين انتقدوا قولنا به - بل كان إيذاناً من الله سبحانه، ومن الرسول صل الله عليه وسلم، بأن الاجتهاد المشروع في الإسلام يشمل ذلك الجزء من تنظيم الحياة الإسلامية، فتركت الأبواب مشرعة للمسلمين يختارون في كل زمان ما يصل لهم بحسب أحوال كل عصر وظروفه.
وإذا كان الجمود قد أوقف الاجتهاد السياسي الإسلامي قروناً عن التجديد والإبداع والابتكار، فإن من فضائل الصحوة الإسلامية المعاصرة أن كسر المجتهدون والمفكرون هذا الجمود في المدرستين السنية والشيعية الإمامية على حد سواء.
وإذا كانت الخلافة - بصورتها العالمية المنصوص عليها في فقه أهل السنة - غير ممكنة الوقوع في عصرنا، أو في المستقبل المنظور، وكانت الإمامة المعصومة، كما نصت عليها كتب إخواننا الإمامية، تمر منذ ألف وثلاث مئة سنة بعصر الغيبة، وكانت ولاية الفقيه لا تلقى إجماعاً شيعياً ولا سنياً، فإن نظرية ( ولاية الأمة ) التي انتهى إليها اجتهاد العلامة محمد مهدي شمس الدين - رحمه الله - ترضي الأطراف كافة من الناحية الفقهية أو الاجتهادية فهي ترضى السنة لأنهم يقولون بمبدأ حق الأمة في الاختيار والتولية، ويقبل بها الشيعة ما دام الإمام المعصوم غائباً، وهكذا تصبح الحكومة الإسلامية المقيمة للشريعة حكومة توليها الأمة، وتغيرها الأمة بإرادتها الحرة.
وهذه الفكرة الاجتهادية تلتقي مع ما صح، من حيث الرواية، من اتفاق الحكمين أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص، رضي الله عنهما، من رد الأمر إلى النفر الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض، أي إلى الأمة، وهي تتيح للمسلمين تنظيماً يحقق المصلحة العامة للأمة، وهي تفتح الباب لجواز اختلاف النظم السياسية من قطر إلى قطر، وفي ذلك كله رفع لإصر الجمود عن الناس، وتيسير لأعمال أحكام الإسلام الكلية والتفصيلية دون انتظار لإقامة دولة الخلافة أو عودة الإمام الغائب المعصوم.
ويضبط إيقاع الاجتهاد الإسلامي السياسي، الالتزام بالقيم السياسية المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية، وما بني علي هذا القيم من قواعد فقهية.
فأما القيم السياسية الإسلامية فنعني بها أحكاماً ملزمة للحكام والمحكومين، والفقهاء والمجتهدين، على السواء ذلك أنها كلها محل نصوص صريحة في القرآن الكريم والسنة النبوية. والالتزام بها موضع إجماع من الأمة على امتداد العصور.
وأما القواعد الفقهية المستنبطة من هذه القيم فهي قوانين كلية تستخرج منها أحكام المسائل التفصيلية كمثل قاعدة ( الضرورات تبيح المحظورات ) وقاعدة ( وجوب جلب المصلحة ودرء المفسدة ) وأن ( دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة ) وأن ( تصرف الإمام على الرعية منوط بتحقيق مصلحتهم ).
وهذه القواعد كما يقول شيخنا - رحمه الله العلامة مصطفى الزرقا هي « أول فقهية كلية في نصوص موجزة دستورية تتضمن أحكاماً تشريعية عامة في الحوادث التي تدخل تحت موضوعها.




إنّ القيمة الأساسية التي تتفرع عنها سائر القيم السياسية الإسلامية هي مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهو المبدأ المقرر في القرآن الكريم في قوله تعالى }ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون{ (آل عمران: 3/104). وقوله }كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله{ (آل عمران: 3/110). ففي الآية الأولى أمر صريح بممارسة واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقييد الفلاح بفعل ذلك.
وفي الآية الثانية توقف وصف الأمة بالخيرية على كونها آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر، وربط لهذه الخصيصة بخصيصة الإيمان بالله. ويصف القرآن الكريم مهمة الرسول بأنه }يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر{ (الأعراف: 7/157).
وفي التنزيل الكريم نعي متتابع على أهل الكتاب وأحبارهم ورهبانهم، لأنهم تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلاً المائدة: (5/63 و78 و79)، والعلماء يقررون أن أي أمة تركت هذا الواجب، فإنها تستحق ما استحقه تاركوه من الأمم السابقة من غضب الله عليهم ولعنه إياهم. وفي السنة النبوية طائفة كبيرة من الأحاديث الصحيحة التي تأمر الأمة بأداء واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. يكفي هنا أن نذكر منها قول رسول الله صل الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكراً فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان».
والترتيب في هذا الحديث غير مراد، فإن محل الإنكار الأول هو القلب، ثم يكون النهي عن المنكر بأخف الوسائل وهو الكلام باللسان، ثم يكون التغيير باليد لمن فيه من سلطات الدولة، وبشرط أمن الفتنة، أو كما يقول الفقهاء «بشرط ألا يترتب على تغيير المنكر منكر أكبر منه « وذلك تطبيقاً لقاعدة «يرتكب أخف الضررين».
وقد وصف الإمام الغزالي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأنه: «القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين».
والقيمة السياسية الإسلامية، التي تلي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأهمية، هي الشورى. وقد ذكرها القرآن الكريم في آيتين كريمتين، أحدهما مكية، نزلت قبل أن تكون للمسلمين دولة ولا حكومة، لتدل على أصالة هذه القيمة في البنيان الإسلامي، وأنها من خصائص الإسلام التي يجب أن يلتزمها المسلمون سواء أكانوا يشكلون جماعة لم تقم لها دولة - كما كانت حالهم في مكة - أم كان لهم دولة قائمة بالفعل، كما كانت حالهم في المدينة.
فالآية المكية هي قول الله تعالى: }والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون{ (الشورى: 42/38). والشورى هنا هي واسطة العقد بين الإيمان والصلاة والزكاة، فهي في المرتبة نفسها التي تقف هذه الأركان فيها، وإلا ما كان لائقاً ببلاغة القرآن ونظمة الرباني أن ترد في مورد هذه الأركان وسياقها.
والآية الثانية -المدنية- هي قول الله، تبارك اسمه، في سورة آل عمران مخاطباً الرسول صل الله عليه وسلم: }فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين{ (آل عمران: 3/159). وقد نزلت هذه الآية الكريمة في أعقاب غزوة أحد، وما أصاب المسلمين فيها من القرح }إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس{ (آل عمران: 3/140) وقد بينت أحداث غزوة أحد أن ما كان النبي يميل إليه من البقاء داخل المدينة كان أصوب مما نزل عليه من رأي أصحابه من الخروج، ومع ذلك نزل القرآن في أعقاب ذلك يأمره بالعفو عن أصحابه والاستغفار لهم ومشاورتهم في الأمر كله.
وفي السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: «ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صل الله عليه وسلم».
ويربط الإمام محمد عبده بين واجب الشورى، وواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقوله: «إن آية سورة الشورى تتضمن مدحاً للمؤمنين بأخذهم بالشورى، وآية سورة آل عمران توجب المشاورة، ؟ إن آية آل عمران }ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون{ ( آل عمران: 3/104) تفرض أن يكون في الناس جماعة متحدون وأقوياء يتولون الدعوة الى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو عام في الحكام والمحكومين، ولا أمر أعرف من العدل، ولا منكر أنكر من الظلم.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الإسلام السياسي بين مرجعية النص وفقه الاجتهاد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإسلام السياسي بين مرجعية النص وفقه الاجتهاد   الإسلام السياسي بين مرجعية النص وفقه الاجتهاد Emptyالثلاثاء 01 أكتوبر 2013, 6:39 am


الحديث عن المرأة ودروها في حياتنا السياسية الحاضرة مطلوب ومهم في المجتمع الإسلامي كله, لأن المرأة المسلمة بين شقي رحى, أو بين أمرين أحلاهما مر: بين فريق من أهل الرأي والقدرة على الفعل يرون أنها لا تصلح لشيء الا انجاب الأطفال ورعاية المنزل.
وأصحاب هذا الرأي يرون المرأة كلها عورة: وأنها المصدر الوحيد للفتنة. وأن خروجها من البيت لأي سبب كان هو أعظم محنة. إن الذي اصاب المسلمين من فساد الدنيا والدين مرجعه كله إلى المرأة! وبعض هؤلاء يجاهر بأن عملها حرام. ومصافحتها حرام. والحديث معها في أي شأن حرام، أو قريب من الحرام.
وليس أشد خطأ من أصحاب هذا الرأي إلا أصحاب الرأي النقيض له، الذين يرون أن كل قيد متعلق بحشمة المرأة وحجابها أو عفتها وصيانتها: تخلف ورجعية. ويدعون المرأة المسلمة إلى التشبه بنساء الغرب اللاتي لم يعد يحول بينهن وبين شيء مما حرمه الله دين، ولا التزام خلقي ولا محاسبة اجتماعية، ولا روابط أسرية، فالعفيفة هناك حرة، والبالغة منتهى ما يبلغه بالإنسان تحلله من كل قيد حرة مثلها تماماً.
 ولا ينقم أهل العفة والصيانة على أهل الفجور والانحلال وكأنهم جميعاً قد صدق فيهم قول الله تعالى في بني اسرائيل : ( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) (المائدة: 5/
79).
 ومن أفضل المعالجات المعاصرة لهذه المسألة: معالجة فضيلة شيخنا حجة الإسلام محمد الغزالي في كتابه: (قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة)، ومن قبله كتاب العلامة الشيخ مصطفى السباعي (المرأة بين الفقه والقانون)، الذي أصبح منذ صدوره مرجعاً لكل من درس مسألة المرأة وأحكام الإسلام في شؤونها.
وقد توج جهود المعاصرين في هذا الموضوع العمل العلمي الكبير الذي أخرجه للناس الأستاذ عبدالحليم محمد أبو شقة- رحمه الله بعنوان: (تحرير المرأة في عصر الرسالة)، وهو موسوعة للآيات القرآنية وللحديث الصحيح، من البخاري ومسلم، ونادراً ما يعرج على غيرهما؛ ليبين كيف عالج الإسلام في مصدره الأصلي القرآن الكريم، ثم في السنة الصحيحة، شأن المرأة. وقد فتح الباب لهذا البحث صديق حسن خان بكتابه (حسن الأسوة فيما ورد عن رسول الله في النسوة)، الذي جمع فيه عدد من الأحاديث الخاصة بأحكام النساء وأوضاعهن. 
 والمقرر عند جمهور العلماء بالشريعة والمشتغلين بالفقه الإسلامي أن الأحكام التشريعية في جملتها وتفصيلها تقررت كما قدمنا – لتحقيق مصالح الناس. وأن هذه المصالح ترجع في جملتها إلى حفظ ما يسمى بالكليات الخمس وهي ( النفس والعقل والعرض والمال والدين)، ويضيف إليها بعض العلماء أصلاً سادساً هو (منع الفساد). وتحقيق هذه مصالح والتمكين لها يكون على وفق القواعد الإسلامية العامة 
 ومثل هذا الحديث، ما رواه الإمام مسلم عن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". والمرأة والرجل سواء في مطالبتهم التدين بالإسلام والامتثال له، فإذا كان (الدين) هو النصيحة، أي كانت النصيحة جزءاً لا يتجزأ منه وفرعاً لا ينفصل عنه، ومعلماً مهماً من معالمه حتى دل النبي صل الله عليه وسلم بها – وهي جزء على الكل الذي هو الدين، فكيف يصح إن يقال إن النساء لسن مسؤولات عن أداء هذا الواجب؟ وهل العمل العام كله أو جله، إلا نصيحة بوجه من الوجوه، وهي القيام بواجب من واجبات الدين؟ فمن الذي يستطيع حرمان النساء بلا دليل ولا شبهة دليل من أداء هذا الواجب؟
السنة مثل القرآن إذاً في التسوية بين الرجال والنساء في إيجاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليهم جميعاً، وفي مطالبتهم بآدائه اذا جعلت الدين هو النصيحة والدين هو موضع التكليف الكلي للرجال والنساء معاً.
فإذا تبين هذا لم يعد لأحد حجة في ابعاد النساء عن العمل العام بسبب أنهن نساء. ويتأكد هذا بالسوابق الإسلامية الثابتة منذ عهد النبوة لمشاركة المرأة في الحياة الإجتماعية، فقد كانت النساء يشاركن الرجال في جيوش رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشق أنواع العمل العام، وأعظمها خطراً، واكثرها تعريضاً للمرأة لما تتجنبه عادةً، أعني القتال الفعلي مع الجيوش الإسلامية. ففي طبقات ابن سعد في ترجة نسيبة بنت كعب الأنصارية – أم عمارة – أنها قاتلت يوم أحد، وأبلت بلاءً حسناً، وجرحت إثني عشر جرحاً بين طعنة برمح أو ضربة بسيف، وأن النبي صل الله عليه وسلم قال عنها يوم أحد: " ما التفت يميناً ولا شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني".




ذكر المقريزي في (إمتاع الأسماع) قتال الصحابيات يوم حنين فقال: « وكانت أم عمارة في يدها سيف صارم، وأم سليم معها خنجر قد حزمته على وسطها وهي يومئذٍ حامل بعبد الله ابن أبي طلحة، وأم سليط، وأم الحارث - حين انهزم الناس- يقاتلن وأم عمارة تصيح بالأنصار: أية عادة هذه، ما لكم وللفرار، وشدت على رجل من هوزان فقتلته وأخذت سيفه.
 وقد شاركت النساء في الهجرة إلى الحبشة، وفي الهجرة إلى المدينة. والهجرة عمل سياسي يقوم به المهاجر عندما تضيق عليه أرضه الأصلية، وتحول بينه وبين أداء واجبات دينه والعمل المنظم لنصرة عقيدته، وليست فراراً إلى أرض يتمكن المهاجر فيها من أداء العبادات فقط.
 وقد وصف الأستاذ ظافر القاسمي -رحمه الله- في كتابه القيم: (نظام الحكم في الشريعة والتاريخ) الأمر النبوي بالهجرة إلى الحبشة بأنه أول عمل سياسي قام به الرسول صل الله عليه وسلم.
 والهجرة إلى المدينة كانت عملاً سياسياً محضاً، فهي لم يؤذن بها إلا بعد الإذن للنبي صل الله عليه وسلم لصحابته وهو يأمرهم بالخروج إلى المدينة: «أن الله -عز وجل- قد جعل لكم إخواناً وداراً تأمنون بها».
 وقد شاركت المرأة في الشورى السياسية في صحيح البخاري. وفي كتب السيرة المتعددة واقعة مشورة أم سلمة على رسول الله صل الله عليه وسلم يوم الحديبية في قصة مفصلة، جميلة، فليراجعها من أراد.
 وأشارت أم سليم على رسول الله صل الله عليه وسلم يوم حنين بقتل الطلقاء ( مسلمة الفتح الذين انهزموا يوم حنين فظنت هي أنهم سبب انكسار جيش المسلمين) فقال لها: « يا أم سليم، الله قد كفى وأحسن».
 وأشارت حفصة بنت عمر بن الخطاب على أبيها أن يستخلف بعده رجلاً على أمر المسلمين فأبى وقال: « الله عز وجل يحفظ دينه، وإني لئن لا أستخلف فإن رسول الله صل الله عليه وسلم لم يستخلف، وإن استخلف فإن أبا بكر قد استخلف، يعني أن الأمر سعة، وبأي الهديين اقتدى لا تثريب عليه.
وقد روى الإمام مسلم في ذلك قصة أسماء بنت أبي بكر حين دخل الحجاج بن يوسف الثقفي عليها فقال لها: كيف رأيتني صنعت بعدو الله؟ ( يعني ولدها عبدالله بن الزبير) قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك. أما أن رسول الله صل الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذاباُ ومبيراً (المبير: المهلك، اشارة إلى كثرة من قتلهم الحجاج). فأما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فلا أخالك إلا إياه، فقام عنها الحجاج ولم يراجعه.
 والمنصف يستقين حين يقف على الأدلة التي ذكرنا خلاصة موجزة لها، والتي عدها الأستاذ أبو شقة فبلغ بها نحو ثلاث مئة دليل من السنة وحدها، أن مشاركة المرأة في الحياة الإجتماعية والسياسية والثقافية أمر لا يمنعه الشرع. ولا يحول بين المرأة وبينه صحيح الفقه، ما دامت ملتزمة بالزي الذي لا يخالف الحشمة الإسلامية الواجبة، وهو ما يغطي كل جسدها وشعرها، ولا يصف جسمها ولا يكشف عنه. وما دامت ملتزمة بالوقار والصيانة والعفة التي تخفظ للمرأة كرامتها وإحترامها في أي مجتمع توجد فيه، وليس وراء هذين القيدين شيء يمنع النساء من المشاركة في الحياة العامة بصورها كافة، وحين تمتنع المرأة عن ذلك لأسباب ترجع إليها مثل المشغلة بأمور أهم، أو الإنصراف عن الحياة العامة لعدم الإهتمام بأمرها، أو عدم الرغبة في المشاركة فيها، فإن ذلك لا يضاف على الشرع ولا ينسب إلى الفقه، وإنما هو موقف شخصي لبعض النساء، يتخذ مثله كثير من الرجال، وهو لا يحتاج إلى إلباسه ثوب الحكم الشرعي أو تسويغه بإدعاء نسبته إلى اجتهاد فقهي. وما يعرض لبعض النساء الراغبات في المشاركة في الحياة العامة من الطوارئ المانعة عن العمل العام أصلاً، يحدث للرجال مثله، وحكم الرجال والنساء فيه سواء.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الإسلام السياسي بين مرجعية النص وفقه الاجتهاد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الإسلام السياسي .. والحاجة إلى مراجعة ناقدة للأفكار!
» مستقبل الإسلام السياسي
» مصطلح الإسلام السياسي:
» لماذا يُهزم الإسلام السياسي؟!
» أخلاقيات الحرب في الإسلام.. (الإسلام والقانون الدولي الإنساني)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: