التعليم العالي يقلقنا

التعليم العالي يقلقنا
<< الأربعاء، 20 نوفمبر/تشرين الثاني، 2013

د. هند أبو الشعر
لا نريد أن ننظر لنقول بأن ضمان متانة المجتمع تقوم على عناصر كثيرة ، على رأسها التعليم والقضاء والطب ، فإذا كان التعليم في حال صحي ، والقضاء بأفضل حالاته ، والطب في المستوى المطلوب ، كان المواطن في أمان ، العقل والقانون والصحة ، ومن يريد أحسن من هذا الثالوث ..؟
لا نأتي بجديد إن قلنا بأن حال التعليم العالي يقلقنا ، صحيح أنه توسع في العقد الماضي توسعا رقميا مدهشا ، وصحيح أن مؤسسات التعليم العالي في الأردن تستقطب طلبة من مختلف الجنسيات ، إلا أننا لا نحس بالرضا عما يجرى في هذه المؤسسات ، فقد تراجع مستوى الإدارات في الجامعات الحكومية ، وفقد الرئيس ثقة العاملين والمدرسين بكفاءته ، نظرا لوضع الرئيس المدعوم بدلا من الرئيس الذي يتمتع بالكفاية الإدارية والفكرية والشخصية المقنعة على المستوى المحلي والعالمي ، ولا بد من الاعتراف وبالفم الملآن بأن الفشل الإداري مشهود له في كل هذه المؤسسات وبلا استثناء ، ويتحمل مجلس الأمناء هذه النتيجة ، فمجالس أمناء جامعاتنا لا تدخل عمليا بتصويب قرارات رئيس الجامعة ، ولا ترسم سياسات جوهرية ، ولا تتابع وتحاسب ، فما الفائدة من هذه الاجتماعات التي نسمع عنها ، ونقرأ عنها في مواقع الجامعات .. لم يسبق لمثل هذه المجالس أن اجتمعت بأعضاء هيئات التدريس أو استمعت إليهم .. أين حضورهم .؟ أين رأي الطلبة ..؟ ما هو رأي العاملين ..؟ والسؤال الأهم هل لمجالس الأمناء ضرورة ما دامت تقر ما يريده الرئيس ..؟ اجتماعات تقليدية ومجلس التعليم العالي يغيب الجسم الجامعي ولا يستشيره ولم يسبق لنا أن رأينا أيا من أعضائه ليستمع إلى آراء أعضاء هيئات التدريس الذين يقولون عنهم بأنهم ( منارات علم ..! ) وهم الذين يصنعون المستقبل وتغيير المجتمع يبدأ من الجامعة .. مجرد كلام بكلام بكلام ..!
نقولها وأمرنا لله ، الأستاذ الجامعي مصدر الوعي المستقبلي وهو قائد اجتماعي وهو مصدر التغيير ، فكيف يمكن تغييب هذه الفئة الثمينة والتي تحمل الهم الأكاديمي ومهمة تعليم الجيل الذي سيقود الوطن في السنوات القادمة ؟ هذه المجالس تفكر عنا ، وتستبعدنا ، والجامعات تتراجع ، إداراتها تتهاون مع المجتمع وتتراخى في القرارات لأغراض عشائرية ولمصالح شخصية .. ولأننا نحرص على سمعة التعليم العالي في الأردن ، ولأننا نخجل من تراجع مستوى الأداء ونحن نستقبل الآلاف من الطلبة العرب والأجانب ، نقول بالصوت العالي .. أما آن أوان فتح ملف التعليم العالي في الأردن ..؟ تريدون الإصلاح ..؟ كيف يبدأ الإصلاح والجامعات تتراجع هكذا ..؟ لا إصلاح إلا إذا استعادت الجامعات وزنها السابق ، بإدارات نوعية أولا ، وأنظمة وتعليمات متطورة ومتجددة ثانيا ، ومجالس فاعلة وليست شكلية ، ومتابعة حريصة من قبل وزارة التعليم العالي .. متابعة تجتث الخلل ، عندها فلنبدأ الإصلاح الواعي لأن الجامعات هي المنارات التي تقود المجتمع ، وليس المجتمع هو الذي يقودها .. من هنا يبدأ الإصلاح حرروا الجامعات من خطايا مجتمع الوساطات والعشائرية والفئوية ، ثم طالبوا بالإصلاح .