منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الحقيقة العارية في غزة...

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الحقيقة العارية في غزة... Empty
مُساهمةموضوع: الحقيقة العارية في غزة...   الحقيقة العارية في غزة... Emptyالإثنين 19 فبراير 2024, 6:26 pm

الحقيقة العارية في غزة... الأسود التي تأكل الخبز (1/4)

ماذا تعني "الحقيقة العارية"؟ أحد الأجوبة نقرأه في كتاب "نقد العقل الكلبي"، لبيتر سلوتردايك، لتظهر بوصفها محركاً لرغبة "تمزق حجاب القناعات، والأكاذيب، والتجريدات من أجل الوصول إلى عمق الأشياء". لكن ما هو العمق الذي نبحث عنه عند الحديث عن قطاع غزة حالياً؟ وما هي الحقيقة "العارية" التي نبحث عنها؟
جزء من هذا الجواب يتجاوز حيوات الغزيين الذين استُشهدوا، وما يحيط بهم من بروباغندا إسرائيليّة تغزو العالم، تصفهم بـ"حيوانات" و"مشاريع إرهابيين"، وغيرهما من الاتهامات، التي ترى فيهم أعداء مُحتملين، بل نتحدث، من دون أي انتقاص من حياة أي غزيّ، عن الأسود.
نقصد بالأسود هنا تلك الموجودة في حديقة حيوان رفح، التي بسبب الحصار لم تعد هناك مياه أو طعام للشرب فيها، والتي قال أحد القيمين عليها، إن الأسود الآن تتبع حمية، إذ تأكل الخبز المبلول بالمياه لعدم توافر اللحوم.
قراءة هذا الخبر العابر تكشف لنا عن طبيعة الاحتلال، الذي لم يتردد في إثباتها، بوصفه يستهدف الحياة، ليس حياة الأفراد فقط بوصفهم ذوي قيمة سياسيّة يحاول تعريتهم منها، بل الحياة بمعناها الواسع، كل ما هو حيّ في غزة تستهدفه إسرائيل، إنساناً كان أم حيواناً، أو حتى مركزاً ثقافياً أو متحفاً كان يوفّر تصوّراً فنياً أو تاريخياً عن حياةٍ ما.
الاحتلال بهذه الصيغة يريد نسف كل احتمالات الحياة، ليس السياسيّة وحسب، بل تلك الطبيعيّة أيضاً. وهنا بالضبط تتضح الحقيقة العاريّة، بصورة الأسد الذي يأكل الخبز، الذي ربما يُحرم منه بشر كي يأكل الحيوان. الاحتلال لا يريد حتى لإنسانية مشاريع القتلى في غزة أن تستمر.
يكشف ما سبق عن تلك "القناعات والأكاذيب"؛ كـ"حق الدفاع عن النفس" و"القضاء على حماس"، وغيرهما من المفاهيم والخطابات التي يُروج لها الاحتلال. صحيح أن فلسطينيي عدة مدن في قطاع غزة يطحنون الأعلاف ويحولونها خبزاً بسبب الحصار والقصف المتواصل الذي لم يُبقِ لهم شيئاً، لكن الحديث عن حديقة الحيوان يكشف بوضوح الحقيقة العارية، تلك التي لا جدال فيها، المُتمثّلة في قتل كل ما هو سياسي (بشر) وغير سياسي (حيوانات).
هذا الاستهداف الذي ترك أسداً في قفص يأكل خبزاً مبتلاً، يكشف أن الاحتلال الإسرائيلي يولّد مفاهيم جديدة للقتل، إذ طرح مصطلح "إبادة المنازل"، ما يكشف عمق استهداف الاحتلال للحياة في قطاع غزة، هو ينفي احتمالاتها، ومحاولات تذليل ما تبقى منها عبر تدمير المكان الآمن؛ المنزل، وإبادته بصورة غير قابلة للإعمار. فالقتل والقصف ما زالا مستمرين، وهذا واحد من المفاهيم التي لا بد من النظر فيها، توليد المصطلح/المفهوم، لا يعني شيئاً أمام استمرار القتل. إدخال كلمة ضمن "المعجم المفاهيمي"، سيعيدنا إلى ذات مشكلة مصطلح "الإبادة الجماعيّة"، وأسئلة من نوع: من يمتلك حق الاتهام؟ ما هي معاييرها؟
الحقيقة العارية لا تقبل التفاوت، هي شديدة الوضوح، خصوصاً أننا حين نتعامل مع الحيوانات/الوحوش التي لا تنتمي إلى السياق السياسيّ، يمكن أن نتخيل سبب إبادة البشر؛ أي تفريغ قطاع غزة وإعادة استيطانه، كما تروج لهذه الفكرة مؤسسات الاستيطان في إسرائيل. أما قتل اللاسياسي، فهو العمق الذي يشار إليه، هو عمق نفي كلّ احتمالات الاستمرار، وتحويل الأرض إلى مساحة غير صالحة لأي "حي". وربما هذا يمثّل ترجمة لحلم إسحق رابين بغَرَق قطاع غزة، أي نفيه كليّا كمساحة مأهولة ليس فقط للفلسطينيين، بل لاحتمالات الحياة بأكملها.

نقدية الحقيقة العارية أنها لا تكشف فقط عن "الحدث" الذي تجلت به، بل عما حولها، وعما في كلّ العالم، هي ذات أثر يعبر اللغات والتأويلات، ليمسّ الجميع، "الجميع" الصامت عما يحدث وراء "مفاهيم وقناعات"، أما "عمق الأشياء"، فما هو، الجواب بسيط، الهوس بقتل الجميع، كل الفلسطينيين أمام أعين العالم الذي يبرر ما يحدث بعبارة شديدة التراجيديّة (والسخرية)، مفادها "في كل حرب ضحايا".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الحقيقة العارية في غزة... Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحقيقة العارية في غزة...   الحقيقة العارية في غزة... Emptyالإثنين 19 فبراير 2024, 6:27 pm

الحقيقة العارية في غزّة... النظر في عينَي العدو (2/4) ...

لن نبدأ بالعبارة/الكليشيه: "هزّت العالم صورة ابن غزّة العاري على كرسيه الذي يواجهه جنديّ إسرائيلي"؛ إذ سبقتها عشرات بل مئات الصور عن وحشية الاحتلال الإسرائيليّ. يمكن القول إن هذه الصورة "انتشرت" كغيرها من الصور التي تكشف الحقيقة العارية، تلك التي نقرأ عنها في كتاب "نقد العقل الكلبي" لبيتر سلوتردايك؛ إذ يصفها بأنها لا تظهر "من دون كسب أعداء، من دون نزع أقنعة، من دون ظُلمة".
الحقيقة العارية التي تكشفها هذه الصورة شديدة الوضوح، ماكينة القتل "الأكثر تطوراً في العالم" تخاف من رجل واحد في غزّة فيُعرّى، ويكبّل ليحدقّ في عين قاتله المحتمل. والمفارق في هذا المشهد هو ألوان الجدران الصفراء والزرقاء. أين نحن لتكون الألوان هكذا؟ باحة مدرسة؟ غرفة نوم أطفال؟ صورة كهذه، كغيرها من الصور، قسمت العالم، وأكسبت أنصار الحق الفلسطيني أعداء على كل المستويات.
العداوة المرتبطة بالحقيقة العارية تكشف فداحة الحدث نفسه، وشناعته. واستخدام لفظ عداوة هنا شديد الأهمية، خصوصاً أن الأمر يتجاوز ثنائيّة "فلسطيني - إسرائيليّ" و"مُستعمِر - مُستعمَر"، نحو قيمة البشرية نفسها. هناك من يقبل الإبادة الجماعية ويسكت عنها (وأحياناً يحرّض عليها) وهناك من يرفضها كلياً.
هذا الانقسام يعني تهديداً للعديد من المفاهيم التي تحكمنا كبشر. أن نقبل أن يقف جندي مدرّع محمّلاً بالسلاح مهدّداً رجلاً عارياً أعزل، من دون أن يهتز للأخير جفن، يعني أننا أمام اختلاف جذري.
هذا الاختلاف الجذري الذي تكشفه الصورة السابقة كمجاز عن الحقيقة العارية، سببه أننا بإمكاننا أن نتخيل أنفسنا مكان ذاك الرجل العاري، نحن الذين نعلم أن ماكينة القتل يمكن لها أن تصل إلى أوروبا، أو بالأحرى كانت في أوروبا، وانتقلت إلى إسرائيل. القتل بهذه الطريقة، أي بهدف الإبادة، هو بالضبط ما يخلق هذه الخصومة العميقة، القتل بوصفه تكديساً لجماعة من البشر (المواصي في حالة غزّة حالياً) وقتلهم أمام أعين الجميع، وبالبث المباشر والحيّ. لكن، إن كانت هذه "الظلمة" مطلوبة، حسب تعبير سلوتردايك، فما هي حدودها؟ وما الذي ستكشفه بعد 75 عاماً من الاحتلال؟ خصوصاً أن هذه ليست أول صورة لرجل عار أمام جندي إسرائيلي؛ إذ سبقه المئات من العراة، منهم مراسل "العربي الجديد" نفسه، ضياء الكحلوت، الذي أُسر وعُذّب في سجون الاحتلال، قبل أن يخرج منها مُبعداً عن عائلته التي تقطن شمال القطاع، بينما في جنوبه لا يستطيع الوصول إليها.
كشف اللحم وهشاشته أمام ماكينة القتل، يتجاوز الإذلال نحو الإمعان في سيطرة وحشية على هذا الجسد الذي "يقاوم"، ومقاومة هنا مقصود بها الاستمرار بالحياة، الحياة بشكلها الصرف العاري، أمام السلاح. وهنا أمثولة تاريخيّة، لو عُرّي الفلسطيني من كلّ شيء، فإن حياته بحد ذاتها مقاومة، وهنا تظهر الإبادة بوصفها "حلّاً نهائياً". لكن، هذا حلّ لم ينجح في المرة الأولى حين استخدم، ولن ينجح الآن.

حُمّلت الصورة الكثير من المعاني، وصلت إلى حد الشعر كما في كلمات توفيق زياد التي أرفقت معها. لكن: من التقط الصورة؟ كشفت التحقيقات الصحافية أن الصور من هذا النوع يلتقطها الجيش الإسرائيلي نفسه من أجل "رفع المعنويات". استضعاف الفلسطيني إلى هذا الحد يتجاوز تقييد قدرته على القتال أو الدفاع عن النفس، نحو الاستعراض وأخذ وضعية أمام صورة المُستضعف، ذاك الذي تأتي قوته من هشاشته. هذه الوضعية تكشف تفكيرا وقرارا بالتقاط الصورة. هي ليست عفويّة، بل "مُصممة". بالتالي، كيف يقرأها من يؤمن بالانتصار الإسرائيلي؟ كيف يؤول أو "يتلقى" صورة رجل عار، الخوف منه وصل إلى حد تكبيله أمام جندي مدجج بالسلاح؟
الظلمة، إذن، هي ظلمة العقل الإنساني المتعصب بشكل أعمى، ذاك العاجز عن إدراك مكانته نفسها، وعمق العطب الذي يعيشه، إلى حدّ أنه يفشل حتى في فك تشفير الحقيقة العارية، ويسعى إلى "تصميم" صورة مناسبة لها، لا تدين أحداً سواه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الحقيقة العارية في غزة... Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحقيقة العارية في غزة...   الحقيقة العارية في غزة... Emptyالإثنين 19 فبراير 2024, 6:27 pm

الحقيقة العارية في غزّة... الجمال بوصفه معرفةً حسيّة (3/4)

نقرأ لآرثر شوبنهاور أن الحقيقة العارية هي الأجمل، كلما كان التعبير أبسط كان أعمق. ربما كان آرثر شوبنهاور يحيل هنا إلى اللوحة الشهيرة "الحقيقة تخرج من بئرها"، التي تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، التي أنجزها الفرنسيّ جان ليون جيروم، لكن لو قمنا بليّ عنق الاقتباس، وسحبه من سياقه نحو ما يحدث الآن في غزّة، ما المقصود بالأجمل؟
لن نطرح السؤال عن الحقيقة، لأن لا جدل حول القاتل والمقتول في غزّة، بل إنه واضح باعتراف "الجميع"، القاتل وضحيته. ولن نخوض بـ"الأجمل" في حديث عن الأشلاء والحرب والأجساد الميتة، بل سنتعامل مع الجمال بوصفه معرفةً حسيّة، يقيناً لا تفسير له، بسيط في ذات الوقت يكشف عطب العالم، أو "وصمة العار المتزايدة"، كما قالت المديرة الإقليمية لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أديل خضر: "الوضع في قطاع غزة يشكل وصمة عار متزايدة على ضميرنا الجماعي. إن معدل الوفيات والإصابات بين الأطفال صادم".
الجمال والعار متناقضان في الحديث عن الكرامة الإنسانيّة، تلك التي يمكن القول إننا في مرحلة تجاوزناها، تحفظ كرامة الإنسان صوناً لأجساد الأحياء، تلك الهشة كالتي يخترقها الفولاذ والحديد، خوفاً من انتشار الرعب بين الآمنين. لكن في غزّة، الجميع مهدد بذات المصير، كرامة الجسد الإنسانيّ تتلاشى في مساحة ما بعد الرعب، لكون الجميع مهددين، ونحن المتفرجين، نشارك الـريلز" رعباً وعجزاً. الكرامة الإنسانيّة إذاً تحكمها الخوارزميّة.
الجمال هنا يمكن تلمّسه بتسجيل لطفل يزحف من تحت الأنقاض مبتسماً، بصورة أدقّ، يزحف من تحت ركام بيته الذي قصف، مبتسماً لا فقط لأنه حيّ، بل لأن الأمر أيضاً أشبه بلعبة نجاة، يراها الطفل كأول انتصار. الجمال هنا يثير القشعريرة والابتسامة، نجا الطفل، وعلى رغم كل القتل ما زال حياً، خرج ربما لينفض ركام منزله عن ثيابه، لتبدأ رحلة البحث عن الوالدين.
الحديث التقليديّ عن الكرامة الإنسانيّة هنا تهشّمه الحقيقة العارية، تلك التي ظهرت في العراق، وسورية وغزة الآن، الاتفاق على عدم انتهاك واستعراض الجسد البشريّ لا ينطبق على أولئك السُّمر، أو من تسميهم الدعاية الإسرائيليّة "عرباً"، الكلمة التي تشمل "الجميع" بذات الوصف، لكن هل يعني أن كل من نطق الضاد مهدد بأن ينهار بيته فوق رأسه؟

الجمال إذاً كمعرفة، يتجلى في صورة طفل يعدُ أسماء رفاقه في المدرسة الذين دفنوا في باحتها، يخلق فينا أثراً لا يمكن تفسيره، انبتسم لأنه طفل أم لأنه نجا؟ الأهم ما الذي "يعرفنا" إليه هذا الجمال ولا تستطيع الكلمات الجديّة والأخبار أن تعلمنا إياه؟ ما الحقيقة العارية التي تظهر في صورة غزّي يركض حاملاً قطةً هي الوحيدة التي نجت من أسرته؟
ما نعرفه الآن يقيناً ولا حاجة لتفسيره، أن قيمة الأجساد والأبدان في العالم نسبيّة، والجديد أننا نعرف من المُلام والمساهم في انتهاك كرامتنا. الصور "الجميلة" لأولئك الذين قطعوا طرق تصدير الأسلحة لإسرائيل في موانئ إيطاليا وطرقات كندا موجودة، وبالأسماء، ومن ساهم بالقتل معروف وبالاسم. عُري الحقيقة يكمن بأنها ومن دون مواربة رسخت الاختلاف بين الجلاد والضحيّة بلا جدل، لتصبح علامة الانتماء الآن، واحدة من أقدم العناصر الجماليّة، علم فلسطين وخريطتها، غير ذلك، محط مساءلة.

إن كان صون الكرامة الإنسانيّة يهدف إلى حفظ جميع البشر وعدم عطبهم، ونتاج اتفاق على عدم تكرار المقتلة، أي إنه واجب جماعي، يسقط هذا الواجب في حالة غزّة، "اتفاقية الإبادة الجماعية" اسمها بوضوح، "اتفاقية منع ومعاقبة الإبادة الجماعيّة"، بنودها يجب أن تطبق قبل الإبادة وفي أثنائها، بهدف منعها، لا إدانتها فقط أو الإشارة إليها. "الجميل" في ذلك، أن الصور التي التقطها الضحايا ومشاريع الشهداء أنفسهم هي التي استخدمت في المحكمة الدوليّة، جماليات الموت أصبحت دليلاً لإدانة "العالم"، لا فقط إسرائيل، والكرامة الإنسانيّة سؤال ثانويّ أمام العجز عن إيقاف الإبادة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الحقيقة العارية في غزة... Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحقيقة العارية في غزة...   الحقيقة العارية في غزة... Emptyالإثنين 19 فبراير 2024, 6:28 pm

الحقيقة العارية في غزّة... الخوف من علامة النصر (4/4)

أثناء زيارة إلى مستوطنات حزام غزة التي استهدفتها حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قال رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لرؤساء المجالس المحليّة، إن "يحيى السنوار سيخرج من تحت الأنقاض رافعاً علامة النصر. لن أوافق على ذلك".
هناك مفارقة في هذا التصريح، خصوصاً أن إسرائيل إلى الآن لم تصل إليه، ولا يعرف جيش الاحتلال، حسب الرواية العلنيّة، أنه في نفق ما؛ إذ بث جيش الاحتلال تسجيلاً يظهر فيه من زُعم أنّه السنوار، من دون أن يظهر وجهه، في محاولة مضحكة. فبعد كل هذا الدمار، لا أثر حتى لوجهه. هناك شخص نراه من الخلف يسير في ما يبدو أنه نفق.
لا تتعلق الحقيقة العارية في هذا السياق بالسنوار نفسه والجدل المحيط به، وتفاخر إسرائيل بنشر تسجيل يظهر فيه من الخلف من دون أن نعرف إن كان هو حقاًً، بل بعلامة النصر نفسها؛ الإصبعين المرفوعتين علامةً على عدم الاستسلام، تلك التي من الواضح أنها شديدة الأثر إلى حد أنها تغيظ نتنياهو، المستعد لتدمير قطاع غزّة بأكمله (وهذا ما يحصل) كي لا يرى هذه علامة النصر هذه.
علامة النصر الملاصقة للقضية الفلسطينيّة، والتي يرفعها الأسرى عند تحريرهم، والناجون من الحطام، هي انتصار لنا جميعاً. علامة تشير إلى أن الموت نفسه لا يهدد أصحاب الحق. ما لا جدل فيه أننا لسنا فقط أمام رمزيّة أو مجاز، بل علامة جسديّة، تتلخص بـ"الحياة" بوصفها "انتصاراً" أمام ماكينة القتل. العري هنا، بمفهومه السياسي الوحشي (التجريد من كلّ حق حتى حق الحياة)، يواجه مقاومة؛ حركة صغيرة بالأيدي، تستفز رئيس وزراء دولة الاحتلال إلى حد التأكيد أنه الحرب كلّها قد تكون بلا طائل، في حال رُفعت هذه الإشارة.
إشارة نتنياهو هنا تثير القشعريريّة، كونه القاتل بحد عينه، يتنبأ بنهايته. موت وحياة السنوار ليستا محط الجدل، بل العلامة نفسها، نبوءة أطلقها القاتل مؤكداً أنه على رغم كل ما حصل ويحصل، هذه العلامة تعني هزيمته، ونصر صاحب الحق الذي "يخرج من تحت الأنقاض". الاقتباس يظهر وكأنه في حبكة سينمائيّة، في مكان الهزيمة الأولى، 7 أكتوبر، ينطق المُنتقم مؤكداً أنه سيُهزَم، وهذا ما "لن يوافق عليه".
المفارقة الثانيّة، أن موافقة نتنياهو من عدمها لا دور لها في تحديد مصير المقاومة. هي عبارة جوفاء إذاً، بلا أثر فعلي على الأرض التي أحرقها. وهنا الحقيقة العارية، حسب تعبير بيتر سلوتردايك في "نقد العقل الكلبي"، المتمثلة في سقوط الأقنعة، والقناع الذي سقط الآن يكشف أن القاتل خائف من مصيره ولن يقبله بكل بساطة. لكن، هل تمكّن رجل في التاريخ من الوقوف في وجه قدره؟
انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لغزيّ يرفع علامة النصر بعد أن قضى ست ساعات تحت أنقاض منزله الذي قصفه جيش الاحتلال في مخيم الشاطئ. خسر كلّ شيء إلا ذاك الرمز، تلك العلامة الملتصقة بالجسد. وهنا المفارقة، ماكينة الحرب الإسرائيليّة ترعبها رموز؛ إذ لم يعد يكفي أن أساطير القبة الحديدية والجدران الفاصلة وغيرها من تقنيات التجسس، انهارت في 7 أكتوبر، وكُسر الحصار بدراجة مجنحة، تحمل مقاتلين.


المرعب أن علامة النصر هذه تلك التي يعاندها المُحتل، تقابلها رموز وأسماء محددة على صواريخه، تلك التي تمتد خارج قطاع غزّة. كشفت إسرائيل التي تخاف علامة النصر "رغبتها" باستهداف أي شخص في العالم، ليس فقط بقوة المال، بل بالسلاح أيضاً؛ فماذا يعني أن نقرأ اسم مغن أو ممثلة أو مذيع على صاروخ؟ هل هذا رمز أم تهديد بالقتل؟ ماذا يعني أن تستخدم حجة الدفاع عن النفس ومعاداة الساميّة ليكون "الجميع" هدفاً محتملاً؟ لا لشيء، بل فقط لأنهم طلبوا وقف إطلاق النار؟ هنا تظهر علامة النصر بوصفها علامةً شديدة الإنسانيّة، انتصاراً لضمير العالم، وليس فقط لفلسطين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الحقيقة العارية في غزة...
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: مواضيع ثقافية عامة :: مقالات-
انتقل الى: