[rtl]
العزوف عن الزواج ناقوس يهدد طمأنينة المجتمع الأردني[/rtl]
يدق مؤشر انخفاض معدل حالات الزواج، ناقوس خطر يهدد بانتشار مشكلات اجتماعية متعددة تتمثل بانخفاض النمو السكاني وتهديد طمأنينة المجتمع بشكل عام، ويزيد من عدد الفتيات غير المتزوجات ، لتصبح خياراتهن اكثر تعقيدا.
وعندما يصبح الزواج "ورطة و قفصا" يهدد الحرية الفردية و"هما وجعة راس" فإن عدم فهم المعنى الحقيقي للزواج وقيمته يتغلب على عقول الشباب.
وأظهرت مؤشرات حديثة صادرة عن دائرة قاضي القضاة، انخفاضا في معدل حالات الزواج للعام الماضي الى 77700 حالة بنسبة وصلت الى 7ر7 بالمئة من عدد السكان، مقارنة مع العام 2016 الذي شهد 81343 حالة زواج .
وتوزعت حالات الزواج على محافظات المملكة كافة، وكانت محافظة اربد الاعلى نسبة ، إذ وصلت الى 28 بالمئة واقلها في محافظة الكرك، اذ وصلت الى 4ر1 بالمئة .
وتزوجت وفقا لارقام دائرة قاضي القصاة 3582 اردنية من جنسيات عربية، و333 اردنية تزوجن من جنسيات اجنبية .
العاملان الاقتصادي والاجتماعي ، وهيمنة الثقافة الفردية على الثقافة الاجتماعية، والخوف من تبعات الزواج، وعدم الرغبة بتحمل المسؤولية، ابرز اسباب العزوف عن الزواج التي لخصها خبراء التقتهم وكالة الانباء الاردنية (بترا) .
استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية الدكتور حسين الخزاعي نبه الى وجود حوالي 150 الف شاب تجاوزت اعمارهم 30 سنة وحوالي 100 الف فتاة تجاوزن سن 27 سنة دون زواج، وبذلك فان نسبة غير المتزوجين في الاردن وصلت الى 45 بالمئة .
وأشار الى العامل العمري البيولوجي الذي يشترط – اجتماعيا - ان يكبر الزوج زوجته بخمس سنوات، متسائلا عن الخمس سنوات الاخرى للفتيات التي وصلت اعمارهن 26 سنة و27 سنة .
وعزا عدم الاقبال على الزواج الى عدة عوامل ابرزها العامل الاقتصادي الذي يلعب دورا اساسيا في تسهيل وتسيير سبل الزواج منذ بدء التحضيرات المتعلقة به، مستدركا ، وان لم يكن هناك مهر ! .
وقال إن المشكلة الاقتصادية تبدأ من اشتراط العديد من العائلات بأن يترأس الجاهة – وفقا للعادات والتقاليد - شخصية معروفة في المجتمع ما يتطلب دعوة عدد كبير من الرجال، وبالتالي الحاجة الى استئجار قاعة تتسع لذلك العدد لتتجاوز تكلفة الجاهة وحدها، وقبل حفلتي الخطوبة والزواج، مبلغ 3 الاف دينار على اقل تقدير.
واشار الى ارتفاع تكاليف المعيشة بالأردن بشكل عام، بدءا من الارتفاع الفاحش بأجور الشقق واحتياجات تأسيس أسرة من أثاث وغيره مرورا بارتفاع اسعار السلع بشكل عام، وانتهاء بتكلفة التفكير بالإنجاب، سواء من حيث الاجور الطبية والمستشفيات او ارتفاع اسعار مستلزمات العناية بالطفل، وحتى تكلفة التعليم المرتفعة.
وأضاف ان كل ذلك أدى الى تخوف كبير لدى الشباب من الاقدام على خطوة الزواج، خاصة وأن دخل الموظف الواحد يذهب لأجرة المنزل، واحيانا قد لا يكفي، موضحا انه يتم التأجيل تخوفا من الوقوع في مشكلات الدين والقروض.
وأكد أن الشباب يفضلون الزوجة المتعلمة والعاملة وخاصة (المثبتة بالخدمة)، وقد لا يتوفر هذا الشرط فيتأخر الزواج، وربما لا يتم ! وقال ان هناك شروطا غير مدرجة في عقود الزواج تتلخص بطلب الاهل عدم سكن ابنتهم بالقرب من العائلة درءا للمشكلات والتدخل، ناهيك عن التركيز على الكماليات التي اصبح العديدون يعتبرونها اساسية، ولم تعد تقبل الفتاة الزواج قبل تجهيز المنزل من الكماليات ورفض تأجيلها.
وبين أن العديد من الشباب يرفض حث الاهل على الزواج بحجة أن الوقت لم يحن بعد ، مؤكدا ان الشاب اذا عبر سن الثلاثين ، قل اهتمامه بالزواج وأصبح الأمر بالنسبة له ثانويا، معتبرا ان شباب اليوم يفضلون شراء سيارة وايجاد عمل مناسب على الزواج وتبعاته، حيث انه أجرى دراسة بينت ان ترتيب الزواج من حيث تفضيلات الابناء جاء في المرتبة الاخيرة.
ونبه الى تخوف العديد من الشباب من تحمل مسؤولية الزواج بسبب ارتفاع حالات الطلاق، والمشكلات الاجتماعية التي تنجم عنه، مشيرا الى ان نسبة كبيرة منهم من الراغبين بالهجرة والزواج من اجنبيات.
ووفقا لدائرة قاضي القضاة فقد تم تسجيل 3413 حالة زواج لشباب اردنيين من جنسيات عربية و467 من جنسيات اجنبية، حيث أوضح الدكتور الخزاعي ان الانفتاح الحاصل الان بين الشباب والفتيات لم يعط الصورة الحقيقية للزواج ولم يوضحها بانها مسؤولية وامانة.
وشدد الدكتور الخزاعي على اهمية دور الدولة الاساسي في تيسير سبل الزواج ، وذلك عبر انشاء صناديق خاصة بدعم المقبلين على الزواج ، وتقديم قروض ميسرة لهم ، ( وخاصة موظفي الدولة العزاب).
عميد كلية الشريعة في الجامعة الاردنية الدكتور عبد الرحمن الكيلاني قال إن الظروف الاقتصادية التي يمر بها المجتمع مسؤولة بشكل اساسي عن انخفاض نسبة الاقبال على الزواج ، ناهيك عن قلة فرص العمل المناسبة التي تمكن الشباب من الاستقلال المادي وبالتالي القدرة على فتح بيوت آمنة ومستقرة ، وهو ما يجعلهم يعزفون عن الزواج لما ينظرون اليه من انه يشكل عبئا ماليا اضافيا عليهم.
ودعا الى اطلاق وقف اسلامي للشباب الراغبين بالزواج ، يتضمن انشاء مساكن خاصة بتكاليف بسيطة وبمساحات صغيرة، وبأجور رمزية للشباب الراغبين بالزواج، إذ أننا بهذا الشكل نكون امنا لهم المسكن المناسب من خلال تعاون افراد المجتمع مع هذه المسالة ، كنوع من التكافل الاجتماعي والعمل الخيري الذي ينبغي ان ينشط فيه افراد المجتمع.
واشار الى اسباب اخرى مسؤولة عن العزوف عن الزواج مثل هيمنة الثقافة الفردية والتغير الذي طرأ على بعض قيم المجتمع ، فأصبح العديد من الشباب يرفض تحمل المسؤولية ، مدعيا ان الزواج سيكون على حساب مصالحه الفردية والخاصة ، لأنه التزام تجاه زوجة وأسرة.
وطالب الدكتور الكيلاني المؤسسات الاجتماعية والمدنية بتحمل مسؤوليتها الاجتماعية في ترغيب الشباب وتشجيعهم على الزواج ، وازالة العقبات التي تعترض انشاء الاسرة ، محذرا من انتشار العديد من المشكلات الاجتماعية التي قد تهدد امن المجتمع وانشاء اسر آمنة مطمئنة .
وأكد على ان الثقافة الدينية من شأنها ان تحض على الزواج وان تيسر أموره وان تقلل من تكاليفه، فكل وصايا رسولنا الكريم كانت بالترغيب بالزواج.
وحض أولياء الامور الى التعاون مع الشباب المقبلين على الزواج بتخفيض تكاليفه، وقال ان تيسير امور الزواج مسؤولية اجتماعية لان المجتمع القوي هو الذي يحض افراده على انشاء روابط اسرية آمنة ومستقرة وقادرة على تعزيز بنيان المجتمع وامداده بالأفراد الصالحين.
وقال ان التوجيه الديني يخفف من هذه التكاليف ويشجع الشباب على انشاء الاسر، مشيرا الى حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام "اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، الا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد كبير".
وأشاد بحملات التوعية التي تقوم بها دائرة قاضي القضاة في بيان اهمية الزواج وعقد دورات خاصة للمقبلين على الزواج، مبينا ان هذا الاجراء وحده لا يكفي، ويحتاج الى تعاون المؤسسات الاخرى.
(بترا)