عائشة.. قصة ظلم وضياع حقوق لا تنتهي للحلقة الأضعف في المجتمع الأردني
يروي خبير التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي نموذجًا لقصص الظلم التي تحصل في بيئة العمل داخل الأردن والتي يكون ضحيتها في الغالب الطبقة المسحوقة من المجتمع والحلقة الأضعف فيه من الفقراء ومن ذوي الدخل المحدود، ورغم كل ذلك يتمّ حرمانهم من أبسط حقوقهم التي تنتهك دون وجود حماية حقيقية من أجهزة الرقابة بوجه “توحش” أصحاب العمل وظلمهم.
ويقول الصبيحي في تدوينة جديدة له في سلسلة التوعية بقضايا الضمان الاجتماعي حملت عنوان: عائشة تستقيل “حامِلاً” تحت الضغط وتموت بعد الولادة.!
ويتابع بالقول: كانت عائشة تعمل لدى إحدى شركات الخدمات والنظافة براتب الحد الأدنى للأجور، وعندما أصبحت في الشهر السادس أو السابع من حملها، تم الضغط عليها ودفعها لتقديم استقالتها من العمل، وهذا ما كان!
وينوه الصبيحي إلى أنّه بعد شهرين فقط من انتهاء خدمتها وإيقاف إشتراكها بالضمان طبعاً، أنجبت لكنها ما لبثت أن توفيت بعد بضعة أيام من إنجابها بسبب تداعيات الولادة!
ويكشف الصبيحي في تفاصيل القصة أنّ: عائشة لديها أربعة أطفال، ثلاث بنات وولد وجميعهم دون سن الرابعة عشرة، ولديها اشتراكات بالضمان تتجاوز المدة المطلوبة لاستحقاق راتب تقاعد الوفاة الطبيعية (أكثر من 24 اشتراكاً) فيما لو وقعت الوفاة خلال مدة اشتراكها وليس انقطاعها، وفي هذه الحالة فلن تكون مع الأسف مستحقة لراتب تقاعد الوفاة بسبب إيقاف اشتراكها، أي أن الشهرين اللذين تم إيقافها فيهما بسبب الضغط عليها لتقديم استقالتها من عملها حالا دون حصولها على راتب التقاعد، ولو كانت قد تقدّمت لمؤسسة الضمان بطلب الحصول على بدل تعطل عن العمل لاعتُبِرت مُستمرة غير منقطعة عن الاشتراك وهو ما كان يؤهّلها للحصول على راتب التقاعد حينها. لكن في ضوء حالة الانقطاع فإن ما يُستحق لها من الضمان هو تعويض من دفعة واحدة عن مدة اشتراكها، وهو لا يُسمن أبناءها ولا يُغنيهم من جوع، لا سيما وأن أباهم “زوجها” يعمل بمهنة عامل وطن في إحدى البلديات وما أدراك مع عامل الوطن وما راتب عامل الوطن.!
ويشدد على أنّ عائشة وأسرتها دفعت ثمناً كبيراً بسبب الضغط عليها لتقديم استقالتها في الوقت الذي حَظَرَ فيه قانون العمل على صاحب العمل إنهاء خدمة المرأة الحامل إذا كانت في شهرها السادس من الحمل، كما حظرت تعليمات حماية المرأة الحامل والمرضعة الصادرة بموجب قانون العمل فصل المرأة لأسباب تتعلق بالحمل أو الولادة أو الرضاعة أو خلال إجازة الأمومة.
وينوه الصبيحي إلى أنّه لا فرق بين أن تُفصَل وبين أن تُجبَر على تقديم استقالتها، ولذا أرى أن يتم تصحيح هذا الخطأ الفادح الذي ألحقَ الأذى والظلم بعائشة وأبنائها وأن يتم إلغاء استقالتها وإلغاء إيقاف اشتراكها بالضمان، واعتبار عملها مُستمراً مع استحقاقها لبدل إجازة الأمومة حتى تاريخ وفاتها، ما تستحق معه الحصول على بدل إجازة الأمومة ثم تخصيص راتب تقاعد الوفاة الطبيعية لها وتوزيعه على أبنائها وفقاً للقانون.
ويختم الصبيحي بالقول: “هذا هو الإنصاف وهذا ما يجب أن يكون بالرغم من أن زوجها كصاحب ولاية شرعية تقدم لمؤسسة الضمان منذ حوالي ثلاثة أشهر بطلب تعويض الدفعة الواحدة عن فترة اشتراكها كحق لأبنائها ولا تزال المعاملة قيد الإنجاز الطويل المُضني”.